القرعة: اسم مصدر من الاقتراع؛ أي: الاختيار([1]).
وفي الاصطلاح: استهام يتعين به نصيب الإنسان.
قال البَرَكَتِيُّ رحمه الله: «الْقُرْعَةُ: السَّهْمُ وَالنَّصِيبُ، وَإِلْقَاءُ الْقُرْعَةِ حِيلَةٌ يَتَعَيَّنُ بِهَا سَهْمُ الْإِنْسَانِ؛ أَيْ: نَصِيبَهُ»اهـ([2]).
والقرعة مشروعة بالكتاب، والسُّنَّة، ونُقِل الإجماع على مشروعيتها.
فأما الكتاب: فقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)﴾ [آل عمران: 44].
وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141)﴾ [الصافات: 139- 141].
وأما السُّنَّة: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا»([3]).
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ([4]).
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ، فَدَعَا بِهِمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً، وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا([5]).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ اليَمِينَ، فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ فِي اليَمِينِ، أَيُّهُمْ يَحْلِفُ([6]).
ووردت القرعة في أحاديث أخرى غير هذه.
وأما الإجماع: فقد قال ابن المنذر رحمه الله: «اسْتِعْمَالُ الْقُرْعَةِ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يُقْسَمُ بِهِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ»اه ـ([7]).
وقال ابن عبد البر رحمه الله: «وَبِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ دُورًا لَوْ كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ، قُسِّمَتْ بَيْنَهُمْ، وَأُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ»اهـ([8]).
وقال ابن قدامة رحمه الله: «وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِعْمَالِهَا فِي الْقِسْمَةِ، وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ خِلَافًا فِي أَنَّ الرَّجُلَ يَقْرَعُ بَيْنَ ائِهِ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ بِإِحْدَاهُنَّ، وَإِذَا أَرَادَ الْبِدَايَةَ بِالْقِسْمَةِ بَيْنَهُنَّ، وَبَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ إذَا تَسَاوَوْا وَتَشَاحُّوا فِي مَنْ يَتَوَلَّى التَّزْوِيجَ، أَوْ مَنْ يَتَوَلَّى اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ، وَأَشْبَاهَ هَذَا»اهـ([9]).


[1])) انظر: «الصحاح» (3/ 1264).

[2])) «قواعد الفقه» (ص427).

[3])) متفق عليه: أخرجه البخاري (615)، ومسلم (437).

[4])) متفق عليه: أخرجه البخاري (2593)، ومسلم (2445).

[5])) أخرجه مسلم (1668).

[6])) أخرجه البخاري (2674).

[7])) «الأوسط» (7/ 82).

[8])) «التمهيد» (22/ 426).

[9])) «المغني» (14/ 382، 383).