والمقصود: ذكر علاج مرض القلب باستيلاء النفس الأمارة عليه، وله علاجان:
محاسبتها، ومخالفتها، وهلاك القلب من إهمال محاسبتها، ومن موافقتها واتباع هواها.
وذكر الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر "يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية").
وقال الحسن: (إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همّته).
وذكر الإمام أحمد عن وهب قال: (مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عونا على تلك الساعات، وإجماما للقلوب).
وقال الحسن: (المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة، إن المؤمن يفاجئه الشيء ويعجبه، فيقول: والله إني لأشتهيك، وإنك لمن حاجتي، ولكن والله ما من صلة إليك، هيهات هيهات، حيل بيني وبينك، ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه، فيقول: ما أردت إلى هذا؟ ما لي ولهذا؟ والله لا أعود إلى هذا أبدا، إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم، إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئا حتى يلقى الله، يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وفي بصره، وفي لسانه، وفي جوارحه، مأخوذ عليه في ذلك كله).
قال مالك بن دينار: (رحم الله عبدا قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمّها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل، فكان لها قائدا).