بيوت المسلمين كثر فيها الفتن والمحرمات والمشاكل !

على بن محمد ونوس




ولكل مخالفة عقوبة كما أن لكل طاعة ثواب، بل وهناك بيوت ليس فيها الرحمة، فتجد الكبير لا
يرحم الصغير ولا يقبله ولا يلاعبه، و لا يعلمه، بل وقد تجد ليس هناك لغة حوار بين أفراد الأسرة، بل ولا حتى الأدب مع بعضهم البعض لدرجة أنك قد تدخل بيت تجد الرجل فيه متزوج من امرأة منذ أكثر من خمس وعشرون سنه، ولهم ستة بنات وولد ولم يقل لها أبداً أحسنتِ.
كلمة بسيطة ولكن لهذه الدرجة صرنا لا نحسن معاملة زوجاتنا، لهذه الدرجة صرنا نأكل حقوقهن، لهذه الدرجة صرنا نظلمهن، هل يستطيع أحد تخيل هذا الزواج؟ هل يستطيع أحد تخيل إلى أي حد ظلمت هذه المرأة؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ). وأحرج أي أضيق على الناس في تضييع حقهما وأشدد عليهم في ذلك، واحذر من ذلك تحذيرا بليغا وازجر عنه زجرا أكيدا.
هل يتخيل أحد وقع الكلمة في نفوس الناس؟ بل في نفوس زوجاتنا و أولادنا، بل هل تتخيل لو أن زوج يقول للزوجة أحسنتِ، أو جزاكِ الله خيراً، شكراً يا عزيزتي، يا زوجتي، يا أم أولادي، يا حبيبتي، قال النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ‏: (لاَ يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ) لا أقول للطعام فقط، بل كلما أحسَنَتْ، بل وكلما نطقت بالحق، استمع لها، وناقشها، ولا تهمل كلامها، أو لا ترد عليه، وأقبل نصيحتها، وإن لم يعجبك لا تعارضها معارضة الرجل للرجل، أو معارضة الرجل للعدو، اتقى الله، بل عارضها بكلام مهذب، طيب، رقيق، قل لها: إن شاء الله سأفكر في رأيكِ، وافعل ما فيه الخير، ولو كان في الغضب رعاك الله. نعم إن شدّت لَنْ أنت، وإن حزنت أسعدها أنت، وإن بكت امسح دموعها بيدك أنت، وان وضعت رأسها بين يديها خذ يديها وضعها بين حضنك أنت، أشعرها أنك دُنيتها الواسعة، وإن ضاقت بكم الدنيا، وأشعرها انك سعادتها، وإن تكاثرت عليكم التعاسة، وأشعرها بالحب وإن كرهكم الناس، ودائماً طمئنها وإن لم يكن من ضيقتكم مخرج، ألم يصلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (بَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا وَيَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا). فإن قالت: أنت لا تعلم الغيب، قل لها: ظني بالله حَسن، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ اللهُ - عز وجل -: (أنا عِندَ ظَنِّ عَبدي بي، فَليَظُنَّ بي ما شاء الله).
كُن لها خير زوج، وخير ناصح، كن لها حبيب، حبها وتغزل فيها، كن نبع حب وحنان ورحمة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارحَمُوا مَنْ فِي الأرض يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ).
ودائماً أوصي أولادك بها، وكبّر شأنها في أعينهم، وذكرهم بحقها عليهم وعليك، اجعلها تشعر أنها ملكة، وبحق هي ملكة لا يستغني عنها الزوج والولد والدار، وأدع الله لها في صلاتك، وأطلب منك أن يعينك على سعادتها، وأن يبركما أولادكم، فقلد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ دَعَا لأخَيهَ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ) فكيف بمن دعا لزوجته.
قال الله جل و علا: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: "هذا من جملة ما يدعو به عباد الرحمن، الذين ذكر الله أوصافهم في آخر سورة الفرقان: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) إلى أن قال: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ). (هَبْ لَنَا) يعني أعطنا و(الأزواج) جمع زوج، وهو صالح للذكر والأنثى، فهذا الدعاء: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) كما هو صالح للرجال صالح للنساء أيضاً. (قُرَّةَ أَعْيُنٍ) في المرأة أنك إذا نظرت إليها سرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في مالك وفي ولدك، وإذا بحثت عنها وجدتها قانتة لله: (فَالصَّالِحَات قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)، فهذه تسر زوجها. أ. هـ.