أصحاب الأعذار في رمضان
اللجنة العلمية
أحكام صيام المسافر
- (الحمد لله: الفطر للمسافر جائز باتفاق المسلمين، سواء كان سفر حج، أو جهاد، أو تجارة أو نحو ذلك من الأسفار التي لا يكرهها الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.
وتنازعوا في سفر المعصية، كالذي يسافر ليقطع الطريق ونحو ذلك، على قولين مشهورين، كما تنازعوا في قصر الصلاة.
فأما السفر الذي تقصر فيه الصلاة: فإنه يجوز فيه الفطر مع القضاء باتفاق الأئمة، ويجوز الفطر للمسافر باتفاق الأمة، سواء كان قادراً على الصيام أو عاجزاً، وسواء شق عليه الصوم، أو لم يشق، بحيث لو كان مسافراً في الظل والماء ومعه من يخدمه جاز له الفطر والقصر. .....)
[مجموع فتاوى ابن تيمية].
- ( ويفطر من عادته السفر، إذا كان له بلد يأوي إليه، كالتاجر الجلاب الذي يجلب الطعام، وغيره من السلع، وكالمكاري الذي يكري دوابه من الجلاب وغيرهم، وكالبريد الذي يسافر في مصالح المسلمين، ونحوهم. وكذلك الملاح الذي له مكان في البر يسكنه. ، فأما من كان معه في السفينة امرأته، وجميع مصالحه، ولا يزال مسافراً فهذا لا يقصر، ولا يفطر. )
[مجموع فتاوى ابن تيمية].
- (مَن يقصد بسفره التحيل على الفطر، فلا يجوز له الفطر؛ لأن التحيل على فرائض الله لا يسقطها). [مجموع فتاوى ابن عثيمين]
- ينطبق حكم السفر على سائقي الشاحنات الذين يسوقون خارج المدن
[مجموع فتاوى ابن عثيمين]
- إذا قدم المسافر المفطر من سفر فليس عليه الإمساك في يومه و عليه القضاء
[الشرح الممتع]
- لا حرج عليه في ذلك [أن يسافر الصائم من بلده الحار إلى بلد بارد أو إلى بلد نهاره قصير ] إذا كان قادراً على هذا الشيء، فإنه لا حرج أن يفعل؛ لأن هذا من فعل ما يخفف العبادة عليه، وفعل ما يخفف العبادة عليه أمر مطلوب. ، "وقد كان النبي "صلى الله عليه وسلم"يصب على رأسه الماء من العطش أو من الحر وهو صائم". انظر: أبو داود (2365)، وأحمد (15903). .... وعلى هذا: فلا مانع من أن يبقى الصائم حول المكيف، وفي غرفة باردة، وما أشبه ذلك)
[مجموع فتاوى ابن عثيمين]
- حكم صيامه [المعتمر] أنه لا بأس به، وقد سبق لنا قبل قليل أن المسافر إذا لم يشق عليه الصوم فالأفضل أن يصوم، وإن أفطر فلا حرج عليه، وإذا كان هذا المعتمر يقول: إن بقيت صائماً شق عليّ أداء نسك العمرة، فأنا بين أمرين: إما أن أؤخر أداء أعمال العمرة إلى ما بعد غروب الشمس وأبقى صائماً، وإما أن أفطر وأؤدي أعمال العمرة حين وصولي إلى مكة، فنقول له: الأفضل أن تفطر وأن تؤدي أعمال العمرة حين وصولك إلى مكة؛ لأن هذا ــ أعني أداء العمرة من حين الوصول إلى مكة ــ هذا هو فعل رسول الله "صلى الله عليه وسلم".
[ابن عثيمين ــ فقه العبادات]
السُّفْر جمع سافر، والمسافرون جمع مسافر، والسفر والمسافرون،بمعن ىً. وسُمِّيَ المسافر مسافراً؛ لكشفه قناع الكنِّ عن وجهه، ومنازل الحضر عن مكانه،ومنزل الخفض عن نفسه، وبروزه إلى الأرض الفضاء،وسُمِّيَ السفر سفراً؛لأنه يسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم، فيُظهِر ما كان خافياً منها.
فظهر أن السفر:قطع المسافة، سُمِّيَ بذلك؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال،ومنه قولهم:سفرت المرأة عن وجهها:إذا أظهرته،والسفر:ه الخروج عن عمارة موطن الإقامة قاصداً مكاناً يبعد مسافة يصحُّ فيها قصر الصلاة.
وقيل: السفر لغة: قطع المسافة.
والسفر شرعاً: هو الخروج على قصد مسيرة ثلاثة أيام ولياليها فما فوقها بسير الإبل، ومشي الأقدام. والمسافر: هو من قصد سيراً وسطاً ثلاثة أيام ولياليها وفارق بيوت بلده.
والسفر من أسباب التخفيف في الشريعة الإسلامية لاسيما في مجال العبادات، قال الله سبحانه وتعالى: "صلى الله عليه وسلم" "صلى الله عليه وسلم""صلى الله عليه وسلم" .
وقال تعالى:"ص ى الله عليه وسلم" "صلى الله عليه وسلم""صلى الله عليه وسلم" "صلى الله عليه وسلم" .
ومن الأحكام المخففة في السفر الطويل: جواز المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها، وقصر الصلاة الرباعية المفروضة، والجمع بين صلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء تقديماً وتأخيراً عند جمهور الفقهاء، والفطر في رمضان من أجل السفر والقضاء في أيام أخر.
وأما السفر القصير، وهو مطلق الخروج عن بلد الإقامة، فمن أحكامه جواز ترك الجمعة والجماعة، والتنقل على الدابة، وجواز التيمم.
أنواع السفر :
1- سفرٌ حرامٌ، وهو أن يسافر لفعل ما حرمه الله، أو حرمه رسوله "صلى الله عليه وسلم"، مثل:من يسافر للتجارة في الخمر، والمحرمات،وقطع الطريق،أو سفر المرأة بدون محرم.
2- سفر واجب، مثل السفر لفريضة الحج،أو السفر للعمرة الواجبة،أو الجهاد الواجب.
3- سفر مستحب، مثل: السفر للعمرة غير الواجبة، أو السفر لحج التطوع، أو جهاد التطوع.
4- سفر مباح،مثل:السفر للتجارة المباحة،وكل أمر مباح.
5- سفر مكروه،مثل:سفر الإنسان وحده بدون رفقة، إلا في أمر لا بد منه؛ لقول النبي "صلى الله عليه وسلم":" لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكبٌ بليلٍ وحده" .
فهذه أنواع السفر التي ذكرها أهل العلم، فيحرم على كل مسلم أن يسافر إلى سفر محرم، وينبغي له أن لا يتعمَّد السفر المكروه، بل يقتصر في جميع أسفاره على السفر الواجب، والسفر المستحب، والمباح، وله أن يأخذ برخص السفر من: الفطر في شهر رمضان، وقصر الصلاة، وغير ذلك من الرخص التي شرعها رسول الله "صلى الله عليه وسلم".
اختلف العلماء رحمهم الله في نوع السفر الذي تختص به رخص السفر، من: الفطر في رمضان، والقصر، والجمع، وصلاة النافلة على الراحلة، وصلاة المتنفل الماشي، والمسح على الخفين، والعمائم، والخمار ثلاثة أيام بلياليها، وترك الرواتب، وترك بعض الأعمال المستحبة التي يشغل عنها في السفر، على أربعة أقوال:
القول الأول: رخص السفر تكون في السفر الواجب، والمندوب، والمباح، أما السفر المحرم والمكروه، فلا تباح فيه هذه الرخص.
القول الثاني: لا يترخص برخص السفر إلا في الحج والعمرة، والجهاد؛ لأن الواجب لا يترك إلا لواجب، أما السفر المحرم والمكروه والمباح فلا.
القول الثالث: لا يأخذ برخص السفر إلا في سفر الطاعة ؛لأن النبي "صلى الله عليه وسلم"إنما قصر في سفر واجب أو مندوب.
القول الرابع: ذهب الإمام أبو حنيفة، وشيخ الإسلام بن تيمية، وجماعة كثيرة من العلماء إلى أنه يجوز القصر والفطر، وجميع رخص السفر حتى في السفر المحرم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " والحجة مع من جعل القصر والفطر مشروعاً في جنس السفر، ولم يخص سفراً دون سفر، وهذا القول هوالصحيح ؛ فإن الكتاب والسنة قد أطلقا السفر".
و لكن من قصد بسفره التحيل على الفطر، فالفطر عليه حرام، و لا يجوز له ذلك؛ لأن الحيل لا تبيح المحرمات، ولا تبطل الواجبات، فيحرم السفر؛ لأنه وسيلة إلى الفطر، ويحرم الفطر لعدم العذر.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: " لا يجوز للإنسان أن يتحيَّل على الإفطار في رمضان بالسفر؛ لأن التحيل على إسقاط الواجب لا يسقطه، كما أن التحيل على المحرم لا يجعله مباحاً ".
السفر الذي يبيح الفطر في رمضان:
السفر الذي يبيح الفطر في رمضان هو السفر الذي يجيز للمسافر أن يقصر فيه الصلاة .
ومسافة السفر عند الحنفية هي مسيرة ثلاثة أيام سيراً وسطاً.
وعند المالكية، والشافعية، والحنابلة، مسيرة يومين قاصدين، أي ستة عشر فرسخاً أو ثمانية وأربعين ميلاً.
وقد دل جواز الفطر في السفر الكتاب والسنة، الإجماع:
أما الكتاب؛ فلقول الله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ .
وأما السنة؛ فلقول النبي "صلى الله عليه وسلم": "إن الله وضع عن المسافر الصوم "، وأحاديث أخرى كثيرة.
وأما الإجماع، فأجمع المسلون على إباحة الفطر للمسافر في الجملة؛ وإنما يباح الفطر في السفر الطويل الذي يبيح القصر.
قال الإمام البخاري رحمه الله: " باب في كم يقصر الصلاة؟ وسمَّى النبي "صلى الله عليه وسلم"، يوماً وليلةً سفراً، وكان ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم يقصران ويفطران في أربعة بُرُدٍ، وهي ستة عشر فرسخاً".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " قوله: بابٌ: في كم يقصر الصلاة؟ يريد بيان المسافة التي إذا أراد المسافر الوصول إليها ساغ له القصر ولا يسوغ له في أقلَّ منها... وقد أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام، وأورد ما يدل على اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة".
وكأن البخاري رحمه الله يشير إلى حديث أبي هريرة المذكور عنده في الباب، وهو قول النبي "صلى الله عليه وسلم":" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة ".
وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله: " لاتقصر إلى عرفة، وبطن نخلة، واقصر إلى عسفان، والطائف، وجدة، فإذا قدمت على أهلٍ أو ماشية فأتمّ".
والمسافة من مكة إلى الطائف ثمانية وثمانون كيلو، ومن مكة إلى جدة تسعة وسبعون كيلو، و من مكة إلى عسفان ثمانية وأربعون ميلاً. وهذه المسافة عليها الجمهور من أهل العلم، ومنهم الأئمة الثلاثة: الإمام أحمد بن حنبل، والإمام الشافعي والإمام مالك رحمهم الله تعالى.
قال العلامة ابن باز رحمه الله: " وقال بعض أهل العلم: إنه يحدد بالعرف ولا يحدد بالمسافة المقدرة بالكيلوات، فما يُعدُّ سفراً في العرف يُسَمَّى سفراً، وما لا فلا، والصواب ما قرره جمهور أهل العلم، وهو التحديد بالمسافة التي ذكرت، وهذا الذي عليه أكثر أهل العلم، فينبغي الالتزام بذلك ".
و جاء تحديد المسافة من فعل ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم بأربعة برد: جمع بريد، والبريد مسيرة نصف يوم، وسُمِّيَ بريداً؛ لأنهم كان فيما مضى إذا أرادوا المراسلات السريعة يجعلونها في البريد، فيرتبون بين كل نصف يوم مستقراً ومستراحاً يكون فيه خيل إذا وصل صاحب الفرس الأول إلى هذا المكان نزل عن الفرس ؛لتستريح وركب فرساً آخر إلى مسيرة نصف يوم،فيجد بعد مسيرة نصف يوم مستراحاً آخر فيه خيل ينزل عن الفرس التي كان عليها ثم يركب آخر وهكذا، لأن هذا أسرع،وفي الرجوع بالعكس،فالبريد عندهم مسيرة نصف يوم،فتكون الأربعة البرد مسيرة يومين،وقَدَّرُو ا البريد بالمسافة الأرضية بأربعة فراسخ،فتكون أربعة برد ستة عشر فرسخاً،والفرسخ قدَّروه بثلاثة أميال،فتكون ثمانية وأربعين ميلاً،والميل من الأرض منتهى مد البصر؛لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه،والميل كيلو وستين في المائة أي 1600م،فأربعة برد= 1600×48 ميلاً = 76,8كيلو. و قد ثبت أن ابن عباس رضي الله عنهما كما تقدم أنه قال: " لا تقصر إلى عرفة وبطن نخلة، واقصر إلى عسفان، والطائف، وجدة" والمسافة بين مكة والطائف 88كيلو، وبين مكة وجدة 79. فإذا قصد المسافر هذه المسافة فله أن يأخذ برخص السفر عند الجمهور .
وأما في الزمن فقيل: إن مسيرته يومان قاصدان بسير الإبل المحملة، " قاصدان" يعني معتدلان، بمعنى أن الإنسان لا يسير منها ليلاً ونهاراً سيراً بحتاً، ولا يكون كثيرا النزول والإقامة، فهما يومان قاصدان.
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لا حد للسفر بالمسافة بل كل ما يُعدُّ سفراً في العرف، ويتزود له الإنسان ويبرز للصحراء؛ لأنه يحتاج إلى حمل الزاد والمزاد، فهو سفر، ورجح هذا جمع من أهل العلم، منهم العلامة ابن عثيمين، واختاره ابن قدامة في المغني.
ويفطر المسافر إذا فارق عامر بيوت قريته، أو مدينته،أو خيام قومه وجعلها وراء ظهره، إذا كان سفره تقصر في مثله الصلاة، قال ابن قدامة رحمه الله في الرد على من قال يفطر إذا عزم على السفر ولبس ثياب السفر:" ولنا قوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وهذا شاهد،ولا يوصف بكونه مسافراً حتى يخرج من البلد،ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين، ولذلك لا يقصر الصلاة".
واحتج من قال بجواز إفطار المسافر إذا عزم على السفر ولبس ثياب السفر بما يلي:
أولا: حديث أنس بن مالك ، فعن محمد بن كعب قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفراً، وقد رُحلت له راحلته ولبس ثياب السفر، فدعا بطعام فأكل، فقلت له: سنة؟ قال: سنة ثم ركب".
قال الترمذي: " وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث، وقالوا: للمسافر أن يفطر في بيته قبل أن يخرج، وليس له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من جدار المدينة أو القرية، وهو قول إسحاق بن إبراهيم الحنظلي".
وقال ابن قدامة: " ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين؛ ولذلك لا يقصر الصلاة، فأما أنس فيحتمل أنه كان برز من البلد خارجاً منه، فأتاه محمد بن كعب في ذلك المنزل".
ثانياً: عن عبيد بن جبر قال: كنت مع أبي بصرة الغفاري صاحب النبي "صلى الله عليه وسلم"في سفينة من الفسطاط في رمضان فَرُفِعَ ثم قرب غداه، فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة، قال: اقترب، قلت: ألست ترى البيوت ؟ قال: أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله "صلى الله عليه وسلم"؟ فأكل.
قال العلامة ابن القيم ى: " وفيه حجة لمن جوّز للمسافر الفطر في يومٍ سافر في أثنائه، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وقول عمرو بن شرحبيل والشعبي، وإسحاق، وحكاه أنس، وهو قول داود وابن المنذر، وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة لا يفطر ... ".
وقال العلامة ابن عثيمين: " هل يشترط أن يفارق قريته؟ أو إذا عزم على السفر وارتحل فله أن يفطر؟ الجواب في هذا قولان .. عن السلف، والصحيح أنه لا يفطر حتى يفارق القرية ؛ لأنه لم يكن الآن على سفر، ولكنه ناوٍ للسفر؛ ولذلك لا يجوز أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد، فكذلك لا يجوز له أن يفطر حتى يخرج من البلد".
إقامة المسافر التي يفطر فيها ويقصر فيها الصلاة:
إذا نوى المسافر الإقامة أثناء سفره في بلد أكثر من أربعة أيام، فإنه يُتِمُّ الصلاة، ويصوم إذا كان في رمضان؛ لأن النبي "صلى الله عليه وسلم"قدم مكة في حجة الوداع، يوم الأحد الرابع من ذي الحجة، وأقام بها : الأحد، والإثنين، والثلاثاء، والأربعاء، ثم صلى الفجر يوم الخميس ثم خرج إلى منى، فكان يقصر الصلاة في هذه الأيام، وقد أجمع على إقامتها، فإذا أجمع المسافر أن يقيم كما أقام النبي "صلى الله عليه وسلم"قصر، وأفطر إن كان في رمضان، وإذا أجمع أكثر من ذلك أتم وصام.
قال الإمام ابن قدامة: " وجملة ذلك أن من لم يُجمع إقامةً مدة تزيد على إحدى وعشرين صلاة فله القصر و لو أقام سنين".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إذا نوى أن يقيم بالبلد أربعة أيام فما دونها قصر الصلاة كما فعل النبي "صلى الله عليه وسلم"لما دخل مكة؛ فإنه أقام بها أربعة أيام يقصر الصلاة، و إن كان أكثر ففيه نزاع، والأحوط أن يتم الصلاة، وأما إن قال: غداً أسافر، أو بعد غد أسافر ولم ينوِ المقام فإنه يقصر؛ فإن النبي "صلى الله عليه وسلم"أقام بمكة بضعة عشر يوماً يقصر الصلاة، وأقام بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة، والله أعلم".
وكذلك الصيام في رمضان والإفطار، فإن أجمع إقامة أربعة أيام فأقل قصر وأفطر، وإن أجمع على الإقامة أكثر من ذلك أتم وصام، وعليه: الإمام الشافعي، وأحمد، ومالك، وبقول هؤلاء الأئمة وجمهور أهل العلم معهم تنتظم الأدلة، ويكون ذلك صيانة من تلاعب الناس، وهذا هو الأحوط؛ لأن ما زاد عن أربعة أيام غير مجمع عليه، وما كان أربعة أيام فأقل مجمع عليه أي داخل في المجمع عليه، وبهذا يخرج المسلم من الخلاف، ويترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، والله أعلم.
إذا سافر سفراً شبه دائم في العام:
مثل سفر سائقي الشاحنات، وغيرهم الذين يسافرون كثيراً؛ فإن لهم الإفطار، والترخّص برخص السفر، إذا كانت المسافة التي يقطعونها في سفرهم مسافة قصر، وعليهم قضاء الأيام التي أفطروها من رمضان قبل دخول رمضان المقبل؛ لعموم قول الله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ، وإليهم اختيار الأيام التي يقضون فيها ما أفطروه من أيام رمضان،جمعاً بين دفع الحرج عنهم، وقضاء ما عليهم من الصيام، سواء كان القضاء في أيام الشتاء أو غيرها.
يتبع