(انظر الْـمَعَانِي اللُّغَوِيَّة في : (لسان العرب 12/589 - 585 ، والمعجم الوسيط 2/935 ، القاموس المحيط 1/1162- 1163).
المادة ، وَهِيَ (النُّون ، والْعَين ، والْمِيمُ) : تدور حولَ العطاء ، والإحسان ، والجميل ، والمعروف ، ويقصد بها شرعا : (الإبلُ ، والغنمُ ، والبقرُ) ، ودَلالةُ ذلك : أن الله تعالى هو أصلُ كلِّ نِعْمة ، وفضلٍ ، قال تعالى : (وَمَا بِكُم مِّن نِّعۡمَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ ....٥٣) -النحل-،فَإِذَا كَانَ الله تعالى هو المنعمَ ، بلِ المتفردَ بالإنعام والربوبية على خلقه من هذا الوجه ، فهو المستحقُّ للعبودية وحده لا شريك له ، وصورةُ تلك العبودية فيما يتعلق بالأنعام خصوصا : ذبحُها عَلَى اسمه ، وجعلُها لهُ خالصةً ، وإفرادُه بالتحليل ، والتحريم ، والتشريع دون غيره ، وفي هذا كانت صورة من صور شرك المشركين ، وهو من أبرزها ، واسْم السورة في الحقيقة لا يُقصد به الشركُ في أمر الأنعام فقط ، بل كلُ شركٍ وقعوا فيه ، وذلك أن : الشركَ في الرُّبوبية أصلُ الشرك في الألوهية ، كما أن توحيد الربوبية أصل توحيد الألوهية ، وهم قد جعلوا مع الله ، أو من دونه أربابا ، والرّبُ (يُنْعِمُ ، وَيَرْزُقُ ، وَيُدَبِّرُ ، وَيَمْلِكُ ، وَيُشَرِّعُ ، وَيَحْكُمُ ، وَيَنْهَى ، وَيَأْمُرُ ، وَيُجَازِي) ، وهو المتفردُ بذلكَ وحدَه سبحانه ، وهم قد تعلقتْ قلوبُهم بغيرِهِ سبحانَه لَـمَّـا اعْتَقَدُوا أَنَّ أَحَدًا ، أَوْ شيئًا يَنفع أو يَضّرُّ ، أَوْ يمْلِكُ غيرَ الله تَعَالَى ، أو يُحِلُ ويُحرم ويشرعُ بما لم يأذنْ بهِ ، ولَـمَّا جَحَدُوا وكذَّبوا بالحق الذي جاءهم ، أشرَكُوا ، تأمل : (17 - 18) ، (59 - 67) ، (71 - 73) ، (74 - 90 ) ، (93) ، (96 - 107) ، (114 - 121) ، (136 - 140) ، (141 - 156).
* (
وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يَمۡسَسۡكَ بِخَيۡرٖ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ١٧ وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ ١٨) -الأنعام-.

* (
وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمۡ يُوحَ إِلَيۡهِ شَيۡءٞ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثۡلَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۗ وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّٰلِمُونَ فِي غَمَرَٰتِ ٱلۡمَوۡتِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَ ةُ بَاسِطُوٓاْ أَيۡدِيهِمۡ أَخۡرِجُوٓاْ أَنفُسَكُمُۖ ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَكُنتُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِهِۦ تَسۡتَكۡبِرُونَ ٩٣) -الأنعام-.

وقد ورد في السورة ذكرُ أهل الكتاب الذين تُكُلِّمَ عليهم في السور السابقة على تلك السورة في المصحف الشريف ، وجاء ذكرهم فيها من وجه أنهم أشركوا في باب الربوبية ، لَـمَّا اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله يشرعونَ لهم ، يحلُّون لهم الحرام ، ويحرِّمون عليهم الحلال ، فأطاعوهم في ذلك ، وتلك عبادتُهم ، فجزاهم الله تعالى ببغيهم هذا ، قال تعالى : (
وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٖۖ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ وَٱلۡغَنَمِ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ شُحُومَهُمَآ إِلَّا مَا حَمَلَتۡ ظُهُورُهُمَآ أَوِ ٱلۡحَوَايَآ أَوۡ مَا ٱخۡتَلَطَ بِعَظۡمٖۚ ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِبَغۡيِهِمۡۖ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ ١٤٦) -الأنعام- ، وبعدما ذَكَرَ المحرمات على هذه الأمة ، قال : (ثُمَّ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ تَمَامًا عَلَى ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لَّعَلَّهُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ يُؤۡمِنُونَ ١٥٤) -الأنعام-.