بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد :جاء في كتاب رفع الاشتباه نقلا : اعلم أنَّ التحريف ليس هو اعتياض لفظ مكان لفظ، كما وقف عليه فهوم العامَّة، بل شأن التحريف أَهْوَلُ من ذلك، وأكثر أنواعه وجودًا أن يقلب اللفظ عن ظاهر مراده إلى هواه وهواجس نفسه، فقد أشار عليه الصلاة والسلام إلى أنَّه سيوجد رجال يسمُّون الخمر بغير اسمها ويسمُّون الزنا بغير اسمه ثم يقولون: هذا ما حرَّم الله في كتابه، فعليكم به.
لا بأس، ألست ترى أقوامًا يقولون : إن المسكر الذي يُتَّخذ من العسل وما يماثله ليس بخمر ثم أَحَلُّوه، فأولئك الذين فيهم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال، وأقوامًا يقولون: إذا وطئ الرجل أمة ابنه فذلك حلال، فأولئك قوم رُكسوا على وجوههم وغَرَّتهم الأماني، فسوف يعلمون غدًا مَن الكذَّاب الأشر.
ألست ترى أقوامًا يذعنون لأقوالهم ويجدون في صدورهم استحلال ما أحلُّوه حتى إنهم كادوا يسطون بالذين يتلون عليهم آيات الله تعالى؟
ألست تراهم إذا قيل لهم: دَعُونا من أقوال أناس قد يصيبون وقد يخطئون وعليكم بالكتاب وبما حكاه الصادق المصدوق عليه السلام من أمر الله تعالى، قالوا: إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم لمقتدون، وخطَّؤوا هذا الرأي، بل عسى أن يقتلونِ إن استطاعوا، فأولئك هم المشركون حقًّا.