الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلِذكر الله تعالى فضائل لا تكاد تحصر منزلة وأجرًا، وذِكْره تعالى متنوع الألفاظ، متعدد الأنواع؛ تهليل، وتكبير، وتحميد، وتسبيح، وتلاوة لكتابه وغيرها، وفي هذه الورقة جمعت ما تيسر في ذكْرٍ مخصوص من هذه الأذكار، وهي "تسبيح الله بحمده"، وذلك ببيان المسبحين بحمده، وفضائل التسبيح بحمده، وأوقاته، وصفته، وذلك بإشارة يسيرة قبل كل آية وحديث، فأقول مسبحًا بحمده:
• معنى التسبيح [1]: عن طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن تفسير "سبحان الله"، فقال:(تَنْزِيهُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ كُلِّ سُّوءِ) [2].
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما، ما سبحان الله؟ قال: "كلمة رضيها الله عز وجل لنفسه، وأمر بها ملائكته، وفزع لها الأخيار من خلقه"[3].
"وجماع معناه بُعده تبارك وتعالى عن أن يكون له مثل أو شريك أو ند أو ضد"[4].
• و"(سبحان) اسم علَم للتسبيح؛ يقال: سبحت الله تسبيحًا وسبحانًا، فالتسبيح هو المصدر، وسبحان اسم علَم للتسبيح... وتفسيره: تنزيه الله تعالى من كل سوء"؛ ا هـ [5].
• قوله "بحمده"؛ أي: بكونه محمودًا، كما قد قيل في قول القائل: "سبحان الله وبحمده"، قيل: سبحان الله، ومع حمده أسبِّحه، أو أسبِّحه بحمدي له، وقيل: سبحان الله وبحمده سبَّحناه؛ أي: هو المحمود على ذلك، كما تقول: فعلتُ هذا بحمد الله، وصلينا بحمد الله؛ أي: بفضله وإحسانه الذي يَستحقُّ الحمدَ عليه، وهو يرجع إلى الأول، كأنه قال: بحمدِنا الله، فإنه المستحق لأن نحمده على ذلك"[6] "(وبحمده) قيل: الواو للحال، والتقدير: أُسبِّح الله متلبسًا بحمدي له، من أجل توفيقه، وقيل: عاطفة، والتقدير: أُسبِّح الله، وأتلبَّس بحمده، ويحتمل أن تكون الباء متعلقة بمحذوف متقدم، والتقدير: وأثني عليه بحمده، فتكون (سبحان الله) جملة مستقلة، (وبحمده) جملة أخرى"[7].
• وقُرن الحمد بالتسبيح؛ لأن "التسبيح يتضمَّن نفي النقائص والعيوب، والتحميد يتضمَّن إثبات صفات الكمال التي يُحمَد عليها"[8]، و"سبحان الله وبحمده فيها الشكر والتنزيه والتعظيم"[9]، وفي قوله: "سبحان الله وبحمده" إثبات تنزيهه وتعظيمه وإلهيته وحمده"[10]، كما أن "في هذه الكلمات من المعرفة بالله، والثناء عليه بالتنزيه والتعظيم مع اقترانه بالحمد المتضمن لثلاثة أصول: أحدها: إثبات صفات الكمال له سبحانه، والثناء عليه، الثاني: محبته والرضا به، الثالث: فإذا انضاف هذا الحمد إلى التسبيح والتنزيه على أكمل الوجوه وأعظمها قدرًا وأكثرها عددًا وأجزلها وَصْفًا، واستحضر العبد ذلك عند التسبيح، وقام بقلبه معناه: كان له من المزية والفضل ما ليس لغيره"[11].
• و"سبحان الله وبحمده" من دعاء العبادة، وجزاؤه الإثابة.
• وسبحان الله "ذِكر تعظيمٍ لله لا يصلح لغيره"[12].
• تسبيح الملائكة عند بدء خلق آدم: قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30] عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِل: أي الكلام أفضل؟ قال: ((مَا اصْطَفَى اللهُ لِمَلَائِكَتِهِ أَوْ لِعِبَادِهِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ)) [13].
• حملة العرش والتسبيح: قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُو نَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [غافر: 7].
• تسبيح الرعد: قال تعالى: ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة ُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾ [الرعد: 13].
• جميع المخلوقات تسبح بحمده: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44].
سُبْحانَهُ ثُمَّ سُبْحانًا نَعُوذُ به *** وقَبْلَنَا سَبَّح الجُودِيُّ والجُمُدُ [14] [15]
• التسبيح علامة الإيمان: قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [السجدة: 15].
• التسبيح قرين الدعوة إلى الله: قال تعالى: ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا * وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 57، 58]، وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾ [ق: 39، 40]، وقال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾ [الطور: 48، 49].
• التسبيح قرين الصبر: قال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ [طه: 130] [16].
وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾ [غافر: 55].
• التسبيح علاج ضيق الصدر: قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 97 -99].
• دفع العقوبة بالتسبيح: قال تعالى: ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَة ُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُو نَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشورى: 5].
• التسبيح بعد النصر: قال تعالى: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 1 -3].
• افتتاح الصلاة بتسبيح الله وبحمده: عن أبي سعيد رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال: ((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ)) [17]، "معناه: سبحانك اللهم وبحمدك سبحتك، ومعنى الجد: العظمة ها هنا"؛ ا هـ [18].
عن جبير بن مطعم رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الصلاة، قال: ((اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ)) [19].
• في الركوع والسجود: عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثِر أن يقول في ركوعه وسجوده: ((سُبْحَانَكَ اللهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي)) يَتأوَّل القرآن [20].
• عند قيام الليل: عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه، قال: كنت أبيت عند حجرة النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت أسمعه إذا قام من الليل، يقول: ((سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْهَوِيَّ))، ثم يقول: ((سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ الْهَوِيَّ)) [21].
وعن شريق الهوزني، قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها، فسألتها: بم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح إذا هب من الليل؟ فقالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان إذا هب من الليل كبر عشرًا، وحمد الله عشرًا، وقال: ((سبحان الله وبحَمْده)) عشرًا، وقال: ((سُبْحَانَ المَلِكِ القُدُّوس)) عشرًا، واستَغفرَ عشرًا، وهلَّلَ عشرًا، ثم قال: ((اللَّهُمَّ، إنِّي أعوذُ بك من ضيقِ الدُّنيا، وضِيق يومِ القيامة)) عشرًا، ثم يفتتحُ الصلاةَ [22].
• أحب الكلام إلى الله: عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إِنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ)) [23] [24].
• حبيبة إلى الرحمن وثقيلة في الميزان: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ))[25].
• بها تغفر الذنوب: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ)) [26]، "ولو متفرقة وفي أثناء النهار؛ لكن متوالية وأوله أفضل"؛ ا هـ [27].
• علو منزلة قائلها يوم القيامة: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَالَ: حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ)[28]، "نبَّه عليه السلام بقوله: ((إلا أحدٌ عمل أكثر من ذلك)) أنه جائز أن يزاد على هذا العدد، فيكون لقائله من الفضل بحسابه؛ لئلا يظن أنها من الحدود التي نهى عن اعتدائها، وأنه لا فضل في الزيادة عليها كالزيادة على ركعات السنن المحدودة أو أعداد الطهارة"؛ ا هـ[29].
• الإكثار منها أعظم من الصدقة بجبل من ذهب: عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ هَالَهُ اللَّيْلُ أَنْ يُكَابِدَهُ، أَوْ بَخِلَ بِالْمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ، أَوْ جَبُنَ عَنِ الْعَدُوِّ أَنْ يُقَاتِلَهُ، فَلْيُكْثِرْ مِنْ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإِنَّهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ جَبَلِ ذَهَبٍ يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)) [30].
• من غرس الجنة: عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الجَنَّةِ)) [31].
• تفتح لها أبواب السماء: عن وائل الطائي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي، فدخل رجل، فقال: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله وبحمده بكرةً وأصيلًا، فلما صلى قال: ((مَنِ الْقَائِلُ الْكَلِمَاتِ؟))، قال الرجل: أنا يا رسول الله، وما أردتُ بهنَّ إلَّا خيرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَقَدْ رَأَيْتُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ فُتِحَتْ، فَمَا تَنَاهَى دُونَ الْعَرْشِ)) [32].
• وصية نوح عليه السلام لابنه: عن رجل من الأنصار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قَالَ نُوحٌ لِابْنِهِ: "إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ وَقَاصِرُهَا كَيْ لَا تَنْسَاهَا، أُوصِيكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ: أَمَّا اللَّتَانِ أُوصِيكَ بِهِمَا فَيَسْتَبْشِرُ اللهُ بِهِمَا، وَصَالِحُ خَلْقِهِ، وَهُمَا يُكْثِرَانِ الْوُلُوجَ عَلَى اللهِ تَعَالَى، أُوصِيكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَوْ كَانَتَا حَلْقَةً قَصَمَتْهُمَا، وَلَوْ كَانَتْ فِي كَفَّةٍ وَزَنَتْهُمَا، وَأُوصِيكَ بِسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإِنَّهَا صَلَاةُ الْخَلْقِ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ، ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44]، وَأَمَّا اللَّتَانِ أَنْهَاكَ عَنْهُمَا، فَيَحْتَجِبُ اللهُ مِنْهُمَا، وَصَالِحُ خَلْقِهِ، أَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ))[33].
• إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من قولها: عن عائشة رضي الله عنه، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثِر من قول: ((سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ)) [34].
وعنها رضي الله عنها، قالت: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم منذ نزل عليه ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ [النصر: 1]، يُصلِّي صلاة إلا دعا، أو قال فيها: ((سُبْحَانَكَ رَبِّي وَبِحَمْدِكَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي)) [35].
• الإكثار منها عند دخول المنزل: عن ربيعة بن كعب رضي الله عنه، قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، فأجلس ببابه، إذا دخل بيته أقول: لعلها أن تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة، فما أزال أسمعه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سُبْحَانَ اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ))، حتى أمل فأرجع، أو تغلبني عيني فأرقد [36].
• الوصية بقولها عند الجلوس للذكر: عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال: ((مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟))، قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ : سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ))[37].
• من الباقيات الصالحات: سُئل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه: ما الباقيات الصالحات؟ فقال: "هي لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده، والله أكبر، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله"؛ ا هـ [38].
• وصيةُ الصحابةِ التابعينَ بها: عن أيوب بن سلمان قال: كنا بمكة، فجلسنا إلى عطاء الخراساني، إلى جنب جدار المسجد، فلم نسأله ولم يحدثنا، قال: ثم جلسنا إلى ابن عمر، مثل مجلسكم هذا فلم نسأله، ولم يحدثنا، قال: فقال: ما لكم لا تتكلمون ولا تذكرون الله، قولوا: الله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله وبحمده، بواحدة عشرًا، وبعشر مائة، مَنْ زاد زادَهُ الله، ومَنْ سكَتَ [39] غفر له [40].
• أغبياء بني آدم والتسبيح: عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَا تَسْتَقِلُّ الشَّمْسُ، فَيَبْقَى شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ إِلَّا سَبَّحَ اللهَ بِحَمْدِهِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَأَغْبِيَاءِ بَنِي آدَمَ)) [41] [42].
• كفارة المجلس: عن جبير بن مطعم رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، فَقَالَهَا فِي مَجْلِسِ ذِكْرٍ، كَانَتْ كَالطَّابَعِ يُطْبَعُ عَلَيْهِ، وَمَنْ قَالَهَا فِي مَجْلِسِ لَغْوٍ كَانَتْ كَفَّارَتَهُ)) [43].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((منْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ كَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ: سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ، ثُمَّ أَتُوبُ إِلَيْكَ، إِلَّا غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ)) [44].
وعن أبي الأحوص: ((وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ))، قال: "إذا أراد أن يقوم الرجل من مجلسه، قال: سبحانك اللهم وبحمدك"[45].
• تسبيح الملائكة عند دخول أهل الجنةِ الجنةَ، وأهل النار النار؛ قال تعالى: ﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الزمر: 75]، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
جمع وترتيب: نايف بن أحمد الحمد
12 / 5 / 1440هـ.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــــ
[1] روى الطبراني في الدعاء/ 498 آثارًا مرفوعة وموقوفة في بيان معنى التسبيح.
[2] رواه البزار (950)، والطبري في التفسير 12/ 128، والشاشي في المسند (10)، والطبراني في الدعاء (1751)، والحاكم (1848) والبيهقي في الأسماء والصفات (59)، قال البزار: "هذا الحديث لا نعلمه يروى عن طلحة متصلًا إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد"؛ ا هـ، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"؛ ا هـ، وقال الذهبي: "لم يصح؛ فإن طلحة منكر الحديث، قاله البخاري، وحفص واهي الحديث وعبدالرحمن قال أبو حاتم: منكر الحديث"؛ ا هـ؛ مختصر استدراك الذهبي؛ لابن الملقن 1/ 99.
[3] رواه الطبراني في الدعاء (1758)، وعبد بن حميد كما في الدر المنثور 1/ 269 فتاوى ابن تيمية 16/ 126، وروى صدره ابن أبي حاتم في التفسير 1/ 27، والطبري في التفسير 12/ 127.
[4] تهذيب اللغة 4/ 196، ولسان العرب 2/ 417، وانظر: تفسير الطبري 12/ 126، وإكمال المعلم 8/ 192، وحادي الأرواح/ 417، والإعلام لابن الملقن 2/ 13، وفتح الباري 11/ 206، وعمدة القاري 18/ 223.
[5] تفسير الرازي 20/ 291، ولوامع الأنوار البهية 1/ 44 "وسبحان: اسم منصوب على أنه واقع موقع المصدر لفعل محذوف، تقديره: سبحت الله سبحانًا، كسبحت الله تسبيحًا، ولا يستعمل غالبًا إلَّا مُضافًا، وهو مضاف إلى المفعول؛ أي: سبحت الله، ويجوز أن يكون مضافًا إلى الفاعل؛ أي: نزه الله نفسه، والمشهور الأول"؛ ا هـ، فتح الباري 11/ 206.
[6] جامع المسائل؛ لابن تيمية، المجموعة الثالثة/ 290.
[7] فتح الباري 13/ 541، وتحفة الأحوذي 9/ 306، وشرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري؛ للغنيمان 2/ 701.
[8] جامع المسائل، والمجموعة الثالثة/ 278، والعواصم والقواصم 9/ 148.
[9] مجموع فتاوى ابن تيمية 8/ 212.
[10] الفتاوى الكبرى 5/ 229.
[11] المنار المنيف/ 38.
[12] تفسير الماوردي 3/ 223، والتفسير البسيط 13/ 245، ونزهة المجالس ومنتخب النفائس 2/ 88.
[13] مسلم (2731).
[14] لزيد بن عمرو؛ شرح المفصل؛ لابن يعيش 1/ 120، وتفسير الماوردي 2/ 474، وتفسير القرطبي 9/ 42 ويُنسَب لورقة بن نوفل، ولأمية بن أبي الصلت، ونظم الدرر 10/ 245، والعقد الثمين في تاريخ البلد الأمين 6/ 192، وخزانة الأدب 3/ 389.
[15] "الجودي والجمد: جبلان"؛ ا هـ، شرح كتاب سيبويه؛ للسيرافي 1/ 104، المخصص 4/ 253.
[16] قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وقوله: ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ قد فسَّرها كثيرٌ من المفسرين؛ أي: فصَلِّ بحمد ربك والثناء عليه، لم يذكر ابن الجوزي غير هذا القول؛ قال: ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾؛ أي: صلِّ له بالحمد والثناء عليه، وتفسير التسبيح بالصلاة فيها أحاديث صحيحة وآثار كثيرة، مثل حديث جرير المتقدِّم.
وأما قوله: ﴿ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ فقد فسَّروه كما تقدم؛ أي: بحمد ربك، وشكر ربك، وطاعة ربك، وعبادة ربك؛ أي: بذكرِك ربَّك، وشكرِك ربَّك، وطاعتِك ربَّك، وعبادتِك ربَّك، ولا ريب أن حمد الربِّ والثناء عليه ركنٌ في الصلاة، فإنها لا تتمُّ إلا بالفاتحة التي نصفها الأول حمدٌ لله وثناءٌ عليه وتحميدٌ له، وقد شُرِع قبل ذلك الاستفتاح، وشُرِع الحمد عند الرفع من الركوع، وهو متضمن لحمد الله تعالى"؛ ا هـ، جامع المسائل المجموعة الثالثة/ 289، وانظر: كلام ابن الجوزي في زاد المسير 3/ 181.
[17] أحمد (11657)، والترمذي (242)، والنسائي (899)، ورواه مسلم (399) موقوفًا على عمر رضي الله عنه، وقال الترمذي: "حديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب، وقد أخذ قوم من أهل العلم بهذا الحديث، وأما أكثر أهل العلم، فقالوا: إنما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ((سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمُكَ، وتعالى جدُّكَ، ولا إله غيرك))، وهكذا روي عن عمر بن الخطاب، وعبدالله بن مسعود، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من التابعين، وغيرهم، وقد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي، وقال أحمد: لا يصحُّ هذا الحديث"؛ ا هـ، وقال ابن رجب: "وقال الإمام أحمد: نذهب فيه إلى حديث عمر، وقد روي فيه من وجوه ليست بذاك - فذكر حديث عائشة وأبي هريرة، فصرح بأن الأحاديث المرفوعة ليست قوية، وأن الاعتماد على الموقوف عن الصحابة؛ لصحة ما روي عن عمر"؛ ا هـ فتح الباري 6/ 385، قال ابن عبدالهادي: "ذكره مسلم في صحيحه؛ لأنه سمِعَه مع غيره وليس هو على شرطه، فإن عبدة بن أبي لبابة لم يدرك عمر؛ بل ولم يسمع من ابنه إنما رواه رواية"؛ ا هـ؛ المحرر/ 182، وقال في التنقيح 2/ 150: "وهو منقطع، فإنَّ عَبْدَة - وهو ابن أبي لُبابة - لم يدرك عمر؛ وإنَّما رواه مسلم؛ لأنَّه سمِعَه مع حديث غيره، فرواهما جميعًا، وإن لم يكن هذا على شرطه"؛ ا هـ.
[18] معالم السنن 1/ 197، وشرح مسلم؛ للنووي 4/ 112.
[19] أحمد (16740)، والطبري في تهذيب الآثار مسند عمر (951)، وابن الجارود (180)، ورواه ابن أبي شيبة (2407) موقوفًا على ابن عمر رضي الله عنهما.
[20] رواه البخاري (817)، ومسلم (484)
[21] أحمد (16574)، والنسائي (1618)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2390)، واللفظ لهما، وصحَّحَه ابن حِبَّان (2595) "الهويَّ بالفتح: الحين الطويل من الزمان"؛ ا هـ، النهاية في غريب الحديث 5/ 285، وشرح الطيبي على مشكاة المصابيح 4/ 1200.
[22] أبو داود (5085)، والنسائي في السنن الكبرى (10641)، وابن السنِّي/ 686.
[23] رواه أحمد (24429)، ومسلم (2731).
[24] "جمع القرطبي بما حاصله إن هذه الأذكار إذا أطلق على بعضها أنه أفضل الكلام أو أحبه إلى الله، فالمراد إذا انضمت إلى أخواتها بدليل حديث سمرة عند مسلم ((أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ، لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ))، ويحتمل أن يكتفي في ذلك بالمعنى فيكون من اقتصر على بعضها كفى؛ لأن حاصلها التعظيم والتنزيه، ومن نزَّهَه فقد عظَّمَه، ومن عظَّمَه فقد نزَّهه"؛ ا هـ، فتح الباري 11/ 207.
[25] البخاري (6406) ومسلم (2694) قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وهاتان الكلمتان إحداهما مقرونة بالتحميد، والأخرى بالتعظيم، فإنا قد ذكرنا أن التسبيح فيه نفي السوء والنقائص المتضمن إثبات المحاسن والكمال، والحمد إنما يكون على المحاسن"؛ ا هـ، الفتاوى الكبرى 5/ 228.
[26] البخاري (6405)، ومسلم (2691).
[27] التيسير 2/ 434، وفيض القدير 6/ 190.
[28] رواه مسلم (2692).
[29] إكمال المعلم 8/ 191.
[30] رواه الطبراني في المعجم الكبير (800)، وفي مسند الشاميين (174)، قال المنذري رحمه الله تعالى: "رواه الفريابي والطبراني واللفظ له، وهو حديث غريب، ولا بأس بإسناده إن شاء الله"؛ ا هـ، الترغيب والترهيب 2/ 422.
[31] رواه الترمذي (3464)، وقال: "حديث حسن صحيح غريب"؛ ا هـ، وصحَّحه ابن حِبَّان (826).
[32] رواه الطيالسي (1116)، ومن حديث ابن عمر رضي الله عنهما، رواه مسلم (601) دون ((وبحمده))، وفيه: ((عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ)).
[33] رواه أحمد (7101)، والنسائي في السنن الكبرى (10600)، واللفظ له، وفي اليوم والليلة (832)، ورواه ابن أبي شيبة (29425) من حديث جابر رضي الله عنه، ورواه الطبراني في الكبير 13/ 7 (1)، والحاكم (174) من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد"؛ ا هـ.
[34] أحمد (24065) ومسلم (484).
[35] رواه مسلم (484).
[36] رواه أحمد (16579) قال الألباني: "إسناده حسن"؛ ا هـ إرواء الغليل 2/ 209.
[37] مسلم (2726) قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "أما المسألة الثانية وهي تفضيل "سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته" على مجرد الذكر بسبحان الله أضعافًا مضاعفة، فإن ما يقوم بقلب الذاكر حين يقول: ((سبحان الله وبحمده عدد خلقه)) من معرفته وتنزيهه وتعظيمه من هذا القدر المذكور من العدد، أعظَمُ ممَّا يقوم بقلب القائل: سبحان الله فقط.
وهذا يُسمَّى الذكر المضاعف، وهو أعظم ثناء من الذكر المفرد؛ فلهذا كان أفضل منه، وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه، فإن قول المسبِّح سبحان الله وبحمده عدد خلقه يتضمن إنشاءً وإخبارًا عمَّا يستحقُّه الربُّ من التسبيح عدد كل مخلوق كان أو هو كائن إلى ما لا نهاية له.
فتضمن الإخبار عن تنزيهه الرب، وتعظيمه، والثناء عليه هذا العدد العظيم الذي لا يبلغه العادُّون، ولا يُحصيه المحصُون، وتضمَّن إنشاء العبد لتسبيح هذا شأنه؛ لا إن ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده؛ بل أخبر أن ما يستحقُّه الربُّ سبحانه وتعالى من التسبيح هو تسبيح يبلغ هذا العدد الذي لو كان في العدد ما يزيد لذكره، فإن تجدُّد المخلوقات لا ينتهي عددًا، ولا يحصى الحاضر.
وكذلك قوله: ((ورضا نفسه))، فهو يتضمن أمرين عظيمين: أحدهما أن يكون المراد تسبيحًا؛ هو والعظمة والجلال سيَّان ولرضا نفسه كما أنه في الأول مخبر عن تسبيح مساوٍ لعَدَد خَلْقِه، ولا ريب أن رضا نفس الرب لا نهاية له في العظمة والوصف والتسبيح ثناء عليه سبحانه يتضمن التعظيم والتنزيه.
فإذا كانت أوصاف كماله ونعوت جلاله لا نهاية لها ولا غاية؛ بل هي أعظم من ذلك وأجل، كان الثناء عليه بها كذلك؛ إذ هو تابع لها إخبارًا وإنشاء، وهذا المعنى ينتظم المعنى الأول من غير عكس.
وإذا كان إحسانه سبحانه وثوابه وبركته وخيره لا منتهى له، وهو من موجبات رضاه وثمرته فكيف بصفة الرضا؟ فالتضعيف الأول للعدد والكمية، والثاني للصفة والكيفية، والثالث للعظم والثقل، وليس للمقدار"؛ ا هـ المنار المنيف/ 34
[38] رواه البزار (405)، والطبري 15/ 276.
[39] هكذا في المسند، ولعل الأظهر (استغفر)، وقد جاء مرفوعًا بذلك عند الترمذي (3470)، وقال: "حسن غريب".
[40] رواه أحمد (5544).
[41] رواه الطبراني في مسند الشاميين (960)، وابن السني في اليوم والليلة (149)، وأبو نعيم في الحلية 6/ 111، واللفظ له، وقال الحافظ ابن حجر بعد روايته من طريق ابن السني: "هذا حديث حسن غريب"؛ ا هـ، نتائج الأفكار 2/ 419 بواسطة عجالة الراغب؛ للهلالي 1/ 206، وحسَّنه باللفظ المثبت الألباني في صحيح الجامع (5599).
[42] قال الوليد بن عتبة: فسألت صفوان بن عمرو: ما أغبياء؟ فقال: الغباء: شرار خلق الله، أما عند أبي نعيم في الحلية: قال: فسألته، عن أغبياء بني آدم قال: «الكفار شرار الخلق، أو شرار خلق الله»، وقال المناوي: " جمع غبي بغين معجمة وموحدة تحتية؛ وهو القليل الفطنة، الجاهل بالعواقب، يقال: غبي غباء وغباوة يتعدى إلى المفعول بنفسه، وبالحرف، وغبي عن الخير جهله فهو غبي"؛ ا هـ، التيسير 2/ 346.
[43] النسائي في الكبرى (10185)، والطبراني في الدعاء (1919)، والحاكم (1970)، وقال: "صحيح على شرط مسلم"؛ ا هـ، وصحَّحه الألباني في الصحيحة (81).
[44] أحمد (10415)، والترمذي (3433)، وقال: "حسن صحيح غريب"؛ ا هـ، والنسائي في الكبرى (10157)، وصحَّحه ابن حِبَّان (594).
[45] تفسير ابن كثير 7/ 439.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/133078/#ixzz5hKIaf3Wk