" بعد ما شاب راح للكتاب " .. ولم لا !!

بقلم : هيا الرشيد




غالباً وفي معظم المجتمعات يرتبط العلم بسنوات الدّراسة المعروفة ، حيث تكون البداية في سن السادسة تقريبا ، ويكون الختام بانتهاء سنوات الدراسة الجامعية أي في سن الثانية والعشرين تقريباً ، وقد يتجاوز البعض ذلك إذا كان تخصصه يتطلب هذا كالطب ، أو كان لديه طموح لإكمال الماجستير ثم الدكتوراه .
وكثير من الناس ينتهي ارتباطهم بالعلم بمجرد استلامهم الشهادة التي تؤهلهم لتولي الوظيفة ، فإذا ما مرت السنون ، ووصل الفرد منهم إلى مرحلة معينة من العمر ينظر إلى نفسه فيجدها جاهلةً بعلوم العصر التي كثرت وتوسعت .
والمشكلة ليست في نظرة الفرد لنفسه فقط ، وإنما في الانتقاد الذي يوجه إلى من لديهم طموح ورغبة في توسيع مداركهم رغم أعمارهم المتقدمة ، خاصة في بعض العلوم التي لم تكن متوفرة من قبل ، ويكثر ذلك الانتقاد في المجتمع النسائي .
ومن أشد ما يثير العجب تهكم الكثيرات من إحدى النساء التي أخذت تقاعداً مبكراً من وظيفتها ، وقررت التفرغ لدراسة الماجستير أو الدكتوراه ، فقد ربط بعضهن عمرها الذي قد يصل للأربعين أو أكثر بالعجز عن تلقي العلم أو الاستزادة منه ، عوضاً عن تفكير بعضهن بأنها ما دامت تتقاضى راتباً تقاعدياً فما المغزى من التعب في طلب العلم!!!!
في أيامنا الحالية نجد ظروفاً قد استجدّت وتغيرت ، فعلوم الحاسب الآلي انتشرت بسرعة كبيرة ، والمعاهد الخاصة كثرت ، فهل يعتبر البعض الدّراسة في هذه المعاهد حكراً على صغيرات السن أو الأطفال؟؟
من ناحية أخرى فإن الشبكة العنكبوتية أيضاً بحرً كبيرً متلاطم الأمواج ، يختلط فيه الخبيث بالطيب ، فهل نجعل استخدامها لفئة محدودة من صغيرات السن ، ونستنكر ذلك على امرأة قد تجاوزت الأربعين ؟؟!!
وبالنسبة للدورات الأخرى المفيدة فقد أصبحت كثيرة ومتوفرة سواء في مؤسسات خيرية أو حتى معاهد خاصة بمقابل مادي ، ومن أهم مجالات طلب العلم :
·طلب العلم الشرعي عن طريق العلماء وطلبة العلم.
·تعلم كتاب الله عز وجل عن طريق المدارس الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم.
·دراسة الحاسب الآلي والاستفادة من شبكة الإنترنت.
·دراسة اللغة الإنجليزية ، أو أي لغة أخرى أجنبية لاستغلالها مستقبلاً في مجال الدعوة إلى الله .
·حضور المحاضرات التي تُعنى بأساليب الدعوة ومجالاتها.
(بعد ما شاب راح للكتّاب) مثل شعبي قديم ، وسلاح تحطيم يواجه به العوام ذوي الطموح ، وكثيراً ما نسمعه عندما يرغب أي شخص في أن يتعلم علماً غير مرتبط بوظيفته ، أو حتى عندما يفكر أن يزيد مداركه في تخصص معين.
جدير بالذكر أن المرأة كلما تقدمت في السن أصبحت ظروفها مواتية أكثر لطلب العلم ، ولا ننسى أن هناك نساء قد بدأن في حفظ كتاب الله تعالى في سن الستين ، وقد أنهين الحفظ في سن السبعين ، فالمقدرة موجودة والحمد لله ، فما الذي يمنع استغلالها ، هل هي عقدة العمر؟؟ أم عقدة من نوع آخر ترتبط بنظرة اجتماعية وعوامل نفسية ؟؟
أخيتي :

أياً كان عمرك ، وأياً كانت ظروفك فشمري عن ساعديك ، وأقبلي على تلقي أي علم مفيد ترغبينه ، ولا تقفي جاهلة أمام جهاز الحاسب لأنك في سن الأربعين أو الخمسين ، ولا تتلعثمي أمام الاستقبال في المستشفى لعدم معرفتك بالإنجليزية لأنك لم تتعلميها مسبقاً ، وتخجلين من تعلم بعضها الآن ، ولا يخالجك الارتباك من سؤال فقهي بسيط تتلقينه من إحدى الأخوات ولا تعرفين جوابه لأن السن المناسب للعلم قد فاتك ، فأبواب العلم مفتوحة أمامك ، تفتح ذراعيها لتحتويك ، فأقبلي عليها ، وأدبري عن كل معادٍ للطموح قتّال للهمم .