(إياك ومجالسة الأشرار؛ فإن طبعك يسرق منهم وأنت لا تدري، وليس إعداء الجليسِ جليسَه بمقالِه وفعالِه فقط، بل بالنظر إليه! والنظرُ في الصور يورث في النفوس أخلاقًا مناسبة لخُلُق المنظور إليه؛ فإن من دامت رؤيتُه للمسرور سُرّ، أو للمحزون حزِن، وليس ذلك في الإنسان فقط؛ بل في الحيوان والنبات، فالجمل الصعب يصير ذَلولاً بمقاربة الجمل الذَّلول، والذلول قد ينقلب صعباً بمقارنة الصعاب، والريحانة الغضة تذبل بمجاورة الذابلة، ولهذا يلتقط أهل الفلاحة الرمم عن الزرع لئلا تُفسدها، ومن المُشاهد أن الماء والهواء يفسدان بمجاورة الجيفة، فما الظن بالنفوس البشرية التي موضعها لقبول صور الأشياء خيرها وشرها؟ فقد قيل: سمي الإنس لأنه يأنس بما يراه خيراً أو شرًا). [فيض القدير: (5/ 507)].