لمَن تتجملين خارج بيتك؟!



هناء المداح





سؤال استنكارى أوجهه لكل زوجة تحرص كل الحرص على التجمل والتزين خارج بيتها بارتدائها أفضل الملابس وتعطرها بأروع العطور ووضعها أنواعًا وأشكالًا من مساحيق التجميل على وجهها وأظافرها سواء عند ذِهابها إلى السوق أو العمل أو حضور مناسبة سعيدة لتبدو أنيقة متألقة مكتملة الأنوثة والحيوية، لتلفت نظر كل من يراها فتسمع أرق العبارات وتُقابَل بأجمل الابتسامات كدليل على حسن مظهرها الذي غالبًا ما يُحرَم الزوج المسكين من رؤيته داخل البيت!، فالكثير من الزوجات لا يمكن أن يتجملن داخل البيت وخارجه، فإذا حرصن على التزين خارج بيوتهن، كن وللأسف الشديد داخل بيوتهن مهملات غير نظيفات وغير مهتمات بمظاهرهن، فيرى أزواجهن منهن ما لا يسر أعينهم ويزكم أنوفهم ويضيق صدورهم ويؤذي مشاعرهم، ما يضطرهم - إذا كانوا من ذوي الإيمان الضعيف والنفوس المريضة - إلى النظر إلى الأجنبيات اللائي يحرم عليهم النظر إليهن، سواء في العمل أو من خلال التلفاز والشبكة العنكبوتية، وربما وقع بعضهم في بؤرة الخيانة وارتكبوا الفاحشة والعياذ بالله!، الأمر الذي يؤدي إلى نشوب خلافات زوجية كثيرة تتحول الحياة على إثرها إلى جحيم لا يمكن تحمله، وغالبًا ما يكون الطلاق هو الطريقة الأنسب للخلاص، والحل المرجو الذي لا بديل له في هذه الحالة فتنهار الأسرة وتتفكك أواصرها ويدفع الأبناء ثمن ذلك غاليا!..

نعم، المرأة بطبيعتها وسليقتها تميل إلى التجمل والتزين وترغب دائمًا في أن ينظر إليها من يراها نظرة إعجاب واستحسان، كما تطرب لسماع أرق الكلمات المعبرة عن روعة ثيابها وجمال تسريحتها ونضارة وجهها، ولكن لا بد أن يكون ذلك في إطاره الصحيح أمام زوجها ومحارمها فقط - كما أمرها الله عزل وجل في كتابه العزيز - حتى لا تفتح على نفسها باب الفواحش والمنكرات الذي يؤدي بها إلى الانزلاق في سكك وَعِرة تدفعها إلى ارتكاب ما حرم رب العالمين، قال جل شأنه: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}. النور- 31.

في الحقيقة.. كان للاختلاط وخروج المرأة إلى العمل والخلاعة والإباحية التي تعرضها الفضائيات ليل نهار بالغ الأثر في حالة الفوضى الأخلاقية التي انزلق نحوها الكثير من الزوجات والأزواج والتي أدت بدورها إلى ما نسمع عنه اليوم من حالات الخيانة الزوجية وانهيار الكثير من الأسر!..

فقد أتاح الاختلاط للرجل رؤية نساء كثيرات يفقن زوجته جمالًا وعذوبة ورقة، وكذلك المرأة فتح الاختلاط عينها على رؤية رجال كُثُر، منهم من هو أجمل من زوجها، ومنهم من هو أرق حديثًا وأعلى ذوقًا منه فتنقم على زوجها وتهمل في الاهتمام بمظهرها داخل المنزل، وتتمنى في قرارة نفسها لو كان زميلها هذا زوجًا لها!..

ويرجع ذلك في المقام الأول إلى عدم الرضا والقناعة بقضاء الله وقدره والتطلع إلى الحصول على ما في يد الغير، فضلًا عن عدم الاكتراث والتفكر في أن مَن تبالغ في التجمل عند خروجها من البيت ليست بالضرورة جميلة ونظيفة ومهتمة بمظهرها في بيتها، كما أن الرجل الذي يبدو خارج بيته وديعًا رقيقًا يعتصر ذوقًا وأدبًا لا يعني ذلك أنه يكون على هذه الحال في بيته، ربما يكون قاسيًا وفظًا مع زوجته وأولاده، وما يفعله ما هو إلا زيف وتزوير!..

المؤسف والمدهش في ذات الوقت أن العديد من الزوجات يهملن الاهتمام بمظاهرهن ونظافتهن بعد فترة طويلة من الزواج، متصورات أن أزواجهن لا يعنيهم ذلك وأنهم لن ينظروا إلى غيرهن أبدًا ولن يفكروا بالزواج من أخريات نظرًا للعشرة الطويلة ووجود أولاد، وهذا تصور خاطئ لدى المرأة العربية عمومً!، لأن الرجل بطبيعته يرغب في أن يكون جذابا ومرغوبا على الدوام فعند انصراف الزوجة عن الاهتمام بنفسها وانشغالها بأطفالها وبيتها يدفعه ذلك إلى البحث عن امرأة أخرى تعوضه خيرًا وتهتم به وتشعره بجاذبيته وأنه مازال مرغوبا..

على كل زوجة أن تتقي الله في زوجها وتعطيه حقه في أن يرى منها ما يسر ويرضي لأنه أولى بالمعروف وأحق بتزينها وتجملها، وأن تحاول بقدر المستطاع أن تكون متجددة مختلفة متجهة دائمًا إلى الأفضل، وتبعد عن الاعتياد والرتابة التي تجعل الحياة مملة، حتى تستحوذ على قلب وفكر زوجها ولا تعطيه فرصة للنظر أو الارتباط بأخرى.