تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: حكم التخيلات الجنسية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي حكم التخيلات الجنسية

    السؤال

    تزوجنا مند 3 سنوات ونصف ، هو طيب جدّاً ، متدين جدّاً ، ونعبد الله معا ما استطعنا ، والحمد لله ، المشكلة بدأت معي من أول الزواج , كان لابد له أثناء الجماع أن يحكي لي قصصا جنسية ، وأنا أتخيل ؛ لأني لم أكن أستطيع أن أقضي وطري بدونها ، وحتى أشبع لابد أن أتخيل ، المشكلة عندي للآن ، وأحس بتأنيب ضمير بعد كل جماع ، تلاحقني التخيلات وأنا معه حتى أنتهي - لا أتخيلني مع شخص آخر أبداً أبداً , فقط أناس لا أعرفهم - أخبرته بهذه المشكلة ، ولم يغضب , لكن أنا أحس بنوع من الخيانة , ماذا أفعل ؟ أفيدوني أرجوكم ، وما حكم الشرع ؟.
    ----------------------------------
    الجواب
    الحمد لله
    أولاً :التخيلات الجنسية جزء من الخواطر التي تطرأ على ذهن الإنسان بسبب ما يستدعيه العقل الباطن من صورٍ مختزنةٍ أوحتها له البيئة التي يعيش فيها ، والمناظر التي يراها ، وهي تخيلات تصيب أغلب الناس ، وخاصة فئة الشباب ، لكنها تختلف من شخص لآخر من حيث النوع والإلحاح والتأثير .والشريعة الإسلامية شريعة الفطرة ، جاءت منسجمةً مع الطبيعة البشرية ، وملائمةً للتقلبات النفسية التي جعلها الله سبحانه وتعالى جزءا من التكوين البشري ، فلم تتعد حدود الممكن ، ولم تكلِّف بما لا يطاق .يقول الله سبحانه وتعالى : ( لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُُسْعَهَا ) البقرة/286
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعمَلُوا بِهِ ) رواه البخاري ( 2528 ) ومسلم ( 127 ) .
    قال النووي - رحمه الله - في شرح هذا الحديث :وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه : فمعفو عنه باتفاق العلماء ؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه ، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه ." الأذكار " ( ص 345 ) .

    والتخيلات العارضة تدخل في دائرة حديث النفس المعفو عنها بنص الحديث السابق ، فكل من تصورت في ذهنه خيالات محرمة ، طرأت ولم يطلبها ، أو حضرت قَسرًا ولم يَستَدْعِهَا : فلا حرج عليه ، ولا إثم ، وإنما عليه مدافعتها بما يستطيع .

    ثانياً :و أما إذا كان الشخص يتكلف التخيلات المحرمة ، ويستدعيها في ذهنه ، فقد اختلف كلام الفقهاء في تكييف هذه الحالة ، وهل هي داخلة في دائرة العفو أو في دائرة الهم والعزم المؤاخذ به ؟

    والمسألة يذكرها الفقهاء بالتصوير التالي :لو أن رجلا وطئ حليلتَه متفكِّرا في محاسن أجنبيَّةٍ ، حتى خُيِّلَ إليه أنَّه يطؤُها ، فهل يحرم ذلك التفكر والتخيُّل ؟

    اختلفت في ذلك أقوال الفقهاء

    القول الأول : التحريم ، وتأثيم من يستحضر بإرادته صُوَرًا محرَّمَةً ويتخيلها حليلته التي يجامعها .قال ابن عابدين الحنفي – رحمه الله - :والْأَقْرَب لقَوَاعِد مَذهَبِنَا عَدمُ الحِلِّ ، لأَنَّ تَصَوُّرَ تلك الأَجنبِيَّةِ بَينَ يَدَيْهِ يَطَؤُهَا فيهِ تَصويرُ مُبَاشَرةِ المَعصِيَةِ عَلى هَيئَتِهَا ." حاشية رد المحتار " ( 6 / 272 ) .
    وقال الإمام محمد العبدري المعروف بابن الحاج المالكي – رحمه الله - :ويتعين عليه أن يتحفظ في نفسه بالفعل ، وفي غيره بالقول ، من هذه الخصلة القبيحة التي عمَّت بها البلوى في الغالب ، وهي أن الرجل إذا رأى امرأةً أعجبته وأتى أهله جعل بين عينيه تلك المرأة التي رآها .وهذا نوع من الزنا ؛ لما قاله علماؤنا رحمة الله عليهم فيمن أخذ كُوزا يشرب منه الماء ، فصوَّرَ بين عينيه أنه خمر يشربه ، أن ذلك الماء يصير عليه حراما .وما ذُكر لا يختص بالرجل وحده ، بل المرأة داخلة فيه ، بل هي أشد ؛ لأن الغالب عليها في هذا الزمان الخروج أو النظر من الطاق ، فإذا رأت من يعجبها تعلق بخاطرها ، فإذا كانت عند الاجتماع بزوجها جعلت تلك الصورة التي رأتها بين عينيها ، فيكون كل واحد منهما في معنى الزاني ، نسأل الله السلامة منه .ولا يقتصر على اجتناب ذلك ليس إلا ، بل ينبه عليه أهله وغيرهم ، ويخبرهم بأن ذلك حرام لا يجوز ." المدخل " ( 2 / 194 ، 195 ) .

    وقال ابن مفلح الحنبلي – رحمه الله - :ذكر ابن عقيل وجزم به في " الرعاية الكبرى " : أنه لو استحضر عند جماع زوجته صورةَ أجنبيَّةٍ محرَّمَةٍ أنَّه يأثم ، ...أما الفكرة الغالبة فلا إثم فيها ." الآداب الشرعية " ( 1 / 98 ) .
    ودليل هذا القول : ما يرجحه طائفة من أهل العلم من أن خواطر النفس إذا أصبحت عزيمة وإرادة دخلت في دائرة التكليف ، والتخيلات المحرمة التي يجلبها الذهن بإرادته انتقلت من دائرة العفو ؛ لأنها أصبحت هَمًّا وعزيمة يحاسب عليها المرء .قال النووي – رحمه الله - :وسبب العفو ( عن حديث النفس ) ما ذكرناه من تعذر اجتنابه ، وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه ، فلهذا كان الاستمرار وعقد القلب حراما ." الأذكار " ( 345 ) .

    القول الثاني : الجواز ، وأنه لا حرج على من فعل ذلك : وهو قول جمع من متأخري الشافعية : منهم السبكي والسيوطي .قالوا : لأن التخيلات ليس فيها هم ولا عزم على معصية ، إذ قد يتخيل في ذهنه أنه يباشر تلك المرأة الأجنبية وهو مع ذلك ليس في قلبه عزم على فعله والسعي إليه ، بل قد يرده لو عرض عليه .جاء في " تحفة المحتاج في شرح المنهاج " ( 7 / 205 ، 206) - وهو من كتب الشافعية - :" لأنه لم يخطر له عند ذلك التفكر والتخيل فعل زنا ولا مقدمة له ، فضلا عن العزم عليه ، وإنما الواقع منه تصور قبيح بصورة حسن " انتهى .

    وانظر " الفتاوى الفقهية الكبرى " ( 4 / 87 ) .والذي يبدو أن الراجح القول بكراهة ذلك التخيل إن لم نقل بالتحريم ، وذلك للأسباب التالية :

    1. أن كثيراً من المتخصصين النفسيين يعدون التخيلات الجنسية اضطرابا نفسيا إذا سيطرت على عقل الإنسان بحيث تفقده كل لذة تأتي من غير طريق تلك التخيلات ، وذلك قد يفضي إلى تخيلات جنسية غير سوية .

    2. أن الشريعة الإسلامية جاءت بقاعدة سد الذرائع ، ومنع كل باب يفضي إلى الشر ، وإفضاءُ التخيلات الجنسية إلى الوقوع في المحرمات أمر متوقع ، فإن مَن أَكثَرَ مِن تصور شيء وتمنيه لا بد وأن تحفزه نفسه إلى الحصول عليه ، والسعي إلى الاستكثار منه ، فيبدأ بالتطلع إلى الصور المحرمة ، وتعتاد عيناه على مشاهدة المحرمات ، سعيا لتحقيق الشبع الذي أصبح مرتبطا بتلك التخيلات .

    3. أن غالب تلك التخيلات إنما تجتمع في الذهن بالأسباب المحرمة ، عن طريق فضائيات الرذيلة ، ومشاهدات الواقع المتحلل من كل خلق في بلاد الكفار ، حيث ينعدم الحياء وتصبح مناظر ممارسة الجنس مألوفة معتادة .

    4. وأخيراً قد تفضي كثرة تلك التخيلات إلى زهد الزوجين ببعضهما ، فلا تعود الزوجة محل نظر الزوج ، كما لا يعود الزوج محل إقبال الزوجة ، وتبدأ حينئذ رحلة المعاناة والمشاكل الزوجية .ولذلك كله ، فالنصيحة لكل من ابتلي بمثل تلك التخيلات أن يسارع إلى إيقافها والتخلص منها ، ويمكنه الاستعانة بالوسائل التالية :

    1. الابتعاد التام عن كل ما يثير تلك التخيلات من الأفلام والمشاهد المحرمة التي تعرضها الفضائيات ، والابتعاد عن قراءة القصص التي كانت السبب في تولد تلك التخيلات ، وقد سبق في موقعنا الحديث عن حرمة قراءة تلك القصص الجنسية ، فانظري جواب السؤال رقم ( 34489 ) .قال الغزالي في " إحياء علوم الدين " ( 1 / 162 ) :" وعلاج دفع الخواطر الشاغلة : قطع موادها ، أعني النزوع عن تلك الأسباب التي تنجذب الخواطر إليها ، وما لم تنقطع تلك المواد لا تنصرف عنها الخواطر " انتهى .

    2. المحافظة على الأذكار الشرعية ، وخاصة تلك التي تقال قبل الجماع ( الَّلهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ ، وَجَنِّبِ الشَّيطَانَ مَا رَزَقتَنَا ) رواه البخاري ( 141 ) ومسلم ( 1434 ) .

    3. الانشغال باللذة الحاضرة عن اللذة الغائبة ، فإن في كل من الزوجين ما يغني الآخر عن التطلع إلى الحرام ، فإذا انشغل الزوجان بمحاسن بعضهما واستغرقا في ذلك لم تنصرف الخيالات إلى شيء آخر .

    4. تصوري لو كان خيال زوجك يجول في مثل ما تجولين فيه ، هل ستكونين راضية عن ذلك ؟ ألن يشعرك ذلك بعدم الرضا ؟ فكيف ترضين أنت أن تصيبي زوجك بمثل هذا الشعور ، فاحرصي على استغلال هذه الفكرة للتخلص مما تجدين .

    5. استشارة المختصين النفسيين ، فلا حرج عليك أن تراجعي الطبيبة النفسية أو الأسرية وتطلبي نصيحتها في حالك ، وستجدين عندها ما يساعدك إن شاء الله تعالى .وأسأل الله لك ولزوجك التوفيق والسعادة .والله أعلم .

    المصدر

    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: حكم التخيلات الجنسية

    كيف أتخلص من التخيلات الجنسية؟!


    السؤال
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،لا أدري كيف أبدأُ كلامي، ولكن سأحاول لعلي أجد حلًّا لِما أنا فيه من معاناة.أنا امرأة متزوجةٌ منذ سبع سنوات، وعندي طفلان، وزوجي طيِّبٌ، وحَنونٌ، وفيه الكثيرُ والكثير مما تتمنَّاه أيُّ زوجة، ويحبُّني كثيرًا كثيرًا، ومع ذلك فأنا - دائمًا - وأنا معه أتصوَّر نفسي مع شخص آخرَ غيره، وأقصد بذلك علاقتنا الخاصة.

    وحتى لا تفهموني خطأً؛ فهذا الشخص الذى أتصوَّره - غالبًا - هو شخصٌ وهميٌّ، ليس له وجودٌ، وقد تتغيَّر هذه الصورةُ من وقتٍ لآخر، ولكن لا بدَّ من وجودِها على أي حال، حتى أكونَ طبيعيةً معه.
    وإن حاولتُ أن أجاهدَ نفسي، ولا يكون في عقلي سوى زوجي، فلا أستجيب إلا ببطءٍ شديدٍ، ولا أستطيع التركيزَ، وقد ينتهي الحالُ بي إلى الفشل، وهذا هو الغالب! أمَّا عندما تكونُ هذه الصورةُ لهذا الشخص الوهمي في مخيلتي، فأكون سريعةَ الاستجابة جدًّا، ويمرُّ الموضوعُ بشكل ممتاز، بل أكثر من ممتاز.
    أريد أولًا فتوى بخصوص حُرمة هذا الفعل مِن عدمه، علمًا بأنَّ هذا الأمر اعتدتُ عليه منذ بداية زواجي؟
    هل يعدُّ هذا نوعًا من الخيانةِ لزوجي؟
    ثانيًا: هل أنا مريضة نفسيًّا؛ فقد حاولتُ أن أتركَ هذا الفعلَ، ولكن لم أستَطِع، حتى وصل بي الحال، أني طيلة اليوم أفكر وكأني مع هذا الشخص، وأنا نائمةٌ، وأنا مستيقظة، وأنا مع أطفالي... وهكذا، لدرجة أنه عندما يحدُثُ أيُّ خلاف بيني وبين زوجي، ونتخاصمُ، لا أشعر بالحزن والوحدة؛ لأني أكون مستغرقة جدًّا في حياة أخرى وهمية، لا ترتبط بالواقع، وأستأنس بها كثيرًا.أريد أن أعرفَ هل ممكِنُ أن يكون هذا عقابًا لي؛ لأنني كنت قبل الزواج بفترةٍ طويلة أمارس العادةَ السرية بشراهة؟
    وطبعًا لا تتمُّ إلا بعد أن أتخيَّل منظرًا معينًا، أو وضعًا معينًا مع شخصٍ، وغالبًا كنت أجعله وهميًّا، من نسج الخيال، ولا يكون شخصًا أعرفه، هل هذا أَثَّرَ عليَّ لدرجة أني بعدما تزوجتُ أظلُّ أسيرةَ هذا الخيالِ الجنسي حتى مع زوجي؟
    الحمد لله أنا امتنعتُ تمامًا عنها قبل الزواج بسنوات، وتبتُ بعدما علمتُ أنها حرامٌ.

    الجواب
    بسم الله الرحمن الرحيمأختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.يُسعِدُنا بدايةً أن نُرحِّب بانضمامِكِ إلى شبكة الألوكة، ونسأل اللهَ - تعالى - أن يُسدِّدَنا في تقديم ما ينفعُكِ، وينفع جميع المستشِيرين.كما أودُّ أن أحيِّي أسلوبَكِ في نقدِ وتقييمِ مشكلتِكِ، وربطِها بأصولها وجذورِها، وكذلك رغبتك في الوصول إلى رضا الله تعالى، ولومك لذَاتِك؛ وهي سماتٌ إيجابيةٌ، أتمنَّى منك تعزيزَها في نفسِك، والحفاظ عليها، مهما واجهتِ من عقبات، واستثمارَها في اقتفاءِ خُطُوات الحلِّ، بإذن الله تعالى.

    وفي هذا الجانب أقول لكِ يا عزيزتي: إنَّ أسبابَ مشكلتك والعواملَ الداعية لها تبدو واضحةً، وهو أمرٌ مهمٌّ في تجاوزِ المشكلات، إذا ما تمَّ تحييدُ تلك الأسباب، والقضاءُ عليها؛ فالحالة التي تتعرَّضين إليها - اليوم - مع زوجِك، ما هي إلا استمرارٌ لحالةٍ قد أدمنتِها سابقًا قبل زواجك، وبرغم أنكِ قد تركتِ ذلك قبل سنوات من زواجِك، لكنك اليوم تقعين تحت تأثيرِ ما يعتبرُه فكرُك تَكرارًا للموقفِ نفسه، فتَعْمِدين لتطبيقِ نفسِ المخيلات السابقة.

    ومن الأمور الأخرى التي قد تؤدِّي لهذه الحالة أيضًا: مشاهدةُ الأفلامِ التي تضمُّ مشاهدَ ذات علاقةٍ بهذه الأمور، واستبطانُ دورِ البطلة - لا شعوريًّا - فتتكوَّن في المخيِّلة صورةٌ نمطيةٌ عن دورِكِ في عَلاقَتِكِ مع زوجِك بجميع أوجُهِها.كما يؤدِّي أحيانًا استمرارُ خَطِّ العَلاقة الحياتيةِ بين الزوجين على وتيرةٍ واحدةٍ، إلى ذلك أيضًا بسبب عدمِ وجود المثير النَّفسيِّ الذي يَصرِفُ الفِكرَ إليه.ولذلك؛ فإني أتمنَّى منك أولًا التوقُّفَ عن متابعة الأفلام والمسلسلات العاطفية، ونحوها، ومحاولة استقطابِ فكرِك وميولِك إلى البرامج الاجتماعية، أو الثَّقافية، وغيرِها، فهي تساعدُ كثيرًا في تغييرِ نمطِ وأُسلوبِ التفكير في جميعِ تفصيلات الحياة، من خلال اجترار ما تناولتِهِ من موضوعات في الذاكرة، وتفاعُلِ النفسِ معها.كما أنصحُكِ باعتمادِ إدخال التغيير المستمرِّ لحياتِكِ بشكلٍ عام - ومنها الزوجية - سواءٌ كان ذلك تغييرًا في الديكور، أو باستبدالِ مكان النوم إلى غرفةٍ أخرى، أو أي أمرٍ آخر تُطْلِقين فيه قدراتِكِ على الابتكار والإبداع.وأخيرًا؛ أختم بالدعاء إلى الله - تعالى - أن يُصلِحَ شأنَكِ كلَّه، ويُنعِمَ عليكِ وزوجِكِ بالرحمةِ والسكينةِ والمودةِ، ويُبعِد عنكما رجسَ الشيطان، وسنسعدُ بسماع أخبارِكِ الطيبةِ مجددًا.
    أ. شروق الجبوري

    ـتعقيب فضيلة الشيخ خالد الرفاعي
    :
    الأختُ الكريمةُ: قد سألتِ عن حُكم الشرع لمشكلةِ التخيُّلات الجنسية، والتي أظن - كما ذكرتِ - أنها نتيجة طبيعيَّة؛ كما ذَكَرَتِ الأختُ المستشارةُ أنها - غالبًا - ما تكونُ نتيجةً لتلصُّصِ العين، واستِثارة النَّفس، وإيقاظها بالشَّهوات، والتمنِّي والتشهِّي؛ فكلٌّ من المرأة والرجل يُثارانِ بالنَّظرة، أو الحرِكة، أو غيرها، وهذا أمرٌ عميقٌ في النفس الإنسانية؛ ولهذا وغيره أخذ الشارعُ الحكيم الطريقَ عَلَى النفس، وسدَّ جميع السُّبُل حتى لا تنطلقَ من سُباتها، وتبقى في عِقالها؛ فحَرَص على تهذيب الطَّبع، وشَغل الطَّاقة البشريَّة بِهمومٍ أُخرى في الحياة، وأمَر باليقظة، والرقابة، والاستِعْلاء، على الرَّغبة في مراحِلِها الأُولى مَن الحَوْم حوْل الحِمَى، وأمَر بغضِّ البصَر؛ لكونه منفذًا للفَرْج، وحِفْظُ النفس ثمرةٌ له.هذا؛ وقد حرَّم الشرع تَخَيُّلَ المرأة، وتمنِّي غير زوجِها، سواءٌ في العلاقةِ الحميمة، أو غيرها، وبيَّنَ الصادقُ المصدوقُ أن تَمَنِّي القلبِ واشتهاءه لذلك - نوعٌ من الزِّنا؛ فعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كُتِبَ على ابن آدمَ نصيبُه من الزِّنا، مُدرِكٌ ذلك لا محالة؛ فالعينان زناهما النظرُ، والأذُنانِ زناهما الاستماعُ، واللسانُ زناه الكلامُ، واليدُ زناها البطشُ، والرِّجْلُ زِنَاها الخُطَا، والقلبُ يَهوَى ويَتَمنَّى، ويُصَدِّق ذلك الفَرجُ، ويُكَذِّبُهُ))؛ متفق عليه.

    قال الإمامُ أبو العباس القرطبي في "المُفهِم": "يعني: أن هواه وتمنيَه: هو زناه، وإنما أُطْلِق على هذه الأمور كلِّها: زنًا؛ لأنها مقدِّماتُها؛ إذ لا يحصُل الزنا الحقيقيُّ - في الغالب - إلا بعد استعمال هذه الأعضاء في تحصيلِهِ".

    وقال الإمام النوويُّ في "شرح مسلم": "معنى الحديثِ: أن ابنَ آدم قُدِّر عليه نصيبٌ من الزِّنا، فمنهم من يكون زناه حقيقيًّا... أو النظرَ، أو اللمسَ، أو الحديثَ الحرامَ مع أجنبيةٍ، ونحو ذلك، أو بالفكرِ بالقلب".

    وقد ذهب أكثرُ أهل العلمِ إلى تحريم التخيُّلات الجنسية؛ وهو مذهبُ الحنفية، والمالكيَّةِ، والحنابلة، وبعض الشافعية.قال ابنُ عابدين - الحنفي - في "حاشيته": "والأقربُ لقواعدِ مذهبنا عدمُ الحِلِّ؛ لأنَّ تَصَوُّر تلك الأجنبية بين يديه يَطَؤهَا فيه تصويرُ مُبَاشَرةِ المعصية على هيئتِها، فهو نظيرُ مسألةِ الشُّرب، ثم رأيتُ صاحب "تبيين المحارم" من علمائنا نَقَلَ عبارةَ ابنِ الحاجِّ وأقرَّها".وقال ابن الحاجِّ المالكيُّ في كتابه "المدخل": "ويتعيَّنُ عليه أن يَتَحَفَّظَ على نفسه - بالفعل، وفي غيره بالقول - من هذه الخَصلةِ القبيحةِ التي عمَّت بها البَلْوَى في الغالب، وهي أن الرجلَ إذا رأى امرأةً أعجبتْهُ، وأتى أهلَه جَعَلَ بين عينيه تلك المرأةَ التي رآها، وهذا نوعٌ من الزِّنا؛ لِمَا قاله علماؤُنا فيمن أخذ كُوزًا من الماء فصوَّر بين عينيه أنه خمرٌ يشربه، أن ذلك الماءَ يصيرُ عليه حرامًا، وهذا مما عمَّت به البَلْوَى".وقال ابن مُفلحٍ الحنبلي في كتاب "الآداب الشرعية": "وقد ذكر ابنُ عَقيل وجزم به في "الرعاية الكبرى": أنه لو استحضر عند جِماع زوجتِه صُورَةَ أَجنَبِيَّةٍ مُحَرَّمَةٍ، أنه يأثَمُ".قال ابن حجرٍ الهيتمي الشافعيُّ: "الذي أفتى أبو القاسم بنُ البزري بأنَّه لا يَحِلُّ، ورجَّح ابن السُّبكي في طبقاته عَدَمَ التأثيم؛ لحديث: ((إنَّ الله تَجاوز عن أمَّتي ما حدَّثتْ بهِ أنفُسَها ما لم تتكلَّم، أو تعمَل به))، ولكن يُجاب على كلامِه بأنَّ هذا تكلَّمَ وعَمِل، والحديثُ واردٌ في حديث النَّفس والخطَرات، بِخلاف التخيُّل، قال القاضي حسين في الصَّوم من تعليقه: كما لا يحلُّ النَّظرُ لِما لا يحلُّ له، يحرُم التفكُّر فيه؛ لقولِه - تعالى -: ﴿ وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ ﴾ [البقرة: 267]،
    فمنَع من التيمُّم مما لا يحلُّ، كما منَع من النَّظر إلى ما لا يحل".
    وسُبُلُ التخلُّصِ من هذا الداءِ غيرُ ما ذكرت المستشارةُ الكريمةُ:صِدقُ التَّوبة، والفِرارُ من الفتن، وتقويةُ المراقبةِ، واستشعارُ أن اللهَ - تعالى - ينظر إليْك؛ فمراقبة اللهِ - سبحانه وتعالى - أعظمُ حاجزٍ يَمنع العبدَ من الوقوع في الذُّنوبِ؛ صغيرِها وكبيرِها، فعِلْم العبدِ أنَّ اللهَ مطَّلِعٌ عليْه، عالِمٌ بِسريرتِه وعلانيتِه، يورِث العبدَ خوفًا من الله - سبحانه وتعالى - واستحياءً منه.الخوْفُ، الحاجزُ الصُّلْبُ أمام دَفَعَات الهوى العنيفةِ، وقلَّ أن يَثبُتَ غيرُ هذا الحاجزِ أمام دَفَعَات الهوى.

    وابتعِدي عن أماكِن الفساد، والاختِلاط، ولا تتعرَّضي لمُثيرات الفتَن والغرائز، والْزَمِي الطَّاعة، والصُّحبةَ الصَّالحة، وأماكنَ الخير، وابتعِدي عن الشَّرِّ وأهلِه.قِراءة القُرآن بتدبُّر: فهو دواءٌ لِما في الصدور، وشَغْلُ النَّفس بِما يعود بالنَّفع في الدينِ والدنيا؛ قال اللهُ - تعالى -: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114].

    صدقُ اللُّجوء إلى الله - تعالى - بالدُّعاء بالمغفرة، والعصمة من الزَّلل، وأبْشِري بقوله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]، وقال: ﴿ تِلْكَ الجَنَّةُ الَتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 63]، وقال: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى * فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41]، وأكثِرِي من دُعاء: "اللهمَّ إنِّي أعوذُ بك من شَرِّ سمعي، ومن شرِّ بصري، ومن شرِّ لساني، ومن شرِّ قلبي، ومن شرِّ منيِّي".احذَري من التَّمادي؛ حتَّى لا يُحالَ بين قلبِك وبين قَبول الحقِّ؛ كما قال - تعالى -: ﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]، واعلمي أن الإنسانَ كلَّما أوغَلَ في الحرام، عَسُرَ عليه الرُّجوعُ وصَعُبَ.عمِّري وقتَك بالانشِغال بالفرائض؛ كالصَّلوات الخمس، والصيامِ الواجِب، وبِرِّ الوالدين، وصِلة الأرْحام، وغير ذلك من الواجباتِ، وكذلك القيام بالسُّنن والمستحبَّات؛ كالصلوات الرَّاتبة، وقيام الليل، والصَّدقة المستحبَّة، والتَّسبيح، والذِّكر، ونحو ذلك، وتذكُّر الموتِ وشدَّته، والقبرِ وظلمته، والقيامةِ وأهوالِها؛ كما قال الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2].

    ثم ابحثِي عن طبيبة نفسية، واذهبي إليها بمفردِك، وأخبريها بمشكلتِك، واحذري أن تخبري زوجَك، واللهَ أسألُ أن يُعيذَك من شَرِّ سمعِكِ، ومن شرِّ بصرِكِ، ومن شرِّ قلبِكِ، ومن شرِّ مَنيِّكِ.

    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: حكم التخيلات الجنسية

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •