القدوة الصالحة

القدوات ثلاثة, رسول ومجتمع ومنهج, ولا شك أن منهج الإسلام هو المنهج القدوة للبشرية بلا خلاف, حيث أنه التصور الحق الباقي من لدن رب العالمين, وأمّا المجتمع فمهم جداً أن يكون هناك مجتمع قدوة, عبادة ساكنيه وحراكهم المجتمعي مستقىً من الإسلام, ثم الرسول القدوة صلى الله عليه وسلم, والذي كان خلقه القرآن كما قالت عائشة رضي الله عنها.
وحديثنا هنا عن المسلم القدوة الذي تيقن وعلم أن أكبر ما كان يؤثر به صلى الله عليه وسلم على صحابته وغيرهم هو كونه قدوة, يفعل ما يقول, وكان أتقاهم لله بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
ولذا فعلينا أن نسأل أنفسنا سؤالاً مهماً وهو ما فائدة ترديد البعض منا لحبهم وتعظيمهم للدين دون أن يكون لهذا الحب والتعظيم رصيداً من الواقع العملي, يراه الناس فيلمسون ويعرفون منه محاسن هذا الدين, خاصة ونحن في زمن أضحت البشرية فيه أكثر نضوجاً وفهماً لقضية ارتباط النظرية بالتطبيق, وارتباط الجانب القلبي النظري بالجانب المادي العملي في كل شئون الحياة, حيث اتفق الناس أنه:
- لا مصداقية ولا ثقة عندهم لتاجر لا أمانة له, ولا حدود لجشعه وطمعه وأنانيته, وهو تاجر لا محالة فاشل, وتجارة لا محالة كاسدة, وفرار الناس من التعامل معه هو ما يشيعه الناس بينهم.
- وكذلك لا مصداقية عند الناس لمعلم يقول لطلابه خلاف ما يفعل, فيأمرهم بالصدق وهو كذوب, ويحثهم على الصلاة وهو غافل, ويدفعهم إلى النشاط والعمل وهو كسول, يتأخر دائماً عن الحضور إلى المدرسة والفصل, فهذا أبعد من أن يكون قدوة أو ينشر خيراً أو يدل إليه.
- وهكذا فلا مصداقية لمسئول يطلب التميز في أداء موظفيه, وهو لا يحسن أداء عمله, ولا أولويات لديه, هادراً للأوقات والأموال, ضعيف المتابعة وضعيف الملاحظة, فهذا حري بأن يضيع من يعول من أهل بيته فضلاً عن إضاعة حقوق عمله وموظفيه.
ولقد صدق شعيب عليه السلام حينما قال لقومه وهو يدعوهم إلى الله تعالى: (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه), فبين في كلمته الموجزة بعده وبغضه عن الفصام النكد بين القول والفعل وبين النظرية والتطبيق, قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لما تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون), وهكذا سائر رسل الله عليهم الصلاة والسلام الذين عظموا شعائر الله تعالى بقلوبهم, وكذلك عظموها بإقامتها في حياتهم واقعاً يشهده الناس, سواء كانت هذه الشعائر عبادات محضة, أو كانت معاملات بينهم وبين العباد.
فلنرفع جميعنا هذا الشعار عالياً, شعار "كن قدوة صالحة", ولنتعاهد أنفسنا بالترقي في مجال القدوة الصالحة, يوما بعد يوم, في جانبي حياتنا الكبيرين, العبادة والمعاملة.
منقول