:.. إعلال البخاري لطريق موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً في كفارة المجلس ثابت عنه بلا تردد، لأنه ذكره في كتابيه (التاريخ الكبير 4/105) و (الصغير 2/40 ) -تحقيق زايد-.
.. وهو نقد لرواية وليس لأصل الحديث، والحديث استوعب الحافظ ابن حجر تتبع طرقه في (النكت على كتاب ابن الصلاح 2 / 726 – 743 )، وكذا في (فتح الباري 13/555)، وأصح طرقه كما يفهم من كلام ابن حجر ما جاء عن عائشة والسائب بن يزيد ، وأبي برزة الأسلمي، وجبير بن مطعم .
.. والقصة أسندها الحاكم في المعرفة والخطيب في تاريخ بغداد وغيرهما، و أشار الحافظ العراقي إلى بعض النظر في ثبوتها في التقييد والإيضاح وهي نكته على كتاب ابن الصلاح .
.. وهذه القصة تصلح أن يلزم بها بعض من يخالفنا في قضية اشتراط اللقاء ، فقد قلت في كتابي: (موقف الإمامين ..) في معرض مناقشتي لرأي شيخنا أبو غدة -رحمه الله- : "كما أن من يشترط اللقاء من المتأخرين يستطيع أن يضع إلزامًا مضادًا للشيخ عبدالفتاح أبو غدة مقابل إلزامه الآنف فيقول: يلزمك القول باشتراط اللقاء كما هو مذهب البخاري، لأن مسلمًا كما أثبت إنما لقي البخاري ولازمه بعد أن فرغ من تأليف (صحيحه) بما فيه المقدمة(انظر: التتمة الثالثة الملحقة بكتاب:الموقظة ص138-140)، وقد ثبت أنه رضي بتعليل البخاري بعدم معرفته السماع لراو معاصر لراو آخر وهما من بلد واحد، وذلك في القصة المشهورة التي رواها أبو حامد أحمد بن حمدون القصار قال: (سمعت مسلم بن الحجاج، وجاء إلى البخاري، فقبل بين عينيه، وقال: دعني أقبل رجليك. ثم قال: حدثك محمد بن سلام، حدثنا مخلد بن يزيد الحراني أخبرنا ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في كفارة المجلس، فما علته؟
قال محمد بن إسماعيل: هذا حديث مليح، ولا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا حديثًا غير هذا الحديث الواحد في هذا الباب، إلا أنه معلول، حدثنا به موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن عون بن عبدالله قوله.
قال محمد: وهذا أولى، فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماع من سهيل فقال له مسلم: لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك)سير أعلام النبلاء (12/436-437).
... فقبول مسلم لتعليل البخاري دلالة على أنه رضي مذهب البخاري في اشتراط اللقاء، فكأنه رجع عما قاله في مقدمة صحيحه – الذي جزم أبو غدة بأن مسلمًا ألفها قبل كتابه (الصحيح) وبأنه فرغ منه قبل أن يلقي البخاري ويلازمه -، فيكون إقرار مسلم ومدحه للبخاري مع علمه بأن ما قاله مخالف لمذهبه دلالة على تقويته لمذهب البخاري في الحديث المعنعن، ويلزم من ذلك التسليم برجحان مذهب البخاري!!
وهذا الإلزام إنما ذكرته لأبين أن الإلزام الذي ذكره الشيخ أبو غدة ليس بأقوى من هذا لمن تأملهما".
د.خالد بن منصور الدريس |