قراءات بلاغية في الآيات
زياد أبو رجائي


قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (سبأ : 24 )

فاستعملت على في جانب الحق وفي جانب الضلال لأن صاحب الحق مستعمل يصرف نظره كيف شاء، وصاحب الباطل كأنه منغمس في ظلام منخفض لا يدري أين يتوجه.



وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (الكهف : 19 )

عطف على الجمل الأول بالفاء والأخيرة بالواوولما انقطع نظام الترتيب، لأن التلطف غير مرتب على الإتيان بالطعام كما كان الإتيان به مترتباً على النظر فيه مترتباً على التوجه في طلبه، والتوجه في طلبه مترتباً على قطع الجدال في المسئلة عن مدة اللبث وتسليم العلم له تعالى



إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَة ِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة : 60 )
عدل عن اللام إلى في الأربعة الأخيرة إيذاناً إلى أنهم أكثر استحقاقاً للمتصدق عليهم بمن سبق ذكره باللام، لأن، في الوعاء، فنبه باستعمالها على أنهم أحقاء بأن يجعلوا مظنة لوضع الصدقات فيهم كما يوضع الشيء في وعاء مستقر فيه



[إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ
وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا
وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا] {المائدة:6}

فأتى بإذا في الوضوء لتكرره وكثرة أسبابه، وبأن في الجنابة لندرة وقوعها بالنسبة إلى الحدث لأن القاعدة تقول :
تختص إذا بدخولها على المتيقن والكثير الوقوع، بخلاف إن فإنها تستعمل في المشكوك والنادر



[فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا] {الأعراف:131}
[وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ] {الرُّوم:36}
أتى في جانب الحسنة بإذا لأن نعم الله على العباد كثيرة ومقطوع بها، وإن فيجانب السيئة لأنها نادرة الوقوع ومشكوك فيها



[وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ] {آل عمران:144}
فأتى بإن مع أن الموت محقق الوقوع ؟!
لان الموت لما كان مجهول الوقت أجرى مجرى غير المجزوم
[وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ
إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ] {الرُّوم:33}
فأتى بإذا في الطرفين ؟!!
لأنه قصد التوبيخ والتقريع فأتى بإذا ليكون تخويفاً لهم وإخباراً لهم وإخباراً بأنهم لا بد أن يمسهم شيء من العذاب، واستفيد التقليل من لفظ المس وتنكير ضر


[وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ
وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ] {فصِّلت:51}

لأن الضمير في مسه للمعرض المتكبر لا لمطلق الإنسان، ويكون لفظ إذا للتنبه على أن مثل هذا المعرض يكون ابتلاؤه بالشر مقطوعاً به