كلما ازداد المرء من العلم ، كلما ازداد من الوسطية وقرب من الاعتدال ، وبقدر نقصه من العلم ، بقدر بعده من الوسطية .
إن توسع المرء واطلاعه على اختلاف العلماء في مسائل العلم وسبره لأدلتهم وتفحصه لها يكسبه ملكة في الفهم والاتزان الفكري ، ويبعده عن الحماسة المذمومة ، والتطرف المقيت .
وانظر إلى من حولك ـ من غير تسمية ـ ممن هو معدود في العلماء أو طلبة العلم ، ونشأ على تعلم مذهب معين لا يتعداه ، والتزم الإفتاء به ، ما حاله لو ذهبت إلى غير المذهب الذي يأخذ به ؟ . سيغضب ويزمجر ويرعد ويزبد ، على مخالفة مذهبه ، وما ذلك إلا من ضيق الأفق وعدم المعرفة باختلاف أهل العلم في المسائل ، ولله دره ذلك الإمام إمام دار الهجرة لما أراد الخليفة جمع الناس على كتابه ، فأبى ذلك ، لتفرق العلم في الأمصار ، وكانت تلك نظرة شمولية حصيفة منه رحمه الله ورضي عنه .
فنصيحتي لإخواني أن نكون أكثر اطلاعا ، وأبعد نظرا ، وأوسع أفقا ، مع أهمية أخذ العلم من ينابيعه الأصيلة والتدرج فيه .
كل قادر أن يقول في كل النوازل والأحداث ، حرام ، لا يجوز ، منهي عنه ، ولكن ليس هذا هو الفقه والعلم .
ورحم الله سفيان الثوري وهو القائل : إنما العلم عندنا الرخصة من ثقة وأما التشديد فيحسنه كل أحد .
كلمة مضيئة خالدة وغرة في جبين قائلها رحمه الله .
وقد وردت أيضا عن معمر رحمه الله .
أسأل الله أن يوفقنا جميعا للعلم النافع والعمل الصالح .