أدب الحرفة



إنَّ معظم من عاشوا تجربة الكتابة الأدبية يدركون أنَّ ولادة تعبير عن فكرة أو إحساس تمرّ بمراحل ومعاناة ولادة كائن حي، حيث يتم الحمل بالتلاقح مع حدث أو فكرة أخرى، يعقبها سعادة ونشوة بالموجود الجديد، الذي ينمو ويكبر، ويتحرَّك في باطن صاحبه الذي تظهر عليه علامات الحمل، وقد تؤدي به إلى حالة من القلق والاضطراب يصعب فهمها على من ابتلوا بالعقم.. ويخشى الحامل على حمله، ويتعهده، حتى يتم نضجه، فيطلب الخروج والانفصال عن صاحبه، ولا يتحمَّل الأديب بقاءه في باطنه، ولو أبقاه ربَّما يموت أويولد مشوَّهاً، فيحدث مخاض الولادة، وهي أصعب وألذ اللحظات، يستعذب الأديب فيها الألم.. إلى أن تخرج سالمة إحدى بنات أفكاره.. فيطوف بها سعيداً، يلبسها أجمل ثوب، يعرّفها إلى كلّ من يلقاه.. وقد تموت فيحزن عليها أشدّ الحزن، وقد تنمو وتكبر وتنتشر في الآفاق، فيفرح أيَّما فرح، وينظر إلى بنات أفكاره فيراها (عرائس من نور).

ثمَّ يموت الكاتب وتبقى بناته ـ بإذن الله ـ تتزاوج، وتتكاثر، وتنتشر في الثنايا، وقد تنفعه بعد موته إذا كان نبتاً صالحاً.

منقول