صفات يجب أن تتوفر في المتصدي للعمل التطوعي
حمدي أبو بري



حث القرآن الكريم على بذل الجهد والتطوع، حيث تشير آياته الكريمة إلى ذلك قال الله - تعالى -: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم). وقال - تعالى -: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له وأن تصوموا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون).
هكذا جعل الله - سبحانه وتعالى - ثواب التطوع فيما فرض من فرائض، ألا وهي الحج والصوم، فالله شاكر عليم؛ أي انتظروا الثواب الجزيل.
وفي الآية الثانية: (فهو خير لكم) فبالله عليكم، كيف تتخيلون الخير الذي يبشر به رب العباد؟! فهذه بعض ثمرات وآثار التطوع في سبيل الله على الفرد والمجتمع.
لذا فعندما ننظر للتطوع من منظور إسلامي نجد له المكانة السامية؛ فهو عمل الخير، و في محكم التنزيل يقول رب العزة والجلال بسورة المزمل: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً).
فقد عظم الله أجر عمل الخير. والخير مفهوم لا يختلف حوله اثنان، بداية من إماطة الأذى عن الطريق، ومساعدة كفيف يمر بالشارع، والمساعدة لمن يحمل ثقلا في أي مكان، مرورا بتقديم النصيحة أو المساعدة على فهم غامض من الأمور، وصولا لبذل المال والجهد من أجل الآخرين، وبين هذا وذاك من يتطوع بعلاج المرضى أو الجرحى، أو تقديم المساعدة الحياتية لمن عجز عن خدمة نفسه، وهكذا تتعدد صور العمل التطوعي.
ولهذا وجب أن تتوافر في المتطوع عدة صفات وقدرات، منها: أن يكون حسن السيرة والسلوك، مؤمنا بالعمل التطوعي ومندفعا فيه، مؤمنا بضرورة العمل بانسجام مع زملائه الآخرين بشكل فعال يخدم العمل التطوعي، مع الالتزام بالأعمال والمهام التي يكلف بها، قادرا على المشاركة بالجهد والوقت في تنفيذ الأعمال الموكلة إليه، والاستعداد والقابلية الذاتية لممارسة العمل التطوعي، أمينا على ما يطلع عليه من معلومات في الجهة المكلف بالتعاون معها، مؤهلا وقادرا على تقديم الخدمة المطلوبة منه.
وإذا تحدثنا عن مردوده على القائم به، سنجده يتراوح بين الرضا النفسي الذي يحقق السعادة الداخلية، وما أعظم ذلك عند من يحتاجه أو يقدره! فالملايين يفتقدون تلك السعادة النابعة من الرضا مهما كانت معهم من ملايين الريالات أو الدولارات أو الجنيهات، هذا الرضا هو الذي يدفع بصاحبه لبذل المزيد من العمل التطوعي الذي يقوم به، وصولا للمزيد من هذا الرضا وتلك السعادة التي لا تدانيها سعادة؛ لذا فهم يحاولون قدر استطاعتهم تأدية ذلك في الخفاء؛ كي لا يعلم بهم أحد، ويتبقى للقائم بالتطوع الثواب من الله، وهو الذي بشر به في كثير من آياته الكريمة، أو تحدث عنه نبيه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - .
وفي الحديث يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الصدقة لتطفئ عند أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته)).
ومن هنا أصبح لزاماً على المسلمين أن يُحيوا سنة الصدقة والتطوع التي حث عليها الإسلام، وأن يعتنوا بهذا العمل التطوعي، امتداداً لقيم التكامل والتكافل الاجتماعي التي دعا إليها الإسلام، مع مراعاة شمولية الخدمة التطوعية في جميع مجالات الحياة، ومنها كفالة الأيتام، والسعي على الأرامل، وإطعام المساكين، ومناصرة الضعفاء وغيرهم من ذوي الاحتياجات والضرورات الملحة.
و كذلك العمل التطوعي لدرء الحاجات المفاجئة كالفيضانات والكوارث والأمراض الوبائية، ونحو ذلك.
ليس هذا فقط؛ بل ـ أيضا ـ غرس حب العمل التطوعي في نفوس الأبناء و تحفيزهم، فهناك أهمية قصوى في ربط موضوع التطوع بالأبناء باعتبارهم عتاد الأمة، والجيل القادم لأخذ المبادرة في قيادة هذه الأمة، وغرس السلوكيات التطوعية الخيرية. مع التركيز على الجوانب المهارية التي يمكن أن يكتسبها الأبناء في مفهوم العمل التطوعي وفوائده وتطبيقاته، ومردوده النفسي والتربوي والاقتصادي، بين الرضا الذاتي والثواب الإلهي