تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ

    إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ
    مفارقة الكفر و بلاد الكفر أو مفارقة الأشرار أو مفارقة الأعمال السيئة والخصال المذمومة. من ملة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حيث قال: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات:99] أي مهاجر من أرض الكفر إلى الإيمان، وقد هاجر عليه الصلاة والسلام ببعض ذريته إلى الشام حيث البلاد المقدسة والمسجد الأقصى، والبعض الآخر إلى بلاد الحجاز حيث البلد الحرام والبيت العتيق، كما جاء في دعائه لربه: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} [إبراهيم:37]. والهجرة من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم حيث أمر الصحابة بالهجرة إلى الحبشة لمّا اشتد عليهم الأذى من الكفار في مكة فخرجوا إلى أرض الحبشة مرتين فراراً بدينهم، وبقى النبي صلى الله عليه وسلم في مكة يدعو إلى الله ويلاقي من الناس أشد الأذى، وهو يقول: {رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً} [الإسراء:80]، فأذن الله له بالهجرة إلى المدينة وأذن لأصحابه بالهجرة إليها، فبادروا إلى ذلك فراراً بدينهم وقد تركوا ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله، وقد أثنى الله عليهم ومدحهم ووعدهم جزيل الأجر والثواب، وصارت الهجرة قرينة الجهاد في كتاب الله عز وجل، وصار المهاجرون أفضل الصحابة حيث فرّوا بدينهم وتركوا أعزّ ما يملكون من الديار والأموال والأقارب والعشيرة، وباعوا ذلك لله عز وجل وفي سبيله وابتغاء مرضاته. وصار ذلك شريعة ثابتة إلى أن تقوم الساعة فقد جاء في الحديث: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها»، فكل من لم يستطع إظهار دينه في بلد فإنه يجب عليه أن ينتقل منها إلى بلد يستطيع فيه إظهار دينه. وقد توعد الله من قدر على الهجرة فلم يهاجر قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِ ينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً} [النساء:97-99]. فهذا وعيد شديد لمن ترك الهجرة بدون عذر، وهذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكناً من إقامة الدين، وأنه ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع وبنص هذه الآية حيث يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} أي يترك الهجرة ................. ومن أنواع الهجرة هجر الكفر والشرك والنفاق وسائر الأعمال السيئة والخصال الذميمة والأخلاق الوخيمة، قال تعالى لنبيه: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر:5]، الرجز: الأصنام. وهجرتها: تركها والبراءة منها ومن أهلها. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه». أي ترك ما نهى الله عنه من الأعمال والأخلاق والأقوال والمآكل والمشارب المحرمة والنظر المحرم والسماع، كل هذه الأمور يجب هجرها والابتعاد عنها. ومن أنواع الهجرة هجر العصاة من الكفار والمشركين والمنافقين والفساق وذلك بالإبتعاد عنهم، قال الله تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [المزمل:10] أي: اصبر على ما يقوله من كَذَّبك من سفهاء قومك: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} [المزمل:10] ومن أعظم أنواع الهجرة هجرة القلوب إلى الله تعالى بإخلاص العباده له في السر والعلانية، حتى لا يقصد المؤمن بقوله وعمله إلا وجه الله، ولا يحب إلا الله ومن يحبه الله، وكذلك الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباعه وتقديم طاعته والعمل بما جاء به. وبالجملة فهذه الهجرة هجرة إلى الكتاب والسنة من الشركيات والبدع والخرافات والمقالات والمذاهب المخالفة للكتاب والسنة. فتبين من هذا أن الهجرة أنواع هي: هجر أمكنة الكفر... وهجر الأشخاص الضالين... وهجر الأعمال والأقوال الباطلة.. وهجر المذاهب والأقوال والآراء المخالفة للكتاب والسنة.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. صالح بن فوزان الفوزان

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ

    الهجرة الحقيقية هي التي يهاجر فيها المؤمن إلى ربه ومولاه بقلبه وجوارحه وحواسه-----قال بن القيم - الهجرة إلى الله ورسوله فهذه هي الهجرة الحقيقية، وهجرة الجسد تابعة لها وهي تتضمن «من» و»إلى»، فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته، ومن عبودية غيره إلى عبوديته، ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه، ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذل والاستكانة له إلى دعائه سبحانه وسؤاله والخضوع له والذل له والاستكانة له، وهذا بعينه معنى الفرار إلى الله كما قال تعالى: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ {50} (الذاريات)، والتوحيد المطلوب من العبد هو الفرار من الله إليه---قال ابن القيم: "ولا يتم الجهاد إلا بالهجرة ولا الهجرة والجهاد إلا بالإيمان والراجون رحمة الله هم الذين قاموا بهذه الثلاثة قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّـهِ ۚ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة:218] وكما أن الإيمان فرض على كل أحد - ففرض عليه هجرتان في كل وقت: هجرة إلى الله عز وجل بالتوحيد والإخلاص والإنابة والتوكل والخوف والرجاء والمحبة والتوبة وهجرة إلى رسوله بالمتابعة والانقياد لأمره والتصديق بخبره وتقديم أمره وخبره على أمر غيره وخبره" (زاد المعاد [3/11-12]).------------------
    قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
    واجعل لقلبك هجرتين ولاتنم---فهما على كل امرئ فرضانِ
    فالهجرة الأولى إلى الرحمن--- بالإخلاص في سر وفي إعلانِ
    فالقصد وجه الله بالأقوال--- والأعمال والطاعات والشكرانِ
    فبذاك ينجو العبد من إشراكه ---ويصير حقا عابد الرحمنِ
    والهجرة الأخرى إلى المبعوث بالحق---- المبين وواضح البرهانِ
    فيدور مع قول الرسول وفعله ---نفيا وإثباتا بلا روغانِِ
    قال الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-:
    الهجرة: ترك الشيء، والمراد هنا بالهجرة:
    ترك الباطل والأنتقال إلى الحق وهي نوعان:
    -هجرة إلى الله.
    -وهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    هجرة إلى الله بالإخلاص والتوحيد، وهجرة إلى الرسول بالاتباع والاقتداء،
    وهذه هجرة القلوب.
    وهناك هجرة الأبدان: وهي الأنتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، فالهجرة هجرتان:
    هجرة بالقلب وهجرة بالبدن،
    فهجرة القلب هي من الكفر إلى الإيمان بالإخلاص لله وإلى رسوله بالاتباع، وهجرة بالبدن من بلاد الكفر إلى بلاد المسلمين فرارا بالدين،
    ولايسلم أحد إلا بهاتين الهجرتين، هجرة إلى الله وهجرة إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم-كما أنه لا يسلم إلا بالهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام.
    من كتاب التعليق المختصر على النونية للعلامة صالح الفوزان (82.81/1--
    والهجرة الأخرى إلى المبعوث بالـ ... إسلام والإيمان والإحسان
    أترون هذي هجرة الأبدان لا ... والله بل هي هجرة الإيمان
    قطع المسافة بالقلوب إليه في ... درك الأصول مع الفروع وذان
    أبدا إليه حكمها لا غيره ... فالحكم ما حكمت به النصان
    يا هجرة طالت مسافتها على ... من خص بالحرمان والخذلان
    يا هجرة طالت مسافتها على ...كسلان منخوب الفؤاد جبان-------------------------------------------------يا هجرة والعبد فوق فراشه ... سبق السعاة لمنزل الرضوان
    ساروا أحث السير وهو فسيره ... سير الدلال وليس بالذملان
    هذا وتنظره أمام الركب كالعـ ... ـلم العظيم يشاف في القيعان
    رفعت له أعلام هاتيك النصو ... ص رؤوسها شابت من النيران
    نار هي النور المبين ولم يكن ... ليراه إلا من له عينان
    مكحولتان بمرود الوحيين لا ... بمراود الآراء والهذيان
    فلذاك شمر نحوها لم يلتفت ... لا عن شمائله ولا أيمان
    يا قوم لو هاجرتم لرأيتم ... أعلام طيبة رؤية بعيان
    ورأيتم ذاك اللواء وتحته الرسـ ... ـل الكرام وعسكر القرآن
    أصحاب بدر والألى قد بايعوا ... أزكى البرية بيعة الرضوان-----------------------------------------------فهما بحكم الحق أولى منهما ... سبحانك اللهم ذا السبحان
    حتى إذا انكشف الغطاء وحصلت ... أعمال هذا الخلق في الميزان
    وإذا انجلى هذا الغبار وصار ميـ ... ـدان السباق تناله العينان
    وبدت على تلك الوجوه سماتها ... وسم المليك القادر الديان
    مبيضة مثل الرياض بجنة ... والسود مثل الفحم للنيران
    فهناك يعلم كل راكب ما تحته ... وهناك يقرع ناجذ الندمان
    وهناك تعلم كل نفس ما الذي ... معها من الأرباح والخسران
    وهناك يعلم مؤثر الآراء والشـ ... ـطحات والهذيان والبطلان
    أي البضائع قد أضاع وما الذي ... منها تعوض في الزمان الفاني
    سبحان رب الخلق قاسم فضله ... والعدل بين الناس بالميزان
    لو شاء كان الناس شيئا واحدا ... ما فيهم من تائه حيران
    لكنه سبحانه يختص بالفضـ ... ـل العظيم خلاصة الإنسان
    وسواهم لا يصلحون لصالح ... كالشوك فهو عمارة النيران

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •