تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 57

الموضوع: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

  1. #1

    Exclamation هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    من مذهب أهل السنة والجماعة نفي الإيمان عن العبد لترك واجب أو ارتكاب محرّم!
    السؤال لإخواني والمشايخ الكرام: هل وقع ذلك في آية من كتاب الله بلا خلاف بين أهل السنة؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    من مذهب أهل السنة والجماعة نفي الإيمان عن العبد لترك واجب أو ارتكاب محرّم!
    السؤال لإخواني والمشايخ الكرام: هل وقع ذلك في آية من كتاب الله بلا خلاف بين أهل السنة؟
    بارك الله فيك اخى الفاضل أبو محمد المأربي-- قال الشيخ عبد العزيز الراجحى على شرحه للايمان الاوسط لشيخ الاسلام بن تيمية-قال شيخ الاسلام [وقوله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَ كَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النور:62]].
    هؤلاء هم المؤمنون الكمل--قال المصنف رحمه الله تعالى: [ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، وأمثال ذلك].
    هؤلاء نفي عنهم الإيمان لضعفهم مثل الأعراب.
    والمؤلف رحمه الله يقرر بهذا مذهب الجمهور ، وأن هؤلاء الذين نفي عنهم الإيمان وأثبت لهم الإسلام ليسوا منافقين ولكن إيمانهم ضعيف، فلهذا نفى عنهم الإيمان الكامل وإن كان معهم أصل الإيمان الذي يصح به الإسلام، والإسلام لابد له من إيمان يصححه، فالمسلم لابد أن يكون مؤمناً بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والإيمان الذي يصحح الإسلام لابد منه، لكن الإيمان الكامل هو الذي نفي عنهم، والمثبت لهم أصل الإيمان.
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [فدل البيان على أن الإيمان المنفي عن هؤلاء الأعراب: هو هذا الإيمان الذي نفي عن فساق أهل القبلة الذين لا يخلدون في النار].
    الإيمان الذي نفي عن الأعراب في قوله تعالى: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14]، هو الإيمان الذي نفي عن الفساق في الحديث: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن)، والفاسق عندما ينفى عنه الإيمان ليس بكافر، وإنما ينفى عنه الكمال؛ لأن عنده أصل الإيمان الذي يصح به الإسلام، فهو مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، فكذلك الأعراب أثبت لهم أصل الإيمان ونفي عنهم كمال الإيمان وتحقيقه.
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [بل قد يكون مع أحدهم مثقال ذرة من إيمان، ونفي هذا الإيمان لا يقتضي ثبوت الكفر الذي يخلد صاحبه في النار].
    يعني: أن نفي الإيمان هنا معناه: نفي كمال الإيمان، لا أنه يكون كافراً، كما في الحديث: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، فالذي نفي عنه هو كمال الإيمان ولا يقتضي الكفر، بل يقتضي حدوث أصل الإيمان، إنما الذي يقتضي الكفر هو نفي أصل الإيمان.
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [وبتحقق هذا المقام يزول الاشتباه في هذا الموضع، ويعلم أن في المسلمين قسماً ليس هو منافقاً محضاً في الدرك الأسفل من النار، وليس هو من المؤمنين الذين قيل فيهم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات:15].
    ولا من الذين قيل فيهم: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال:74].
    فلا هم منافقون ولا هم من هؤلاء الصادقين المؤمنين حقاً، ولا من الذين يدخلون الجنة بلا عقاب، بل له طاعات ومعاص وحسنات وسيئات، ومعه من الإيمان ما لا يخلد معه في النار.
    وله من الكبائر ما يستوجب دخول النار، وهذا القسم قد يسميه بعض الناس: الفاسق الملي، وهذا مما تنازع الناس في اسمه وحكمه].
    بتحقيق هذا المقام يزول الاشتباه في هذا الموضع؛ لأن هذا الموضع موضع اشتباه، ووجه ذلك أن الخوارج لما سمعوا: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14]، وقوله: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، كفروه، وقالوا: نفي عنه الإيمان لكفره، فاشتبه عليهم الأمر، واشتبهت عليهم النصوص، ولم يجمعوا بينها.
    وأما المرجئة فقالوا: هو مؤمن كامل الإيمان.
    وهدى الله أهل السنة والجماعة فجمعوا بين النصوص.
    وبتحقيق هذا المقام في هذا الموضع، الذي فيه نصوص أثبتت الإسلام لقوم ونفت عنهم الإيمان علم أن في المسلمين قسماً ليس هو منافقاً محضاً في الدرك الأسفل من النار وليس هو من المؤمنين الكمل، الذين حققوا الإيمان.
    فهو مؤمن ضعيف الإيمان، وليس من المؤمنين الذين قيل فيهم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات:15]، ولا من الذين قيل فيهم: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال:4]، كما في سورة الأنفال، فلا هم منافقون، ولا هم من هؤلاء الصادقين المؤمنين حقاً، ولا هم من الذين يدخلون الجنة بلا عقاب، بل لهم طاعات ومعاصي، فالناس أربعة أصناف، وكلها داخلة في مسمى الإسلام، وهم الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، وهؤلاء يثبت لهم الإسلام وينفى عنهم الإيمان، القسم الثاني الصادقون المؤمنون حقاً، وهم الذين أدوا الواجبات وتركوا المحرمات، قال الله عنهم: {أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات:15]، {أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال:4].
    القسم الثالث: الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، وهم الذين أحكموا التوحيد وخلصوه ونقوه من شوائب الشرك والبدع ونحو ذلك.
    القسم الرابع: المؤمنون ضعيفو الإيمان، الذين لهم طاعات وحسنات ومعاص وسيئات، ومعهم من الإيمان ما يمنع الخلود في النار، ومعهم من الكبائر ما يقتضي دخول النار، وهذا هو الذي وصف به الأعراب والزاني والسارق الذين نفي عنهم الإيمان في قوله تعالى: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14] والحديث: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن).
    فهذه أربعة أصناف كلها داخلة في مسمى الإسلام غير الكفار، والكافر هو القسم الخامس.
    فالكافر ظاهراً وباطناً ليس بمؤمن، ويشمل اليهود والنصارى والوثنيين والمجوس والشيوعيين والملاحدة جميعاً، فكلهم أظهروا كفرهم، وهم صنف واحد.
    والصنف الرابع الذين لهم طاعات وحسنات ولهم معاص وسيئات، فليس معهم كمال الإيمان، بل معهم من الإيمان ما لا يخلد في النار ولهم كبائر يستوجبون بها دخول النار- فهم تحت مشيئة الله، قد يعفو الله عنهم ويدخلهم الجنة من أول وهلة، وقد يعذبهم ولكن لا يخلدون، وقد يكون مخلداً في النار على حسب الجرائم؛ لأنه تواترت الأخبار أنه يدخل النار جملة من أهل الكبائر مؤمنون مصدقون لكنهم دخلوا النار بالمعاصي، كمن مات على سرقة أو زنا أو عقوق، وبعضهم يكون مكثراً حتى أنه يخلد كالقاتل، والمراد بالخلود: طول المكث، أي: يمكث مدة طويلة ولكن لا يخلد، فالخلود خلودان: خلود مؤبد لا نهاية له، وهذا خلود الكفرة، والثاني: خلود مؤقت، له أمد ونهاية، وهو خلود بعض العصاة الذين اشتدت جرائمهم وكثرت وفحشت كالقاتل: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء:93]، لكنه ليس بكافر إلا إذا استحل، فإذا رأى أن القتل حلال كفر.
    كذلك المرابي إذا تعامل بالربا فهو ضعيف الإيمان، إلا إذا اعتقد أن الربا حلال كفر.
    فهذا القسم هم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، وهم الذين قال الله فيهم: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14]، فمعهم أصل الإيمان الذي يمنعهم من الخلود في النار كالكفرة، ومعهم كبائر يستوجبون بها دخول النار كالعصاة، وهذا القسم يسميه بعض الناس الفاسق الملي.
    والفاسق هو الذي دخل في ملة الإسلام مثل الزاني والسارق وشارب الخمر والمرابي والقاتل، وهذا مما تنازع الناس في اسمه وحكمه، فأهل السنة يسمونه مؤمناً ناقص الإيمان، والخوارج يسمونه كافراً، والمعتزلة يقولون: خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر، والمرجئة يسمونه مؤمناً كامل الإيمان.
    هذا في الاسم، وأما في الحكم فأهل السنة يقولون: هو تحت مشيئة الله، والخوارج يقولون: مخلد في النار، والمعتزلة: مخلد في النار، والمرجئة: يدخل الجنة من أول وهلة..........فهذه مباحث دقيقة ومسائل دقيقة جداً وخطيرة في نفس الوقت؛ لأن بعض الناس يسلك مسلك الخوارج وهو لا يشعر، وبعض الناس يسلك مسلك الجهمية وهو لا يشعر، وبعض الناس يسلك مسلك المعتزلة، فلابد أن يكون المسلم عنده التحقيق في هذا المقال، ويجمع بين النصوص من كتاب الله وسنة رسوله، ويعمل بها من الجانبين.
    والخوارج لا يعملون إلا ببعض النصوص، فيعملون بنصوص الوعيد، وأغمضوا أعينهم عن نصوص الوعد، فكفروا العصاة وخلدوهم في النار.
    والمرجئة يعملون ببعض النصوص، كنصوص الوعد، وأهملوا نصوص الوعيد، فصاروا يقولون: إن العاصي كامل الإيمان، ويدخل الجنة من أول وهلة.
    وأهل السنة وفقهم الله فأخذوا نصوص الوعيد وصفعوا بها وجوه المرجئة وأبطلوا مذهبهم، وأخذوا نصوص الوعد وصفعوا بها وجوه الخوارج وأبطلوا مذهبهم، وأخذوا نصوص الوعيد فاحتجوا بها على أن المؤمن يضعف إيمانه، ونصوص الوعد فاحتجوا بها على أنه لا يخرج من الإسلام، فخرج مذهب أهل السنة من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين، من بين فرث الخوارج ودم المرجئة.[شرح الايمان الاوسط]

  3. #3

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    جزاك الله خيراً وأحسن إليك أخي محمد.
    يبدو أنك لم تلاحظ عند الكتابة قيدي في طلب المساعدة (بلا خلاف بين أهل السنة)، ومعلوم أن الخلاف قائم بين أهل السنة والجماعة في الإيمان المنفي عن هؤلاء الأعراب في سورة الحجرات {قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم}. بعض السلف حمله على نفي الأصل، وآخرون على نفي الكمال.
    المرجوّ أن تساعدوا على محلّ من الكتاب (القرآن) اتفق أهل السنة على أنه لنفي الكمال الواجب
    .



  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيراً وأحسن إليك أخي محمد.
    يبدو أنك لم تلاحظ عند الكتابة قيدي في طلب المساعدة (بلا خلاف بين أهل السنة)، ومعلوم أن الخلاف قائم بين أهل السنة والجماعة في الإيمان المنفي عن هؤلاء الأعراب في سورة الحجرات {قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم}. بعض السلف حمله على نفي الأصل، وآخرون على نفي الكمال.
    المرجوّ أن تساعدوا على محلّ من الكتاب (القرآن) اتفق أهل السنة على أنه لنفي الكمال الواجب
    .


    بارك الله فيك اخى ابو محمد - تقدم الجواب -ان مذهب اهل السنة فى نفى الايمان من استقراء النصوص واعمالها والجمع بين اطراف الادلة وتقييد مطلقها بمقيدها، وتخصيص عامها بخاصها قال ابن عباس رضي الله عنهما: يؤمن بالمحكم ويدين به، ويؤمن بالمتشابه ولا يدين به، وهو من عند الله كله -قال الشاطبي رحمه الله: ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد، وهو الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين، إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة، بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها[الموافقات]-........ فاهل السنة وسط في باب أسماء الإيمان والدين بين المرجئة القائلين بأن مرتكب الكبيرة كامل الإيمان، وبين الوعيدية القائلين بتكفيره - كما هو عند الخوارج - أو يجعله بمنزلة بين المنزلتين - كما هو عند المعتزلة --
    الخلاف قائم بين أهل السنة والجماعة في الإيمان المنفي عن هؤلاء الأعراب في سورة الحجرات {قل لم تؤمنوا
    نعم - ولكنهم اتفقوا على ان نفى الكمال الواجب لا يخرج صاحبه من الاسلام هذا ما قصدت به الكلام السابق- وحكى الباقلاني الإجماع على منع التعارض بين الأدلة الشرعية في نفس الأمر مطلقاً، كما روى الخطيب البغدادي عنه ذلك فقال: يقول الباقلاني: وكل خبرين علم أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بهما، فلا يصح دخول التعارض فيهما على وجه، وإن كان ظاهرهما متعارضين؛ لأن معنى التعارض بين الخبرين والقرآن من أمر ونهي وغير ذلك، أن يكون موجب أحدهما منافياً لموجب الآخر، وذلك يبطل التكليف إن كان أمراً ونهياً، وإباحة وحظرا، أو يوجب كون أحدهما صدقاً والآخر كذباً إن كانا خبرين، والنبي صلى الله عليه وسلم منزه عن ذلك أجمع، ومعصوم منه باتفاق الأمة، وكل مثبت للنبوة[الكفاية]-------اختلف أهلُ السُّنَّة: هل يُسمَّى مؤمناً ناقصَ الإيمانِ ، أو يقال: ليس بمؤمنٍ ، لكنَّهُ مسلمٌ ، على قولين ، وهما روايتانِ عنْ أحمدَ ". انتهى . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاستقامة" (2/181) :" وَالْمُسلم إذا أتى الْفَاحِشَة لَا يكفر ، وإن كَانَ كَمَال الإيمان الْوَاجِب قد زَالَ عَنهُ ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنه قَالَ : ( لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن ، وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن ، وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن ، وَلَا ينتهب نهبة ذَات شرف يرفع النَّاس إليه فِيهَا أبصارهم وَهُوَ مُؤمن ) .
    فَأصل الايمان مَعَه ، وَهُوَ قد يعود إلى الْمعْصِيَة ، وَلكنه يكون مُؤمنا إذا فَارق الدُّنْيَا ، كَمَا فِي الصَّحِيح عَن عمر : ( أن رجلا كَانَ يَدعِي حمارا وَكَانَ يشرب الْخمر وَكَانَ كلما أُتي بِهِ إلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمْر بجلده ، فَقَالَ رجل : لَعنه الله ؛ مَا أكثر مَا يُؤْتى بِهِ إلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم :" لَا تلعنه فَإِنَّهُ يحب الله وَرَسُوله ) . فَشهد لَهُ بِأَنَّهُ يحب الله وَرَسُوله ، وَنهى عَن لعنته كَمَا تقدم فِي الحَدِيث الآخر الصَّحِيح : ( وإن زنا وإن سرق ) .
    وَذَلِكَ أن مَعَه أصل الِاعْتِقَاد : أن الله حرم ذَلِك ، وَمَعَهُ خشيه عِقَاب الله ، ورجاء رَحْمَة الله ، وإيمانه بِأَن الله يغْفر الذَّنب ، وَيَأْخُذ بِهِ ، فَيغْفر الله لَهُ بِهِ ". انتهى .
    وهذا هو قول أهل السنة خلافا للخوارج والمرجئة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (12/478) :
    " وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ :
    فَنُفِيَ عَنْهُ الْإِيمَانُ الْوَاجِبُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ الْجَنَّةَ ؛ وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ نَفْيَ أَصْلِ الْإِيمَانِ ، وَسَائِر أَجْزَائِهِ وَشُعَبِهِ.
    وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: نَفْيُ كَمَالِ الْإِيمَانِ ، لَا حَقِيقَتُهُ ، أَيْ الْكَمَالُ الْوَاجِبُ ، لَيْسَ هُوَ الْكَمَالُ الْمُسْتَحَبُّ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: الْغُسْلُ : كَامِلٌ ، وَمُجْزِئٌ.
    وَمِنْ هَذَا الْبَابِ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ؛ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ كَافِرٌ ، كَمَا تَأَوَّلَتْهُ الْخَوَارِجُ ، وَلَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خِيَارِنَا. كَمَا تَأَوَّلَتْهُ الْمُرْجِئَةُ ". انتهى .
    والحاصل :
    أن النصوص الواردة بنفي الإيمان عن أصحاب الكبائر : ليس المراد منها أنه يخرج من الإيمان كله ، ولا نفي أصل الإيمان عنه ، بل المراد نفي كمال الإيمان الواجب عنه ، الذي يستحق به المدح ، وإن كان بقي معه من أصل الإيمان ما يمنع خروجه من الملة ، أو خلوده في النار . -----اذا أهل السنة متفقون كلهم على أن مرتكب الكبيرة لا يكفر كفرا ينقل عن الملة بالكلية، كما قالت الخوارج، إذ لو كفر كفرا ينقل عن الملة لكان مرتدا [يقتل]على كل حال، ولا يقبل عفو ولي القصاص، ولا تجري الحدود في الزنا والسرقة وشرب الخمر! وهذا القول معلوم بطلانه وفساده بالضرورة من دين الإسلام.
    ومتفقون على أنه لا يخرج من الإيمان والإسلام، ولا يدخل في الكفر، ولا يستحق الخلود مع الكافرين، كما قالت المعتزلة، فإن قولهم باطل أيضا؛ إذ قد جعل الله مرتكب الكبيرة من المؤمنين، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} إلى أن قال: {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف}. فلم يخرج القاتل من الذين آمنوا، وجعله أخا لولي القصاص، والمراد أخوة الدين بلا ريب. وقال تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} إلى أن قال: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم--
    وأهل السنة أيضا متفقون على أنه يستحق الوعيد المرتب على ذلك الذنب، كما وردت به النصوص. لا كما يقوله المرجئة من أنه لا يضر مع الإيمان ذنب، ولا ينفع مع الكفر طاعة! وإذا اجتمعت نصوص الوعد التي استدلت بها المرجئة، ونصوص الوعيد التي استدلت بها الخوارج والمعتزلة -: تبين لك فساد القولين-------
    لمرجوّ أن تساعدوا على محلّ من الكتاب (القرآن) اتفق أهل السنة على أنه لنفي الكمال الواجب.
    اتفاق اهل السنة - بجمع ما ورد من نصوص الكتاب والسنة على درجة الاستقصاء، مع تحرير الدلالات ، واعتماد فهم الصحابة والثقات من علماء السلف الصالح رضي الله عنهم، فإن بدا ما ظاهره التعارض بين نصوص الوحيين عند المجتهد - لا في الواقع ونفس الأمر، فينبغي الجمع بين الأدلة برد ما غمض منها واشتبه إلى ما ظهر منها واتضح، وتقييد مطلقها بمقيدها، وتخصيص عامها بخاصها، فإن كان التعارض في الواقع ونفس الأمر فبنسخ منسوخها بناسخها - وذلك في الأحكام دون الأخبار فلا يدخلها نسخ - وإن لم يكن إلى علم ذلك من سبيل، فيرده إلى عالمه تبارك وتعالى.
    قال سبحانه: هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ [آل عمران: 7].
    و في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام: ((نزل الكتاب الأول من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف، زاجرا وآمرا، وحلالا وحراما، ومحكما ومتشابها، وأمثالا، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا)) .
    قال الربيع بن خثيم رحمه الله: يا عبد الله، ما علمك الله في كتابه من علم فاحمد الله، وما استأثر عليك به من علم فكله إلى عالمه، لا تتكلف فإن الله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِي نَ [ص: 86] (3) .
    وإذا اتضح هذا؛ فإنه لا يجوز أن يؤخذ نص وأن يطرح نظيره في نفس الباب، أو أن تعمل مجموعة من النصوص وتهمل الأخرى؛ لأن هذا مظنة الضلال في الفهم، والغلط في التأويل ، قال الإمام أحمد رحمه الله: الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضا---الخلاصة- اتفاق اهل السنة على فهم الدليل بالجمع بين اطرافه

  5. #5

    Exclamation رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    جزاك الله خيراً، سلمتم من سوء الدارين.
    الحمد الله الذي بصّرنا ضلال أهل الأهواء - الوعدية والوعيدية- ومنّ علينا باتباع طريقة أهل الحق في الجمع بين نصوص الوعد والوعيد كجمع أهل الفقه بين نصوص الأمر والنهي.....
    أخي الفاضل: أرجو - من الإخوة الكرام ومشايخ المنتدى - : الإرشاد إلى موضع من القرآن أجمع أهل السنة على أنه لنفي الكمال الواجب لا أصله - هذه مسألتي - من غير تردّد في حقّيّة تصنيف نفي الإيمان خلافا للوعيدية والوعدية....

    فإن عثرتم على ذلك الموضع فأرشدوني إليه لحاجة ملحّة، وإلا فلا ترحّلوا مسألتي إلى ما لا أسأل عنه ولا أبحث فيه.

    هل اتضحت الفكرة؟


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيراً، سلمتم من سوء الدارين.
    الحمد الله الذي بصّرنا ضلال أهل الأهواء - الوعدية والوعيدية- ومنّ علينا باتباع طريقة أهل الحق في الجمع بين نصوص الوعد والوعيد كجمع أهل الفقه بين نصوص الأمر والنهي.....
    أخي الفاضل: أرجو - من الإخوة الكرام ومشايخ المنتدى - : الإرشاد إلى موضع من القرآن أجمع أهل السنة على أنه لنفي الكمال الواجب لا أصله - هذه مسألتي - من غير تردّد في حقّيّة تصنيف نفي الإيمان خلافا للوعيدية والوعدية....

    فإن عثرتم على ذلك الموضع فأرشدوني إليه لحاجة ملحّة، وإلا فلا ترحّلوا مسألتي إلى ما لا أسأل عنه ولا أبحث فيه.

    هل اتضحت الفكرة؟

    بارك الله فيك اخى ابو محمد-
    الحمد الله الذي بصّرنا ضلال أهل الأهواء - الوعدية والوعيدية- ومنّ علينا باتباع طريقة أهل الحق في الجمع بين نصوص الوعد والوعيد كجمع أهل الفقه بين نصوص الأمر والنهي
    نعم بارك الله فيك - وتحرير هذه المسـألة كما مرَّ - نصوص الوعد والوعيد ومنها - نفى كمال الايمان الوجب -تفهم بالجمع بين اطراف الادلة كما سبق- فعموم الادلة فى نفى كمال الايمان الواجب اذا لم يجمع اطرافها وتقيد لم تكن صريحة- فجمع اطراف الادلة هو فقط ما يؤدى الى جواب سؤالك اخى ابو محمد المأربى -- فالعموم مع التخصيص او الاطلاق مع التقييد وجمع اطراف الادلة فقط هو الجواب الشافى لسؤالك ---
    أخي الفاضل: أرجو - من الإخوة الكرام ومشايخ المنتدى - : الإرشاد إلى موضع من القرآن أجمع أهل السنة على أنه لنفي الكمال الواجب لا أصله - هذه مسألتي - من غير تردّد في حقّيّة تصنيف نفي الإيمان خلافا للوعيدية والوعدية....
    فإن عثرتم على ذلك الموضع فأرشدوني إليه لحاجة ملحّة، وإلا فلا ترحّلوا مسألتي إلى ما لا أسأل عنه ولا أبحث فيه.

    هل اتضحت الفكرة؟
    هل اتضحت الفكرة
    فكرتك واضحة اخى الفاضل وجوابها ايضا واضح
    الإرشاد إلى موضع من القرآن أجمع أهل السنة على أنه لنفي الكمال الواجب لا أصله - هذه مسألتي
    لو وُجِد هذا لما ضل المرجئة والخوارج والمعتزلة فى نصوص الوعيد-و انما تفهم نصوص الوعد والوعيد بالضوابط التى سبق الاشارة اليها---------قال سبحانه: هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ

  7. #7

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    هل يعني هذا: أن الأصل في نفي الإيمان في القرآن حملُه على نفي الأصل إلا بدليل يدلّ على أنه للكمال الواجب؟ لأن نفي الإيمان كثير في الكتاب العزيز

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2015
    الدولة
    Libya
    المشاركات
    147

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    جوابه : "فلما ءاسفونا انتقمنا منهم" وهذا نازل في الكفار الكفر

    المحض النافي لتوفر الإيمان كله أو جزءه ؟

    ومنه علم توفر الإيمان عند غيرهم من المؤمنين والمسلمين.

    والآية غيرها كثير . علم السلف الصالح أن كل آية جردت الكفار والمشركين في سياق تهديد ووعيد هو نفي الإيمان عنهم جملة وتفصيلا
    وتوفره عند غيرهم من المؤمنين والمسلمين.




  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2015
    الدولة
    Libya
    المشاركات
    147

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    السؤال المطروح غلط . لأنه قصد الكفار والمشركين ووضع العصاة دون تقييد !

  10. #10

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    لو وُجِد هذا لما ضل المرجئة والخوارج والمعتزلة فى نصوص الوعيد-و انما تفهم نصوص الوعد والوعيد بالضوابط التى سبق الاشارة اليها
    ضلّت الوعدية والوعيدية في مفهوم الإيمان فقالوا: هو حقيقة واحدة لا مركبة، لا تقبل التجزئة والتبعّض، إذا ذهب بعضه ذهب كلّة عند الوعيدية، وعند الوعدية إذا ثبت بعضه ثبت كلّه، ثم حرّف كلّ منهما دلالة النصوص الشرعية الناقضة لأصله لتوافقه، وعند أهل السنة هو حقيقة ذات شعب أو مركبة تركيب الشجرة وأسماء الأجناس لا تركيب العشرة.

  11. #11

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نبيل عبد الحميد العريفي مشاهدة المشاركة
    السؤال المطروح غلط . لأنه قصد الكفار والمشركين ووضع العصاة دون تقييد !
    فهم السؤال نصف الجواب إن لم تنشط لمساعدة الإخوان فلا تخطّئ بلا مبرّر!
    السؤال المطروح هام وصواب وليس بخطأ: نفي الإيمان انتشر في القرآن الكريم، واعتقاد أصحاب الحديث: أن الإيمان لا ينفى عن العبد إلا لانتفاء أصله أو لانتفاء كماله الواجب.
    السؤال: هل وقع في القرآن نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب بلا اختلاف بين أهل السنة؟




  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    هل يعني هذا: أن الأصل في نفي الإيمان في القرآن حملُه على نفي الأصل إلا بدليل يدلّ على أنه للكمال الواجب؟ لأن نفي الإيمان كثير في الكتاب العزيز
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    ضلّت الوعدية والوعيدية في مفهوم الإيمان فقالوا: هو حقيقة واحدة لا مركبة، لا تقبل التجزئة والتبعّض، إذا ذهب بعضه ذهب كلّة عند الوعيدية، وعند الوعدية إذا ثبت بعضه ثبت كلّه، ثم حرّف كلّ منهما دلالة النصوص الشرعية الناقضة لأصله لتوافقه، وعند أهل السنة هو حقيقة ذات شعب أو مركبة تركيب الشجرة وأسماء الأجناس لا تركيب العشرة.
    نعم بارك الله فيك اخى الفاضل ابو محمد المأربى
    قال الإمام ابن القيم: فصل الخطاب
    ومعرفة الصواب في هذه المسألة مبني على معرفة حقيقة الإيمان والكفر، ثم يصح النفي و الإثبات بعد ذلك. فالكفر والإيمان متقابلان إذا زال أحدهما خلفه الآخر, ولما كان الإيمان أصلا له شعب متعددة وكل شعبة منها تسمى إيمانا فالصلاة من الإيمان وكذلك الزكاة والحج والصيام والأعمال الباطنة كالحياء والتوكل والخشية من الله والإنابة إليه حتى تنتهي هذه الشعب إلى إماطة1 الأذى عن الطريق فإنه شعبة من شعب الإيمان, وهذه الشعب منها ما يزول الإيمان بزوالها كشعبة الشهادة, ومنها ما لا يزول بزوالها كترك إماطة الأذى عن الطريق, وبينهما شعب متفاوتة تفاوتا عظيما منها ما يلحق بشعبة الشهادة ويكون إليها أقرب, ومنها ما يلحق بشعبة إماطة الأذى ويكون إليها أقرب.
    وكذلك الكفر ذو أصل وشعب. فكما أن شعب الإيمان إيمان فشعب الكفر كفر, والحياء شعبة من الإيمان, وقلة الحياء شعبة من شعب الكفر, والصدق شعبة من شعب الإيمان والكذب شعبة من شعب الكفر, والصلاة والزكاة والحج والصيام من شعب الإيمان, وتركها من شعب الكفر, والحكم بما أنزل الله من شعب الإيمان والحكم بغير ما أنزل الله من شعب الكفر, والمعاصي كلها من شعب الكفر كما أن الطاعات كلها من شعب الإيمان. وشعب الإيمان قسمان: قولية وفعلية. وكذلك شعب الكفر نوعان: قولية وفعلية. ومن شعب الإيمان القولية شعبة يوجب زوالها زوال الإيمان, فكذلك من شعبه الفعلية ما يوجب زوالها زوال الإيمان وكذلك شعب الكفر القولية والفعلية. فكما يكفر بالإتيان بكلمة الكفر اختيارا وهي شعبة من شعب الكفر فكذلك يكفر بفعل شعبة من شعبه كالسجود للصنم والاستهانة بالمصحف فهذا أصل, وها هنا أصل آخر: وهو أن حقيقة الإيمان مركبة من قول وعمل. والقول قسمان: قول القلب وهو الاعتقاد وقول اللسان وهوالتكلم بكلمة الإسلام, والعمل قسمان: عمل القلب وهو نيته وإخلاصه, وعمل الجوارح, فإذا زالت هذه الأربعة زال الإيمان بكماله وإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء فإن تصديق القلب شرط في اعتقادها وكونها نافعة, وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق فهذا موضع المعركة بين المرجئة وأهل السنة.
    فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب, وهومحبته وانقياده كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول صلى الله عليه وسلم بل ويقرون به سرا وجهرا ويقولون ليس بكاذب ولكن لا نتبعه ولا نؤمن به.
    فإذا كان الإيمان يزول بزوال عمل القلب فغير مستنكر أن يزول بزوال أعظم أعمال الجوارح ولا سيما إذا كان ملزوما لعدم محبة القلب وانقياده الذي هو ملزوم لعدم التصديق الجازم كما تقدم تقريره فإنه يلزمه من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح إذ لو أطاع القلب وانقاد أطاعت الجوارح وانقادت, ويلزم من عدم طاعته وانقياده عدم التصديق المستلزم للطاعة وهو حقيقة الإيمان, فإن الإيمان ليس مجرد التصديق كما تقدم بيانه وإنما هو التصديق المستلزم للطاعة والانقياد وهكذا الهدى ليس هو مجرد معرفة الحق وتبينه بل هو معرفته المستلزمة لاتباعه والعمل بموجبه وإن سمي الأول هدى فليس هو الهدى التام المستلزم للاهتداء كما أن اعتقاد التصديق وإن سمي تصديقا فليس هو التصديق المستلزم للإيمان فعليك بمراجعة هذا الأصل ومراعاته.
    : وها هنا أصل آخر وهو أن الكفر نوعان: كفر عمل وكفر جحود وعناد, فكفر الجحود أن يكفر بما علم أن الرسول جاء به من عند الله جحودا وعنادا من أسماء الرب وصفاته وأفعاله وأحكامه, وهذا الكفر يضاد الإيمان من كل وجه. وأما كفر العمل فينقسم إلى ما يضاد الإيمان وإلى ما لا يضاده. فالسجود للصنم والاستهانة بالمصحف وقتل النبي وسبه يضاد الإيمان, وأما الحكم بغير ما أنزل الله وترك الصلاة فهو من الكفر العملي قطعا ولا يمكن أن ينفي عنه اسم الكفر بعد أن اطلقه الله ورسوله عليه فالحاكم بغير ما أنزل الله كافر وتارك الصلاة كافر بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولكن هو كفر عمل لا كفر اعتقاد, ومن الممتنع أن يسمي الله سبحانه الحاكم بغير ما أنزل الله كافرا ويسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم تارك الصلاة كافرا ولا يطلق عليهما اسم كافر. وقد نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر وعمن لا يأمن جاره بوائقه, وإذا نفي عنه اسم الإيمان فهو كافر من جهة العمل وانتفى عنه كفر الجحود والاعتقاد

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    وكذلك قوله: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض". فهذا كفر عمل. وكذلك قوله: "من أتى كاهنا فصدقه أو امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد". وقوله: " إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما". وقد سمى الله سبحانه وتعالى من عمل ببعض كتابه وترك العمل ببعضه مؤمنا بما عمل به وكافرا بما ترك العمل بت, فقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} . فأخبر سبحانه أنهم أقروا بميثاقه الذي أمرهم به والتزموه. وهذا يدل على تصديقهم به أنهم لا يقتل بعضهم بعضا ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم ثم أخبر أنهم عصوا أمره وقتل فريق منهم فريقا وأخرجوهم من ديارهم فهذا كفرهم بما أخذ عليهم في الكتاب ثم أخبر أنهم يفدون من أسر من ذلك الفريق وهذا إيمان منهم بما أخذ عليهم في الكتاب فكانوا مؤمنين بما عملوا به من الميثاق كافرين بما تركوه منه, فالإيمان العملي يضاده الكفر العملي والإيمان الاعتقادي يضاده الكفر الاعتقادي.
    وقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم بما قلناه في قوله في الحديث الصحيح: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". ففرق بين قتاله وسبابه وجعل أحدهما فسوقا لا يكفر به والآخر كفر, ومعلوم أنه إنما أراد الكفر العلمي لا الاعتقادي, وهذا الكفر لا يخرجه من الدائرة الإسلامية والملة بالكلية كما لا يخرج الزاني والسارق والشارب من الملة وإن زال عنه اسم الإيمان, وهذا التفصيل هو قول الصحابة الذين هم أعلم الأمة بكتاب الله وبالإسلام والكفر ولوازمهما فلا تتلقى هذه المسائل إلا عنهم فإن المتأخرين لم يفهموا مرادهم فانقسموا فريقين فريقا أخرجوا من الملة بالكبائر, وقضوا على أصحابها بالخلود في النار, وفريقا جعلوهم مؤمنين كاملي الإيمان فهؤلاء غلوا وهؤلاء جفوا وهدى الله أهل السنة للطريقة المثلى والقول الوسط الذي هو في إذنه كالإسلام في الملل فها هنا كفر دون كفر ونفاق دون نفاق وشرك دون شرك وفسوق دون فسوق وظلم دون ظلم. قال سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} . ليس هو بالكفر الذي يذهبون إليه. وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} قال: هو بهم كفر وليس كمن كفر بالله وملائكته كتبه ورسله, وقال في رواية أخرى عنه: كفر لا ينقل عن الملة. وقال طاووس: ليس بكفر ينقل عن الملة. وقال وكيع عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء: كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق. وهذا الذي قاله عطاء بين في القرآن لمن فهمه فإن الله سبحانه سمى الحاكم بغير ما أنزله كافرا ويسمى جاحد ما أنزله على رسوله كافرا. وليس الكافران على حد سواء, وسمى الكافر ظالما كما في قوله تعالى والكافرون هم الظالمون . وسمى متعدي حدوده في النكاح والطلاق والرجعة والخلع ظالما فقال: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} .
    وقال يونس نبيه: {لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} . وقال صفيه آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} . وقال كليمه موسى: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} . وليس هذا الظلم مثل ذلك الظلم, ويسمى الكافر فاسقا كما في قوله: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} . وقوله: {وَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} .
    وهذا كثير في القرآن ويسمى المؤمن العاصي فاسقا كما في قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} . نزلت في الحكم ابن أبي العاص وليس الفاسق كالفاسق, وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} . وقال عن ابليس: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} . وقال: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} . وليس الفسوق كالفسوق.
    والكفر كفران, والظلم ظلمان, والفسق فسقان, وكذا الجهل جهلان: جهل كفر كما في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} . وجهل غير كفر كقوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} .
    كذلك الشرك شركان: شرك ينقل عن الملة وهو الشرك الأكبر، وشرك لا ينقل عن الملة وهو الشرك الأصغر: وهو شرك العمل: كالرياء. وقال تعالى في الشرك الأكبر: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} . وقال: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} . وفي شرك الرياء: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} . ومن هذا الشرك الأصغر قوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله فقد أشرك". رواه أبو داود وغيره, ومعلوم أن حلفه بغير الله لا يخرجه عن الملة ولا يوجب له حكم الكفار. ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل".

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    فانظر كيف انقسم الشرك والكفر والفسوق والظلم والجهل إلى ما هو كفر ينقل عن الملة وإلى ما لا ينقل عنها وكذا النفاق نفاقان: نفاق اعتقاد ونفاق عمل, فنفاق الاعتقاد هو الذي أنكره الله على المنافقين في القرآن وأوجب لهم الدرك الأسفل من النار, ونفاق العمل كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان". وفي الصحيح أيضا: "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر وإذا ائتمن خان".
    فهذا نفاق عمل قد يجتمع مع أصل الإيمان ولكن إذا استحكم وكمل فقد ينسلخ صاحبه عن الإسلام بالكلية وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم, فإن الإيمان ينهى المؤمن عن هذه الخلال فإذا كملت في العبد ولم يكن له ما ينهاه عن شيء منها فهذا لايكون إلا منافقا خالصا, وكلام الإمام أحمد يدل على هذا فإن إسماعيل بن سعيد الشالنجي قال: سألت أحمد بن حنبل عن المصر على الكبائر يطلبها بجهده إلا أنه لم يترك الصلاة والزكاة والصوم, وهل يكون مصرا من كانت هذه حاله؟. قال: هو مصر, مثل قوله: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن". يخرج من الإيمان ويقع في الإسلام, ونحو قوله: "لا يشرب الخمر حين بشربها وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن". ونحو قول ابن عباس في قوله تعالى: "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ". قال إسماعيل: فقلت: له ما هذا الكفر؟ قال: كفر لا ينقل عن الملة مثل الإيمان بعضه دون بعض, فكذلك الكفر حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه.

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    وههنا أصل آخر وهو أن الرجل قد يجتمع فيه كفر وإيمان وشرك وتوحيد وتقوى وفجور ونفاق وإيمان, هذا من أعظم أصول أهل السنة, وخالفهم فيه غيرهم من أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والقدرية.ومسألة خروج أهل الكبائر من النار وتخليدهم فيها مبنية على هذا الأصل, وقد دل عليه القرآن والسنة والفطرة وإجماع الصحابة. قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} . فأثبت لهم إيمانا به سبحانه مع الشرك. وقال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ 1 مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} . فأثبت لهم إسلاما وطاعة لله ورسوله مع نفي الإيمان عنهم وهو الإيمان المطلق الذي يستحق اسمه بمطلقه. الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله, وهؤلاء ليسوا منافقين في أصح القولين بل هم مسلمون بما معهم من طاعة الله ورسوله وليسوا مؤمنين وإن كان معهم جزء من الإيمان أخرجهم من الكفر.
    قال الإمام أحمد: من أتى هذه الأربعة أو مثلهن أو فوقهن يريد: الزنا والسرقة وشرب الخمر والانتهاب فهو مسلم، ولا أسمية مؤمنا, ومن أتى دون ذلك يريد دون الكبائر: سميته مؤمنا ناقص الإيمان. فقد دل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "فمن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق". فدل على أنه يجتمع في الرجل نفاق وإسلام.
    وكذلك الرياء شرك فإذا راءى الرجل في شيء من عمله اجتمع فيه الشرك والإسلام, وإذا حكم بغير ما أنزل الله أو فعل ما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم كفرا وهو ملتزم للإسلام وشرائعه فقد قام به كفر وإسلام, وقد بينا أن المعاصي كلها شعب من شعب الكفر كما أن الطاعات كلها شعب من شعب الإيمان, فالعبد تقوم به شعبة أو أكثر من شعب الإيمان, وقد يسمى بتلك الشعبة مؤمنا وقد لا يسمى, كما أنه قد يسمى بشعبة من شعب الكفر كافرا وقد لا يطلق عليه هذا الاسم فها هنا أمران أمر اسمي لفظي وأمر معنوي حكمي, فالمعنوي هل هذه الخصلة كفر أم لا؟ , واللفظي هل يسمى من قامت به كافرا أم لا؟ فالأمر الأول شرعي محض, والثاني لغوي وشرعي.

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    وها هنا أصل آخر وهو أنه لا يلزم من قيام شعبة من شعب الإيمان بالعبد أن يسمى مؤمنا وإن كان ما قام به إيمانا ولا من قيام شعبة من شعب الكفر به أن يسمى كافرا وإن كان ما قام به كفرا, كما أنه لا يلزم من قيام جزء من أجزاء العلم به أن يسمى عالما ولا من معرفة بعض مسائل الفقه والطب أن يسمى فقهيا ولا طبيبا, ولا يمنع ذلك أن تسمى شعبة الايمان إيمانا وشعبة النفاق نفاقا وشعبة الكفر كفرا. وقد يطلق عليه الفعل كقوله: "فمن تركها فقد كفر". "ومن حلف بغير الله فقد كفر" , وقوله: "من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر ومن حلف بغير الله فقد كفر". رواه الحاكم في صحيحه بهذااللفظ.
    فمن صدر منه خلة من خلال الكفر فلا يستحق اسم كافر على الإطلاق, وكذا يقال لمن ارتكب محرما إنه فعل فسوقا وإنه فسق بذلك المحرم ولا يلزمه اسم فاسق إلا بغلبة ذلك عليه.
    وهكذا الزاني والسارق والشارب والمنتهب لا يسمى مؤمنا وإن كان معه إيمان كما أنه لا يسمى كافرا وإن كان ما أتى به من خصال الكفر وشعبه إذ المعاصي كلها من شعب الكفر كما أن الطاعات كلها من شعب الإيمان والمقصود أن سلب الإيمان من تارك الصلاة أولى من سلبه عن مرتكب الكبائر. وسلب اسم الإسلام عنه أولى من سلبه عمن لم يسلم المسلمون من لسانه ويده فلا يسمى تارك الصلاة مسلما ولا مؤمنا وإن كان شعبة من شعب الإسلام والإيمان.

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    نعم يبقى أن يقال: فهل ينفعه ما معه من الإيمان في عدم الخلود في النار؟ فيقال: ينفعه إن لم يكن المتروك شرطا في صحة الباقي واعتباره, وإن كان المتروك شرطا في اعتبار الباقي لم ينفعه ولهذا لم ينفع الإيمان بالله ووحدانيته وأنه لا إله إلا هو من أنكر رسالة محمد صلى الله عليه وسلم, ولا تنفع الصلاة من صلاها عمدا بغير وضوء, فشعب الإيمان قد يتعلق بعضها ببعض تعلق المشروط بشرطه، وقد لايكون كذلك [انتهى من كتاب الصلاة لابن القيم - واعتذر عن عدم الاختصار لاهمية كلام بن القيم رحمه الله].......... ويقول شيخ الاسلام بن تيمية: الإيمان: مركب من أصل لا يتم بدونه، ومن واجب ينقص بفواته نقصاً يستحق صاحبه العقوبة، ومن مستحب يفوت بفواته علو الدرجة، فالناس فيه ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق، كالحج وكالبدن والمسجد وغيرها من الأعيان والصفات، فمن أجزائه ما إذا ذهب، نقص عن الأكمل، ومنه ما نقص عن الكمال [مجموع الفتاوى]

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Feb 2019
    المشاركات
    260

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    من مذهب أهل السنة والجماعة نفي الإيمان عن العبد لترك واجب أو ارتكاب محرّم!
    السؤال لإخواني والمشايخ الكرام: هل وقع ذلك في آية من كتاب الله بلا خلاف بين أهل السنة؟

    قال تعالي
    إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ

    فيكون الايمان المنفي عن غيرهم نفي كمال

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    : وها هنا أصل آخر وهو أن الكفر نوعان: كفر عمل وكفر جحود وعناد, فكفر الجحود أن يكفر بما علم أن الرسول جاء به من عند الله جحودا وعنادا من أسماء الرب وصفاته وأفعاله وأحكامه, وهذا الكفر يضاد الإيمان من كل وجه. وأما كفر العمل فينقسم إلى ما يضاد الإيمان وإلى ما لا يضاده.
    للفائدة - هذا الاصل قد ضلت فيه افهام- ومزيد بيان لهذه المسألة سبق ان أفرد لها هذا الموضوع -
    مسألتان مهمتان -كانت وما زالت مذلة أقدام ومضلة أفهام

  20. #20

    Post رد: هل وقع في القرآن الكريم نفي الإيمان لانتفاء الكمال الواجب؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عبدالعظيم مشاهدة المشاركة

    قال تعالي إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
    فيكون الايمان المنفي عن غيرهم نفي كمال
    هذا من القصر الإضافي لا الحقيقي، ونفي الإيمان إنما أخذتَه من مفهوم المخالفة، مفهوم الحصر بـ(إنما) لا من منطوق الآية، والسؤال: كان في نفي الإيمان عن العبد لارتكاب محرّم أو لترك واجب، مع أن قولك بنفي الإيمان عن غير هؤلاء الذين اتصفوا بتلك الصفات مشكل على مذهب أهل السنة في أن الإيمان لا يُنفى عن العبد إلا بترك الكمال الواجب، والإيمان الموصوف في الآية هو الإيمان الكامل، فهل برأيك ينفى الإيمان لانتفاء الكمال المستحب؟

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •