أبين زين.. واوشوش الودع



هناء المداح



أبين زين أبين واوشوش الودع.. مرة لشابة ومرة لجدع.. أقرأ الكفوف قرّب وشوف.. حتسمع حكاوى بطعم الوجع!!..

بمثل هذه العبارات البسيطة المسجوعة كانت - وما زالت فى عدة مناطق مصرية - تجذب العرافة ذات الملابس البدوية قديماً العشاق الحائرين ليستعينوا بها لطمأنتهم على سلامة مستقبل حبهم، هل سينتهى بالزواج أم هناك عقبات ستحول دون إتمامه؟!.. وكان ذلك يحدث بكثرة على الشواطئ والكورنيش والحدائق والمتنزهات كما صورت ووضحت السينما المصرية قديما!..

وكانت الإجابات بالطبع كلها أو معظمها بعد أن توشوش العرافة بعض الأصداف مُطَمئِنة ومريحة للعشاق كى تحصل منهم على مقابل مادى عالٍ نظير ذلك!..

بعد ذلك تطور شكل العرافات والعرافين وأصبحوا ضيوفاً على البيوت يقرأون الكف أو الفنجان، ثم بدأوا فى قراءة الطالع كما يدّعون من خلال فتح ورق "الكوتشينة"، أما الآن وبعد التقدم التكنولوجى الهائل الذى تشهده البشرية أصبحوا يدخلون البيوت ومعهم "اللاب توب" ليقرأوا من خلاله

الطالع وعجبى!!

الغريب أن الجيل الحديث منهم حاملى اللاب توب اقتحموا حالياً عالم الفضائيات لينشروا جهلهم وتخلفهم ونصبهم على نطاق واسع فأصبحت لهم برامج متخصصة فى هذا الشأن تحت ستار علم الفلك والأبراج، تزداد بكثافة مع بداية كل عام كى يرسموا صورا مزيفة لملامح هذا العام الجديد على كل الأصعدة وفى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدولية!، مما يعطى إيحاءًا للمشاهدين ذوى الفكر والوعى المحدود أن بإمكان هؤلاء العرافين أيضاً إخبارهم بما سوف يحدث لهم هذا العام على المستوى الشخصى سواء كان خيراً أو شرا، بالإضافة إلى الرغبة فى معرفة الأبراج المتوافقة مع أبراجهم وما إلى ذلك من أمور مؤسفة لا ترضى الله بأي حال من الأحوال، كما تجعل الدول المتقدمة التى لا تدين بالإسلام تحتقرنا وتنظر إلينا نظرة دونية، وكل ذلك بسبب أناس ذوى ضمائر خربة وذمم ميتة ونفوس شرهة للمال والشهرة بغض النظر عما هو مصدر هذا المال؟.. حلال أم حرام؟!

يؤسفنى أن أقول: إن الإعلام المصرى بمختلف وسائله - خاصة المرئية- يتحمل الجانب الأكبر من المسؤولية عن انتشار هذا العبث والجهل والدجل والشعوذة فى مجتمعاتنا العربية، لأن إعلامنا يعتبر الأكثر تأثيرا ومشاهدة ومتابعة على مستوى العالم العربى، حيث يهدف إلى الإثارة وتحقيق أعلى ربح دون الاكتراث بخطورة مثل هذه التخاريف المدمرة لعقول الكثيرين من العرب!..

فى صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تُقبَل له صلاة 40 ليلة".

وكما هو معروف أن المنجمين والعرافين كاذبون ولو صدقوا، وفى قول آخر ولو صدفوا..

المثير للدهشة والألم فى الوقت نفسه أن الشعوب المتقدمة تتحدث عن النانو تكنولوجى والفضاء والذرة والنووى أما نحن وللأسف الشديد فى العسل نائمون وبقضايا العشق والهوى منشغلون، ولم نأخذ من التقدم العلمى شيئاً سوى الأبراج المشكوك فى صحتها كعلم يقتات المنشغلون به ويغتنون على حساب البسطاء، لا أقصد بالبسطاء هنا محدودى الدخل فقط، بل محدودى الوعى والثقافة والإيمان أيضاً ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم!!.


أناشد أولي الأمر وكل من يهمه سلامة عقول العرب جميعاً أياً كانت توجهاتهم ومواقعهم - منع مثل هذه البرامج وتجريمها ومحاربتها بكل السبل، وحبذا لو تم عمل شرطة خاصة للقضاء على الدجل والشعوذة بمختلف صورها وملاحقة ممارسيها، على أن يكون هناك خط ساخن كى يتمكن المواطنون بسهولة من الإبلاغ عن أي شخص يقوم بممارسة هذا العمل الشائن المعيب فى أي وقت وفى أي مكان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وفضح ومعاقبة من يستحق الفضح والعقاب بسرعة.