كنت قد جمعت موضوعا بينت فيه , أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وإن كان قد خالف في التصوير الفوتوغرافي إلا أنه قد وافق باقي العلماء المعتد بهم في الحكم الشرعي لهذه التصاوير.
فلما وقفت على ما نقله لنا أخونا (من صاحب النقب) فرحت وقلت الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وهذا هو الجمع للفائدة:
============================== =====
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى من اطاع أمره واجتنب نهيه والتزم هداه أما بعد,
يخلط الناس اليوم في موضوع التصوير وقد جاءت فيه الأحاديث الصريحة والصحيحة بالنهي عن هذا الفعل الذي يبغضه الله ورسوله والمؤمنين , كيف لا وفاعله يضاهي خلق الله العلي المتعال .
والنهي عن التصوير يتضمن ثلاثة أمور:
1- تحريم التصوير ولعن المصورين لقوله عليه الصلاة والسلام:" لعن الله المصورين " وقوله عليه الصلاة والسلام:" أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورين " .
2- تحريم اقتناء الصور لقوله عليه الصلاة والسلام : " لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب " .
3- المشاركة في التصوير مُصوِراً أو مُصوَراً لقوله تعالى { تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان }.
وأشهر من نُقل عنه الخلاف في مسألة التصوير الحديث من أهل العلم والفضل هو الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة , ومع ذلك فقد أخذ بعض الناس فتواه على ما يشتهونه ولم يتقيدوا بقول الشيخ رحمه الله واسكنه الفردوس الأعلى.
فالشيخ وإن كان يقول أن التصوير الفوتوغرافي يختلف عن التصوير باليد ولكنه يحرم التصوير واقتناء الصور مطلقاً إلا في حالة الضرورة والحاجة فقط .
وهو في النهاية يكون موافقا لكل العلماء الذين حرموا التصوير مطلقا وأجازوه للضرورة أو الحاجة فقط فلتتنبه.
يقول الشيخ ابن عثيمين بعد أن ذكر الخلاف في المسألة :
إذا كان لغرض محرم صار حراما، وإذا كان لغرض مباح صار مباحا لأن الوسائل له أحكام المقاصد ، وعلى هذا ، فلو أن شخصا صور أنسانا لما يسمونه بالذكرى، سواء كانت هذه الذكرى للتمتع بالنظر إليه أو التلذذ به أو من أجل الحنان والشوق إليه ،فإن ذلك محرم و لا يجوز لما فيه من اقتناء الصور، لأنه لا شك أن هذه صورة ولا أحد ينكر ذلك , وإذا كان لغرض مباح كما يوجد في التابعية والرخصة والجواز وما أشبهه، فهذا يكون مباحا.أهـ
وقال رحمه الله أيضا :
والاحتياط الامتناع من ذلك ، لأنه من المتشابهات ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، لكن لو احتاج إلى ذلك لأغراض معينة كإثبات الشخصية فلا بأس به ، لأن الحاجة ترفع الشبهة لأن المفسدة لم تتحقق في المشتبه فكانت الحاجة رافعة لها.
وأما إقتناء الصور فعلى نوعين :
النوع الأول: أن تكون الصورة مجسمة أي ذات جسم فاقتناؤها حرام وقد نقل ابن العربي الإجماع عليه نقله عنه في فتح الباري.
النوع الثاني : أن تكون الصورة غير مجسمة بأن تكون رقماً على شيء فهذه أقسام :
القسم الأول : أن تكون معلقة على سبيل التعظيم والإجلال مثل ما يعلق من صور الملوك ، والرؤساء، والوزراء، والعلماء، والوجهاء، والآباء، وكبار الإخوة ونحوها ، فهذا القسم حرام .
القسم الثاني : أن تكون معلقة على سبيل الذكرى مثل من يعلقون صور أصحابهم وأصدقائهم في غرفهم الخاصة فهذه محرمة .
القسم الثالث: أن تكون معلقة على سبيل التجميل والزينة ، فهذه محرمة أيضاً .
القسم الرابع : أن تكون ممتهنة كالصورة التي تكون في البساط والوسادة ، وعلى الأواني وسماط الطعام ونحوها ، فنقل النووي عن جمهور العلماء من الصحابة والتابعين جوازها .أهـ
وللأسف أن الناس اليوم إذا تكلموا في حكم التصوير يتكلمون بشكل مجمل , ويتعلقون بإجازة بعض العلماء للتصوير فيستبيحون الحرام قبل الحلال والله المستعان , فهناك أوجه في حكم التصوير لا خلاف على تحريمها عند أهل العلم ومنها:
1- تحريم الصور التي ترسم لذوات الأرواح من إنسان أو حيوان مطلقاً .
2- تحريم صنع ما له ظل من المجسمات والتماثيل على شكل ذوات الأرواح من إنسان أو حيوان مطلقاً .
3- تحريم الإحتفاظ بالصور المرسومة بالرسم لذوات الأرواح من إنسان أو حيوان مطلقاً .
4- تحريم الإحتفاظ بما له ظل من المجسمات والتماثيل على شكل ذوات الأرواح من إنسان أو حيوان مطلقاً .
5- تحريم الإحتفاظ بالصور الفوتوغرافية لذوات الأرواح من إنسان أو حيوان لغرض الذكرى أو الزينة .
فالإجماع منعقد على تحريم هذا الأقسام وهو إجماع معتبر عند أهل العلم ولا تجد لهم مخالف إلا من شذ ولا عبرة بالقول الشاذ .
وقد تقرر في الشريعة أن الخروج من الخلاف في المسائل الخلافية أولى لحفظ الدين والعرض ولا يحتج بالخلاف على الجواز إلا جاهل كما قال ابن عبد البر رحمه الله ولا يكون الخروج من الخلاف إلا بالإحتياط للدين وترك المشتبهات التي من حام حولها فقد وقع في الحرام كما قال المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه .
والله اعلم