تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 8 12345678 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 160

الموضوع: التعليقات شرح الشوقيات

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي التعليقات شرح الشوقيات

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
    أما بعد
    فإن الشعر ديوان العرب، فيه التاريخ والعِبْرَه، والمثَلُ السائرُ والحكمه،
    وهو كلام كالكلام؛ فحسَنُهُ حسنٌ وقبيحُهُ قبيحٌ، ولما كانت الأمة عزيزةً كانت لغتها عزيزة (وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لغات) ولما هانت .. هانت لغتُها وضعف شِعْرُها ونثرُها حتى صرنا إلى زمانٍ أهلُهُ بغير لغتِهم يفخرون وبمن تشبث منهم ببعض لغتِهِ يسخرون ويضحكون فإنا لله وإنا إليه راجعون.


    هذا وإني قد نشأتُ على حُبِّ الأدب وتعلقتُ منه بسبب، وأنفقت عمرا في تتبع دواوينه ومصنفاته، والقصير من كتبه ومطولاته، وما كان أسعدني حين أقف على فهم بيت من الشعر، وكم ذا أصابني من همٍّ حين أقرأ ما لا أدري معناه، وإن كنت أجد له بالذوق حسنا وبهاءً،
    وقد كان يُكْثِرُ من وَجْدِي ما كنت ألقاه من قلة المراجع وضيق ذات اليد وشُحُّ الأصحاب بما عندهم خوفا من أنْ أبزهم في العلم! فكانوا يكنزون الكتب
    بل كان أحدُهم ممن كان يملك مكتبة تناظر دار الكتب يُصَرِّحُ بلسانه أنه يريد أن يجعل مكتبته مكتبةً عامَّةً للناس يقصدها طلاب العلم وينهلون منها طمعا في الثواب وابتغاء لما عند الله، زعم، ثم بدا له أن يستعيض عن ذلك بوضع بعضها في المسجد الذي نصلي ونطلب العلم فيه، وفعل! فانقضضتُ عليها انقضاضا آكلُها أكلا، وكنت امرءا نهِمًا يأخذه للكلام المكتوب سُعَارٌ،
    وكان فيما وضعه: رصف المباني للمالقي، وشرح بانت سعاد لابن هشام فانكببتُ عليهما ثم أخذت أحدثه عن بديع ما فيهما وأنهما قد سدَّا عندي ثغرة كانت تؤرقني ووو الخ
    فما هو إلا أن هاجه ما قلت وأرقه ما ذكرت فقام بجمع الكتب
    فقلت له: لمَ تفعل ذلك؟! ألست تريد الأجر والثواب؟! ألستَ قلتَ كذا وكذا؟! ولكن لسان الحال غير لسان المقال،
    فطلبت منه أن يتركها شهرا واحدا أو أسبوعا فأبى،
    فطلبت أن يأخذها كلها ويترك لي رصف المباني وبانت سعاد فأبى، فأخبرتُه أني أعلم أنه لا يريد غيرهما فلم يعبأْ،فطلبت منه أن يأخذهما ويترك الباقي فأبى، والله المستعان.


    وإنما قصصتُ ذلك لأقول: إن ديوان شوقي كان مما يهمني ويوقع الحزن في نفسي ألا أجدَ له شرحا
    بل كنت لا أجد الديوان نفسه إلا بأن أذهب إلى دار الكتب فأقرأ فيه،
    وكم كان فرحي عظيما حين اشتريتُ الجزء الثاني من الديوان من بائعي الكتب القديمة بسور الأزبكية ولم أكن أصدق أن ديوان شوقي معي في البيت أقرأ فيه متى شئت،
    ولكن كان ينغص عليَّ عدم وجودد معجم ولو صغيرا لأبحث عن معاني الكلمات حتى أفهم بعض المعنى أو أقترب من فهمه.
    كان ما كان، ثم وقع في نفسي أن أكون أنا شارح الشوقيات وأبو عذرتها، وابن بجدتها
    ثم قلت لنفسي أنى هذا؟! قد مات شوقي منذ أكثر من خمسين عاما ولم يجرؤ أحد أن يتعرض لِمَا تريد أن تتعرض له، وإنما حسبُه مقالةً يكتبها أحدهم أو كتابا لا يضطره للوقوع في مزالق المعاني ومضايق العبارات بل يكتب ما فهمه من بعض القصيدة أو القصائد وما لم يفهمه لا يتعرض له،
    وأما شرح الشوقيات بيتا بيتا وذِكْرُ معنى كل بيت فهذا مما لا يكاد يطاق ولا يستطاع ولا بشق الأنفس.


    ثم لم يتركني هذا الهاتف فكانت تمر الأيام والشهور فأنسى ذلك ثم يهتف بي هاتف من داخلي: متى ستشرح الشوقيات؟ فلم أجد بدا من قراءة ما وقع تحت يدي من كتب تساعدني على ذلك منها كتب تحدثت عن شوقي مثل: شوقي شاعر العصر الحديث لشوقي ضيف والمتنبي وشوقي دراسة ونقد وموازنة للأستاذ عباس حسن صاحب النحو الوافي، واثنى عشر عاما فى صحبة أمير الشعراء لـ (أحمد عبد الوهاب أبو العز) ثم كتب التاريخ المعاصر، وأكثر ذلك كنت أقرؤه في دار الكتب بطنطا ثم وقعت على مجلة فصول في العدد الخاص بشوقي وحافظ فقرأتها كلها حتى ما فيها من كلام للأعاجم المستشرقين وأشباههم،
    ثم لما وقعت على كتاب (تحفة الرائي للامية الطغرائي) وهو شرح للامية العجم قلت: هذه هي الطريقة التي ينبغي أن يشرح بها ديوان شوقي.
    ثم وقع في نفسي أن أطلب من شيخنا د. محمد بن عبد المعطي حفظه الله أن يقوم هو بذلك، فهو يقينا أقدر مني على ذلك، وكان وقتها ما زال في مرحلة الدكتوراة، وكنت أظنه سيفرح بهذا ولكني وجدته استصعبه واستعظمه، فعاودني الهاتف والهاجس السابق الآني واللاحق: قم أنت بشرح الشوقيات!!
    ثم أخذتنا الدنيا بما فيها، فذُهِلْتُ عما كنت فيه
    فلما كانت رحلتي الأولى إلى بلاد الحجاز بعد أن صرتُ طبيبا وتخلصتُ من عبءِ الدراسة الطبية إلا قليلاعاودني هذا الهاتف ثانية بأن أشرح الشوقيات (لنفسي طبعا) ولكني كنت مشغولا بدراسة أصول الفقه وبكتاب (أنوار البروق للقرافي) وببعض كتب البلاغة
    ثم قلت في نفسي: سأبدأ بقصيدة صعبة جدا فإن استطعت تجاوزها شرحت باقي الديوان وإلا فلا،
    فبدأت بقصيدة شوقي العينية التي مطلعها:


    ضمي قناعَك يا سعادُ أو ارفعي *** هذي المحاسنُ ما خُلِقْنَ لِبُرْقُعِ



    والتي عارض بها عينية ابن سينا في النفس التي مطلعها


    هبطتْ إليك من المحل الأرفع *** ورقاءُ ذاتُ تَعَزُّزٍ وتَمَنُّعِ



    ولا أدري الآن على وجه الدقة من أين جاءتني هذه القصيدة، وأغلب ظني أني كتبتها حين كنت في مصر وأخذتها معي لأنظر هل أستطيع أن أشرحها أو لا؟
    ولكن اعترضني شيء آخر وهو عدم وجود أي مراجع معي لا الديوان ولا أي معجم ولا أي كتاب تاريخي ولا غيرها، كنت وقتها أهتم بالعلم الشرعي وبعلم البلاغة،
    ثم استعنت بالله وقمت بالبدء في شرحها على ما تيسر عندي من مخزون لغوي
    وبما يمكنني أن أستشفه من المعنى بنفسي وإن كانت المفردةُ غريبةٌ لا أعرف معناها أو لا أتيقنه ثم استعنت بتطبيق قواعد البلاغة على القصيدة بيتا بيتا وكان معي حاشية البيجوري على السمرقندية وكتاب آخر معاصر في علم البديع فساعداني جدا على حل كثير من ألغاز هذه القصيدة المُحَيِّرَة.


    ثم دارت الأيام وضاع ما كتبته أو هو في حكم الضياع، ولله الأمر.


    ثم إني كتبت منذ سنوات قريبة قليلا في شرح الشوقيات، لما صارت الكتب متاحة لطلاب العلم على الشبكة،بدون مَنٍّ ولا أذى، فهنيئا لرافعي الكتب الأجر والثواب إن شاء الله، المهم أني بدأت بكتابة شرح موسع على الشوقيات أذكر فيه اللغة (معاني الألفاظ) ثم الإعراب ثم المعنى العام ثم بعض ما في البيت من علوم البلاغة الثلاثة،
    ثم توقفت عن ذلك نظرا لطول المشروح ولضعف الهمم غالبا عن مثل ذلك ولضيق الوقت عنه أيضا،


    فإذا علمت أن عدد أبيات الشوقيات (11320) بيتا، وأن الشوقيات المجهولة تبلغ (4700) بيتا، وأرجوزة دول العرب وعظماء الإسلام تبلغ (1365) ووصل شعره المسرحى (6179) بيتا فأنى تجد الوقت للشوقيات المعلومة وحدها دون الباقي؟! فعدلت إلى طريقة هي أقسط من ذلك وأعدل وذلك بأن أقتصر على ذكر معنى اللفظة الغريبة ثم ذكر معنى البيت ولا أزيد ولكنى ربما أطلت فى شرح المعنى ليتضح جدا.


    ولما بدأت هذه المرة بدأت بأول قصائد الديوان لأشرحه قصيدة قصيدة، ولكني توقفت كثيرا بسبب المخالفات العقدية الكثيرة التي وقفت عليها وهممت بطرح الديوان ثم قلت في نفسي: فهل نترك الديوان للحداثيين وإخوانهم من العلمانيين فهلا أتممتَ ما بدأتَ ونبهتَ على ما وقفتَ عليه من هذه المخالفات العقدية،


    ثم توقفت بسبب ما أنا بصدده مما هو أهم يقينا ولكن لعلي أعود إلى الديوان لاحقا إن قدَّرَ الله ذلك


    فإلى أن ييسر الله لنا ذلك -إن شاء- رأيت ألا أترك ما كتبته حبيس الأوراق أو حبيس الوورد لا سيما وقد ضاع ما كتبته في الأوراق من شرح القصيدة العينية، وتلف ما كتبته في الوورد من الشرح المطول، ولم يبق إلا ما كتبته من الشرح المختصر هذا، وقد سميته التعليقات شرح الشوقيات.


    أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ينفعني به وكل راغب في الخير، وأن يجعله ذخرا لي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وألا يجعله حجة عليّ إنه ولي ذلك والقادر عليه


    وهذا أوان الشروع في المقصود

  2. #2

    افتراضي

    بارك الله فيكم ونفع بعلمكم
    شوَّقتنا يا دكتور إبراهيم !!
    وفقك الله فيما أنت مقبل عليه
    تَصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ ... عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2015
    المشاركات
    16

    افتراضي

    رحلة كبيرة وعظيمة ومشوقة بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    جزى الله خيرا أستاذنا أبا حاتم ابن عاشور خيرا على حسن ظنه وتشجيعه
    وجزى الله خيرا أخانا مسعد سيدون على حسن ظنه بأخيه
    وجزى الله خيرا كل من شجع على البدء في هذا الموضوع ولو بالمشاهدة
    وأرجو أن يكون الشرح على القدر المأمول وألا يخيب ظن من ينتظره
    والله الموفق

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    ( كبار الحوادث فى وادى النيل )



    مناسبة القصيدة: اختير شوقي للذهاب لجنيف على أن يكون هو المندوب عن الحكومة المصرية لحضور المؤتمر الدولي المنعقد هناك في سبتمبر 1894م وكان عمره آنذاك (26 عاما) فكتب قصيدته هذه وقدمها لهذا المؤتمر فألقيت هناك، ذكر فيها تاريخ مصر على مَرِّ العصور منذ بدء التاريخ حتى عصره، فلمَّا قام بجَمعِ ديوانِه افتتحه بهذه القصيدة واختارها لتكون عنوانه.
    وربما يكون لهذا دلالات نفسية؛ كأنه يريد الإشارة إلى تمكنه من ناصية الشعر وقدرته على كتابة قصيدة بهذا الطول وعلى هذا البحر، ومنها أن يريد الإشارة إلى مكانته من الأمير باختياره في هذه السن المبكرة لتمثيل مصر في مؤتمر دولي، ومنها غير ذلك.
    وقد أردت بالتنبيه على ذلك الإخبار عن أن صنيعه هذا يحتاج إلى شرح وبيان؛ لأن هذه القصيدة ليست أول قصائده ولا أفضلها ولا أطولها، فليتأمل.

    اللغة

    (كبار): ككِتَاب: عِظَام، جمع كبيرة أى عظيمة.
    (الحوادث): جمع حادثة والمراد نِوَبُ الدهر وما يحدث منه.
    ( وادي ): الوادي: كل مَفْرَج بين الجبال والتلال والإكام سمى بذلك لسيلانه يكون مسلكاً للسيل ومنفذاً.
    ( النِّيل ): نهر مصر حماها الله.


    المعنى

    هذه قصيدة ذكر كبار الحوادث التى وقعت في وادي النيل.
    ______________________________ ______________________________ ___________

    1 - هَمَّتِ الْفُلْكُ وَاحْتَوَاهَا الْمَاءُ *** وَحَدَاهَا بِمَنْ تُقِلُّ الرَّجَاءُ
    اللغة

    (هَمَّ): هَمَمْتُ بالشيء أهُمُّ هَمًّا، من باب رَدَّ، إذا أردته ونويته وعزمت عليه.
    (الفُلْكُ): السفينة واحد وجمع يذكر ويؤنث.
    (احتواها): حَوَى الشيء حَيّا وَحَوايَةً، واحتواه، واحتوَى عليه: جَمَعَهُ وأَحْرَزَهُ.
    (حَداها): حَدَا الإِبِلَ وحَدَا بِها يَحْدُو حَدْواً وحِـُدَاءً ممدود زَجَرَها خَلْفَها وساقَها.
    (تُقِلّ): أَقَلَّ الشيءَ يُقِلُّه، واستقلَّه يستقلُّه، إِذا رفعه وحمله، وأَقَلَّ الجَرَّة أَطاق حملها.
    (الرجاء): الرَّجَاءُ من الأَمَلِ نَقِيضُ اليَأْسِ.


    المعنى



    موضوع القصيدة كما علمت هو ذكر الأحداث التاريخية التي وقعت في هذه البقعة (وادي النيل)،
    وقد زعموا أن أول التاريخ المعروف للناس اليوم هو الطوفان فما بعده، فلذا بدأ شوقي بوصف الطوفان؛ فذكر أن الطوفان لما بدأ وفُتِحَتْ أبوابُ السماء بماءٍ منهمر وفُجِّرَتْ عيونُ الأرض، وكان نوح – عليه السلام –ومن معه من المؤمنين في السفينة وكذا سائر المخلوقات التى أمره الله تعالى أن يحملها معه، كانت السفينة على اليابسة، فبدأ الماء يسرى تحت جوانبها شيئا فشيئا؛ فبدأت تتحرك وتتمايل كأنها تَهُمُّ بالحركة، وكثر الماء جدا حتى صار يحيط بها من جميع جوانبها: فماء السماء من فوقها وعن جوانبها، ثم يجتمع مع ماء الأرض من أسفلها فهذا قوله (واحتواها الماء).
    وكان الرجاء كحادى الإبل -الذى يحدوها هى وراكبيها بالغناء فيَتَلَهَّوْنَ عن بعض مشقة الطريق– كان هذا الرجاءُ فى أن يكشف الله هذه الغمة وينجيَهم منها هو الذى يهون عليهم هول الموقف الذى هم فيه

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    (الحوادث): جمع حادثة والمراد نِوَبُ الدهر وما يحدث منه.

    نبهت إحدى الأخوات هنا

    http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=44616
    على أن هذا خطأ عقدي أعني قوله: "وما يحدث منه" وهو كما قالت، وعلى ذلك فالصواب "وما يحدث فيه"

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    هذه بعض الإضافات بعضُها كنت كتبته في (الفتوحات في بيان أسرار الشوقيات) وبعضها كنت أريد أن أكتبه وبعضه تركته اختصارا
    ولأننا في أول الديوان فلا بأس من ذِكْرِ بعض الإضافات للدلالة على أنها من المطلوبات النافعات ولكن تركناها اختصارا نظرا لطول المشروح وضيق الوقت كما سبق والله الموفق
    ______________________________ ____________________


    هذه القصيدة من بحر الخفيف التام، عَرُوضُهُ صحيحةٌ وضَرْبُهُ صحيحٌ، والقافية: متواتر.
    إضافة عروضية:

    بحر الخفيف وزنه
    فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن *** فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن

    وتقطيعها هكذا :


    - فاعلاتن (/0 //0 /0) فيرمز للحركة ( سواء كانت فتحة أو كسرة أو ضمة) بشرطة مائلة (/) وللسكون بنقطة (0)، وقد يرمز للحركة بشرطة هكذا (-) وقد يرمز للسكون بدائرة هكذا (0)، وفي كتب التراث يعكسون هذا الأمر فيرمزون للحركة بدائرة (0) وللسكون بشرطة (-) ولا مشاحة في الاصطلاح.


    فالتفعيلة (فاعلاتن) تتكون من: سبب خفيف (وهو حرف متحرك يليه حرف ساكن ويرمز له هكذا ( /0) وهو هنا (فا)


    ووتد مجموع (متحركان وساكن //0) وهو (عِلَا)


    وسبب خفيف (/0) وهو (تُنْ)


    - مستفع لن (/0 /0/ /0)


    - فاعلاتن (/0 //0 /0) مثل الأولى


    لاحظ أن (مستفع لن) هنا في بحر الخفيف لا تكتب متصلة (مستفعلن) لأنها تتكون من:
    1 - سبب خفيف (/0) وهو (مُسْ)
    2 - وتد مفروق (/0/) وهو (تَفْعِ)
    3 - سبب خفيف (/0) وهو (لُنْ)


    وهذا يفيدك في معرفة أن هذه التفعيلة (مستفع لن) لا يدخلها (الطَّيُّ) وهو: حذف الرابع الساكن؛ لأن الطَّيَّ زِحَافٌ، والزِّحَاف يختص بالدخول على ثواني الأسباب (الحرف الثاني من السبب)، والرابع الساكن هنا [الفاء من (تَفْعِ)] ثاني وتد لا سبب، وهو وتد مفروق لأن فيه فرقا بين المتحركين، والتغيير الذي يدخل على الوتد يسمى (عِلَّة).


    العروض: هي التفعيلة الأخيرة من الشطر الأول (فاعلاتن) وهي هنا صحيحة (فاعلاتن) ويجوز خَبْنُها (حذف الثاني الساكن) فتصير (فَعِلَاتُنْ)


    الضرب: هو التفعيلة الأخيرة من الشطر الثاني (فاعلاتن) وهو هنا صحيح (فاعلاتن) ويجوز خَبْنُهُ (فَعِلَاتُنْ) أو تشعيثُه (حذف أحد متحركي الوتد المجموع) فتصير (فاعلاتن) (فالاتن) ورغم أن هذا التغيير علة (لدخولها على وتد) وكونها داخلة على الضرب إلا أنها غير لازمة فهي علة جارية مجرى الزِّحَاف.

    وقد دخل التشعيث عروض البيت الأول (ها الماءُ) = (فالاتن) وهو إنما يدخل الضرْبَ بدون لزوم، وجاز دخوله هنا على العروض بسبب التصريع


    وهذا تقطيع البيت الأول:
    (هَمْمَتِ لْفُلْ) (كُ وَحْتَوَا) (هَـ لْمَاءُوْ) *** (وَحَدَاهَا) (بِمَنْ تُقِلْ) (لُ رْرَجَاءُوْ)
    (/0//0/0) (//0//0) (/0/0/0) *** () (//0//0) (/0//0/0)


    (فَاعِلَاتُنْ) (مُتَفْعِ لُن) (فَالَاتُنْ) *** (فَعِلَاتُنْ) (مُتَفْعِ لُنْ) (فَاعِلَاتُنْ)


    (سالمة) (مخبونة) (صحيحة) *** (مخبونة) (مخبونة) (صحيح)


    وتجري هذه الزحافات وفق قاعدة المعاقبة:
    - فإذا دخل الْخَبْن تفعيلة منه، سلمت التي قبلها من الْكَفّ،
    - وإذا دخلها الْكَفّ سلمت التي بعدها من الْخَبْن،
    - وإذا دخلها الشَّكْل (حذف الثاني والسابع الساكنين)، فتصبح به (مُسْتَفْعِ لُنْ): (مُتَفْعِ لُ). سلمت التفعيلة التي قبلها من الْكَفّ، والتي بعدها من الْخَبْن.


    والخبن فيه حسن، والكف صالح، والشكل قبيح.


    وأما القافية فهي: ما بين آخر ساكنين في البيت؛ فنعُدُّ من آخر حرف في البيت إلى أول ساكن يليه - رجوعا - مع الحركة التي قبل الساكن.


    ومثاله هنا في قوله: (وحداها بمن تقل الرجاءُ) فأول ساكن قبل حرف الرَّوِيِّ هو الألف من (الرجاء) والمتحرك قبله هو الجيم فتكون القافية (جاءُوْ) وبين آخر ساكنين (الألف والواو) حرف واحد متحرك، والقافية التي فيها حرف واحد متحرك بين آخر ساكنين تسمى متواتر فالقافية هنا متواتر، والله أعلم.
    ______________________________ _________


    إضاءة صرفية:



    = (كِبَار) جمع تكسير وزان (فِعَال) وهو جمع كثرة، يُجْمَعُ عليه كلُّ ما كان على (فَعِيل) أو (فَعِيلة) وَصْفًا للفاعل صحيحَ اللام نحو: كَرِيم وكَرِيمَة، وظَرِيف وظَرِيفَة، وكما هنا كَبِير و(كَبِيرَة).
    و(كِبَار) هنا جمع (كبيرة) لا (كبير) لأنها وصف لـ (حوادث) في المعنى، و(حوادث) مؤنثة، والمعنى (الحوادث الكبيرة) فهو تركيب إضافي من إضافة الصفة (كبار) للموصوف (الحوادث)
    = و(حوادث) جمع تكسير على صيغة منتهى الجموع (فعائل) وهو جمع كثرة يُجمع عليه ما كان على وزن (فاعلة) مطلقا؛ يعني: اسما أو وصفا، لعاقل أو غير عاقل نحو: ضاربة وضوارب، وفاطمة وفواطم، و(حادثة وحوادث)
    جمع (حادثة) وزان (فَاعِلة)
    ______________________________ ______


    لطيفة لغوية:



    يقال: كبُرَ الرَّجُل، ككَرُم، يَكْبُر كِبَراً، كَعِنَبٍ: أي عَظُمَ.
    وأما كَبِرَ، كفَرِحَ، يَكْبَرُ كِبَراً، كَعِنَبٍ، فهو كَبيرٌ فمعناه طَعَنَ في السِّنِّ، من الناسِ والدَّوابِّ.
    فعُرِف من هذا أنَّ فِعْلَ الكِبَرِ بمَعْنى العَظَمةِ ككَرُمَ، وبِمَعنى الطَّعْنِ في السِّنِّ كفَرِح، ولا يجوزُ استِعمالُ أحدِهما في الآخَرِ اتفاقاً، وهذا قد يَغْلَطُ فيه الخاصَّةُ فضلاً عن العامَّة.
    ______________________________ _____


    ومضة بلاغية:



    = إسناد الهَمّ للفُلْك، مجاز عقلي، ومثله إسناد الاحتواء للماء، والحداء للرجاء، والإقلال (الحَمْلُ) للفلك، إلا أن الأخيرة قد تكون من باب الحقيقة؛ لأن كونهم فوق الفلك معناه أنها تحملهم؛ فهي حقيقة، فتأمل.


    = قوله: (همت الفلك): استعارة مكنية حيث:
    - شَبَّهَ الفلك بإنسان بجامع الحركة في كل
    - واستعير اللفظ الدال على المشبه به (الإنسان) للمشبه (الفلك)
    - ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو الهَمُّ.
    والقرينة: إثبات الهمّ (وهو لازم المشبه به) للفلك، وهذا الإثبات يسمى تخييلا (أي: استعارة تخييلية).


    وذكروا أن لازم المشبه به يكون مستعملا فيما وضع له وبيانه: أننا استعرنا لفظ المشبه به (الإنسان) للمشبه (الفلك) ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو (الهم)، و(الهم) والإرادة من لوازم الإنسان.


    إذا علمت ذلك فاعلم أن التجوز إنما هو في الإثبات يعني في إثبات لازم المشبه به للمشبه، فهو مجاز عقلي في الإثبات كما سبق.


    ويمكن إجراء استعارة تبعية في الفعل (هَمَّ) فيقال:


    - شبه بدء تحرك الفلك واهتزازها لمَّا سَرَى الماءُ تحتها بِهَمِّ الإنسان بالتحرك من موضعه (كهَمِّهِ بالقيام من جلوس أو المشي من وقوف مثلا فيبدأ يتمايل ويهتز للتحرك)
    - - واستعير اللفظ الدال على المشبه به وهو (الهَمُّ) للمشبه وهو (الاهتزاز وبدء التحرك)
    - - ثم اشتق من (الهَمِّ) بمعنى (الاهتزاز) (هَمَّ) بمعنى (اهتزَّ) على طريق الاستعارة التبعية

    ______________________________ ________________


    تتمة إحصائية:



    اشتمل البيت على:
    = أربعة أفعال:


    (3) ماض : (همَّ)، (احتوى)، (حدا)
    (1) مضارع: تُقِلُّ


    = سبعة أسماء:


    (4) أسماء ظاهرة: الفُلك، الماء، الرجاء، مَنْ
    (4) ضمائر:
    2 ظاهرة :
    (ها) في موضعين
    2 مستترة:
    فاعل ومفعول (تُقِلُّ) أي تُقِلُّه هي، وأما (الرجاء) ففاعل (حَداها) لا (تقله)


    = حروف المعاني:


    (1) تاء التأنيث،
    (1) واو الحال في (واحتواها)،
    (1) واو العطف،
    (1) باء الجر



    تنبيه: لا ألتزم ذكر اللطائف الإحصائية في كل بيت وإن كان مما كنت أريد صنعه ثم أذكره آخر كل قصيدة فأذكر ما فيها من أفعال وأسماء ومشتقات وحروف معانٍ؛ لِمَا في هذا من تيسير لمن أراد دراسة الشاعر دراسة شاملة: أسلوبية ومنهجية ونفسية ... فمثلا إذا تكرر استعمال فاء التعقيب دلَّ على ما في نفس الشاعر (وكذا الناثر وكل مُبِينٍ عن نفسه) من سرعةٍ وعجلة ... وكذا استعمال الماضي كثيرا لا سيما (كان) فيدخل في باب الـ(كُنْتِيّ والعاجن) وهكذا ... ولكن (ضاق فَتْرٌ عن مَسِير) فالسير على الخطة التي اختططناها أفضل وهي وسَطٌ وخيرُ الأمور أوساطُها.
    وأعتذر للإطالة
    والله ولي التوفيق

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    ما زال البيت الأول فيه إشكال عند بعض الإخوة وأعظمُ إشكال كان في قوله (هَمَّتْ) فاستظهر بعضُهم أنها (هَمَتْ) بدون تضعيف مِن هَمَى يَهمِي بمعنى سال يسيل، واستظهر بعضهم أن معنى (همَّتْ)؛ نشطت، وكلا المعنيين ضعيف أو خطأ؛ وذلك أن شوقي خبأ المعنى كله في هذه الكلمة (همَّتْ) وكل المعنى المختبيءُ فيها مطوي في هذه الشَّدَّة التي على الميم وبدونها يصير المعنى ساذجا لا فضل له، وقد بينته هناك جوابا للإخوة الكرام، وأحب أن أبينه هنا قبل أن أنتقل للبيت التالي حتى يتضح المعنى جدا بدون لبْس ولا إشكال
    وكان جوابي على أول إشكال وهو أن الأظهر (همَتْ) بدون تضعيف
    الظاهر أن هذا ينزع عن المعنى حُسْنَه وبهاءه بل لا يجعل لشوقي مزية على الضعفاء من الشعراء؛ إذ المعنى عليه يصير هكذا: (سارت الفلك سيرا سريعا في الماء لا يعوقها شيء واحتواها الماء) وهذا كما ترى من الضعف بمكان؛ إذ ليس فيه أكثر من إخبارٍ عن سير الفلك في الماء.
    وأما (همَّت الفلك) بالتشديد فينقل إليك الصورة التي كانت عليها الفلك وقت بدء الطوفان وكيف أنها كانت على اليابسة لا تتحرك فلما بدأ الطوفان بدأ الماء يسري تحتها شيئا فشيئا فبدأت تتمايل وتتحرك وترتفع فوق الماء شيئا فشيئا، وتهتز كأنها تهُمُّ بالحركة كفعل الإنسان أو البعير مثلا حين ينهض فتراه يتمايل تمايلا بطيئا ويهتز كي ينهض ويتحرك من موضعه وهذا هو الهمُّ بالحركة وإرادتها. وكلُّ مَنْ يرى إنسانا أو بعيرا مثلا على هذه الهيئة يعلم أنه يهم بالحركة وأنه يريد أن ينهض ويتحرك من موضعه.
    وهذا هو ما أراد شوقي أن ينقله إلى مستمعيه هنا؛ صورة بدء الطوفان والسفينة على اليابسة واهتزازها وتمايلها لما بدأ الماء يحركها. وكل هذا كما ترى مخزون في هذه الشدة (همَّت) وبدونها يصير المعنى ساذجا لا فضل له.
    ومثل هذه المواطن لا يحسنها إلا شاعر فحل كشوقي وهي التي يمتاز بها شاعر عن غيره.
    فهذا ما يظهر لي، فتأمل
    والله أعلم
    وكان جوابي على ثانيهما وهو أن معنى (همَّتْ) : نشطت:
    فلا يصلح الهَمُّ أن يكون بمعنى النشاط؛ وذلك أن الهَمَّ أول العزيمة وهو يكون قبل الفعل، قال الفيومي في المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 641): "وَهَمَمْتُ بِالشَّيْءِ هَمًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ إذَا أَرَدْتَهُ وَلَمْ تَفْعَلْهُ" فكيف يكون عدم الفعل بمعنى اشتداد الفعل؟! أظن أن هذا غير صحيح ولو على سبيل الاستعارة.
    وبيت شوقي هذا من الأبيات الصعبة ذات المعنى الخبيء الذي يدل على مقدرة فائقة في البيان لشوقي
    أرجو أن يكون المعنى قد اتضح بلا لبس ولا إشكال
    والله الموفق

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    لابد من استكمال الشرح بسبب طول المشروح وإن كان ثمت إشكال فيما سبق فلا بأس من ذِكْرِهِ ولو انتهى البيت المشروح
    قال شوقي

    2 - ضَرَبَ الْبَحْرُ ذُو الْعُبَابِ حَوَالَيْـ*** ـهَا سَمَاءً قَدْ أَكْبَرَتْهَا السَّمَاءُ


    اللغة


    (ضَرَبَ): الضَّرْبُ يقع على جميع الأَعمال إِلا قليلاً؛ يقال: ضَرَبَ الدِّرْهمَ يَضْرِبُه ضَرْباً: طَبَعَه. وضَرَبَت العَقْربُ تَضْرِبُ ضَرْباً: لَدَغَتْ. وضَرَبَ العِرْقُ والقَلْبُ يَضْرِبُ ضَرْباً وضَرَباناً نَبَضَ وخَفَقَ. والمراد هنا صنع.
    (البَحْر): البَحْرُ الماءُ الكثيرُ مِلْحاً كان أَو عَذْباً وهو خلافُ البَرِّ. ولا يختص بالملح كما هو مشهور وإن كان غلب عليه.
    (العُباب): كثرة الماءِ، وعُبابُ السَّيْل مُعْظمُه وارتفاعُه وكثرته وقيل عُبابُه مَوجُه.
    (حَوَالَيْهَا): يقال رأَيت الناس حَوالَيْه أَي مُطِيفِينَ به من جوانبه، مثنى حَوَال، ولا يقال حَوَالِيه بالكسر. وأما حَوْلَيْه فمثنى حَوْل.
    (السماء): سماءُ كلِّ شيء أَعلاهُ مذكَّر، والسماءُ التي تُظِلُّ الأَرضَ أُنثى عند العرب لأَنها جمعُ سَماءةٍ.
    (أَكْبَرَتْهَا): كَبَّرَ الشَّيْءَ: جَعَلَهُ كَبيراً. واسْتَكْبَرَه وأَكْبَره: رآه كَبيراً وعَظُمَ عِندَه.

    المعنى


    صنع البحر - الذى تَكَوَّن من التقاءِ ماء السماء وماء الأرض – سماءً عظيمة من الأمواج تعلو السفينة وتحيط بها من جوانبها حتى إن السماء التى تحيط بالأرض قد أكبرتْ هذه السماءَ المصنوعة من الموج ورأتها سماءً عظيمة.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    3 - وَرَأَى الْمَارِقُونَ مِنْ شَرَكِ الْأَرْ *** ضِ شِبَاكاً تَمُدُّهَا الدَّأْمَاءُ



    اللغة:

    (المَارِقون): مَرَقَ السهمُ من الرَّمِيَّة يَمْرُقُ مَرْقاً ومُرُوقاً خرج من الجانب الآخر، والمُرُوق الخروج من شيء من غير مدخله. وقيل المُروق أَن يُنْفِذ السهم الرميّة فيخرج طرفه من الجانب الآخر وسائره في جوفها.
    (شَرَك): شَرَكُ الطريق جَوادُّه.
    وقيل: هي الطُّرُقُ التي لا تخفى عليك ولا تَسْتَجْمِعُ لك فأنت تراها وربما انقطعت غير أَنها لا تخفى عليك.
    والشَّرَكُ أيضاً: حبائل الصائد يَرْتَبِك فيها الصيد.
    وكذلك ما ينصب للطير واحدته شَرَكَة وجمعها شُرُكٌ وهي قليلة نادرة.
    (شِبَاك): الشَّبَكةُ: المِصْيَدة في الماء وغيره. والشَّبَكةُ: شَرَكةُ الصائد التي يصيد بها في البر والماء والجمع شَبَكٌ وشِبَاك.
    (تَمُدُّها): يقال لكلّ شيْءٍ دَخَل فيه مِثْلُه فَكثَّرَهُ مَدَّه يَمُدُّه مَدًّا.
    (الدَّأْمَاءُ): البَحْرُ لدَوامِ مائِه، أصله دَوَماء، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وقيلَ: أصلُه دَوْمَآء، فإِعْلالُه على هذا شاذٌّ.


    المعنى:

    ورأى الناجون من الطوفان شباكا من الماء يزيدها البحر بأمواجه.


    تتمات للمعنى:

    = جعل اشتباك ماء السماء وماء الأرض المتفجر من عيونها وتداخلهما كالشباك التى تتداخل أجزاؤها فلما تَكَوَّن البحر وكثر ماؤه .. عَلَتْ أمواجُه وتتداخلت مع هذه الشباك فصارت هذه الأمواج مددًا لهذه الشباك.
    = تَفَجُّرُ الماء من عيون الأرض يجعل الماء يخرج متدفقا يُقْذَفُ به عاليا فى الهواء فيلتقى ثمت مع الماء النازل من السماء فيختلطان فى الهواء ويتكون من اختلاطهما شباكا من الماء ثم يرجع الماءان إلى الأرض فتَكَوَّنَ منهما بحرا عظيما علت أمواجه واختلطت مع هذه الشباك فصارت كالمدد لها.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    4- وَجِبَالاً مَوَائِجاً فِى جِبَالٍ *** تَتَدَّجّى كَأَنَّهَا الظَّلْمَاءُ



    اللغة:

    (موائج): جمع مائج اسم فاعل فعله ماجَ يموجُ مَوْجاً ومَوَجاناً ومُؤُوجاً. ومَوْجُ كلِّ شيء وموَجانُه اضطرابُه. وماجَ الناسُ دخل بعضُهم في بعض. والمَوْجُ ما ارتفع من الماء فوق الماء.
    (تتدجى): دَجَا اللّيْلُ يَدْجُو دَجْواً، بالفتْحِ، ودُجُوّاً: أَظْلَمَ، فهو داجٍ ودَجِيٌّ؛ وكذا أَدْجَى الليل وتَدَجَّى. قال الأصمعي: دجا الليل إنما هو أَلْبَسَ كل شئ، وليس هو من الظُّلْمَة. قال: ومنه قولهم: دجا الإسلام، أي قوى وألبس كل شئ.
    (الظلماء): الظلُّمة، وهى خلاف النور.


    المعنى:

    ورأى الناجون أمواجا عالية كالجبال مضطربة توجد بين الجبال الحقيقية وترتطم بها وتختلط معها، وهذه الأمواج مظلمة وتُظْلِمُ المكان الذى تأتى عليه بسبب كثافتها فكأنها قطع من الظلماء.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    5- وَدَوِياًّ كَمَا تَأَهَّبَتِ الْخَيْــ *** ــلُ وَهَاجَتْ حُمَاتَهَا الْهَيْجَاءُ

    اللغة:

    (الدَّوِىّ): الصَّوْتُ.
    (تَأَهَّبَ): استعد، وأُهْبَةُ الحرب عدتها وجمعها أُهَبٌ.
    (هَاج): هَاجَ الشيءُ: ثار، وبابه باع.
    (حُمَاة): حَمَاهُ يحميه حِمَايةً دفع عنه. وفلان حَامِي الحقيقةِ وهى ما يحق للرجل أن يحميه. وجمعه حُمَاةٌ و حَامِيةٌ.
    (الهيجاء): الحرب تمد وتقصر.
    المعنى:

    وسمع هؤلاء الناجون أصواتا عالية بسبب كثرة الأمواج واضطرابها وارتطامها بالجبال كأصوات الخيل التى تستعد للحرب وتثير الحربُ حُماتَها فتكون أصواتُها عالية جدا عند الإثارة ، لا سيما الإثارة بسبب الحرب.
    ______________________________ __________



    6 – لُجَّةٌ عِنْدَ لُجَّةٍ عِنْدَ أُخْرَى *** كَهِضَابٍ مَاجَتْ بِهَا الْبَيْدَاءُ



    اللغة:

    (لجة): لُجَّةُ البَحْر حيث لا يُدْرَكُ قَعْرُه. ولُجُّ البحرِ عُرْضُه والماءُ الكثير الذي لا يُرَى طرَفاه. والتَجَّ البحر أَي تَلاطَمَتْ أَمْواجُه ولُجَّةُ الماءِ بالضم مُعْظَمُه وخص بعضهم به معظم البحر.
    (هضاب): جمع هَضَبَة وهى الجبل المنبسط الممتد على وجه الأرض.
    (ماج): مَاجَ الْبَحْرُ موجا وموجانا ارتفع ماؤه واضطرب. (البيداء): الفلاة الجمع بِيدٌ.
    المعنى:

    بسبب كثرة الماء وشدة اضطرابه فقد كثُرت فيه لُجَجُ الماءِ حتى لا تكاد توجد لجة من الماء إلا وعندها لجة أخرى وهكذا ثم إنها بسبب طولها وعِظَمِها كأنها هضاب منبسطة كثيرة جدا ممتدة على وجه الأرض فى البيداء.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    7 – وَسَفِينٌ طَوْراً تَلُوحُ وَحِيناً *** يَتَوَلَّى أَشْبَاحَهُنَّ الْخَفَاءُ

    اللغة:

    (سفين): جمع سفينة.
    (طوراً): مَرَّة.
    (تلوح): تظهر.
    (حيناً): الحين وقت من الدهر مبهم طال أو قصر وفي التنزيل العزيز: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ} [الصافات:174]، {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص:3] الجمع: أحيان وجمع الجمع: أحايين
    (يتولى): وَلِيَ الشئَ ووليَ عليه ولاية ملك أمره وقام به.
    (أشباح): جمع شَبَح وهو: ما بدا لك شخصُه من الناس وغيرهم من الخلق يقال شَبَحَ لنا أَي مَثَلَ. وشَبَحَ الشيءُ: بدا. الشَّبْحُ والشَّبَحُ: الشخص والجمع أَشباح وشُبوح.
    (الخفاء) ممدود: ما خَفِيَ عليك، والخَفا مقصور: هو الشيء الخافي.
    المعنى:

    يتموج الماء فيعلو تارة ويهبط أخرى وهكذا حال ما فيه وكانت سفينة نوح – عليه السلام – ومن معه ترتفع مع الماء إذا ارتفع فلو كان أحد ينظر من بعيد لرآها ثم تهبط مع الماء فلا تُرى.
    ويلاحظ هنا أنه عبر عن المفرد (سفينة) بالجمع (سفين) وهذا وجه،
    والبيت يحتمل وجها آخر وهو أنه أراد أن الماء قد جرف ما على وجه الأرض من رُكَامٍ وحُطامٍ وبيوت وشجر وغير ذلك فصارت هذه الأشياء تطفو على وجه الماء كأنها سفن، وصارت هذه الأشياء تعلو مع ارتفاع الموج وتهبط مع انخفاضه. وهذا وجه حسن أو أحسن فتأمل.


    ______________________________ ______________________________ ______


    8 – نَازِلَاتٌ فِي سَيْرِهَا صَاعِدَاتٌ *** كَالْهَوَادِي يَهُزُّهُنَّ الحُدَاءُ

    اللغة:

    (الهوادي): جمع هادية وهي من كل شيء أَوَّلُه وما تقَدَّمَ منه. وهوادي الإبل: أول رعيل يظهر منها.
    (يهزهن): هَزَّ الشيءَ وبه هَزّاً: حركه بشيء من القوة. والحادي الإبلَ نشطها بحدائه.
    المعنى:

    هذه السفن المذكورة فى البيت السابق تسير مع الماء فتنزل مع نزوله وترتفع مع ارتفاعه كالإبل التى تهتز بالحداء لها.

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,757

    افتراضي

    واصل وصلكم الله بهداه .

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا على تثبيت الموضوع وهذا أول موضوع يثبت لي في الألوكة
    وقد كنت عزمت -كما ذكرتُ في المقدمة- أن أضع ما كتبتُه من شرح الشوقيات قبل ذلك فقط وهو قليل، ولا أزيد عليه شيئا في الوقت الحاضر؛ وذلك لضيق وقتي جدا عن ذلك الآن، ولكن بعد تثبيت الموضوع أراني مضطرا للزيادة على ما صنعت بحيث تكون الزيادة مثلَ ما كتبته سابقا أو قريبا منه؛ فما جزاء الإحسان إلا الإحسان، وإن اضطرني ذلك لتأخير بعض ما أنا بصدده، فلا بأس بذلك ففي كل خير إن شاء الله، وأسأل الله الإعانة والتوفيق
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    واصل وصلكم الله بهداه .
    آمين وإياكم
    وشكرا على تثبيت الموضوع

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    9 – رَبِّ إنْ شِئْتَ فَالْفَضَاءُ مَضِيقٌ *** وَإِذَا شِئْتَ فَالْمَضِيقُ فَضَاءُ

    اللغة:

    (الفضاء): ما اتسع من الأرض
    (المضيق): الضِّيق ضد السعة، والمضيق ما ضاق من الأماكن
    المعنى:

    واضح ، يقول: أنت يا رب لا يعجزك شئ فإذا شئت أن يكون ما اتسع من الأرض مضيقاً كان ، وإذا أردت أن يكون المكان الضيق واسعا كان.


    ______________________________ ________


    10 – فَاجْعَلِ الْبَحْرَ رَحْمَةً وَابْعَثِ الرَّحْـ *** ـمَةَ فِيهَا الرِّيَاحُ وَالْأَنْوَاءُ

    اللغة:

    (الأنواء) : جمع نوء وهو: النجم إذا مال للغروب، والمطر الشديد، والعطاء.
    قال أَبو عبيد: الأَنواءُ ثمانية وعشرون نجماً معروفة المَطالِع في أزْمِنةِ السنة كلها من الصيف والشتاء والربيع والخريف يسقط منها في كل ثلاثَ عَشْرةَ ليلة نجمٌ في المغرب مع طلوع الفجر ويَطْلُع آخَرُ يقابله في المشرق من ساعته وكلاهما معلوم مسمى وانقضاءُ هذه الثمانية وعشرين كلها مع انقضاءِ السنة ثم يرجع الأَمر إِلى النجم الأَوّل مع استئناف السنة المقبلة وكانت العرب في الجاهلية إِذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا: لا بد من أَن يكون عند ذلك مطر أَو رياح فيَنْسُبون كلَّ غيث يكون عند ذلك إِلى ذلك النجم فيقولون مُطِرْنا بِنَوْءِ الثُرَيَّا والدَّبَرانِ والسِّماكِ.


    قال أبو معاذ: قد ورد التغليظ فيمن قال مُطِرْنا بنوء كذا
    فعن زيد بن خالد الجهني قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَ ةِ فِي إِثْرِ السَّمَاءِ[1] كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ" قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ"[2] .
    قال الإمام النووى:
    - إن قال مسلم مطرنا بنوء كذا مريداً أن النوء هو المُوَجِّهُ والفاعل المُحْدِثُ للمطر صار كافراً مرتداً بلا شك.
    - وإن قاله مريداً أنه علامة لنزول المطر عند هذه العلامة، ونزوله بفعل الله وخلقه – سبحانه – لم يكفر.
    واختلفوا فى كراهته والمختار أنه مكروه؛ لأنه من ألفاظ الكفار، وهذا ظاهر الحديث ونص عليه الشافعى فى الأم وغيره، والله أعلم[3].


    المعنى:


    أنت يا رب لا يعجزك شئ، فاجعل هذا البحر الهائج رحمة يروى الأرض فتحيا بعد موتها ولا تجعله – مع سعته – مضيقا لا نجد منه خلاصا ونجاة وابعث المطر الذى هو رحمة كما كنت تبعثه قبل ذلك = غيثا فيه الرياح والعطاء، ولا تبعثه عذابا
    ______________________________ ________________
    [1] السماء: المطر
    [2] صحيح: متفق عليه.
    [3] الأذكار للإمام النووي ص173، وشرح مسلم له 2/ 51.

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    11- أَنْتَ أُنْسٌ لَنَا إِذَا بَعُدَ الْأُنْــ *** ــسُ وَأَنْتَ الْحَيَاةُ وَالإِحْيَاءُ

    اللغة:

    (أُنْس): الأُنْسُ: خلاف الوحشة، وهو الطمأنينة، مِنْ أَنِسَ بِهِ إِنْسًا من باب عَلِمَ، وفي لغة من باب ضَرَبَ. وَالْأَنِيسُ الَّذِي يُسْتَأْنَسُ بِهِ وَاسْتَأْنَسْت بِهِ وَتَأَنَّسْت بِهِ إذَا سَكَنَ إلَيْهِ الْقَلْبُ وَلَمْ يَنْفِرْ
    (بَعُدَ الشَّيْءُ): بِالضَّمِّ بُعْدًا فَهُوَ بَعِيدٌ وَيُعَدَّى بِالْبَاءِ وَبِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ بَعُدْتُ بِهِ وَأَبْعَدْتُهُ وَتَبَاعَدَ مِثْلُ: بَعُدَ
    (الحياة): نقيض الموت
    (الإِحْيَاءُ): هو بعث الموتى.
    المعنى:

    أنت يارب أنيس لنا فى هذا المكان الذى لا أنيس به فنحن فى وسط البحر حيث الظلام وكثرة الأمواج واضطرابها وقد بعدنا عن الأنيس.
    وأنت مصدر الحياة لمن كان حيا وأنت الذى تبعث من يموت.
    ______________________________ __________
    12 – يَتَوَلَّى الْبِحَارَ مَهْمَا ادْلَهَمَّتْ *** مِنْكَ فِى كُلِّ جَانِبٍ لَأْلَآءُ

    اللغة:

    (يتولى): تولى العمل: تقلده
    (ادلهمت): ادْلَهَمَّ الليلُ: اشتد ظلامُه
    (لألآء): اللأْلاَءُ: النُّوْرُ.
    المعنى:

    مهما اشتد ظلام البحار وزادت وحشتُها فَنُورٌ منك يارب يُذْهِبُ ظلامَها ووحْشَتَها.
    = زيادة وتوضيح:

    يريد أن الإنسان إذا كان فى البحر فاشتد خوفه بسبب زيادة الموج وطغيانه وشدة الظلمة فإنه لا يجد ما يؤنسه ويذهب عنه وحشته إلا دعاء الله سبحانه وذِكْرَهُ {أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}
    [الرعد: 28]، {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 67]

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    13- وإذا ما عَلَتْ فذاك قيام *** وإذا ما رَغَت فذاك دعاء
    اللغة:

    (رَغَتْ): الرُغاءُ: صوتُ ذواتِ الخفّ. وقد رَغا البعيرُ يَرْغو رُغاءً، إذا ضجّ. وفي المثل: كَفى برُغائِها منادياً، أي إنّ رُغاء بعيرِه يقوم مقامَ ندائه في التعرُّض للضيافة والقِرى. وأَرْغى فلانٌ بَعيرَهُ : إذا فَعَلَ به فِعلاً يَرغو منه لِيسمعَ الحيُّ صوته فيدعوه إلى القِرَى. وقد يُرغي صاحبُ الإبلِ إبِلَهُ باللّيل لِيَسْمَعَ ابنُ السّبيلِ رُغاءَها فيميل إليها
    المعنى:

    إذا ما عَلَت البحار ( يعنى ارتفع الموج ) فهذا قيامٌ منها لله – عز وجل – كما يقف المصلى قائما، وإذا ما ارتفع صوت الموج فهذا دعاؤها.
    14 – فإذا راعها جلالُك خَرَّتْ *** هيبةً فهْىَ والبساط سواء
    اللغة:

    (راعها): رَاعَنِي الشَّيْءُ رَوْعًا مِنْ بَابِ (قَالَ)؛ أَفْزَعَنِي، وَرَوَّعَنِي مِثْلُهُ. وَرَاعَنِي جَمَالُهُ أَعْجَبَنِي.
    (جلالُك): جَلَّ الشَّيْءُ يَجِلُّ بِالْكَسْرِ عَظُمَ فَهُوَ جَلِيلٌ وَجَلَالُ اللَّهِ عَظَمَتُهُ.
    (خَرَّت): خَرَّ الشَّيْءُ يَخِرُّ مِنْ بَابِ ضَرَبَ: سَقَطَ.
    (هيبة): الهيبة: الإجلال.
    (البساط): البِساط – بكسر الباء -: ما يُبْسط. والبَسَاط – بفتحها - : الأرض.
    المعنى:

    هذه البحار التى تُفْزِعُ مَنْ يركبُها بظلمتها واضطرابِ موجها، إذا استشعرتْ عظمتَكَ وجلالَكَ فزعت فخرتْ ساجدة من هيبتك فيهدأ الموج ويسكن، ويرجع المَدُّ جَزْرًا حتى تصير مثل البساط الذى يوضع على الأرض.

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    حتى تصير مثل البساط الذى يوضع على الأرض.
    الظاهر أن (البَساط) هنا بفتح الباء، أي فهي والأرض سواء، أي أحيانا يَسْكُنُ الموجُ وتهدأ البحارُ حتى تصير هي والأرض سواء

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,421

    افتراضي

    15 – وَالْعَرِيضُ الطَّوِيلُ مِنْهَا كِتَابٌ *** لَكَ فِيهِ تَحِيَّةٌ وَثَنَاءُ

    اللغة:

    (العريض): عَرُضَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ عِرَضًا وِزَانُ عِنَبٍ، وَعَرَاضَةً بِالْفَتْحِ: اتَّسَعَ عَرْضُهُ؛ وَهُوَ تَبَاعُدُ حَاشِيَتَيْهِ، فَهُوَ عَرِيضٌ، وَالْجَمْعُ عِرَاضٌ، مِثْلُ: كَرِيمٍ وَكِرَامٍ، فَالْعَرْضُ خِلَافُ الطُّولِ.
    المعنى:

    البحر الواسع طُولا وعَرْضًا هو كتابٌ، لك يارب فيه تحيةٌ وثناء.
    يعني أن في البحر مِنَ الآيات الباهرة الدالة على عظمة الله وقدرته ما يدفع المرء إلى تمجيد الله –عز وجل– فَمِنْ هذه الآياتِ: جريانُ السفن على ظهره، ومنها: المخلوقات التى تعيش فى باطنه كالأسماك على اختلاف أشكالها وأحجامها، ومنها: استخراج اللؤلؤ والمرجان من باطنه وغير ذلك.
    فالبحار بما فيها من الآيات المنثورة كالكتاب بما فيه من الكلمات المسطورة، إلا أن ما في الكتاب من الكلمات يقرأها كلُّ قاريء؛ عالِمٍ أو غير عالم، مسلمٍ أو كافرٍ، أمَّا ما في البحار من الآيات الباهرة، والحِكَمِ الظاهرة، فلا يقرأها إلا المؤمنون، ولا يعقلها إلا العالِمون، وأما غيرُهُم فإنهم يمرون عليها وهم عنها معرضون.


    ***
    16 – يَا زَمَانَ الْبِحَارِ لَوْلَاكَ لَمْ تُفْــ *** ــجَعْ بِنُعْمَى زَمَانِهَا الْوَجْنَاءُ

    اللغة:

    (تفجع): الْفَجِيعَةُ: الرَّزِيَّةُ،
    (نُعْمَى): وزان حُبْلَى: الخفض والدعة.
    (الوجناء): الناقة الشديدة الصلبة وقيل العظيمة الوجنتين
    المعنى:

    يعنى أنه بسبب الطوفان الذى عَمَّ وَجْهَ الأرضِ لم يَعُد هناك مكانٌ تَتَنَعَّمُ فيه النُّوقُ بالسَّيْرِ فكأنها فُجِعَتْ بهذا النعيم حيث صارت فى مكان ضيق من السفينة.
    ***
    17 – فَقَدِيمًا عَنْ وَخْدِهَا ضَاقَ وَجْهُ الْــ *** ـأَرْضِ وَانْقَادَ بِالشِّرَاعِ الْمَاءُ
    اللغة:

    (وخدها): الوَخْدُ للبعير، وهو: الإسراع، أو هو: أَنْ يَرْمِيَ بقوائمه كمشي النعام، أو هو: سعة الخطو في المشي.
    (انقاد): قَادَ الْأَمِيرُ الْجَيْشَ قِيَادَةً فَهُوَ قَائِدٌ، وَانْقَادَ انْقِيَادًا فِي الْمُطَاوَعَةِ.
    (الشِّراع): شِراع السفينة معروف وهو كالمُلاءة الواسعة من ثوب أو حصير مربوعٍ وُتِّرَ على أربع قوى فوق خشبة تُصَفِّقُهُ الريحُ فيمضي بالسفينة.
    المعنى:



    أى أن الوجناء - وهى الناقة الشديدة - قد فُجِعَت بنُعمى زمانها فلم تَعُدْ في نعيم تَمْرَحُ في الأرض كيف تشاءُ، بل قد ضاق وجه الأرض عن سعة خطوها وسرعة سيرها وصارت حبيسةً في الفُلْكِ المشحونِ بسبب الطوفان، ثم زادَ هذا المعنى تأكيدا بقوله: "وَانْقَدَ بِالشِّرَاعِ الماءُ" فكأنه تذييلٌ؛ إذِ المعنى: أن السفينة سارتْ وصارتْ في الماء فلم يَعُدْ ثَمَّتَ أرضٌ تسيرُ فيها الوجناءُ ولا غيرُها، إلا ما هو تحت أقدامهم من الفُلْكِ المشحون، وأما خارج الفلكِ فليس إلا الماءُ، فتدبرْ، والله أعلم.
    فائدة:

    بالانتهاء من شرح هذا البيت نكون قد انتهينا من شرح المقدمة التي وضعها الشاعر تقدِمةً للأحداث التاريخية الواقعة في وادي النيل، وكانت هذه المقدمة في وصف الطوفان: كيف بَدَأَ؟ وكيف تَكَوَّنَتِ منه البحار؟ وذِكْرُ حالِ المؤمنين في السفينة وأنه كان كحالِ المؤمنين دائما؛ بين الخوف والرجاء، ثم الإشارة إلى ما في الفلك من باقي الحيوان بالكلام عن الوجناء في الأبيات الأخيرة.
    يَسَّرَ الله إكمالها وباقي الديوان، وإتمام هذا الشرح على الوجه الذي يرضيه عنا.
    رجاء:

    أرجو مِنْ إخواني طلاب العلم الأقوياء المهتمين بعلوم اللغة المتابعة للمساعدة في حل ألفاظ ومعاني هذا الديوان؛ فإنه روضةٌ أنف لم يَحُمْ حولها أحدٌ قبلي؛ ولهذا فأنا أخشى الزلل، وفي الديوان مواضع كثيرة شديدة الصعوبة والانغلاق إلا على مَنْ فتَحَ الله عليه، واعلم أني لستُ مِمَّنْ يُغْضِبُه النقدُ ويُحْرِجُه التصويبُ؛ فمَنْ وقف على خطأٍ فليذْكُرْه مشكورًا مأجورًا –إن شاء الله- من باب التعاون على الخير، والله الموفق لكل خير.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •