أنت قنوعة ؟ .. إذن أنت جميلة


فداء البديوي


تطير إلى مسامعي ـ أغلب الأحيان ـ بعض الكلمات التي تقول: "تدويرة وجه (فلانة..) وفمها جميلان، لكن أنفها كبير، وعينيها صغيرتان".. وكثير من المرات أشاهد إحداهن تحدق في المرآة لساعات طوال، مجهدة نفسها.. بحثاً عن شيء لا يعجبها في وجهها..
تأثرت بهن فبدأت أنظر إلى نفسي في المرآة (شكل وجهي.. جبيني.. حاجبيَّ، عينيّ، رموشي.. أنفي.. فمي.. حتى أسناني وأذناي.. لم أكف عن مراقبتهم أيضاً، حتى أعضاء جسمي كلها "الحمد لله" الوضع مستقر، وكل شيء في مكانه، لكن المصيبة تكمن لدينا في (قناعتنا الفقيرة) تلك التي تصرّ وبشدة على أن تكون ملامحنا كاملة الحسن، وإلا فلا وجود للجمال في وجه إحدانا..
ترى ما الذي يجعلنا لا نرضى بملامحنا إلى أن نرسم لوحة فنية تخفي وراءها شكلنا الحقيقي الذي لا يتطلَّب سوى لمسات خفيفة جداً، وإن اضطرتنا المناسبات أكملنا بقية اللمسات بشرط أن تكون مناسبة لوجه كل واحدة منَّا!!
في كل سنة أو سنتين.. تطالعنا أحد "الموضات" بقرار تؤكد فيه أنَّ الجمال في المدَّة الفلانية هو (الفم الكبير)، وأخرى بأنَّ لون الشعر أحمر (لا تغيير فيه) أو العين بهذا الرسم، أو الحواجب على شكل (ثمانية أو خيط "كما يقولون")، أو.... أو....، إضافة إلى الكثير ممَّا شاهدناه وسنشاهده مستقبلاً ـ والله أعلم ـ لتخفيض نسبة "القناعة" لدينا، ونبدأ بالاستعداد للركض يميناً وشمالاً.. لأننا لا نثق بملامحنا التي خلقنا الله بها ـ وهو أعلم بما هو أليق علينا، وما لا يناسبنا ـ لكننا ننسى ذلك أحياناً ونصدق بأنَّ لا شيء فينا جميل أبداً.
لماذا؟؟! لماذا لا نرفع نسبة هذه "القناعة الفقيرة" لتزداد أكثر وتصبح "قناعات غنيَّة"؟!! ولماذا لا نحمد الله على صفة أو صفتين جميلة في ملامحنا ـ يمكنها أن تجعل الواحدة منَّا جذَّابة بمعنى.. مملوحة ـ أكثر من بعض الجميلات اللاتي يحملن رسوماً دقيقة ومتناسقة، لكن لا شيء يشدّ إلى ملامحها؟!!
هلا.. اكتفينا يوماً.. بأن نقول: (عيوني جميلة.. والحمد لله)؟!