كيف تعلم الملائكة ما في قلب الإنسان ؟
في بعض الأحيان الشخص يقول دعاء دخول الحمام ـ أكرمكم الله ـ في نفسه ، أو يبسمل في نفسه ؛ فهل حديث النفس الداخلي هل يعلمه الملائكة الحفظة ؟ ويسجل علينا وسنحاسب عنه ؟
تم النشر بتاريخ: 2007-05-30
الحمد لله
روى البخاري (6491) ومسلم (131) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ) .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (11/325) :
" وفيه دليل على أن الملك يطَّلع على ما في قلب الآدمي ؛ إما بإطلاع الله إياه ، أو بأن يخلق له علما يدرك به ذلك .
ويؤيد الأول : ما أخرجه بن أبي الدنيا عن أبي عمران الجوني ، قال : ينادى الملك اكتب لفلان كذا وكذا ، فيقول يا رب : إنه لم يعمله ، فيقول : إنه نواه .
وقيل : بل يجد الملك للهم بالسيئة رائحة خبيثة ، وبالحسنة رائحة طيبة وأخرج ، ذلك الطبري عن أبي معشر المدني ، وجاء مثله عن سفيان بن عيينة "
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن قوله صلى الله عليه وسلم :
( إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة .... الحديث ) فإذا كان الهم سرا بين العبد وبين ربه فكيف تطلع الملائكة عليه ؟
فأجاب : " الحمد لله ، قد روي عن سفيان بن عيينة فى جواب هذه المسألة قال : " أنه إذا هم بحسنة شم الملك رائحة طيبة ، وإذا هم بسيئة شم رائحة خبيثة " .
والتحقيق أن الله قادر أن يعلم الملائكة بما فى نفس العبد كيف شاء " انتهى .
"مجموع الفتاوى " (4/253)
وقال رحمه الله أيضا :
" وهم وإن شموا رائحة طيبة ورائحة خبيثة ، فعلمهم لا يفتقر إلى ذلك ، بل ما فى قلب ابن آدم يعلمونه ، بل ويبصرونه ويسمعون وسوسة نفسه ، بل الشيطان يلتقم قلبه ؛ فاذا ذكر الله خنس ، وإذا غفل قلبه عن ذكره وسوس ، ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره ، ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغى فيزينها له !!
وقد ثبت فى الصحيح عن النبى فى حديث ذكر صفية رضى الله عنها ( إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم )
وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم مما تواترت به الآثار ، سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا " انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/508) .
وأما الذكر في النفس من غير حركة اللسان به ، فإن صاحبه يثاب على ذلك لكن ليس الثواب الخاص المرتب من الشارع على من أتى بذلك الذكر فإن ذلك الثواب مرتب على القول، والقول لا يتحقق من غير لفظ باللسان، لكن من أهل العلم من يرى أن حركة اللسان تكفي ولو لم يصدر صوت يسمعه المتلفظ، وهذا ما ذهب إليه المالكية ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية ، قال ابن مفلح رحمه الله في "الفروع" (1/410): " واختار شيخنا –يعني ابن تيمية- الاكتفاء بالحروف وإن لم يسمعها " انتهى .
وجمهور أهل العلم يرون أنه لا بد من لفظ يسمعه نفسه ، قال النووي رحمه الله في شرح المهذب (3/120) : " فإن لم يسمع نفسه فليس ذلك بأذان ولا كلام " انتهى .
وقال أيضا : " اعلم أن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها ، واجبة كانت أو مستحبة ، لا يحسب شيء منها ولا يعتد به حتى يتلفظ به بحيث يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع لا عارض له " الأذكار (42) .
وأما حساب الإنسان على ما تحدثه به نفسه ، فقد سبق الإجابة عنه في السؤال رقم (99324)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
http://majles.alukah.net/forum3/
رد: كيف تعلم الملائكة ما في قلب الإنسان ؟
هل تطلع الملائكة على ما في نفس الإنسان
بسم الله والصلاة و السلام على رسول الله: هل إذا ذكرنا الله بقلوبنا تسمع الملائكة ذلك الذكر؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله جل جلاله بقدرته قد يطلع الملائكة على مافي نفس الإنسان ، فتكتب له ما يستحق من الثواب والعقاب ، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية : عن قوله صلى الله عليه وسلم : إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، الحديث فإذا كان الهم سرا بين العبد وربه فكيف تطلع الملائكة عليه ؟
فأجاب : الحمد الله ، قد روي عن سفيان بن عيينة في جواب هذه المسألة ،قال : إنه إذا هم يحسنة شم الملك رائحة طيبة ، وإذا هم بسيئة شم رائحة خبيثة ، والتحقيق : أن الله قادر أن يعلم الملائكة بما في نفس العبد كيف شاء ، كما هو قادر على أن يطلع بعض البشر على ما في الإنسان ، فإذا كان بعض البشر قد يجعل الله له من الكشف ما يعلم به أحيانا ما في قلب الإنسان فالملك الموكل بالعبد أولى بأن يعرفه الله ذلك . وقد قيل في قوله تعالى : وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ أن المراد به الملائكة ، والله قد جعل الملائكة تلقي في نفس العبد الخواطر ، كما قال عبد الله بن مسعود : إن للملك لمة وللشيطان لمة فلمة الملك تصديق بالحق ووعد بالخير ، ولمة الشيطان تكذيب بالحق وإيعاد بالشر ، وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال : ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الملائكة وقرينه من الجن ، قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : وأنا إلا أن الله قد أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير .
فالسيئة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الشيطان : علم بها الشيطان ، والحسنة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الملك علم بها الملك أيضا بطريق الأولى ، وإذا علم بها هذا الملك أمكن علم الملائكة الحفظة لأعمال بني آدم . انتهى .
رد: كيف تعلم الملائكة ما في قلب الإنسان ؟
مدى اطلاع الملائكة على ما في القلوب
السلام عليكم سمعت أن الملائكة (رقيب وعتيد) تسجل كل قول وفعل نفعله والذي في قلبنا ونيتنا لا يعرفه إلا الله سبحانه ولكن أحيانا أذكر الله في قلبي أملا في الثواب (استغفار - تسبيح - تكبير - صلاة على النبي -...) فهل هذا يجوز أي يسجل ثوابه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذكر بالقلب عبادة يثاب عليها المسلم، والأكمل أن يجمع في ذلك بين ذكر القلب واللسان.
وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم: 13109، و الفتوى رقم: 28251.
والله تعالى قد يُطلع الملائكة على ما في نفس الإنسان، فتكتب له ما يستحق من الثواب أو العقاب، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن قوله صلى الله عليه وسلم: إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة. الحديث، فإذا كان الهم سراً بين العبد وبين ربه فكيف تطلع الملائكة عليه؟
فأجاب: الحمد لله، قد روي عن سفيان بن عيينة في جواب هذه المسألة، قال: إنه إذا هم بحسنة شم الملك رائحة طيبة، وإذا هم بسيئة شم رائحة خبيثة، والتحقيق: أن الله قادر أن يُعلم الملائكة بما في نفس العبد كيف شاء، كما هو قادر على أن يطلع بعض البشر على ما في الإنسان، فإذا كان بعض البشر قد يجعل الله له من الكشف ما يعلم به أحياناً ما في قلب الإنسان: فالملك الموّكل بالعبد أولى بأن يعرفه الله ذلك.
وقد قيل في قوله تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق:16].
أن المراد به الملائكة، والله قد جعل الملائكة تلقي في نفس العبد الخواطر، كما قال عبد الله بن مسعود: إن للملك لمة (وللشيطان لمة) فلمة الملك تصديق بالحق ووعد بالخير، ولمة الشيطان تكذيب بالحق وإيعاد بالشر، وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: ما منكم من أحد إلا وقد وُكِّل به قرينه من الملائكة وقرينه من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وأنا؛ إلا أن الله قد أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير.
فالسيئة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الشيطان: علم بها الشيطان، والحسنة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الملك، علم بها الملك أيضاً بطريق الأولى، وإذا علم بها هذا الملك أمكن علم الملائكة الحفظة لأعمال بني آدم. انتهى.
والله أعلم.
رد: كيف تعلم الملائكة ما في قلب الإنسان ؟
بالنسبة لمسألة هل الملائكة تعلم ما في قلب بني آدم من الهم بالحسنة ونحو ذلك بإعلام الله تعالى أم يخلق الله تعالى فيها إدراكا وكذلك هل الشياطين تعلم ما في قلوب بني آدم: الراجح عندي أنهم يعلمون ما في قلوب آدم/والأدلة تجدها في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية/قيل يجدون ريح طيبة للهم بالحسنة وريح خبيثة للهم بالسيئة فيعلمون وهو قول أبي معشر واشتهر عن سفيان بن عيينة أنه قال: إنَّهُ إذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ شَمَّ الْمَلَكُ رَائِحَةً طَيِّبَةً وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ شَمَّ رَائِحَةً خَبِيثَةً" ولا يصح عنه. فإبراهيم بن حبيب لم أجد له ترجمة واستدل بهذا الأثر ابن تيمية لكن قال: لا يقتصر الأمر على ذلك/وقيل لا يعلمون لكن الله يعلمهم بعد ذلك عندما يصعدون بالعمل أنه ابتغي به وجه الله أو غير وجه الله عز وجل وهو قول أبي عمرو الجوني ونقله عمن بعده وصح من قول يحيى بن ابي كثير. ونقله مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ عن عابد فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ولا يصح السند والحديث المرفوع في ذلك لا يصح فضعفه الألباني في الضعيفة. ولأن الله تعالى قال (يعلمون ما تفعلون) ولم يقل يعلمون ما في قلوبكم ولأن الملائكة في الآخرة لا يعلمون بعض من في قلبه مثقال ذرة من خير ويقولون (لم نذر فيها خيرا) فهم لا يعلمون من في قلبه مثقال ذرة من خير إلا بإعلام الله تعالى لهم/وقال البعض يعلمون ما في قلب بني آدم وليس الأمر مقتصرا عندهم على الريح: وهو قول: ابن تيمية في أكثر من موضع وهو قول ابن باز فتاواه ونور على الدرب وهو قول الشبكة نقلوا كلام ابن تيمية في فتاواه 4/ 253 وهو قول موقع المنجد نقلوا كلام ابن تيمية في فتاواه 5/ 501 و4 / 253 ونقلوا كلام ابن باز وكلام ابن حجر/وهو قول النجمي حيث قال: الله الذي أوجدهم و أوجدنا و جعلهم معنا و نحن لا نراهم فكما قدر على ذلك فهو قادر على أن يطلعهم على ما في قلوبنا. و إذا كان الشيطان يشم قلب ابن آدم و يعرف رغبته و إلى أي شيء يميل و ما هي التي يمكن أن تكون سببا في إضلاله إذا كان الشيطان مكنه الله من هذا فالملك من باب أولى قال الموري في الحاشية: يشير إلى ما اخرجه الحافظ ابو يعلى الموصلي قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ أَبِي عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ وَاضِعٌ خَطْمَهُ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، فَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ، وَإِنْ نَسِيَ الْتَقَمَ قَلْبَهُ فَذَلِكَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ». و ذكره ابن كثير في تفسير سورة الناس و قال: غريب/وتوقف صالح آل الشيخ في المسألة/ونقل محمد صبحي حلاق في تحقيق الفتح الرباني كلام ابن تيمية 4 / 253 وقول الحافظ في الفتح/وأفضل كلام هو لابن تيمية حيث قال في مجموع الفتاوى (4/ 253-254) ومختصر الفتاوى المصرية (ص: 491) فسُئِلَ: عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِالْحَسَنَةِ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً} الْحَدِيثَ. فَإِذَا كَانَ الْهَمُّ سِرًّا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ فَكَيْفَ تَطَّلِعُ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِ؟ فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَدْ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة فِي جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ: {إنَّهُ إذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ شَمَّ الْمَلَكُ رَائِحَةً طَيِّبَةً وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ شَمَّ رَائِحَةً خَبِيثَةً} . وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ أَنْ يُعْلِمَ الْمَلَائِكَةَ بِمَا فِي نَفْسِ الْعَبْدِ كَيْفَ شَاءَ كَمَا هُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَطَّلِعَ بَعْضُ الْبَشَرِ عَلَى مَا فِي الْإِنْسَانِ. فَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْبَشَرِ قَدْ يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْكَشْفِ مَا يَعْلَمُ بِهِ أَحْيَانًا مَا فِي قَلْبِ الْإِنْسَانِ: فَالْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِالْعَبْدِ أَوْلَى بِأَنْ يُعَرِّفَهُ اللَّهُ ذَلِكَ. وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَلَائِكَةُ: وَاَللَّهُ قَدْ جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ تُلْقِي فِي نَفْسِ الْعَبْدِ الْخَوَاطِرَ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: " إنَّ لِلْمَلَكِ لَمَّةً وَلِلشَّيْطَانِ لَمَّةً فَلَمَّةُ الْمَلَكِ تَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ وَوَعْدٌ بِالْخَيْرِ وَلَمَّةُ الشَّيْطَانِ تَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ ". وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: {مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَقَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَأَنَا إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَلَا يَأْمُرُنِي إلَّا بِخَيْرِ} . فَالسَّيِّئَةُ الَّتِي يَهُمُّ بِهَا الْعَبْدُ إذَا كَانَتْ مِنْ إلْقَاءِ الشَّيْطَانِ: عَلِمَ بِهَا الشَّيْطَانُ. وَالْحَسَنَةُ الَّتِي يَهُمُّ بِهَا الْعَبْدُ إذَا كَانَتْ مِنْ إلْقَاءِ الْمَلَكِ: عَلِمَ بِهَا الْمَلَكُ أَيْضًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَإِذَا عَلِمَ بِهَا هَذَا الْمَلَكُ: أَمْكَنَ عِلْمُ الْمَلَائِكَةِ الْحَفَظَةِ لِأَعْمَالِ بَنِي آدَمَ/وقال ابن تيمية أيضا في مجموع الفتاوى (5/ 507- 508) وشرح حديث النزول (ص: 135) وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فَقَالَ: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْكُمْ} {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} وَهَذَا كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} وَقَالَ {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ} وَقَالَ: {إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} {ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} . فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ إذَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِجُنُودِهِ وَأَعْوَانِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ؛ فَإِنَّ صِيغَةَ نَحْنُ يَقُولُهَا الْمَتْبُوعُ الْمُطَاعُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَهُ جُنُودٌ يَتَّبِعُونَ أَمْرَهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِ جُنْدٌ يُطِيعُونَهُ كَطَاعَةِ الْمَلَائِكَةِ رَبَّهُمْ وَهُوَ خَالِقُهُمْ وَرَبُّهُمْ فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْعَالِمُ بِمَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَمَلَائِكَتُهُ تَعْلَمُ؛ فَكَانَ لَفْظُ نَحْنُ هُنَا هُوَ الْمُنَاسِبُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَمَلَائِكَتُهُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ كَمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِحَسَنَةٍ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ. وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَرَكَهَا لِلَّهِ كُتِبَتْ حَسَنَةً} . فَالْمَلَكُ يَعْلَمُ مَا يَهُمُّ بِهِ الْعَبْدُ مِنْ حَسَنَةٍ وَسَيِّئَةٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِهِمْ بِالْغَيْبِ الَّذِي اُخْتُصَّ اللَّهُ بِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَة أَنَّهُمْ يَشُمُّونَ رَائِحَةً طَيِّبَةً فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَيَشُمُّونَ رَائِحَةً خَبِيثَةً فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَهُمْ وَإِنْ شَمُّوا رَائِحَةً طَيِّبَةً وَرَائِحَةً خَبِيثَةً فَعِلْمُهُمْ لَا يَفْتَقِرُ إلَى ذَلِكَ بَلْ مَا فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ يَعْلَمُونَهُ بَلْ وَيُبْصِرُونَهُ وَيَسْمَعُونَ وَسْوَسَةَ نَفْسِهِ؛ بَلْ الشَّيْطَانُ يَلْتَقِمُ قَلْبَهُ فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ خَنَسَ وَإِذَا غَفَلَ قَلْبُهُ عَنْ ذِكْرِهِ وَسْوَسَ؛ وَيَعْلَمُ هَلْ ذَكَرَ اللَّهَ أَمْ غَفَلَ عَنْ ذِكْرِهِ وَيَعْلَمُ مَا تَهْوَاهُ نَفْسُهُ مِنْ شَهَوَاتِ الْغَيِّ فَيُزَيِّنُهَا لَهُ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ " عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ذِكْرِ صَفِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا {أَنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ} . وَقُرْبُ الْمَلَائِكَةِ وَالشَّيْطَانِ مِنْ قَلْبِ ابْنِ آدَمَ مِمَّا تَوَاتَرَتْ بِهِ الْآثَارُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مُؤْمِنًا أَوْ كَافِرًا. وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتُ الرَّبِّ فِي قَلْبِ كُلِّ أَحَدٍ كَافِرٍ أَوْ مُؤْمِنٍ فَهَذَا بَاطِلٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَلَا نَطَقَ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ بَلْ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ السَّلَفِ مَعَ الْعَقْلِ يُنَاقِضُ ذَلِكَ. وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قُرْبَهُ مِنْ دَاعِيهِ وَعَابِدِيهِ قَالَ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ} فَهُنَا هُوَ نَفْسُهُ سُبْحَانَهُ/وقال ابن تيمية أيضا في مجموع الفتاوى (11/ 300): وَأَعْرِفُ مَنْ يُخَاطِبُهُ مُخَاطِبٌ وَيَقُولُ لَهُ أَنَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَيَعِدُهُ بِأَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَظْهَرُ لَهُ الْخَوَارِقُ مِثْلُ أَنْ يَخْطُرَ بِقَلْبِهِ تَصَرُّفٌ فِي الطَّيْرِ وَالْجَرَادِ فِي الْهَوَاءِ؛ فَإِذَا خَطَرَ بِقَلْبِهِ ذَهَابُ الطَّيْرِ أَوْ الْجَرَادِ يَمِينًا أَوْ شَمَالًا ذَهَبَ حَيْثُ أَرَادَ وَإِذَا خَطَرَ بِقَلْبِهِ قِيَامُ بَعْضِ الْمَوَاشِي أَوْ نَوْمُهُ أَوْ ذَهَابُهُ حَصَلَ لَهُ مَا أَرَادَ مِنْ غَيْرِ حَرَكَةٍ مِنْهُ فِي الظَّاهِرِ وَتَحْمِلُهُ إلَى مَكَّةَ وَتَأْتِي بِهِ وَتَأْتِيه بِأَشْخَاصِ فِي صُورَةٍ جَمِيلَةٍ وَتَقُولُ لَهُ هَذِهِ الْمَلَائِكَةُ الكروبيون أَرَادُوا زِيَارَتَك فَيَقُولُ فِي نَفْسِهِ: كَيْفَ تَصَوَّرُوا بِصُورَةِ المردان فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَجِدُهُمْ بِلِحَى وَيَقُولُ لَهُ عَلَامَةُ إنَّك أَنْتَ الْمَهْدِيُّ إنَّك تَنْبُتُ فِي جَسَدِك شَامَةٌ فَتَنْبُتُ وَيَرَاهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ وَكُلُّهُ مِنْ مَكْرِ الشَّيْطَانِ. وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ لَوْ ذَكَرْت مَا أَعْرِفُهُ مِنْهُ لَاحْتَاجَ إلَى مُجَلَّدٍ كَبِير/وذكر ابن حجر القولين ولم يرجح فقال: ومعنى قوله كتبها الله أمر الحفظة بكتابتها بدليل حديث أبي هريرة الآتي في التوحيد بلفظ إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها وفيه دليل على أن الملك يطلع على ما في قلب الآدمي إما بإطلاع الله إياه أو بأن يخلق له علما يدرك به ذلك ويؤيد الأول ما أخرجه بن أبي الدنيا عن أبي عمران الجوني قال ينادى الملك اكتب لفلان كذا وكذا فيقول يا رب إنه لم يعمله فيقول إنه نواه وقيل بل يجد الملك للهم بالسيئة رائحة خبيثة وبالحسنة رائحة طيبة وأخرج ذلك الطبري عن أبي معشر المدني وجاء مثله عن سفيان بن عيينة ورأيت في شرح مغلطاي أنه ورد مرفوعا/ونقل كلام ابن حجر في كثير من كتب الشروح/ويميل الصنعاني إلى أنهم لا يعلمون إلا ما أعلمهم الله به فقال في رفع الأستار: ثم يقال: الحديث دل على أن الملائكة أخرجت من علمت في قلبه مثقال ذرة من خير ولا دليل أنهم يعلمون كل من في قلبه مثقال ذرة من خير فإنهم لا يعلمون من أحوال القلوب إلا ما أعلمهم الله كما قال تعالى: {يعلمون ما تفعلون} [الانفطار: 12] فهم يعلمون أفعالنا لا ما انطوت عليه قلوبنا ولهذا وردت الأحاديث أنهم يصعدون بالعمل يرونه حسنا ويرد فيقول الله أن فاعله أراد به كذا وكذا أي من الرياء ونحوه/وقال الصنعاني أيضا في رفع الأستار وهذا الحديث فيه الإخبار بأن الملائكة قالت: (لم نذر فيها خيرا) أي: أحدا فيه خير والمراد ما علموه بإعلام الله. ويجوز أن يقال لم يعلمهم بكل من في قلبه خير وأنه بقي من أخرجهم بقبضته ويدل له أن لفظ الحديث (أنه أخرج بالقبضة من لم يعملوا خيرا قط) فنفى العمل ولم ينف الاعتقاد وفي حديث الشفاعة تصريح بإخراج قوم لم يعملوا خيرا قط ويفيد مفهومه أن في قلوبهم خيرا
وفيما يلي بعض الأحاديث والآثار مما سبق ذكرها مع الحكم عليها:
العظمة - أبو الشيخ (3/ 1002)
522 - حدثنا إسحاق بن أحمد حدثنا عبد الرحمن بن يونس حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن حجاج بن دينار قال قلت لأبي معشر الرجل يذكر الله في نفسه كيف تكتبه الملائكة قال يجدون الريح
قلت: وهو في الحبائك في أخبار الملائك (ص: 96).
وقال في الدر المنثور: وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ ... ثم ذكره
قلت: إسحاق بن أحمد الفارسي لم أجد له ترجمة.
لكن قال ابن أبي العينين في تحقيق أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ص 46 رقم 9: قال ابن ماكولا في الإكمال: ضعيف المسند قلت [ابن ابي العينين]: وقد روى عنه جمع فمثله صالح للاحتجاج.
وفي ص 56 رقم 21 قال ابن ابي العينين: (هذا الإسناد حسن إسحاق بن أحمد روى عنه جمع ولم أر فيه جرحا فحديثه حسن).
قلت: ولم أر سند ابن المنذر لأنظر فيه لكنه أعلى طبقة من أبي الشيخ فابن المنذر (242 - 319 هـ) وأبو الشيخ (274 - 369). فلعله ذكره بنفس السند دون ذكر إسحاق بن أحمد أو لعله توبع.
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (2/ 313)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَا: ثنا سَيَّارٌ، قَالَ: ثنا جَعْفَرٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، قَالَ: " تَصْعَدُ الْمَلَائِكَةُ بِالْأَعْمَالِ فَتُصَفُّ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُنَادِي الْمَلَكُ: أَلْقِ تِلْكَ الصَّحِيفَةَ، أَلْقِ تِلْكَ الصَّحِيفَةَ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: رَبَّنَا قَالُوا خَيْرًا وَحَفِظْنَاهُ عَلَيْهِمْ قَالَ: فَيَقُولُ: لَمْ يُرِدْ بِهِ وَجْهِيَ وَيُنَادَى مَلَكٌ: اكْتُبْ لِفُلَانٍ كَذَا وَكَذَا مَرَّتَيْنِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْهُ فَيَقُولُ تَعَالَى: إِنَّهُ نَوَاهُ إِنَّهُ نَوَاهُ "
قال السيوطي في الدر المنثور: وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي عمرَان الْجونِي قَالَ: بلغنَا أَن الْمَلَائِكَة تصف بكتبها فِي السَّمَاء الدُّنْيَا كل عَشِيَّة بعد الْعَصْر فينادي الْملك ... نحوه.
قلت وائل: وهذا الأثر الأرجح أنه حسن عن أبي عمران الجوني لكن لعلها من الإسرائيليات: فأحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي (ثقة) وعبد الله بن أحمد بن حنبل (حافظ) وهارون بن عبد الله وعلي بن مسلم الطوسي (ثقتان) وجعفر بن سليمان الضبعي (صدوق زاهد) أما سيار بن حاتم فاختلف فيه/فضعفه ابن المديني فقال: ليس كل أحد يؤخذ عنه ما كنت أظن أحدًا يحدث عن ذا/وضعفه القواريري/وقال العقيلي: أحاديثه مناكير/لكن وثقه ابن معين وابن حبان وقال أبو أحمد الحاكم: فى حديثه بعض المناكير. قلت: وهذا هو حال حسن الحديث/وأكثر عنه أحمد بن حنبل قال الحاكم أبو عبد الله - لما خرج حديثه في «مستدركه» -: كان زاهدا عابد عصره قد أكثر أحمد بن حنبل الرواية عنه/لكن قال إبراهيم الصبيحي: فيظهر أن ابن معين قصد توثيقه في دينه، وأنه لا يكذب ولا هو بالمتهم، لا أنه قصد توثيقه في روايته/قلت: ويرد عليه أن ابن معين إنما قال ذلك ردا على القواريري وتضعيف القواريري في الرواية فقد قال أبو عبيد الآجرى: سألت أبا داود عنه، فقال: سألت القواريرى عنه فقال: لم يكن له عقل كان معى فى الدكان. قلت للقواريرى: يتهم بالكذب؟ قال: لا/فلما قيل لابن معين: سَيَّار، صاحب جعفر بن سُلَيمان، يتكلم فيه القَوَاريري؟ فقال: كان صدوقًا، ثقةً، ليس به بَأسٌ، ولم أكتب عنه شيئًا قط/وحسنه ابن خلفون في الثقات ففي إكمال تهذيب الكمال: ولما ذكره ابن خلفون في «الثقات» قال: روى عنه جماعة من الأئمة، وهو حسن الحديث/أما قول الأزدى: عنده مناكير فهذا لا يوجب الطرح بإطلاق/روى له الترمذي عدة أحاديث وفي ثلاثة منها قال هذا حديث حسن غريب كما في رقم 344 و3462 و3854/وأحيانا يقول حديث غريب/ولعله يحسن له لأن تضعيف الحديث الذي يوجد فيه لا يلزم أن يكون من أجل فقد يكون لوجود ضعفاء غيره أو لمخالفته فالصدوق قد يشذ أو يغلط/وحسن له الأرناؤوط/أما الألباني فمرة يحسن له كما في الصحيحة بينما ضعفه في الضعيفة/وضعفه الحويني في كتبه الأخيرة بينما حسنه في كتبه الأولى/قلت: وأنا أميل إلى أنه حسن الحديث ما لم يأت بما ينكر عليه وهذا هو ملخص حكم الذهبي وابن حجر فرتبته عند ابن حجر: صدوق له أوهام ورتبته عند الذهبي: صدوق
الزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد (2/ 17) أنا الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: " يَصْعَدُ الْمَلَكُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ مُبْتَهِجًا بِهِ فَإِذَا انْتَهَى إِلَى رَبِّهِ قَالَ: اجْعَلُوهُ فِي سِجِّينٍ، إِنِّي لَمْ أُرَدْ بِهَذَا "
قلت وائل: وهذا أثر صحيح عن يحيى بن ابي كثير. وهو من صغار التابعين وقد رأى أنس بن مالك. والحديث في الإخلاص والنية لابن أبي الدنيا (ص: 45) رقم 17.
المجالسة وجواهر العلم (1/ 318)
28 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَبِيبٍ الْهَمَذَانِيُّ : نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ؛ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ بِمَكَّةَ؛ فَحَدَّثَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ [ص:319]: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ : إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ؛ فَاكْتُبُوهَا وَاحِدَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا؛ فَاكْتُبُوهَا عَشْرًا، وَإِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ؛ فَلَا تَكْتُبُوهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا؛ فَاكْتُبُوهَا وَاحِدَةً». فَقَامَ رَجُلٌ عَلَيْهِ قُلُنْسُوَةٌ سَوْدَاءُ وَقِبَاءٌ مُلَجَّمٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! الْمَلَكَانِ يَعْلَمَانِ الْغَيْبَ؟ فَضَجَّ النَّاسُ وَجَعَلَ سُفْيَانُ يُسْكِتُهُمْ بِيَدِهِ، فَلَمَّا سَكَتُوا؛ قَالَ: الْمَلَكَانِ لَا يَعْلَمَانِ الْغَيْبَ، وَلَكِنْ إِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِحَسَنَةٍ فَاحَ مِنْهُ رَائِحَةُ الْمِسْكِ، فَيَعْلَمَانِ أَنَّهُ قَدْ هَمَّ بِالْحَسَنَةِ، فَإِذَا هَمَّ بِالسَّيِّئَةِ فَاحَ مِنْهُ رَائِحَةُ النَّتَنِ؛ فَيَعْلَمَانِ أَنَّهُ قَدْ هَمَّ بِالسَّيِّئَةِ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: فَسَأَلْتُ مَنْ فِي الْمَجْلِسِ: مَنْ هَذَا الَّذِي سَأَلَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ؟ قَالُوا: أَبُو نُوَاسٍ الشَّاعِرُ.
قلت: وهو في الحبائك في أخبار الملائك (ص: 106)
قلت وائل: لم أجد لإبراهيم بن حبيب الهمداني ترجمة وبالتالي فالأثر لا يصح فلا يعتمد عليه كما أن الدينوري نفسه مختلف فيه وقد انفرد بهذا الأثر فلا أطمئن لصحة هذا الأثر
الإخلاص والنية لابن أبي الدنيا (ص: 48)
19 - بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ جَمِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَةَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ أَنَّ عَابِدًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَبَدَ اللَّهَ فِي سِرْبٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: وَعِزَّتِكَ رَبَّنَا مَا رَفَعْنَا إِلَيْكَ خَفَاءً. قَالَ: صَدَقْتُمْ مَلَائِكَتِي وَلَكِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَعْرِفَ مَكَانَهُ
قلت: والأثر ضعيف لأن ابن أبي يالدنيا لم يذكر من حدثه. ولعله من الإسرائيليات.
الإخلاص والنية لابن أبي الدنيا (ص: 46)
18 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانَيُّ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَرْفَعُونَ عَمَلَ الْعَبْدِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ فَيُكْثِرُونَهُ وَيُزَكُّونَهُ حَتَّى يَنْتَهُوا بِهِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ مِنْ سُلْطَانِهِ فَيُوحِيَ إِلَيْهِمْ: إِنَّكُمْ حَفَظَةٌ عَلَى عَمَلِ عَبْدِي، وَأَنَا رَقِيبٌ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ، إِنَّ عَبْدِي هَذَا لَمْ يُخْلِصْ لِي عَمَلَهُ فَاجْعَلُوهُ فِي سِجِّينٍ قَالَ: وَيَصْعَدُونَ بِعَمَلِ الْعَبْدِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ يَسْتَقِلُّونَه ُ وَيَحْتَقِرُونَ هُ حَتَّى يَنْتَهُوا بِهِ حَيْثُ [ص:47] شَاءَ اللَّهُ فَيُوحِيَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ: إِنَّكُمْ حَفَظَةٌ عَلَى عَمَلِ عَبْدِي وَأَنَا رَقِيبٌ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ فَضَاعِفُوهُ لَهُ وَاجْعَلُوهُ فِي عِلِّيِّينَ
قلت: وهذا الحديث لا يصح فيه أبو بكر بن أبي مريم الغساني. والحديث مرسل فضمرة من طبقة تلي الوسطى من التابعين.
وحديث (إذا كان يوم القيامة يجاء بالأعمال في صحف مختمة فيقول الله عز وجل: اقبلوا هذا وردوا هذا، فتقول الملائكة: وعزتك ما كتبنا إلا ما عمل، فيقول: صدقتم إن عمله كان لغير وجهي، وإني لا أقبل اليوم إلا ما كان لوجهي) قد ضعفه الألباني في الضعيفة رقم 2672 و5154 وانظر رقم 6638 وانظر تحقيق التوضيح لشرح الجامع الصحيح (2/ 185)
وفيما يلي بعض النقول عما سبق:
موقع الإسلام سؤال وجواب (1/ 540، بترقيم الشاملة آليا)
هل الشيطان يعلم خواطر الإنسان ونواياه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الشيطان يعلم ما يحاك في صدورنا من كلام لا يعلمه إلا الله فيوسوس ما يناسب خواطرنا أم ماذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دلت الأدلة الصحيحة على أن الشيطان قريب من الإنسان، بل يجري منه مجرى الدم، فيوسوس له في حال غفلته، ويخنس في حال ذكره، ومن خلال هذه الملازمة فإنه يعلم ما يهواه الإنسان من الشهوات فيزينها له، ويوسوس له بخصوصها.
روى البخاري (3281) ومسلم (2175) عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وهم وإن شموا رائحة طيبة ورائحة خبيثة [أي الملائكة تشم ريحا طيبة حين يهم العبد بالحسنة كما جاء عن سفيان بن عيينة]، فعلمهم لا يفتقر إلى ذلك، بل ما في قلب ابن آدم يعلمونه، بل ويبصرونه ويسمعون وسوسة نفسه، بل الشيطان يلتقم قلبه؛ فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل قلبه عن ذكره وسوس، ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره، ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغي فيزينها له.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر صفية رضي الله عنها (إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم).
وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم مما تواترت به الآثار، سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا " انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/ 508).
فالشيطان يطلع على وسوسة الإنسان لنفسه، ويعلم ما يميل إليه ويهواه من الخير والشر، فيوسوس له بحسب ذلك.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله - ضمن سؤال طويل -: وإذا نويت عمل خير في قلبي هل يعلم به الشيطان ويحاول صرفي عنه؟
فأجاب: " كل إنسان معه شيطان ومعه ملك , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة. قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير). وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يملي على الإنسان الشر ويدعوه إلى الشر وله لَمَّة في قلبه، وله اطلاع بتقدير الله على ما يريده العبد وينويه من أعمال الخير والشر , والملَك كذلك له لمَّة بقلبه يملي عليه الخير ويدعوه إلى الخير، فهذه أشياء مكنهم الله منها: أي مكن القرينين، القرين من الجن والقرين من الملائكة , وحتى النبي صلى الله عليه وسلم معه شيطان وهو القرين من الجن كما تقدم الحديث بذلك ...
والمقصود أن كل إنسان معه قرين من الملائكة وقرين من الشياطين , فالمؤمن يقهر شيطانه بطاعة الله والاستقامة على دينه , ويذل شيطانه حتى يكون ضعيفا لا يستطيع أن يمنع المؤمن من الخير ولا أن يوقعه في الشر إلا ما شاء الله , والعاصي بمعاصيه وسيئاته يعين شيطانه حتى يقوى على مساعدته على الباطل , وتشجيعه على الباطل , وعلى تثبيطه عن الخير. فعلى المؤمن أن يتقي الله وأن يحرص على جهاد شيطانه بطاعة الله ورسوله والتعوذ بالله من الشيطان , وعلى أن يحرص في مساعدة ملَكه على طاعة الله ورسوله والقيام بأوامر الله سبحانه وتعالى " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (9/ 369).
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
موقع الإسلام سؤال وجواب (1/ 152، بترقيم الشاملة آليا)
كيف تعلم الملائكة ما في قلب الإنسان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان الشخص يقول دعاء دخول الحمام ـ أكرمكم الله ـ في نفسه، أو يبسمل في نفسه؛ فهل حديث النفس الداخلي هل يعلمه الملائكة الحفظة؟ ويسجل علينا وسنحاسب عنه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى البخاري (6491) ومسلم (131) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً).
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (11/ 325):
" وفيه دليل على أن الملك يطَّلع على ما في قلب الآدمي؛ إما بإطلاع الله إياه، أو بأن يخلق له علما يدرك به ذلك.
ويؤيد الأول: ما أخرجه بن أبي الدنيا عن أبي عمران الجوني، قال: ينادى الملك اكتب لفلان كذا وكذا، فيقول يا رب: إنه لم يعمله، فيقول: إنه نواه.
وقيل: بل يجد الملك للهم بالسيئة رائحة خبيثة، وبالحسنة رائحة طيبة وأخرج، ذلك الطبري عن أبي معشر المدني، وجاء مثله عن سفيان بن عيينة "
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن قوله صلى الله عليه وسلم:
(إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة .... الحديث) فإذا كان الهم سرا بين العبد وبين ربه فكيف تطلع الملائكة عليه؟
فأجاب: " الحمد لله، قد روي عن سفيان بن عيينة فى جواب هذه المسألة قال: " أنه إذا هم بحسنة شم الملك رائحة طيبة، وإذا هم بسيئة شم رائحة خبيثة ".
والتحقيق أن الله قادر أن يعلم الملائكة بما فى نفس العبد كيف شاء " انتهى.
"مجموع الفتاوى " (4/ 253)
وقال رحمه الله أيضا:
" وهم وإن شموا رائحة طيبة ورائحة خبيثة، فعلمهم لا يفتقر إلى ذلك، بل ما فى قلب ابن آدم يعلمونه، بل ويبصرونه ويسمعون وسوسة نفسه، بل الشيطان يلتقم قلبه؛ فاذا ذكر الله خنس، وإذا غفل قلبه عن ذكره وسوس، ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره، ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغى فيزينها له!!
وقد ثبت فى الصحيح عن النبى فى حديث ذكر صفية رضى الله عنها (إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم)
وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم مما تواترت به الآثار، سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا " انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/ 508).
وأما الذكر في النفس من غير حركة اللسان به، فإن صاحبه يثاب على ذلك لكن ليس الثواب الخاص المرتب من الشارع على من أتى بذلك الذكر فإن ذلك الثواب مرتب على القول، والقول لا يتحقق من غير لفظ باللسان، لكن من أهل العلم من يرى أن حركة اللسان تكفي ولو لم يصدر صوت يسمعه المتلفظ، وهذا ما ذهب إليه المالكية ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، قال ابن مفلح رحمه الله في "الفروع" (1/ 410): " واختار شيخنا -يعني ابن تيمية- الاكتفاء بالحروف وإن لم يسمعها " انتهى.
وجمهور أهل العلم يرون أنه لا بد من لفظ يسمعه نفسه، قال النووي رحمه الله في شرح المهذب (3/ 120): " فإن لم يسمع نفسه فليس ذلك بأذان ولا كلام " انتهى.
وقال أيضا: " اعلم أن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها، واجبة كانت أو مستحبة، لا يحسب شيء منها ولا يعتد به حتى يتلفظ به بحيث يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع لا عارض له " الأذكار (42).
وأما حساب الإنسان على ما تحدثه به نفسه، فقد سبق الإجابة عنه في السؤال رقم (99324)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
فتاوى الشبكة الإسلامية (1/ 1089، بترقيم الشاملة آليا)
مدى اطلاع الملائكة على ما في القلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
سمعت أن الملائكة (رقيب وعتيد) تسجل كل قول وفعل نفعله والذي في قلبنا ونيتنا لا يعرفه إلا الله سبحانه ولكن أحيانا أذكر الله في قلبي أملا في الثواب (استغفار - تسبيح - تكبير - صلاة على النبي - ... ) فهل هذا يجوز أي يسجل ثوابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذكر بالقلب عبادة يثاب عليها المسلم، والأكمل أن يجمع في ذلك بين ذكر القلب واللسان.
وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم: 13109، والفتوى رقم: 28251.
والله تعالى قد يُطلع الملائكة على ما في نفس الإنسان، فتكتب له ما يستحق من الثواب أو العقاب، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن قوله صلى الله عليه وسلم: إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة. الحديث، فإذا كان الهم سراً بين العبد وبين ربه فكيف تطلع الملائكة عليه؟
فأجاب: الحمد لله، قد روي عن سفيان بن عيينة في جواب هذه المسألة، قال: إنه إذا هم بحسنة شم الملك رائحة طيبة، وإذا هم بسيئة شم رائحة خبيثة، والتحقيق: أن الله قادر أن يُعلم الملائكة بما في نفس العبد كيف شاء، كما هو قادر على أن يطلع بعض البشر على ما في الإنسان، فإذا كان بعض البشر قد يجعل الله له من الكشف ما يعلم به أحياناً ما في قلب الإنسان: فالملك الموّكل بالعبد أولى بأن يعرفه الله ذلك.
وقد قيل في قوله تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق:16].
أن المراد به الملائكة، والله قد جعل الملائكة تلقي في نفس العبد الخواطر، كما قال عبد الله بن مسعود: إن للملك لمة (وللشيطان لمة) فلمة الملك تصديق بالحق ووعد بالخير، ولمة الشيطان تكذيب بالحق وإيعاد بالشر، وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: ما منكم من أحد إلا وقد وُكِّل به قرينه من الملائكة وقرينه من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وأنا؛ إلا أن الله قد أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير.
فالسيئة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الشيطان: علم بها الشيطان، والحسنة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الملك، علم بها الملك أيضاً بطريق الأولى، وإذا علم بها هذا الملك أمكن علم الملائكة الحفظة لأعمال بني آدم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424
فتاوى الشبكة الإسلامية (1/ 1101، بترقيم الشاملة آليا)
هل تطلع الملائكة على ما في نفس الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله: هل إذا ذكرنا الله بقلوبنا تسمع الملائكة ذلك الذكر؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله جل جلاله بقدرته قد يطلع الملائكة على مافي نفس الإنسان، فتكتب له ما يستحق من الثواب والعقاب، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن قوله صلى الله عليه وسلم: إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، الحديث فإذا كان الهم سرا بين العبد وربه فكيف تطلع الملائكة عليه؟
فأجاب: الحمد الله، قد روي عن سفيان بن عيينة في جواب هذه المسألة، قال: إنه إذا هم يحسنة شم الملك رائحة طيبة، وإذا هم بسيئة شم رائحة خبيثة، والتحقيق: أن الله قادر أن يعلم الملائكة بما في نفس العبد كيف شاء، كما هو قادر على أن يطلع بعض البشر على ما في الإنسان، فإذا كان بعض البشر قد يجعل الله له من الكشف ما يعلم به أحيانا ما في قلب الإنسان فالملك الموكل بالعبد أولى بأن يعرفه الله ذلك. وقد قيل في قوله تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ أن المراد به الملائكة، والله قد جعل الملائكة تلقي في نفس العبد الخواطر، كما قال عبد الله بن مسعود: إن للملك لمة وللشيطان لمة فلمة الملك تصديق بالحق ووعد بالخير، ولمة الشيطان تكذيب بالحق وإيعاد بالشر، وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الملائكة وقرينه من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وأنا إلا أن الله قد أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير.
فالسيئة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الشيطان: علم بها الشيطان، والحسنة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الملك علم بها الملك أيضا بطريق الأولى، وإذا علم بها هذا الملك أمكن علم الملائكة الحفظة لأعمال بني آدم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1427
وانظر فتح الباري لابن حجر (11/ 325) وتحفة الأحوذي (8/ 358) ومرعاة المفاتيح (8/ 97) والإتحافات السنية بالأحاديث القدسية للمناوي ومعه «النفحات السلفية بشرح الأحاديث القدسية» شرح محمد منير الدمشقي (ص: 23) وكوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (2/ 16) وانظر أيضا شرح القسطلاني (9/ 281)
قال الحافظ ابن حجر: ومعنى قوله كتبها الله أمر الحفظة بكتابتها بدليل حديث أبي هريرة الآتي في التوحيد بلفظ إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها وفيه دليل على أن الملك يطلع على ما في قلب الآدمي إما بإطلاع الله إياه أو بأن يخلق له علما يدرك به ذلك ويؤيد الأول ما أخرجه بن أبي الدنيا عن أبي عمران الجوني قال ينادى الملك اكتب لفلان كذا وكذا فيقول يا رب إنه لم يعمله فيقول إنه نواه وقيل بل يجد الملك للهم بالسيئة رائحة خبيثة وبالحسنة رائحة طيبة وأخرج ذلك الطبري عن أبي معشر المدني وجاء مثله عن سفيان بن عيينة ورأيت في شرح مغلطاي أنه ورد مرفوعا
ونقل محمد صبحي حلاق في تحقيق الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (4/ 1750) قول الحافظ في الفتح وقول ابن تيمية في "الفتاوى" (4/ 253)
الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (ص: 26)
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن حجاج بن دِينَار قَالَ: قلت لأبي معشر: الرجل يذكر الله فِي نَفسه كَيفَ تكتبه الْمَلَائِكَة؟ قَالَ: يَجدونَ الرّيح. وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي (زَوَائِد الزّهْد) عَن ابْن عمرَان الْجُوَيْنِيّ قَالَ: بلغنَا أَن الْمَلَائِكَة تصعد بكتبها إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا كل عَشِيَّة بعد الْعَصْر، فينادي الْملك ألْقى تِلْكَ الصَّحِيفَة وينادي الْملك الآخر ألق الصَّحِيفَة فَيَقُولُونَ رَبنَا قَالُوا خيرا وحفظنا عَلَيْهِم، فَيَقُول لَهُم: لم يُرِيدُوا بِهِ وَجْهي وَإِنِّي لَا أقبل إِلَّا مَا أُرِيد بِهِ وَجْهي، وينادي الْملك الآخر اكْتُبْ لفُلَان كَذَا وَكَذَا فَيَقُول: يَا رب إِنَّه لم يعمله فَيَقُول إِنَّه نَوَاه. وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن ضَمرَة بن حبيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن الْمَلَائِكَة يصعدون بِعَمَل العَبْد من عباد الله تَعَالَى فيكثرونه ويشكرونه حَتَّى ينْتَهوا بِهِ حَيْثُ شَاءَ الله من سُلْطَانه فَيُوحِي إِلَيْهِم إِنَّكُم حفظَة على عمل عَبدِي وَأَنا رَقِيب على مَا فِي نَفسه إِن عَبدِي هَذَا لم يخلص فِي عمله فَاجْعَلُوهُ فِي سِجِّين. قَالَ: ويصعدون بِعَمَل العَبْد من عباد الله تَعَالَى فيستقلونه وَيَحْتَقِرُونَ هُ حَتَّى ينْتَهوا بِهِ حَيْثُ شَاءَ الله من سُلْطَانه فَيُوحِي الله إِلَيْهِم إِنَّكُم حفظَة على عمل عَبدِي وَأَنا رَقِيب على مَا فِي نَفسه فضاعفوه لَهُ واجعلوه فِي عليين)
الأجوبة النجمية على أسئلة أبي رواحة العقدية و الفقهية 24
كيف تعرف الملائكة معاصي بني آدم التي هي من عمل القلب مثل الهم بالمعصية و الغل و العجب و غيرها؟
الجواب: الله الذي أوجدهم و أوجدنا و جعلهم معنا و نحن لا نراهم فكما قدر على ذلك فهو قادر على أن يطلعهم على ما في قلوبنا.
و إذا كان الشيطان يشم قلب ابن آدم و يعرف رغبته و إلى أي شيء يميل و ما هي التي يمكن أن تكون سببا في إضلاله إذا كان الشيطان مكنه الله من هذا فالملك من باب أولى.
قال الموري في الحاشية: يشير إلى ما اخرجه الحافظ ابو يعلى الموصلي قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ أَبِي عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ وَاضِعٌ خَطْمَهُ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، فَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ، وَإِنْ نَسِيَ الْتَقَمَ قَلْبَهُ فَذَلِكَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ». و ذكره ابن كثير في تفسير سورة الناس و قال: غريب.
رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار (ص: 131)
قال الصنعاني: ثم يقال: الحديث دل على أن الملائكة أخرجت من علمت في قلبه مثقال ذرة من خير ولا دليل أنهم يعلمون كل من في قلبه مثقال ذرة من خير فإنهم لا يعلمون من أحوال القلوب إلا ما أعلمهم الله كما قال تعالى: {يعلمون ما تفعلون} [الانفطار: 12] فهم يعلمون أفعالنا لا ما انطوت عليه قلوبنا ولهذا وردت الأحاديث أنهم يصعدون بالعمل يرونه حسنا ويرد فيقول الله أن فاعله أراد به كذا وكذا أي من الرياء ونحوه.
رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار (ص: 132)
قال الصنعاني: وهذا الحديث فيه الإخبار بأن الملائكة قالت: (لم نذر فيها خيرا) أي: أحدا فيه خير والمراد ما علموه بإعلام الله. ويجوز أن يقال لم يعلمهم بكل من في قلبه خير وأنه بقي من أخرجهم بقبضته ويدل له أن لفظ الحديث (أنه أخرج بالقبضة من لم يعملوا خيرا قط) فنفى العمل ولم ينف الاعتقاد وفي حديث الشفاعة تصريح بإخراج قوم لم يعملوا خيرا قط ويفيد مفهومه أن في قلوبهم خيرا. ثم سياق الحديث يدل على أنه أريد بهم أهل التوحيد لأنه تعالى ذكر الشفاعة للملائكة والأنبياء والمؤمنين ومعلوم أن هؤلاء يشفعون بعصاة أهل التوحيد. فإنه لا يقول ابن تيمية ولا غيره أنه يشفع للكفار بقرائن القبض التي قبضها الرب في عصاة الموحدين والأليق بالسياق أنها أيضا فيهم.
عالم الجن والشياطين (ص: 113)
ويقول رحمه الله: " وأعرف من يخاطبه مخاطب ويقول له: أنا من أمر الله، ويعده بأنه المهدي الذي بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم، ويظهر له الخوارق، مثل أن يخطر بقلبه تصرف في الطير والجراد في الهواء، فإذا خطر بقلبه ذهاب الطير أو الجراد يميناً أو شمالاً ذهب حيث أراد، وإذا خطر بقلبه قيام بعض المواشي، أو نومه، أو ذهابه، حصل له ما أراد من غير حركة منه في الظاهر، وتحمله إلى مكة وتأتي به، وتأتيه بأشخاص في صورة جميلة، وتقول له: هؤلاء الملائكة الكروبيون جاؤوا لزيارتك، فيقول في نفسه: كيف تصوروا بصورة المردان؟! فيرفع رأسه فيجدهم بلحى، ويقولون له: علامة أنك المهدي أنك تنبت في جسدك شامة، فتنبت ويراها، وغير ذلك، وكله من مكر الشيطان ".
رد: كيف تعلم الملائكة ما في قلب الإنسان ؟
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
رد: كيف تعلم الملائكة ما في قلب الإنسان ؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسماعيل حمدتو
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
وجزاكم آمين