التزكية بالصلاة






التزكية بالصلاة ( الرواتب والنوافل ).
قال أبو جعفر : " وأن معنى"الزكاة"، النماء والزيادة. فمعنى قوله:"ويزكيهم" في هذا الموضع: ويطهرهم من الشرك بالله وعبادة الأوثان، وينميهم ويكثرهم بطاعة الله " تفسير الطبري (3/88).
قال الحسن: " أدركت أقواما وصحبت طوائف ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل ولا يأسفون على شيء منها أدبر، ولَهِي كانت في أعينهم أهون من [هذا] التراب الذي تطأونه بأقدامكم، إن كان أحدهم ليعيش عمره كله ما طُوي له ثوب، ولا أمر أهله بصنعة طعام، ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا.
أدركتهم عاملين بكتاب ربهم وسنة نبيهم، إذا جنهم الليل فقيام على أطرافهم يفترشون وجوههم، تجري دموعهم على خدودهم، يناجون ربهم في فكاك رقابهم، إذا عملوا الحسنة فرحوا بها ودأبوا في شكرها وسألوا الله أن يتقبلها، وإذا عملوا السيئة أحزنتهم وسألوا الله أن يغفر لهم " الصلاة والتهجد (ص: 337).
قال ابوعبد الله المروري: "وأمرا لله عباده،أن يفزعو إلى الصلاة،والاستعا نة بالصلاة على كل أمرهم من أمر دنياهم وآخراهم ولم يخص بالاستعانة بها شيئا دون شيء " تعظيم قدر الصلاة ( ص-219 ).
قال أبو عبد الله محمد المروزي : " ولقد ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى بأهله شدة أو ضيقا أمرهم بالصلاة ، وتلا هذه الآية { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } طه ( 132 ). تعظيم قدر الصلاة (ص: 230).

الصلاة مفزع :
قال أبو عبد الله محمد المروزي: " فالصلاة مفزع كل مريد عند الشدائد، وعند حوادث عظيم النعم شكراً لله، فإذا لم تمكن الصلاة فالسجود له عند حوادث النعم، وذلك لما عرفهم من عظم قدر الصلاة عنده حتى إنّ الملائكة في السماوات السبع إذا رعبوا فأصابهم هول اعتصموا بالسجود " تعظيم قدر الصلاة (ص: 2369).
قال أبو عبد الله محمد المروزي: " وأما الصلاة والسجود عند حوادث النعم شكرا لله عزّ وجلّ فمن ذلك أن الله لما أنعم على نبيه صلى الله عليه وسلم بفتح مكة، اغتسل ، وصلى ثمان ركعات شكرا لله عزّ وجلّ " تعظيم قدر الصلاة (ص: 240).

جميع أعمال الصلاة توحيد وتعظيم لله:
قال أبو عبد الله محمد المروزي: " فلا عمل بعد توحيد الله أفضل من الصلاة لله؛ لأنه افتتحها بالتوحيد والتعظيم لله بالتكبير، ثم الثناء على الله ، وهي قراءة فاتحة الكتاب، وهي حمد لله وثناء عليه وتمجيد له ودعاء ، وكذلك التسبيح في الركوع والسجود والتكبيرات عند كل خفض ورفعن كل ذلك توحيد له وتعظيم له، وختمها بالشهادة له بالتوحيد، ولرسوله بالرسالة، وركوعها، وسجودها، خشوعا له، وتواضعا، ورفع اليدين عند الافتتاح والركوع، ورفع الرأس، تعظيما لله وإجلالا له ، ووضع اليمين على الشمال بالانتصاب لله، تذليلا له، وإذعانا بالعبودية " تعظيم قدر الصلاة (ص:268).

بالصلاة تميز المنافق من المؤمن يوم العرض:
قال أبو عبد الله محمد المروزي: " أنّ المنافقين ميزوا يوم القيامة من المؤمنين بالسجود، قال تعالى: { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } [القلم : 42- 43] ، وذلك أن المؤمنين لما نظروا إلى ربهم، خروا له سجداً ، ودعى المنافقون إلى السجود، فأرادوه، فلم يستطيعوا، حيل بينهم وبين ذلك عقوبة لتركهم السجود لله في الدنيا، { وهم سالمون } القلم (43)، مما حدث في ظهورهم مما حال بينهم وبين السجود " تعظيم قدر الصلاة (ص: 296).
فضل ساعات الصلاة على غيرها:
قال أبو عبد الله المروزي: " وفضل الله ساعات الصلوات على سائر الساعات ، اختارها ليناجيه عباده فيها لصلاحهم " تعظيم قدر الصلاة (ص:334).
قال أبو عبد الله : " جعل البقعة التي يصلي عليها المؤمن هي الباكية عليه دون سائل البقع " تعظيم قدر الصلاة (ص:334).
قال أبو عبد الله : " وشهد الله بالإيمان لمن أقام الصلاة لربه فقال : { إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر } [ التوبة 18 ] تعظيم قدر الصلاة (ص:334).
قال : " وسماها الله إيمانا، وإسلاما، ودينا، فقال : ] وما كان الله ليضيع إيمانكم [ البقرة (143) . تعظيم قدر الصلاة (ص:341).

بالاهتمام بالصلاة يكمّل الإيمان وسائر الطاعات:
قال المروزي: " وصف الله عزّ وجلّ المؤمنين بالأعمال، ثم ألزمهم حقيقة الإيمان، ووصفهم بها بعد قيامهم بالإعمال من الصلاة والزكاة وغيرهما ..." تعظيم قدر الصلاة (ص:356).
قال ابن تيمية: " ومحتاج في السنن الرواتب إلى تكميل فرضه ؛ فإن الرواتب مكملات للفرض " مجموع فتاوى ابن تيمية (5/309).
وكان الحسن البصري إذا دخل السوق سمع لغطهم ولغوهم قال: " ما أظن ليل هؤلاء إلا ليل سوء، أما يقيلون؟ " الصلاة والتهجد لابن الخراط (ص:308).

الحث على الإتيان بالنّوافل والتحذير من التساهل بها:
قال ابن القيم: " إن القربات من النوافل صلاح فلو كان الصلاح واجبا وجب وجوب الفرائض "مفتاح دار السعادة (2/52).
قال ابن القيم " ومن عطل لها مصلحة راجحة كالسنن الرواتب والعلم النافع والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنفع العظيم المتعدي فهو ناقص" مدارج السالكين ( 3/113).
قال ابن القيم: " تزكية النفوس مسلم إلى الرسل وإنما بعثهم الله لهذه التزكية وولاهم إياها وجعلها على أيديهم دعوة وتعليما وبيانا وإرشادا لا خلقا ولا إلهاما فهم المبعوثون لعلاج نفوس الأمم" مدارج السالكين (2/315).
سئل رحمه الله عمن لا يواظب على السنن الرواتب ؟ .
الجواب: فأجاب : " من أصر على تركها دل ذلك على قلة دينه وردت شهادته في مذهب أحمد والشافعي وغيرهما " مجموع فتاوى ابن تيمية (5 / 289).
وقال الحسن : " نهارك ضيفك فأحسن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك ، وإن أسأت إليه ارتحل بذمّك، وكذلك ليلك " الصلاة والتهجد ( 353).


المتزكون بالصلاة:
قال الحسن : " لقد صحبت أقواما يبيتون لربهم في سواد الليل سجّدا وقياما، يقومون هذا الليل على أطرافهم، تسيل دموعهم على خدودهم، فمرة ركعا ومرة سجداً ، يناجون ربهم في فكاك رقابهم، لم يملّوا كلال السهر لما خالط قلوبهم من حسن الرجاء في يوم المرجع، فأصبح القوم بما أصابوا من النصب لله في أبدانهم فرحين، وبما يأملون من حسن ثوابه مستبشرين، فرحم الله امرأ نافسهم في مثل هذه الأعمال، ولم يرض من نفسه بالتقصير في أمره واليسير من فعله، فإن الدنيا من أهلها منقطعة، والأعمال على أهلها مردودة. .. ثم يبكى حتى يبل لحيته من دعومه " الصلاة والتهجد للاشبيلي المعروف بابن الخراط (ص375).
قال الحسن: " ‘ن لله عباداً هم والجنة معاً كمن رآها، فهم فيها متنعمونن وهم والنار معاً كمن رآها، فهم فيها معذبون، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، أما الليل فصافّي أقدامهم مفترشي جباههم، يناجون ربهم في فكاك رقابهم، وأما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء، قد براهم الخوف، فهم أمثال القداح ينظر الناظر إليهم فيقول: مرضى، وما هم بمرضى، ويقول: قد خولطوا، وما خولطوا، وقد خالط القوم أمر عظيم " الصلاة والتهجد (ص: 375).
وكان العلاء بن زياد كثير العبادة والاجتهاد، وكان يصوم حتى يخضر جسده، ويصلي حتى يسقط ، فقال له أنس بن مالك والحسن البصري: " إن الله عزّ وجلّ لم يأمرك بكل هذا ن فقال: إنما أنا عبد مملوك ، لا أدع شيئا من العبودية والاستكانة إلا أتيته " الصلاة والتهجد ( ص: 339).

منقول