إياك وصوم الهوى: ترك للحلال وفعل للحرام!!



أسامة شحادة




الصيام ركن من أركان الإسلام، والغاية منه تقوية تقوى الله -عز وجل- في القلوب، وقد عرفته شرائع الأنبياء عبر التاريخ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)، وذلك من خلال الخضوع لأمر الله -عز وجل- بترك الحلال من الشراب والطعام والشهوة أياما معدودات، ليكون ذلك دافعاً للمؤمنين والمؤمنات على ترك الحرام.

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يَدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» رواه البخاري، إشارة لأهمية ترك الحرام وأنه الغاية الحقيقية من ترك الحلال من الطعام والشراب، ومع صحة صوم من وقع في المعاصي عند جمهور العلماء إلا أن صومه مخدوش كما نص على ذلك ابن حجر في (الفتح): «إن هذه المعاصي يزيد قبحها في الصيام على غيرها، وإنها تخدش في سلامة الصيام، بل ربما اقتضت عدم الثواب عليه»؛ لذلك كان بعض العلماء يرى بطلان الصوم بالمعاصي وأن الواقع فيها يلزمه القضاء.

وفي هذا الزمان الذي نرى فيه إقبال جموع الشباب والشابات على تعظيم فريضة الصيام بالتزام صيام رمضان والصلاة فيه الفرائض والتراويح، إلا أنهم يجمعون مع ذلك ارتكاب عدد من المعاصي والآثام التي تتناقض مع جوهر الصيام وطاعة الله -عز وجل.

ومن ذلك تبرج النساء أو حجاب الموضة أو الاختلاط في الإفطارات الرمضانية بحجة الزمالة أو العمل أو السهرات الرمضانية بصحبة الغناء والموسيقى، وربما الرقص والدخان والأرجيلة والشيشة ومتابعة المسلسلات والأفلام.

ومن ذلك أيضا ممارسات الغش والخداع في الأسواق في رمضان وغيره، أو سوء القيام بالعمل من قِبل العمال والموظفين والمدراء والمسؤولين وتعطيل مصالح الناس أو عبر الفساد المالي أو الإداري والسياسي الذي ينهب الثروات، ويخرب وضع المؤسسات العامة، ويضيق على الناس، ولاسيما الضعفاء والفقراء، حياتهم وسعادتهم.


الصوم الحقيقي والغاية الحقيقة منه هي ترك الحلال مؤقتاً لتعويد النفس والبدن على ترك الحرام دوماً وأبداً، ويجب أن نستثمر الحالة الإيجابية بتعظيم ركن الصيام عند جمهور المسلمين لننشر أهمية الصوم الدائم عن الحرام، وأنه الغاية العظمى والهدف الأسمى، ولنذكرهم وأنفسنا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ربّ صائم حظُّه من صيامه الجوع والعطش» صححه الألباني.