أشهدنا الله {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} وكنا ممن خلقهم ليعبدوه بشــراً على الأرض نحيا وإليها نعود ، لم نُــبصر في أنفسنا وتناسينا كيف من الأرض كان خلقنا ، فإذ بي أصارع ذاكرتي وأبصر في أرض ترابي وأتمعن في خلق أبي الذي منه كانت شجرتي .. رباه ياخالق سبحانك يامن تقول للشىء كن فيكون وأردت لي أن أكون بقدرتك شيئا على الأرض مذكورا .. ها أنا ذا قد خرجت من أرضي من بعد الحرث نطفة وعلقة وعظاماً ولحما.. لي عينين ولسانا وشفتين ، لي قلب وفؤاد ، ودماء تسري في جسدي ، ولي يدين ورجلين .. إني شىء على أرضي أسير وأمشي جئتُ لمهمة أنفذها إما أن أصيبها فأفوز بالجنة .. أو أخيب فيها فألقى في جهنم ،وقد لفظتني أرضى بأمر من ربها من بعد التراب إنسانا كان أكثر شىء جدلا ظلوماً جهولاً عجولاً ما أكفره .. أنظر جوارحي وأقول متى ستعودي أرضي ؟ هل حين تعودي إليها ستضمك برقتها وحنانها أم ستقبض عظامك بغضبها وثورتها؟ ما الصنيع وقد خلق ربي الموت والحياة ليبلونا أينا على الأرض كان أحسن عملا ، وعنده علم الساعة ؛ فلم يُعلم ربنا أحداً من خلقه متى تحين ساعته وجعلها ربي بغتة وفجأة من دون إنذار له .. وتناسينا بني آدم أنها قريبة منا وأننا في مهمة ، وركضنا نأكل ونشرب ونلهو ونلعب ، وقد غرتنا أمانينا وغفلنا مهمتنا .. ماذا بي وما يؤلمني ونفسي بين جنبى أطهرها ما استطعت ، ولي رب رؤوف رحيم يعلم سري وجهري .. أسألك ربي التقى والهدى والعفاف والغني فألوذ بودك ، ودلني إلى صراطك المستقيم لنكونوا جميعا أمة الإسلام نحن عبادك الصالحين الذين يرثوا أرضك ويفرحوا بجنتك ، ويسعدوا بالنظر إلى وجهك الكريم .... اللهم آمين ، وعزّ من قال : ْوَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ*[الأعراف](172)
عفاف عبد الوهاب صديق