والحاصل أيها الأفاضل :
أن عائشة رضي الله عنها لا تعلم بالحديث ولذلك خالفته، وقد إلتمس لها أبو بكر رضي الله عنه العذر في ذلك ، وبنى قوله على مقتضى التصديق بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من جر ثوبه خيلاء ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة " . حينما قال : " أما تعلمين " وأن تقدير كلامه : أن الله لا ينظر إليك الآن إن كنت تعلمين بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جر الثوب خيلاء وفعلت ذلك تعمدا للمخالفة .
قلت : وهذا محال في حقها لما سبق من الأسباب والاعتبارت السابقة.
وأن لحوق الوعيد للمخالف لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام يجب التصديق به بشكلا عام مطلق ، ولا يجوز وصف من إلتبس بهذه المخالفة من المعينين بمقتضاه ، لأن هذا غيب مطلق لا يعلمه إلا الله ، هذا من جهة .
ومن جهة ثانية: لأنه لا ينطبق عليه مقتضاه إلا إذا قام به سببه ، وتوفرت فيه جميع شروطه ، وزالت كل موانعه.
وقد تتوفر كل هذه الأمور في شخص ، ويتخلف الوعيد لتوبة ، أو استغفار ، أو حسنات ماحية ، أو بمحض عفو الله تعالى ورحمته بعباده.
وهذا مقتضى الجمع بين النصوص الشرعية ، وعمل السلف الصالح رضي الله عنهم.
وهذا ما توصلت إليه من نتائج في هذا الحديث ، أسأل الله عز وجل أن يجازيكم خير الجزاء على ما قدمتم وأفدتم لإغناء هذا الموضوع، والوصول إلى الحق فيه، وأسأل الله تبارك وتعالى أن أكون قد وفقت للصواب، فما كان من صواب فمن الله تعالى ، وما كان فيه من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان ، وأستغفر الله وأتوب إليه منه حيا وميتا.والحمد لله رب العالمين.
والله تعالى أعلم.
أبو آدم البيضاوي
13 جمادى الثانية 1440 هجرية
المغرب.