"إن للإسلام صوى، ومنارا كمنار الطريق من ذلك أن يعبد الله لا يشرك به شيئا، وتقام الصلاة، وتؤتى الزكاة، ويحج البيت، ويصام رمضان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتسليمك على أهل بيتك إذا دخلت عليهم، وتسليمك على بني آدم إذا لقيتهم، فإن ردوا عليك ردت عليهم الملائكة، وإن لم يردوا عليك ردت عليك الملائكة ولعنتهم أو سكتت عنهم ومن انتقص منهن شيئا فهو سهم من الإسلام تركه ومن نبذهن فقد ولى الإسلام ظهره".

إسناده ضعيف - أخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (405)، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 217 من طريق روح بن عبادة، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (160)، والطبراني في "مسند الشاميين" (429) من طريق عيسى بن يونس، والحاكم 1/ 20-21 و 21 - وعنه البيهقي في "الشعب" (8458) -، والشجري في "الأمالي الخميسية" (172) من طريق الوليد بن مسلم، وابن شاهين في "فضائل الأعمال" (487) من طريق محمد بن عيسى بن سميع، أربعتهم عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي هريرة، عن النبي ، قال: فذكره.
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح على شرط البخاري!" وسكت عنه الحافظ الذهبي.
وأنّى له الصحة فضلا عن أن يكون على شرط البخاري، فإن بين خالد بن معدان وأبي هريرة: رجل - كما سيأتي بيانه - وقال ابن أبي حاتم في "المراسيل" (187):
"سمعت أبي وسألته عن خالد بن معدان عن أبي هريرة متصل؟ فقال: قد أدرك أبا هريرة ولا يذكر سماع".
وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ" (532)، وفي "الإيمان" (3) - ومن طريقه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1688)، وعبد الغني المقدسي في "الأمر بالمعروف" (9) - عن يحيى بن سعيد القطان، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن رجل، عن أبي هريرة، عن النبي به.
وقال القاسم بن سلام في "الناسخ":
"قال رجل ليحيى: إن عيسى بن يونس يحدثه عن ثور، عن خالد بن معدان، عن أبي هريرة، عن النبي ، فأنكر ذلك يحيى ورده".
وهذا ينضم إلى ما تقدّم عن أبي حاتم، فيحيى بن سعيد القطان إمام أهل الحديث غير مدافع، ومنه يؤخد العلم، وعليه المعوّل في معرفة ثقات المحدثين وضعفائهم، وإليه المنتهى في معرفة صحيح الحديث من سقيمه.
تنبيه:
جاء في مطبوع "الإيمان" للقاسم بن سلام: (يحيى بن سعيد العطار) بدلا عن (يحيى بن سعيد القطان)! مع أن محققه - الشيخ الألباني - قال:
"الأصل (القطان)، والتصحيح من "الأمر بالمعروف" للحافظ المقدسي...".
وعليه مؤاخذات:
الأولى: أن الذي في "الأمر بالمعروف" للمقدسي"، وكذا في "شرح أصول الاعتقاد" (1688) لللالكائي: (القطان) وليس العطار.
الثانية: أنه ليس من شيوخ القاسم بن سلام: العطار، إنما هو القطان.
الثالثة: أنه ليس في تلاميذ ثور بن يزيد: العطار، إنما هو القطان.
الرابعة: العطار لا شأن له في الكلام في الرجال ومعرفة صحيح الحديث من سقيمه إذ هو ضعيف، فمن المستبعد جدا أن يستشهد أبو عبيد بكلام العطار في إنكاره رواية عيسى بن يونس.
الخامسة: أنه ما دام الأصل (القطان) فلا يجوز العدول عنه، فالواجب إثبات ما في الأصل، ثم للمحقق أن يذكر ما يشاء في الحاشية.
وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1954) حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن أبي الدرداء، عن النبي ، قال:
"إن للإسلام صوى وعلامات كمنار الطريق، فرأسها وجمالها شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وتمام الوضوء، والحكم بكتاب الله، وسنة نبيه ، وطاعة ولاة الأمر، وتسليمكم على أنفسكم، وتسليمكم إذا دخلتم بيوتكم، وتسليمكم على بني آدم إذا لقيتموهم".
وهذا إسناد ضعيف أيضا، وفيه علل:
الأولى: أبو الزاهرية وهو حدير بن كريب، قال أبو حاتم كما في "المراسيل" (173):
"أبو الزاهرية عن أبي الدرداء مرسل".
والثانية: عبد الله بن صالح: كاتب الليث، صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة كما في "التقريب"، وقال المعلمي في تعليقه على "الفوائد المجموعة" (ص 244):
"عبد الله بن صالح أدخلت عليه أحاديث عديدة، فلا اعتداد الا بما رواه المتثبتون عنه بعد اطلاعهم عليه في أصله الذي لا ريب فيه".
والثالثة: بكر بن سهل: ضعيف، قال العلامة المعلمي في تعليقه على "الفوائد المجموعة" (ص 244):
"بكر بن سهل ضعفه النسائي، وهو أهل ذلك فإن له أوابد".
وقال الشيخ الألباني في "الصحيحة" 1/ 653:
"أخرجه ابن دوست في "الأمالي" (ق 118 / 2) من طريقين عن عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية عنه".
قلت: فغاية ما في رواية ابن دوست متابعة بكر بن سهل، فيبقى الحديث على ضعفه للانقطاع، وضعف كاتب الليث.