أيتام في حياة آبائهم !!

بقلم: عواطف العبيد



أتعجب من كثرة المشكلات التي تردني من بعض الأخوات ، وشكواهن من تصرفات الأزواج وانشغالهم الدائم عن المنزل والأولاد بأمور قد لا تعود على الإنسان بالنفع الذي يستحق أن يفرط مقابله بمسئولياته، ومن ذلك السهر على شبكات الإنترنت والبقاء خارج المنزل إلى منتصف الليل، فمن الاستراحات والمقاهي إلى لعب الورق وغيره.... إلا أن عجبي يزداد حينما أبحث عن الأسباب وراء هذه الظاهرة وشيوعها بهذا الشكل المزعج، فلا أجد خلفها إلا حب إضاعة الوقت وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية من هؤلاء الأزواج .
فحينما خصص الله سبحانه وتعالى لكل من المرأة والرجل أعمالاً وحدوداً، جعل "القوامة" في يد الرجل ليقود سفينة الحياة نحو شاطئ الأمان ، ويقوم بكل ما تمليه عليه الحياة الزوجية من مسؤوليات وتكاليف، ولا يرى في ذلك حرجا، ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أسوة حسنة، فقد كان في خدمة أهل بيته حتى إذا سمع النداء انشغل عنهم بالصلاة.
هذا هو الفهم العميق للقوامة والمسؤولية ، أمَّا من يخرج كل مساء لإضاعة الوقت والجهد والمال بلا نفع فإنَّه حتماً مفرط ، لم يفهم من القوامة إلا ظاهر اللفظ، فإحضار ما يقتات به الأولاد من طعام أو دواء ، ثم الانصراف عنهم والانشغال بتوافه الأمور لا يعدُّ قوامة ، ولا حفظاً للأمانة التي جعلها الله في عنقه.
فأين هو من زوجة خرجت من بيت أهلها تبحث عن المودة والرحمة، فما وجدت إلا جدران المنزل تبث إليها شكواها، أو جهاز تنتقل بين قنواته ليكتمل الضياع الأسري.!!
وأين هو من ابنه المراهق أو ابنته المراهقة ؟! بل أين هو من ابنه الرضيع أو طفله المريض الذي يحتاج إلى حنانه وعطفه ورعايته بجانب والدته القلقة التي إن أحسنت التصرف - بعد أن ضاقت بها السبل – اتصلت بأهلها للحضور لخدمتها ومعاونتها، فغالباً ما يقوم الزوج بإغلاق جواله حتى لا يزعجه أحد أو يعطله عن سهراته الترفيهية !!
أين هو من فرح أبنائه ومناسباتهم السعيدة ؟! أين هو عند حاجتهم إليه للتعليم والتربية؟! أين هو ليمسح دمعة الحزين ويزيل عناء المتعب ويشارك السعيد أفراحه وآماله؟
ما أصعب أن يعيش الأبناء أيتاما في حياة آبائهم، وما أصعب أن يكبر الإنسان ويبلغ به العمر عتياً ثم يبحث عن أبنائه فلم يجدهم حيث ينشغلون عنه بما كان يشغله عنهم !! فمن يزرع اليوم يحصد غداً، فأحسن الزرع إن كنت عازماً على الحصاد في يوم ما .