مشكلة كل بيت.. أطفالي يتشاجرون .. ماذا أفعل؟


سحر فؤاد


معظم الإخوة من الأطفال يتشاحنون ويتخاصمون في بعض الأحيان؛ إذ يتنازعون على أغراضهم الشخصية أو المكان على الأريكة، أو على الوقت الذي يقضونه في الحمام وهكذا. الشجار من الأشياء التي لا بد منها في العلاقات بين الإخوة؛ ففي بعض الأيام يتنافس الإخوة ويتنازعون، وفي أخرى يتصادقون ويتحابون، ومن أهم أسباب التشاجر بين الأخوة: الغيرة، والشعور بالنقص، والشعور باضطهاد الكبار، وانشغال الأبوين عن الأطفال.
كما أنَّ بعض الأطفال من البنين يحاولون السيطرة على البنات، وقد يعاير الأطفال بعضهم بعضاً بشكل الجسم، أو قصره، أو ضخامته.. فيتشاجرون، وكثيراً ما يتشاجر الأطفال لامتلاك بعض اللعب.
والجانب الإيجابي في تنافس الإخوة أنه يعطي الأطفال الفرصة ليتعلموا كيف يأخذون ويعطون ويتقاسمون الأشياء وأن يدافعوا عن حقوقهم. والشجار بين الأطفال لا يكاد يخلو منه بيت من البيوت، وكثيراً ما يستمتع الأخوة وهم يتشاجرون مع بعضهم البعض، فهم يتعرَّفون من خلال تلك المناوشات على إمكاناتهم ونقاط الضعف والقوة عندهم، وهم يجرِّبون نشوة الإثارة والانتصار.
غير أن تلك المشاجرات تثير أعصاب الأبوين، اللذين يصابان بالصدمة حين يعجزان عن منعها تلك المشاجرات، حتى إنَّ بعض الآباء يشكُّ في قدرته على التربية، ويسائل نفسه: كيف لا يستطيع تربية أبنائه من دون شجار ولا خصومات؟!
وينبغي البدء أولاً بدراسة حالة الطفل الصحية، فقد يكون سبب سرعة الغضب أو التشاجر اختلالاً في إفرازات الغدَّة الدرقية، أو سوء التغذية أو غيرها من الأسباب.
ضعي لهم قاعدة سلوكية بقولك: "عليكم أن تسووا خلافاتكم، ولكن دون ضرب أو دون إتلاف أشياء الغير، أو التنابز بالألقاب". وكلما تدخلت بينهم كثرت نداءاتهم لك طلباً للتدخل، وعليك أن تبقي بعيدة محايدة قدر الإمكان طالما إن الخلافات بينهم تدور بشكل شفهي، فالطفل بحاجة إلى أن يتعلم كيف يتناقش مع الآخرين إلى أن يتوصل إلى حل مشترك، وتأتي هذه الخبرة من خلال المشاحنات بين الإخوة والقرناء باستثناء من كانت أعمارهم أقل من عامين أو ثلاثة، وكان أحدهم يميل بطبعه إلى العنف والعدوانية؛ ذلك أن الأطفال في هذه السن لايدركون الخطر الكامن في الشجار؛ لذا تجب مراقبتهم عن كثب.
إذا وصل التشاحن بين الطفلين إلى حد الإزعاج أو أعاقك عن التفكير فاذهبي إليهما وقولي: "لا أريد أن أسمع تشاحنكما، عليكما تسوية خلافاتكما بهدوء أو تشاجرا في مكان آخر"، وإذا لم تجدي منهما استجابة فخذيهما إلى القبو أو خارج المنزل، أو اعزلي كل منهما في حجرة منفصلة بمفرده لفترة مؤقتة، وإذا كان نزاعهما حول شيء معين مثل التلفزيون فأبعديه عنهما، وإذا تشاجرا على الجلوس في المقعد الأمامي بالسيارة فضعيهما سوياً في المقعد الخلفي، وإذا كان التشاجر على الذهاب إلى مكان معين فاحرميهما سوياً من الذهاب.
حاولي أن تمنعي الأطفال من الاستعانة بك لتسوية خلافاتهم، ذكريهم ثانية بأن عليهم أن يحلّوها بأنفسهم، أما إذا تحتّم التدخل فحاولي أن تساعديهم بتوضيح الأمر الذي يتشاجرون عليه، ومن أجل ذلك حاولي أن تعلميهم كيفية الإصغاء بصورة أفضل؛ وأن تشجعي كل طفل على أن يصف المشكلة في دقيقة أو دقيقتين دون أن يقاطعه الآخر، فإذا ظل كل منهم غير قادر على فهم ملابسات الأمر فأعيدي صياغة المشكلة لهما، وما لم يكن من الواضح أيهما الجاني فلا تحاولي أن تحددي أيهما يقع عليه اللوم؛ ومن الذي بدأ بالاعتداء؛ ومن المحقّ، فالاستجواب في مثل هذه الأمور قد يعود بنتائج عكسية؛ لأنه قد يجعل كل منهما يبالغ في أقواله أو حتى يكذب، ولا تفرضي عليهما أيضا أي حل معين؛ فطالما أنها مشكلتهما فدعيهما يجدا الحل بأنفسهما ما أمكن ذلك.
يجب معاقبة كلا الطفلين على ذلك، وإذا ألحق كل منهما الضرر بالآخر فيجب أن تحبسيهما كل على حدة لفترة مؤقتة؛ بصرف النظر عن أيهما شاهدته يضرب الآخر؛ فقد لا يكون هو الذي بدأ بالاعتداء أو استفز الطفل الآخر، أما السخرية من الناس أو تعييرهم فهو يجرح مشاعرهم؛ لذا يجب عدم السماح به (مثلاً تلقيب الطفل الذي يكون ضعيفا في المدرسة "بـ "الغبي"، أو الطفل الذي يعاني مشكلة التبول في الفراش بـ"كريه الرائحة")، ويجب عدم السماح مطلقاً بمثل هذه التعليقات؛ لأن لها تأثيراً خطيراً على ثقة الطفل واعتداده بنفسه.
عندما يتشاجر الأطفال على بعض اللعب التي تخص أحدهم فأعيديها إليه، فعلى الرغم من أنه ليس من الضروري أن يتقاسم الأطفال أو يتبادلوا أشياءهم إلا أنه يجب أن توضحي لهم أن المشاركة تفيدهم جميعاً، أما في الألعاب التي تخص العائلة بأسرها (مثل ألعاب الفيديو أو ألعاب اللوحة) فلا بد أن يتعلموا اللعب بها بالتناوب وأن يشتركوا باللعب مع من يأتيهم من الأصدقاء؛ فالطفل بحاجة لتعوّد المشاركة؛ كي يكتسب بذلك الأصدقاء ويتعايش مع الآخرين في المدرسة، وغالبا ما يتطفل الإخوة الصغار ويفرضون أنفسهم على أصدقاء إخوتهم الأكبر سناً ليلعبوا معهم؛ لذا فلابد أن توفري للطفل الأصغر رفيقاً يلعب معه، أو أن تشغليه بشيء يفعله عندما يكون أخوه الأكبر مشغولاً مع صديقه، كما يجب الحفاظ أيضاً على وقت مذاكرة الطفل من الإزعاج والمقاطعة، ومن المفيد تخصيص غرفة خاصة للمذاكرة.
إذا كنت في أحد الأسواق أو المطاعم أو غيرها من الأماكن العامة؛ وبدأ أطفالك في التشاجر فيجب أن توقفيهم في الحال حتى لا يزعجوا الآخرين، أما إذا استمر الشجار بينهم فيجب أن تفصليهم عن بعضهم بالجلوس بينهم، وإذا لم تجدِ هذه الطريقة فأخرجيهم مؤقتاً من المكان لمدة دقيقتين أو ثلاث دقائق، أما إذا كان الأطفال أكبر من أربع أو خمس سنوات من العمر فأنذريهم بأنهم إن لم يتوقفوا عن الشجار فسوف تحبسينهم لمدة نصف ساعة بعد عودتكم إلى المنزل؛ وفي بعض الأحيان قد تضطرين إلى مغادرة المكان والعودة بهم إلى المنزل.
من المهم أن يكون العقاب جماعياً عند التشاجر أو المشاحنة، فيجب أن يتجنب الآباء الخرافة القائلة بأن النزاع يبدأ دائما من الأخ وليس من الأخت، أومن الأخ الأكبر وليس من الأصغر، أومن الطفل المثير للمشاكل، ولسوف يحتدم التنافس بين الأطفال إذا تحيز الوالدان لأحدهم، فلا تتحيزي لأحدهم ولا تقارني بينهم ولا تقسّميهم إلى سيئ وحسن، ولا تصغي إلى وشاية أي منهما بالآخر، وإذا اشتكى أحد الأطفال من أنك غير منصفة؛ فإما أن تتجاهلي تعليقه؛ وإما أن تعيدي عليه القاعدة السلوكية التي خرقها، وإذا شعرت بالذنب فتذكّري أن ما قمت به من قبيل موازنة الأمور.
امدحي الأطفال على سلوكهم الحسن فيما بينهم وبخاصة لعبهم سويا بطريقة مهذبة متحابة، وامدحيهم مجتمعين بقدر الإمكان، وعليك أن تطري عليهم لمساعدة كل منهم الآخر أو لحل خلافاتهم بأسلوب مهذب.