رمضان فى عيون الادباء
أنوارٌ رمضانية في رؤى شعرية
شمس الدين حسين درمش
لشهر رمضان مكانة خاصة عند المسلمين، فبقدومه تتغير مظاهر الحياة اليومية، ويحتشم كثير ممن لا يلتزمون بشعائر الدين في سائر أيام السنة كالصلوات الخمس المفروضة، فتراهم يحرصون على الصيام والصلاة في رمضان، مع أن أمر الصلاة أعظم. أما الملتزمون بالصلاة فإنهم يكونون في رمضان أكثر إقبالاً وخصوصاً لصلاة التراويح.
ولقد حدثتني نفسي كثيراً أن هذا المظهر في رمضان شاهد صدق عملي على حديث الرسول-صلى الله عليه وسلم-: (( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين)) (1) فلا أشك في أن إقبال كثير من المقصرين إلى المساجد والعبادات أثر من آثار تصفيد الشياطين، والغريب أن بعضاً من هؤلاء بعد رمضان يعودون إلى ما كانوا عليه من قبل.
وقد وجد هذا الشهر بمظاهره الروحانية الربانية القرآنية وقعاً في نفوس كثير من الشعراء المعاصرين؛ مما جعلهم يصوغون مشاعرهم في تقديرهم وإجلالهم لهذه الشعيرة العظيمة في قصائد نورانية شفيفة، يشع منها الصدق والإخلاص والإخبات.
ورمضان الذي يوحد العالم الإسلامي بصيامه وقيامه ومشاعر الأخوة فيه يوحد أحاسيس الشعراء أيضاً، فنجدهم يتفقون في التعبير عن المعاني والرؤى، والآمال والآلام مع تباعد المسافات فيما بينهم.
استقبال رمضان والترحيب به:
رمضان ضيف كريم، يهل على المسلمين ببشائر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، فيجد من الترحيب ما يستحقه مثله في جلاله ومكانته.
يقول الشاعر سعد عطية الغامدي (2) واصفاً جمال إشراقة رمضان أو إشراقة جماله فيقول:
أشرقت في سمائك الأكوان *** وازدهت في مسائك الألوان
وسرى في الوجود منك ائتلاق *** وجرى من معينك الإحسان
في نجاوى وذكريات حسان *** ونجاوى اليقين هن الحسان
ويفرح الشاعر ياسين الفيل(3) بمجيء رمضان، فتملك الفرحة عليه جوانحه فيراها في كل مكان، وفي كل شيء، فيقول:
رمضان جئت وفي مجيئك فرحة *** ليست بها أبداً تحيط عقول
هي فرحة الغرقى بحصن نجاتهم *** من بعد عدو أتعبته سيول
هي فرحة الأمناء يصعد صومهم *** لله، يطمع أن يتم قبول
هي فرحة فوق المآذن ينتشي *** بفيوضها عند الأذان قبيل
هي فرحة بالأجر يرفع كفة *** إن لفنا عند الحساب ذهول
هي فرحة أنا نصوم نهارنا *** والله جلّ بمن يصوم كفيل
والصوم يا رمضان كان ولم يزل *** أمل القلوب به يصح عليل
فلتأت بالبشرى لأكرم أمة *** في الأرض كرمها بك التنزيل
ولك التحية ما أقمت بأرضنا *** ولك التحية ما احتواك رحيل
فالحشد اللفظي لكلمة الفرحة لدى الشاعر ينم عن شعور غامر عارم بالاحتفاء بهذا الشهر الفضيل، فمجيئه فرحة، ويفرح به الغارقون في الذنوب ليتوبوا، وأذان الإفطار إعلان عن لحظة فرحة عامة في النفوس كلها.
وفرحة بالأجر عند الله - سبحانه -..إذاً رمضان بشرى عظيمة لأمة الإسلام، فتحية له حين يجيء، وتحية له حين يقيم، وتحية له حين يرحل، وأنعم به وأكرم من ضيف يعز على المؤمنين فراقه!!
يتبع