تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: هل أتاك حديث اللغة؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي هل أتاك حديث اللغة؟

    هل أتاك حديث اللغة؟



    محمد الصباني

    للغة شأن خطير وعظيم يكمن في تحديد هوية صاحبها، بحيث لا تنفك عنه إلا كما ينفك الروح عن الجسد، وإذا حصل ذلك الانفصال كانت النهاية وعدم الحياة، وإذا ثبت هذا، فأنت لا تكون أنت إلا انطلاقاً من ذاتك، لا ابتداء من غيرك، ولهذا فأنت حينما تنظر في المرأة لن ترى إلا نفسك ولن ترى غيرك، فإذا رأيته فإما أنك مصاب بالهوس، وهذا مرض، وإما أنك فاقد لهويتك، وهذه علة أيضاً تطلب العلاج بقدر ما يطلبه المرض الأول، إن لم تفقه في الطلب درجات لارتباطها بالشخصية في عمقها وجوانيتها، مع استحضار سابق علمنا بأن الشخصية ليست ظاهرة مادية ولا حتى تاريخية أو سياسية، ولهذا ينبغي عدم الإخلال بأركان إحقاق الهوية وشروط إثبات الكيانية، ولا سبيل إلى تحصيل ذلك بالإضافة إلى المعتقد والعالم الداخلي للإنسان، غير سبيل اللغة.
    إن التنازل عن اللغة يدخل بالهوية في طور التقليد، ومعلوم أنه لا أعدى للإبداع ولا أضر للذات منه، فمن أراد أن يكون هو هو فلا بد له من الإبداع، وإلا اندرج مع من يطلب هوية غيره ليعبر عن هويته، وهذا أمر في غاية الغرابة، لا يضاهيه في إثارة العجب إلا ذلكم الكسول الذي نقل كل الأجوبة من ورقة زميله بالغاً في نقله ذاك، حتى اسم ذلك الزميل، ظاناً منه أنه حصل النهاية في الجواب.
    وعليه فلا طريق إلى الإبداع غير لغة الهوية لأنها كيان منك، لا انفصال لك عنه، تماماً كما أنه لا خلق بيد غيرك، ولا رؤية بعين سواك إذا أردت تحقيق اليقين من حضورك وكينونتك، وإذا خالفت ذلك وقعت في آفة النقصان التي يراها المسلوب كمالاً، مثله في ذلك مثل الذي يتنازل عن يده طالباً يد غيره، مدعياً أن تحصيل هذه اليد انطلاق نحو الإبداع وانبعاث نحو الإقلاع، وهكذا الأمر في كل مكونات الكيانية، حتى إذا صرنا إلى أن هذا التنازل آفة في حق الذات، كان التنازل عن لغة الهوية أشنع ومحاولة تحقيقها بلغة غيرها أفظع.
    واللغة عندنا لغة موصولة، لأنها تصل الأرض بالسماء، بخلاف لغة غيرنا، فهي مفصولة عن الوصل السابق، لأنها وقافة عند حدود الأرض، ولا ينفع حينها ادعاء بعضهم وجود لغات ارتبطت بالسماء لدخول آفة التحريف عليها، ومعضلة التزوير لها، ومن ثمة تكون اللغة العربية لغة شمولية، وبالأولى لغة إطلاقية.
    أما شموليتها فتنسحب حتى على تعاملها مع بقية لغات العالمين، لئلا يفهم أن الانتصار للعربية لا يكون إلا بإنكار غيرها، ذلك بأنه إن حدث هذا، فسيوقع في آفة الغرور التي تؤدي إلى ثلاثة أمور:
    أولاً: تفويت فرصة معرفة ألسنة أخرى معرفة تساهم في بيان كفاءة اللغة العربية ومقدرتها على التجدد والاستمرار.
    ثانياً: فقدان ثقة المتلقي الذي لن يقتنع إلا بعلم لغة مقارن، توظف فيه أقوى المناهج الاستقرائية وأمتن الأدوات اللغوية في بيان مرجحات لغة على أخرى.
    ثالثاً: فقدان القدرة على رد تحامل المخالف الذي يسعى إلى تجميل لغته وإشهارها بكل ما أوتي من قوة، من جهة اعتبارها حية.
    وأما إطلاقيتها فلأنها وإن كانت تصدر من جهة البشر، فإنها تصدر من جهة رب البشر أيضاً، وبذلك تكون لغة مسددة، صانها بعض أهلها ببيانها وتأصيلها، وصانها رب الناس بحفظها وتعهد استمرارها.
    وإذا كان للغة ارتباط بالعقل، فإن لها ارتباطاً بالوجدان كذلك؛ ولعل الذين فقدوا هويتهم نظروا إليها من جهة العقل، وإن كنا لا نسلم لهم بهذا الميل، لدخول عدة شبه عليه موصولة بالمقولات الفلسفية والتصورات العقلية لكل أمة من الأمم، في جوابها على أسئلة مجالها وزمانها، فدلالة الإسناد عندنا بين الموضوع والمحمول على الحميمية التي أصلها الإسلام انطلاقاً من مبدأ الأخوة والصدق والإخلاص في المجتمع، لا يضاهيها إسناد في لغة غيرنا، لافتقاره إلى الفعل المساعد الجامع بين ركني الجملة، وهكذا الأمر بالنسبة لمقولة الإضافة وغيرها من المقولات التي تثبت من الناحية العقلية أن لكل لغة خصائصها الاستدلالية ومميزاتها الحجاجية.
    وإذا نظرنا إلى اللغة من جهة الوجدان فلا شبهة قائمة لانفراد كل أمة بمخيالها، واختصاص كل رابطة برموزها، بحيث لا يصلح التوسل بمخيال غيرك لفهم ثقافتك، ولا التوصل بإشارته لتحسس شعورك وفؤادك، وهذا ما يفسر عجز الترجمة عن نقل دوال إلى غير لغاتها كالبركة والصدقة والشفقة والصراط والوضوء، وبالمثل عجز الآخر عن فهم السر الذي ترسله الإشارة في سياق غير سياقه المجتمعي، ولهذا كانت كلمة (جحا) وحدها، تضحك في سياق، ولا تثير شيئاً في سياق آخر.
    خلاصة ما سبق أن اللغة محددة للوجود، لأنها أسلوب في الحياة، وطريقة في العيش، قبل أن تكون مجرد أداة تواصلية وهي وسيلتنا لترسيخ ذواتنا في الوجود والحضور، على أسلوبنا، لا على أسلوب غيرنا.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2015
    الدولة
    Libya
    المشاركات
    147

    افتراضي رد: هل أتاك حديث اللغة؟

    قولك "إلى ثلاثة أمور" ! ليست شرطا في وجوب البحث عن حرف ولسان من اللغة العربية غير الذي جاءت به الفصحى لغة القرآن ؟ عند قريش.
    .
    البحث عن حرف ولسان آخر هو عند عدم قدرة اللغة واللسان الآخر عن فهم شيء وليس العكس ان يكون الفصحى لغة قريش هي من تبحث ! لا ؟ ليس هذا مقصود اللغة.
    .
    مثاله باختصار كما في حديث قصة الضرير -الأعمى- عند مسند الإمام أحمد بن حنبل في مسمى التوسل بالعمل الصالح.
    .
    قال "فأمره ان يصلي ركعتين ثم يدعو بهذا الدعاء ..." وفيه "يا محمد
    إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه ؛ فتقضى لي ؛ اللهم فشفعه فيّ وشفعني فيه" الحديث.
    قالت طائفة هذا من التوسل الواسطة وهو تفسير الجاه ! وقد بعدت عن الصواب كما ترون هاهنا.
    لأن قضاءه لحاجة الداعي هو واسطة لدعاء النبي
    الذي وعده به إل ربّه.
    والياء هنا تفيد الإستمرار صيرورة الفعل.
    على ما بعثني به نبيك محمد

    وعلى ما وعدني به من دعاءه لي.
    فلم يحتاجوا لمفهوم اللغة الفصحى ؟ بل احتاجوا لفهم مقاصد العباد والتي تفسر معنى كلام النبي
    وكيف فهموه.
    فانتفى الغلو بالجاه لمخالفته من أصله علوا ونزولا ؛ فلم يكن له حاجة ولا خطر على قلوب أئمة الدين أنه لهم به حاجة؛
    وبقي مفهوم اللغة ثابتا -وهو مذهبنا الذي لا يُزال إلا بيقين لا الشك والجهل والتعدي على كتاب الله تبارك وتعالى- وكما ترون هوا مذهب السلف الصالح.
    فلو كان الغلو والغرغرة فيه من هدي السلف الصالح لما تركه الصحابة ولما تقاصروا على نسيانه وكتمانه
    ولتبعهم من بعدهم من الأئمة لوما وصلكم هذا الأثر مع بيانه وألفاظ معانيه ومقاصد العباد في فهم لغة القرآن وهي لغة النبي
    .
    .
    بتصرف عن "معنى التوسل وحقيقته ومذهبنا فيه". @alnabilorwd

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •