رسالة إلى الأخوات الداعيات


المحرر المحلي









تعتذر بعض الأخوات عن حضور مجالس العلم والدورات العلمية والمؤتمرات بحجج منها:
عدم تفرغ المرأة بسبب طبيعة عملها في شؤون البيت الكثيرة، فضلاً عن أيام الحمل، ثم الولادة، ثم العناية بالأولاد وتربيتهم.. إلخ.
لم تقم كثير من النساء السلفيات بالتأليف بحجة أن المرأة ترغب في السماع والكلام أكثر من الاتجاه إلى التأليف، وكذلك إهمال كثير من الكتاب والمؤرخين تراجم النساء! وقد يكون أكثر الأسباب في هذا الأمر عدم إلمام الكاتب بالجوانب الكافية لترجمة المرأة التي يكون مبناها على الستر والعفاف، وصعوبة الاستفسار عن أحوالها.
قال عبدالقادر بن بدران (ت1346هـ) في «منادمة الأطلال» (ص 238): من المؤسف أن مؤرخينا لم يعتنوا بتراجم النساء الفاضلات. اهـ.
وسأذكر ما تيسر لي من المؤلفات من النساء ومصنفاتهن لرفع الهمة للقيام بحضور المجالس العلمية المباركة والتأليف، ومن ذلك:
1- بيبي بنت عبدالصمد، أم الفضل الهرثمية الهروية:
ترجم لها الذهبي في سير أعلام النبلاء (403/18) وقال: الشيخة المعمّرة المسندة، روت عن ابن أبي شريح (ت 398هـ) جزءا عاليا واشتهرت به، قال السمعاني: هي من قرية بخشة علي بريد من هراة، صالحة عفيفة، عندها جزء من حديث ابن أبي شريح تفردّت به، سمعه منها عالم لا يحصون، ولدت في حدود سنة 380، ثم قال: وماتت في حدود سنة 475هـ. قلت (الذهبي): عاشت إلى سنة 477هـ، وماتت في عشر المئة. اهـ.
وطبع كتابها بعنوان: «جزء بيبي بنت عبدالصمد الهروية الهرثمية» بتحقيق عبدالرحمن الفريوائي في دار الخلفاء للكتاب الإسلامي/الكويت.
2- حفصة بنت سيرين:
هي أخت التابعي الجليل محمد بن سيرين، وكانت ثقة عالمة فقيهة عابدة من سيدات التابعين.
قرأت القرآن وهي بنت اثنتي عشرة سنة وعاشت سبعين سنة، وكان أخوها محمد إذا أشكل عليه شيء من القرآن سألها، وذكر مهدي بن ميمون أنها مكثت في مصلاها ثلاثين سنة لا تخرج إلا للقائلة أو لقضاء حاجة، وتوفيت بعد سنة مائة رحمها الله، وحديثها مروي في الصحاح والسنن.
للتوسع في أخبارها يراجع: «تهذيب الكمال» للمزي (35/151) وسير أعلام النبلاء للذهبي (4/507).
3- أمة اللطيف بنت عبدالرحمن الناصح الحنبلي:
ترجم لها ابن كثير في «البداية والنهاية» (13/143)، فقال: الشيخة الصالحة العالمة، وكانت فاضلة، ولها تصانيف، وهي التي أرشدت ربيعة خاتون أخت السلطان صلاح الدين إلى وقف المدرسة بسفح قاسيون على الحنابلة، ووقفت أمة اللطيف على الحنابلة مدرسة أخرى وهي الآن شرقي الرباط الناصري، ثم لما ماتت الخاتون وقعت العالمة بالمصادرات وحبست مدة ثم أفرج عنها، وتزوجها الأشرف صاحب حمص، وسافرت معه إلى الرحبة وتل راشد، ثم توفيت في سنة 653، ووجد لها بدمشق ذخائر كثيرة وجواهر ثمينة، تقارب 60 ألف درهم، غير الأملاك والأوقاف، رحمها الله تعالى.
وترجم لها عبدالقادر ابن بدران في «منادمة الأطلال» (ص238) فقال: لم أظفر لهذه الفاضلة إلا بما ذكره بن شقدة في «مختصر الشذرات»، فإنه قال: وفي تربة بني الشيرازي دفنت أمة اللطيف صاحبة التصانيف، من جملتها: كتاب «التسديد في شهادة التوحيد»، وكتاب: «بر الوالدين»، وأنشأت دارا بالقرب من هذه التربة، ومنقوش اسمها واسم والدها الشيخ عبدالرحمن على أسكفة أحد أبوابها، وجعلت هذه الدار دار حديث، وتوفيت في رجب سنة نيف وأربعين وستمئة.اهـ. «والعجيب أن محمد يوسف ذكر منادمة الأطلال» ضمن مصادر ترجمتها إلا أنه قال: إن كل مترجميها ذكروا أن لها مصنفات من غير أن يسموا أحدها.
4- أم خولة فخر النساء شهدة محدثة العراق:
حسبها ونسبها:
فخر النساء شهدت بنت أبي نصر أحمد بن الفرج بن عمر الإبري، الدينورية الأصل، البغدادية المولد والوفاة.
والإبري: بكسر الهمزة وفتح الباء الموحدة، هذه النسبة إلى الإبر التي هي جمع إبرة التي يخاط بها، وكان المنسوب إليها يعلمها أو يبيعها.
والدينورية: بكسر الدال المهملة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح النون والواو وفي آخرها راء، هذه النسبة إلى الدينور، وهي بلدة من بلاد الجبل، ينسب إليها جماعة من العلماء.
عاشت في القرن السادس الهجري.
أبوها أبو نصر أحمد بن الفرج بن عمر الدينوري والمعروف بابن الإبري حدث عن أبي الغنائم بن المأمون وأبي يعلى بن الفراء وغيرهما.
فضائلها وغزارة علمها:
هي الكاتبة فخر النساء ومسندة العراق كانت ذات دين وورع وعبادة، أسمعها أبوها الكثير، وصارت مسندة العراق.
كانت دينة عابدة صالحة، وكانت ذات بر وخير.
وكتبت الخط المنسوب على طريقة الكاتبة بنت الأقرع، وما كان في زمانها من يكتب مثلها.
وفي «وفيات الأعيان» لابن خلكان في ترجمها: كانت من العلماء وكتبت الخط الجيد وسمع عليها خلق كثير، وكان لها السماع العالي ألحقت فيه الأصاغر بالأكابر واشتهر ذكرها وبعد صيتها.
لقبت بالشيخة العالمة، وبالشيخة الصالحة الكاتبة والكاتبة المسندة.
سمعت من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وأبي عبدالله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي وطراد بن محمد الزينبي وغيرهم مثل أبي الحسن علي بن الحسين بن أيوب وأبي الحسين أحمد بن عبدالقادر بن يوسف وفخر الإسلام أبي بكر محمد بن أحمد الشاشي.
وسمع منها الرجال والنساء، ومنهم الشيخ الإمام المقرئ الفقيه المحدث مسند بغداد أبو إسحق، وأبو محمد إبراهيم بن محمود بن سالم بن مهدي البغدادي.
وكانت تجيز الرجال ومنهم الإمام العدل المحدث ظهير الدين، ويلقب بالقاضي المكرم، أبو المعالي عبدالرحمن بن علي بن عثمان بن يوسف المخزومي المغيري المصري.
وفاتها:
عاشت كثيرا وعمرت وكانت وفاتها في محرم سنة أربع وسبعين وخمسمئة، ودفنت بباب أبرز وقد نيفت على تسعين سنة من عمرها رحمها الله تعالى.

المراجع:
نزهة الجلساء في أشعار النساء.
الأموال للقاسم بن سلام.
سير أعلام النبلاء.
نفسير القرطبي.
وفيات الأعيان.
إكمال الكمال.
عون المعبود.

نسأل الله التوفيق والسداد للجميع.