رجال الفجر


أحمد حمدي

من علامات الخلل والتقصير الخطيرة في أحوال بعض من ينتسبون إلى الالتزام هو النوم عن صلاة الفجر يوميًا، أو يستيقظ أيامًا وينام أيامًا، والمشكلة هو عدم الشعور بعِظَم جُرم التقصير في الفرائض، قال - صلى الله عليه وسلم- عن رب العزة في الحديث القدسي: «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ»، فبعضهم ينشغل بالسهر على الجلسات الإدارية والدعوية، وحل مشكلات الناس، والاجتماعات، وينشغل بالمفضول عن الفاضل وبالفروض الكفائية عن الفروض العينية.


ترى بعض كبار السن والعجائز يواظبون على الوجود في المسجد قبل صلاة الفجر بساعة لقيام الليل والاستغفار وقراءة القرآن والمواظبة على الصف الأول وتكبيرة الاحرام، بينما تجد تكاسلَ بعض الملتزمين؛ فتراه يأتي متأخرًا أو مسبوقًا أو يصلي في جماعة ثانية إذا استيقظ!.


وقد وردت الأحاديث في الترهيب من ذلك، منها:


1- ما ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، من رَجُل، مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَقَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ».

2- «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا».

3- وقد ورد الأثر عن ابن مسعود وابن عمر -رضي الله عنهم- فيمن يتخلف عن صلاة الفجر: «كنا نسيء الظن به، أن أصابه شيء من النفاق»


• وقد وردت أيات وأحاديث كثيرة في فضل شهود صلاة الفجر؛ فمن قصر فيها ضاع عليه خيرٌ كثيرٌ:

1- قال تعالى: {وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، وقال: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}؛ والله -عزّ وجلّ- لا يقسم بوقت إلا لفضله وشرفه وأهمية العبادة فيه.

2- وقال - صلى الله عليه وسلم -: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»؛ فهل تستشعر إذا فاتتك سُنّة الفجر أنك خسرت الدنيا وما فيها؟!

فكم من أناس لو قيل لهم سيتم توزيع زجاجة زيت أو سكر أو أنبوبة غاز، أو «عِلاوة» أو مبلغ يومي لمن يصلي الفجر لوقفوا طوابير؛ فهل نحن مُصَدِّقون وموقنون بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن صَلَّى الصُّبحَ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ»، وقال: «أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- صَلاةُ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ».


3- وقال - صلى الله عليه وسلم -: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ -وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ-: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ».