الشاهد الأول للشطر الأول من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: " من أشراط الساعة سوء الجوار وقطيعة الأرحام ".
هو حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعًا:عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
: "
إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ سُوءَ الْجِوَارِ ". اهـ.
أخرجه محمد بن جعفر الخرائطي في مساوئ الأخلاق [ ج 1 : ص 177 ] مختصرًا، من طريق فقال:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثنا عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ مُسْلِمٍ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو به مرفوعًا.
وقد أخرجه مطولًا بنفس هذا الإسناد في مساوئ الأخلاق [ ج 1 : ص 139 ] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ الْفُحْشَ، وَالتَّفَحُّشَ، وَسُوءَ الْجِوَارِ، وَقَطْعَ الأَرْحَامِ، وَأَنْ يُؤْتَمَنَ الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنَ الأَمِينُ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ النَّحْلَةِ، أَكَلَتْ طَيِّبًا، وَوَضَعَتْ طَيِّبًا، أَلا إِنَّ أَفْضَلَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، أَلا إِنَّ حَوْضِي طُولُهُ كَعَرْضِهِ، أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، مِنْ أَقْدَاحِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ آخِرَ مَا عَلَيْهَا أَبَدًا ". اهـ.
هذا الحديث روي بعضه من وجوه على ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول:
فلفظ "أَلا إِنَّ أَفْضَلَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ" رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما وغيرهما أي متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
الجزء الثاني:
أما باقي اللفظ فيُروى عن أبي سبرة الهذلي عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا في قصة شك عبيد الله ابن زياد في المستدرك على الصحيحين [1 : 75] وغيره وصححه الحاكم.
وأخرجه كذلك الخرائطي في مساوئ الأخلاق [ ج 1 : ص 138 ] فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ: مَا حُدِّثْتُ مِنَ الْحَوْضِ حَدِيثًا هُوَ أَثْبَتُ عِنْدِي مِنْ هَذَا، أَشْهَدُ أَنَّ الْحَوْضَ حَقٌّ.
وَأَخَذَ الصَّحِيفَةَ الَّتِي جَاءَ بِهَا أَبُو سَبْرَةَ وله شواهد كثيرة منها وأقربهم حديث أبي برزة الأسلمي في مسند أحمد بن حنبل [27826] وصحيح ابن حبان [14 : 371].
الجزء الثالث:
إلا أنه قد رجح الإمام البيهقي جزءًا من هذا الحديث في شعب الإيمان [5729] وقفه على عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما واللفظ هو :
"مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ مَثَلُ النِّحْلَةِ، إِنْ أَكَلَتْ أَكَلَتْ طَيِّبًا، وَإِنْ وَضَعَتْ وَضَعَتْ طَيِّبًا، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى عُودِ شَجَرٍ لَمْ تَكْسِرْهُ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ سَبِيكَةِ الذَّهَبِ إِنْ نُفِخَتْ عَلَيْهَا احْمَرَّتْ، وَإِنْ وُزِنَتْ لَمْ تَنْقُصْ ". اهـ.
وقد روي بأسانيد أخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص مع اختلاف يسير للألفاظ
في كشف الأستار [3406] أربع أسانيد مرفوعين ولفظه:
وإحدى طرقها، التي رواها عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ الدَّوْسِيُّ فقال:
ثنا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَظْهَرَ الْفُحْشُ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ، وَسُوءُ الْجِوَارِ، وَيُخَوَّنَ الأَمِينُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَكَيْفَ الْمُؤْمِنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: كَالنَّخْلَةِ وَقَعَتْ، فَلَمْ تَفْسَدْ، وَأُكِلَتْ فَلَمْ تُكْسَرْ، وَوَضَعَتْ طَيِّبًا، وَكَقِطْعَةِ الذَّهَبِ دَخَلَتِ النَّارَ، فَأُخْرِجَتْ، فَلَمْ تَزْدَدْ إِلا جُودًا. اهـ..
قَالَ الْبَزَّارُ: لا نَعْلَمُ هَذَا الْحَدِيثَ إِلا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَلا لَهُ عَنْهُ إِلا هَذَا الطَّرِيقَ، وَلا نَعْلَمُ رَوَى الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، إِلا هَذَا الْحَدِيثَ.
قلتُ :قد يضعف روايته عن الأعمش فقد قال ابن عدي الجرجاني :
"هو كما قال علي بن المديني ، وإنما أنكرت على أبي زهير هذا أحاديث يرويها عن الأعمش لا يتابعه الثقات عليها وله عن غير الأعمش غرائب وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم". اهـ.
وذكر إحداها عن قتادة عَنْ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي سَبْرَةَ الْهُذَلِيِّ، قُلْتُ [الهيثمي]: فَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ لأَبِي بَرْزَةَ فِي الْحَوْضِ.
وذكر إحدى طرقها عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قُلْتُ [الهيثمي]: فَذَكَرَ نَحْوَهُ بِاخْتِصَارٍ.
وإحدة طرقها عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قُلْتُ: فَذَكَرَهُ بِاخْتِصَارٍ. قَالَ الْبَزَّارُ: لا نَعْلَمُ رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ إِلا هَذَا .
قلتُ: ووقفت على طريق ءاخر من رواية الأعمش في (الأربعون من الفوائد الصحاح للحمامي) [25 ] فـقال: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " إِذَا ظَهَرَ الْفُحْشُ وَقَطِيعَةُ الأَرْحَامِ وَائْتُمِنَ الْخَائِنُ، وَخُوِّنَ الأَمِينُ، فَقَدِ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ". قَالَ أَبُو الْفَتْحِ: غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ، عَنْ شُعْبَةَ، وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ الْمُسَيِّبِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْهُ. اهـ.
قلتُ: هذا الإسناد يعلل بالمسيب بن شريك فـفي رواية ابن محرز، قال: "كان مغفلا ضعيفا" كذا قال يحيى بن معين و"متروك الحديث" كذا قال محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري.
قلت ولعله قد يدفع من غرابة رواية الأعمش عن شعبة هو ما روي في صحيح ابن خزيمة عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
" صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَلَمْ يَجْهَرُوا بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} "
ويدفع الغرابة من روايتهم عن قتادة أنه ثبت ذلك في السادس والعشرون في المشيخة البغدادية لأبي طاهر السلفي [8] من حديث أَنَسٍ، قَالَ: " صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ وَخَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَخَلْفَ عُمَرَ، فَكَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ".
إن كان راوي هذا الحديث هو محمد بن عبد الله الحضرمي الملقب بـ مطين كما ذكر في الكتاب في ترجمته، والله أعلم.
قلتُ: ثم إنه قد روي عن قتادة عَنْ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي سَبْرَةَ الْهُذَلِيِّ حديث عبد الله بن عمرو بن العاص كما سبق ذكره في كشف الأستار [3406] من أحد الطرق.
ورواه شعبة موقوفًا من وجه ءاخر في شعب الإيمان للبيهقي [5480 ] فقال شعبة :
ثَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ النَّحْلَةِ، لا يَأْكُلُ إِلا طَيِّبًا وَلا يَضَعُ إِلا طَيِّبًا ".
وبه رجح الإمام البيهقي وقف هذا اللفظ المدرج على عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقال:
هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ بِهَذَا الإِسْنَادِ مَوْقُوفٌ، وَقَدْ رَفَعَهُ سَلامُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ شُعْبَةَ. اهـ.
ووجدت للجزء الأول من الحديث
إسنادا ءاخر في مساوئ الأخلاق فقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِصْمَةَ النَّيْسَابُورِ يُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ الْفُحْشَ، وَالتَّفَحُّشَ، وَسُوءَ الْجِوَارِ ". اهـ.
قلت: المتن محفوظ من وجهٍ ءاخر أما هذا الإسناد فهو من إسناد محمد بن عصمة النيسابوري "متهم هالك" هكذا قال الإمام الذهبي في ميزان الاعتدال.
والله أعلم.