طفلك والحاسب

د. حصة المبارك*

إن دخول وانتشار الحاسب في جميع مجالات الحياة أدى إلى تركيز اهتمام المجتمعات على تشجيع تعلم هذه التقنية الحديثة ، وسارع في انتشارها في معظم مجتمعات العالم ، وأصبحت أجهزة الحاسب جزءاً لا يتجزأ من الحياة العصرية الحديثة فأقبل الجميع على تعلمها وإتقانها، ونظراً لأهمية الحاسب واستخداماته المتعددة فقد تم إدخاله ضمن البرامج التعليمية في المدارس .
كما أقبلت كثير من الأسر على اقتناء أجهزة الحاسب وتشجيع أبنائها على استخدامه، مما ترتب عليه أن أصبح الأطفال يستخدمون الحاسب في سن مبكرة وبناءً على ذلك فإن من المتوقع أن جيل الأطفال الحالي سوف يكون أكثر معرفة ومهارة في استخدامه من الأجيال السابقة .
· ولكن ما المقصود بمحو أمية الحاسب بين الأطفال ؟
المعروف أن محو الأمية هو تعلم الشخص القراءة والكتابة والمعارف الأساسية، وإذا طبقنا هذا التعريف على تعلم الحاسب نجد أن ذلك يعني تعلم استخدام الحاسب وكيفية تشغيله والمعرفة الأولية بالبرامج الأساسية الضرورية للتعامل معه .
باستعراض الأدبيات المكتوبة عن الموضوع وجد أن معظم الدراسات التي تتناول استخدام الأطفال للحاسب أشارت إلى المزايا التي يمكن للأطفال أن يجنوها وأهمية الحاسب ودوره في الحياة العصرية الحديثة. وفي نفس الوقت أشارت كثير من الدراسات إلى النتائج السلبية المترتبة على إقبال الأطفال وارتباطهم غير العادي بالألعاب مما يترتب عليه نتائج سلبية مثل:
· عدم إقبال الأطفال على الأنشطة الرياضية .
· ميل الأطفال إلى الانعزال وانخفاض التفاعل الاجتماعي مع الآخرين .
· عزوف البعض عن القراءة لانشغالهم بالحاسب .
· ظهور أعراض تؤثر على صحة الطفل نتيجة الجلوس أمام الجهاز لساعات طويلة والإجهاد الذهني والبدني المترتب عليه .
ولكن على الرغم من هذا فإن استخدام الأطفال للحاسب يدخلهم إلى عالم جديد من المعرفة حتى في حالة استخدام الحاسب في الألعاب إلا أنه يدفع الأطفال إلى تعلم مهارات وتقنيات خاصة بالحاسب واستخدامه .
وقد أظهرت المقابلات الاستطلاعية أن معظم الأطفال يستخدمون الحاسب ولكن يقتصر الاستخدام على الألعاب وحتى في حالة حرص الأهل على شراء برامج تعليمية فإن الأطفال يميلون أكثر إلى استخدام برامج الألعاب، وفي حالة استخدام البرامج التعليمية فإن الأطفال يقضون وقتاً محدوداً فيها قياساً بالألعاب !!
لذا نوصي بأن يوجه الاهتمام نحو توعية الأطفال وتوجيههم من قبل الأسرة والهيئة التعليمية لتوعيتهم ومراقبة استخداماتهم بحيث تتوجه نحو الاستخدامات التعليمية أكثر من استخدامات الحاسب للألعاب ، وإلا فإننا قد نواجه جيلاً من الأطفال يستخدمون الحاسب للألعاب دون أن يكون لديهم معرفة للبرامج واستخداماتها، وبالتالي لا يمكن أن يوصفوا بأنه قد تم محو أميتهم في الحاسب مثلهم مثل الأطفال الذين يتقدمون وينتقلون إلى المراحل الدراسية دون أن نمحو أميتهم تماماً ويتعثرون في دراستهم نتيجة لعدم محو أميتهم في السنوات الأولى للدراسة !


* عميدة مركز الدراسات الجامعية للبنات (الرياض – عليشة)