( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
( معك في رحلة العمرة خُطوةً بخطوةٍ )
مقدمة
*مما ينبغي أن يذكره المسلم إذا أراد أن يخرج من بيته – لسفر أو غيره لعل الله يحفظه به – ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ قالَ - يعني إذا خرج من بيته - : باسْمِ اللَّهِ ، تَوَكَّلْتُ على اللَّهِ ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ . يُقالُ لَهُ : كُفِيتَ وَوُقِيتَ وَهُدِيتَ ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ ، فَيَقُولُ لَهُ شَيطَانٌ آخَرُ : كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وكُفِيَ وَوُقِيَ ؟ ) .
رواه أبو داود (5095) والترمذي (3426) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
جاء في "عون المعبود" (13/297) : ( يقال حينئذ : أي يناديه ملك يا عبد الله ( هُديت ) : بصيغة المجهول ، أي : طريق الحق ، ( وكُفيت ) أي هَمَّك ( وَوُقيت ) من الوقاية ، أي : حُفِظت " انتهى .
( خُطُواتُ العمرة )
1 – ( مستحب ) إذا وصلت الميقات تجرد من ثيابك واغتسل كغسلك للجنابة وتطيب بأفضل الطيب في رأسك ولحيتك وبدنك ، ولا يضرك بقاء ذلك الطيب بعد الإحرام ، وأما تطيب ملابس الإحرام فلا يجوز ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرم عن لبس ثوب مسه طيب ، قال : ( لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس ) ، والغسل في حق كل مسلم حتى الحائض والنفساء ، لكن لا تتطيب المرأة للنهي الوارد أن تخرج من بيتها متعطرة محرمة كانت أو غير محرمة ، ويجوز الاغتسال والتطيب من المنزل إن كان قريبا من الميقات ، والأفضل من الميقات . وتجهز كذلك بقص الأظافر ، والاستحداد ( حلق العانة ) ، ونتف الإبط ، أما حلق اللحية فحرام . *وجاء في السنة المطهرة بعض الأذكار التي يستحب لمن أراد السفر أن يقولها ، ومن ذلك :
( كَانَ إِذَا استَوَى عَلى بَعِيرِهِ خَارِجاً إِلَى سَفَرٍ كبَّر ثلاثاً ثم قال : " سُبْحانَ الَّذي سَخَّرَ لَنا هَذَا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنينَ ، وَإِنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ . اللَّهُمَّ إنَّا نَسألُكَ فِي سفَرِنَا هَذَا البِرَّ وَالتَّقْوَى ، وَمِنْ العَمَلِ ما تَرْضَى ، اللَّهُمَّ هَوّْن عَلَيْنا سَفَرَنَا هَذَا ، وَاطْوِ عَنّا بُعْدَهُ . اللَّهُمَّ أنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ ، وَالخَلِيفَةُ في الأهْلِ . اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثاءِ السَّفَرِ ، وكآبَةِ المَنْظَرِ ، وَسُوءِ المُنْقَلَبِ في المَالِ والأهْلِ . وإذا رَجع قالهنّ وزاد فيهنّ : آيِبُونَ ، تائبُونَ ، عابدُونَ ، لرَبِّنَا حامِدُون ) رواه مسلم (1342) .
وقوله : ( وما كنا له مُقرِنِين ) أي : مُطِيقين ، أي : ما كنا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى إياه لنا .
(وَعثَاء ) المشقة والشدة . ( وكآبة ) : هي تغير النفس من حزن ونحوه .( المنقلب ) : المرجع . انظر "شرح النووي على مسلم" (9/111) .
*وينبغي على المسافر أن يحافظ كذلك على أذكار الصباح والمساء .
*وإذا أسحر المسافر أي دخل في السدس الأخير من الليل استحب له أن يقول : ( سمَّع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا ، اللهم صاحبنا ، وأفضل علينا ، عائذا بالله من النار ).
2 – ( واجب ) ثم تجرد من المخيط وهو اللباس المفصل الذي تلبسه ، والبس لباس الإحرام ، وهو رداء وإزار ، والأفضل الأبيضان ، والمرأة ليس لها لباس مخصوص ، إلا أنها لا تنتقب ( فإن كانت بحضرة الرجال غطت وجهها بشيء ) ، ولا تلبس القفازين . 3 – ( مستحب ) فإن حضرت فريضة أو كانت سنة الوضوء أو تحية المسجد صلاها قبل الإحرام فالجمهور على استحباب صلاة ركعتين قبل الإحرام ، وإن أحرم دون صلاة فلا بأس والأمر في ذلك واسع .
4 - ( مستحب ) يستحب للمسلم أن يسبِّح ويهلل ويكبر قبل إحرامه بالعمرة والحج .
5 – ( ركن ) ثم يحرم من مكانه بعد الصلاة ( والأفضل له عند ركوبه السيارة أو غيرها ) ، مستقبلا القبلة ، ومعنى ذلك أن ينوي الدخول في النسك ، ويقرن ذلك بقوله) : مستحب ) لبيك اللهم عمرة .
6 – ( مستحب ) ثم يقول : ( لبيك اللهم لبيك/ لبيك لا شريك لك لبيك / إن الحمد والنعمة لك والملك / لا شريك لك ) ، ويجوز : ( لبيك وسعديك / والخير بيديك والرغباء والعمل ) ، وغيرها من الثابت عن الصحابة الكرام كـ ( لبيك إله الحق ) ، و : ( لبيك حقا حقا تعبدا ورقا ) ، و : ( لبيك ذا الفواضل ) ، أو ينوع ، أو يلتزم الصيغة الأُولَى ، ويسن رفع الصوت بها للرجال ، والمرأة بقدر ما تسمع جارتها ، وتُسِرُّ إن مرت أو مر بها رجال ليس من محارمها ، ويسن الإكثار من هذه التلبية إلى بداية الطواف .
7 – ( مستحب ) ثم يغتسل عند دخول مكة إن تيسر ذلك .
8 – ( مستحب ) ثم إذا دخل المسجد الحرام فباليمنى ومن باب بني شيبة – المقابل للحجر- إن تيسر ، ويقول : ( اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ) ، و ( أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ) ، وإن اقتصر على أحدهما فلا بأس .
9 - الطواف ( ركن ) ثم يتقدم إلى الحجر الأسود ليبتدئ الطواف منه فيستقبله و ( مستحب ) يضطبع ( أي يجعل وسط الرداء تحت الإبط الأيمن وطرفيه على عاتقه وكتفه الأيسر ) ، ( مستحب ) ويمسح الحجر بيده اليمنى ويقبله ، أو يمسحه ويقبل يده ، أو يشير إليه باليد اليمنى دون تقبيلها ، يفعل من ذلك المتيسر له في أول طوافه وفي كل طوفة من السبع ، ولا يؤذي أحدا ولا يزاحم على الحجر . *إذا دخلت من باب سَلَّمَكَ لمكان دون الركن ( الحجر ) فلا يُعْتَدُّ طوافا إلا ابتداءً من الحجر ، فَسِرْ إلى أن تبدأ من الحجر .
*الطواف داخل الحجر ليس صحيحا ولا يُعْتَدُّ طوافا . *إذا طاف وجاء موعد صلاة الفريضة قطع الطواف وصلى الفريضة ثم أكمل الطواف وأكمل من نفس مكان وقوفه ، وكذلك إن استراح قليلا فلا يلزمه الإعادة ، أما إن كان قطع الطواف بدون عذر أو حاجة أو صلاة فريضة مثلا أعاد من البداية . *على قول الجمهور لو أحدث في الطواف لزمه الوضوء وإعادة الطواف من أوله ، وإن لم يتمكن من الذهاب للوضوء للمشقة والزحام أكمل طوافه .
( ماذا يقول عند استلام الحجر ؟ )
"يقول عند أول مرة : باسم الله والله أكبر ، اللهم إيماناً بك ، وتصديقاً بكتابك ، ووفاءً بعهدك ، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم إذا دار وحاذى الحجر في الطوفات التالية يقول : ( الله أكبر ) فقط .
10 – ( مستحب ) ثم يأخذ ذات اليمين ، فإذا بلغ الركن اليماني مسحه من غير تقبيل أو تكبير يفعل ذلك في أول طوافه وفي كل طوفة من السبع ، ولا يزاحم ولا يؤذي . 11 – ( مستحب ) يدعو في طوافه ويذكر الله بما شاء ، وليس هناك دعاء مخصوص لكل شوط .
12 – ( مستحب ) ويقول بين الركن اليماني و الحجر : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) .
13 – ( مستحب ) يرمل في الثلاث طوفات الأولى ، والرمل ( إسراع المشي مع مقاربة الخطوات ) .
14 - فإن أتم السبع طوفات ابتداء من الحجر وانتهاء إليه يغطى كتفه الأيمن ، ( واجب أو مستحب على خلاف ) ثم يذهب فيصلي ركعتين خلف المقام أو في أي مكان في المسجد حسب المتيسر ، ( مستحب ) يقرأ في الأولى بالكافرون ، وفي الثانية بالإخلاص ، أو بغيرهما .
15 - ثم يذهب إلى الحجر ليستلمه إن تيسر وإلا مضى إلى المسعى ، ولا يشير في هذه المرة ولا يقبل ولا يكبر .
16 - ( ركن ) السعي : فإذا دنا من الصفا قال ( مستحب ) : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ، نبدأ بما بدأ الله به ) ، ثم يرقى عليه حتى يرى الكعبة فيستقبلها ، ويرفع يديه فيحمد الله تعالى ويكبره ثلاثا ، ويدعوه بما شاء بعد قوله ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ) ، يقول ذلك الذكر ثلاثا ويدعو بين المرة والأخرى ، وعليه فلا دعاء بعد المرة الثالثة من قول ذلك الذكر ، ويذكر الله ويدعوه بما شاء أثناء سعيه ، وإن قرأ القرآن سرّاً فلا بأس ، وليس فيه ذكر مخصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه ، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية .
17 – ( مستحب ) ثم ينصرف إلى المروة ، وبين العلمين الأخضرين يركض ركضا شديدا بقدر الاستطاعة دون إيذاء ، وإن كان بصحبة من لا يستطيع الركض لضعفهم كالعجزة أو غيرهم فلا يركض .
18 – ( مستحب ) ثم يرقى على المروة فيفعل ما فعل على الصفا .
19 – ( واجب ) ثم لا يتحلل من إحرامه إلا بعد التقصير أو الحلق ، والتقصير أخذ بعض الشعر من كله وليس من بعضه دون بعض ، والحلق إزالته بالكلية والحلق أفضل ، وبالنسبة للمرأة إن كان لها ضفائر أخذت من أطرافها جميعاً ، وإلا جمعت شعرها وأخذت من جميعه ، والمستحب أن تأخذ قدر أنملة ، ولها أن تقصر أقل من ذلك ؛ لأنه لم يرد تحديد له في الشرع ، تقبل الله مني ومنكم .
( مهمات ومسائل تتعلق برحلة العمرة )
1 - أما محظورات الإحرام ( التي يحرم فعلها بنية الإحرام والدخول في النسك ) .
أولا : العامة على الرجال والنساء /
*أخذ شيء من الشعر والأظفار .*التطيب . *قتل الصيد البري دون البحري . *الجماع . *مقدمات الجماع ( اللمس والتقبيل وغير ذلك ) . *عقد النكاح للنفس أو الغير . *الخطبة . *لبس القفازين للرجال أو النساء .
ولا شيء في قتل الصائل – المعتدي المؤذي – من الحيوانات والحشرات .
ثانيا : على الرجال /
*تغطية الرأس بملاصق ( كالطاقية والقبعة والبرنس ) ، أما الشمسية فليست ملاصقة لبعدها عن الرأس ، وكذلك المظلات الثابتة في الأرض ونحو ذلك .
*لبس القميص ( الجلابية أو أي مفصل على الجسد ) والعمامة والبرنس ) الزَّعْبُوت ) والسراويل ( البناطيل ) والخفاف ، إلا إذا لم يجد إزارا فيلبس السروال ، أو لم يجد نعلين فيلبس الخف . *لبس الطاقية أو الفانيلة أو....( ملابس داخلية ) .
أما النعلان والخاتم والنظارة والسماعة والحزام ليجعل فيه النفقة فجائز ، وكذلك التنظف ( الاستحمام ) بدون طيب ولا صابون برائحة عطر ، وكذلك يجوز حك الرأس والبدن ، وإن سقط شعر بدون قصد فلا شيء .
ثالثا : على النساء /
* لبس النقاب والبرقع ، والسنة كشف الوجه إلا في وجود غير المحارم ) الأجانب عنها الذين يحلون لها وتحل لهم ) فعليها ستره بشيء تُسْدِلُه على وجهها حينها .
ومن احتاج إلى فعل شيء من المحظورات لمرض أو برد شديد أو نحو ذلك ، فلا إثم عليه ، لكن عليه فدية أذى ، وهي : صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة من مساكين الحرم ، أو ذبح شاة لفقراء الحرم على التخيير ، ومن فعل ذلك ناسيا أو جاهلا فلا شيء عليه ولا فدية ويلزمه الترك إذا علم . 2 - من أتى محظورا متعمدا دون حاجة فهو آثم ، وفديته الآتي بيانه : * النكاح قبل التحلل / بدنة ( بعير ) . * إزالة الشعر والظفر ، والطيب ، والشهوة دون جماع ، ولبس القفازين ، وانتقاب المرأة ، ولبس المخيط ( اللباس المفصل ) ، وتغطية الرأس / صيام ثلاثة أيام متوالية أو متفرقة ، أو ذبح شاة مما يجزئ في الأضحية أو سبع بقرة أو بدنة ويفرق لحمها على الفقراء ولا يأكل من شيئا ، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام . *وقتل الصيد جزاؤه أو ما يقوم مقامه ، وله تفصيله ليس هذا موضعه . 3 - يستحب الشرب من زمزم والتضلع منه أي شدة الارتواء بدون إيذاء النفس ، فماء زمزم ماء مبارك ، وهو خير ماء على وجه الأرض ، وقد روى مسلم (2473) والطيالسي (459) ) : عن أبي ذر رضي الله عنه عن رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) : ( إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ ، وَهِيَ طَعَامُ طُعْمٍ ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ ) ، وروى ابن ماجة (3062) وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ماء زمزم لما شرب له( ، صححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" وغيره ، وتكفي النية في الطلب والسؤال عند شرب زمزم فهو الأصل في الدعاء ، لكن إن تلفظ بالدعاء ليسمع نفسه ، أو : بصوت قليل فلابأس .
4 - يستحب ( الاشتراط ) للمريض أو من خاف وظن عدم إتمامه النسك لعذر عنده أو عندها ، وذلك أن يقول أو تقول عند التلبية : ( وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) ، فإن حصل شيء أحل ولا شيء عليه أو عليها ، أما من لا يخاف فليس الاشتراط في حقه .
5 - السنة عدم تكرار العمرة للنفس أو للغير في السفر الواحد ، وعده البعض بدعة ، لكن قد يجوز ذلك لمن أتى من بلد بعيدة ويصعب عليه الرجوع مرة أخرى ، لكن يجعل بين الواحدة والأخرى مدة لينبت له شعر يقيم عليه النسك الجديدة ، ويلزمه حينئذ أن يخرج إلى أدنى حل له ، فيحرم منه بالعمرة الأخرى .
( نصائح ، وأجوبة أسئلة يكثر السؤال عنها )
(1 - أكثر من الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، فالأجر مضاعف لصلاة الفريضة والنافلة ، والأفضل في الأجر أن تُصَلَّى صلاة النافلة في البيت أو في المكان النازل فيه المعتمر ، اللهم إلا إن كان يسن لها الاجتماع في المسجد كصلاة الكسوف ، أو ثبت الترغيب بأدائها في المسجد مثل التنفل قبل صلاة الجمعة ، وقد ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله ، واستمر في الإكثار من الطاعات بعد إتمام عمرتك ، وأكثر كذلك من الطواف فهو عبادة وعدد الطوفات غير مقيد . * والصلاة في الروضة الشريفة أفضل من أي مكان في المسجد إلا المكتوبة فإنها في الصف الأول ولو كان خارج الروضة بأفضل منها في الروضة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي" الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، وعن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين آثمة عند منبري فليتبوأ مقعده من النار ولو على سواك أخضر". 2 - لا يجوز للمحرم لبس الخف ولا الحذاء الساتر للكعبين ( النتوءين على جانبي القدم ) والعقبين ( كعب القدم ) ، ويلبس النعلين الذين ينكشف منهما ظهر القدم والعقبين والكعبين .
3 - المرأة التي لا تجد محرماً تسافر معه لا يجب عليها الحج ولا العمرة ، وهي معذورة في ترك ذلك ، ويحرم عليها السفر للحج أو لغيره من غير محرم ، وعليها أن تصبر حتى ييسر الله أحد محارمها ليسافر معها . 4 - المرأة إن حاضت قبل الطواف وهي محرمة ، ومحرمها مضطر للسفر فوراً وليس لها محرم ولا زوج بمكة ، سقط عنها شرط الطهارة من الحيض لدخول المسجد وللطواف للضرورة ، فتستثفر وتطوف وتسعى لعمرتها ، إلا إنْ تيسر لها أن تسافر وتعود مع زوج أو محرم ، لقرب المسافة ويسر المؤونة فتسافر وتعود فور انقطاع حيضها لتطوف طواف عمرتها وهي متطهرة ، فإن الله تعالى يقول : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) . وقال : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) . وقال : ( وما جعل عليكم في الدين من حرجٍ) ، وقال : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم ) إلى غير ذلك من نصوص التيسير ورفع الحرج ، وقد أفتى بما ذكرنا جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (2/238 ) .
ق / وعليه فإن حاضت وهي تعلم أيام عادتها وأنها لم تتمكن من عمرتها قبل سفرها ، اعتمرت .
5 - لا يجوز التلفظ بالنية في العمرة ولا في الحج بل ذلك بدعة ، أما ما يتلفظ به ويرفع الرجال أصواتهم به ويسن الإكثار منه فهو التلبية وليست النية ، فلا يجوز التلفظ بقول : ( نويت العمرة ) ، والنية محلها القلب .
6 - الأفضل للإنسان الذي أتى معتمراً أن يبدأ قبل كل شيء بالعمرة ، حتى قبل أن يذهب إلى بيته ، ويبتدئ بالعمرة لأنها هي المقصودة ، ولكنه إذا أخرها ، ولا سيما عند التعب ، حتى يستريح : فلا حرج عليه في ذلك ، وعمرته تامة .
7 - يجوز للإنسان أن يحج أو يعتمر عن غيره بشرط أن يكون قد حج واعتمر عن نفسه ، والحج والعمرة عن الغير لا يشترط فيهما ذكر اسم الشخص المنوي عنه الحج أو العمرة ، ولا التلفظ بذلك ، بل تكفي النية عنه ، والنية محلها القلب .
8 - يجوز للمعتمر إذا طاف وسعى أن يؤخر الحلق أو التقصير ، بشرط أن لا يقرب محظورا من محظورات الإحرام ، كتغطية الرأس والتطيب وتقليم الأظافر وغير ذلك من المحظورات إلى أن يتحلل من عمرته بالحلق أو التقصير .
9 - من مر بالميقات مريدا العمرة وجب عليه الإحرام إذا مر به ، إن مرَّ مريد الحج والعمرة على الميقات دون أن ينوي الإحرام منه : فإنه يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي مرَّ عليه ليحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم من مكانه فإنه يلزمه – على قول جمهور العلماء – ذبح شاة في مكة وتوزيعها على مساكين الحرم ، فإن لم يجد فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، وإن خاف المرور بالميقات دون الإحرام لسرعة الطائرة أو لغيره أحرم من قبل ولا شيء عليه . 10 - لا يشترط في الإحرام والسعي الطهارةُ من الحيض ، والحائض تحرم بالعمرة من الميقات ، وتنتظر إلى الطهر ولا يجوز لها لا تقديم السعي ولا التقصير على الطواف على الراجح ، وإن فعلت أعادت بعد الطهر ، ولا تقاس العمرة على الحج في ذلك / ابن عثيمين وغيره .
11 - الحلق أو التقصير من واجبات العمرة ، ومن نسيه أتى به عند تذكره ، فإن فعل قبل ذلك شيئا من المحظورات جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه ، على الراجح من كلام أهل العلم .
12- لا يجوز للرجل المحرم أن يلبس الجوربين ، أما المرأة فيجوز لها ذلك .
13 - طواف الوداع في حق المعتمر بين الوجوب والاستحباب ، والأرجح الاستحباب .
14 - ليست زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة ، و لكن إذا أردت السفر إلى المدينة من أجل الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم ؛ فذلك سنة . وإذا دخلت مسجده فابدأ بالصلاة ثم ائت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقل ) : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، وصلى الله عليك وعلى آلك وأصحابك ) ، وأكثر من الصلاة والسلام عليه لما ثبت من قوله عليه الصلاة والسلام : " وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ") رواه أبوداود (2042) ، ثم سلِّم على أبي بكر وعمر وترضَّ عنهما ، ولا تتمسح بالقبر ، ولا تدعُ عنده ، بل انصرف وادع الله حيث شئت من المسجد وغيره ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "َ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى " رواه الإمام أحمد (1751) والبخاري (1189) ومسلم (1397) .
15 - زيارة القبور سنة في كل مكان ، ولاسيما زيارة البقيع التي دُفن فيه كثير من الصحابة رضي الله عنهم ، ومنهم أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وقبره هناك معروف ، وكذلك يـُسنُّ أن يخرج إلى أُحد ليزور قبور الشهداء هنالك ، ومنهم حمزة بن عبد المطلب ، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك ينبغي أن يزور مسجد قباء ، يخرج متطهرا فيصلي فيه ركعتين فإن في ذلك فضلا عظيما، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " صلاة في مسجد قباء كعمرة " صحيح الترغيب 1180 .
16 - ليس هناك شيء يـُزار في المدينة سوى هذه : زيارة المسجد النبوي ، وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وزيارة البقيع ، وزيارة شهداء أحد ، وزيارة مسجد قباء ، لكن لا تقصد بالسفر - ويقصد المسجد الحرام والمسجد النبوي - وما عدا ذلك من المزارات كالمساجد السبعة ومسجد الغمامة فإنه لا أصل له وزيارتها بقصد التعبد لله بدعة ؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز لأحد أن يُثبت لزمان أو مكان أو عمل أن فعله أو قصده قُربة إلا بدليل من الشرع . 17 – حديث تحية المسجد الحرام الطواف ليس له أصل ، وعليه فتحية المسجد الحرام كغيره من المساجد صلاة ركعتين ، لكن إن كان ناويا العمرة بدأ بالطواف وهو على كل حال سيصلي ركعتين بعده فيسقطان ركعتا تحية المسجد . 18 – لا تصلى الفريضة في الحجر على الراجح لكن إن كانت نافلة جاز ؛ لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك . 19 - الملتزم : هو من الكعبة المشرَّفة ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة ، ومعنى التزامه أي : وضع الداعي صدره ووجهه وذراعيه وكفيه عليه ودعاء الله تعالى بما تيسر له مما يشاء ، فليس هناك دعاء معين يدعوه المسلم في ذلك المكان ، وله أن يلتزمه عند دخوله الكعبة ( إن تيسَّر له دخولها ) ، وله أن يفعله قبل طواف الوداع ، وله أن يفعله في أي وقت شاء ، وينبغي للداعي أن لا يضيِّق على غيره فيطيل الدعاء ، كما لا يجوز مزاحمة الناس وأذيتهم من أجله ، فإن رأى فسحة ومجالاً دعا وإلا فيكفيه الدعاء في الطواف وسجود الصلاة . 20 - ما يذكره كثير من الناس من دعاء معيَّن تحت الميزاب ونحو ذلك : فلا أصل له . 21 – لم يصح حديث فيما يقال عند رؤية البيت الحرام . 22 - يصح الحج والعمرة من الصبي المميز وغير المميز في قول جمهور العلماء ، بل حُكي الإجماع على ذلك .
وصفة العمرة للصبي غير المميز وهو من دون السابعة ، أن ينوي عنه وليه ، بعد أن يلبسه الإحرام ويجنبه المحظورات ، فينوي أن الصبي صار محرما وكذلك ينوي له الطواف والسعي ، وله أن يحمله فيهما ، والأفضل في حال حمله أن يطوف لنفسه ، ثم يطوف للصبي ، وإن اكتفى بطواف واحد أجزأ عنهما على الراجح ، حيث صح الإحرام بالصبي فإن الولي هو المسئول عنه ، فيلبسه الثياب ويعقد عليه إحرامه وينوي عنه النسك ويلبي عنه ويمسك بيده في الطواف والسعي ، فإن كان عاجزاً كصغير أو رضيع فلا بأس بحمله ، ويكتفي بطواف واحد عن الحامل والمحمول على الصحيح ، فإن فعل الصبي محظوراً عن جهل كلبس أو تغطية رأس فلا فدية لعدم القصد فإن كان عمداً كحاجة إلى اللباس لبرد ونحوه فدى عنه وليه " انتهى من "فتاوى إسلامية" (2/182) ، فإذا طاف الصبي وسعى ، بقي الحلق أو التقصير ، والأفضل الحلق لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة . رواه مسلم (1303) ، إلا أن يخشى عليه من البرد ونحوه فيكتفي بالتقصير ، ويجب أن يكون التقصير من جميع الرأس ، كما هو مذهب مالك وأحمد رحمهما الله . 23 - أنه لا يجوز الحج ولا العمرة عن أحد من الأحياء القادر على فعلهما ، وأما العاجز فإن كان ذلك في الفريضة فهو جائز ، وأما في النافلة فهو موضع خلاف بين العلماء .
24 – الراجح في مسافة السفر هو ما جرى العرف بأنه سفر ، والمسافر يقصر الصلاة الرباعية – وجوبا أو استحبابا علا خلاف - فيصليها ركعتين ، وذلك إن نوى الإقامة ثلاثة أيام فما دون ذلك ، أو أقام أكثر من ذلك دون نيته ، ويتم إن صلى خلف إمام يتم ولو كان مسبوقا ، ويجمع الصلاة الظهر مع العصر والعصر مع الظهر استحبابا في حق السائر في طريق السفر ، أو نزل نزولا قصيرا للراحة مثلا – ترانزيت - ، ويجوز له الجمع أيضا إن وصل إلى المكان الذي سافر إليه واستقر فيه لكن ذلك خلاف الأولى وخلاف السنة ، وليس السفر مبررا لترك الجماعة ، وإن كان بالطائرة وخاف خروج وقتي الصلاتين المجموعتين ، صلاهما بالطائرة قصرا ، بأن يقف مستقبلا القبلة ، ويركع ويسجد فيها ، فإن لم يتمكن لضيق المكان والمقعد بالطائرة قعد عند الركوع وأومأ به ، وزاد الإيماء عند السجود ، وهذا كله في الفريضة، أما النافلة فلا يجب فيها استقبال القبلة حالة كونه في الطائرة والسيارة أو على الدابة ؛ لأنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان في سفره يصلي النافلة وهو على بعيره إلى جهة سيره .
أما من أراد الجمع في المطار قبل الركوب تقديما فله ذلك إن كان المطار في مسافة السفر ، أما إن لم يكن في مسافة السفر فجائز أيضا لكنه خلاف الأولى ، إلا أن تكون هناك مشقة أو حرج .
25 - عند السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره لا ترفع اليد إشارة بالسلام ويكون ذلك باللفظ فقط مع التزام الأدب وخفض الصوت .
26 - عند الذهاب لزيارة شهداء أحد لا ينبغي الانشغال عن الدعاء لهم بالمأثور من قول : ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لا حقون ونسأل الله لنا ولكم العافية ) ، والمشروع هو زيارتهم ةالدعاء لهم وكذلك في البقيع ، أما التمسح أو التماسهم والتعلق بهم في الدعاء أو التبرك فغير مشروع وشرك إما أصغر أو أكبر ، وأما الصعود على جبل الرماة أو غيره فغير مشروع وبدعة إن كان بنية التعبد ، وإن كان لحب النظر والاستطلاع فليس فيه شيء والأولى تركه حتى لا يكون ذريعة لغير مشروع ، أو حتى لا يشغل عن المطلوب من الزيارة .