تغازلني المنية من قريب
[الكاتب: أبو إسحاق الألبيري]
تُغازِلُني الَمنيَّةُ مِن قَريبِ ***** وَتَلحَظُني مُلاحَظَةَ الرَقيبِ
وَتَنشُرُ لي كِتاباً فيهِ طَيِّي ***** بِخَطِّ الدَهرِ أَسطُرُهُ مَشيبي
كِتابٌ في مَعانيهِ غُموضٌ ***** يَلوحُ لِكُلِّ أَوّابٍ مُنيبِ
أرى الأَعصارَ تَعصِرُ ماَء عودي ***** وَقِدماً كُنتُ رَيّانَ القَضيبِ
أَدَالَ الشَيبُ يا صاحِ شَبابي ***** فَعُوِّضتُ البَغيضَ مِنَ الحَبيبِ
وَبَدَّلتُ التَثاقُلَ مِن نَشاطي ***** وَمِن حُسنِ النَضارَةِ بِالشُحوبِ
كَذاكَ الشَمسُ يَعلوها اِصفِرارٌ ***** إِذا جَنَحَت وَمالَت لِلغُروبِ
تُحارِبُنا جُنودٌ لا تُجارى ***** وَلا تُلقى بِآسادِ الحُروبِ
هِيَ الأَقدارُ والآجالُ تأتي ***** فَتَنزِلُ بِالمُطَبَّبِ وَالطَبيبِ
تُفَوِّقُ أَسهُماً عَن قَوسِ غَيبٍ ***** وَما أَغراضُها غَيرُ القُلوبِ
فَأَنّى بِاِحتِراسٍ مِن جُنودٍ ***** مُؤَيَّدَةٍ تُمَدُّ مِنَ الغُيوبِ
وَما آسى عَلى الدُنيا وَلَكِن ***** عَلى ما قَد رَكِبتُ مِنَ الذُنوبِ
فَيا لَهَفي عَلى طولِ اِغتِراري ***** وَيا وَيحي مِنَ اليَومِ العَصيبِ
إِذا أَنا لَم أَنُح نَفسي وَأَبكي ***** عَلى حوبي بَتَهتانٍ سَكوبِ
فَمَن هَذا الَّذي بَعدي سَيَبكي ***** عَلَيها مِن بَعيدٍ أَو قَريبِ
منقول