مقولة : " إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام "

قال تعالى : {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} [النساء: 59]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى" قالوا: ومن يأبى؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى". أخرجه البخاري


الْعِلْمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسُولُه ... قَالَ الصَّحَابَةُ لَيْسَ خُلْفٌ فِيهِ
مَا الْعِلْمُ نَصْبُكَ لِلْخِلَافِ سَفَاهَةً ... بَيْنَ النُّصُوصِ وَبَيْنَ رَأْيِ سَفِيهِ
كَلَّا وَلَا نَصْبُ الْخِلَافِ جَهَالَةً ... بَيْنَ الرَّسُولِ وَبَيْنَ رَأْيِ فَقِيهِ

قال الإمام الألباني في الحديث حجة بنفسه :

" قال الإمام ابن القيم في "إعلام الموقعين" "1/58":
"أي لا تقولوا حتى يقول وتأمروا حتى يأمر ولا تفتوا حتى يفتي ولا تقطعوا أمرا حتى يكون هو الذي يحكم فيه ويمضي "
وقال أيضا "3/464 - 465":
" وقد كان السلف الطيب يشتد نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي أو قياس أو استحسان أو قول أحد من الناس كائنا من كان ويهجرون فاعل ذلك وينكرون على من ضرب له الأمثال ولا يسوغون غير الانقياد له صلى الله عليه وسلم والتسليم والتلقي بالسمع والطاعة ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل أو قياس أو يوافق قول فلان وفلان بل كانوا عاملين بقوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب: 36] وأمثاله "مما تقدم"
فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كذا وكذا يقول: من قال بهذا؟
دفعا في صدر الحديث ويجعل جهله بالقائل حجة له في مخالفته وترك العمل به ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل وأنه لا يحل له دفع سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الجهل وأقبح من ذلك عذره في جهله إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة وهذا سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبح من ذلك عذره في دعوى هذا الإجماع وهو جهله وعدم علمه بمن قال بالحديث فعاد الأمر إلى تقديم جهله على السنة والله المستعان

ولا يعرف إمام من أئمة الإسلام ألبتة قال: لا نعمل بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نعرف من عمل به، فإن جهل من بلغه الحديث من عمل به لم يحل له أن يعمل به كما يقول هذا القائل."
قلت ( الألباني ) : وإذا كان هذا حال من يخالف السنة وهو يظن أن العلماء اتفقوا على خلافها فكيف يكون حال من يخالفها إذا كان يعلم أن كثيرا من العلماء قد قالوا بها وأن من خالفها لا حجة له إلا من مثل تلك القواعد المشار إليها أو التقليد "
...
وقول الإمام السبكي في صدد المتمذهب بمذهب يجد حديثا لم يأخذ به مذهبه ولا علم قائلا به من غير مذهبه:
والأولى عندي اتباع الحديث وليفرض الإنسان نفسه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمع ذلك منه أيسعه التأخر عن العمل به؟ لا والله وكل أحد مكلف بحسب فهمه "
وقال الألباني رحمه الله : (( هل يتصور مسلم أنه وقف بين يدي الله تبارك وتعالى يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، يتصور المسلم هذا الموقف الرهيب إذا - قيل - له لماذا لم تعمل بهذا الحديث ؟ أو بذاك الحديث ؟ فهل يقول كما يقول للعبد منّا : والله أنا ما علمت من عمل به من أئمة المسلمين ؟- أليس رسول الله هو إمام المسلمين كلهم ؟ - فما الفرق بين أن تعرف أن إمام المسلمين جميعا قد قال هذا الحديث أو من دونه عمل بهذا الحديث ؟
-
لا هذه حجة داحضة مرفوضة لا تنفع قائلها يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )).
وقال الإمام الألباني في الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام (ص: 39) :
" إن رد الحديث الصحيح بالقياس أو غيره من القواعد التي سبق ذكرها مثل رده بمخالفة أهل المدينة له لهو مخالفة صريحة لتلك الآيات والأحاديث المتقدمة القاضية بوجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة عند الاختلاف والتنازع .
ومما لا شك فيه عند أهل العلم أن رد الحديث لمثل ما ذكرنا من القواعد ليس مما اتفق عليه أهل العلم كلهم بل إن جماهير العلماء يخالفون تلك القواعد ويقدمون عليها الحديث الصحيح اتباعا للكتاب والسنة كيف لا مع أن الواجب العمل بالحديث ولو مع ظن الاتفاق على خلافه أو عدم العلم بمن عمل به
قال الإمام الشافعي في "الرسالة" "ص 463/464": "ويجب أن يقبل الخبر في الوقت الذي ثبت فيه وإن لم يمض عمل من الأئمة بمثل الخبر".
وقد قال العلامة ابن القيم في "إعلام الموقعين" "1/32 - 33":
ولم يكن الإمام أحمد رحمه الله تعالى يقدم على الحديث الصحيح عملا ولا رأيا ولا قياسا ولا قول صاحب ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعا ويقدمونه على الحديث الصحيح وقد كذب أحمد من ادعى هذا الإجماع ولم يسغ تقديمه على الحديث الثابت .
وكذلك الشافعي أيضا نص في "رسالته الجديدة" على أن ما لا يعلم فيه بخلاف لا يقال له إجماع ...
ونصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها ما توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف ولو ساغ لتعطلت النصوص وساغ لكل من لم يعلم مخالفا في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص"

قال القنوجي في إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار (ص: 53) :

" فإذا كان العامي يسوغ له الأخذ بقول المفتي بل يجب عليه مع احتمال خطأ المفتي كيف لا يسوغ الأخذ بالحديث .
فلو كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان وفلان لكان قولهم شرطا في العمل بها وهذا من أبطل الباطل .
ولذا أقام الله تعالى الحجة برسوله ص دون آحاد الأمة ولا يفرض احتمال خطأ لمن عمل بالحديث وأفتى به بعد فهمه إلا وأضعاف أضعافه حاصل لمن أفتى بتقليد من لا يعلم خطأه من صوابه ويجوز عليه التناقض والاختلاف ويقول القول ويرجع عنه ويحكى عنه عدة أقوال وهذا كله فيمن له نوع أهلية .
وأما إذا لم يكن له أهلية ففرضه ما قال الله تعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} ."

قلت : فقد كنا ونحن شباب نطلب ممن يأتينا بقول لعالم ما الدليل عليه من السنة فإن جاءنا به قبلنا وإن لم يفعل توقفنا حتى نعلم فيه سنة . ثم أصبحنا اليوم نطالب بعمل العالم بالحديث فإن جئنا له به عمل بالحديث وإلا فلا !!!
تقول له يا أخي هذا نص كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولا معارض له فيقول من قال به من العلماء فإن لم يعلم من قال به توقف ولم يعمل به ! .
وكل هذا إن كان ممن يتكلم في حكم الحديث له أهليه الاىستنباط من طلاب العلم وإلا " فلا تقف ما ليس لك به علم "
والله أعلم