تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 89

الموضوع: تحت العشرين

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين - 1168
    الفرقان



    الأُخوَّة الإيمانية من أوثق عُرى الإيمان
    الأُخوة الإيمانية من أوثق عُرى الإيمان، وتحقيقها عبادة من أعظم العبادات، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه -؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ؛ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ» صحيح - رواه أبو داود. فدل على أنَّ مَنْ لم يُحِب لله، ويُبْغِض لله، لم يستكمل الإيمان.
    وقد كَثُرَ التعبير عن المسلم بالأخ في القرآن الكريم، وفي سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى إنَّ الله -تعالى- سمَّى وَلِيَّ القتيل أخًا للقاتل، فقال -سبحانه-: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } (البقرة: 178)، وسمَّى أهلَ الجنة إخوانًا، فقال: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ } (الحجر: 47). وقال -تعالى-: { وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } (الحجرات: 12)، ويقول النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه مسلم.
    لذلك فإنَّ أعظمَ رابطة تَجْمَعُ الناسَ هي رابطة الدِّين، ليس بين المسلمين فحسب، بل بين كُلِّ قومٍ يجمعهم دين واحد، ولكنَّ المسلمين يمتازون عن غيرهم بأنهم على الحق، وأنهم على صراطٍ مستقيمٍ من الله -تعالى-، والمؤمنون إخوةٌ في جميع الأزمان من أوَّلِ الخليقة إلى آخرها، كما قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (الحشر: 10)، وهم إِخوةٌ في جميع أقطار الأرض، وإنْ تباعدت ديارهم، يدعو بعضهم لبعض، ويستغفر بعضهم لبعض، ويُحِبُّ بعضهم بعضًا، ويُعِينُ بعضهم بعضًا على البِرِّ والتقوى، وينصح بعضهم بعضا، ويحترم بعضهم حقوقَ بعض؛ لأنَّ اللهَ رَبَطَ بينهم برابطة الإيمان.
    الأصل في الأُخُوَّة الإيمانية
    قال الله -تعالى- {)قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون} (يوسف 69)، وقال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: «المؤمنُ مرآةُ المؤمنِ والمؤمنُ أخو المؤمنِ يَكفُّ عنهُ ضيعتَه ويحوطُه من ورائِهِ»، فالأصل في الأخوة الإيمانية أن يُذهِب الأخ عن أخيه البؤس والحزن، ويبعث في نفسه الطمأنينة بالود والقرب منه، ويعينه على طاعة الله، وما أجمل الحياة حين تضيق بك الدنيا فتجد فيها أخاً عزيزاً أو صديقاً حميماً يشاركك أحزانك و يُواسيك في همومك! وأجمل من ذلك حين يُقاسمك، الشراكة في العمل الصالح! {اشدد بهِ أزري وأشركهُ في أمري كي نُسبحك كثيراً ونذكرك كثيرا}؛ فالتعاون على البر والتقوى والإعانة على الطاعة والتذكير بالله أجمل معاني الأخوة.
    من صور
    الأخوة عند السلف
    كان السلف مثالاً وقدوة لغيرهم في الأخوة والحب في الله والتعاون على التقوى، ومن هذه النماذج: في كتاب الزهد لأحمد بن حنبل، أن عمر - رضي الله عنه - كان يذكر الأخ من إخوانه بالليل، فيقول: «ما أطولها من ليلة!»؛ فإذا صلى الغداة غدا إليه، فإذا لقيه، التزمه أو اعتنقه.
    مقتضيات الأخوة الإيمانية
    قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-: الأخوة الإيمانية التي رتبها الله -تعالى- في القرآن، ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في السنة يجب أن يكون لها مقتضاها، وهو النصيحة التامة لإخوانك المؤمنين، والقيام بحقوقهم، وأن يكون الأخ المؤمن لك كأنه أخوك من النسب، ولقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم -، حقوق المسلم على أخيه. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْهُ، وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ، وإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
    من حقوق الأخوة الإيمانية
    قال الشيخ صالح الفوزان: من حقوق الأخوة الإيمانية والإسلامية، التعاون بين المسلمين على البر والتقوى، والتعاون على تحصيل مصالحهم ودفع المضار عنهم، قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة:2).
    واجبات الأخوة في الله
    من حقوق الأخوة الإيمانية ما يلي:
    • إعانة أخيك في قضاء الحوائج: قال رَسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ».
    • زيارة أخيك ولا سيما عند المرض: «كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل على مَن يعودُه قال: لا بأسَ، طَهُورٌ إنْ شاءَ اللهُ».
    • إهداء النصيحة لأخيك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ».
    • حفظ عرض أخيك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ»، التماس الأعذار؛ فالتماس الأعذار للإخوان من أفضل الأمور التي يمكن أن يفعلها الإنسان، فكما يقول الناس: التمس لأخيك سبعين عذراً.
    مَثَلُ الأخوة في الله
    قال ابن تيمية -رحمه الله-: مثل الأخوة في الله، كمثل اليد والعين، إذا دمعت العين مسحت اليد دمعها، وإذا تألمت اليد بكت العين لأجلها .

    كيف تعرف ود أخيك؟
    - سئل حكيم: كيف تعرف ود أخيك؟
    فقال: يحمل همي، ويسأل عني، ويسد خللي، ويغفر زللي، ويذكرني بربي .
    فقيل له: وكيف تكافئه؟
    قال: أدعو له بظهر الغيب .

    من قصص الصالحين
    - جاء رجل من السلف الصالح إلى بيت صديق له، فخرج إليه فقال: ما جاء بك؟
    قال: عليّ أربعمائة درهم، فدخل الدار فوزنها، ثم خرج فأعطاه، ثم عاد إلى الدار باكيا، فقالت زوجته: هلا تعللت عليه، إذا كان إعطاؤه يشق عليك؟
    فقال: إنما أبكي لأني لم أتفقد حاله، فاحتاجَ أن يقول ذلك.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشريت – 1169

    الفرقان



    اغتنم خمسًا قبل خمس
    عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يَعِظُه-: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناءكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَراغَكَ قبلَ شُغلِكَ، وحياتَكَ قبلَ موتِكَ».
    هنا يُوصينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوصية من أعظم الوصايا، ويحضُّنا أشدَّ الحضِّ، ويدعونا إلى اغتنام الفرص في زمن المهلة، ويخبرنا أنَّ مَن فرَّطَ في ذلك قد يأتي زمان يتمنَّاه، وقد حيل بينه وبينه، فبعد كل شباب هَرَم، وبعد كل صحة سَقَم، وبعد كل غِنى فقر، وبعد كل فراغ شغل، وبعد كل حياة موت، فمن فرَّط في العمل أيام الشباب لم يدركه في أيام الهَرَمِ، ومَن فرَّط فيه في أوقات الصحة لم يدركه في أوقات السقم، ومَن فرَّط فيه في حالة الغِنى لم يدركه في حالة الفقر، ومَن فرَّط فيه في ساعة الفراغ لم يدركه عند مجيء الشواغل، ومَن فرَّط في العمل في زمن الحياة لم يدركه بعد حيلولة الممات، وعنِ ابنِ عباسٍ -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «نِعمَتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ»؛ رواه البخاري، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قَدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن عُمُرِه فيمَ أفناهُ، وعن عِلْمِه فيمَ فَعَلَ، وعن مالِه مِن أينَ اكتَسَبَه، وفيمَ أنفَقَه، وعن جِسْمِه فيمَ أبْلاه».
    لذا كان لزامًا على كل شابٍّ أن يغتنم هذه الخمس، وأن يعتبر بوصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تذهب هذه الخمس، وقبل أن يأتي يوم يتمنَّى فيه الإنسان أن يقدم لنفسه ما يحب من خير وبِرٍّ وصدقة وتطوُّع، وما يرفع منزلته في الدنيا والآخرة فلا يستطيع.
    الآ داب الشرعية السامية
    التحلي بالآداب الشرعية السامية، والأخلاق النبوية العالية، التي تجمل شخصيتك، وتكسبها التميزَ والتفرد، كالاتصاف بالصدق في الأقوال والأفعال، الذي هو مناط الصلاح، ومآبُ الفلاح، فقد ذكر ربُّنا -عز وجل- في كتابه الحكيم: مُدخَل الصدق، ومُخرَج الصدق، ولسان الصدق، وقَدَمَ الصدق، ومَقعد الصدق، وكأنَّ الصدق يحيط بالمؤمن من كلِّ جانب، فلا مكان للكذب في حياته، ولا موطنَ للتحايل في سلوكه، وقد حثَّ رسولنا - صلى الله عليه وسلم - على ضرورة التنزه عن الكذب وقال: «اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ»، بل جعل الكذب اضطرابًا في الشخصية، ومَجلَبةً للحزن والقلق، فقال: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ»؛ وجعل جزاء المترفع عن الكذب بيتًا في وسط الجنة، فقال: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ».

    الرجوع إلى الحق
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:

    كثيرٌ من الناس ينتصر لنفسه، فإذا قال قولًا، لا يمكن أن يتزحزح عنه، ولو رأى الصواب في خلافه، ولكن هذا خلاف العقل وخلاف الشرع، والواجب أن يرجع الإنسان للحقِّ حيثما وجده، حتى لو خالف قولَه فليرجع إليه، فإن هذا أعزُّ له عند الله، وأعز له عند الناس، وأسلَمُ لذِمَّتِه وأبرأُ ولا يضره، فلا تظنَّ أنك إذا رجعت عن قولك إلى الصواب أن ذلك يضع منزلتك عند الناس؛ بل هذا يرفع منزلتك، ويعرف الناس أنك لا تتبع إلا الحقَّ، أما الذي يعاند ويبقى على ما هو عليه ويرُدُّ الحق، فهذا متكبِّر، والعياذ بالله.
    مواقف مشرقة لشباب
    الصحابة في تحمل المسؤولية
    تميَّز شباب صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحمل المسؤولية، والأعباء، وبتقلد الأمور، وهم في السن المبكرة؛ لأن هذه النفوس الوثابة، كانت تريد فعلاً نصرة الله ورسوله، كانوا يريدون عز الإسلام، وطاعة الرحمن، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأحدهم: «يا زيد، تعلم لي كتاب يهود؛ فإني والله ما آمن يهود على كتابي»، قال زيد: «فتعلمت كتابهم، ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته، وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه، وأجيب عنه إذا كتب»، فهذا تعلم لغة بأكملها، تعلم لغة في خمسة عشر يوماً لحاجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحاجة الإسلام، وهكذا استمرت معه هذه الخصلة ليقال له بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا زيد» لكن القائل أبو بكر هذه المرة، «إنك رجل شاب عاقل، ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتتبع القرآن فاجمعه»، وهكذا يقول زيد، وهو يشعر بثقل هذه المهمة، والعبء الذي كُلفه: «فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن…، فقمت، فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع، والأكتاف والعُسب، وصدور الرجال»، وهكذا كُلِّف زيد - رضي الله عنه - رئاسة اللجنة التي شُكِّلت من الصديق والفاروق لجمع القرآن الكريم، فأيُّ مهمة تلك التي قام بها ذلك الشاب! نفعت أجيال الأمة إلى أن تقوم الساعة، وكانت من أسباب حفظ الله لكتابه.
    عظم أمنيات الصحابة
    شباب الصحابة كانت أمنياتهم تدل على ما فيه نفوسهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لشاب صغير من الصحابة، وهو ربيعة بن كعب الأسلمي: «سل» اطلب ما تريد، فقلت: أسألك مرافقة في الجنة، قال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود».
    فساد الخلق

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كل من يعبد غير الله خُلقه من أفسد الأخلاق، فأين الخُلق في رجل خلقه الله، وأمدَّه بالرزق، وتفضل عليه بالنعمة، وأمده بالعطاء والصحة والعافية، ثم يلجأ إلى غير الله، ويصرف العبادة لغيره ؟! ولهذا فإن فساد الخُلق ملازم للشرك؛ فكل مشرك فاسد الخلق؛ لأن شركه جزء من فساد الأخلاق، بل هو أشنع ما يكون في فساد الأخلاق، فلا يُغتر ببعض المعاملة الحسنة التي يكون عليها بعض الكفار؛ لأنها لمصالح دنيوية ومقاصد آنيَّة، لا يرجون عليها شيئًا عند الله وثوابًا يوم لقاه -سبحانه وتعالى.

    الشباب هو فترة عمرك الذهبية
    الشباب هو فترة عمرك الذهبية التي لا تعوضها فترة، كنت طفلاً لا تستطيع أن تقوم فتمشي، ثم قمت لكن لتحبو، ثم سرت لكن لتسقط، ثم أصبحت فتى تسير تهد الأرض، تسرع في مناكبها، وتمشي في طرقها، وتصنع وتصنع، لكن لا تنس أن لك مثل الأولى، ستعود إن أذن الله شيخاً كبيراً هرماً لا تستطيع الركض، بل لا تمشي إلا على عكاز، ثم قد تعود بعدها لا تمشي إلا حبواً، ثم قد تصير بعد ذلك لا تستطيع الحراك، وقد ترهّلت عضلاتك، وضعفت قوتك، وذهب سمعك وبصرك، تذكّر أخي الشاب أن الشباب وقت البناء الحقيقي، وقتٌ تستغله في طاعة الله، ووقتٌ تستثمره في عبادة الله، وأفضل سنين عمرك، فلا تُضيع الشباب.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشريت – 1170
    الفرقان


    رمضان فرصة للشباب
    أخي الشاب، إن تجار الدنيا لا يألون جهدًا، ولا يدّخرون وسعًا في اغتنام أي فرصة، وسلوك أيِّ سبيل يدرُّ عليهم الربح الكثير، والمكسب الوفير، فلماذا لا تتاجر مع الله؟ فتسابق إلى الطاعات والأعمال الصالحات، لتفوز بالربح الوفير والثواب الجزيل منه -سبحانه وتعالى-، فرمضان من أعظم الفرص التي يجب أن يشمر لها المشمرون، ويعد لها عُدَّتها المتقون، فهو شهر مغفرة الذنوب، والفوز بالجنة، والعتق من النيران، لمن سلم قلبه، واستقامت جوارحه، ولم يُضَيع وقته فيما يضرّ أو فيما لا يفيد.
    فتأمل - أخي الشاب - في الذين أدركهم الموتُ قبل دخول شهر رمضان، فقد انقطعت أعمالهم وطُويت صحائفهم، فلا يستطيعون اكتساب حسنة واحدة، ولا فعل معروف وإن كان يسيرًا، أما أنت فقد مدَّ الله في عمرك حتى أدركت هذا الشهر العظيم، وهيَّأك لاكتساب هذا الثواب وتلك الأجور، وهذا -والله- نعمة كبرى ينبغي شكرها، والثناء على الله -تعالى- بإسدائها.
    واعلم -أخي الحبيب-، أنك إذا قضيت نهار رمضان في النوم، وليله في السهر واللعب، حُرمت أجر الصيام والقيام، وخرجت من الشهر صفر اليدين، فهي -والله- أيام معدودة، وليال مشهودة، ما تُهل علينا إلا وقد آذنت بانصرام، فاجتهد فيها -رحمك الله- بالطاعة والعبادة تفز باللذة والنعيم غدًا، وإياك أن يدركك الشهر وأنت في غفلة، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رغم أنف رجل دخل عليه رمضان، ثم انسلخ قبل أن يغفر له».
    فمتى إذًا؟
    عن جابر بن سمرة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ؛ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ»، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يؤمِّن على دعاء جبريل على من أدرك رمضان ولم يُغفر له، ولا عجب في هذا فرمضان فرصة ثمينة، فيها الرحمة والمغفرة، ودواعيها متيسرة، والأعوان عليها كثيرون، وعوامل الفساد محدودة، ومردة الشياطين مصفَّدون، ولله عتقاء في كل ليلة، وأبواب الجنة مفتحة، وأبواب النيران مغلقة، فمن لم تنله الرحمة مع كل ذلك فمتى تناله إذًا؟!
    نسمات رمضان
    ها هو ذا شهر رمضان يطرق عليك الباب، فأعد ترتيب نفسك، ولملم بقاياك المبعثرة واقترب من أحلامك البعيدة، واكتشف مواطن الخير في داخلك، واهزم نفسك الأمارة بالسوء، وقل لها بقوة: سأكون من الفائزين هذا العام -إن شاء الله.
    ليكن شعارنا: رمضان أولاً
    أقبل علينا شهر الخيرات والبركات، فليكن شعارنا من الآن، رمضان أولاً.
    - رمضان أولاً: فإن أبواب الجنة تفتح في رمضان، وتغلق أبواب الجحيم؛ فكيف تضيع الفرصة؟
    - رمضان أولاً: فالشياطين مُصفَّدة في رمضان؛ فلا حجة لك.
    - رمضان أولاً: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: خاب وخسر، خاب وخسر، خاب وخسر، من أدرك رمضان ولم يغفر له، فلننتبه من اليوم، ولنتخلص من قيود المعاصي، ولنقبل بقلوبنا على نسائم الخيرات
    ركائز نجاح اليوم الرمضاني

    من ركائز نجاح اليوم الرمضاني: أداء الصلاة في جماعة وإدراك تكبيرة الإحرام وأداء السنن وإدراك الحجة والعمرة بالجلوس لذكر الله بعد صلاة الفجر إلى الشروق ثم صلاة الضحى والحفاظ على أذكار الصباح والمساء والدعاء قبل الإفطار وأداء صلاة التراويح بخشوع ومصحفك لا يفارق جيبك وتأخير السحور إلى ما قبل الفجر، والحرص على الدعاء في وقت السحر.
    شرف عبادة الصيام
    أضاف الله -عزوجل- كل أعمال ابن آدم إلى ابن آدم، وشرَّف عبادة الصيام بأن أضافها إلى نفسه الشريفة؛ فقال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»، فكل عمل من الأعمال له ثواب محدد، أما الصيام فالله -تعالى- يتكفل بتحديد أجره.
    كيف يفلح من لا يصلي؟
    سيبقى في دائرة الفشل، من لم يجعل الصلاة في دائرة اهتمامه؛ فالصلاة دائمًا مقرونة بالفلاح، فكيف يفلح من لا يصلي؟!
    من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم
    كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشجع الناس، وكان أحلم الناس، وكان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، ما سُئل شيئًا إلا أعطاه، وكان لا ينتقم لنفسه ولا يغضب لها إلا أن تُنتهك حرمات الله، والقريب والبعيد والقوي والضعيف عنده في الحق واحد، وكان يأكل ما وجد ويلبس ما وجد، وكان أشد الناس تواضعًا، وكان يرقع ثوبه، ويخدم في مهنة أهله، ويعود المرضى، وكان يكثر الذكر ويقلل اللغو، وكان أكثر الناس تبسمًا، وكان يمزح ولا يقول إلا حقا، وكان يقبل معذرة المعتذر إليه - صلى الله عليه وسلم .
    إني صائم
    قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ -أي وقاية-، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ؛ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ»، وسُئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، يَرْضَى لِرِضَاهُ وَيَسْخَطُ لِسَخَطِهِ»، وعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ؛ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ، وَلاَ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشريت – 1171
    الفرقان





    نصيحة بمناسبة شهر رمضان
    قال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: نصيحتي للمسلمين جميعًا أن يتقوا الله -جل وعلا-، وأن يستقبلوا شهرهم العظيم بتوبة صادقة من جميع الذنوب، وأن يتفقهوا في دينهم وأن يتعلموا أحكام صومهم وأحكام قيامهم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين.

    سماحة الشيخ. عبدالعزيز بن باز - رحمه الله-
    ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين»، ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: «إذا كان أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وصفدت الشياطين، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة»، وكان يقول - صلى الله عليه وسلم- للصحابة: «أتاكم شهر رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه؛ فينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، فأروا الله من أنفسكم خيرًا؛ فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله»، ومعنى: «أروا الله من أنفسكم خيرًا»: يعني سارعوا إلى الخيرات وبادروا إلى الطاعات وابتعدوا عن السيئات، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»، ويقول - صلى الله عليه وسلم-: «يقول الله -جل وعلا-: كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».
    فالوصية لجميع المسلمين أن يتقوا الله، وأن يحفظوا صومهم، وأن يصونوه من جميع المعاصي، ويشرع لهم الاجتهاد في الخيرات والمسابقة إلى الطاعات من الصدقات والإكثار من قراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار؛ لأن هذا شهر القرآن: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (البقرة:185).
    ثمرة الصيام الأساسية
    إنَّ ثمرة الصيام الأساسية، هي أن يكون حافزًا للصائم على تقوى الله -تعالى-، بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، كما قال -سبحانه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)، فالصيام مدرسةٌ عظيمة، فيها يكتسب الصائمون أخلاقًا جليلة، ويتخلَّصون من صفاتٍ ذميمة، يتعودون على اجتناب المحرمات، ويقلعون عن مقارفة المنكرات.
    من آداب الصيام

    (1) الإخلاص في الصيام
    ففي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه».
    (2) تبيِيت النية في صوم الفريضة
    عن حفصة -رضي الله عنها- قالت: «لا صيامَ لمَن لم يُجمِع قبل الفجر»، وورد أيضًا - بإسناد صحيح - عن ابن عمر -رضي الله عنهما- من قوله، ولا يُعرَف لهما مخالف من الصحابة.
    (3) تعجيل الفطر
    ففي الصحيحين عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفِطر».
    (4) الفطر على رطبات
    قبل أداء صلاة المغرب
    عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يُفطر على رُطَبات قبل أن يُصلي، فإن لم تكن رُطَبات، فعلى تمرات، فإن لم تكُنْ حَسَا حَسَواتٍ مِن ماء.
    (5) ماذا يقول عند فطره؟
    عن ابن عمر - رضي الله عنه - ما قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا أفطر قال: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله».
    (6) قول الصائم إذا شُتم: إني صائم
    عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله: كُل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، وإذا كان يومُ صومِ أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤٌ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخُلُوف فم الصائم أطيبُ عند الله مِن ريح المسك، للصائم فرحتانِ يفرحهما: إذا أفطر فرِح، وإذا لقي ربه فرح بصومه».
    يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر

    الشيخ. عبدالرزاق عبدالمحسن البدر
    قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ داعي الله في كل ليلة من ليالي رمضان ينادي عباد الله الصائمين بهذين النداءين العظيمين، يعد حافزاً عظيماً ودافعاً قوياً للمسلمين إلى المنافسة في الخيرات والانكفاف عن الآثام والمحرمات، ونفوس الناس على قسمين: نفس تبغي الخير وتطلبه، فلها هذا النداء يا باغي الخير أقبل ، ونفس تبغي الشر وتطلبه، ولها هذا النداء يا باغي الشر أقصر، ثم إن أهل الإيمان وإن لم يسمعوا هذا النداء بآذانهم في ليالي رمضان المباركة، إلا أنهم من وقوعه على يقين؛ لأن المخبر لهم بذلك هو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى -صلوات الله وسلامه عليه.
    تعلمت من رمضان
    إن أولى ما يعلِّمه الصوم للصائم في باب الصدق هو صدقه مع الله؛ إذ الصيام عملٌ سريٌّ بين العبد وربه، وبإمكان المرء أن يدعي الصيام، ثم يأكل خفيةً فيما بينه وبين نفسه. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «قال الله -عز وجل-: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به» (أخرجه البخاري: 1904، ومسلم: 1151). فجعل الله -سبحانه- الصوم له، والمعنى أن الصيام يختصه الله -سبحانه وتعالى- من بين سائر الأعمال؛ لأنه أعظم العبادات إطلاقًا؛ فإنه سرٌّ بين الإنسان وربه؛ فالإنسان لا يُعلم هل هو صائمٌ أم مفطرٌ؛ إذ نيته باطنة؛ فلذلك كان أعظم إخلاصًا.


    قيم وأخلاق رمضانية
    قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» خرجه البخاري، وقال - صلى الله عليه وسلم-: «الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد، أو قاتله فليقل إني صائم»، قال بعض السلف: أهون الصيام ترك الشراب والطعام، وقال جابر- رضي الله عنه -: «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم صومك و يوم فطرك سواء».


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1172
    الفرقان




    أفضل عمل تقدمه في شهر رمضان
    أخي الشاب: لا شك أنك رأيت الناس وقد تبدلت أحوالهم في هذا الشهر، فالمساجد قد امتلأت بالمصلين، والتالين لكتاب الله، والأماكن المقدسة ازدحمت بالطائفين والعاكفين، والأموال تتدفق في مجالات الخير، فهذا يصلي، وهذا يتلو، والآخر ينفق، والرابع يدعو، فأين موقعك بين هؤلاء جميعاً؟
    ألم تبحث لك عن مكان داخل هذه الكوكبة المباركة؟ أليس أفضل عمل تقدمه، وخير إنجاز تحققه التوبة النصوح وإعلان السير مع قافلة الأخيار؟ فهل جعلت هذا الهدف نصب عينيك في رمضان وأنت قادر على ذلك بمشيئة الله؟
    ولقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه في يوم القيامة: «يوم تدنو الشمس من الخلائق فتكون قدر ميل، ويبلغ منهم الجهد والعرق كل مبلغ»، أنه في هذا اليوم هناك من ينعم بظل الله وتكريمه، ومنهم: «شاب نشأ في طاعة الله -عز وجل» فلماذا لا تكون واحداً من هؤلاء؟ وما الذي يحول بينك وبين ذلك، فأعد الحسابات، وصحح الطريق، واجعل من الشهر الكريم فرصة للوصول إلى هذه المنزلة.
    صور مشرقة من حياة الصحابة
    في غزوة بدر يقول سعد بن أبي وقاص: رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله يوم بدر يتوارى أي: يختبئ في الجيش، فقلت: ما لك يا أخي؟! قال: إني أخاف أن يراني رسول الله فيردني، وأنا أحب الخروج؛ لعل الله يرزقني الشهادة. يريد الشهادة! ماذا يفعل بعض الأبناء اليوم في هذه السن؟.
    قال سعد: فعرض عمير على رسول الله فرده لصغره، فلما رده بكى فأجازه، فكان سعد يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره.
    طفل صغير تمنى الشهادة في سبيل الله بصدق فنالها، بل بكى خوفاً من أن يُحرم هذه الأمنية العظيمة، فما أسماها من أمنية! وما أروعها من صورة تعكس لنا بجلاء أي هم كانت تحمله تلك النفوس الطاهرة الزكية! أما بعض شباب اليوم فأعظم أمانيهم أن يفوز النادي الفلاني أو المنتخب، وعجبا حين ترى الدموع تذرف وتسكب من أجل ذلك! نسأل الله أن يصلح شباب المسلمين.
    نصيحة لرواد الإنترنت
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: معلوم أن الإنترنت فيه خير وفيه شر، والذي يبتغي فيه الخير يجده، في العلوم الشرعية، والعلوم النافعة، وفيه شرٌ محض وشرٌ كثير، فنصيحتي لإخواني: أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يعلموا أنهم إنما خلقوا لعبادة الله -عزوجل-، وأنهم إذا نزلوا بأنفسهم إلى ما يشبه الحيوانات، وهو إشباع الرغبات والشهوات فقد خسروا الدنيا والآخرة، والعياذ بالله، فعليهم أن يحفظوا دينهم، وأن يحفظوا أوقاتهم، وألا يضيعوا هذا العمر الثمين، فوالله لدقيقة واحدة أعز من ألف درهم، أرأيتم إذا حضر الموت لو قيل للإنسان: أعطنا كل الدنيا ونؤجلك دقيقة واحدة لقال: نعم. ولهذا قال الله -عز وجل-: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (المؤمنون:99-100).
    نبي الله موسى -عليه السلام
    الشاب القوي العفيف
    من القصص المؤثرة قصة نبي الله - موسى عليه السلام -، وكيف تصرف مع النساء العفيفات: {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ^ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}، رأى موسى -عليه السلام- فتاتين ترعيان الغنم، وقد وقفتا عند أغنامهما من بعيد تُبعدان الغنم عن الماء، والرجال يتزاحمون بأغنامهم عليه، تبتعدان عن الماء لا تدخلان وسط الرجال، فسقى لهما الغنم، وجلس في الظل يدعو الله أن يرزقه وينجِّيه.
    لقد كان -عليه السلام- طريداً ملاحَقاً، لا مأوى له ولا زوجة ولا عمل، ومع ذلك كان في شدة العفة والحياء والرجولة، وقام بسقاية الغنم عفيفاً مخلصاً، فأكرمه الله بزوجة هي ابنة نبي، وعملاً يعمله، ويجد - فوق هذا وذاك - السكن والعون عند شعيب -عليه السلام-، كل ذلك من خلال موقف واحد.
    ما يجب أن يعلمه الشاب
    اعلم أن الإيمان بالله -عز وجل- ليس اعتقاداً فقط أو قولاً فقط، إنما هو اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان؛ فعليك بطاعة الرحمن وترك العصيان، فإنهما سبيلك إلى زيادة الإيمان، واعلم أن الله -عز وجل- خلقنا لعبادته وحده لا شريك له، كما قال -سبحانه-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} فعليك بإخلاص العبادة لله تعالى وحده، وإياك أن تصرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله -سبحانه وتعالى.
    حِفـْظُ الْوَقْتِ فِي رَمَضَان
    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إن وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم أو العذاب الأليم، وهو يمر مر السحاب، لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار، وتقريب الآجال، قال -تعالى-: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} (الفرقان:62). فينبغي على المسلم -ولاسيما في هذا الشهر المبارك والموسم العظيم والوقت الثمين- أن يتخذ من مرور الليالي والأيام عبرة وعظة، فكم من رمضان تحريناه فدخل ومضى!.
    موقف شبابي إيجابي
    ما إن يحل شهر رمضان حتى ترى المساجد قد امتلأت بالشباب مقبلا على ربه متبتلا راكعا ساجدًا، شباب تنسم من روح الهداية وريحانها، بعدما غشيته نفحات رمضان شهر القرآن، وخففت من وطأة ثقل النفس أسرار الصيام، شباب عقد العزم على ختم القرآن، والحفاظ على الصلوات الخمس في المساجد، وحضور صلاة التراويح، والقيام في الثلث الأخير، والاجتهاد في الطاعات والقربات، والإحسان للفقراء والمحتاجين، والإفطار مع جموع الأخيار، شباب صحا في رمضان، وتطلع للاستقامة بعد رمضان، فرمضان لما بعده.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1173
    الفرقان




    أي الرجلين أنت في العشر الأواخر؟
    العشر الأواخر من رمضان هي خاتمة الشهر، وأفضل لياليه، وفيها ليلة القدر، وعمل المسلم في هذه الليالي دليل على مدى حرصه على اغتنام هذا الشهر.
    والسر في ذلك أنك أحد رجلين، إما رجل قد اغتنم الشهر من أوله بالمبادرة في الأعمال الصالحة، أو رجل قد فرط في ذلك كله، فإن كنت من النوع الأول -وأسأل الله أن نكون كلنا كذلك- فأنت بحاجة إلى الثبات على العمل الصالح حتى آخر لحظة من الشهر؛ لأن الأعمال بخواتيمها، وإن كنت من النوع الثاني، فأنت بحاجة إلى استدراك ما فاتك من العمل، وهذا لا يكون إلا بالاجتهاد في العشر الأواخر؛ لذا كان لزاما على المسلم أن يراعي في برنامجه في العشر الأواخر الإكثار من الطاعة وفق هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث كان يعامل العشر الأواخر معاملة مختلفة عن الأيام التي سبقتها، فكان مع إكثاره من الطاعة طوال الشهر، إلا أنه إذا دخل العشر شمر عن ساعد الجد والاجتهاد ليجود خاتمته فيها، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله».
    خطورة الفتور عن الطاعات
    جاءت النصوص الشرعية تحث على المسارعة في الخيرات، قال -تعالى-: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} (الحديد: 21)، وتحذر من الفتور عن الطاعات، قال -تعالى-: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (الحديد: 16)، وقال ابن مسعود: «مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلاَمِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ بِهَذِهِ الآيَةِ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} إِلاَّ أَرْبَعُ سِنِينَ» (صحيح مسلم: 3027)، وحذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفتور عن الطاعة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فَإِنَّ لِكُلِّ عَابِدٍ شِرَّةً، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً، فَإِمَّا إِلَى سُنَّةٍ، وَإِمَّا إِلَى بِدْعَةٍ؛ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّةٍ فَقَدْ اهْتَدَى، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ».

    يا غلام إني أعلمك كلمات
    عن عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب -رضي الله تعالى عنهما- قال: كنت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما، فقال: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم: أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».
    هذا من الأحاديث العظيمة التي يجب على الشباب فهمها والعمل بها؛ فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «احفظ الله يحفظك»؛ أي: احفَظْ أوامره وامتثلها، وانتهِ عن نواهيه، يحفظك في تقلباتك ودنياك وآخرتك؛ وقيل: يحفظك في نفسك وأهلك، ودنياك ودِينك، ولا سيما عند الموت؛ إذ الجزاء من جنس العمل، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «احفظ الله تجده تجاهك»؛ أي: تجده أمامك؛ يدلك على كل خير، ويقربك إليه، ويهديك إليه، وأن تعمل بطاعته، ولا يراك في مخالفته، كما أنك تجده في الشدائد، و قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سألت»؛ أي: أردت أن تسأل شيئًا، «فاسأل الله» إشارة إلى أن العبد لا ينبغي له أن يعلق سره بغير الله، بل يتوكل عليه في سائر أموره؛ لأنه القادر على الإعطاء والمنع، ودفع الضر وجلب النفع، أما من حيث سؤال الناس في الأمور التي يقدرون على تحقيقها من أمور الدنيا وحطامها، فوردت أحاديث كثيرة تذم المسألة في هذا، وترغِّبُ في التعفُّف.
    «وإذا استعنت»؛ أي: أردت الاستعانة في الطاعة وغيرها من أمور الدنيا والآخرة، «فاستعن بالله»؛ فإنه المستعان، وعليه التكلان، بيده ملكوت السموات والأرض، وهو يُعينك إذا شاء، وإذا أخلصت الاستعانة بالله وتوكلت عليه، أعانك وسددك.
    «واعلم أن الأمة»؛ أي: سائر المخلوقين «لو اجتمعت» كلها «على أن ينفعـوك بشيءٍ»؛ أي: على خير الدنيا والآخرة «لم ينفعوك» بشيء من الأشياء «إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك»؛ أي: أثبته في اللوح المحفوظ، «وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك» بالمعنى المتقدم، ويشهد بذلك قوله -تعالى-: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} (يونس: 107).
    من فوائد الحديث
    على الشباب أن يتعلموا من الحديث أنَّ من حافظ على أوامر الله، حفظه الله في الدنيا والآخرة، وأن من امتثل أوامر الله أخرجه الله من الشدة، ووجوب الرضا بالقضاء والقدر والإيمان بهما، وأن بعد كل كرب فرَجًا، وبعد كل عسرٍ يسرًا، وأنه لن يصيب الإنسان إلا ما كتب الله له، ومن أراد أن يسأل فليسأل الله، وأنَّ الأعمال الصالحة ترفع البلاء، وأنَّ سؤال الخلق في الأصل محرم، لكنه أبيح للضرورة، والضرورة التي أبيحت لأجلها المسألة يوضِّحها حديث (قَبيصة)، وتركه توكلًا على الله أفضل.
    المسلم الملتزم بدين الله

    قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: إن المسلم الملتزم بدين الله، الذي سار على صراط الله المستقيم، سيجد دعاة الضلال والانحراف، وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة، أما إذا لم يلتفت إليهم، بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف.


    خطر الركون إلى الأمل وترك العمل

    قال الشيخ عبدالكريم الخضير: قال -تعالى-: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (محمد:9)، فكراهية الله، أو ما جاء عن الله، أو كراهية الدين، أو كراهية الرسول، أو دين الرسول، أو كراهية بعض ما جاء عن الرسول، كل هذا منافٍ لكلمة التوحيد: (لا إله إلا الله)، وقد يقول قائل: نرى كثيرًا من الناس يكره بعض الشعائر، أو بعض من يأمره بالشعائر، كمن يكره اللحية، ويتقزز من رؤيتها وحاملها، نقول: هذا على خطر عظيم؛ لأن هذه سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وبعض الناس يكره الذين يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر؛ لأنهم يأمرونه بتطبيق دين الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهذا على خطر عظيم إذا كان يكرههم للأمر والنهي.


    احذر من تضييع نعم الله عليك!
    حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تضييع نعم الله في غير طاعته، وحذر من الغفلة عن المسارعة في الخيرات، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ»، ومن الغبن ألا يقدّر الإنسان ما في يده ولا يعرف قيمته على الحقيقة.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1174
    الفرقان








    عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشباب

    سيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- مع صغار الصحابة وشبابهم أعظم سيرة؛ فقد تواضَع - صلى الله عليه وسلم- لهم، وجالَسَهم وزارهم وعلَّمَهم ورفَع هِمَهُم، فخرج منهم أعظم جيل، فمن تواضعه - صلى الله عليه وسلم-: أنه إذا مر بصبيان سلَّم عليهم»(رواه مسلم).
    وكان شديد الحرص على تعليمهم، قال جندب بن عبد الله - رضي الله عنه -: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم- ونحن فتية حَزاوِرَة -أي: قارَبْنا البلوغَ- فتعلمنا الإيمانَ قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا»(رواه ابن ماجه).
    وكان يغرس العقيدة في نفوسهم، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: «*كُنْتُ *خَلْفَ *النَّبِيِّ *- صلى الله عليه وسلم- *يَوْمًا *فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ» الحديثَ... (رواه الترمذي).
    وكان - صلى الله عليه وسلم- يتلطف معهم فأحيانا يأخذ بأيديهم، قال معاذ - رضي الله عنه -: «أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بيدي، فقال: «إِنِّي أُحِبُّكَ». قُلْتُ: *وَأَنَا *وَاللَّهِ *أُحِبُّكَ. *قَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهَا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاتِكَ»؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ»
    (رواه البخاري في الأدب المفرد).

    وكان - صلى الله عليه وسلم- يثني عليهم ويظهر مكانتهم، سمع قراءة سالم مولى أبي حذيفة - رضي الله عنه - وهو غلام صغير حسَن الصوت بالقرآن، فقال: « الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا»(رواه ابن ماجه)، ورأى من معاذ - رضي الله عنه - فقها فقال: «أعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل»(رواه أحمد).
    وفي مجلسه - صلى الله عليه وسلم- كان يُوقِّرهم ويُعلِي من شأنهم مع وجود كبار الصحابة، أوتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلامٌ وعن يساره أشياخٌ، فقال للغلام: «أتأذنَ لي أن أُعطِيَ هؤلاء؟ فقال الغلام: لا واللهِ، لا أؤثر بنصيبي منك أحدًا؛ فتَلَّه،أي: وضَعَه رسول الله - ر- في يده-» (متفق عليه).




    الاستمرار على الطاعة بعد رمضان

    عندما ذكر الله -تعالى- صفات المؤمنين لم يقيدها بوقت ولم يخصها بزمان؛ فقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (سورة المؤمنون 1-2)، إنهم خاشعون دائماً، مُعْرِضُونَ عن اللَّغْوِ دائمًا وليس في رمضان فقط، هم باستمرار يفعلون ذلك وليس في رمضان فقط وهكذا في سائر صفات المؤمنين، والسبب أننا مطالبون بالعمل حتى الموت بأمر من الله -تعالى-، قال الله -تعالى-: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (سورة الحجر 99)، واليقين هو الموت؛ لذلك أيها الشباب استقيموا على دينكم، واستمروا على طاعة ربكم؛ فليس للطاعة زمن محدود، ولا للعبادة أجل معين.




    الفائز الحقيقي

    يقول الناس لبعضهم بعضا في العيد من العبارات التي يقولها العامة: من العائدين، ومن الفائزين، هل تعلمون من هم الفائزون؟ قال الله -تعالى-: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} (سورة آل عمران 185). وقال -تعالى-: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} (سورة الحشر 20). وقال الله عن أهل الجنة: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (سورة التوبة 100). هؤلاء هم الفائزون، فالفوز الحقيقي الفوز في الجنة.




    ما حالك بعد رمضان؟

    من كانت حاله بعد رمضان أحسن من حاله قبله، مقبلاً على الخير، حريصاً على الطاعة، مواظباً على الجمع والجماعات، مفارقاً للمعاصي والسيئات، فهذه أمارة قبول عمله إن شاء الله -تعالى-، ومن لم تكن حاله بعد رمضان فيها إقبال على الطاعة وترك المعاصي، فعليه أن يسارع إلى مرضات ربه -جل وعلا- وألا ينساق وراء الأهواء ووساوس الشياطين؛ فإن فعل فقد أنجى نفسه من المهالك في الدنيا، ومن غضب الله -تعالى- يوم القيامة.






    من مقاصد العيد العظيمة




    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من مقاصد العيد العظيمة تقوية الأخوة الإيمانية، وتمتين الصِّلة الدينية، واطِّراح الإحن والخلافات، إنّه يوم الصَّفاء، يوم النَّقاء، يوم الإخاء، يوم الصِّلات، يوم السَّلام، يوم تبادل الدُّعاء؛ ففي غمرة فرحة العيد وبهجته وجماله، تذوب الخلافات، وتذهب الإحن، وتصفو النفوس، فواجب على كلِّ مسلم في هـذا اليوم المبارك أن يحرص أشدّ الحرص على أن يقوِّيَ صلته بإخوانه، مودّةً ومحبّةً ودعاءً واطّراحًا لما قد يكون بين المتآخين من شقاق وخلاف، وإذا لم يُطّرح الشِّقاق والخلاف في مثل هـذا اليوم المبارك فمتى يطّرح؟




    أعياد المسلمين المشروعة

    ينبغي أن يعلم المؤمن أنَّه ليس لنا إلا عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى، هذه أعياد المسلمين: فيها الاجتماع على صلاة وذكر، وعبادة لله -عزَّ وجلَّ-، أما الأعياد المستحدثة والمبتدعة فليس لها أصل في دين الله -عزَّ وجلَّ-، ولا يجوز إقرارها، ولا الدعوة إليها، ولا الرضا بها ولا المشاركة فيها.




    محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

    محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- واجبة على كل مسلم قطعًا، قال الله -تعالى-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ…} (آل عمران: 31) وهذا من الأدلة العظيمة الشاهدة على وجوب محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ لا نزاع في أن محبة الله واجبة، وأن اتباع النبي ومحبته طريق إلى محبة الله.






    أخطاء الشباب
    في الأعياد

    اعلم أخي الشاب أن العيد فرحة وسعادة وبهجة، ولكن يجب ألا تطغى هذه الفرحة على النفوس فتستغل العيد في الأمور المحظورة والممنوعة شرعًا، ومن تلك الأمور:
    - اختلاط الرجال بالنساء في المنتزهات والحدائق وأماكن الزيارات، مع ما يحصل في ذلك من الفتن التي لا يسلم منها من فعل ذلك، كالمصافحة التي لا تجوز بين الرجل الأجنبي والمرأة الأجنبية، وغير ذلك.
    - استقبال العيد بالغناء والرقص والمنكرات، بدعوى إظهار الفرح والسرور.
    - السهر ليلة العيد، مما يؤدي إلى تضييع صلاة الفجر والعيد معاً.
    - الإسراف والتبذير حتى لو كان في أمور مباحة.
    - المبالغة في الملبس والمأكل.
    - الغفلة عن الصلوات المفروضة في المسجد

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1175
    الفرقان



    موانع الثبات على الطاعات
    يلاحظ أَنَّ بعض الشباب ممن كانوا يحافظون على أنواع كثيرة من الطاعات في رمضان كالذكر والصدقة والإِكثار من النوافل وغيرها، يهملون هذه الطاعات بعد انقضاء الشهر ولا يثبتون عليها، وقد أمرنا الله بالثبات على الطاعات حتى الممات في قوله -تعالى-: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر:99)، وهذا الثبات له موانع إِنْ تجنبها الإنسان ثبت على الطاعة بإذن الله.
    المانع الأول: طُولُ الْأَمَلِ
    من موانع الثبات على الطاعات طُولُ الْأَمَلِ، وهو الحرص على الدنيا والانكباب عليها، والحب لها والإعراض عن الآخرة، وقد حَذَّرنَا الله مِنْ هذا المرض في قوله: {وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ} أَيِ طُولُ الْأَمَلِ، وبَيَّنَ -سبحانه- أَنَّهُ سبب قسوة القلب فقال: {وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} (الحديد:16)، كما بَيَّنَ أَنَّهُ سبب الانشغال عن هدف الإنسان من الحياة فقال: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (الحجر:3).
    المانع الثاني: الابتعاد عن الأجواء الإيمانية
    مِنْ أصول العقيدة الإسلامية أَنَّ الإيمان يزيد وينقص، فيضعف ويضمحل إذا عَرَّضَ العَبْدُ نَفْسَهُ لأجواء المعاصي والذنوب، أو انشغل قلبه على الدوام بالدنيا وأهلها؛ لذا حَثَّ الشرع على مرافقة الصالحين وملازمتهم ليعتاد المسلم فعل الطاعات، وترك السيئات.
    المانع الثالث: الانشغال بالمباحات والتوسع فيها
    لا شك أَنَّ التوسع في المباحات من الطعام والشراب واللباس ونحوها والإسراف فيها سبب في التفريط في بعض الطاعات وعدم الثبات عليها، فهذا التوسع يورث الركون والنوم والراحة والدَّعَةَ، بل قد يَجُر إلى الوقوع في المكروهات، لِأَنَّ المباحات باب الشهوات، وليس للشهوات حَدٌّ؛ لذا أمر -سبحانه- بالأكل مِنْ الطَيِّبَاتِ ونهى عن الطغيان فيها قال -تعالى-: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف:7).


    صلاح الشبابِ صلاحٌ للأمة
    لن تسعَدَ الأمةُ الإسلاميةُ ولن يحصُلَ لها عزٌّ وفلاح، وسُؤددٌ وشأنٌ إلا حينما يكونُ شبابُها كما كانوا في العهد الأول: صلاحٌ في الدين، وإعمارٌ للحياة، وجدٌّ في كل عملٍ مُثمِر وفعلٍ خيِّر، وإن الشبابَ المُسلم اليوم يجبُ عليه أن يكون كما كان أسلافه في الماضي كيِّسًا فطِنًا، فلا يستجيبُ إلى ما لا يُحقِّقُ للإسلام غايةً، ولا يرفعُ للحقِّ راية، فكم يحرِصُ أعداءُ الإسلام بكل السُّبُل أن يُوقِعُوا الشباب في مطايا المهالِك ومسالِك الغواية، والبُعد عن القِيَم الإسلامية السامِية، ومبادِئِه السَّمحة اليسيرة التي تسلُكُ بهم مناهجَ الوسطيَّة والاعتِدال، وتقودُهم إلى رعاية المصالِح وجلبِ المنافِع لأنفُسهم ولأمَّتهم، ولبُلدانهم ولمُجتمعاتهم.
    عوامل الثبات على الطاعات


    للثبات على الطاعات معينات لابد أن يحرص عليها الإنسان ويلتزمها حتى يثبت على طريق الحق والإيمان، ومن ذلك ما يلي:
    أولاً: الدعاء بالثبات
    مِنْ صفات عباد الرحمن أنهم يدعون الله -تعالى- أَنْ يثبتهم على الطاعة، وأَلا يزيغ قلوبهم بعد إذ هداهم؛ فهم يوقنون أَنَّ قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن يُصَرِّفُهَا كيف يشاء؛ لذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول: «اللهم يا مُقَلِّبَ القلوب ثَبِّتْ قلبي على دينك، اللَّهُمَّ يا مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ».
    ثانيًا: تنويع الطاعات والمسارعة إليها
    مِنْ رحمة الله -عز وجل- بنا أَنْ نَوَّعَ لنا العبادات لتأخذ النفس بما تستطيع منها، فمنها عبادات بدنية، ومالية وقولية وقلبية، وقد أمر الله -عز وجل- بالتسابق إليها جميعًا، وعدم التفريط في شيء منها، وبمثل هذا التنوع وتلك المسارعة يثبت المسلم على الطاعة، ولا يقطع الملل طريق العبادة عليه.
    ثالثًا: التعلق بالمسجد وأهله
    ففي التعلق بالمسجد وأهله ما يعين على الثبات على الطاعات؛ حيث المحافظة على صلاة الجماعة، والصحبة الصالحة، ودعاء الملائكة، وحلق العلم، وتوفيق الله وحفظه ورعايته. ونصوص الوحيين في ذلك كثيرة مشهورة.
    رابعًا: مطالعة قصص الصالحين
    أخبار الأنبياء والصالحين لم تذكر للتسلية والسمر، ولكن لننتفع ونتعظ بها، ومن منافعها تثبيت قلوب المؤمنين والمؤمنات والطائعين والطائعات، قال -تعالى-: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} (هود:120)، وكثير من الناس تتغير أحوالهم إِلى الأصلح والأحسن بمطالعة سير السلف الصالح الأوائل الذين ضربوا أعظم الأمثلة في التضحية والعبادة، والزهد والجهاد والإنفاق وسائر الطاعات.
    خامسًا: التطلع إلى ما عند الله من النعيم
    إِنَّ اليقين بالمعاد والجزاء يُسَهِّلُ على الإنسان فعل الطاعات وترك المنكرات، مصداقا لقوله -تعالى-: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة:45-46).
    قاعدة في حسن الخلق
    من أهم القواعد في حسن الخلق، مقابلة السيئة بالحسنة؛ مما يترتب عليه احتواء الإساءة، فعلى الشباب خصوصًا أن يقابلوا الغضب بالهدوء، والتبجح بالحياء، والكلمة الطائشة بالكلمة الطيبة، والنبرة الصاخبة بالنبرة الهادئة، والجبين المقطب بالبسمة الحانية، ولو قوبل المسيء بمثل فعله، لأفلت زمامه، وأخذته العزة بالإثم.
    لزوم اتباع السنة


    قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-: نصوص الكتاب والسنة دلت دلالة قاطعة على وجوب اتباع السنة اتباعًا مطلقًا في كل ما جاء به النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام-؛ فهي المرجع الثاني في الشرع الإسلامي، في كل نواحي الحياة من أمور غيبية اعتقادية، أو أحكام عملية، أو سياسية، أو تربوية، وأنه لا يجوز مخالفتها في شيء من ذلك لرأي أو اجتهاد أو قياس
    وماذا بعد رمضان


    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إذا كان المسلمون قد ودَّعوا شهر رمضان (موسم الغفران والعتق من النيران وموسم التنافس في طاعة الرحمن)، فإنهم لم يودِّعوا بتوديعه أبواب الخيرات، فلا تزال مواسم الخيرات متجددة وأبواب الخيرات متتالية، وينبغي على عبد الله المؤمن أن يغنم حياته، وأن يستغل وجوده في هذه الحياة للظفر بكل مناسبة كريمة ووقت فاضل، متسابقاً مع المتسابقين في الطاعات، ومسارعاً لنيل رضا رب البريات -سبحانه وتعالى.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1176
    الفرقان




    نعمة الهداية إلى دين الإسلام
    إن أجلّ نعم الله وأعظم مننه على عباده هدايته -تبارك وتعالى- من شاء من عباده إلى هذا الدين الحنيف؛ فالإسلام هو النعمة العظمى والعطية الأجلّ، ومنة الله -سبحانه- على من شاء من عباده، يقول -جلَّ وعلا-: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (الحجرات:17) ويقول -جلَّ وعلا-: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} (الحجرات:7) ويقول -جلَّ وعلا-: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (النور:21)، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
    وإنما عظم شأن هذه النعمة وكبر قدرها؛ لأنَّ الإسلام هو دين الله -تبارك وتعالى- الذي رضيه -عز وجل- لعباده دينا ولا يقبل منهم ديناً سواه، يقول -جلَّ وعلا-: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (آل عمران:19)، ويقول -جل وعلا-: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران:85)، ويقول -جلَّ وعلا-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة:3)، ويقول -جلَّ وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (البقرة:208) أي في الإسلام، ومن عرف الإسلام وما يدعو إليه من العبادات العظيمة والأعمال الجليلة والآداب الرفيعة أدرك رفيع قدره وعلو شأنه.
    الغاية التي من أجلها خُلقنا
    فالله -عز وجل- خلق الإنسان لعبادته والاستقامة على نهجه القويم؛ آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، قال الله -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}(الذ ريات:56-57)؛ فأنت مخلوق من أجل عبادة الله، فعليك بتقوى الله وعبادته، وقوِّ إيمانك بالأعمال الصالحة؛ لتحيا حياة سعيدة في هذه الدنيا، وتجزى في الآخرة ثوابا وافرا، قال -تعالى-: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل:97).

    خطر طيش النفس

    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: من سمات أهل العقل النظرُ في العواقب، وأما أهل الطيش فإنهم لا يعملون عقولهم ولا ينظرون في العواقب، بل يندفعون اندفاعًا بلا تعقُّلٍ فيوردهم المهالك؛ ولهذا شبهت النفس في طيشها بكُرةٍ من فخار، وُضعت على منحدر أملس، فلا تزال متدحرجةً ولا يُدرى في نهاية أمرها بأيِّ شيء ترتطم! وكم هي تلك المآلات المؤسفة والنهايات المحزنة التي يؤول إليها أمر الطائشين ممن لا يتأملون في العواقب ولا ينظرون في المآلات.
    ماذا نريد من الشباب؟
    نريد من شبابنا: أن يُطوّروا من مهاراتهم، ويعملوا على تنمية طاقاتهم عبر العلم التخصصـي، والمهارات المكتسبة من دورات تدريبية متخصصة، تحقيقًا لقول الله -تعالى-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، فمن برع في مجال تخصصه العلمي (الطب أو الصيدلة أو الهندسة أو الفيزياء أو الكيمياء أو الجيولوجيا......) فقد خدم أمة حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم .
    نريد من الشباب: أن يعيشوا بالإسلام قولا وسلوكًا؛ فيَسْلَم الناس من لسانه ويده، وإذا رآه الناس بهديه وسمته الإسلامي رأوْا الإسلام في شخصيته، فيكون بذلك سببًا في إقامة الإسلام في الأرض.
    نريد من الشباب: أن يُحسْنوا توظيف طاقاتهم، فيعملوا عملا متقنًا ونافعًا لهم ولمجتمعهم، فلا يتعطل ولا يكسل ولا يفتُر ولا يتوانى عن تحقيق ذاته عن طريق العمل والاعتماد على النفس، لا أن يكون عالة على غيره. وليأخذ من رسوله الحبيب قدوة؛ حيث كان يعمل وهو شاب في الرعي والتجارة.
    فاتح الأردن شرحبيل بن حسنة - صلى الله عليه وسلم
    هو الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة - رضي الله عنه -، فاتح الأردن، أسلم قديما بمكة، وهو من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية، شارك في فتوحات الشام، كان - رضي الله عنه - يتميز بالشجاعة والإقدام، يشهد له بذلك جهاده مع رسول الله ومع الخلفاء الراشدين من بعده، ويكفي أن يذكر التاريخ عنه أنه فاتح الأردن، وأنه كان لجهاده في أرض الشام أثر كبير في اندحار الروم ونشر الإسلام في تلك الربوع، وكان صريحًا لا يخشى في الحق أحدًا، وكان يجيد القراءة والكتابة، فقد كان من كُتَّاب الوحي، وقد استشهد - رضي الله عنه - قيل: مات شرحبيل بن حسنة يوم اليرموك، ويقال: إنه طعن هو وأبو عبيدة بن الجراح في يوم واحد، ومات في طاعون عمواس وهو ابن سبع وستين.
    توجيهات نبوية للشباب
    النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يولي جانبًا من توجيهاته إلى الشباب، فيقول - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس: «يا غلام: إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله»، ويقول - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل، وهو رديفه على حمار: «يا معاذ: أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله» إلى آخر الحديث، ويقول - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن أبي سلمة، ربيبه وهو طفل صغير، لما أراد أن يأكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وجالت يده في الصحفة أمسك النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك»، فهذه توجيهات من النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجهها لطفل، ليغرس في قلبه هذه الآداب العظيمة، وهذا مما يدل على أهمية توجيه الشباب نحو الخير وبيان مسؤولية الكبار نحوهم.
    من أهم الواجبات على الشباب
    إن من أهم الواجبات التي ينبغي للشباب أن يهتم بها، ويستثمر فيها عمره طلب العلم الشرعي، قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: التفقه في الدين وتعلم العلم الشرعي من أهم الواجبات، ومن أهم الفروض لعبادة الله -جل وعلا-؛ فقد خلق الخلق ليعبدوه، وأرسل الرسل لذلك، وأمر العباد بذلك، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، ولا سبيل لمعرفة هذه العبادة ولا الطريق إليها إلا بالعلم، كيف يعرف هذه العبادة التي هو مأمور بها إلا بالعلم؟ والعلم: إنما هو من كلام الله ومن كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - والعلم: قال الله وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين».
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1177
    الفرقان





    من وصايا لقمان الحكيم لابنه (الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك)
    قال -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان)، وصية لقمان الأولى لابنه: الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، وقد بدأ الله بها؛ لأنها أعظم الوصايا وأنفعها، فأعظم ما أمر الله به التوحيد.
    وأعظم ما نهى الله عنه الشرك، والنهي عن الشرك يستلزم توحيد الله وإخلاص العبادة له -تعالى-؛ قال -تعالى-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: 36)، وقال -تعالى-: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 256)، قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: «ووجه كون الشرك ظلمًا عظيمًا أنه لا أفظع وأبشع مَن سوَّى المخلوق بالخالق، وسوَّى الذي لا يملك من الأمر شيئًا بمالك الأمر كله، وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه، وسوَّى من لم ينعم بمثقال ذرة من النعم بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم ودنياهم وأُخراهم وقلوبهم وأبدانهم إلا منه، ولا يصرف السوء إلا هو، فهل أعظم من هذا الظلم شيء؟ وهل أعظم ظلمًا ممن خلقه الله لعبادته وتوحيده، فذهب بنفسه التي خلقها الله في أحسن تقويم، فجعلها في أخس المراتب، جعلها عابدة لمن لا يُسوي شيئًا، فظلم نفسه ظلمًا كثيرًا».

    المخدرات مفاتيح الشرور ومجمَع الخبائث
    لقد أضحى من المتقرر لدى العقلاء والفطناء أن المخدرات أصبحت في هذا الزمن من أنفذ الأسلحة التي يستعملها أعداء دين الله للفتك بأبناء المسلمين والجناية عليهم بما يفسِد دينهم وعقولهم وأخلاقهم؛ فيصبحون أداة فسادٍ وشرٍ وهدمٍ في مجتمعاتهم المسلمة، والإسلام حرَّم الخمر وحرَّم المسكرات والمخدرات والمفتِّرات؛ لأنَّ جنايتها على الناس جنايةٌ عظيمة، ومضرَّتها عليهم مضرة جسيمة، يدركها المتأمل ويستبينها المتبصِّر، ولقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ»؛ فهي مفاتيح الشرور ومجمَع الخبائث ومنبع القبائح بأنواعها، وإذا وضع الشاب قدمه في هذه الطريق (طريق تعاطي الخمور والمخدرات) فإنه يكون بذلك قد جنى على نفسه جناية عظيمة، وأوقعها في مسلكٍ وخيم وبوابة خطيرة تفضي به إلى كل شر وبلاء.
    وصية الشيخ ابن باز للشباب

    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: وصيتي للشباب ولا سيما الدعاة منهم الرفق في الأمور كلها، والجدال بالتي هي أحسن، وتحري الأسلوب الجيد اللين؛ لعل الله ينفع بذلك، كما نوصي بالحذر من العنف، والشدة والكلام البذيء؛ فإن هذا ينفر من الحق، وربما سبب خصومة، ونزاعًا، ومقاتلة ومضاربة، والمؤمن قصده الخير، والداعي إلى الله قصده الخير، فينبغي سلوك أسباب الخير، الواجب على الداعي إلى الله، والآمر والناهي أن يسلك المسالك التي تعينه على حصول الخير، وتعين إخوانه على قبول الحق.
    على العاقل ألا يغتر بالدنيا

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: ينبغي للإنسان العاقل أنه كلما رأى من نفسه طموحًا إلى الدنيا، وانشغالًا واغترارًا بها، أن يتذكر الموت، ويتذكر حال الآخرة؛ لأن هذا هو المآل المتيقن، وما يؤمِّله الإنسان في الدنيا فقد يحصل وقد لا يحصل، {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ} لا ما يشاء هو، بل ما يشاء الله -عز وجل-: {لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (الإسراء: 18، 19).
    ثلاث وصايا نبويَّة عظيمة
    لقد جمع الله جلَّ وعلا لنبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - بديعَ الكلِم، وجوامع الوصايا، وأكمل القول وأتمَّه وأحسنَه، ومن كان ذا صلةٍ وثيقةٍ بالسُّنة وهديِ خير العباد صلوات الله وسلامه عليه فاز في دنياه وأخراه.
    فقد جاء رَجُل إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: عِظْنِي وَأَوْجِزْ، وفي رواية عَلِّمْنِي وَأَوْجِزْ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا، وَأَجْمِعِ اليَأسَ مِمَّا فِي يَدَيِ النَّاسِ»، وقد جمع هذا الحديث العظيم ثلاثة وصايا عظيمةً جمعت الخير كلَّه، مَن فهمها وعملَ بها حازَ الخير كلَّه في دنياه وأخراه.
    - الوصيَّة الأولى: وصيَّةٌ بالصَّلاة والعناية بها وحسن أدائها.
    - والوصيَّة الثَّانية: وصيَّةٌ بحفظ اللِّسان وصيانته.
    - والوصيَّة الثَّالثة: دعوةٌ إلى القناعة وتعلُّق القلب بالله وحده.

    موقفانِ عظيمان
    موقفانِ عظيمان يقفهُما العبد بين يدي ربِّه؛ أحدهما في هذه الحياة الدُّنيا، والآخر يوم يلقى الله جلَّ وعلا يوم القيامة، ويترتَّبُ على صلاحِ الموقف الأوَّل فلاحُ العبد وسعادتُه في الموقف الثَّاني، ويترتَّب على فسادِ حال العبدِ في الموقف الأوَّل ضياعُ أمره وخسرانُه في الموقف الثَّاني، فالموقف الأوَّل: هو هذه الصَّلاة الَّتي كتبها اللهُ جلَّ وعلا على عباده وافترضَها عليهم خمسَ مرَّاتٍ في اليوم واللَّيلة؛ فمَن حافظَ على الصَّلاة، واهتمَّ لها، واعتَنى بها، وأدَّاها في أوقاتِها، وحافظَ على شُروطِها وأركانِها وواجباتِها هانَ عليه الموقفُ يوم القيامة، وأفلحَ وأنجحَ، وأمَّا إذا استهانَ بهذا الموقف، فلم يُعْنَ بهذه الصَّلاة، ولم يهتمَّ لها، ولم يواظب عليها، ولم يحافظ على أركانها وشروطها وواجباتها عَسُرَ عليه موقف يوم القيامة.
    من أعظم أخلاق الشباب
    من أعظم الأخلاق تقوى الله -جل وعلا-، ومراقبته في السر والعلانية؛ فإن من اتقى الله وراقبه في كل أحواله كلها عاش سعيداً طيبًا، ولهذا ربّى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه على هذه الأخلاق الكريمة، فأوصى معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قائلاً له: «اتَّق اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1178
    الفرقان




    التوكل على الله سبيل النجاح
    التوكل على الله هو اعتماد القلب على الله -تعالى- في استجلاب المصالح ودفع المضار، ومعناه: تفويض الأمر لله، والاستعانة به في الأمور جميعها، وربط الأشياء بمشيئته، وهو: صفة إيمانية، ويقين، وثقة، ويكون التوكل مقرونا بالسعي والحركة، وعند مبادئ الأمور، وفي سائر الأحوال.
    ولا يتحقق معناه بغير عمل، فمن أراد الرزق أو النجاح بذل الجهد متوكلا على الله، وترك العمل تواكل مذموم، قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يَتَوَكّلْ عَلَى اللّه فَهُو حَسْبُه}، قال أهل التفسير: ومن يعتمد على الله ويفوض أمره إليه كفاه ما أهمه، وقال -تعالى-: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (غافر:60)؛ فالنجاح لا يأتي من فراغ، بل هناك أسباب ومسببات تولد من تلك الذرة الإيمانية التي غُرستْ في أعماقنا، لتنمو وتزيّن الأرض وما فيها وتصل الى السماء؛ حيث القمة والتفوق.
    وفي الحديث القدسي: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله -تعالى-: أنا عند ظن عبدي، بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة». (رواه البخاري)، ولكن ينبغي العلم أن التوكل على الله -تعالى- والثقة به والدعاء وحسن الظن، ليس معناها جلوس المرء منتظرا حصول الغايات دون أسباب، وإنما التوكل الصحيح هو الأخذ بالأسباب مع الاعتماد على الله في كل شيء.

    بعض الأسس في حسن الاستذكار
    (1) بدء المذاكرة بالقرآن.
    (2) الصلاة على وقتها.
    (3) الحرص على حضور المراجعات المهمة.
    (4) تحديد مكان مناسب للمذاكرة، فهي تحتاج إلى هدوء، وضوء مناسب وهواء متجدد.
    (5) لا تذاكر وأنت مُرهَق.
    (6) عدم السهر وكذلك عدم الإكثار من شرب الشاي والقهوة.
    (7) تخير ساعات النشاط في المذاكرة مثل الصباح الباكر.
    (8) الغذاء المتكامل المناسب.
    (9) عمل جدول للاستذكار.
    (10) المذاكرة الفردية أفضل من الجماعية.
    (11) عدم اللجوء إلى الدروس الخصوصية إلا للضرورة.
    أفضل طرائق المذاكرة
    (1) القراءة الإجمالية للدرس وحفظ العناوين الكبيرة والصغيرة والرسوم التوضيحية (من كتاب الوزارة) ثم قراءة ملخص الدرس وحل التدريبات بعده.
    (2) المذاكرة والحفظ: يُفضَّل وضع خط تحت المهم، وفهم المادة قبل حفظها، وفهم القوانين والنظريات ثم حفظها، والمواد التي تحتاج حفظًا تكون في الصباح الباكر، ويكون الحفظ مدته قصيرة ومتقطعا أفضل.
    (3) التسميع: فهو تأمينٌ على المعلومات ضد النسيان، ويكشف عن مواطن الضعف والأخطاء، وهو علاجٌ ضد السرحان (شفوي أو تحريري).
    (4) المراجعة: عمل جدول لكل المواد لمراجعتها في مدة محدودة قبل الامتحان، ولا داعي للتدقيق في الأمور السهلة في أثناء المراجعة، ولكن لا بد من مراجعة العناوين الكبيرة والصغيرة وتسميعها.
    (5) تثبيت المعلومات: وذلك عن طريق تكرار الحفظ- التركيز والانتباه- استخدام الطرائق المختلفة في الحفظ أي استخدام أكثر من حاسة- مراجعة ليلة الامتحان تكون سريعة.. قراءة عناوين وتسميع ما تحتها.. وإمرار العين بسرعة على السطور لاستعادة ما سبق، ما يحتاج إلى حل يكثر من حله.
    نصائح ليوم الامتحان
    - التوكل على الله، وحسن الظن بالله، وصلاة ركعتين حاجة تدعو فيها ربك وتسأل والديك الدعاء.
    - التسمية عند استلام الورقة والدعاء «اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً.. رب يسِّر وأعِن يا كريم».
    - مراجعة الورقة جيدًا وفهم الأسئلة، وابدأ بحل الأسئلة السهلة الواثق منها أولاً، واترك الأسئلة الصعبة التي تحتاج إلى تفكير في النهاية.
    - إذا نسيت شيئًا استغفر الله والجأ إليه.
    - وضع علامة على الأسئلة التي تم حلها حتى لا تنسى شيئًا مع المراجعة الجيدة بعد الانتهاء من الحل.
    - لا تنشغل بتصحيح الإجابة بعد الانتهاء من الامتحان؛ حتى لا ينشغل ذهنك وحتى تستعد للامتحان المقبل.
    ليس لي مزاج للمذاكرة
    هذه العبارة نسمعها كثيرًا من بعض الطلبة، ولعل هذه المشكلة لها أسباب عدة أهمها ما يلي:
    (1) عدم القدرة على تنظيم الوقت مما يؤدي إلى تراكم الواجبات.
    (2) عدم القدرة على تنظيم طريقة المذاكرة.
    (3) التأثر ببعض الأصدقاء وانطباعاتهم السلبية بصعوبة المواد.
    (4) ضعف الحالة الصحية.
    (5) وجود مشكلات عائلية تؤثر على الحالة النفسية.
    (6) الخوف من الامتحان.
    سبل علاج هذه المشكلة
    (1) الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ}.
    (2) الاستعانة بالله أولا.. «إذا سألت فاسأل الله..» ثم بذوي الخبرة.
    (3) معالجة الملل بتغيير المكان وببعض الترفيه المباح بعد المذاكرة أو في نهاية الأسبوع.


    في انشغالك بالامتحانات تذكر
    (1) أنَّ حفاظك على دينك وعلاقتك بربك شيءٌ أساسي.
    (2) أنَّ مبادرتك لأداء صلاتك على وقتها يُعوِّدك المبادرة لأداء واجباتك.
    (3) أن تبذل أقصى ما تستطيع من مذاكرة وتحصيل العلم الذي ينفعك في الحياة.
    (4) أنَّ عليك السعي والحرص على التفوق والنتائج على الله -تعالى.
    (5) وأخيرًا تذكر دائمًا الإخلاص وتجديد النية في المذاكرة لتنفع نفسك وتنفع المسلمين.


    العزيمة الصادقة
    إن كثيراً من شباب أمتنا - على ما فيهم من خير - يفتقدون العزيمة الصادقة التي تؤهلهم إلى إدراك ما يرجون تحقيقه من المعالى، فهناك موانع كثيرة تحول بينهم وبين إكمال تلك المهمات، منها: اليأس والاحباط والانكسار، وغير ذلك من الأسباب التي تجعل المعالى والغايات مجرد أحلام، تراود أصحابها طالما استمروا على تلك الحال من الفتور وضعف الهمة والإرادة، ومما تميَّز به أسلافنا -رضوان الله عليهم- قوة الإيمان وصدق اليقين والتحلي بالأمل الواسع الفسيح، والثقة في نصر الله والتمكين لهذا الدين، فأثمر ذلك أعمالاً خالدة وانتصارات مجيدة، لا زال عبيرها يبهجنا بين فينة وأخرى.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1179
    الفرقان





    الشباب والإجازة الصيفية
    بعد أيام عدة نستقبل الإجازةَ الصيفية، وذلك بعد إمضاء عامٍ دراسيٍّ كامل في الجد والمذاكرة والبذل والتحصيل، على تفاوُتٍ في الهمم وتباين في العزائم، والسؤال الذي يُطرحُ في هذه الأيام هو: ما الذي ينبغي على الشاب الجادِّ أن يفعله في هذه الإجازة المقبلة؟ وهو وقتٌ طويل وأيامٌ عديدة ولحظاتٌ عزيزة ستمُرُّ وتذهب سريعاً.
    فلا يليق بالمسلم أن يتركها تذهب سدى، وتضيع هباء دون أن يغتنمها في الخير، أو أن يتزوّد فيها بزاد التّقوى. إنَّ الإجازة الصيفية فرصةٌ مباركة ووقتٌ سانحٌ للجميع لاغتنام هذا الوقت فيما يرضي الله، وما يقرِّب منه -سبحانه- من سديدِ الأعمال وصالحِ الأقوال، وإن من أهم ما ينبغي على الشباب -وهم يستقبلون هذه الإجازة- أن ينووا نيةً صادقة، وأن يعزموا عزيمةً أكيدة، على استغلال هذه الإجازة في طاعة الله -تعالى-، وأن يحذروا إضاعتها فيما لا يفيد، وإن الله -جل وعلا- إذا علِم من عبده صدق نيته وصلاح همته وتمام رغبته، يسَّر له الخير، وفتح له أبوابه، وهيأ له سبله، والتوفيق بيد الله وحده. وإن مما تُغتنم به هذه الإجازة تحصيلُ العلم النافع، ومن نعمة الله علينا تُعقد في أيام الإجازة كثير من الدّورات العلمية النافعة التي يقوم بها أهل العلم وطلابه، ولهذا ينبغي على الآباء وأولياء الأمور أن يشجِّعوا أبناءهم، وأن يأخذوا بأيديهم، وأن يحفّزوهم على المشاركة في هذه الدورات، ليُحصِّلوا خيرا ويغتنموا غنيمةً عظيمة.
    اغتنام الأوقات
    عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يعظه-: «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك»، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ)، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم -: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ».
    شيطان المؤمن
    عن أبي هريرة، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُنْضِي شَيَاطِينَهُ، كَمَا يُنْضِي أَحَدُكُمْ بَعِيرَهُ فِي السَّفَرِ»، قال ابن القيم -رحمه الله-: «لأنه كلما اعترضه صبَّ عليه سياطَ الذكر والتوجه والاستغفار والطاعة، فشيطانه معه في عذاب شديد، ليس بمنزلة شيطان الفاجر الذي هو معه في راحة ودعة ولهذا يكون قويا عاتيا شديدا»، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «إن شيطان المؤمن يلقى شيطان الكافر، فيرى شيطان المؤمن شاحبا، أغبر مهزولا، فيقول له شيطان الكافر: ما لك، ويحك، قد هلكت؟! فيقول شيطان المؤمن: لا والله ما أصل معه إلى شيء، إذا طعم ذكر اسم الله، وإذا شرب ذكر اسم الله، وإذا نام ذكر اسم الله، وإذا دخل بيته ذكر اسم الله، فيقول الآخر: لكني آكل من طعامه، وأشرب من شرابه، وأنام على فراشه، فهذا شاحب، وهذا مهزول».
    أعظم الورطات
    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: إن أعظم الورطات أن يقدم المرء على قتل نفس محرمة بغير حق؛ إذ لا يزال في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما، فإن قتل نفسًا واحدة محرمة وقع في ورطة عظيمة لا مخلص له من تبعتها، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: «إِنَّ مِنْ وَرْطَاتِ الأُمُورِ الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ» رواه البخاري، هذا في قتل نفس واحدة فقط، فكيف بمن قتل الأنفس الكثيرة؟!
    من المناهي اللفظية قولهم: سلام حار ولقاء حار
    قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-: من العبارات الحادثة قولهم: سلام حار، لقاء حار، وهكذا، والحرارة وصف ينافي السلام وأثره، فعلى المسلم الكف عن هذه اللهجة الواردة الأجنبية، والسلام اسم من أسماء الله، والسلام يثلج صدور المؤمنين، فهو تحيتهم وشعار للأمان بينهم.
    من علامة المقْتِ إضاعة الوقت
    قال بعض أهل العلم: إن من استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون؛ لأن الفراغ يعقُبُه الشغل، والصحة يعقبها السَّقَم، ومما يؤثر عن السلف قولهم: «من علامة المقْتِ إضاعة الوقت»، بل قال ابن القيم -رحمه الله-: «إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها».
    حلم ابن عون
    كان عبد الله بن عون - وهو من رواة الحديث ولد في البصرة عام685هـ- لا يغضب، فإذا أغضبه رجل، قال: «بارك الله فيك»، فليتنا نعتبر مقارنة بحالنا ومقالنا عند الغضب، يدعو بهذه الدعوة العظيمة لمن أغضبه، فماذا كان يقول إذًا حال ارتياحه وانبساطه، إنَّها القوة والشدة أن يملك نفسه هكذا عند غضبه.
    من ذاكرة تاريخ شباب الصحابة
    عُمير بن أبي وقاص - رضي الله عنه - هو أخو سعد بن أبي وقاص، أراد أن يشهد غزوة بدر، وكان عمره أربع عشرة سنة (14 سنة)، وقيل: «ست عشرة سنة (16 سنة)، وردَّه النبي -صلى الله عليه وسلم - واستصغره، فذهب يبكي فَرَقَّ له النبي - صلى الله عليه وسلم - فأجازه، يقول سعد - رضي الله عنه -: «كنت أعقد له حمائل سيفه من صغره - صلى الله عليه وسلم »، وقتل ببدر، قتله «عمرو بن عبد وُد» أحد صناديد قريش.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1180
    الفرقان


    وقفات مع وصايا لقمان {يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
    قال الله -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} من حكمة لقمان -رحمه الله- أن بدأ وصاياه مع ابنه بأهم الأمور، فدعَاه إلى التوحيد ونهاه عن الشرك، ثم بعد ذلك جاء أمره بالصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    فمن الحكمة أن يسير المربي على منهج الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- في دعوته للناس وتريبتهم على دين الله، ولا شك أن العقيدة والتوحيد وتطهير العقول والمجتمعات من الشرك، هذا هو الأساس الأصيل الذي لا يجوز أن يُبدأ بشيء قبله، والذي يتجاوز هذا المنهج، ويخترع مناهج تخالف هذا المنهج، فقد ضل سواء السبيل؛ فلا أعظم من الشرك بالله - تبارك وتعالى-؛ لأنه ذنب لا يغفر، قال - تبارك وتعالى-: {إن الله لا يغفرُ أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، وقال -تعالى-: {إنَّ الشرك لَظُلْمٌ عظيم}، وعن عبد اللَّهِ - رضي الله عنه - قال: لَمَّا نَزَلَتْ هذه الْآيَةُ {الَّذِينَ آمَنُوا ولم يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذلك على أَصْحَابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وَقَالُوا: أَيُّنَا لم يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فقال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «ليس كما تَظُنُّونَ، إنما هو كما قال لُقْمَانُ لاِبْنِهِ: يا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ»، فبين لهم أن المراد بالشرك إذا أطلق إنما هو الشرك الأكبر، والكفر العظيم الذي يستحق صاحبه غضب الله الشديد وتعذيبه الخالد المؤبد، ذنب لا يغفر؛ ولهذا قال لقمان لابنه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.
    لقمان الحكيم رجلٌ صالح
    لقمان الحكيم رجلٌ صالح، وولي من أولياء الله وحكيمٌ من الحكماء، وهبه الله -جلّ وعلا- الحكمة؛ لأنه كان صادقاً مع الله في أقواله وأعماله، جادا في التقرب إلى الله -عز وجل- بالطاعات وجميل العبادات، وكان قليل الكلام كثير الفكر والتدبر، منَّ الله عليه بالحكمة ووهبه إياها، ومن عظيم مكانة هذا العبد ورفيع شأنه، أن الله -عز وجل- ذكر لنا في القرآن خبره، وأنبأنا عن وصيته لابنه وموعظته لولده وفلذة كبده منوها بها، وذكر ألفاظها لتكون للآباء والمعلمين والمربين نبراسًا وأنموذجًا يحذون حذوه، ويسيرون على نهجه، ليأخذوا منها الوصايا النافعة، والأساليب الناجحة، والطرائق المفيدة في تربية الأبناء وتعليم النشء، وليكون منهجًا سديدًا ومسلكًا رشيدًا يسلكه الآباء والمربون والمعلمون، ينهلون من معينها ويتزودن من حِكَمها ودلالتها؛ لتكون تربيتهم لأبنائهم وللنشء عن بصيرة وحكمة ودراية.
    الإخلاص والمتابعة
    قال ابن القيم -رحمه الله-: والأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم والإجلال، وقصد وجه المعبود وحده ، دون شيء من الحظوظ سواه، حتى تكون صورة العملين واحدة، وبينهما في الفضل ما لا يحصيه إلا الله -تعالى-، وتتفاضل أيضا بتجريد المتابعة، فبين العملين من الفضل بحسب ما يتفاضلان به في المتابعة، فتتفاضل الأعمال بحسب تجريد الإخلاص والمتابعة تفاضلا لا يحصيه إلا الله -تعالى.
    الواجب على الشباب المسلم
    قال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن اباز -رحمه الله-: الواجب على الشباب المسلم هو الجد والاجتهاد في طلب العلم، والتفقه في الدين بنية صالحة وقصد صالح، وأن يعنوا بتطبيق كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على أنفسهم وعلى غيرهم في أقوالهم وأفعالهم، حتى يكون الجميع قدوة صالحة، وحتى يكونوا هداة مهتدين، وحتى يرشدوا الناس إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.
    الفراغ داء قتَّال للفكر والعقل
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الفراغ داء قتَّال للفكر والعقل والطاقات الجسمية، فإذا كانت النفس فارغة من ذلك تبلد الفكر، وضعفت حركة النفس، واستولت الوساوس والأفكار الرديئة على القلب، وعلاج هذه المشلكة أن يسعى الشاب في تحصيل عمل يناسبه من قراءة أو تجارة أو كتابة أو غيرها، مما يحول بينه وبين هذا الفراغ، ويستوجب أن يكون عضوًا سليما عاملاً في مجتمعه لنفسه ولغيره.
    الدين لا يقوم إلا بأهله
    إن البلاد لا تعمر إلا بساكنيها، والدين لا يقوم إلا بأهله، ومتى قاموا به نصرهم الله مهما كان أعداؤهم، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}، وإذا كان الدين لا يقوم إلا بأهله، فإن علينا -أهل الإسلام والشباب خاصة- أن نُقَوِّم أنفسنا أولاً؛ لنكون أهلاً للقيادة والهداية، ومحلا للتوفيق والسداد، وعلينا أن نتعلم من كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما يؤهلنا للقول والعمل والتوجيه والدعوة؛ لنحمل النور المبين لكل من يريد الحق.
    اتباع الهدى.
    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: لا يكون المرء متبعًا الهدى إلا بأمرين: تصديق خبر الله تصديقًا جازمًا من غير اعتراض شبهة تقدح في تصديقه، وامتثال أمره - تبارك وتعالى- من غير اعتراض شهوة تمنع من امتثال أمره، وعلى هذين الأصلين مدار الإسلام.
    الشباب الذي نريد
    - نريد شبابًا يعبد الله مخلصًا له الدين وحده لا شريك له.
    - نريد شبابًا متبعًا لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله وعمله، فعلاً وتركا.
    - نريد شبابًا يقيم الصلاة على الوجه الأكمل بقدر ما يستطيع.
    - نريد شبابًا يحب الخير لعامة المسلمين؛ لأنه يؤمن بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
    - نريد شبابًا يؤمن بالله خالقه وخالق السموات والأرض؛ لأنه يرى من آيات الله -سبحانه- ما لا يدع مجالاً للشك والتردد في وجود الله.


    احذر أن تكون من هؤلاء الشباب
    احذر أن تكون من الشباب المنحرف في عقيدته، المتهوِّر في سلوكه، المغرور بنفسه، المنغمر في رذائله، الذي لا يقبل الحق من غيره، ولا يمتنع عن باطل في نفسه، الأناني في تصرفه، العنيد الذي لا يلين للحق، ولا يقلع عن الباطل، الذي لا يبالي بما أضاع من حقوق الله، ولا من حقوق الآدميين، الفوضوي، فاقد الاتزان في تفكيره، وفاقد الاتزان في سلوكه في جميع تصرفاته.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1183
    الفرقان



    وقفات مع وصايا لقمان

    الوصية بإقامة الصلاة
    من وصايا لقمان العظيمة لابنه قوله: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ}؛ فالصلاة هي سرُّ النجاح وأصلُ الفلاح، وهي أوّلُ ما يحاسب به العبدُ يومَ القيامة، عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ».
    والمحافظة علي الصلاة عنوان الصِدق والإيمان، والتهاون بها علامةُ الخذلان والخُسران، والتفريط فيها من أعظم أسبابِ البلاء والشقاء، قال -تعالى-: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيًّا}(مريم:59)، ومعنى إقامة الصلاة أن يأتي بها على الوجه الأكمل الذي شرعه الله -سبحانه وتعالى- كما علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسيء صلاته؛ فعن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دخل الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، فَسَلَّمَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ وقال: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لم تُصَلِّ» فَرَجَعَ يُصَلِّي كما صلى ثُمَّ جاء فَسَلَّمَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لم تُصَلِّ ثَلَاثًا»، فقال: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ما أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي فقال: «إذا قُمْتَ إلى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ مَعَكَ من الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حتى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتى تعتدل قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حتى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذلك في صَلاَتِكَ كُلِّهَا».

    من وسائل الثَّبات
    - الإقبال على القرآن الكريم قراءةً وتدبُّرًا وعملًا، والإكثارُ من الأعمال الصالحة.
    - قراءَة سِيَرِ الأنبِياء وقصصهم وتدبُّرها؛ لمعرفة ثباتهم وصبرهم والتأسِّي بهم.
    - كثرة الدعاء بالثَّبات.
    - كثْرة ذِكر الله -عزَّ وجلَّ.
    - اتِّباع السُّنَّة وهُدَى السلف -رحمهم الله-، وهو طريق أهل السُّنَّة والجماعة.
    - التربية الإسلامية الصحيحة للناشئة.
    - الإيمان الصادق والتصديق.
    - مُمارَسة الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    - الالتِفاف حوْل العلماء وطلَبَة العِلم الشرعي.
    - الصبر، وعدَم الاستِعجال، واحتِساب الأَجْر.

    أثر الصلاة على المجتمع
    للصلاة آثار عديدة على المجتمع من أهمها ما يلي:
    (1) توحيد صفوف المسلمين وتثبيت قلوبهم
    وذلك من خلال إظهار بعض الشعائر بشكلٍ جماعيٍّ كصلاة الجماعة والحج وغيرها من العبادات، فاجتماعهم عليها جميعاً من صغيرٍ وكبيرٍ، وعالمٍ وجاهلٍ، وقويِّ الإيمان وضعيفه يُبيّن عظمة دين الإسلام ووحدته، وأنّ كلمة الله -تعالى- هي العُليا.
    (2) ترسيخ العقيدة في قلوب المسلمين
    للأذان وقعٌ خاص في أسماع المسلمين؛ فهو بمثابة الإعلان عن دخول وقت الصلاة، وترسيخ العقيدة في نفوس المسلمين التي تؤكّد معاني توحيد الله -تعالى- وإثبات النبوّة لسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - من خلال الأذان وتكراره.
    (3) تلاشي الفروقات بين المسلمين
    الفروق تتلاشى بين الناس في الصلاة، حين يصطفّ الفقير بجانب الغنيّ، والمسؤول بجانب المواطن، والأبيض والأسود، يوميا خمس مرات، الكل مفتقر إلى لله -تعالى-؛ فيترسّخ بذلك في نفوسهم ونفوس غيرهم وحدَة هذا المجتمع وهذه الأمة.
    (4) ثبات المجتمع المسلم في المحن
    الإيمان بالله -تعالى- ورسوخ العقيدة في نفوس المسلمين، يمنحهم القوة والصبر على تحمل الابتلاءات الكونية والشرعية، وهو أمر عام يشمل المجتمعات المسلمة كافة، ولم لا؟ فالعقيدة واحدة، والعبادة واحدة، والأخلاق والمعاملات واحدة، فهم كالجسد الواحد، وهذا من أعظم أسباب ثباتِ المُسلم في المِحن.
    من أسباب الانحِراف
    - رفقة السوء.
    - ضعْف الإيمان، والبُعد عن الله، وترْك الصلاةِ ومجالسِ الذكْر.
    - الغلوُّ والتشديد على النفس حتى يملَّ وينحرف، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الدِّين مَتِين فأَوغِلوا فيه برفْق».
    - الفَراغ بشقَّيْه الرُّوحي والزمني كما قال الشاعر:
    إِنَّ الشَّبَابَ وَالْفَرَاغَ وَالْجِدَهْ
    مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيَّ مَفْسَدَهْ
    - اليأس والقُنُوط مِن رحمة الله عندَما يُسْرف الإنسانُ على نفسه، فيظن أنَّ الله لا يغفِر له.
    - بعض وسائل الإعلام غير الهادفة (إنترنت، وقنوات فضائية، وإذاعة، ومجلَّات وصحف).
    - عدم وضوح الهدف في الحياة، وعدم تحديد الوجهة والغاية.


    الصلاة تعلمنا
    الصلاة تعلمنا الحب والتعاون والتآلف، وتعلمنا وحدة الصف والتراص وجمع الكلمة، وتعلمنا ألا نجعل مجالاً للشيطان أن يدخل بيننا، قال -عليه الصلاة والسلام-: «أقيموا الصفوف، فإنما تصفون كصفوف الملائكة، حاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفاً وصله الله»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أقيموا صفوفكم ثلاثًا، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم».
    من آثار الصلاة على المسلم
    الصلاة هي عمادُ دين الإسلام، وركنٌ أساسيّ فيه، وهي الفريضة الأولى بعد الإيمان بالله، والصلاة التي يخشع فيها المسلم وتجعله ذليلاً أمام الله متواضعًا لخلقه، تدفعه لفعل الخير وتبعده عن الشر، فيكون قويا بالله مُعتمدًا عليه في أموره كلها، وبالصلاة تحصل الطمأنينة والسكينة في قلب المسلم، والصلاة تساعد في ترسيخ عقيدة المجتمع وثباته أمام المحن والمصائب.
    يحصل اليقين بثلاثة أشياء
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «وأما كيف يحصل اليقين؟ فبثلاثة أشياء: أحدها- تدبر القرآن، والثاني- تدبر الآيات التي يحدثها الله في الأنفس والآفاق التي تبين أنه حق، والثالث- العمل بموجب العلم.» مجموع الفتاوى (3/330).



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1184


    الفرقان


    وقفات مع وصايا لقمان
    التواضع وعدم الكبر
    من الوصايا التي أوصى لقمان -رحمه الله- ابنه في القرآن الكريم قوله: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور} (لقمان: 18).
    قال السعدي -رحمه الله-: (ولا تصعر خدك للناس) أي: لا تُمِلْهُ وتعبس بوجهك في الناس، تكبُّرًا عليهم، وتعاظما، (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا) أي: بطرًا، فخرًا بالنعم، ناسيًا المنعم، معجبا بنفسك، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ} في نفسه وهيئته وتعاظمه (فَخُور) بقوله.
    ومن الكبر الذي يمكن أن يقع فيها الشباب، التكبر بالحسب والنسب؛ فالذي له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك النسب، وكذلك التفاخر بالهيئة والشكل، فيلجأ إلى التنقص، والثلب، والغيبة، وذكر عيوب الآخر.
    ومن ذلك الكِبْر بالمال، فيستحقر الغني الفقير، ويتكبر عليه، أو الكِبْر بالقوة وشدة البطش، والتكبر به على أهل الضعف، أو التكبر بالأتباع والأنصار، وبالعشيرة، والأقارب، وإن من أشرُّ الكِبْر، من يتكبر على العباد بعلمه، ويتعاظم في نفسه بفضيلته، فهذا لم ينفعه علمه، فإنَّ من طلب العلم للآخرة خشع قلبه، واستكانت نفسه، ومن طلب العلم للفخر والرياسة، فهذا من أكبر الكِبْر، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

    احذر الغرور والتهور!
    يقع الكثير من الشباب في أخطاء تعرض حياتهم للخطر، وربما تدمرها إلى الأبد، مثل القيادة بتهور، والتنافس على الطرق عشوائيا؛ فينتهي غالبًا بحادث مأساوي يفقد خلاله الشباب عمره، أو يجد نفسه أسير مقعد متحرك طوال حياته، وليست القيادة بتهور ومخالفة قوانين المرور فحسب هي التي تسرق عمر الشباب، بل هناك سلوكيات أخرى، منها ما يمارسها الشباب تحت سمع الأهل وبصرهم، ومنها ما يقدمون عليه لغياب الرقابة مثل التدخين والسهر؛ فلابد من السعي الجاد لإنقاذ الجيل الجديد من مثل هذه التصرفات العشوائية التي يمارسها بعضهم من دون ان يعي خطورتها.
    الزبير بن العوام - رضي الله عنه
    حواريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عمته
    أسلم الزبير بن العوام - رضي الله عنه - وهو ابن ست عشرة سنة، إنه حواريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عمته صفية، وأول من سلّ سيفه في سبيل الله، وكان فارساً مغواراً، لم يتخلف عن غزوة واحدة! وكان يسمي أبناءه بأسماء الشهداء من الصحابة، عذبه عمه لإسلامه؛ فكان يصبر ويقول: «لا أرجع إلى الكفر أبداً». وهاجر إلى الحبشة، وكان في صدره مثل العيون، من كثرة الطعن والرمي، وقَتَلَ يوم بدر عمه نوفل بن خويلد بن أسد، وفي أحد وفي قريظة يقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فداك أبي وأمي»! وفي الخندق قال - صلى الله عليه وسلم -: «من يأتيني بخبر القوم»؟ فقال الزبير: «أنا»، فذهب على فرس فجاء بخبرهم، ثم قال الثانية ففعل، ثم الثالثة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لكل نبي حواري، وحواريّ الزبير»، وكانت له شجاعة نادرة في اختراق صفوف المشركين يوم حنين ويوم اليرموك واليمامة، وكان له دور عظيم في فتح حصن بابليون، وتمكين عمرو بن العاص من استكمال فتح مصر. وكان كريماً سخيّاً، يكثر الإنفاق في سبيل الله، صلى الله عليه وسلم .


    من نصائح الشيخ ابن عثيمين للشباب
    احرص على أن تكون دائماً مع الله -عز وجل-، مستحضرًا عظمته، ومتفكرًا في آياته الكونية، مثل خلق السموات والأرض وما أودع فيهما من بالغ حكمته، وباهر قدرته، وعظيم رحمته ومنته وآياته الشرعية التي بعث بها رسله، ولا سيما خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، واحرص أن يكون قلبك مملوءًا بمحبة الله -تعالى-؛ لما يغذوك به من النعم، ويدفع عنك من النقم، ولا سيما نعمة الإسلام والاستقامة عليه؛ حتى يكون أحب شيء إليك.
    نماذج من علو همة الشباب
    لقد كان صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه شبابًا، فهذا أسامة بن زيد -رضي الله تعالى عنهما- أمّره رسول الله -صلى الله عليه وسلم - على الجيش، وكان عمره ثماني عشرة سنة، وهذا عتاب بن أسيد - رضي الله عنه - استعمله النبي -صلى الله عليه وسلم - على مكة لما صار إلى حنين وعمره نيف وعشرون سنة، وهناك نماذج أخرى لشباب الصحابة الذين أبلوا أحسن البلاء في حمل رسالة الإسلام ونشر نوره في العالمين؛ فالشباب هو القوة الروحية والقوة البدنية، وهو فترة القدرة على إنجاز جسام المهام، فينبغي للإنسان أن يغتنمها كما نصحنا النبي - صلى الله عليه وسلم .

    التفريط في الآ خرة
    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: كم يحصل للمرء من ندامة على ما يقع منه من تفريط في بعض مصالحه الدنيوية، والجاد من الناس يعمل بجد حتى لا تقع له هذه الندامة، لكنَّ الكثير منهم يغفل عن العمل الجاد للدار الآخرة فيبوء في ذلك اليوم بندامة وحسرة لا تجدي {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا}.



    فضل التواضع
    رغَّب الإسلام في التَّواضُع وحثَّ عليه ابتغاء مرضات الله، وأنَّ مَن تواضع جازاه الله على تواضعه بالرِّفعة، وقد وردت نصوصٌ مِن السُّنَّة النَّبويَّة تدلُّ على ذلك، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما نقصت صدقة مِن مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله»، وعن عياض بن حمار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا؛ حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ».


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1186




    الفرقان


    وقفات مع وصايا لقمان - التوسط والاقتصاد في الأمور
    من وصايا لقمان الحكيم لابنه أن يتوسط في أموره وأحواله، قال -تعالى- فيما حكاه عنه وهو يخاطب ابنه: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (لقمان: 19). أي: امش متواضعا مستكينا، لا مَشْيَ البطر والتكبر، ولا مشي التماوت، {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} أدبًا مع الناس ومع اللّه، {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ} أي أفظعها وأبشعها قال مجاهد: أقبح الأصوات، وهذا التشبيه يدل على كراهة رفع الصوت من غير حاجة لقوله -[-: «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ»، وقد جاء التمثيل بالحمار في سياق التقبيح لقوله -تعالى-: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} (الجمعة: 5)، وقد جاء في التنزيل المبارك الأمر بالتوسط في أكثر من آية، قال -تعالى-: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (الإسراء: 29)، والتوسط في الأمور هو الطريق المستقيم الذي يحبه الله -تعالى-، كما دلت على ذلك الآيات السابقة وغيرها، والوصية باستحباب القصد في المشي وخفض الصوت إنّما ذلك بالأحوال التي لا حاجة فيها بالإسراع في المشي أو رفع الصوت، فإذا جاءت الحاجة إلى ذلك لم يكن مكروهًا ولا منكرًا، وقد وردت النصوص بذلك، وهذه إشارة إلى بعض النصوص، قال -تعالى-: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} (القصص: 20)، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (الجمعة: 9)، وقد فسَّر بعض أهل العلم السعي هنا بالمشي القصد.
    صلاح القلوب وحقيقة التوحيد
    لا صلاح للقلوب حتى يستقر فيها معرفة الله وعظمته ومحبته، وخشيته ومهابته ورجاؤه والتوكل عليه، ويمتلئ من ذلك، وهذا هو حقيقة التوحيد، وهو معنى قول لا إله إلا الله، فلا صلاح للقلوب حتى يكون الله أحب إليه من كل شيء، يخشاه ويعبده، ويطيع أمره.
    من فوائد غض البصر
    الاستجابة إلى أمر الله -عزوجل-، {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} (النور: 30)
    تزكية القلب، وتطهير النفس، واختبار لما يعود بالنفع عليهما في الدنيا والآخرة؛ {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} (النور: 30).
    سلامة القلب لله -عز وجل- من كل الشوائب التي قد تحدق به فيما لو أطلق للبصر العنان.
    مُباعدة النفس عن التطلع إلى ما يمكن أن يكون سببًا يوقعها في الحرام، أو ما يُكلفها صبرًا شديدًا عليها.
    يورث القلب نورًا وإشراقًا يظهر في العين وفي الوجه وفي الجوارح، كما أن إطلاق البصر يورثه ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه.
    من أدب الحديث
    عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد » الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي، قال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه، وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك، وسلامتك من سوء الأدب؛ فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
    من آداب الطريق: كف الأذى
    من حقوق الناس على بعضهم بعضا، كف الأذى عنهم، وعدم إيذائهم في أجسادهم وفي أموالهم وفي أعراضهم، فكلمة الأذى كلمة جامعة تشمل كل أذى يصيب الإنسان من أخيه الإنسان من قول أو فعل أو نظر أو إشارة، ومن ذلك استخدام السيارات والدراجات -التي تعد نعمة من نعم الله تعالى- لإزعاج الآخرين، فضلا عن إلقاء القمامة والأوساخ والقاذورات في الطريق أو الأطعمة الزائدة، ورمي قطع الزجاج المكسور أو المسامير، مما يؤدي إلى إيذاء المارة، فهذا كله من الأذى الذي كرهه الإسلام.
    من حقوق الكبير في الإسلام
    من حقوق الكبير في الإسلام إحسانُ معاملته بحسن خطابه بطيبِ الكلام وسديد المقال والتودد إليه؛ لأن إكرام الكبير وإحسان خطابه من إجلال لله -عز وجل-، فَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ -أَيْ: تَبْجِيلِه وَتَعْظِيمِه- إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ -أَيْ: تَعْظِيمُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ فِي الْإِسْلَام، بِتَوْقِيرِهِ فِي الْمَجَالِسِ، وَالرِّفْقِ بِهِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَنَحْو ذَلِكَ- وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ».
    حقيقة العبادة

    قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: العبادة هي التقرب إلى الله -تعالى- بما شرعه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وهي حق الله على خلقه، وفائدتها تعود إليهم، فمن أبى أن يعبد الله فهو مستكبر، ومن عبد الله وعبد معه غيره فهو مشرك، ومن عبد الله وحده بغير ما شرع فهو مبتدع، ومن عبد الله وحده بما شرع فهو المؤمن الموحد.
    زمن الرفق
    قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: «هذا العصر عصر الرفق والصبر والحكمة، وليس عصر الشدة، الناس أكثرهم في جهل، وفي غفلة وإيثار للدنيا، فلابد من الصبر عليهم، ولابد من الرفق بهم حتى تصل الدعوة إلى قلوبهم.
    آداب الطريق
    من الآداب العظيمة التي حث عليها الإسلام ورغب فيها: آداب الطريق، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ»، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا»، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ».
    معاملة الناس باللطف
    قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به».

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1187




    الفرقان




    الشباب هو فترة عمرك الذهبية
    الشباب فترة العمر الذهبية؛ لذلك حثك رسولك - صلى الله عليه وسلم - أن تستثمرها، وأن تستفيد منها، وأن تبذل قصارى جهدك في أن تخرج بعظيم الثمرات، بأن تكتسب علماً نافعًا وتعمل عملاً صالحًا، بأن تصنع لأمتك بطولةً وتاريخاً، وتزكو بأخلاقك وتؤدب نفسك على العادات الكريمة والآداب الرفيعة.
    وقفات مع وصايا لقمان
    لا تمش في الأرض مرحًا
    قال لقمان لابنه -في سورة لقمان-: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}. أي ولا تمش في الأرض في حالة من المرح والسرور، غير عابئ بالناس، وتختال بنفسك وتغتر بها؛ لأن الله لا يحب كل متكبر ولا يحب كل متباه في نفسه وفي هيئته وفي قوله، قال القرطبي -رحمه الله-: يقول -تعالى ذكره-: ولا تمش في الأرض مختالا مستكبرًا، وإنما هذا نهي من الله لعباده عن الكبر والفخر والخُيَلاء، وتقدم منه إليهم فيه معرِّفهم بذلك أنهم لا ينالون بكبرهم وفخارهم شيئا يقصر عنه غيرهم، قال السعدي -رحمه الله-: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} أي: جذلا متكبرا جبارا عنيدا، لا تفعل ذلك فيبغضك الله؛ ولهذا قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} أي: مختال معجب في نفسه، فخور أي على غيره، وقد ذُكر الكبر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشدد فيه، فقال: «إن الله لا يحب كل مختال فخور»، فقال رجل من القوم: والله يا رسول الله، إني لأغسل ثيابي فيعجبني بياضها، ويعجبني شراك نعلي، وعلاقة سوطي، فقال: «ليس ذلك الكبر، إنما الكبر أن تسفه الحق وتغمط الناس».
    الشاب الناجح الذي نريد
    كلُّ شابٍّ منّا يريد أن يكون ناجحًا في حياته، وكثيرًا ما يتساءل الناس في مجتمعاتهم وندواتهم: من الشابُّ الناجحُ يا تُرى؟ إن الشاب الناجح هو الشابُّ الذي يثق بنفسه، وثقتُهُ هذه هي التي تجلب له احترام الآخرين، الذي يرنو إليه كلُّ شاب، ولا بد أيضاً من صحبة الأخيار من الأصدقاء، ويسلك السلوكَ الإسلاميَّ الرفيع بدفع الأذى بالإحسان، والمنعِ بالجود والعطاء، سلاحُهُ الإيمان، وعمادُه التوكل، وغذاؤُه المواظبةُ على القربات والطاعات، وأن يكون طموحُهُ وتطلعه إلى المثل العليا، فإن الشبابَ بلا طموح كشجرة لا تُزهر ومن ثم لا تُثمر.

    المرء بأصغريه
    كثيرٌ من النَّاس يهتمُّ بصورته الخارجيَّة ومظهره المشاهَد ولا يهتمُّ بالمخْبَر؛ ولهذا يكون منه أنواع من الزَّلل والخطل ولا يبالي بذلك مما يخرِم مكانته، ويضعف منزلته، ويوقعه مواقع الذُّل والهوان، بينما إذا عُنيَ المرء بهذين العضوين (اللِّسان والقلب) عنايةً تامَّة، وحافظ عليهما واعتنى بإصلاحهما وتقويمهما في ضوء هدي الشَّريعة وآدابها القويمة، صَلَحت حاله كلُّها. وفي الدُّعاء المأثور عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَلِسَانًا صَادِقًا» فجمَع - صلى الله عليه وسلم - في هذا الدُّعاء بين هذين العضوين الخطيرين العظيمين.
    خيرُ ما يُوجَّه إليه الشباب

    قال الشيخ عبدالكريم الخضير: خيرُ ما يُوجَّه إليه الشباب -في ظروفنا التي نعيشها- أمرَانِ فقط؛ لكنهما أمرانِ يحويان الدنيا والآخرة، هما: العلْم والعمَل؛ إذ إنَّ العمل وحده دون عِلمٍ قد يكون ضررًا ونقصًا على صاحبه؛ فقد يَعبُد اللهَ -جلَّ وعلا- على غير ما شرعه في كتابه، أو في سُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، فيعبد الله على جهل، ويُفسد أكثرَ مما يصلح، والعِلم أيضًا مِن دون عمل كالشجر بلا ثمر، فلا بُدَّ مِن اقْتران العِلْم بالعمَل، واقتضاء العِلْم للعمَل.
    طيش النفس

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من سمات أهل العقل والحكمة النظرُ في العواقب، وأما أهل الطيش فإنهم لا يعملون عقولهم ولا ينظرون في العواقب، بل يندفعون اندفاعًا بلا تعقُّلٍ؛ فيوردهم المهالك؛ ولهذا شبهت النفس في طيشها بكُرة من فخار وُضعت على منحدر أملس؛ فلا تزال متدحرجةً ولا يُدرى في نهاية أمرها بأيِّ شيء ترتطم؟ وكم هي تلك المآلات المؤسفة والنهايات المحزنة التي يؤول إليها أمر الطائشين ممن لا يتأملون في العواقب ولا ينظرون في المآلات!
    انحراف القيم
    كل أمة تستمد أخلاقها من قيمها، وتنبع القيم من عقيدتها. وفساد الأخلاق يجعل الأمة على خطر عظيم، والانحراف الأخلاقي من أقوى الأسباب الجالبة لزوال نعم الله وتحول عافيته وفجاءة نقمته؛ فما زالت عن العبد نعمة ولا حلت به نقمة إلا بذنب، قال -تعالى-: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (الشورى: 30).
    إذا سمعتـم المؤذن فقولوا مثلمـا يقول

    من فوائد الشيخ الألباني -رحمه الله- أنه قال: على من يسمع الإقامة مثل ما على من سمع الأذان من الإجابة، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلب الوسيلة له، وذلك لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سمعتـم المؤذن، فقولوا مثلمـا يقول...»، ولأن الإقامةَ أذانٌ لغة، وكذلك شرعاً، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة» يعني أذانًا وإقامة.
    مَثَل العالم في الأمَّة
    العلم نورٌ وضياءٌ لصاحبه، ومَثَل العالم في الأمَّة مَثَل أُناس في ظُلمة، وبينهم شخصٌ بيده مصباحٌ، يضيء لهم بمصباحه الطَّريق، فيسلَمُون منَ العِثار، ويتَّقون الشَّوك والأخطار، ويسيرون في جادَّة سويَّة وصراط مستقيم.
    أبرُّ الأصحاب
    إنَّ أبرَّ الأصحاب وخير الرفقاء عمل المرء الصالح، ولن يدخل معه في قبره إلا هذا الصاحب، نقل ابن القيم -رحمه الله في روضة المحبين- عن أحد الحكماء أنه سُئل: أي الأصحاب أبَرّ؟ قال: «العمل الصالح»؛ فالعمل الصالح صاحب بر بصاحبه، ومن فرط فيه ندم أشد الندامة.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1188




    الفرقان




    حقيقة الخوف من الله -تعالى
    الخوف من الله منزلة من منازل الإيمان، وأشدّها نفعًا لقلب العبد، وهي عبادة قلبيّة مفروضة، ولا يبلغ أحد مأمنه من الله إلا بالخوف، قال ابن القيم -رحمه الله-: الخوف من الله من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب، وهي فرض على كل أحد.
    من وصايا لقمان لابنه:
    عليك بمخافة الله
    مما وصى به لقمان ابنه -كما جاء في سورة لقمان-: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}. هنا يعظ لقمان ابنه بأن يخاف من الله -سبحانه-، الذي يعلم كل شيء، ويقول له: لو أنك أخفيت عملك في مكان لا يطلع عليه أحد من الخلق فالله يطلع عليك، ولو أنك أخفيت معصيتك في ظلمة الليل أو في ظلمة البحر أو في مكان تظن ألا يطلع أحد عليك، فيه فإن الله يعلم ما تفعل وسيحاسبك عليه، قال ابن كثير -رحمه الله-: أي: إن المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبة من خردل «يأت بها الله» أي: أحضرها الله يوم القيامة حين يضع الموازين القسط، وجازى عليها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، كما قال -تعالى-: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (الأنبياء: 47)، ولو كانت تلك الذرة محصنة محجبة في داخل صخرة صماء، أو غائبة ذاهبة في أرجاء السماوات أو الأرض، فإن الله يأتي بها، لأنه لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض؛ ولهذا قال: {إن الله لطيف خبير} أي: لطيف العلم، فلا تخفى عليه الأشياء وإن دقت ولطفت وتضاءلت.
    من توجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - للشباب
    النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يولي جانبًا من توجيهاته إلى الشباب فيقول - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله»، ويقول - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن أبي سلمة ربيبه وهو طفل صغير، لما أراد أن يأكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم وجالت يده في الصفحة- أمسك النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يلك»، فهذه توجيهات من النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجهها للطفل ليغرس الآداب العظيمة في قلوبهم ونفوسهم.
    من خصال التائبين
    قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: «وخصال التائب قد ذكرها الله في آخر سورة براءة، فقال: {*التَّائِبُونَ *الْعَابِدُونَ}، فلابد للتائب من العبادة والاشتغال بالعمل للآخرة، وإلا فالنفس همامة متحركة، إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل، فلابد للتائب من أن يبدل تلك الأوقات التي مرت له في المعاصي بأوقات الطاعات، وأن يتدارك ما فرط فيها، وأن يبدل تلك الخطواتِ بخطوات إلى الخير، ويحفظ لحظاتِه وخطواتِه، ولفظاتِه وخطراتِه.
    الصادق الذي يخاف الله

    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: الخوف الحقيقي هو خوف يحمل على فعل الأسباب، وأداء الواجبات، وعلى ترك المحرمات، كما يرجوه أنه يدخله الجنة وينجيه من النار إذا أدى حقه، فهو يخاف الله فيعمل ما أوجب الله ويدع ما حرم الله، وهو يرجو الله ويحسن الظن بالله مع قيامه بحق الله وتركه ما حرم الله، هذا هو الصادق الذي يخاف الله ويرجوه، هو الذي يخاف ويرجو مع العمل، مع أداء الفرائض وترك المحارم والوقوف عند حدود الله.
    دور الشباب في الحياة
    دور الشباب في الحياة دور مهم، فهم إذا صلحوا، نهضوا بأمتهم ونشروا دينهم ودعوا إليه؛ لأن الله أعطاهم من القوة البدنية والقوة الفكرية ما يفوقون به على كبار السن، وإن كان كبار السن يفضلونهم بالسبق والتجارب والخبرة، ومن هنا كان دور شباب الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- دورا عظيما في نشر هذا الدين، تفقهًا في دين الله وجهادًا في سبيله، من أمثال عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت وغيرهم من شباب الصحابة الذين نهلوا من العلم النافع وحفظوا لهذه الأمة ميراث نبيها -صلى الله عليه وسلم - وبلغوه.
    لا تستسلم للأوهام والخيالات
    قال العلامة السعدي -رحمه الله-: الخوف إن كان خوفًا وهميًّا، كالخوف الذي ليس له سبب أصلًا، أو له سبب ضعيف، فهذا مذموم، يدخل صاحبه في وصف الجبناء، وقد تعوذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجبن؛ ولذا ينبغي مقاومة هذا الخوف. يقول العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-: ينبغي للمؤمن أن يطارد هذه الأوهام؛ لأنه لا حقيقة لها، وإذا لم يطاردها، فإنها تُهلكه.
    من ثمرات الإيمان باليوم الآخر
    من أعظم ثمرات الإيمان باليوم الآخر: أنه يحجز الإنسان عن المعاصي ويُوقفه عن اقترافها؛ لعلمه بأنه سيؤاخذ بها، ويحاسب عليها، فإذا أراد أن يعصي الله في حقِّه، أو يتعدَّى على عباده بظلم أو إضرار ذكَّره إيمانه بالخطر، فحجزه عن تلك الخطيئات؛ قال -تعالى-: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} (هود: 103).
    مواقف مضيئة من حياة الصحابة
    لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر، نزل على أدنى ماء هناك، أي: أول ماء وجده، فتقدم إليه الحباب بن المنذر - -، فقال: يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته، منزل أنزلكه الله، فليس لنا أن نجاوزه، أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ فقال: «بل منزل نزلته للحرب والمكيدة»، فقال: يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزل، ولكن سِرْ بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم، ونغور ما وراءه من القلب، ونستقي الحياض، فيكون لنا ماء، وليس لهم ماء، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففعل كذلك.
    أحداث وقعت في شهر صفر
    أولاً: غزة الأبواء، وهي أول غزو غزاها النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث خرج - صلى الله عليه وسلم - في صفر غازيًا على رأس اثني عشر شهرًا من مقدمه المدينة لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر صفر، حتى بلغ ودان، وكان يريد قريشًا، وبني ضمرة، ثم رجع إلى المدينة، وكان استعمل عليها سعد بن عبادة.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1189




    الفرقان



    من علامات السعادة
    من علامات السعادة على العبد: تيسير الطاعة عليه، وموافقة السنة في أفعاله، وصحبته لأهل الصلاح، وحسن أخلاقه مع الإخوان، وبذل معروفه للخلق واهتمامه بالمسلمين، ومراعاته لأوقاته.
    القرآن الكريم يقوِّي صلة العبد بربه
    يقول الله -جل وعلا- يقول: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (الإسراء:9)؛ فهو كتاب هداية يهدي للتي هي أقوم، ويدل للتي هي أرشد، وكتاب بشارة يبشر المؤمنين بكل خيرٍ وسعادةٍ وفلاحٍ ورفعةٍ في الدنيا والآخرة، وهذا القرآن فيه كفاية للعباد وصلاحٌ لهم، ولهذا قال الله -سبحانه وتعالى-: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} (العنكبوت:51)، أي أن القرآن الكريم فيه الكفاية للعباد في تحقيق سعادتهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة. ومن مقاصد القرآن الكريم أنه يقوِّي صلة العبد بالله؛ فهو كتابٌ يُعرِّف العبد بربه وبخالقه ولماذا خلقه؟ وما الغاية من وجوده؟ فيُعرِّف العبد بربه العظيم وخالقه الجليل، ويعرِّفه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، يعرَّفه بعظمته وجلاله وكماله، يعرِّفه بأنه هو المعبود بحق ولا معبود بحقٍ سواه، يعرِّفه بوجوب إخلاص الأعمال كلَّها له -سبحانه وتعالى- والإتيان بها خالصةً لوجهه الكريم، يعرِّفه بأن الرب -سبحانه وتعالى- هو الذي يحكم بين عباده، وهو الذي يشرع ما يشاء ويحكم ما يريد، شرع الشرائع وأحكم الأحكام، لا حُكم إلا لله {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (يوسف:40) ، فيعلِّمه القرآن أنه عبدٌ لله، وليس للعبد إلا أن يطيع سيَّده ويأتمر بأمره وينتهي عن نهيه، ويخضع لشرعه ويتأدب بالآداب التي يأمره بها سيده وخالقه ومولاه -سبحانه وتعالى .
    تدبر القرآن
    قال ابن القيم -رحمه الله-: « فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن وإطالة التأمل له، وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما، وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتشهده عدل الله وفضله، وتعرفه ذاته وأسماءه وصفاته وأفعاله، وما يحبه وما يبغضه، وصراطه الموصل إليه، وتعرفه النفس وصفاتها، ومفسدات الأعمال ومصححاتها، وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم وأحوالهم وسيماهم، ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه وافتراقهم فيما يفترقون فيه».
    نصيحة للشباب

    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: - عليك -أيها الشاب- أن تعمل في أيامك ولياليك على تحصين نفسك بذكر الله -جل وعلا- ، وأن تكون مواظبًا على الأذكار الموظفة في الصباح والمساء وأدبار الصلوات والدخول والخروج والركوب ونحو ذلك؛ فإن ذكر الله -عز وجل- عصمةٌ من الشيطان وأمَنَةٌ لصاحبه من الضر والبلاء، وعليك أن يكون لك وردٌ يومي مع كتاب الله ليطمئن قلبك؛ فإن كتاب الله -عز وجل- طمأنينة للقلوب وسعادةٌ لها في الدنيا والآخرة {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرع د:28).
    المنجيات والمهلكات

    قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: ينبغي للعاقل أن يعرض نفسه كل يوم على المنجيات والمهلكات، ويكفيه من المهلكات النظر في عشرة، فإنه إن سلم منها سلم من غيرها، وهي: البخل، والكبر، والعجب، والرياء، والحسد، وشدة الغضب، وشره الطعام، وشره الوقاع، وحب المال، وحب الجاه، ومن المنجيات عشرة: الندم على الذنوب، والصبر على البلاء، والرضا بالقضاء، والشكر على النعماء، واعتدال الخوف والرجاء، والزهد في الدنيا، والإخلاص في الأعمال، وحسن الخُلُق مع الخلق، وحب الله -تعالى- والخشوع.
    منزلة الفقه في الدين
    إن منزلة الفقه في الدين من المنازل العظيمة، وإن التفقه في دين الله -تعالى- من أجل العبادات؛ فمن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، فلا نعبد ربنا إلا بالفقه، ولا تصح عبادتنا إلا بالفقه، ولا نعرف الحلال والحرام إلا بالفقه؛ فالفقه أساس ديننا، وهو الفهم عن الله ورسوله، فهم الشريعة، وفهم الأحكام، وهذا ولا شك معرفته فرض عين على كل مسلم، في كل مسألة يحتاج إليها أن يعرف فقهها وحكمها، وأما التفقه في الدين على وجه العموم فإنه فرض كفاية، لابدّ أن يكون للمسلمين من يفقههم، ويعلمهم، ويبين لهم أحكام الله -تعالى-، فإن لم يوجد فيهم من يكفيهم هذا الأمر أثموا جميعًا.
    أول تلبيس إبليس
    قال ابن الجوزي -رحمه الله- في كتابه تلبيس إبليس: «اعلم أن أول تلبيس إبليس عَلَى الناس، صدُّهم عَنِ العلم؛ لأنَّ العلم نور؛ فإذا أطفأ مصابيحهم خبطهم فِي الظُلَم كيف شاء»، فما أعظم خسران المرء وأشدَّ حرمانه عندما تعاق نفسه عن تحصيل العلم الشرعي! بل إنَّ هذه الإعاقة تعد أولَّ خطوة للشيطان مع الإنسان لحرمانه من الخيرات وإيقاعه في الباطل.
    الأمور التي يُستجلب بها التوفيق
    النية الصالحة هي أساس العمل وقوامه وصلاحه.
    كثرة الدعاء والإلحاح على الله -تعالى.
    صدق التوكل على الله -جل وعلا- كما في قول شعيب -عليه السلام-: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}.
    إصلاح النفس بالعلم؛ فإن العلم نورٌ لصاحبه وضياء.
    مجاهدة النفس على العبادة والطاعة فرضها ونفلها.
    ملازمة أهل الصلاح والاستقامة، والبُعد عن أهل الشر والفساد.

    عبد الله بن عمر أكثر الصحابة اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم
    ولد عبد الله قبل الهجرة بعشر سنين، وهاجر مع أبيه عمر - رضي الله عنه -، وكان كأبيه قويا، ذكيا، حريصًا على العلم، حريصًا على الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حاول أن يشترك في غزوة بدر، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردّه لصغره، وكذلك حدث في غزوة أحد، ولكنه أذن له في غزوة الخندق، ولم يكن يغيب عن غزوة بعد ذلك، وحضر معارك اليرموك والقادسية وجلولاء وحروب الفرس وفتح مصر، وكان كثير الحفظ والرواية لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان ثاني السبعة المكثرين للرواية. وكان كريم اليد، كريم النفس، أصبح ضريراً آخر حياته، وتوفي وهو ابن (84) سنة.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,303

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1190



    الفرقان




    الشباب فترة عمرك الذهبية
    قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ، شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك»، هذه وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأولى للشباب؛ لأن فترة الشباب هي فترة عمرك الذهبية التي لا تعوضها فترة، وهي وقت البناء الحقيقي، فعليك أن تستغلها في طاعة الله، وفي عبادة الله، فهي أفضل سنين عمرك، فلا تُضيعها.
    وقفات مع وصايا لقمان
    الاعتدالُ والتوسط في الأمور كلها
    مما جاء من وصايا لقمان لابنه قول الله -تعالى-: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} (لقمان:19)، بعد أن انتهى لقمان من نهْي ابنه عن الأمور التي تجلب الكُرْه والبغضاء بين الناس، شرع في توجيهه إلى ما يبعث على الاحترام والألفة.
    وبعد أن بيَّن له آداب معاملة الناس، أتبعه ببيان آدابه الخاصة به، والقصد هو الاعتدالُ والتوسط في الأمور كلها؛ فهذه دعوةٌ للاعتدال في الأمور كافة دون إفراط ولا تفريط؛ فحياة الإنسان على ظهر الأرض قائمةٌ على الاقتصاد والاعتدال في كل مناحي الحياة، في الطعام والشراب، في النفقة والكساء، في مُعاشرة الخَلق، في النوم واليقظة، في السعي والعمل، في كل شيء، ولكن لقمان خصَّ المشي بالاعتدال، وربما قصد منه أن المشي مجتمِع فيه أغلب شؤون الحياة، فمَن أكثر الطعام وأقلَّ من النوم لا يستطيع الاعتدال في المشي، وهكذا، ومَن أبطأ في المشي عرَّض نفسه للفتن، فربما وقع نظره على محرَّم؛ فالطرقات لا تخلو من الفتن، كما أن الإسراع ربما يؤدي إلى الهلكة، فالاقتصاد أولى، وربما خصَّ لقمان المشي بالذكر؛ لأنه أظهر ما يلوح عن الفرد.
    حاجة الشباب إلى التفكير النقدي
    التفكير النقدي هو: القدرة على تحليل المعلومات وتقييمها واستخلاص النتائج، ويعرف -أيضا- بأنه: القدرة على التفكير بوضوح وعقلانية، والقدرة على تحليل المعلومات، والقدرة على الربط بين المعلومات والخبرات، ففي القرآن الكريم في قصة بحث إبراهيم -عليه السلام- عن الخالق -سبحانه وتعالى-، عندما نظر إلى النجم، وقارن بينه وبين الشمس، قال: {لا أحب الآفلين}؛ حيث وضع معايير وصفات للإله الخالق الذي يعبده، منها: أنه لا يغيب؛ لذلك فإن التفكير النقدي التأملي ضرورة في حياة المسلم عموما والشباب خصوصا، فمن دون تلك المهارة يمكن أن يضل الشباب بسهولة، ولا سيما ممن يشككه في دينه، من الملحدين، أو العلمانيين، أو غيرهم ممن يحاول إضلالهم وصرفهم عن الاستقامة والطريق القويم.
    فقه الإلحاد
    الإلحاد أحد الظواهر الغريبة عن المجتمع المسلم، وهي ظاهرة لها أسباب متعددة، من أهمها: الانفتاح الثقافي والإعلامي على المجتمعات الملحدة، مع ضعف الوازع الديني لدى طوائف من المجتمع المسلم، والغربة التي يعيشها المسلمون عن دينهم، فتلاقي هذه الشبهات ضعفا في بعض النفوس، فتصاب بعض العقول في المجتمعات المسلمة بأفكار الملحدين، والإلحاد في اللغة يعني الميل والعدول عن الشيء، وهو في الشريعة يقصد به الطعن في الدين أو الخروج عنه، ومن الإلحاد أن يطعن أحد في دين الله -تعالى- وأن يشكك فيه مع أنه قد ينتمي اسما إلى الإسلام، أو التأويل في ضرورات الدين، كأن يقول: الصلاة ليست واجبة، أو أنها لا يشترط أن تصلى كما يصلي المسلمون، أو أن الحجاب ليس فريضة، أو أن الربا ليس محرما، ونحو هذا من الأفكار التي تحاول هدم ثوابت الدين وأصوله.
    حب لإخوانك ما تحبه لنفسك

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: يجب عليك -أخي المسلم- أن تربي نفسك، بأن تحب لإخوانك ما تحب لنفسك حتى تحقق الإيمان، وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، ويحب أن يأتي إلى الناس ما يؤتى إليه» الأول حق الله، والثاني حق العبد، أن تأتيك المنية وأنت تؤمن بالله وباليوم الآخر.
    الشباب والعمل التطوعي
    يعد الشّباب المحرّك الرّئيس للعمل والإنجاز في شتّى أنواع المجتمعات الإنسانيّة؛ ففئة الشّباب تمتلك الحماس المطلوب، والتّفكير المُستنير، والطّاقة البَدنيّة العالية التي تُمكِّنهم من القيام بالأعمال التي قد تعجز عنها فئات أُخرى عديدة، من هنا فإنّ هناك العديد من الفوائد التي تعود على الشباب خصوصا، ولعلَّ أبرز هذه الفوائد: تعزيز انتماء الشباب ومشاركتهم في مجتمعهم.
    تنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية والعلمية والعملية.
    يتيح للشباب التعرف على الثغرات التي تشوب نظام الخدمات في المجتمع.
    يتيح للشباب الفرصة للتعبير عن آرائهم وأفكارهم في القضايا العامة التي تهم المجتمع.
    يوفر للشباب فرصة تأدية الخدمات بأنفسهم وحل المشاكل بجهدهم الشخصي.
    يوفر للشباب فرصة المشاركة في تحديد الأولويات التي يحتاجها المجتمع، والمشاركة في اتخاذ القرارات.
    اتقاء الذنوب

    قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر: أرأيتم لو أنَّ شخصًا اشتد به الجوع، ووُضع بين يديه طعام شهي، ومدَّ يده ليطعم منه فقيل له: إنَّه مسموم إن أكلْتَ منه ضرَّك أو أهلكك، أيضعُ يده فيه أو يكفُّها؟ فسبحان الله! كيف يتجنَّب طعاماً خاف مضرته ولا يتجنب ذنوبا خاف عقوبتها؟! هدانا الله.
    أثر وتعليق
    الوفاة على الإسلام
    عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضي لله عنه - وَهُوَ عَلَى الصَّفَا يَدْعُو يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، وَإِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنِي لِلإِسْلاَمِ أَلاَ تَنْزِعَهُ مِنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ»، قال الحافظ ابن عبد البر: «دعاؤه ألا ينزع الإسلام منه فيه الامتثال والتأسي بإبراهيم -عليه السلام- في قوله: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ} ويوسف -عليه السلام- في قوله: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }، فلا نعمة أفضل من نعمة الإسلام، ومن ابتغى دينا غيره فلن يقبل منه ولو أنفق ملء الأرض ذهبا.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •