الجواب -ما عبد من دون الله إما عاقل أو غير عاقل فالعاقل كالآدمي والملائكة والجن وينقسمون إلى قسمين راض بالعبادة له و غير راض بها فالأول كفرعون وإبليس وغيرهما من الطواغيت وهؤلاء في النار مع عابديهم كما قال الله عز و جل إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذي اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار البقرة - وقال تعالى في شأن إبليس لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين -- وقال في شأن فرعون يقدم قومه يوم القيامة فأوردوهم النار بئس الورد المورود .......
والقسم الثاني وهو من كان مطيعا لله وغير راض بالعبادة له من دون الله كعيسى ومريم وعزيز والملائكة وغيرهم فهم برآء ممن عبدهم في الدنيا والآخرة- كما قال الله تعالى عن عيسى عليه السلام - إذا قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته ...... وقال تعالى في شأن الملائكة ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون - وقال تعالى في شأن كل من عبد من دون الله تعالى من الملائكة وعيسى وأمه وعزيز وغيرهم من أولياء الله مطلقا إلى يوم القيامة - ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء --- وأما غير العاقل من الأشجار والأحجار وغيرها مما لا يعقل فيشملها قوله تعالى - إنكم ما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون - ولكن الأحجار لا أرواح فيها وإنما يعذب بها من عبدها من دون الله كما قال تعالى يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة - وكما يعذب عبد الدينار والدرهم بهما كما قال الله عز و جل والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوي بها جباههم وجنوبهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون - وفي الصحيح من حديث أبي سعيد في الشفاعة بطوله وفيه ينادي مناد ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم وأصحاب الأوثان مع أوثانهم و أصحاب كل آلهة مع آلهتهم - وفيه في حديث أبي هريرة رضي الله عنه يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعة فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت - وفي حديث الصور الطويل ألا ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون من دون الله فلا يبقى أحد عبد من دون الله إلا مثلت له آلهتة بين يدية ويجعل يومئذ ملك من الملائكة على صورة عزيز ويجعل ملك من الملائكة على صورة عيسى بن مريم ثم يتبع هذا اليهود وهذا النصارى ثم قادتهم آلهتهم إلى النار وهو الذي يقول تعالى لو كان هؤلاء آلهة ما ورودها وكل فيها خالدون - وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه عند الدراقطني والطبراني وعبد الله بن أحمد وغيرهم من المصنفين في السنة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الحديث بطوله وفيه ثم ينادي أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم أمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا أن يولي كل أناس منكم ما كانوا يتولون ويعبدون في الدنيا آليس ذلك عدلا من ربكم قالوا بلى قال فينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ويتولون في الدنيا قال فينطلقون ويمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون فمنهم من ينطلق إلى الشمس ومنهم من ينطلق إلى القمر وإلى الأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون قال ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويمثل لمن كان يعبد عزيزا شيطان عزيز ويبقى محمد صلى الله عليه و سلم وأمته - قلت وقوله ويمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون الخ هذا في مثل عيسى وعزيز وأما عبدة الطاغوت فتقودهم طواغيتهم حقيقة لا أشباهها كما صرح به الكتاب والسنة [معارج القبول]