لا أحتفل بالمولد النبوي:

- لأن رسول الله ﷺلم يحتفل به في حياته، ولم يحتفل به الصحابة بعد موته، ولم يحتفل به التابعون لهم بإحسان، ولم يحتفل به علماء الأمة الكبار: كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنفية وتلاميذهم، وهؤلاء كلهم أعلم منا بكتاب الله وبسنة رسول الله وأشد حبا للنبي الكريم، فلو كان خيرا لسبقونا إليه. فكيف غفلت الأمة لأكثر من سبعة قرون عن خير عظيم كهذا الخير، حتى يكتشفه المتأخرون؟؟

- ولأن يوم ولادته ﷺ مختلَف فيه على أقوال كثيرة: (في ربيع الأول، قيل: 2، وقيل: 8، وقيل: 10، وقيل: 12؛ وقيل: في رمضان، وقيل: في صفر، وقيل غير ذلك) ولا يوجد دليل واحد يقطع بصحة اليوم الذي ولد فيه، بعكس يوم وفاته ﷺ فهو متفق عليه، وهو يوم: (12 ربيع الأول)، إذن فاليوم الذي يحتفلون فيه هو قطعا يوم وفاته، ويشك أنه يوم ولادته، وهذا من قلة الأدب أن تحتفل في يوم وفاة رسول الله.

- ولأن في الاحتفال بمولده تشبها بالنصارى، الذين يحتفلون بميلاد عيسى عليه السلام، وتشبه بأقوام وثنيين يحتفلون بميلاد الآلهة، ورسولنا ﷺ علمنا مخالفة أهل الكتاب حتى في طريقة قضاء الحاجة، فكيف نتشبه بهم في أمر كهذا؟

- ولأن القائلين بأن الاحتفال به بدعة حسنة، يفتحون بابا للبدع لا منتهى له، فغدا يحتفلون بمولد أبي بكر زعما أنه يذكرنا بتاريخ صحابي جليل، وبعده يحتفلون بمولد عمر، وبعده بمولد عثمان وبعده بمولد علي، وبعده بمولد فاطمة، وبعده بمواليد الأئمة الأربعة، فهذا كله ضمن دائرة الخير فلن ننتهي إذن إلا والسنة كلها أعياد!

- ولأن الزعم بأن شباب اليوم لا يعرفون شيئا عن رسول الله وسيرته، فكانت الذكرى هذه فرصة لتذكريهم، زعم باطل، لأن الخطأ لا يعالج بالخطأ، فالسَّنَة كلها فرص للتذكير به صلى الله عليه وسلم وسيرته، وترسيخُ فكرة خاطئة في عقولهم أشد من خير نريد التذكير به.

-ولأن الزعم بأن الاحتفال من الأمور المباحة والوسائل الشرعية المحمودة، كلام باطل، لأن الاحتفال بالمولد عبادة لا عادة، فلا يدخل المباح في هذا المجال ما دام من القربات، وقد اتفق العلماء على أن العبادات لابد لها من دليل، ولا يمكن أن نشرعها بالعقل المحض.

-لأن الواقع خير دليل على بطلان زعم من أراد تبرير الاحتفال بالمولد، فنحن نرى في بلادنا، ونسمع عن بلاد أخرى، أن ذكرى المولد صارت عيدا ثالثا بعد العيدين، في سننه وشرائعه وعاداته، وأصبح الناس يتزاورون ويهنئ بعضهم بعضا، وقد شرعت صلاة العيد في المصليات في بعض القرى والبلاد الأعجمية، وكذلك صارت تقام السرادقات للطبل والرقص، ولا تسل عما يعتريها من المنكرات والطامات.

فيكفي من كل هذا أن يعتبر ذوو العقول، ويقرُّوا بأن الشرع كامل لا نقص فيه، وأن البدع لها مآلات مذمومة، وأن يعيدوا الناس إلى المورد الصافي، وإلى الشريعة النقية، والله أعلم بالصواب.