كيف تخالف غيرك مع الاحتفاظ بوده..؟
كثيرا ما يقول المختلفون :الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية
وهي قاعدة شريفة..لو كان لها رجال!
فكيف يصار إلى العمل بها ونحن أمة العدل..ولاسيما في وسط طلبة العلم وأهله؟
هذا ما سأحاول الإجابة عليه باختصار قد يكون مخلّا..
أول شيء-حدد نوع المسألة المختلف فيها..أهي مما يسوغ الاختلاف فيها؟
وضابط ذلك أن يكون مما اختلف فيه السلف خاصة..قل في ذلك الخلاف أو كثر..
فإذا كان محل النزاع مما سبق فيه الخلاف في القرون المفضلة..فتصور أن منازعك هو الأوزاعي أو الليث أو مكحول أو عطاء أو النخعي أو ابن سيرين ..إلخ
ثانيا-تذكر -وهذا أهم من الأول-أن الغاية الأسمى الوصول للحق....فإنه لو شاب هذا الأصل دخَل..كنت مماريا بالباطل وإن كان كلامك حقا محضا
ثالثا-اعلم أن أخاك الذي تخالفه..ليس نسخة مكرورة منك..بل له كِيانه وعلمه وتربيته
وما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه..
رابعا-تزوّد بقدر عال من حُسن الظن..فإنه عصمة من نزغ الشيطان
حتى لو أدى بك إلى التغابي أحيانا..فإذا لم تستطع حسن الظن بأخيك المسلم فتكلفه تكلفا
خامسا-إذا شعرت أن الجدال أخذ منحى يحيد عن الغاية العليا..فاصمت وكفّ وأقصر
لتحفظ لنفسك خط رجعة إلى الود الذي كاد أن يفسد واستحضر في هذا حديث "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا"
سادسا-ادع لنفسك ولمحاورك في نفسك بالهداية للسداد..ولكن بصدق!
وفي الأثر الصحيح:اللهم اهدنا وسددنا من حديث علي رضي الله عنه
سابعا-عليك بقاعدة الشافعي الذهبية :ماناظرت أحدا إلا وددت أن يظهر الله الحق على لسانه
فإنها قاعدة تنضح بنور الإخلاص..وقاعدته الأخرى المكمّلة لها:ألا يسعنا أن نكون إخوانا وإن اختلفنا في مسألة؟
ثامنا-اعلم أن رجوعك إلى قول محاورك ليس من الضعف العلمي في شيء..بل قوة علمية لا يستطيعها إلا من نوّر الله بصائرهم بالحق..فأجراه على ألسنتهم..
هو والله قوة علمية قد امتزجت بالإخلاص..فتولّد منهما رفعة وعزة..
ولأن يفحمك وتكسبه أخا مسلما محبا خير لك من أن تفحمه وتخسره
تاسعا-إذا وصل النقاش إلى جزء تجهله ثم وجدت محاورك أدلى بحجة تقتضي مزيد علم لدفع قوله..
فقل -ولو في نفسك-لا أدري ولا أعلم وأخواتها فقد يكون هذا الفارق الذي جهلته وإن كان يسيرا مرجحا لقوله
وإن كنت في الجملة أعلم منه"ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"
عاشرا-لا تلتفت إلى نظر الناس الذي يرون محاورتك إياه..
فإن ذلك يشوش عليك نيتك..وإن بدا كلامك لطيفا معه
بل راقب ربك عز وجل..ناويا في حواره العمل بحديث "الدين النصيحة قيل لمن..قال عليه الصلاة والسلام:لله وسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"..
-لا تكن واثقا جدا كأن قولك صواب لا يحتمل الخطأ بل أقول
إياك أن يدخل عليك الشيطان من مدخل إعمال قول الشافعي:قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب..فذلك لمن بلغ درجة رفيعة سامقة في العلم
بل اجعل الكفتين سواء..إلا أن يكون محل النقاش المتنازع فيه..فيه دليل واضح عندك..وهو يفتقر لديل مضاد
والله أعلم