قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وأما يوسف الصديق، فلم يذكر الله عنه ذنبًا؛ فلهذا لم يذكر الله عنه ما يناسب الذنب من الاستغفار؛ بل قال: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)﴾ [يوسف: 24]؛ فأخبر أنه صرف عنه السوء والفحشاء، وهذا يدل على أنه لم يصدر منه سوء ولا فحشاء.
وأما قوله: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ [يوسف: 24]؛ فالهَمُّ اسم جنس، تحته نوعان؛ كما قال الإمام أحمد: الهَمُّ همَّان: هم خطرات وهَمُّ إصرار؛ وقد ثبت في «الصحيح»، عن النبي ﷺ، أن العبد إذا هم بسيئة لم تُكتب عليه، وإذا تركها لله كتبت له حسنة، ويوسف عليه السلام هَمَّ هَمًّا تركه لله، ولذلك صرف الله عنه السوء والفحشاء؛ لإخلاصه؛ وذلك إنما يكون إذا قام المقتضي للذنب؛ وهو الهَّمُّ، وعارضه الإخلاص الموجب لانصراف القلب عن الذنب لله؛ فيوسف عليه السلام لم يصدر منه إلا حسنة يثاب عليها؛ وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) ﴾ [الأعراف: 201].
وأما ما يُنقل: من أنه حَلَّ سراويله، وجلس مجلس الرجل من المرأة، وأنه رأى صورة يعقوب عاضًّا على يده، وأمثال ذلك، فكله مما لم يُخبِر الله به، ولا رسوله، وما لم يكن كذلك فإنما هو مأخوذ عن اليهود الذين هم من أعظم الناس كذبًا على الأنبياء وقدحًا فيهم، وكل من نقله من المسلمين فعنهم نقله؛ لم ينقل من ذلك أحد عن نبينا ﷺ حرفًا واحدًا»اهـ([1]).


[1])) «مجموع الفتاوى» (10/ 296، 297).