تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 35

الموضوع: خواطر الكلمة الطيبة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة – ماء زمزم.. لما شرب له


    وردت أحاديث كثيرة في فضل ماء زمزم، منها الصحيح والحسن ومنها الضعيف، ومما صح من ذلك، ما رواه الطبراني في معجمه الكبير والأوسط عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام من الطعم، وشفاء من السقم». والحديث حسنه الألباني.
    ومنها حديث أبي ذر - رضي الله عنه - أنه لما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكثه ثلاثين بين يوم وليلة بمكة، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: فمن كان يطعمك؟ فقال له: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم -: «إنها مباركة، إنها طعام طعم». رواه مسلم، وفي مسند الطيالسي: «إنها لمباركة، هي طعام طعم، وشفاء سقم». والحديث صححه الألباني.
    وفي مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجه وغيرهما عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ماء زمزم لما شرب له». وصححه الألباني، إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة.
    ثلاث شعب مباركة
    فإذا جمعنا الروايات في فضائله سنجد أمامنا ثلاث شعب مباركة:
    الشعبة الأولي: (أنه يعد من الأطعمة)
    قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ماء زمزم طعام طعم» وعندما سمع ذلك أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - جاء إلى مكة متسللا، فدخل من غير أن يعرفه الناس، واختبأ تحت ستار الكعبة، يقول: اختبأت ثلاثة وعشرين يوما ليس لي طعام إلا ماء زمزم، وخرجت له السُمن وهي ما تخرج إلا من الأطعمة، والذي كشف لنا هذه الحقيقة هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وحيا من ربه.
    فيستطيع الإنسان أن يستغني عن الأطعمة ويكتفي بماء زمزم، ويكون له بمقام الغذاء، والتجربة التي مر بها الشيخ الألباني -رحمة الله عليه- عندما كان يتألم من بطنه فاستغنى عن الطعام بشرب ماء زمزم فترة من الزمن، ثم قال: وكنت أُخرج كالذي يأكل من الطعام، سبحان الله! وهذا في الحقيقة مصداق لهذا الحديث المبارك أن ماء زمزم طعام طعم، فضلا عن أن خصائصه كما جاء في المختبرات، أن فيه خصائص الأطعمة، أضف إلى ذلك أن ماء زمزم يعد الماء القلوي بالدرجة الأعلى، وهذه القلوية يحتاجها الإنسان لتعادل الأحماض حتى لا تسبب الأمراض، يقول الأطباء: «وجود الأحماض بداخل باطن الإنسان تسبب الأمراض».

    الشعبة الثانية:
    (ماء زمزم يعد شفاء للأسقام)
    قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ماء زمزم طعام طعم، وشفاء سقم»، كثير من الناس يتوجه للعلاج، ولكن اعلم أن من أعظم الأدوية والشفاء هي في ماء زمزم، ابن القيم -رحمة الله عليه- يحكي أنه ذهب إلى مكة فقال: وقعت بي من الأسقام ألا أستطيع أن أطوف ولا أسعى، يقول: فأصبحت أشرب من ماء زمزم حتى جاءتني من القوة ما لا أستطيع وصفه» وكثير من يتكلم عن ماء زمزم وسببه في الشفاء، ويكفينا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «هو شفاء سقم» يعني: يُشفى المريض بإذن الله –عزوجل- بشربه من ماء زمزم، وهذه مقيدة في قضية الإيمان وقوة اليقين: أي( يكون عندك إيمان بأن هذا الكلام حق، جاء بالوحي من عند الله، وعندي يقين بأن كلام الله حق يتحقق معك الموعود به بإذن الله عاجلا أو آجلا).
    الشعبة الثالثة: (ماء زمزم لما شرب له)
    وهو يشمل جزئين:
    الجزئية الأولى: الدنيوية
    «ماء زمزم لما شرب له» يُسأل الرازي المحدث -رحمة الله عليه- قيل له من أين لك هذه القوة في حفظ الحديث والدراية والرواية؟ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ماء زمزم لما شرب له» فكنت أشرب ماء زمزم ونيتي أن يرزقني الله حافظة أحفظ بها كتاب الله وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - فأصبح ذا ذاكرة قوية، وعبدالله بن عمر اختصر لنا هذا الأمر أنه كان إذا أراد أن يشرب ماء زمزم قال: اللهم إني أسالك إيمانا دائما، وعلما نافعا، ورزقا واسعا وقلبا خاشعا، وشفاء من كل داء».
    الجزئية الثانية: الأخروية
    وفيها من أعجب ما قرأت، ما ذكره الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء، أن عبدالله بن المبارك -رحمة الله عليه-، وكان معروفا بكثرة حجه وكان من أعبد الناس في زمانه « أخذ قدحا من ماء زمزم واستقبل الكعبة، ثم قال: اللهم إني قد بلغني وذكر الإسناد كاملا حدثني فلان عن فلان، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ماء زمزم لما شرب له، ثم قال: وإني أشربه يا ربي لعطشي يوم القيامة».
    وهذا دلالة على أن ماء زمزم لما شرب له، فهي ليست قضية صغيرة في حياتك، فحياتك الدنيوية كلها قد تكون متعلقة بركتها في هذا الماء، وكذلك حياتك الأخروية لاعتقادك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء بالكلام المطلق العام ما حدده فهكذا فهم عبدالله بن المبارك.

    دراسة ألمانية: ماء زمزم له خواص علاجية
    والعينات احتفظت بالجودة نفسها لمدة عامين

    في عام 2012 كشفت دراسة طبية حديثة، أشرف عليها باحثون من معهد علوم الأرض بجامعة (هايدلبرج)الألما نية، التى تعد من أفضل 50 جامعة على مستوى العالم. إن ماء زمزم يختلف تماماً عن أنواع المياه المختلفة، وله خواص فريدة، وتوصل الباحثون إلى هذه النتائج بعد تجميع 30 عينة من ماء زمزم، بواقع 10 عينات من بعض الحجيج الألمان فى عام 2007، و10 عينات من بعض المحال فى (فرانكفورت وبرلين) فى عام 2011، و10 عينات أخرى من مدينة مكة، وفُحصت جميع العينات لمدة أسبوعين، وكشفت الدراسة عن نتائج مثيرة للغاية؛ حيث أكدت أن جودة مياه زمزم وطبيعتها لم تتغير لمدة عامين كاملين، والغريب أن النتائج كانت متطابقة بين جميع العينات، وفسر الباحثون هذه الفوائد المثيرة لمياه زمزم، مشيرين إلى أنها ترجع إلى خواصها القلوية؛ حيث يبلغ درجة (الأس الهيدروجينى) لها (pH 8)، وكما أنها تتمتع بخواص علاجية رائعة؛ بسبب احتوائها على تركيزات قليلة من عنصر الليثيوم والزرنيخ، وعلى الرغم من أن الأخير توجد أنواع ضارة منه، وكانت تركيزاته أعلى من الطبيعى، إلا أن بعض الأنواع الأخرى لها خواص علاجية رائعة.


    اعداد: د. خالد سلطان السلطان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة

    – إذا لم تنفع أخاك المؤمن فلا تؤذه


    أهل الإيمان لهم معاملة خاصة، والناس -عمومًا- لهم معاملة عامة، سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين، وقد جاء الإسلام ليهذب أتباعه فقال الله -تعالى- مادحًا رسوله صلى الله عليه وسلم : {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وفي الحديث الذي رواه أبو ذَرٍّ جُنْدُبُ بْنُ جُنَادةَ، وأبو عبْدِالرَّحْمنِ مُعاذُ بْنُ جبلٍ -رضيَ اللَّه عنهما-، عنْ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ», لقد بَنى الإسلام أُسسَه في تنظيم العلاقةِ الاجتماعية بين أبناء المجتمع المسلم على قواعدَ مُثلى وركائزَ فضلى، وجعل من أهم هذه الأسس والركائز الأخلاق الحسنة، وجعل من علامات كمال الإيمان أن يحب المسلم لأخيه ما يحبه لنفسه؛ فقال - صلى الله عليه وسلم-: «لا يؤمِن أحدُكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه»
    يقول يحيي بن عثمان بن معاذ - رضي الله عنه -: «ليكن حظ المؤمن منك إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه»
    فهذه ثلاث وصايا مهمة لصلاح العلاقات بين أبناء المجتمع:
    الوصية الأولى: «إن لم تنفعه فلا تضره»
    فالمسلم كما قال - صلى الله عليه وسلم-: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، فالأصل في المؤمن أنه ينفع الناس كلهم، ولكنه يزيد نفعه مع أهل الإيمان، فحاول إن لم تستطع أن تنفع أخاك فإياك أن تضره! وهذا مع أهل الإيمان عمومًا، وكلما كان أقرب كانت هذه الوصية أبلغ وأشد وأكثر؛ فاحرص عليها؛ فأحب عباد الله إلى الله أنفعهم؛ فأذي المؤمن شيء عظيم؛ لأن الله اتخذ أهل الإيمان أولياء له، فإياك أن تؤذي أحباب الله! قال -تعالى-:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
    الوصية الثانية: «إن لم تفرحه فلا تغمه»
    حاول دائما أن تدخل الفرح والسرور على إخوانك في الله، وبشرهم بالمسرات والمبشرات، ومع الأسف، هناك من الناس من ترى أنه يسارع في إرسال الرسائل التي لا تفرح أبدًا، بل تأتي بالهم والغم، فإذا كان هناك خبر سيء فلا تسارع في نشره، وهناك من الناس من يوصل الأشياء التي تفرح بقدر ما يوصل الأشياء التي تغم؛ لذا قال -في الوصية الثانية-: إذا لم تستطع أن تدخل الفرح على أخيك المؤمن فلا تغمه بالأخبار والأقوال والأفعال السيئة.
    الوصية الثالثة: «إن لم تمدحه فلا تذمه»
    فالأصل في حق المؤمن أن تمدحه؛ لأنه من أهل الإيمان، فتمدحه على توحيد الله -عز وجل-، وعلى الصلاة وقراءة القرآن، وأنه على منهج السلف -رضوان الله عليهم-، وأنه من أهل الدعوة إلى الله -عزوجل-، امتدح فيه هذه الأشياء، فإن لم تفعل ذلك، فلا تذمه ولا تذكره بالسوء، سواء بحضرته أم بغيبته، وغيبته أعظم، كما قال - صلى الله عليه وسلم-: «أَتَدْرُونَ ما الغِيبَةُ؟ قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْرَهُ. قيلَ: أفَرَأَيْتَ إنْ كانَ في أخِي ما أقُولُ؟ قالَ: إنْ كانَ فيه ما تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فيه فقَدْ بَهَتَّهُ». فذكر عقوبة الغيبة ولم يذكر عقوبة الافتراء والبهتان؛ لأنها أعظم عند الله -تعالى-؛ فادخر الله له عذابا لا يعلمه إلا هو.
    اجعل هؤلاء الثلاث حظ المؤمن فيك، ما بين النفع والمدح والفرح، وإياك أن تؤذيه أو تغمه أو تذمه!؛ فإن ذلك ليس من صفات أهل الإيمان.


    اعداد: د. خالد سلطان السلطان


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة

    – الدفاع عن القرآن


    روى ابن حبان في صحيحه والحديث أيضًا صححه البخاري وهو حديث يحكي أحداث غزوة أحد، هذه الغزوة المعروفة والمشهورة التي ذكر أطرافها في كتاب الله -عز وجل-، وجاءت السيرة بتفصيلها تفصيلا كبيرًا، ونتحدث عن المشهد الذي انتهي بهزيمة جيش المسلمين أمام جيش الكفار، عندما عصى بعض المسلمين أوامر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحل عليهم بعد ذلك هذه الخسارة الكبيرة، فبعد أن انطفأت نار الحرب وأخذ كل جيش مكانه: «... فَقالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قالَ: أَفِي القَوْمِ ابنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قالَ: أَفِي القَوْمِ ابنُ الخَطَّابِ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إلى أَصْحَابِهِ فَقالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فقَدْ قُتِلُوا، فَما مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقالَ: كَذَبْتَ واللَّهِ يا عَدُوَّ اللَّهِ؛ إنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وقدْ بَقِيَ لكَ ما يَسُوؤُكَ، قالَ: يَوْمٌ بيَومِ بَدْرٍ، والحَرْبُ سِجَالٌ، إنَّكُمْ سَتَجِدُونَ في القَوْمِ مُثْلَةً، لَمْ آمُرْ بهَا، ولَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ، قالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم -: أَلَا تُجِيبُوا له؟ قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما نَقُولُ؟ قالَ: قُولوا: اللَّهُ أَعْلَى وأَجَلُّ، قالَ: إنَّ لَنَا العُزَّى ولَا عُزَّى لَكُمْ، فَقالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم -: أَلَا تُجِيبُوا له؟ قالَ: قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما نَقُولُ؟ قالَ: قُولوا: اللَّهُ مَوْلَانَا، ولَا مَوْلَى لَكُمْ».
    فعمر - رضي الله عنه - لم يقصد مخالفة أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، ولكنه لم يملك نفسه ولم ينكر عليه رسول الله، فهو يعلم أن عمر فعلها حمية لله ورسوله؛ فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - وسكوته إقرار.
    فائدة كبيرة
    الشاهد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الرد عليه عندما كانت القضية قضية أشخاص، وعندما وصلت القضية للشرع والدين والرسالة لم يتحمل - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يعطينا تصورا عاما للقضية وفائدة كبيرة من هذا الموقف: «أنه إذا كانت الحروب حروب أشخاص فلا تدخل فيها، ولكن إذا كانت للدين وأحكامه وشرائعه فلابد من الكل أن يتصدر للدفاع عنه».
    كلٌّ على قدر استطاعته
    وليس المقصود أن تخرج إلى الشارع وتتكلم وتضع لافتة، بل كلٌّ على قدر استطاعته، حتى الرجل في بيته عليه أن يجمع أهل بيته ويتحدث معهم عن فضل القرآن وأهميته، وأن ويستنكر هذا الفعل الشنيع أمامهم، كل شخصٍ على قدر استطاعته، علينا ألا نقف عند هذا الحدث فقط بالعواطف، وإنما رصد كل من يهاجم القرآن للرد عليه، وإعداد الردود المناسبة بالكتابة، وفي مواقع الإنترنت، وفي غيرها، والاهتمام بتحفيظ القرآن الكريم للأولاد، ومساندة حلق التحفيظ، ونشر المصحف، وترجمة معانيه، والاعتناء بالتفسير، ودروس التفسير، وعلوم القرآن، ويجب أن نتخذ من هذا الحدث منبرًا للكلام عن فضل القرآن، وأحكام القرآن، وبلاغة القرآن، وإعجاز القرآن، وهيمنة القرآن على سائر الكتب.
    مواقف السيرة
    ولذلك فإن المواقف التي نقرؤها في السيرة ليست مواقف عادية، ولكنها تعلمنا كي نتعامل مع الواقع ومع الناس الذين يهاجمون شريعتنا؛ فهذا ليس هجوما شخصيا ولكنه هجوم على الأمة والدين والشرع، وهجوم على محمد - صلى الله عليه وسلم - ودعوته، فكان لابد هنا من أن نظهر جهادنا في سبيل الله، قال -تعالى-: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}، وقال أيضا: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} وآيات الجهاد في سبيل الله عظيمة وكثيرة، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ}، والجهاد في الاسلام ليس بالسلاح فقط، مع شروطه وضوابطه، التي أكاد أجزم أنه لا أحد يعرف هذه الضوابط والشروط كما جاءت في كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - إلا السلفيون، وكل من خرج عن السلفية لا يعلم شيئا عن الجهاد الحق.
    جهاد الحجة والبيان
    ومن أنواع الجهاد المشروع: جهاد الحجة والبيان، فبه ننافح عن ديننا الذي يتعرض للأخطار من قبل المشركين والمبتدعين؛ فإن حماية العقيدة وكف العدوان والمعتدين من أعظم المهمات؛ فبه يُري الإنسان ربه أنه مؤمن ثابت على إيمانه ومعتز به ويقوم بدوره في الذود عن هذا الدين على أكمل وجه.


    دورنا في الدفاع عن القرآن الكريم
    القرآن العظيم أنزله -تعالى-: {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } (النمل:2)، وقد جاء للعالمين من الإنس والجن نذيرًا؛ ليحذِّر من عصى الله عقابه وناره، ومبشرًا من أطاعه جنته ورضوانه، فقال -تعالى-: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (الفرقان: 1)، ويستغرب بعضهم الآن ما حدث من إهانة للمصحف الشريف على يد بعض المنافقين والمشركين، فبدلًا من أن يؤمنوا بهذا الحق، ويتدبروا فيه ويسلموا به، تراهم يصدون عنه ويستهزئون به، بل -والعياذ بالله- وصل بهم الأمر إلى أن يدنسوه ويهينوه.
    ونصرة كتاب الله تكون بأمور عدة:
    (1) العمل بالقرآن
    العمل بالقرآن هو أشد ما يغيظ أعداءنا، ويوهن كيدهم، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، فقد (كان خُلقه القرآن)، قال النووي: «وَكَوْنُ خُلْقِهِ الْقُرْآنَ هُوَ أَنَّهُ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِآدَابِهِ وَأَوَامِره وَنَوَاهِيه وَمَحَاسِنه».
    (2) حفظه وتعلمه وتعلميه
    وحتى نصل إلى ذلك لابد لنا من حفظه وتعلمه وتعلميه؛ حتى نطبقه عن علم ودراية، راجين ثواب حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي شفيعًا يوم القيامة»، وهو في السلسلة الصحيحة.
    (3) نشر معاني القرآن الكريم
    كذلك نشر معاني القرآن الكريم ولا سيما بين غير المسلمين، وإيجاد ترجمات صحيحة خالية من الأخطاء.
    (4) إنشاء الأوقاف الإسلامية
    إنشاء الأوقاف الإسلامية لصالح جمعيات تحفيظ القرآن الكريم وطباعته، وطباعة سائر علوم القرآن، وتراجم معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأخرى، ونشره عبر الوسائل المرئية والمسموعة وعبر شبكة الإنترنت.
    (5) الردود العلمية
    وكذلك قيام طلبة العلم والباحثين بإعداد الردود العلمية على أولئك المنتقصين لكتاب الله -عز وجل-، أو المفترين الجدد والرد عليهم وإفحامهم.



    اعداد: د. خالد سلطان السلطان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة

    – شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي


    أتحدث اليوم عن حديث كلكم تحفظونه، رواه أبو داود في سننه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «شفاعتي لأَهلِ الْكبائرِ من أمَّتي»، والنبي -[- أوتي جوامع الكلم، فهذه كلمات قليلة، ولكنها تحمل في طياتها الكثير من المعاني.
    المعني الأول: مقام الشفاعة أولا: أن الله -عز وجل- جعل هناك مشاهد ومقامات يوم القيامة، ومنها مقام (الشفاعة)، وهذا المقام سيكون له أمران: - الأمر الأول: أن الله -عز وجل- يأذن للشافع. - الأمر الثاني: أن الله يرضى عن المشفوع. قال الله -تعالى-: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}، وقوله -تعالى-: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}.
    المعني الثاني: النبي - صلى الله عليه وسلم - هو صاحب الشفاعة العظمى النبي - صلى الله عليه وسلم - هو صاحب الشفاعة العظمى (المقام المحمود) فنسأل الله -عزوجل- أن تكون الوسيلة والفضيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا المقام الذي جعله الله سيكون صاحبه محمدا - صلى الله عليه وسلم - كما أخبرنا رسولنا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - له شفاعات كثيره منها: 1- الشفاعة الأولى: شفاعة الإذن بالحساب (وهذا أكبر موقف للعالم كله). 2- الشفاعة الثانية: شفاعة السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب. 3- الشفاعة الثالثة: شفاعة لأهل الذنوب والمعاصي من أمته، فهناك طائفة من أمه محمد كتب عليهم العذاب وبشفاعته - صلى الله عليه وسلم - لا يعذبون، وهناك طائفة أخرى كتب عليهم العذاب ويعذبون فترة ثم يخرجون من النار بشفاعته - صلى الله عليه وسلم . 4- الشفاعة الرابعة: شفاعته - صلى الله عليه وسلم - بأن يرفع الله درجات أناس في الجنة، أما شفاعته لأهل الكبائر لقوله - صلى الله عليه وسلم - «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» وهذه فيها ملحظ أن الإيمان أمره عظيم «فأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله» تنجي العبد من أمرين: - الأمر الأول: عدم دخوله للنار إذا كان صاحب استقامة بفضل الله -عز وجل. - الأمر الثاني: لا يخلد في النار؛ لأن عنده هذه البطاقة وهي (الشهادة) فهي أمان من الخلود في النار، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يخلد في النار من قال: لا إله إلا الله».
    المعني الثالث: لا تيأس من رحمة الله إن الذي ارتكب الذنوب والمعاصي والآثام عليه ألا ييأس من رحمة الله، وإن الله من رحمته أوحى لرسوله أنك يا محمد ستشفع لأصحاب الذنوب من الكبائر، وهذا خبر أخبر النبي به أمته قال: «إن الله أخبرني أنه سيقبل لي شفاعة لأصحاب الكبائر من أمتي».
    المعنى الرابع: بشرى لأهل الذنوب وهذه فيها بشرى لأهل الذنوب، فلو سمع المذنب أن النبي سيشفع لأهل الكبائر من أمته يدعوه ذلك ليحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، واتباعه ومعرفة سننه ومنهجه ودينه؛ فإذا تعلم هذا الأمر استقام وتأثر.
    المعنى الخامس: لسنا معصومين عن الخطأ هل نحن معصومون من الوقوع في الكبائر؟ الجواب: لا. فلا تسمع هذا الحديث وتحسب أنك بعيد عن هؤلاء، فبعض الناس جعل لنفسه قدسية، فحتى لو كان حافظا للقرآن والسنه وداعيا وساعيا في أعمال الخير، فنحن لسنا معصومين من الوقوع في الكبائر، والله يسترنا، وإذا نظرنا للكبائر نجد أن لها بابا كبيرا قد نقع فيها ونحن لا ندري، منها : كبائر آفات اللسان من غيبة ونميمة واستهزاء، وكبائر النظر، وكبائر السمع، وكبائر العقوق، وكبائر قطيعة الأرحام، فتحتاج أن نتوب منها، فلو مت وأنت لا تعلم فلعل الله -عز وجل- أن يجعل محمدا شفيعا لك يوم القيامة؛ فهي ليست مقتصرة على الذنوب الكبيرة المعروفة كالزنا وغيره، وإنما تتطرق الكبائر إلى أمور أخري كثيرة كما ذكرنا، فنسأل الله العفو والعافية، ونسأل الله أن يتوب علينا وصلى الله وسلم على محمد.

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة

    – الموحد لا ينقطع رجاؤه في ربه


    الموحد لا ينقطع رجاؤه من الله -سبحانه وتعالى-؛ لأن الموحد الحقيقي هو الذي يحسن الظن بربه، ويحقق معاني التوحيد في قلبه؛ فإن كان في مقام توحيد الربوبية، فإن الله هو الخالق والرازق والمحيي والمميت؛ فأنت تفرد الله بأفعاله، وإن كان في توحيد الألوهية، فإنك تعبد إلها واحدا لا شريك له، ولا يستحق أحد أن يُعبد مع الله -جل وعلا-، والله أغنى الشركاء عن الشرك، وإن كان الموحد يوحد الله في أسمائه وصفاته، فقد عرف أسماء ربه وصفاته فعظم أمر الله في قلبه.
    والذي يولد هذا الشعور، أن العبد لا ينقطع رجاؤه في الله -عزوجل- يعني يرجو الله -عز وجل- إلى آخر رمق وأخر نقطة ممكن للإنسان أن يصل إليها، ولا يدخل في قلبه اليأس ولا القنوط من رحمة الله -عزوجل-؛ فإن اليأس والقنوط من حال الكافرين؛ لأن من ينقطع رجاؤه، وييأس من رحمة الله هم القوم الكافرون، وأما أهل الإيمان فلا يأس ولا قنوط.
    قصص يعتبر منها الإنسان
    وهناك حالات في القرآن ذكرها الله قصصا ليعتبر منها الإنسان، ويرى قدرة الله -عزوجل-، وانظر إلى أثر التوحيد في ذلك، إبراهيم -عليه السلام- رجل ليس به أي عيب خلقي ويستطيع أن يرزق بأولاد بعد الله -عز وجل- ولكن زوجه عقيم، فسارة عندما كبرت في السن ورزق إبراهيم بإسماعيل من زوجة أخرى وهي هاجر، وتركهم في وادي غير ذي زرع ورجع إلى زوجته سارة بُشر بإسحاق من زوجته العقيم ومن وراء إسحاق يعقوب؛ فقالت زوجته متعجبه: أألد وأنا عجوز عقيم وهذا بعلي شيخا؟! فقالت لها الملائكة: أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت. وقد يكون الأمر عكس ذلك، فتكون المرأة صالحة ليس بها عيب، وإنما الرجل هو الذي يكون عقيما، فالمرأة صالحة لأن تكون مزرعة ينتج من ورائها بإذن الله، ومع ذلك الإنسان لا يقطع رجاءه في الله -تعالى- أن يكون له ذرية.
    زكريا -عليه السلام
    ولكن من أعجب الحالات حالة زكريا -عليه السلام-، هو عقيم وامرأته عجوز كبير ومع ذلك ما قطع رجاءه في الله -عزوجل-؛ فقال في القرآن: {ورَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} يعني أرض قاحله لا تصلح للزرع، ومع ذلك دعا ربه ولم ييأس ولم يقنط من رحمته؛ فقال الله -تعالى له-: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}.
    لا تقطع رجاءك في الله
    فلا ينقطع رجاؤك يا مؤمن في الله -عزوجل-؛ فمهما كان الأمر بعيدا، فهو عند الله قريب، ومهما كان صعبا، فهو عند الله يسير، ومهما كان احتمالية عدم وجوده، فالله -عز وجل- إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
    قصة واقعية
    وهذه قصة حدثت معي في حج 1443؛ حيث كان هناك رجل عقيم ليس لديه أي فرصة تمامًا للإنجاب، ومرت عليه سنوات طويلة قرابة 16 سنة، وزوجته صالحة للإنجاب يقول: في عرفة هذا العام استشعرت أن الله يدنو من الخلائق لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَهْبطُ اللَّهُ إلى السَّماءِ الدُّنيا عَشيَّةَ عَرفَةَ ثم يباهي بِكُمُ الملائِكَةَ، فيقولُ: هؤلاءِ عِبادي جاؤوني شُعثًا من كلِّ فَجٍّ عميقٍ، يَرجونَ رَحمتي ومَغفِرَتي، فلَو كانَت ذنوبُهُم كعَددِ الرَّملِ لغَفرتُها، أفيضوا عبادي مغفورًا لَكُم لمن شفعتُمْ فيه»، يقول: وتعرفت على إخوة صالحين وطلبت منهم أن يدعوا الله لي وأن يرزقني الذرية، وزوجتي فعلت كذلك. وبعد رجوعه بشهرين فإذا امرأته حامل، فقد ذهب للفحص فإذا بالنتائج تخرج أنه ليس به أي عيب، فقال له الطبيب: ما العلاج الذي أخذته؟ فقال: والله وجدت علاجا غريبا، فقال له: وما هو؟ فقال: يوم عرفة وقفت في صعيد عرفة وأنا بإحرامي ودعوت الله بيقين، وأشركت إخواني معي الصالحين، وزوجتي فعلت مثل ذلك فحقق الله -عزوجل- لي ما طلبت، ورزقت بولد والحمد لله رب العالمين.
    رجاؤك في الله كبير
    فدائما اجعل رجاءك في الله كبير، وهذا لا يتحقق إلا كنت من أهل التوحيد الخالص؛ لذلك حقّق التوحيد في قلبك وتعلم وتدبر أسماء الله -تعالى- وصفات الربوبية والألوهية فإن ذلك مما يحقق اليقين في قلبك، وطالع دائمًا كتب التوحيد وراجعها باستمرار، ويوجد منها مختصرات لمقام التوحيد ومعرفته، ومن ذلك كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكتب الشيخ ابن تيميه -رحمهم الله- ففيها بركه ومن فهمها فهما سليما، حقق الله مراد التوحيد في قلبه، فأسال الله أن يتقبل رجاءنا ودعاءنا وألا يخيب رجاؤنا فيه.
    حقيقة الرجاء
    الرجاء: هو الطمع في فضل الله ورحمته، والاستبشار بِجُود الرب -تبارك وتعالى- وفضله، والثقة والانشراح لمطالَعَة كرمه -سبحانه-، قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(البقرة: 218)، وقد سُئِلَ أحمدُ بنُ عاصمٍ -رحمه الله-: ما علامة الرجاء في العبد؟ فقال: «أن يكون إذا أحاط به الإحسان، أُلْهِمَ الشكرَ راجيًا لتمام النعمة من الله عليه في الدنيا والآخرة، وتمام عفوه عنه في الآخرة»، وقيل: «علامة صحة الرجاء حسن الطاعة». وأنواع الرجاء ثلاثة، نوعان محمودان، ونوعٌ غرور مذموم، فالأولانِ: رجاءُ رجلٍ عَمِلَ بطاعة الله على نور من الله، فهو راجٍ لثوابه، ورجل أَذْنَبَ ذنوبًا ثم تاب منها، فهو راجٍ لمغفرة الله تعالى وعفوه، وإحسانه، وجوده، وحِلْمه، وكرمه، فهذان النوعان محمودان، والثالث: رجاء رجل متمادٍ في التفريط والخطايا، يرجو رحمة الله بلا عمل، فهذا هو الغرور، والتمني، والرجاء الكاذب. وقد أجمع العلماء على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل، وأمَّا ترك العمل، والتمادي في الذنوب، اعتمادًا على رحمة الله، وحسن الظن به -عز وجل- فليس من الرجاء في شيء، بل هو جهل، وسَفَه، وغرور، فرحمة الله قريب من المحسنين لا من المفرطين، المعاندين، الْمُصِرِّينَ. ومن هنا ندرك الفرق بين الرجاء وبين التمني والغرور؛ إذ التمني يكون مع الكسل وترك العمل ولا يسلك صاحبه طريق الجِدّ والاجتهاد، وأما ا لرجاء فيكون مع العمل والطاعة، وبذل الجهد وحسن التوكل، قال -تعالى-: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(الكهف: 110). وأما الغرور فهو تمنٍّ مع انخرام أسبابه والعمل بالضد، قال يحيى بن معاذ: «مِنْ أعظمِ الاغترارِ عندي التمادي في الذنوب مع رجاء العفو من غير ندامة، وتوقُّع القُرْب من الله -تعالى- بغير طاعة»، ويصدق على ذلك قول الشاعر:
    تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ مَسَالِكَهَا
    إِنَّ السَّفِينَةَ لَا تَجْرِي عَلَى الْيَبَسِ


    اعداد: د. خالد سلطان السلطان
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة – خطـورة الكـبر


    محمد الشرقاوي
    أتحدث اليوم عن داء عظيم، وهذا الداء من ابتلي به فقد أصابه مرض عضال، ومرض يحتاج إلى العلاج النبوي، وهذا الداء نهى الله عنه، ونهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو: (داء الكبر) وقد أصيب كثير من المسلمين بهذا الداء وانتشر عندهم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، قالَ: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ». أي: محق الحق، واستحقار الناس.
    خطورة الكبر
    الكبر قد يكون من المسؤول، فالمدير قد يتكبر على الموظفين وينسى العلاقة الأخوية بين المسلمين، والكبر قد يكون «بسبب كثرة العلم»، فيتكبر العالم على العامة بسبب كثرة علمه، ومن الكبر أيضًا الكبر بسبب النسب أو «الجنسية» فيتفاخر المرء بجنسيته أو بنسبه، وينظر للناس ويقيمهم بهذا المنظور ويتكبر عليهم، ومنهم من يتكبر على الناس «بالمال» فينظر إلى نفسه ويقول: أنا غني وهذا فقير، وهذا كله من الكبر الذي قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وذمه حتى ولو كان صغيرا فقال:» لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»
    الجزاء من جنس العمل
    وذكر أيضًا - صلى الله عليه وسلم - أن الجزاء من جنس العمل، فمن يتكبر ويتسلط على الناس في الدنيا، يجازيه الله بعقوبة مثلها في النار، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:» يُحشَرُ المتكبِّرون يومَ القيامةِ أمثالَ الذَّرِّ في صُوَرِ الرِّجالِ، يغشاهم الذُّلُّ من كلِّ مكانٍ، يُساقون إلى سجنٍ في جهنَّمَ يُقالُ له: بُولَسُ، تعلُوهم نارُ الأنيارِ، يُسقَوْن من عُصارةِ أهلِ النَّارِ طِينةَ الخَبالِ». والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول أيضا:» بينما رجل يمشي؛ إذ أعجبته حلته، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة»، فهو كما تكبر بثيابه على الناس فيهبطه الله ويخسف به في الأرض إلى يوم القيامة.
    التكبر بالنسب
    وأما الذي يتكبر بالنسب، فقد روى أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: انتسب رجلان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما: «أنا فلان بن فلان، فمن أنت لا أم لك؟»، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «انتسب رجلان على عهد موسى -عليه السلام-، فقال أحدهما: «أنا فلان بن فلان -حتى عد تسعة-، فمن أنت لا أم لك؟»، قال: «أنا فلان بن فلان بن الإسلام»، فأوحى الله إلى موسى -عليه السلام- أن هذين المنتسبين: أما أنت أيها المنتمي أو المنتسب إلى تسعة في النار، فأنت عاشرهم، وأما أنت يا هذا المنتسب إلى اثنين في الجنة، فأنت ثالثهما في الجنة» رواه الإمام أحمد.
    نسب الإسلام هو الذي يدخلك الجنة
    فنسب الإسلام هو الذي يدخلك الجنة، أما النسب العادي لا يدخل الجنة، بدليل أن أبا طالب -عم النبي صلى الله عليه وسلم صاحب أشرف الأنساب- في ضحضاح النار، وبلال بن رباح الحبشي كان عبدا، ومع ذلك سمع النبي خشخشة نعليه في الجنة، فالنسب لا يقدم ولا يؤخر أبدا، فهذا الحديث يبين لك أن معيار التفاضل عند الله هو «الإسلام» وليس الأنساب قال -تعالى-:{إن أكرمكم عند الله أتقاكم}؛ فميزان التفاضل هو التقوى، فلا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى.
    تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكبر
    وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكبر؛ فرأى رجلا يعير أخاه بالعبودية؛ فقال له: إنك امرئ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم،».
    حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على التواضع
    وكان - صلى الله عليه وسلم - يحرص على التواضع ويأمر به ويقول» من تواضع لله رفعه» وكان - صلى الله عليه وسلم - هو سيد المتواضعين، يقول أحد الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:» أنه كان يمشي مع المرأة الخرقاء فيقضي حاجتها»، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأكل كما يأكل العبد، ويجلس كما يجلس العبد، وكان يقول: «إنما أنا بشر مثلكم»، وكان حريصا على ألا يميز نفسه أمام أصحابه، فكان يدخل الأعرابي ويسأل أيكم محمد؟ وهذا فيه دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يميز نفسه عن صحابته، فكان متواضعا.
    تحريم الكِبْر والإِعجاب
    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: ينبغي للمؤمن أن يحذر أن يعجب بعمله، أو نفسه، أو أن يتكبر على إخوانه، يجب الحذر من ذلك؛ فإن الإنسان محلُّ الخطر، فينبغي له أن يُحاسب نفسه، وأن يُجاهدها حتى لا يقع في قلبه التَّكبر على إخوانه والعجب بنفسه فيهلك، ولهذا حذَّر الله من ذلك وقال في قصة لقمان: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لقمان:18)، وقال -في قصة قارون-: {إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} (القصص:76) يعني: فرح الكبر، فرح الخيلاء والتَّكبر. فالواجب على المؤمن الحذر، وأن يكون على بينةٍ وبصيرةٍ في أمره؛ لأنه ضعيف، ما الذي يدعوه إلى التّكبر والإنسان ضعيف؟ خلقه الله من ضعفٍ، وهو على ضعفٍ، فكيف يتكبر على إخوانه؟ وكيف يستنقصهم؟ وكيف يُعجب بنفسه؟ فالواجب عليه أن يحذر ذلك. قال رجل: يا رسول الله، الرجل يُحب أن يكون ثوبُه حسنًا، ونعله حسنةً، أفذاك من الكبر؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ الله جميلٌ يُحبُّ الجمال، الكِبْر: بطر الحق، وغَمْط الناس، ومعنى بطر الحق: ردّ الحق، وغمط الناس: احتقارهم، هذا هو الكبر، ردّ الحق؛ لأنَّه خالف هواه، واحتقار الناس؛ لأنَّهم ما أتوا على شاكلته وهواه، فيحتقرهم، فالكبر: بطر الحق، وغمط الناس، يعني: احتقار الناس، فينبغي للمؤمن أن يكون بعيدًا عن ذلك، وأن يحذر التّكبر والعجب وجميع ما نهى الله عنه، كذلك حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: يقول - صلى الله عليه وسلم -: لا يدخل الجنةَ مَن كان في قلبه مثقالُ حبَّة خردلٍ من كبر، وهذا وعيدٌ شديدٌ، ويجب الحذر، فالواجب على المؤمن أن يُجاهد نفسه في التَّواضع وعدم التَّكبر وعدم العُجب؛ لأن العبد على خطرٍ، وقد تغرُّه نفسه، وقد تغرُّه دنياه، وقد تغرُّه وظيفته، فليحذر.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة

    – حسن الظن بالله


    بالابتلاء يتعاهد الإنسان نفسه ويزكيها ويصلح ما انفرط من عهودها مع الله فيرجع لمولاه فيتبرأ من حوله وقوته ليلوذ بحول الله وقوته
    المؤمن يتلقى أمر اللّه برضا واستسلام لأنه ما ركن للحياة الدنيا ولا أخلد فيها ولأنه يعلم أنها جسر العبور ومزرعة لحياة أخرى
    الابتلاءات تضبط بوصلة الإنسان وتصحح مساره فيعود لله ذليلاً خاضعاً راجياً التوبة والقبول
    أبدا أولا بالابتهال إلى الله -تعالى- أن يرفع عن أمة الإسلام والمسلمين كل مصيبة وبلاء، وأن يلهم الصبر والسلوان كل من أصيب بهذه المصائب التي قدرها الله -عز وجل- على أمتنا في ليبيا والمغرب ومصر وغيرها من البلدان الأخرى، وأن يثيبهم أجرا عظيما، ويجعل ذلك في ميزان حسناتهم. وأريد أن أقف وقفة سريعة على هذه الأحداث:
    الوقفة الأولى
    يجب أن نعلم أن الملك لله، والله يفعل بملكه ما يشاء {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، فلا يحق لأحد أن يعترض على أقدار الله -عز وجل- في ملكه؛ فالله -عز وجل- يعطي من يشاء، ويؤمِّن من يشاء، ويخوف من يشاء، ويغني من يشاء، ويفقر من يشاء، ويصح من يشاء، ويمرض من يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، فهذا كله بيد الله -عز وجل-، وكل أقواله وأفعاله لحكمة، فهو الحكيم الخبير.
    الوقفة الثانية
    لا تسئ الظن بالله -عز وجل-؛ فالله -سبحانه- له حكمة في كل أموره، فبعض الناس قد يقول: لماذا يقدر الله هذه الأقدار على الناس وهي دول عربية ومسلمة، ومع أنها أمة محمد - صلى الله عليه وسلم ؟ ومع ذلك لا يحق لنا أن نسأل هذا السؤال؛ فالله يَسأل ولا يُسأل، قال -تعالى-: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}، وهذا السؤال قد يجر الإنسان إلى أن يسيء الظن بالله -عز وجل-، والله قال: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}. في صحيح البخاري ومسلم «دخل جماعة على عمران بن حصين، وكان مريضا قد نزل به من المرض ما نزل، فابتأسوا لحاله، وأظهروا هذا الأمر بالأقوال والأفعال، وهو صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم: لا تحزنوا؛ فإن الله -تعالى- قال: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (الشورى:30) وهذا فيه أمران: 1- الأول: إحسان الظن بالله؛ لأنه عفا عن كثير. 2- الثاني: إساءة الظن بالنفس؛ لأنها السبب في المصائب والابتلاءات. وهل قال الله لنبيه: إنه لا يصيب بالابتلاءات والمصائب من كان موحدا؟ كلا؛ فالله لم يقل ذلك، بل قال في آية تدل على أن المصائب سنة ماضية في الخلق، فقال: (وَلَنَبْلُونكم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة157).
    سنة ماضية في الخلق
    فالله بين أنها سنة ماضية في الخلق، وأنه -سبحانه- عفا عن أشياء كثيرة، تصدر مني ومنك ومن الناس ومن الأمة أجمع، وأن الله أخبر أنه لو أراد أن يحاسب كل إنسان فردا ومجموعة أو أمة على كل ما فعلوه أنظر إلى النتيجة قال -تعالى-: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} (45البقرة)، ولكن الله يعفو ويتجاوز ويرحم، بل جاء قوم لعلي بن أبي طالب فقال لهم: «ألا أخبركم بحديث على كل مسلم مؤمن أن يحفظه، إن الله إذا عاقب في الدنيا عقوبة عفا عنها في الآخرة، ومن لم يأخذه في الدنيا فإن الله يغفرها بمغفرته ورحمته يوم القيامة».
    لا تحكم على الأحداث
    فلا تحكم على ما حدث أنه عقوبة؛ فربما كان ابتلاء، وأحسن الظن بربك وأسئ الظن بنفسك، ولا تفرح بوقوع مصيبة، وإذا أردت أن تتكلم فتكلم عن شكر نعم الله الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، فنحذر من المعاصي والآثام والخطأ الذي يقع فيه الناس، ولكن لا نتشفى ولا نضحك ولا نرقص على مصائب الناس؛ فهو خلاف ما جرت عليه سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يحزن للمصائب التي تقع على الأفراد، كما كان يحزن على ما يقع للأمة، وهذا ما يجب على كل مسلم معتدل في مشاعره وإيمانه وعلمه، ليقوده ذلك إلى كيفية التعامل مع الأحداث.
    موقف المؤمن من الابتلاءات
    يتميز المسلم عن غيره في الابتلاء من خلال ردة فعله وسلوكه؛ فالمؤمن يتلقى أمر اللّه برضا واستسلام؛ لأنه ابتداء ما ركن للحياة الدنيا ولا أخلد فيها، ولأنه يعلم أنها جسر العبور ومزرعة لحياة أخرى؛ ولهذا فإن المسلم ينظر للابتلاء نظرة يستقي منها ويُربي نفسه على أبعاد الابتلاء وقيمه التربوية، ومن هذه الأبعاد والقيم: أولاً: تحقيق العبودية لله
    فالإنسان في كل حالاته ومقاماته لا يتعدى كونه عبداً لله؛ لقوله -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)؛ فلا يزال يتنقل في عبوديته بين الشكر في السراء والصبر في الضراء، لا تفتنه الحياة بمباهجها، ولا تجزعه بمصائبها، ولا يخرج بذلك عن مقام العبودية لله. ثانياً: التوبة والأوبة لله
    يقول -جل شأنه-: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} (الحديد:16)، فالابتلاءات تضبط بوصلة الإنسان وتصحح مساره، فيعود لله ذليلاً خاضعاً راجياً التوبة والقبول، والإنسان أقرب ما يكون لمولاه إنما في شدته ومصابه، وكأن الشدائد لها قرع يحيي موات القلوب ويستلها من غفلتها، فتعود عن ضلالها وغيها لرحاب الله كعودة العبد الآبق بين يدي سيده نادماً خاضعاً، يرجو العفو والمغفرة والقبول. ثالثاً: الإخلاص وتزكية النفس
    وهذا مدار سعي الإنسان في حياته: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} (الشمس:7-10) فبالابتلاء يتعاهد الإنسان نفسه ويزكيها ويصلح ما انفرط من عهودها مع الله؛ فيرجع لمولاه، ويتبرأ من حوله وقوته ليلوذ بحول الله وقوته. رابعًا: التضرع والدعاء لله
    {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} (الأنعام:42)، وقد قيل في تفسير هذه الآية: «البأساء: الفقر والمصائب في الأموال، والضراء: المرض والمصائب في الأبدان، لعلهم يدعون الله بضراعة وهي التذلل» (زبدة التفسير). خامسًا: تكفير الذنوب والخطايا
    لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مصيبة يصاب بها المسلم إلا كفر بها عنه، حتى الشوكة يشاكها» (رواه مسلم). سادسًا: الثواب العظيم الذي يرجوه المؤمن من ربه
    والمؤمن يرجو من ربه الثواب العظيم فيما أصابه من مصائب وشدائد؛ لقوله -تعالى-: {وَلَنَبْلُونكم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة:155-157).

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة

    – كتاب التلخيص المصور لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم


    في سنة 1959 انتهي الشيخ الألباني -رحمة الله عليه- من البحث الأول في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان في دمشق، والطبعات التي درسنا فيها صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنة 1980 كانت هي الطبعات المتأخرة، ولعل أكثر من درس صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - درسها على الطبعة الأخيرة.
    والشيخ ناصر -رحمه الله- في سنة 1983 جعل لهذا الكتاب الذي يقع في ثلاثمائة وعشرين صفحة -والذي يعد المتن في بيان صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى سماها (صفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم كأنك تراه)- جعل له مختصرا في 32 صفحة على هيئة نقاط. وفي الحقيقة من تأمل الكتاب الأصل مع المختصر، يجده -سبحان الله- إبداع يوجز العبارة حتى تصل إلى القارئ بسهولة وكأنك تراها، وفي سنة 2006 رأينا الكتاب الأصل في ثلاث مجلدات، في بعضها إسهاب وتفصيل بالأسانيد والنقد الحديثي والفقهي، إلى أن وصل إلى ثلاث مجلدات، وكنت أراجع الشيخ مشهور حسن -وهو من خيرة تلاميذ الشيخ الألباني- في بعض أشياء في الصفة بعد الفجر، وكان يرد علي مباشرة، حتى أحالني إلى رسالة صغيرة، وقال:» هذا حق الأخ محمود، أخذ مختصر الصفة وصورها تصويرا ( كيف تقف؟ كيف تضع يدك في الصلاة؟ كيف تركع؟ كيف تسجد؟....ألخ).
    طباعة الكتاب
    فبعد ذلك استحسنت أن نطبع هذا الكتاب واستأذنت الشيخ محمود فأجازني بإذن خطي لجمعية إحياء التراث أن تطبع هذا الكتاب، وبالفعل طبعناه على شروط الكتاب دون زيادة ولا نقص في متن الكتاب، وفعلا تقيدنا بذلك إلا أنا وضعنا كلمة للشيخ طارق العيسى يوم طلبنا منه، إلا أنه قال لي اكتبه أنت، فكتبت نيابة عن الكلمة الطيبة لتخريج هذ الكتاب، ووضعت أشعارا في الثناء والمدح للشيخ الألباني كانت لأخينا خالد الخراز، ووضعنا في الأخير الإنجازات التي قامت بها الكلمة الطيبة، ومنها الاهتمام بالكتاب، ووزعناه.
    الإقبال الكبير والثناء العظيم
    والعجيب أننا رأينا الإقبال الكبير والثناء العظيم على هذه الرسالة من الناس، ولا سيما أن فيها وضع الصور بالكيفية التي كان يصليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالحمد لله فهذه وإن كانت رساله صغيرة إلا أنه جاء من ورائها خير عظيم بفضل الله؛ فالناس بحاجة إلى أن تعلمهم أقل الأشياء، وتتكلم معهم في المسائل العضال وقضايا الأصول والتخريج والأسانيد تصحيحا وتضعيفا، فترى أن معظم الناس محتاج أن تبدأ معهم من الصفر، وترى أن أقل المسائل لا يعلمها كثير من الناس. وأنا أقول الحمد لله؛ أن وفقت جمعية إحياء التراث الإسلامي في مثل هذه الرسالة التي وصلت إلى كثير من الناس، وإن كانت 10.000 نسخة التي طبعت ما تكفي الفترة القادمة، ويحتمل أن نعيد طباعتها، واستأذنت المؤلف بأن نكبر الكتاب لكبار السن وأصحاب النظر الضعيف حتى يروا الصورة جيدة، ولكي يطبقوا التطبيق الصحيح لصفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمن صلى الصلاة وتابع فيها محمدا - صلى الله عليه وسلم - فليعلم أنها الصلاة الكاملة المقبولة عند الله؛ لأن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا له، وكان موافقا لرسول الله، ونسأل الله أن نكون مفاتيح خير، مغاليق للشر لأنفسنا ولأمتنا وصلى الله على نبينا محمد.

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة

    – واجبنا تجاه أحداث غزة


    الواجب الأول على كل مسلم الدعاء لإخوانه أن يحفظهم الله وأن يمكنهم وينصرهم وأن يهزم أعداءهم وأعداء فلسطين
    على كل مسلم القيام بما يجب عليه القيام به أيا كان موقعه سواء كان دورا خيريا أم دورا سياسيا أم دورا برلمانيا أم دورا دبلوماسيا
    لا شـك أنّ القلب يعتصـر ألما وجزعًا على إخــوانٍ لنا في اللـه -عز وجل- في أرض فلسطين، والكثير منا يتابع هذه الأخبار، ولكن كما تعرفون أن الأخبار التي تأتي إلينا هي في الغالب أخبار مقطوعة أو مبتورة، أو أن هناك أجزاء كثيرة من الحلقات مفقودة لا يعرفها الكثيرون، وحتى لا نقع في أخطاء قد تكون كبيرة؛ لأنها قد تقدح في الإيمان، وقد تقدح في الولاء الذي ينعقد بين أهل الإسلام وبعضهم بعضا، لذلك فإني أقول: أمسك عليك لسانك، وقل خيرًا تغنم، أو اسكت عن شر تسلم.
    وفي مثل هذه الأحداث نجد بعض الناس يحاول إلقاء الملامة على أهل الاسلام هناك، وأن الأمة فيها وفيها، ونحن نعلم تمامًا ما في الأمة من ابتلاءات وجراح، ولكن لا يليق أن نتكلم عن الأمة بهذا الشكل في تلك الحال.
    لا تقل بهذا القول
    وكذلك لا يجوز أن نتكلم بتلك الطريقة على من كان هناك في فلسطين فنلقي بالملامة على من ابتدأ الأحداث، فنقول أحدثوا أو ابتدؤوا أو ألقوا بشرارة أعمالهم، والأن هم يلقون جزاء هذه الأعمال. لا يا إخواني، لا يجوز لنا أن نقول بمثل هذا القول، لماذا؟ لأنك لا تدري طبيعة الأمور، حتى وصلت الى هذه النقطة وجعلت هذه الشرارة تنطلق وتبدأ، إذًا فما المطلوب؟ المطلوب منا في مثل هذه الحال الصعبة الدعاء لإخواننا ولأمتنا، ادع للأمة بالخير، وأن يحفظها الله -عز وجل- وأن يكتب لإخواننا النصر والتمكين.
    فتاوى علماء الدعوة السلفية
    الأمر الثاني، الذي قد يقع فيه بعضنا أنه يريد أن يتكلم بأن العلماء مثلا -الدعوة السلفية- تكلموا عن قضية فلسطين ويأتي بقضايا وبأمور وبجزئيات لا تليق أن تقال الأن، وفيها إساءة لهم؛ حيث يأتي بفتوى للعالم الفلاني ليسقطها على هذه الأحداث، وهذا من الخطأ البين. لأن الشيخ الذي تكلم قديمًا في هذه القضية، تكلم في واقعة محددة ومعينة وفي أحداث معينة وسياق معين تكلم فيها، فإذا كان الحدث الحالي هو شبيه تماما بما تكلم فيه فنعم، وأما أن تأتي بكلامه في غير موضعه فهذه إساءة لا تجوز، وأنت هنا بهذا التصرف ترسخ لمبدأ إساءة الظن في إخوانك في الله -عز وجل- أصحاب المنهج الحق في مثل هذه القضية التي تعد قضية أمة اليوم.
    سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم
    والأمر الثالث في مثل هذه الأحداث أنه يجب علينا أن نعرف بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له أيام وقعت فيها مثل هذه الأمور من الخوف والشدة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - تعامل مع من أخطأ في مثل هذه القضايا معاملة توجيه، ومعاملة رحمة، معاملة ما خرجت عن النصرة وما خرجت عن الولاء، الولاء بمعناه المحبة والتأييد والانتصار لأمة الإسلام وللمسلمين. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة أحد مثلا بدأ معركته بالانتصار في الجولة الأولى منها، ولكن بتقدير واجتهاد خطأ للرماة الذين كانوا على جبل نزلوا ظنًا منهم أن الحرب قد انتهت وانتصر المسلمون، وكان قائد جيش الكفار في هذا الوقت خالد بن الوليد - رضي الله عنه -، الذي أدرك أنَّ هذه فرصة لكي يعوض الخسائر، فصعد على جبل الرماة وألحق بالمسلمين الهزيمة. هذا الخطأ مكَّن الكفار من أهل الإسلام في هذا الوقت، نعم عاتبهم الله -عز وجل- لأنهم ما أطاعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تقيدوا بكلامه، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هجرهم وما كفرهم وما خرَّجهم عن الأمة وما قال للصحابة تستحقون ما حدث لكم لأن هؤلاء فعلوا وفعلوا! لا، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - استطاع أن يضبط الأمر، وعلمهم أن الاجتماع على التوحيد والاجتماع على اتباعه -[- هو الذي يحقق النجاح والفلاح. وبعدها مباشرةً خرج - صلى الله عليه وسلم - من هذه المعركة إلى معركة حمراء الأسد بالرغم من جراحهم وآلامهم مع قتلاهم وموتاهم، فجعل الله -عز وجل- النصر المعنوي لهم أكبر من النصر المادي للكفار في غزوة أحد، فهنالك قد هزموا ماديا في غزوة أحد، لكن ما بعد الغزوة مباشرة الله -عز وجل- جعل لهم النصر؛ إذ بعث الرعب في قلوب أعدائهم المنتصرين عليهم.
    القضية والدور المطلوب
    إخواني، في نهاية هذا الأمر أريد أن أبين أن القضية كبيرة، والمعلومات التي لدينا قليلة جدا، فإذا أردت فهناك واجبان اثنان لا ثالث لهما إن شئت: الواجب الأول: الدعاء
    أن تدعو لإخوانك أن يحفظهم الله وأن يمكنهم وينصرهم، وأن الله -عز وجل- يهزم أعداءهم وأعداء فلسطين، فاليهود هذا الكيان الغاصب أعداء للأمة، ولا تحسبهم يريدون فلسطين فقط، وإنما المخططات التي يخططون لها يريدون بها الإسلام والمسلمين جميعا، فهم يريدون وأد المسلمين هذا مخططهم، ففلسطين جزء من كيان الأمة المراد إبادتها وهذا الجزء الذي يستطيعون مواجهته، وباقي الأمه يدبرون لشل حركتها. الواجب الثاني: النصرة
    أنك تقوم بالنصرة، فتدفع من مالك؛ فهناك جرحى بحاجة الى أدوية وعلاجات، وهناك متضررون فقراء يحتاجون إلى الطعام والغذاء والمسكن والملبس فنحاول القيام بهذا الدور، وهناك من عليه دور سياسي، ودور برلماني، ودور نيابي، ودور دبلوماسي، يقوم به إخواننا في الله من أهل تلك الأماكن من أبناء الأمه، حتى نرمم هذا الرقع الذي صار، نسأل الله -عز وجل- من فضله وكرمه أن ينصر هذه الأمة، وأن ينصر المسلمين حيث كانوا، والحمد لله رب العالمين.
    واجبنا تجاه المسجد الأقصى
    يجب على رجال الإعلام وكل رب أسرة مسلمة، نشر الوعي بمكانة القدس والمسجد الأقصى؛ بحيث يعلم الجميع حقيقة هذه القضية، وأنها ليست خاصة بالشعب الفلسطيني، وإنما هي قضية دينية إسلامية تتعلق بديننا وكتاب ربنا، علينا أن نعلِّم أولادنا ونساءنا وسائر أفراد أمتنا أن القدس هي أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث صلَّى بالأنبياء عليهم السلام جميعًا إمامًا، وأنَّ هذا إيذان ببيعته - صلى الله عليه وسلم - هو وأمته لكي يحملوا لواء الوحي الإلهي للبشرية إلى يوم القيامة.
    بث حب المسجد الأقصى في القلوب، وبيان مكانته ومنزلته في الإسلام، وبيان التضحيات التي بذلها الصحابة الكرام في فتحه، وما تلاها من جهود عظيمة بذلها الفاتحون.
    يجب على كل مسلم أن يكون لديه يقين كبير بأنَّ وعد الله -تعالى- قادم وقريب جدًا، وأن يبثَّ روحَ الأملِ والتفاؤلِ بهذا الوعد، فليساهم كلُّ مسلمٍ في نشر هذه الروح، وليعمل على استمرارها.
    بيان أحكام الجهاد الشرعية، وإسنادها لأهلها العارفين بها من الولاة الشرعيين والعلماء الربانيين، وترك الافتيات عليهم بما يرجع بمحض الضرر على الأمة جمعاء، والوقوف صفا واحدا بالاعتصام بالله وبشرعه، وترك كل هوى نفسي أو تفرق طائفي أو تكتل حزبي يشتت الأمة ويضعفها، ويذهب ريحها وقوتها. قال الله -تعالى-: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال:٤٦).
    والمطلوب منا ونحن نعيش حال شدة، وكرب، ومحنة، وفتنة أن نفزع إلى الله -تعالى- بالتضرع، والدعاء لجوء من لا حيلة له إلا بربه -عبادة، وتوكلاً -: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (الطلاق:3).



    اعداد: د. خالد سلطان السلطان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة



    – أهمية دراسة سـيـرة النبي صلى الله عليه وسلم

    مشكلة الأمة اليوم أنها لم تدرس سيرة النبي صلى الله عليه وسلم دراسة عميقة ومتأنية ولم تنتفع بها الانتفاع المطلوب ولم تأخذ منها العبرة كما ينبغي
    ليس العالم هو الذي يعرف الخير من الشر ولكن العالم هو الذي يعرف خير الخيرين وشر الشرين ويستطيع التمييز بينهما
    من القضايا المهمة التي يجب أن نوليها اهتمامنا من بداية الخلق إلى اليوم بالدراسة والبحث والتدقيق، وأن تدرس دراسة دقيقة عميقة، هي تلك الـ 23 عامًا التي قضاها النبي - صلى الله عليه وسلم- في مكة والمدينة، وهي مجمل دعوته ورسالته - صلى الله عليه وسلم-، ولو ركزنا على هذه المدة لاستخرجنا منها أشياءً عظيمة، تحقق منظومة الخير والمصالح والسعادة في الدنيا والآخرة.
    وهذه المدة هي التي ابتدأ بها الوحي أول ما نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم- بأول لقاء بين النبي - صلى الله عليه وسلم- وبين جبريل عليه السلام (سيد الملائكة مع سيد البشر)، وأنزل الله عليه {اقرأ بسم ربك الذي خلق}، فمن هذا اليوم إلى اليوم الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم- «بل الرفيق الأعلى» يوم فاضت روحه - صلى الله عليه وسلم-، لو ركزنا في تلك الفترة، لحققنا مصالح وخيرات لا حصر لها على مستوى الفرد والجماعات، بل على مستوى العالم أجمع؛ لأن الله -تعالى- قال للنبي - صلى الله عليه وسلم-: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، فثلاثة وعشرون عامًا كانت رحمة.
    القرآن الكريم وسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم
    لذلك من يقرأ القرآن يجد أن الله تكلم عن بداية الخلق لآدم -عليه السلام-، ومن بعده الأنبياء والمرسلون وأولو العزم منهم (نوح وإبراهيم وموسى وعيسى) -عليهم الصلاة والسلام-، كل هذا يمثل ما بين الربع إلى الثلث في القرآن، إذًا وباقي الثلثين ماذا يحوي؟ إنه يحوي حياة النبي - صلى الله عليه وسلم-، كل المواقف التي مرت على النبي - صلى الله عليه وسلم- مذكورة في القرآن لماذا؟ أعني لماذا ذكر الله -عزوجل- الخلق كله إلى بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم- في ربع أو ثلث وثلاثة أرباع أو ثلثين في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم؟ لأن هذا هو الذي يحتاجه الخلق إلى قيام الساعة، نحن والعالم كله نحتاج في كل لحظه إلى حياة النبي - صلى الله عليه وسلم- كي تصحح المفاهيم، وتبنى المعاني والقيم، وتُصوب المواقف.
    كتاب البداية والنهاية
    هذا ابن كثير في كتاب البداية والنهاية تخيل أنه أفرد مجلدا واحدا في بداية الخلق، ومن سنة 13 هجرية إلى سنة 767 هجريا جعلها في ثمانية مجلدات، ويوم تكلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في حياته تكلم في أربعة مجلدات، تخيل العالم كله من بداية الخلق في مجلد. وأنا أتكلم عن ابن كثير؛ لأنه هو الذي فسر القرآن فأخذ الآيات التي جاءت من بداية الخلق إلى بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم- في مجلد واحد، وبالتقسيم في مجلدين، وما بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى عهده -رحمة الله تعالى عليه- في ثمانية مجلدات، والنبي -[- تكلم عنه في أربعة مجلدات؛ لأن هذه الثلاث والعشرين سنة التي عاشها النبي - صلى الله عليه وسلم- هي الحياة الحقيقية للأمم؛ لذا نحن نقول: إن ما نعيشه اليوم في واقعنا إنما هو جزء من التاريخ والتاريخ يعيد نفسه.
    مشكلتنا اليوم
    مشكلتنا اليوم أن الأمة لم تدرس هذه الحقبة المباركة دراسة عميقة ومتأنية، ولم تنتفع بها الانتفاع المطلوب، ولم تأخذ منها العبرة كما ينبغي، هذه الحقبة المليئة بالعبر والفوائد، والحكم؛ لذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله عليه- يقول: «ليس العالم هو الذي يعرف الخير من الشر، ولكن العالم هو الذي يعرف خير الخيرين، وشر الشرين» فيبدأ يميز بينهم، نحن اليوم مشكلتنا ليست في طلبة علم ولا حفظة قرآن ولا حفظة سنة، ولكن عندنا مشكلة في كيف نقرر المصالح وندرأ المفاسد؟ من يقرر هذا غير عالم جليل راسخ في العلم؟
    غزوة الأحزاب
    وفي غزوة الأحزاب ترى وصفا دقيق من حذيفة بن اليمان:»برد شديد، وظلمة شديدة، وأصوات الرياح المزعجة، وفيها صوت الرعد والبرق، مع جوع وخوف وشدة وتعب» فقد جاء عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوم الأحزاب: «من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: إن لكل نبي حواريا، وإن حواريَّ الزبير». رواه البخاري.
    كيف وفي القوم كبار الصحابة؟
    وروى حذيفة - رضي الله عنه - ذلك فقال: قال رجل: «لو أدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قاتلت معه وأبليت، فقال حذيفة: أنت كنت تفعل ذلك؟ لقد رأيتنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليلة الأحزاب وأخذتنا ريح شديدة وقر؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟ فسكتنا فلم يجبه منا أحد، ثم قال: ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟ فسكتنا فلم يجبه منا أحد، ثم قال: ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟ فسكتنا فلم يجبه منا أحد؛ فقال: قم يا حذيفة فأتنا بخبر القوم، فلم أجد بدا؛ إذ دعاني باسمي أن أقوم، قال: اذهب فأتني بخبر القوم، ولا تذعرهم علي، فلما وليت من عنده، جعلت كأنما أمشي في حمام، حتى أتيتهم فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره بالنار، فوضعت سهما في كبد القوس فأردت أن أرميه فذكرت قول رسول الله -[- ولا تذعرهم علي، ولو رميته لأصبته، فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام، فلما أتيته فأخبرته بخبر القوم، وفرغت قررت، فألبسني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها فلم أزل نائما حتى أصبحت، فلما أصبحت، قال: قم يا نومان. فكل واحد فيكم يقول: يا ليتني كنت موجودا في ذلك اليوم، كي أقول: أنا يا رسول الله، وأنا أقول لك هذا كذب، تدري لماذا؟ كيف وفي القوم أبوبكر وعمر وعلي وعثمان وطلحة والزبير ومعاذ بن جبل وعبدالله بن عمر وعمرو بن العاص -رضي الله عنهم جميعًا- ما أحد منهم قال أنا يا رسول الله! هل تتخيل معي هذا الموقف؟! فلا تقل أنا لا لا لا، وحذيفة يرد على هذا الذي يقول: لو كان فينا رسول الله ما تركناه يمشي على الأرض. يكمل حذيفة فيقول: حتى سماني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: والله لو ما سماني رسول الله لما قمت، لكن مع أن الوضع صعب، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم- طلب الأخبار دون أن يذعرهم عليهم وهذه قمة الحكمة، حذيفة يومها يقول إنه بعدما أخذ الأخبار يقول: بيني وبين أبي سفيان رمية حجر، ويقول: أخرجت سهمي ووضعته في كبد القوس ثم تذكرت كلام النبي - صلى الله عليه وسلم- «لا تحدث أمرا، ولا تذعرهم علينا».
    طاعة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم
    فأنزل سهمه سمعا وطاعة لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- رغم تلك الفرصة لقتل قائد جيش العدو وقتها، وتحققت المصلحة بعدما تقيد بما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبو سفيان جعله الله ينظر إلى أحوالهم في هذه الليلة في تلك الأجواء الصعبة من البرد والرياح وشدة الظلمة وعدم استقرار؛ مكوثهم فأخذ قرار العودة إلى مكة.
    نموذج جلي في الهدي النبوي
    فيا أخي، احذر من أن تقوم بشيء يضر الجماعة! احذر ان تحدث شيئا يضر بلدكم! احذر أن تعمل شيئا يضر أمتك! وتذكر دوما توجيه النبي - صلى الله عليه وسلم-: «لا تذعرهم علينا» ذلك التوجيه نموذج جلي في الهدي النبوي الكريم في مراعاة قضية تحقيق المصالح ودرء المفاسد، والحفاظ على الكرامة الإنسانية والحفاظ على الدماء والأعراض والأموال والعقول والدين قبل ذلك، لذلك نحن بالفعل في حاجة إلى دراسة تلك الثلاث والعشرين سنة دراسة دقيقة حتى نحقق منظومة الأمن والسعادة في الدنيا والآخرة.

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة

    – أمتنا أمة واحدة


    لزوال السماوات والأرض أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم فالمسلم له مكانه عظيمة عند الله عزوجل لا يستهان بها
    أمتنا أمَّة واحدة وما يحدث فيها شيء واحد والدم المسلم أينما يكون تراه عزيزًا عند الله عزوجل أولا ثم عند أهل الإيمان الحق
    روى كل من الإمام بن ماجه، والترمذي، والبيهقي في سننهم جميعا -رحمة الله تعالى عليهم- بمجموع هذه الأحاديث يصحح شيخنا الألباني هذه الروايات التي جاءت عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- وعن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد دخل الكعبة فرحب بها قال: «مرحبا بهذا البيت! ثم طاف النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى البيت فقال: ما أطيبك وما أطيب ريحك وما أعظمك وما أعظم ريحك! والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم حرمة منك ماله ودمه».
    تأملوا هذا الحديث ففيه بيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - أولا لحرمة هذا البيت، وهو بيت الله -عز وجل- الكعبة، وهو قبلة المسلمين، وهو أول بيت وضع للناس {للذي ببكة}، وهو الذي فوقه البيت المعمور، وهو الذي جعل الله -عز وجل- له حرمه، ومع ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتيه الوحي من الله -عز وجل- يا محمد، قل لأمتك: إن هذا البيت طيب، وأن هذا البيت له حرمة، لكن المؤمن عند الله -عز وجل- له حرمة في ماله ودمه أعظم من حرمة بيته، وهذا في الحقيقة يدل على عظمة الإيمان، فما يحمله العبد في قلبه من إيمان عند الله عظيم.
    بيان النبي - صلى الله عليه وسلم - لعظم هذا الأمر
    لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء في مواطن كثيرة ومن أعظمها في يوم عرفة؛ حيث خطب خطبة بليغة - صلى الله عليه وسلم - وبين فيها أمورا كثيرة، وقال فيها: «إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» وهذا البلد الذي أشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - هو بيت الله الحرام وفيه الكعبة الذي هو أعظم بيوت الله -سبحانه وتعالى- في الأرض، وهذا أيضا فيه بيان لعظمة دم المؤمن عند الله -عز وجل-، وكما جاء في الأثر المشهور، «لزوال السماوات والأرض أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم» فالمسلم له مكانه عظيمة عند الله -عز وجل- لا يستهين بها أحد، لكن استهان بها الكفار، وجعلوا دم المسلم أرخص الدماء؛ فلا يستهن مسلم سواء بأقواله أم بأفعاله بدماء المسلمين.
    استنفار الجميع لأجل فلسطين
    وهناك مشهد يبين هذا، لماذا الناس (كل الأمة) اليوم قد قامت وحُق لها أن تقوم؟ وانزعجت وحُق لها أن تنزعج؟ واستنفرت وحُق لها أن تستنفر؟ فيما يحدث من مذبحة ومن إبادة لإخواننا المسلمين في غزة وفي فلسطين، نعم يجب أن يتمعر الوجه، وأن ينقبض القلب، وأن ترتعد النفس، وأن يشعر الإنسان بضيق، لما أصاب إخواننا في الله -عز وجل-؛ لأن المؤمنين إخوة كما قال الله -عز وجل-، وكما قال نبينا: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
    المسلمون تتكافأ دماؤهم
    قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمونَ تتكافأُ دماؤهُم، ويسعى بذمَّتِهم أدناهُم، ويردُّ عليهم أقصاهُم، وهم يدٌ على من سواهم»، اليوم نجعل المساجد كلها تدعو لإخواننا في فلسطين نعم -وحُق لهم ذلك-، وإننا نجمع التبرعات وبطريقة كبيرة -وحُق لهم ذلك-، وإننا نجتمع من أجلها أمما وبلدانا ومنظمات، نعم -قد حُق لهم ذلك-، وهذا ما يجب أن نفعله مع جميع المسلمين الذين يتعرضون لمآس في شتى بقاع الأرض، ولقد مر علينا مشاهد لمسلمين يؤخذون وهم أحياء، وقد أججت لهم النار ويُلقى الرجال والنساء والأطفال فيها!
    انتقائية المشاعر
    المطلوب منا أن نبكي لهؤلاء جميعًا ولا يكون لدينا انتقائية في المشاعر، فدم المسلم في أي مكان غال، كما ضاقت صدورنا هنا، لابد وأن تضيق أيضًا على كل مسلم، فالله -سبحانه وتعالى- ما استثنى دما دون دم؛ فلزوال السماوات والأرض أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم واحد رجل أو امرأة، كبير أو صغير، فقير أو غني، أبيض أو أسود، عربي أو أعجمي ليس هناك فرق أبدًا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم. اليوم ترى المظاهرات تخرج هنا وهناك، وتعقد الاجتماعات، والمهرجانات خطابية، -نعم إخواننا المسلمين في فلسطين يستحقون ذلك-، لكن أيضًا الذين يعانون في أفريقيا يستحقون، والذين يعانون في الهند يستحقون، والذين يعانون في بورما يستحقون، والذين يحرقون ويُبادون في الصين يستحقون، والذين يُدفنون وهم أحياء يستحقون، لابد أن يتوحد عندنا هذا الشعور، شعور الأمة الواحدة، والدم الواحد.
    الأمّة واحدة
    أمتنا أمَّة واحدة، وما يحدث فيها شيء واحد، والدم المسلم أينما يكون تراه عزيزًا عند الله -عزوجل- أولا ثم عند أهل الإيمان الحق، فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يحيي الإيمان في قلوبنا وأن يجدده، وإن كان هناك خلل في هذا الشعور، فإنما هو نتيجة لخلل في الإيمان، وخلل في الولاء والبراء.
    تغطيات مجلة الفرقان
    أما الحق، فوالله مثل ما نرى عند إخواننا -ولا نزكي على الله أحدا- في الفرقان مثلا تغطي كل القضايا والمجازر التي تصيب المسلمين في كل أنحاء العالم، وهذه الجمعية المباركة جمعية إحياء التراث الإسلامي التي تدفع -بفضل الله عزوجل- لإغاثة إنسانية ولكرامة إنسانية وقبل ذلك هي إيمانية لإخواننا المستضعفين والمحتاجين في شرق الأرض وغربها، هذا هو سبيل الحق وميزانه الذي يجب أن نتكلم به، ثم يأتيك سفيه يسفه أعمالنا وأقوالنا ولايراها شيئًا! نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرفع عن هذه الأمة ما وقع فيها بتقديره -جل وعلا- وبرحمةٍ منه.

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة

    – ولكنكم قوم تستعجلون


    لابد من دراسة العهد المكي حتى نأخذ منه العبر والعظات مما حصل للصحابة رضوان الله عليهم وكيف كانت الشدة التي واجهها النبي صلى الله عليه وسلم وقت الحصار في شعب أبي طالب
    موعود الله تعالى بنصر المؤمنين لن يتخلف ولكننا نحتاج إلى يقين وإلى صبر وإلى ثبات على هذا الدين وهذا المنهج
    حديثنا اليوم عن مشهد من مشاهد صمود المسلمين في العهد المكي، فهذا الصحابي الجليل خباب بن الأرت - رضي الله عنه - هذا الرجل الذي عايش واقعًا مريرًا كما عاشه النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة -رضي الله عنهم- الذين كانوا مستضعفين وقتها في مكة المكرمة، يأتي للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - متوسدا ببرده في ظل الكعبة، فعن خباب بن الأرت - رضي الله عنه - قال: «شَكَوْنا إلى رَسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنا: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا؟ ألا تَدْعُو لَنا؟ فقالَ: قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ، ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ، حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلَّا اللَّهَ، والذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ ».
    النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف الواقع الذين يتكلمون فيه، وهو - صلى الله عليه وسلم - جزء من هذا الواقع، بل هو - صلى الله عليه وسلم - يعيش شيئا أعظم مما يعيشه الصحب الكرام -رضوان الله عليهم- من الابتلاء، فالله -سبحانه وتعالى- جعل سنة كونية في الخلق وهي سنة الابتلاء، والأمر الثاني في هذا الابتلاء أن أشد الناس ابتلاءً هم الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل؛ لذا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان أكثر منهم في هذا الابتلاء.
    الابتلاء ليس خاصا بهذه الأمة
    والأمر الثالث أن الابتلاء ليس خاص بهذه الأمة؛ لذا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا فعل؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة بعد ما انتهوا من كلامهم: «قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ، ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ».
    مشهد مؤلم
    انظر الى هذا المشهد معي: عدو يأخذ مسلما لأنه مؤمن، ويأتي له بمنشار بعدما يحفر له في الأرض؛ بحيث لا يظهر سوى رأسه فينشر نصفين، تخيل هذا العذاب وهذا الألم مع كل لحظه من لحظات هذا الانسان قبل أن يموت! ينشر نصفين ما بين لحم ودم وعظم وعصب وما يرده ذلك عن دين الله!. نعم هو مع هذا المشهد المؤلم والصعب كان ثابتا على الدين، وما تسخط على دين الله -عزوجل- وما تسخط على الشرع، وما تسخط على النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان في عهده أبدا، وإنما ثبت على أمر الله -عزوجل-؛ لأنه يعلم أن هذا ابتلاء من الله -عزوجل.
    واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ
    ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ»، وهذا قسم وإذا أقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو صادق أكيد، «لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ» أي سيسود هذا الأمر، وتكون العزة للإسلام والمسلمين، ويكون الملك لهذا الدين، ويكون السؤدد لهذا الدين وهذه الشريعة.
    معالجة النبي - صلى الله عليه وسلم - للأمر
    ثم أكمل النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلَّا اللَّهَ، والذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ» يعني من شدة الأمان، هل ترون يا أحباب كيف عالج النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الشكوى وكيف تعامل معها؟ النبي - صلى الله عليه وسلم - بدأ حديثه وأخذهم الى الزمن البعيد ليسمعهم ما لاقاه أهل الإيمان من ابتلاء وسنة الله الكونية مع المؤمنين من قبلهم؛ لذا نحن نحتاج إلى مثل هذه الرسالة الآن؛ فما يمر به أهل غزة وفلسطين أمر شديد، ولهم في ذلك سلف، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أسوتنا - صلى الله عليه وسلم - فلننظر ماذا صار معه - صلى الله عليه وسلم ؟
    أهمية دراسة العهد المكي
    ينبغي للمسلمين أن يدرسوا ماذا حصل للصحابة -رضوان الله عليهم؟ وكيف كان يسمع أهل مكة بالليل صياح الأطفال وعويل النساء، وكيف كانت الشدة الذي واجهها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت الحصار، وما عندهم شيء، فكان يخرج منهم مثل البعر من الإمساك الشديد؛ فقد كانوا يأكلون أوراق الشجر، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ولقد أتت عليَّ ثلاثونَ من بينِ يومٍ وليلةٍ، وما لي ولبلالٍ طعامٌ يأْكلُهُ ذو كبدٍ إلاَّ شيءٌ يواريهِ إبطُ بلالٍ» يعني من الأكل شيء يسير، شهر كامل ما يأكل شيئا - صلى الله عليه وسلم - مع الصحابة -رضوان الله عليهم- عايش معهم هذا البلاء.
    الأمر يحتاج الى صبر
    لذا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد نقل الصحابة إلى هذا الجيل القديم من الأنبياء والمرسلين ليروا ماذا كان يصير معهم، لماذا؟ حتى يبين لهم ولنا أن الأمر يحتاج إلى صبر، وإلى الاقتداء بالمؤمنين السابقين الذين ما صدهم هذا الابتلاء الصعب عن دين الله، كما أنه - صلى الله عليه وسلم - في النهاية بشر ببشارة وهي أن النصر قادم. أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعد الهجرة مكن الله -عزوجل- له، والخلفاء من بعده توسعوا، والخلفاء من بعدهم توسعوا، حتى بلغت رقعة الأمة الاسلامية ما بلغت.
    موعود من الله
    وكل ما جاءت الفتن القريبة أو المشابهة لذلك العهد، فاعلموا أن هناك بشارة قادمة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -» واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ» وهذا موعود من الله، والله لا يخلف الميعاد؛ لذا فإننا نحتاج إلى يقين وإلى صبر وإلى ثبات، نحتاج إلى أن نثبت على هذا الدين وهذا المنهج، ونحسن الظن بالله -عزوجل-، وأن نعمل بالأسباب الشرعية والكونية التي توصلنا إلى تحقيق الأهداف.
    النصر لهذه الأمة
    وعد الله النصر لهذه الأمة، وأن اليهود سيزولون، وأنهم سيهزمون شر هزيمة، حتى أن الله -عزوجل- يسخر الحجر والشجر لنصرة المسلمين، عن أبي هريرة - رضي لله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ، فيقتلُهم المسلمون، حتى يختبئ اليهوديُّ من وراءِ الحجرِ والشجرِ، فيقولُ الحجرُ أو الشجرُ: يا مسلمُ يا عبداللهِ، هذا يهوديٌّ خلفي، فتعالَ فاقْتلْه، إلا الغَرْقَدَ، فإنه من شجرِ اليهودِ».

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة – صفات عباد الرحمن


    الله -عزوجل- من أسمائه الوهاب والمعطي والرزاق والكريم والجواد وهذا كله فيه معنى العطاء فالله عزوجل عطاؤه عظيم ورزقه كبير وهباته جليلة

    قرة العين أن ترى أبناءك في صلاح وفي طاعة ومن أهل الاستقامة ملتزمين بأوامر الله يطبقونها على أنفسهم في أقوالهم وأفعالهم
    إخواني الكرام دعونا نبحر اليوم -بإذن الله تعالى- في جزء من دعاء رائق، هذا الدعاء قد جعله الله -سبحانه وتعالى- من ضمن صفات عباد الرحمن، فقد بين الله -عزوجل- لنا صفاتهم القولية والفعلية، ومنها ماذا يطلبون من الله -عزوجل؟ فقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
    «وَالَّذِينَ يَقُولُونَ» أي عباد الرحمن، «رَبَّنَا» وهذا فيه أدب وهو أنك إذا أردت أن تدعو الله -عزوجل- لا تبدأ بذكر طلبك مباشرة، وإنما تبدأ بذكر أسماء الله -تعالى- وصفاته والثناء عليه -سبحانه وتعالى-، كما كانت صفة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم -، ثم بعد ذلك تصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم -، والآية ما ذكرت الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم - ولكن نجمع معها ما جاء في السنة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم - بين أن الدعاء المستجاب هو الذي يبدأ بالثناء على الله -عزوجل- والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم .
    «رَبَّنَا هَبْ لَنَا»
    «رَبَّنَا هَبْ لَنَا»، إن الله -عزوجل- من أسمائه الوهاب، ومن أسمائه المعطي، والرزاق، والكريم، والجواد، وهذا كله فيه معنى العطاء والله -عزوجل- عطاؤه عظيم ورزقه كبير وهباته جليلة لا يستطيع أحد من الناس أن يجمع عطايا رب العالمين سواء على الفرد أم على الخلق بأكملهم، {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌا}، ستتعب ويفنى عمرك وأنت ما جمعت ما أعطاك الله -عزوجل.
    شعور التقصير
    ولذلك فإن هذا المعنى لو استقر في قلبك سيولد بداخلك هذا الشعور من أنك فعلا عبد مقصر لن تستطيع أن توفي حق الله -عزوجل-، فلن تستطيع ان توفي رب العالمين حقه في العبادة وغيرها من أوجه شكر تلك المنح والهبات التي أعطاك الله -عزوجل- إياها؛ لذلك فإن الله -عزوجل- علمنا جوامع الكلم في الدعاء والشكر ليثقل بها موازيننا أمام تلك النعم والهبات التي أعطانا الله -عزوجل- إياها، قال -تعالى-: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم ْ}.
    الدعاء للزوجة
    هنا في دعائهم «رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا» دعاء واضح لزوجتك، نعم زوجتك أخي الحبيب، تلك المرأة التي اخترتها من بين نساء العالمين لأن تكون زوجه لك وأما لأولادك، وأمانا لبيتك، ومن تأمنها على أسرارك وعلى حياتك؛ فهي تستحق منك الدعاء، وأتعجب من بعض الناس الذين يمكن أن ينسوا زوجاتهم في الدعاء إلا في المناسبات أو مواسم العبادة مثل شهر رمضان أو الحج والعمرة، علما بأن من صفات عباد الرحمن أنهم يدعون مثل تلك الدعوات بإلحاح، والله -عزوجل- ما ذكر تلك القضية ودعاءهم بها إلا إشارة لمكانتها في نفوسهم، ولمدى تكرارهم لطلبها وإلحاحهم في ذلك على الله -عزوجل- أن الله -عزوجل- يهدي زوجتك ويصلحها ويتمم لها أمرها ويرزقها الإحسان والإيمان، وقتها تكون أنت في أمان وفي راحة، نعم انت.
    أكثر الناس شقاءً
    لذلك انظر إلى أكثر الناس شقاءً، تراه في أي باب؟ إن أكثر الناس يعاني في شقاء زوجته، يرى زوجته على غير هداية، وعلى غير استقامة، على غير تقوى، وعنده ضياع في حياته، ضاع عياله وبيته وحلاله وماله وهو نفسه قد ضاع، وقد يكون إنسانا مستقيما ينحرف عن الاستقامة بسبب زوجته، ولعلي وقفت مع أحد الإخوة عندما كان يتزوج، ثم رأيته بعد فترة انقطع فيها عن الشباب وعن وجوده معهم فلما سألته عن السبب أخبرني بأنه قد فارق زوجته وعند السؤال عن السبب؟ قال هذه المرأة -سبحان الله- كانت تتحبب لي من جهة، ولكن كانت تضعف إيماني من جهة أخرى، فبدأت آخذ من لحيتي وأطول ثيابي وبدأت أذهب إلى أماكن ما كنت أذهب إليها، فقد كنت في وسط الشباب المتدين منذ كنت صغيرًا وأبدا في حياتي ما دخلت سينما ولكنها أدخلتني السينما والمسارح، وبدأت أفعل أشياء عظيمة ما كنت أظن أني أفعلها يوما من الأيام.
    قضية مهمة في حياة المؤمن
    لذلك الله -تعالى- علمنا أنه -سبحانه- حين ذكر هذه القضية كم لها من الأهمية في حياة عباد الرحمن! فمن صفات عباد الرحمن أن أحدهم يدعو دوما «يا رب هب لي زوجة تكون لي قرة عين»، هذه نتيجتها أن قرة العين هذه ستجعلك تعيش في حياتك حياة سعيدة، حياة هانئة؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أربعٌ من السعادة» وذكر منها: «المرأةُ الصالحة»، ما اكتفى - صلى الله عليه وسلم - فقط بالمرأة، وإنما المرأة الصالحة المؤمنة التي إذا رأيتها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك، في نفسك ومالك واولادك.
    «وَذُرِّيَّاتِن َا قُرَّةَ أَعْيُنٍ»
    «وَذُرِّيَّاتِن َا قُرَّةَ أَعْيُنٍ» أي: اجعل لي يا رب أيضا ذرية قرة عين لي، سئل الحسن البصري: «قرة العين هذه في الآخرة؟» قال: لا في الدنيا.
    ما قرة العين؟
    الامام بن جرير الطبري جمع كل أقوال السلف في تفسيره فقال: «قرة العين للمؤمن أن يرى صلاح أبنائه»، أن ترى أبناءك في صلاح وفي طاعة موحدين، أهل استقامة، ملتزمين بأوامر الله، يطبقونها على أنفسهم، في أقوالهم وأفعالهم، هذه هي قرة العين. وسميت قرية العين؛ لأنها مصدر سرور ينبعث في القلب ويبدأ يظهر على العين، وقرة العين ليست فقط للإنسان المبصر لكن حتى الكفيف له من قرة العين نصيب؛ لأن القضية قضية القلب سرور في القلب يظهر على عينك، فيمتلئ قلبه فرحًا وسرورًا وبهجة بالأشياء التي امتدحها الله -عزوجل- فكأنه أصبح يرى هذا الشيء وهو لا يراه ويتصوره، أبناؤه وزوجه كونهم على طاعة واستقامة، ما شاء الله يذهبون معه للصلاة ويصومون معه ويحجون معه فيفرح قلبه وتصير وكأنها صارت قرة عين له». فلذلك هو حكم الغالب والغلبة للقلب والعين إنما هي أداة، فما في قلبك يظهر على عيونك، إذا كنت سعيدا يظهر على عينك، وإن كنت حزينا يظهر على عينك، حتى قال شيخ الاسلام ابن تيمية: «والعين تعرف من عين محدثها إن كان من حزبها أو من أعاديها» طبعا هذا يحتاج إلى فراسة إيمانية.
    لكل شيء سبب
    الشاهد أن دعائك {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} هو أن تراهم على طاعة، ولكن هل تريد ذلك دون أسباب منك؟ الله -عزوجل- جعل لكل شيء سببًا، فعلى قدر بذلك من الأسباب على قدر ما يأتيك من النتائج من عند الله، وإذا جاءت النتائج على غير ما تريد فاعلم ان هذا الأمر بيد الله وحده؛ لأن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. ترجو أن تصبح زوجتك امرأة تقية طائعة صالحة، ولكن يحدث ما هو غير ذلك؛ فاعلم أن هذا بقدر الله، وكذلك أولادك ترجو لهم الصلاح والتقوى ولم يحدث ذلك، فاعلم أن هذا بيد الله، وفي كل الأحوال أنت لابد من أن تبذل السبب في ذلك ما بين دعاء وما بين أسباب أخرى مادية التي من شأنها أن تصل بزوجتك وأولادك إلى هذا الصلاح والتوفيق من الله -عزوجل- والهداية منه وحده -سبحانه.

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة – سبع خطوات في السير إلى الله -عز وجل


    لا يوجد محبط للأعمال أعظم من الشرك بالله عزوجل عياذا بالله أو الردة أو الرياء أو السمعة فكلها محبطات للأعمال الصالحة
    هناك سبع محطات يجب أن تتوقف عندها وأنت تريد التقرب إلى الله عزوجل سواء كان تقربك إلى الله عزوجل في الأمور المأمور بها أم في الأمور المنهي عنها
    هناك سبع محطات يجب أن تتوقف عندها وأنت تريد أن تتقرب إلى الله -عزوجل-، سواء كان تقربك إلى الله -عزوجل- في الأمور المأمور بها أو في الأمور المنهي عنها، إما بإتيانك المأمور به أو بابتعادك عن المنهي عنه، وهذه المحطات قد أشار إليها شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب -رحمة الله تعالى عليه في كتبه ومصنفاته:
    المحطة الأولى: لا تعمل إلا بعلم
    أما عن المحطة الأولى: (لا تعمل أي عمل سواء بفعل الأوامر أو بترك النواهي إلا بعد علم) أي بعد أن تتعلم، وتلك هي المحطة الأولى، لابد وأن تهتم بالعلم، ومن يتجاوز تلك المحطة فإنه سيتجاوز أشياء كثيرة، وسيقع في أخطاء كثيرة لا حصر لها، قال الله -سبحانه- وتعالى- للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ}، قدم الله -عزوجل- العلم على العمل، ولذلك قال الإمام البخاري في هذا الأمر: (باب العلم قبل القول والعمل)، وكذلك أول مانزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم - قال له: { اقرأ }، ثم يأتي العمل فيما بعد، فإذا تلك هي المحطة الأولى، (محطة العلم)؛ فلا تأتِ شيئا ولا تنتهِ عن شيء إلا بعلم.
    المحطة الثانية: محطة المحبة
    المحطة الثانية التي سنقف عندها: (محطة المحبة) فما المحبة؟ لابد وأن تعرف يقينًا أنه ما أمر الله -عزوجل- بشيءٍ إلا أحبه، ولا نهى الله -عزوجل- عن شيء إلا كرهه، فأما المأمور فهو محبوب لذاته؛ لأن الله -عزوجل- يحبه، وأما المنهي عنه فهو مكروه عند الله -عزوجل-؛ فيصير عندك شعور أنك تحب هذا الأمر الذي أمر الله -عزوجل- به، وتكره المنهي الذي نهى الله -عزوجل- عنه؛ لأن الله -عزوجل- ما أمر بهذا إلا لخير، ولا نهى عن الشر إلا لخير؛ فيكون في قلبك حب لهذا المأمور وحب لتركك هذا المنهي عنه؛ لأن الله -عزوجل- هو الذي أمر بهذا، وهو -سبحانه- الذي نهى عن ذاك؛ ولذلك قالوا السنن الشرعية كلها محبوبة عند الله -عزوجل-، أما السنن الكونية ففيها ما هو محبوب عند الله -عزوجل- وفيها ما هو مكروه عند الله -عزوجل-، فالله -سبحانه- قدر -كونا- الكفر، وقدر الله -عزوجل كونا- الظلم، وقدر الله -عزوجل كونا- القتل، والله -عزوجل- لا يحب ذلك كله بل ونهى عنه، إذا في الأمور الشرعية والأحكام الشرعية بين أن الأوامر والنواهي كلها محبوبات لله -عزوجل- (الأمر والنهي) ولذلك فالله -عزوجل- ما أمر إلا بالخير، وما نهى إلا عن شر.
    المحطة الثالثة: العزيمة
    المحطة الثالثة: (أن يصير عندك عزيمة على الفعل والترك)؛ فبعد العلم يتولد لديك شيء في الداخل، فقد تعلمت الآن أن هذا الشيء أحبه الله وأمر به، وأن هذا الشيء الله -عزوجل- لا يحبه وقد نهى عنه؛ فصار في نفسي حب لأمر الله -عزوجل-، سواء بالفعل أم بالترك؛ فتأتي العزيمة وهي النية؛ لذلك من عزم على فعل أمر أو ترك نهي، فهو مأجور عند الله -سبحانه وتعالى-، فعزيمتك على الفعل إنما هي نية، «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».
    المحطة الرابعة: العمل بالعلم
    المحطة الرابعة: (العمل بهذا العلم)، والعمل هو الأمر المطلوب، وهو ثمرة العلم، كما قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب، تلك هي ثمرة هذه الزرعة والنبتة الطيبة التي زرعتها وتعبت عليها.
    المحطة الخامسة:العمل وفق ضابط محدد
    المحطة الخامسة: (أن تعمل بتلك الأحكام الشرعية من أوامر ونواه وفق ضابطٍ محدد) وهو كما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - قولا وعملًا، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}، «صلوا كما رأيتموني أصلي»، «خذوا عني مناسككم»، «من توضأ كما أُمر وصلى كما أُمر غُفر له ذنبه» هكذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ( كما أُمر ) فلابد من اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - قولا وعملًا وتركًا.
    المحطة السادسة: حماية الأعمال من المحبطات
    المحطة السادسة: (أن تحمي أعمالك من المحبطات)؛ فتحمي عملك من أي شيء قد يحبطه، ولا يوجد محبط للأعمال أعظم من الشرك بالله -عزوجل- عياذا بالله! أو الردة أو الرياء أو السمعة؛ فكلها محبطات للأعمال الصالحة؛ فإنك إذا تعبت في العمل، فحاول أن تجعل سياجا يحوط ذلك العمل ويحرسه ويحافظ عليه، سياجا من الإخلاص لله -عزوجل- واتباع النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فكما حفظنا العمل سابقًا بالاتباع، لابد وأن نحيطه ونحرسه أيضا بالإخلاص كي يرفعه الله -عزوجل- ويقبله، ولئلا تُحبط الأعمال عياذا بالله! فإن الله -عزوجل- لايقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا صوابًا (خالصًا لوجه الله -عزوجل- وصوابا على طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم ).
    المحطة السابعة: حب متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم
    المحطة السابعة: وهي آخر محطة: يا معاذ، والله إني لأحبك) قال: وأنا أحبك يا رسول الله، قال - صلى الله عليه وسلم -: «فلا تدع أن تقول دبر كل صلاة: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»، وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر من هذا الدعاء «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»، اثبت على هذا الأمر كما أخبرت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا عمل عملا أثبته»، أي ثبت عليه، سواء كان من الواجبات في الفعل أم من المستحبات، وبالطبع أو كان في ترك المحرمات أو المكروهات ابتغاء وجه الله -عزوجل. تلك كانت سبع محطات تذكرها ولا تنسها، واعمل بما فيها في نواحي حياتك كلها.

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة – حقيقة الأنس بالله تعالى

    - أول ما يذهب الوحشة من القلب هو الإيمان فالإيمان يُشعر القلب بنور ما فيه ظلمة وبأنس ما فيه وحشة وبفرح ما فيه حزن وبألفة ما فيه نفرة - لا يستوحش مع الله من عمر قلبه بحبه وأنس بذكره ومناجاته في سره وشغل به عن غيره
    إخواني الكرام، هناك حالة تمر على الإنسان تسمى حالة الوحشة، وهي حالة من الخوف، وأيضًا حالة من الألم، وهذه الحالة من الاستيحاش تأتي -غالبا- للإنسان عندما يكون منفردا أو في مكان مظلم أو في مكان منفرد؛ فيشعر بشيء من الوحشة، يسمونه انقباضا في القلب، والله -سبحانه وتعالى- هو أرحم بعباده من أنفسهم ومن آبائهم وأمهاتهم؛ لذلك شرع الله -عزوجل- لهم ما يرفع هذه الحالة من الاستيحاش وجعل ما أوحى الله -عزوجل- به للنبي - صلى الله عليه وسلم - من كتاب عزيز وسنة مطهرة ما يكون سببا للأنس في القلب.
    والاستيحاش، حال تصيب الإنسان، وهي مزيج من حال مادية ومعنوية، أما الحال المادية فكالمثل الذي سقناه آنفا، عندما يكون في مكان مظلم أو منفرد لوحده، أو في مكان هادئ هدوءا شديدا، فإنه يستوحش، وربما تكون في بيتك أحيانا ما شاء الله على مرافقه وسعته، ولكن عندما تكون بمفردك فيه في حال السكون، قد تشعر بتلك الوحشة؛ لأن الإنسان يحب الأنس؛ لذلك الله -عزوجل- من رحمته خلق من آدم -عليه السلام- حواء، وجعله يأنس بها، وعندما أنزل الله -سبحانه وتعالى- آدم وحواء من الجنة إلى الأرض -بسبب أكلهما من الشجرة التي نهى الله عزوجل عنها- جعل حواء في مكان، وآدم في مكان؛ فأصبح آدم يبحث عن حواء حتى وجدها، قيل وجدها والتقى معها في عرفة، فلذلك سميت عرفة، ومن المعاني التي قيلت في عرفة: إنه المكان الذي تقابل فيه آدم وحواء في الأرض فسميت عرفة.
    الحالة المعنوية للاستيحاش
    توجد حال أخرى من الاستيحاش، وهي الحال المعنوية؛ فقد يكون هناك أناس كثيرون، في مكان كله أضواء، لكن تشعر في الحقيقة بانقباض! لماذا؟ لكون هؤلاء الناس مثلا ليسوا على دينك، كأن تمر في إحدى البلدان غير المسلمة، على مجمع مثلا كله خمور ومسكرات وحفلات، وأنت رجل مسلم ومؤمن ومستقيم، فتجد هذا المكان يزعجك؛ فتشعر بوحشة في هذا المكان، أو أنك تمشي في مكان فتجد تجمعا ما؛ فتخاف من كونهم عصابة مثلا قد يعتدون عليك، يسرقونك أو يقتلونك، هذا أيضًا فيه نوع من الوحشة.
    أُنْس الإنسان المسلم
    الشاهد أن ربي -سبحانه وتعالى- أراد أن يجعل الإنسان المسلم يأنس ولا تدخل في قلبه الوحشة؛ بسبب عظيم، قال -تعالى-: {الذين آمنوا} فأول شيء يذهب الوحشة هو الإيمان، الإيمان يجعل القلب يشعر بنور ما فيه ظلمة، وبأنس ما فيه وحشة، وبفرح ما فيه أحزان، وبألفة ما فيه نفرة، قال -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ}.
    ذكر الله عزوجل
    السبب الثاني مع الإيمان هو ذكر الله -عزوجل-؛ فكلما تكثر من ذكر الله -عزوجل- يزداد القلب فرحًا وأنسًا بالله -عزوجل-؛ لذلك الله -عزوجل- جعل ذكره في أشياء كثيرة، كذكر اللسان بالتسبيح والتهليل والتحميد وقراءة القرآن، ومن ذكر الله الصلاة وهي أعظم أنواع الذكر، صلاتك لله -عزوجل- هي ذكر، وكذلك من ذكر الله -عزوجل- التفكر في خلق السماوات والأرض، أن تتفكر في خلق الله -جل وعلا-؛ لقوله -تعالى في أهل الايمان-: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُون َ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، يمتلئ القلب حينها بذكر الله وبالأنس بالله -عزوجل.
    الوحدة والعزلة المشروعة
    لذا فالإنسان قد يحتاج الى ما يسمى بالوحدة والعزلة، ولكن ليست على مفهوم بعض الفرق الضالة، التي دمرت الناس ببدعها، وأدخلت على دينهم ما ليس فيه، وأول حالات العزلة والوحدة المشروعة تكون في صلاتك، حينها تكون في عزلة مع ربك -عزوجل-، كما قال -[ عن العبد إذا قام يصلي، فإنه يقف تجاه ربه، ليعبده بما شرع، يقول: {الحمد لله رب العالمين}؛ فيقول الله -جل وعلا-: حمدني عبدي، {الرحمن الرحيم} مجدني عبدي، {مالك يوم الدين} أثنى علي عبدي، فهذا كله ثناء من العبد على خالقه الذي تفضل بالرد على عبده الضعيف. وأحب شيء إلى الله -عزوجل- هو قراءة القرآن؛ فأنت تناجي به الله -عزوجل-، الناس حولك لكنك لست معهم، وإنما تقرأ كلام ربك، وتأنس به، وكذلك تتكرر هذه العزلة الطيبة في صلاتك للسنن والنوافل منفردا، وأعظمها إذا جن الليل فقمت من فراشك كي تناجي ربك، زوجتك نائمة واولادك في فراشهم فتختلي بنفسك في غرفة من الغرف وتصلي وتناجي ربك وتسبح وتذكر الله -عزوجل-، وتلك خلوة طيبة.
    لا يستوحش مع الله من عمر قلبه بحبه
    هناك كلمة جميلة ذكرها الإمام البغوي في كتابه (العزلة)، دعوني اقرأ لكم هذا النص وبه أنهي كلامي، قال الإمام الخطابي: « إنما لا يستوحش مع الله من عمر قلبه بحبه (هذا بالإيمان)، وأنس بذكره (ذكر الله -عزوجل- باللسان أو بالصلاة)، وأنس مناجاته في سره (في أوقات السر والخلوة)، وشغل به عن غيره (يعني تركت أمورا من أجل ذكر الله -عزوجل- وطاعته) فهو مستأنسٌ بالوحدة مغتبطٌ بالخلوة»؛ لذلك لا تعجبوا من كلمة شيخ الإسلام ابن تيمية عندما قال: «ماذا يفعل أعدائي بي؟ فجنتي في صدري أينما ذهبت فهي معي، إن سجنوني فسجني خلوة، وإن طردوني فطردي سياحة؛ فهي معي أينما أكون». وإذا كنت تشعر بوحشة مع صلاتك وخلوتك بالله -عزوجل- فلتعلم أن هناك خللا ! ابحث عنه؛ فأنت وحدك الذي تعرفه، قال -تعالى-: {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}.
    حلاوة الأنس بالله
    إن حلاوة الأنس بالله لا تحصل إلا بالاشتغال بذكره، ودوام عبادته، والبعد عن القواطع والشواغل التي تُقسِّي القلب، وتحول بينه وبين التفكر في آلاء الله، والتذكر لنعمائه؛ وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن للإيمان حلاوةً وطعمًا؛ كما في قوله: «ثلاث من كُنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يُقذف في النار»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ذاق طعم الإيمان من رضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولًا ونبيا).

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة

    – حقيقة الإحسان


    ما فهمه السلف من الإحسان أن جزاءه يكتب عند الله تعالى سواء كان هذا الإحسان على البر أو الفاجر
    ربط رسول صلى الله عليه وسلم الإحسان بعبادة الله لِما لهذه من مكانة عظيمة في دين الله بحيث تعد أسمى غاية خُلِق الإنسان من أجلها
    إخواني الكرام، بعض الناس يظنون أن الإحسان يقتصر على أهل البر والإحسان، يعني إذا رأيت إنسانا مستقيما وملتزما هذا الذي أقدم له الخدمات والمساعدة وأقدم له ما يحتاج إليها، وإذا كان على غير حالة الاستقامة فليس له نصيب عندي من البر والإحسان، فهل هذه النظرة صحيحة؟ وهي تقييم الناس قبل الإحسان إليهم.
    وإذا كنا نريد أن نفرق، فنقول هل التفريق يكون بناءً على أن الله -عزوجل- ما يعطيني الأجر إذا أنا أحسنت إلى غير أهل البر؟ إذا كان هذا الإنسان أمامي رجلا عاصيا أو عنده ذنوب ظاهرة أو باطنة أنا أعرفها، هل إذا أحسنت إليه هل الله -عزوجل- يكتب لي الأجر أم لا؟
    الإحسان إلى أهل البر والفجور
    هذه المسألة دعونا نذهب فيها إلى من هم أعلم فيها بديننا وبشرعنا من معرفة أدلة الكتاب والسنة وفهمها وهم السلف الصالح، ابتداءً من جيل الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- ثم بعد ذلك جيل التابعين ثم تابعي التابعين والذي قد أخبرنا عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»، محمد بن علي بن الحنفية وهو ابن سيدنا علي - رضي الله عنه - دعونا نرى كيف قال في فهم هذه الآية من كلام ربنا -سبحانه وتعالى- في سورة الرحمن: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يقول -رحمة الله تعالى عليه-: «وهذه مسجلة لكل بر وفاجر» يعني: إذا أحسنت وقدمت البر إلى أهل البر فهي مسجلة لك عند الله -عزوجل-، وإذا قدمت هذا البر والإحسان لأهل الفجور فهي مسجلة لك عند الله -عزوجل- أيضًا بسبب عطائك وبسبب برك وإحسانك، وعلى ذلك بوب الإمام البخاري في كتابه صحيح الأدب المفرد باب (الإحسان إلى أهل البر والفجور أو إلى البر والفاجر) فكذلك سمى هذا الباب على ما فهم من هذا النص الكريم.
    ماذا أستفيد؟
    وعلى هذا إخواني الكرام، ماذا أستفيد إذا قدمت إحساني إلى أهل البر؟ هل لأنه يستحق البر؟ وبناء عليه نصنف الناس، هذا من أولياء الله -عزوجل- ومن أهل الخير، وهذا من أهل التقوى، وهذا من أهل الاستقامة فهذا أولى بالبر من غيره، لكن إذا رأيت واحدا من المسلمين من أهل الفجور والعصيان هل هذا خرج من الولاية؟ هل هذا خرج من الإسلام؟ هل هذا خرج من الإيمان؟ الجواب لا، قال -عزوجل-: {ثمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} (فاطر: 32)، فمعناها القريب لك أن الإنسان إذا كان عنده شيئا من الفجور والعصيان والنقصان فليس معنى ذلك أن هذا الأمر يمنعك من أن تحسن إليه! فلا تبره ولا تعطيه ولا تساعده ولا تمشي في حاجته ولا تعينه، فهذا مفهوم خطأ؛ بدليل ما فهمه السلف من أن الإحسان يكتب لك عند الرحمن؛ بسبب إحسانك سواء كان لبر أو لفاجر.
    حديث يؤكد هذا الفهم
    دعونا نذهب إلى حديث يؤكد هذا الفهم، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال رجل لأَتَصَدَّقَنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّقَ على سارق! فقال: اللهم لك الحمد لأَتَصَدَّقَنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية؛ فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّقَ الليلة على زانية! فقال: اللهم لك الحمد على زانية! لأَتَصَدَّقَنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّقَ على غني؟ فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني! فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يَسْتَعِفَّ عن سرقته، وأما الزانية فلعلها تَسْتَعِفُّ عن زناها، وأما الغني فلعله أن يَعْتَبِرَ فيُنْفِقَ مما أعطاه الله». وأنت كذلك إذا أقدمت على أفعال البر والإحسان فلتعلم إذا كان في أهل البر فاعلم أنك قدمت الإحسان بحق لمن يستحقه، وإذا كان لا يستحق فلتجعل في نيتك لعله أن يستقيم، لعله أن يهتدي، لعله أن يستعفف، لعله ولعله أن يتدين ولعله أن يترك واقعا إلى واقع أفضل، واعلم أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيفما شاء، واسأل الله الثبات لنفسك ثم اسأله الثبات لغيرك.
    الإحسان في الإسلام
    فسّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.» أي أن تستحضر مراقبة الله لك في أثناء عبادتك له؛ فتؤديها على أحسن وجه، وكأن الله -تعالى- سيحاسبك في العاجل عليها. إن الإنسان إن لم يكن يرى الله، فإن الله -تعالى- معه أينما كان، لقد دلّ القرآنُ الكريم على هذه الحقيقة في مواضِعَ مختلفة كقوله -تعالى-: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}، وقوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}. لقد ربط رسول - صلى الله عليه وسلم - الإحسان بعبادة الله لِما لهذه من مكانة عظيمة في دين الله؛ بحيث تعد أسمى غاية خُلِق الإنسان من أجلها، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}. وبما أن العبادة هي بهذه الأهمية فإنّ إعطاءها حقها اللازم من الإحسان والإجادة يُعد شرطا أساسيا لقبولها وتحصيل الأجر الأوفر عليها. يقول الله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}، ويقول أيضاً: {وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} إنّ الله -تعالى- اشترط للقيام بواجب عبادته أن يكون العبد ذا هِمّة عالية وأداء حسن. ولا تكون العبادة عبادة صحيحة حتى يتقلب صاحبها بين حب الله والخوف منه، بين رجاء رحمته وخشية عذابه؛ فالرجاء الذي لا يرافقه خشية قد يقود إلى طول الأمل والتجرؤ على الله بالمعصية. أما الخشية التي لا يرافقها رجاء فإنها قد تؤدي إلى القنوط واليأس اللذين يسقطان في الكفر؛ قال -تعالى-: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة

    – لماذا لا ندعو إلى الله عز وجل؟


    الدعوة إلى الله شأنها عظيم وهي من أهم الفروض والواجبات على المسلمين عموما وعلى العلماء خصوصا وهي منهج الرسل عليهم الصلاة والسلام
    الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى من أجل الأفعال وأعظم الأعمال التي يؤديها المسلم في دنياه ويحتسبها لأخراه
    إخواني الكرام، سؤال قد عرضته على نفسي، وأعرضه عليكم الآن، والجواب عنه في نفس كل منا: لماذا لا ندعو إلى الله؟ لماذا اليوم كثير من أبناء الأمة قد تقاعسوا عن هذه المهمة العظيمة التي تعد من الفرائض التي فرضها الله -عز وجل- على النبي -صلى الله عليه وسلم - وأتباعه؟
    وحتى أجيب عن هذا السؤال، إذا لابد وأن نعرف أسباب العزوف عن هذه الفريضة:
    (1) الجهل بحكم الدعوة إلى الله -تعالى
    السبب الأول يرجع إلى الجهل بالحكم والأمر؛ حيث إنني لا أتصور إنسانا مسلما يعرف بأن الله --عز وجل-- فرض عليه شيئا ويتركه، وقد قال الله -عز وجل- للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ}، وهذا أمر والأمر يفيد الوجوب، وقال الله -عز وجل-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل 125)، هذه كلها أوامر، وقال الله -عز وجل-: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (يوسف: 108).
    أمر واجب
    إذًا أمر الدعوة إلى الله -عز وجل- أمر واجب، على كل أحد من أتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فابتداءً هو واجبٌ عليه، وواجبٌ على أتباعه، ولكن هذا الواجب نظر له العلماء نظره أخرى: هل هو واجب على الأعيان؟ أم هو من فروض الكفايات؟ يعني إذا قام به بعضهم واكتفت الأمة بهم، سقط الإثم عن الكل، وأظن أن جمهور أهل العلم على هذا القول، وإن كانت ظواهر النصوص تدل على أنه واجب على كل أحد بعينه، ولكن يكون واجبا عليك بالعين في أحوال معينة، عندما تكون أنت الموجود فقط في هذا المكان، أنت الشاهد على هذه الواقعة، أنت من رأى أو سمع هذا الحدث، إذًا هو واجبٌ عليك الآن، أما من حيث العموم، فإذا قامت جماعة به من أمة الإسلام، وتحدث بها الكفاية، يسقط عنك الإثم.
    هل هناك اكتفاء في الدعاة؟
    ولكن السؤال الآن هل الساحة اليوم اكتفت بمن دخلها من الدعاة إلى الله ومن طلبة العلم ومن المفتين ومن القضاة؟ الجواب لا، فالساحة كبيرة والوقائع كثيرة، والجهات أكثر وأعداء الإسلام قد شمروا عن ساعد الجد لمحاربة الدين وأهله من كل جانب، فأيًّا من هذا الجهات قد تحققت فيها الكفاية؟ أخبروني وقولوا تلك الجهة قد تحققت فيها الكفاية وما نبغي فيها أحدا؟ لذا فلابد وأن تشمر ساعد الجد، وأن تحسب نفسك أحد الجنود الذين يدخلون ميدان الدعوة حتى ترفع الإثم عن نفسك.
    (2) الجهل بفضل الدعوة إلى الله
    السبب الثاني من أسباب العزوف عن الدعوة إلى الله -تعالى- هو الجهل بفضل هذه الدعوة وثوابها، فبعض الناس لا يشارك في الدعوة، قد يكون عنده العلم ولكن ليس عنده ما يشجعه ويحفزه كقول الله -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} (التوبة: 111)، والنفس ترغب وترهب والله -عز وجل- خلقها وهي هكذا، فما الأشياء التي تجعل الإنسان يندفع نحو تلك القضية الشريفة؟
    أنت مأمور بالتبليغ
    خذ الأمر الأول الذي تجد فيه تعلقا بالتبليغ فقط، بمجرد أن تبلغ الدين أنت مأجور، والنجاح يبدأ بالتبليغ، بعض الناس ينظر إلى الجهة الأخرى ناحية الأثر، الأثر ليس عليك قال -تعالى-: {ليس عليك هداهم}، يقولها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، {لست عليهم بمسيطر} يقولها للنبي -صلى الله عليه وسلم -، {إن عليك إلا البلاغ}، فقط هذا الذي عليك يا محمد -صلى الله عليه وسلم - الأشياء الأخرى ليست بيدك؛ لأن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء، نحن وسائل للتبليغ فقط ووسيلة تأثير أما النتيجة فليست علينا. لذلك اجعل كل همك وكل مهاراتك وكل قدراتك وكل فنونك فيما يخص قضية التبليغ والدعوة إلى الله -عز وجل-، ادفع من مالك، أدخل دورات، صاحب النشطاء والفاعلين، واعرف كيف تكون مبدعا؟ وكيف تشارك في الدعوة إلى الله؟ وكيف تنشر دين الله -عز وجل؟ اتعب على هذا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نضَّرَ اللَّهُ امرَءًا سمعَ مقالتي فأداها كما سمعها، فربَّ مبلَّغٍ أوعى لَهُ من سامِعٍ».
    أجرك بالتبليغ
    لم يتكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التأثير والنتائج، وما قال لابد وأن تكون سببا في دخول أحدهم الإسلام، أو لأن يستقيم أحد من الناس، أو يهتدي لكي يكتب الله لك الأجر، فأجرك الآن كتب بالتبليغ؛ لذا فكثير من الناس عندما يُسأل لماذا لم يدخل ميدان الدعوة؟ يقول: أنا إنسان غير مؤثر، أنا ما عندي الإمكانيات الموجودة عند فلان الذي كسب قلوب الناس وكان سببا في إسلام بعض الناس واستقامة آخرين، أنا ما عندي هذه القدرة. من أخبرك أنَّ هداية الناس بيديك، ما نحن إلا أسباب لهداية بعض الناس، وهل نحن أفضل من نبي من أنبياء الله يأتي يوم القيامة وليس معه أحد؟ هل هذا النبي -صلوات ربي وسلامه عليه- سقط في الاختبار؟ هل فشل في دعوته؟ لا، أبدًا، وإنما هذا النبي أدى ما عليه وما كلف به من رب العزة، وهو تبليغ الناس دين الله -عز وجل-؛ فالله -عز وجل- رفع عنه الإثم، بل أُجر، وكان له مقام عظيم عند الله -عز وجل- كنبي مرسل، وأصبحت الحجه قائمة على الناس.
    إقامة الحجة على الناس
    لذلك عليك أن تبلغ دين الله -عز وجل- لتقيم الحجة على الناس، حتى إذا جاؤوا يوم القيامة وليس لهم حجه، فيقول أحدهم: يا رب، ما أدري عن الرسالة، وما أدري عن الدين، وما أدري عن القرآن، وما أدري عن السنة، ما أدري عن فهم السلف، ما أدري، ما أدري، فيقال له: قد جاءك فلان ونصحك، وجاءك فلان ودعاك، وفلان بلغك، ولكن أنت ما أخذت بهذا البلاغ ولا انتصحت، ولا تذكرت، فأصبح من أهل العقوبة الذين يستحقون عقوبة الله -عز وجل- عدلًا.
    هذا مقامك في الدعوة إلى الله -عز وجل
    إذًا أنت مقامك في الدعوة إلى الله -عز وجل- أنك تقوم بإيصال العدل الذي سيكون لله يوم القيامة وحجة الله في أن جعلك مبلِّغا عن الله -عز وجل-؛ لأن كثيرا من الناس قد جهل هذا الموضوع، وما شارك في الدعوة يحسب أنه لابد من أن يتأثر به الناس، أبدًا ولكن الأمر الثاني في الفضل هو إذا تأثر بك الناس فأنت أولًا قد حصلت فضل البلاغ وإيصال عدل الله وإقامة حجته، ثم إذا تأثر بك الناس بإرادة الله -تعالى- وفضله فهناك فضلٌ عظيم أيضًا.
    أجر الداعي إلى الله -عز وجل
    ويأتي الأمر الثاني في فضل وأجر الداعي إلى الله -عز وجل- إذا تأثر بك الناس، وجعلك الله -عز وجل- سببًا في هدايتهم واستقامتهم، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فواللهِ لَأنْ يهديَ اللهُ بكَ رجُلًا واحدًا خيرٌ لكَ مِن أنْ يكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ»، وحُمُر النعم هي أغلى ما وُجِدَ في هذه الأرض من إبل وأنواعها، أي ما في الأرض كلها من حُمُر النعم أنت تملكها، بأي شيء؟ ذلك إن هدى الله -عز وجل- على يديك رجلًا واحدًا، وإذا ما هدى الله -عز وجل- على يديك أحدا، فإن لك من الأجر ما لا يعلمه أحد إلا الله، فقد تركه مجهولًا لعظمه والفضل بيد الله -عز وجل- وحده، ولعظم أجر الصابرين على الحق وهذا الذي تقوم به من البلاغ دون أن ترى أثر ذلك في هداية الآخرين أو تأثرهم هو صبر، وقد قال الله -عز وجل في الصبر وأهله-: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: 10).
    من أعظم الأعمال
    خلاصة القول هو أن الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى- من أجل الأفعال، وأعظم الأعمال التي يؤديها المسلم في دنياه، ويحتسبها لأخراه، ويضعها في ميزان حسناته؛ لذلك يجب أن يجعلها الإنسان من الهموم التي تقعده وتقيمه، ويفكر فيها ليل نهار، فالدعاة إلى الله يقومون بمهمة بالغة الشأن، عظيمة الأهمية.

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة

    – مشاعر المؤمنين بقدوم رمضان


    إذا كان شعورك الداخلي بأنك عبدٌ لله عز وجل فاعلم أنك على خير عظيم وأنك من عباد الله المقربين
    في كل يوم من أيام شهر رمضان ينادي المنادي يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر فعندما تتذكر كل هذا يمتلئ قلبك بالرجاء
    أسأل الله -عز وجل- أن يجعل شهر رمضان مباركا عليكم وعلى أهليكم وعلى أحبابكم وعلى أمتكم وعلى أوطانكم، والله -سبحانه وتعالى- نسأله أن يمن علينا بالخيرات، وأن يعم ذلك على عباد الله -عز وجل- في مشارق الأرض ومغاربها، بفضل الله -عز وجل- وكرمه ومنته، وحقيقة كلمتي أريد أن أدخل بها إلى أعماق مشاعر المؤمن يوم سمع بأن رمضان قد أقبل، وأن الهلال قد رؤي وثبت دخول الشهر بحمد الله -عز وجل-، ما الأشياء التي خالجت قلبه ونفسه وعقله يوم دخل هذا الشهر؟
    الشعور بالعبودية لله -سبحانه وتعالى
    إن أول تلك المشاعر هو الشعور بالعبودية لله -سبحانه وتعالى- وهذه نعمة عظيمة، أن تشعر بأنك عبد لله -عز وجل- {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وقال -تعالى-: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وأنت تجيب «سمعا وطاعة.. سمعا وطاعة يارب»؛ لشعورك الداخلي بأنك عبد لله -عز وجل-، فإذا كان هذا الشعور هو الذي هز كيانك، وارتفعت مقاييسه عندك، فاعلم أنك على خير عظيم، وأنك من عباد الله المقربين، وأنك من أولياء الله الصالحين، نحسبك والله -عز وجل- حسيبك، لماذا؟ لأنه ما دفعك للامتثال إلا شعورك بالعبودية لله -عز وجل-، وهذا دليل على الإيمان وعلى التوحيد لله -عز وجل.
    الشعور بالرجاء
    هناك أيضا في داخل أعماق هذا المسلم وهذا المؤمن شعور بالرجاء، عنده علم بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كانَت أوَّلُ ليلةٍ من رمَضانَ صُفِّدتِ الشَّياطينُ ومَردةُ الجِنِّ وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ ونادى منادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلةٍ»، لا تظن أن هذا العتق في آخر رمضان، لا وإنما في كل ليلة، وهذا فضل الله -عز وجل. ففي كل يوم من أيام شهر رمضان ينادي المنادي: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، فعندما تتذكر كل هذا يمتلئ قلبك بالرجاء، ومع كل عبادة ترجو نيل فضلها وأجرها عندما تصوم تدعو الله يا رب أكون ممن قلت فيهم ولهم : «مَن صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»، عندما تسمع هذه الأحاديث يمتلئ قلبك بالرجاء، هذا الشعور العجيب الذي يدفعك لأن تُقبل وتُقبل وتعمل وتجتهد، فلا تدع لحظة إلا وتغتنمها؛ رجاء الفوز بالمثوبة والأجر والفضل من رب العالمين، وأبشر -بإذن الله- ستكون ممن ينالهم هذا الحديث: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ» يوم يجازيه رب العالمين عن صيامه الذي لا عدل له ولا مثل له كما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم .
    الشعور بالخوف
    ثم أيضا يمتلئ القلب بمشاعر الخوف، فيدخل رمضان وأنت خائف، فعلام الخوف؟ خائف أن الله قد لا يتقبل مني، هل الله -عز وجل- يظلمك حاشاه، ولكن أنت تخاف من أن تظلم نفسك، بأن تكون النية غير خالصه لله -عز وجل-، أو أن يكون العمل ليس فيه متابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أن العمل يدخله شيء من الفخر والكبر والخيلاء، أو يدخله شيء من السمعة والرياء، أو يدخله شيء من الشوائب، أو أنني أعمل بعض الأعمال أو أقول بعض الأقوال التي تخل وتهدم هذا البنيان العظيم في شهر رمضان كما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ»؛ لذا إخواني هذا الخوف يجعلك تحرص على أن تبني حول نفسك سياج أمان، وخطوط دفاع لتدافع عن صيامك، وتدافع عن حسناتك، وترد الشيطان الصغير اليوم؛ فمردة الجن محبوسة، ولترد شياطين الأنس، ولترد مريدي الفتنة بك؛ فتسوي خطوط أمان لخوفك على عبادتك وحرصك على سلامتها من أي شائبة.
    شعور بالحب
    من المشاعر أيضًا التي تنتاب المسلم في بداية هذا الشهر هو: شعور بالحب، فما دفعك لهذا التقرب إلا حبك لله -عز وجل-؛ فأنت الآن تبشر نفسك بأنك صائم اليوم وأنوي صيام شهر رمضان ذلك دليل محبتي لله -عز وجل-، {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ماذا يفعلون؟ إنهم يأتمرون بأمره وينتهون عن نهيه -سبحانه وتعالى- وهو الذي يحبهم -سبحانه وتعالى-؛ فالحب جزء من الإيمان الذي هو شعور بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح والأركان، إذا كيف تعبر عن حبك لله -عز وجل؟ الجواب: بامتثالك، فاليوم ترى صيامك هو دليل على حبك، وهذا في الحقيقة نعمة من نعم الله -سبحانه وتعالى.
    شعور الافتقار إلى الله -تعالى
    كذلك تشعر وأنت تدخل في هذه العبادة بافتقارك إلى الله، فتشعر باحتياجك لله -عز وجل-، فالعبد ذليل يحتاج إلى رحمة سيده، وكلما زاد فقرك بين يدي الله -عز وجل-، ازددت رفعةً وشأنا، قال - صلى الله عليه وسلم - «وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» فأعظم من تتواضع له هو الله -سبحانه وتعالى. وأعظم من تخضع له هو الله -سبحانه وتعالى-؛ فالله -سبحانه وتعالى- سيرفعك بإيمانك {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} يرفعهم الله -عز وجل.
    اجتماع تلك المشاعر في القلب
    إخواني كل تلك المشاعر إذا اجتمعت في قلب عبد تشعره باللذة والقرب من الرحمن، وتعينه على الصبر على الجوع والعطش وعلى طول النهار، وعلى برده وحره، وعلى قيام ليله، وأنت فرحٌ سعيد والابتسامة تعلو قسمات وجهك لاستحضارك معنى تلك المنزلة من عبودية عنوانها المحبة، وتسير بالخوف والرجاء على درب الافتقار.
    استحضار معنى الصيام
    ثم تستحضر معنى الصيام وفضله يوم القيامة، وَمما قِيلَ: إن أعمال ابن آدم قد يجري فيها القصاص بينه وبين المظلومين، فالمظلومون يقتصون منه يوم القيامة بأخذ شيء من أعماله وحسناته، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟»، قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا؛ فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ؛ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».
    إلا أجر الصيام
    والمقصود إلا أجر الصيام فإنه لا يؤخذ للغرماء يوم القيامة منه شيء، وإنما يدخِره اللهُ -عز وجل- للعامل يجزيه به، ويدل على هذا قوله في إحدى روايات الحديث: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ كَفَّارَةٌ، وَالصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»، أي: إن أعمال بني آدم يجري فيها القصاص ويأخذها الغرماء يوم القيامة إذا كان ظلمهم إلا الصيام، فإن الله يحفظه ولا يتسلط عليه الغرماء، ويكون لصاحبه عند الله -عز وجل. قال شيخنا ابن عثيمين -رحمه الله-: «إذا كان يوم القيامة وكان على الإنسان مظالم للعباد فإنه يؤخذ للعباد من حسنات العبد، إلا الصيام فإنه لا يؤخذ منه شيء؛ لأنه لله -عز وجل- وليس للإنسان، وهذا معنى جيد أن الصيام يتوفر أجره لصاحبه، ولا يؤخذ منه لمظالم الخلق شيئا». وقال - صلى الله عليه وسلم - إن الله -عز وجل- يقول: «كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يضاعَفُ لَهُ الحسنةُ بعشرِ أمثالِها إلى سَبعِمائةِ ضِعفٍ قالَ اللَّهُ سبحانَهُ إلَّا الصَّومَ فإنَّهُ لي وأَنا أجزي بِهِ».

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة – افرح ولا تفرح


    على الإنسان أن يفرح أن مد الله عز وجل في عمره فأدرك شهر رمضان بأكمله وهو من الشهور العظيمة التي اختارها الله عز وجل وجعلها محلا لعبادة عظيمة
    على الإنسان أن يحذر من خدع الشيطان فيدخل عليه فرح الغرور والعجب ويقول: أنا صليت أنا قمت أنا تصدقت أنا قرأت القرآن فهذه من محبطات الأعمال
    في هذه الأيام من شهر شوال، التي تأتي بعد موسم شهر رمضان المبارك يمر على أهل الايمان يوم العيد الذي يفرح به أهل الإيمان بعد مسيرة طيبة مباركة من العمل الصالح، وأقول كما قال الصحابة -رضوان الله عليهم- إذا قابل بعضهم بعضا في مثل تلك الأوقات: تقبل الله منا ومنكم، أو مثلما نقول نحن: تقبل الله طاعتكم وعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يعيد علينا وعليكم تلك الأيام المباركة أعواما عديدة وأزمنةً مديدة، وكل عام وأنتم بخير وأمنٍ وأمان وسلم وإسلامٍ وإيمان، وعنوان كلمتي هذه (افرح ولا تفرح)، قد يقول قائل كيف تريدنا أن نفرح ولا نفرح في الوقت نفسه؟!
    افرح حمدا وشكرا لله -عز وجل- أن مد عمرك فأدركت شهر رمضان بأكمله، وهذا الشهر هو من الشهور العظيمة التي اختارها الله -عز وجل-، وجعله محلا لعبادة عظيمة وركن عظيم من أركان الإسلام وهو الصيام {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: 185).
    افرح بإسلامك
    افرح أنك أدركت هذا الشهر وأنت مسلم؛ فإن بعض الناس لم يدخل في الاسلام إلا في منتصف رمضان أو بعد ذلك أو قبله، فهناك آخرون مر عليهم هذا الشهر، إما كافرا وإما عاصيًا من أهل الإسلام؛ فاحمد الله على العافية ونعمة الهداية.
    افرح بنعمة العافية
    بل احمد الله -عز وجل- ان أتم الله عليك نعمة الصحة والعافية، وأتممت صيامة، افرح بأن الله -عز وجل- يسر لك فيه العبادات، مابين صيام وقيام وقراءة قرآن، وأعمال بر وإحسان افرح بذلك، يقول الله -عز وجل- {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}.
    افرح بطاعتك
    من يفرح فليفرح بهذا الأمر بالطاعة أكثر من أي فرح آخر {هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} من أموال، ومناصب، وشهادات، ومن متاع الدنيا؛ فالطاعة وأجرها ليس في الدنيا فقط وإنما ما في شيء يستمر معك أثره في الدنيا ولا في الآخرة إلا الأعمال الصالحة، أما غير ذلك فهو متروك في الدنيا فقط، تستفيد منها، أما بمجرد انتقالك لأول منازل الآخرة وهو القبر انتهى كل شيء، ولن يبقى معك وقتها إلا العمل الصالح.
    افرح بتوفيق الله لك
    افرح بتوفيق الله لك بأن أعانك على إتمام هذا البنيان العظيم من العمل الصالح، وهناك من عباد الله -عز وجل- من انقطع عملهم في أثناء الشهر، إما لمرض مزمن يصعب معه الصيام، وإما بالوفاة، وهم كثر رحمة الله على الجميع، وهناك أيضا من دفناهم بعد صلاة العيد مباشرةً رحمة الله عليهم، الشاهد أن هناك دواعي لفرحة جليلة بأن الله -عز وجل- جعلك تعيش أياما عظيمة، ووفقك فيها لأعمال كبيرة، فلتفرح بأن كنت من هؤلاء الذين اصطفاهم الله للعمل الصالح. افرح بأن دخلت في يوم العيد وهو يوم الجائزة؛ ولذلك كان السلف إذا فعلوا شيئا من الطاعات شعروا بسرور وفرح عظيم، وما أجمل تلك الحادثة التي ليس فيها مجرد عمل صالح وإنما خُتم له بالعمل الصالح حين قال الله -عز وجل-: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}، جاء الرمح من ظهره وخرج من صدره وهو يراه، فيقول وهو يضع يده على مكان هذا الرمح ويقول: فزت ورب الكعبة، فزت ورب الكعبة، فاز بماذا؟ بأن اتخذني الله شهيدا، أنا ذهبت أعلم الناس القرآن وقتلت دون ذلك، وكذلك أنت قدمت من جهاد نفسك وجهاد وقتك ومالك بأن تصوم وتصلي وتقرأ القرآن وتعمل عملا صالحا فلتقل في نفسك فزت بإذن الله ورب الكعبة، ولترج أن تكون عند الله من الفائزين.
    إياك وفرح الغرور!
    لذلك إخواني الكرام، هذا الفرح مهم جدا، أن تشعر نفسك بهذا الفرح وأن تفرح بفضل الله عليك، ولكن لا يدخل عليك الشيطان بالفرح الثاني عافانا الله وإياكم وهو فرح الغرور «أنا صليت، أنا قدمت، أنا عملت، أنا سويت» فلا تركن على أعمالك ثم بعد ذلك تتوقف عن العمل الصالح، وتظن بأنك قد وصلت إلى الجنة، ولكن يبقى بينك وبينها أن تموت فلايكن هذا شعورك. لماذا؟ لأن أهل الايمان وصفهم الله -عز وجل- بالذكاء؛ لأنهم لا يركنون إلى خدعة الشيطان، فيركنون إلى أعمالهم قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}، تسأل أم المؤمنين عائشة -رضوان الله عليها-: من هم يارسول الله؟ أهم الزناة والسراق، من يشربون الخمر؟ فيقول - صلى الله عليه وسلم -: أولئك الذين يصلون ويصومون ويتصدقون ويخافون ألا يُتقبل منهم! ماذا يريد الشيطان منك؟ خرج من رمضان وقد صام وصلى وقام الليل وقرأ القرآن وختمه وزكى وتصدق، وأتى من أعمال البر الخير الكثير، الله أكبر عملت شيئا عظيما، ماذا يريد منه الشيطان؟ يريده أن يغتر بهذا العمل حتى تركن إليه وتترك هذا العمل، لا! فالمؤمن يفطن لذلك -بفضل الله- ويحدث نفسه أنه لعل الله لم يتقبل مني فدعني أزيد في الأعمال الصالحة وأداوم عليها، لعل الله أن يقبلني -سبحانه وتعالى-، هذا ديدنه يعمل العمل من الطاعات ويخاف ألا يتقبل منه فيستمر رجاء القبول مع علمه بأن الله -تعالى- لايضيع عمل المحسنين، وأن الله بالعباد رؤوف رحيم {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} فالله لايضيع إيمانك ولا أعمالك الصالحة.
    دعوة عبدالله بن مسعود
    ولذلك يدعونا الأمر إلى أن ندعو بدعوة عبدالله بن مسعود، عندما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد ليلا ومعه أبوبكر وعمر بن الخطاب -رضوان الله عليهما- فدخلوا المسجد فإذا عبدالله بن مسعود يصلي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أراد أن يقرأ القرآن غضا فليقرأه من ابن أم عبد- يعني عبدالله بن مسعود- ثم إذا سمعه وصل إلى دعاءه وسمعه يثني على الله -عز وجل- ويصلي على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - قال «سل تعطه، سل تعطه، سل تعطه «وعبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - لايدري عن هذا الحوار، فلما انتهى من صلاته جاءه أبوبكر - رضي الله عنه - بعد ذلك قال له: أبشر فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال كذا وكذا فبماذا كنت تدعو؟ قال كنت أدعو وأقول: «اللهم اني أسألك إيمانًا لا يرتد (ثبات وإقدام)، قال: ونعيمًا لا ينفد (جنه عرضها السموات والأرض ونعيم الدنيا بالهداية)، قال: ومرافقة محمد - صلى الله عليه وسلم - في جنة الخلد، وقد بشره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقبول (سل تعطه) معناها: أن الله -عز وجل- أعطاه فثبته على الإيمان الذي لايرتد، وبشر بنعيم عند الله لا ينفد، وبمرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنة الخلد وهو معهم -رضي الله عنهم جميعا. وجاءه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كذلك يريد أن يبشره فقال له قد سبقك أبو بكر - رضي الله عنه - فقال: ماسابقت أبا بكرٍ بشيء الا وسبقني، فعليك بهذا الدعاء الذي بشر به النبي - صلى الله عليه وسلم - عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -، ليكن -بإذن الله- بشرى لك وثباتا على دينك حتى تلقى الله -عز وجل.

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

    خواطر الكلمة الطيبة – ارجع فصل فإنك لم تصل


    احذر أن تكون من أهل «ارجع فصل فإنك لم تصل» ويوم القيامة يقال لك ارجع فلا قبول لصلاتك!
    من أهم الأمور التي يجب على الإنسان تعلمها: قضايا التوحيد وتعلم السنة واتباع النبي [ ثم الصلاة وأحكامها لأنها خيرُ موضوع
    روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فرد رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عليه السلام، وقال ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى ثم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه فقال له رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: وعليك السلام، ثم قال ارجع فصل فإنك لم تصل، حتى فعل ذلك ثلاث مرار؛ فقال الرجل: والذي بعثك بًالحق ما أحسن غير هذا فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم اجلس حتى تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها؛ فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك، وما انتقصت من هذا شيئا فإنما انتقصته من صلاتك، وقال فيه: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء.
    (فعلمني) كلنا ذلك الإنسان الذي يحتاج أن يتعلم شرع الله -عز وجل- عموما، وأخَصّ ما في هذه الشريعة أمور ثلاثة: الأمر الأول: تعلم قضايا التوحيد وكيف تكون موحدًا لله -عز وجل- وتتجنب الشرك؟
    الأمر الثاني: تعلم السنة وكيف تكون متبعًا للنبي -[؟ لأنه فرعٌ عن التوحيد.
    الأمر الثالث: الصلاة، لأنها خيرُ موضوع كما قال النبي -[- فإذا صلحت الصلاة صلح سائر العمل، وإذا فسدت فسد سائر العمل، ولذلك أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة بعد توحيده، بل حتى الكفار عندما أرادوا ان يعللوا سبب دخولهم النار بدؤوا في موضوع الصلاة قبل موضوع العقيدة لعظمها { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (المدثر: 38-42).
    الصلاة تحقق منظومة التوحيد
    فأمر العقيدة صار بعد ذكرهم عدم صلاتهم، تكلموا عن قضية عدم الصلاة؛ لأن الصلاة هي التي تحقق منظومة التوحيد؛ فلا تجعل صلاتك عادة بل اجعلها عبادة، وأوصي نفسي وإخواني وكل من يسمع هذا المقطع: إن كنت تستطيع في كل حركة من حركات الصلاة ان تستحضر الراوي لفعلك هذا فافعل، لأنك تصلي في اليوم على وجه الفريضة خمس مرات، وعلى وجه السنن والنوافل كل فرد على قدر اجتهاده، فأنا عند التكبير أتذكر، من روى التكبير؟ رواه الإمام البخاري، وعند وضع اليدين على الصدر أتذكر رواية الإمام مسلم، وعند الركوع أتذكر رواية الإمام أحمد، وعند الاعتدال من الركوع أتذكر رواية الإمام ابن ماجه، وعند رفع اليد للسجود وهي من السنن التي كانت تُفعل أحيانا، وهكذا اجعل صلاتك كلها مستحضرة، فإذا جاءك سائل رأيتك تفعل هذه الحركة في الصلاة فما دليلك؟ تقول روى الإمام أحمد في مسنده كذا وكذا، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم .
    تعلم هيئات الصلاة
    لابد وأن نصل لهذه المرحلة، وأنا على يقين بأن أغلبنا يصلي لأنه تعلم بالمدرسة أو على يد شيخ أو يمكن أحدنا قرأ كتابا من سنوات طويلة لكنه الآن ليس مستحضرا للرواية، لكن نقول: طالما تلك العبادة أنت تفعلها يوميا فيفترض أنك اليوم حافظ لجميع الرواة الذين رووا هذه الصلاة، بهذه الصفة وبهذه الهيئة، والتزامك لهيئة من الهيئات إذًا هذا يلزم منك أن تعلم من رواها؟ وأين مرجعها؟ لأنك يمكن أن تُسأل وبالفعل حدث ذلك. فقد كنت أصلي ومعي أخ سوداني ونحن نصلي مع جماعة، فرأى بعض الأشياء أنا أفعلها في الصلاة، فبعد الصلاة مباشرةً ما انتظر فجاءني وسألني أنا رأيت منك حركات فما هذه؟ فقلت روى الإمام النسائي كذا، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا، وهذا الحديث رواه الإمام النسائي وصححه.. فقال مكملا: الألباني، قلت وما أدراك؟ قال: معروف الألباني، فبرغم أنه رجل عامي إلا أنه قد انطبعت في ذهنه عبارة: صححه الألباني.
    ارجع فصل فإنك لم تصل
    الشاهد إخواني أنه من الممكن أن يكون أي واحد فينا هذا الرجل (ارجع فصل فإنك لم تصل)، فلا تنتظر أحدا يقول لك ارجع فصل، أنت راجع نفسك؛ فأنا لا أعرف في الدنيا -وهذا من حد المبالغة- لا أعرف في الدنيا أحدا ألف في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه الدقة والتفصيل مثل الشيخ الألباني -رحمة الله عليه- ولا في علماء الأمة لا المتقدمين ولا المتأخرين، لا يوجد في الدنيا إلى الآن كتاب دقيق جدا في صفة الصلاة -مع جلالة قدر العلماء السابقين واللاحقين- صنف مثل كتاب الشيخ الالباني. فقد صنفه في ثلاث مجلدات، وهذا المعتمد الكبير الذي لم يخرج إلا بعد وفاته، وكنا نعيش على سنوات طويلة ندرس مختصرا لهذا الكتاب وهو صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، الذي كان الشيخ في كل طبعة يضع زيادات ويجدد ويعدل على نفسه مابين تصحيح وتضعيف وإيراد أحكام.
    أهمية كتاب صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم
    ومن يقرأ صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - والحاشية وتعليقات الشيخ والله يحب الشيخ ويعلم أنه رجل منصف، وأنه رجل لو كان الحق عليه يقوله، مثل قوله: «وقد أخطأت يوم صححت هذه الرواية، وذكرت كذا واستدللت منها كذا، ولكن -الحمد لله- أني وجدت رواية أخرى تعضد كلامي، ولكن تلك الرواية ضعيفة وهذه هي الصحيحة». هذا رجل عظيم وعنده أدب عظيم، لماذا؟ لأن هذا أمر شرع ودين وليس فيه مجال للمجاملة؛ فهذا أمر دين والله -عز وجل- يحاسبني عليه، وما أكتب فالله -عز وجل- يحاسبني عليه، ثم بعد ذلك جاء إلى ملخص صغير خاص بعامة الناس، طبعا السابق هذا خاص بطلبة العلم، والكبير هذا حق المجتهدين وأهل العلم ماشاء الله، ثم جاء الأخ محمود الدليمي -بارك الله فيه وهو أحد طلبة الشيخ مشهور- ووضع الصور ونحن في الكلمة الطيبة طبعنا هذا الكتاب بعد إذن المصنف ووزعناه -بحمد الله- في الكويت كلها كتاب صغير فيه كل صفة بطريقتها بشكلها.
    تعليم فقه الصلاة
    الشاهد إخواني، أنا على يقين أنه حصل أو سيحصل معكم مثلما حصل معي ومع كثير من الناس، أنه إذا جلس مع أهله في الجلسة الأسبوعية أو الشهرية التي تجتمع بهم فيها بالديوانية، وجئت تشرح صفة الصلاة ستجد العجب العجاب من أمك وأبيك وأختك وأخيك وزوجتك وعيالك، من علمكم هذه الصلاة؟ ولكن السؤال الحقيقي ماذا تفعل حضرتك طوال تلك السنين؟ هذه أمك، هل جلست معها مرة علمتها صفة الصلاة؟ وهذا أبوك هل جلست معه لتعلمه كذلك صفة الصلاة؟ إذا أنت ما تحسن فهلا جمعتهم لتريهم مقطعا سواء من أحد أهل العلم عن صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم ؟
    تطبيق عملي
    وأحمد الله -عز وجل- اني على المنبر تطبيقا عمليا وأمام المستمعين شرحت صفة الصلاة وصفة الوضوء وخلعت عقالي وغطرتي وبيشتي وأنا على المنبر لإيضاح كيف توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على منبره ليعلم الناس وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يفعلون كذلك «ألا أتوضأ لكم كما توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم -» عثمان بن عفان وغيره من الصحابة -رضي الله عنهم-، ويفعلون ذلك ليعلموا الناس وأمام أبي بكر وعمر وعلي وحمزة -رضي الله عنهم-، وهذا لايعيب أحدا بل هو علم، وهو أساس قبول عملك، فإذا كان وضوؤك خطأ، وصلاتك خطأ، فلن تنال الأجر الذي تطلبه.
    صلوا كما رأيتموني أصلي
    قال - صلى الله عليه وسلم -:»من توضأ كما أمر وصلى كما أمر غفر له ذنبه»حديث رواه المنذري في الترغيب والترهيب، تخيل إذا أنت توضأت كما أُمرت، أي كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصليت كذلك غفر الله لك ذنبك. طيب! وإن لم تفعل؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « خمس صلوات من صلاهن لوقتهن بركوعهن وسجودهن وخشوعهن، كان له عند الله عهد أن يغفر له، وإن لم يفعل ليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له»؛ لذا فهو أمر خطير إخواني، وأنا أدعو جميعكم إلى الاعتناء الشديد بأمر الصلاة ولاسيما والأمر متاح، فهو موضوع كبير وعظيم، موضوع أمة، وموضوع عبادة، وهو موضوع توحيد، فكل هذا داخل في قضية الصلاة لله -عز وجل» لذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وتذكر واحذر أن تكون من أهل «ارجع فصل فإنك لم تصل!»، ويوم القيامة نسأل الله العافية، يقال له: ارجع فلا قبول لصلاتك! لماذا؟ لأنك ما صليتها كما جاء في كتاب الله -عز وجل- ولا في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم .

    اعداد: د. خالد سلطان السلطان

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •