تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الاعتكاف وأحكامه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي الاعتكاف وأحكامه

    الاعتكاف وأحكامه (1)

    إن الاعتكاف: وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى من أعظم القربات والخيرات، حتى أن العلماء لما ذكروا أن العبادة ذات النفع المتعدي أفضل من ذات النفع اللازم، إلا الواجبات التي لا بد من القيام بها، فإنهم استثنوا الاعتكاف من هذه القاعدة، وقالوا: إن الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان أفضل من تعليم العلم، مع أن تعليم العلم في الأصل أفضل لأن نفعه متعد، وليس بقاصر على الشخص، والاعتكاف نفعه قاصر على الشخص، لكن لفضل الاعتكاف، وعظم أجر الاعتكاف قالوا: بأن الاعتكاف في ليالي العشر الأواخر من رمضان يقدم على تعليم العلم، ومجالس الإقراء، والحديث؛ لفضله، وأجره، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم له، ومواظبته عليه، و لما فيه من إصابة ليلة القدر، لأن الذي يعتكف العشر الأواخر سيصيبها قطعاً.

    إن الاعتكاف خلوة هذه الأمة، فقد كان الرهبان يعكفون في المغارات، والكهوف، لكن في ديننا ليس هنالك رهبانية مبتدعة، فمعنى الخلوة أين يكون؟ الخلوة بالله مهمة، فيكون في مثل الاعتكاف، ويكون في مثل قوله عليه الصلاة والسلام «ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه»
    لكن لا يلزم من هذه الخلوة ترك المجتمع، والتباعد عن الأهل بالكلية، لا، بل يقوم بحقوق الناس، لكن هذه الأيام تعد لها عدتها.
    هذا الاعتكاف فيه قطع العلائق عن الخلائق، والاشتغال بعبادة الخالق، هذا الاعتكاف فيه تقوية الصلة بالله، والأنس به سبحانه، هذا الانقطاع لله يورث في النفس فرحاً، هذا الاعتكاف الذي صار في كثير من الأماكن سنة مجهولة قل من الناس من يفعله،
    وبعضهم يستصعبه جداً فإذا جربه مرة وجد له حلاوة، وقد يقول: وكيف أنام، وكيف آكل، وأين، ولكن المسألة سهلة؛ لأن هذا الحطام الفاني إذا خالف الإنسان فيه عاداته المألوفة لله تعالى؛ دربه ذلك على خير كثير، وصارت تربية لنفسه، هذا الذي يتباعد عن لذة الراحة، وشهوة الزوجة، لتطمئن نفسه بقراءة القرآن، والتوبة، والمحاسبة، وعمارة الوقت بالطاعة، فيحمي قلبه من كثيرة الخلطة، وكثرة النوم، هذا الذي يجعله صحيح القلب، بل حتى فيه صحة للجسد، هذا الذي يكون في بيوت الله {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [سورة البقرة: 187] هذه المساجد التي تتفاوت في فضلها بأقدميتها، وكثرة عدد من فيها، وأفضلها المساجد الثلاثة، ولذلك جاء التأكيد على الاعتكاف فيها، {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [سورة التوبة: 108] هذه الأقدمية، وبيت الله الحرام أول بيت وضع للناس، وهو رأس المساجد في العالم الذي يعتكف فيه المسلم.

    والاعتكاف يمكن أن يكون يوماً وليلة، وهو صائم، بل يمكن أن يكون ليلة عند عدد من العلماء من المغرب إلى الفجر، فهذا ينتفع به الموظف الذي لا يستطيع أن يعتكف العشر، فيعتكف في آخر الأسبوع، وكذلك يعتكف ليلة، بل إنه لو أخذ إجازة رسمية من العمل لأجل الاعتكاف لم يكن ذلك بشيء كثير، بل هو قليل فيما يكون من أجره وثوابه، ولكن تضييع الأعمال سواء كانت إمامة المساجد، أو الوفاء بالعقود، لا يجوز من أجل الاعتكاف؛ لأن ذاك واجبٌ، وهذا مستحب.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: الاعتكاف وأحكامه


    الاعتكاف وأحكامه (2)



    الحمد لله أهل التقوى وأهل المغفرة، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، رب الأولين والآخرين، وخالق الدنيا والآخرة، أشهد أنه الحي القيوم، رحمنا ووفقنا لأن نكون من المسلمين، وفتح لنا أبواب الطاعات، وأنعم على من يدخلها بالخير العميم والثواب الجزيل، فهو رب كريم سبحانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأمين، صادق الوعد، إمام الحنفاء، وحامل لواء الحمد، صاحب الحوض المورود، والشافع المشفع يوم الدين، حبيبنا وإمامنا وقدوتنا، وأسوتنا وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم صل وسلم وبارك عليه، اللهم اجعلنا من أهل سنته، اللهم اجعلنا من أتباعه، اللهم اجعلنا من حملة شريعته، اللهم اجعلنا به مقتدين، وعلى طريقه سائرين وعلى سنته وبها مستمسكين إلى مماتنا نبعث عليها يوم الدين، وأشهد أنه الرحمة المهداه مصطفى الله من خلقه، وأمينه على وحيه، اللهم صل وسلم عليه، وعلى آله، وخلفائه، وأزواجه، وذريته الطيبين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    من اعتكف في المسجد فلا يخرج منه إلا لحاجة لا بد منها؛ كقضاء الحاجة، وغسل الجنابة، والطعام إذا لم يوجد من يأتي به إليه، ويكون في أقرب الأماكن بأقصر الأوقات، ولذلك فإن العلماء قالوا: لا يزور المعتكف مريضاً أثناء اعتكافه، ولا يجيب دعوة، ولا يشهد جنازةً، والاشتراط مفيدٌ فيه بما لا يعود على الاعتكاف بالنقض، ويتنافى معه، ولذلك لا يجيز العلماء الاشتراط أن يخرج للعمل؛ لأن الخروج للعمل طويل يتنافى مع حقيقة الاعتكاف وشرط الاعتكاف، فإذا حصل له أثناء الاعتكاف ما يوجب خروجه من مرض شديد يحتاج إلى مداواة ونحو ذلك فإنه يخرج لأجل هذه الضرورة.
    عباد الله:

    إن كثرة النوم بالنهار، وتضييع الصلوات ليست من الدين، والاعتكاف يساعد على الالتزام بأوقات الصلوات الخمس، وليس من مقصوده أبداً إحضار ما هو خارج المسجد إلى داخل المسجد بالجوالات، والأجهزة، بل تفرغ وامتناع عن فضول الكلام، هو في الحقيقة رباط؛ لأنك تدرك به صلاة بعد صلاة في المسجد.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •