تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 130

الموضوع: سلسلة حلقات ردّ الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر

  1. #21

    افتراضي رد: الرد على الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري-الحلقة الثانية-

    بارك الله فيك ...يا حفيد الأمير ...

  2. #22

    افتراضي رد: الرد على الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    إن كل من يريد أن يتصدى لدراسة الأمير عبد القادر وفهم شخصيته عليه أن يأخذ في اعتباره عدة عوامل ومواقف في حياته , وأن يبذل جهده في الابتعاد عن كل مجازفة , ويسعى أن يكون موضوعياً قدر المستطاع , والموضوعية مما يتغنى بها كثير من المعاصرين , لكنك لا تراها في أعمالهم إلا قليلاً , وهاهنا كلمة للأستاذ عمر بن قينة جعلها منهاجاً لدراسته عن الدّيسي قال :" جعلت نصب عيني في البحث الحقيقة العلمية هدفاً لا أتردد في إعلانها لحظة عند العثور عليها , ولو نقضت لي رأياً سابقاً , أو أغضبت صديقاً عزيزاً , إلى أن قال : فكنت أثني على الديسي عندما يستدعي الموقف ثناء , وأذم أفكاره وأحمله وزرها عندما أراه يتنكر لعقله , أو يسهو عن عقيدته, كنت راصداً له أسجل ما له وما عليه , , , "

    لكن ينبغي أن يعلم أيضاً أن ما ذهب إليه بعض الإخوة من نقد لبعض الأمور التي قال بها الأمير أو غيره , ليس الغرض منه الحكم على الأشخاص المنتقدين في نفس الأمر ولا استنقاصهم ,بل هو بيان الحق بحسب علمي , فإننا منهيون أن تمنعنا مهابة أي كان من قول الحق, أما الناس فمرجعهم إلى الله , ثم ينبئهم بما كانوا يعملون .

    والله أعلم

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    342

    افتراضي رد: الرد على الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري

    جزاكم الله خيرااا

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    342

    افتراضي رد: الرد على الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري-الحلقة الثانية-

    قال العلاّمةُ الشيخُ عبدُ الرّحمنِ بنُ يحي المعلميّ العُتميّ اليماني رحمه الله [1] ، متكلّمًا عن الأسبابِ الدّافعةِ إلى عدم الإعتراف بالحقّ بعد علمِه و تبيُّنِه ، و عن بواعثِ التّمادي على الباطلِ :
    (( الدّينُ على درجاتٍ : كفٌّ عمّا نهُي عنه ، و عملٌ بما أُمر به ، و اعترافٌ بالحقّ ، واعتقادٌ له وعلمٌ به . ومخالفةُ الهوى للحقِّ في الكفّ واضحةٌ ، فإنّ عامَّة ما نهي عنه شهواتٌ و مستلذّاتٌ ، و قد لا يشتهي الإنسانُ الشّيءَ مِنْ ذلكَ لذاته ، ولكنّه يشتهيهِ لعارضٍ . و مخالفةُ الهوى للحقّ في العمل واضحةٌ ، لما فيه من الكُلفة و المشقّةِ .
    و مخالفةُ الهوى للحقِّ في الإعترافِ بالحقّ من وجوهٍ: [2]
    الأوّلُ : أنْ يرى الإنسانُ أنّ اعتراف بالحقّ يستلزمُ اعترَافَه بأنّه كان على باطلٍ [3] ، فالإنسان يَنشأُ على دينٍ أو اعتقادٍ أو مذهبٍ أو رأيٍ يتلقّاهُ من مربّيهِ ومعلّمهِ على أنّه حقٌّ ، فيكون عليه مدّةً ، ثمّ إذا تبيّن له أنّه باطلٌ شقَّ عليه أن يعترفَ بذلكَ ، وهكذا إذا كان آباؤه أو أجداده أو متبوعُه على شيءٍ ، ثمّ تبيّن له بطلانُه ، و ذلك أنه يرى أنّ نقصَهم مستلزمٌ لنَقصِه ، فاعترافُه بضلالهم أو خطأِهم إعترافٌ بنقصه ، حتى أنّك لترى المرأةَ في زماننا هذا إذا وقفتْ على بعض المسائلِ التي كان فيها خلافٌ بين أمّ المؤمنين عائشةَ و غيرِها منَ الصّحابة ، أخذتْ تحامي عن قولِ عائشةَ ، لا لشيءٍ ، إلا لأنّ عائشَةَ امرأةٌ مثلُها ، فتتوهّمُ أنّها إذا زعمت أنّ عائشة أصابتْ و أنّ مَنْ خالفها من الرّجالِ أخطأوا ، كان في ذلك إثباتُ فضيلة لعائشة على أولئك الرّجال ، فتكون تلك الفضيلةُ فضيلةً للنّساء على الرّجال مطلقًا ، فينالها حظٌّ من ذلك ، و بهذا يلوحُ لك سرُّ تعصّبِ العربي للعربي ، و الفارسي للفارسي ، و التركي للتركي ، وغير ذلك .حتى لقد يتعصّبُ الأعمى في عصرنا هذا للمَعَرّي ! .
    الوجهُ الثّاني : أنْ يكونَ قدْ صارَ لهُ في الباطلِ جاهٌ و شهرةٌ و معيشةٌ ، فيشقُّ عليه أن يَعترفَ بأنّه باطلٌ فتذهبُ تلك الفوائدُ .
    الوجه الثالثُ : الكِبْرُ ، يكونُ الإنسان على جهالةٍ أو باطلٍ ، فيجيءُ آخَرُ فيبيّنُ له الحُجّةَ ، فيرى أنّه إن اعترف كان معنى ذلك اعترافُه بأنّه ناقصٌ ، و أنّ ذلك الرّجلَ هو الذي هداهُ ، ولهذا ترى من المنتسبينَ إلى العلم من لا يشقُّ عليه الإعترافُ بالخطأ إذا كان الحقُّ تبيّنَ له ببحثه و نظره ، و يشقُّ عليه ذلك إذا كان غيرُه هو الذي بيّنَ له .
    الوجهُ الرابعُ : الحسدُ ، و ذلك إذا كان غيرُه هو الذي بيّن الحقَّ فيرى أنّ اعترافَه بذلك الحقِّ يكون اعترافًا لذلك المُبيِّنِ بالفضل و العلم و الإصابةِ ، فيَعْظُم ذاك في عيون النّاس ، ولعلّه يتبَعه كثيرٌ منهم ، و إنّ لتجدُ [4] منَ المنتسبينَ إلى العلم من يحرصُ على تخطئةِ غيره من العلماءِ و لو بالباطل ، حسدًا منه لهم ، ومحاولةً لحطِّ منزلتهم عندَ النّاسِ . ))

    --------------------------
    [1] : في كتابه : " القائدُ إلى تصحيحِ العقائدِ " [ بتحقيق الشيخ الألباني رحمه الله و نشر المكتب الإسلامي ، ط 3 ، 1404 ]
    [2] : أي : عدم اعتراف صاحب الهوى بالحقّ يكون من أسباب . [ أبو حاتم ]
    [3] : كذا في الأصل ، ولعلّ الصوّاب : أن يرى الإنسان أنّ اعترافه بالحقّ ... [ أبو حاتم ]
    [4] : كذا ، و الصّواب : و إنّك لتجد ... [ أبو حاتم ] .
    .............................. .............................. .............................. .............................. .............................. ..........
    (( و مخالفةُ الهوى للحقِّ قد تكونُ لمشقَّةِ تحصيلهِ ، فإنّهُ يحتاجُ إلى البحثِ و النّظرِ ، و في ذلك مشقّةٌ ، و يحتاجُ إلى سؤالِ العلماءِ و الاستفادةِ منهم و في ذلك ما مرَّ في الاعتراف ، و يحتاج إلى لزومِ التّقوى طلباً للتّوفيقِ و الهدى و في ذلك ما فيهِ منَ المشقّةِ .
    و قد تكونُ لكراهيةِ العلمِ و الاعتقاد نفسهِ و ذلك من وجهات [1] ، الأوّلُ ما تقدّمَ في الاعترافِ ، فإنّه كما يشقُّ على الإنسان أن يعترفَ ببعض ما قد تبيَّنَ له ، فكذلك يشقّ عليه أن يَتبيّنَ له ، فيشقُّ عليهِ أن يتبيّنَ بطلانَ دينه ، أو اعتقادِه ، أو مذهبِه ، أو رأيِه الذي نشأ عليه ؛ و اعتزَّ به و دعا إليه ، و ذبَّ عنه ، أو بطلانَ ما كان عليه آباؤُه و أجدادُه و أشياخُه ، ولا سيما عندما يلاحِظُ أنّه إن تبيّنَ له ذلك تبيّن أنّ الذين كان يُطريهم و يُعظِّمُهم ، ويُثني عليهم بأنهّم أهلُ الحقِّ و الإيمانِ و الهدى و العلم و التّحقيقِ ، هم على خلافِ ذلك ، و أنّ الذين يحَقرُهم و يذمُّهم و يسخَرُ منهم و ينسبُهم إلى الجهلِ و الضّلالِ و الكفرِ هم المحقّونَ [2] ، و حسبُك ما قصّهُ اللهُ عزّ و جلّ من قول المشركينَ ، قال تعالى : { وَ إِذْ قَالُوا اللّهُمَّ إنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بَعَذَابِ أَلِيمٍ } [ الأنفال : 32 ] . فتجدُ ذَا الهوى كلّما عُرضَ عليه دليلٌ لمخالفيه أو ما يوهنُ دليلاً لأصحابهِ ، شقَّ عليه ذلك و اضطربَ و اغتاظَ و سارع إلى الشّغَبِ ، فيقول في دليل مخالفيه : هذه شبهةٌ باطلةٌ مخالفةٌ للتقطيعات [3] ، و هذا المذهبُ مذهبٌ باطلٌ لم يذهبْ إليه إلاّ أهلُ الزيغ و الضّلال ... ، و يؤكّدُ ذلك بالثّناءِ على مذهبه و أشياخِه ويُعدّدُ المشاهيرَ منهم ويُطريهم بالألفاظ الفخمةِ ، و الألفاظ الضّخمة ، و يَذكُر ما قيل في مناقبِهم و مثالبِ مخالفيهم ، و إن كان يعلمُ أنّه لا يصحُّ ، أو أنّه باطلٌ !
    و من أوضحِ الأدلّة على غلبةِ الهوى على النّاس أنهم - كما تراهم - على أديانٍ مختلفة ، ومقالاتٍ متباينةٍ ، ومذاهبَ متفرّقةٍ ، وآراء متدافعةٍ ، ثمّ تراهم كما قال الله تبارك و تعالى : { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [ الرّوم : 32 ]
    فلا تجدُ من ينشأُ على شيءٍ من ذلك و يثبتُ عليه ؛ يرجعُ عنه إلاّ القليل ، و هؤلاء القليل يكثر أن يكون أوّلَ ما بعثهم على الخروج عمّا كانوا عليه أغراضٌ دنيويةٌ . [4]
    و من جهاتِ الهوى أن يتعلّقَ الاعتقادُ بعذاب الآخرة فتجدُ الإنسان يهوى أن لا يكون بعثٌ لئلاَّ يؤخذَ بذنوبه ، فإن علِمَ أنّه لا بدّ من البعثِ هَوِيَ أن لا يكون هناك عذابٌ ، فإن علم أنّه لا بدّ من العذاب هَوِيَ أن لا يكون على مثله عذاب كما هو قولُ المرجئةِ ، فإن علم أنّ العُصاةَ معذّبونَ هَوِيَ التوسّعَ في الشّفاعة ، وهكذا .
    و من الجهاتِ أنّه إذا شقّ عليه عملٌ كالأمر بالمعروف و النّهيِ عنِ المنكر ، هوي عدمَ وجوبِه ، و إذا ما ابتُليَ بشيءٍ يشقُّ عليه أن يتركَهُ كشُرب المُسْكِرِ هوي عدمَ حُرمَتِه . و كما يهوى ما يخفّ عليه فكذلك يهوى ما يخفّ على من يميلُ إليه ، و ما يشتدُّ على من يكرهه ، فتجد القاضيَ و المفتِيَ هذا حالهُما . و منَ المنتسبين إلى العلمِ من يهوى ما يُعجب الأغنياءَ و أهلَ الدّنيا ، أو ما يعجب العامّة ليكون له جاهٌ عندهم و تُقبِلَ عليه الدنيا ، فما ظهرت بدعةٌ ، و هَوِيَها الرّؤساءُ و الأغنياءُ و أتباعهم إلا هَوِيَها و انتصرَ لها جمعٌ من المنتسبين إلى العلم ، ولعلّ كثيرًا ممّن يخالفها إنّما الباعثُ لهم على مخالفتها هوى آخرُ وافق الحقَّ ، فأمّا من لا يكون له هوى إلا اتّباعُ الحقّ فقليلٌ ، و لا سيما في الأزمنة المتأخّرة ، وهؤلاء القليل يقتصرونَ على أضعفِ الإيمان ، و هو الإنكارُ بقلوبهم و المسارَّةُ به فيما بينهم ، إلا منْ شاء اللهُ . )) انتهى ما أردتُ نقلَه من كلامهِ رحمه الله . من الصّفحة 12 إلى الصفحة 15 .
    ------------------------
    [1] : كذا هي الكلمة في الأصل .
    [2] : ما أحسن ما قال عليٌّ رضي الله عنه لابن الكوّاءِ : هل تدري ما قال الأوّلُ ؟ (( أحببْ حبيبَك هونًا ما ، عسى أن يكون بغيضَك يومًا ما ، وأبغضْ بغيضك هونًا ما ، عسى أن يكون حبيبَك يوما ما )) . [ رواه الإمامُ البخاري في الأدب المفرد ، قال العلّامة الألباني : حسن لغيره موقوفا ، وقد صحّ مرفوعا ، ( صحيح الأدب المفرد ً 360 ) ] .
    [3] : لعلّها : القطعيات ، و الله أعلم .
    [4] : اللهمّ سلّم سلّم .

  5. #25

    Exclamation الحلقة الثالثة من رد الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحلقة الثالثة

    لقد بدأ الكاتب مقاله متعجبًا من سبب اهتمام العالَم بشخصيّة الأمير عبد القادر، وتحدَّث عن أفلام تبثُّها قناة العربيّة وغيرها ، وقال : ((وكأن الرجل إنما توفي عن وقتٍ قريب جداَّ)). وبصرف النظر عن صياغة عبارته ، فإنها عبارة عجيبة! وهل الاهتمام بالأشخاص يكون تَبَعًا لتاريخ وفاتهم أم بحسب مكانتهم وقَدْرِهم وما تركوه من أثر؟
    وحتى لا أطيل أقول للأخ الكاتب ولغيره : لا تعجب أبدًا من اهتمام العالم العربي والغربي بالشخصيات المرموقة والفذّة في أي وقت وعصر ، فهذا أمر طبيعي ومطلوب .
    ولكن تعجّب من فعلهم ومن خبثهم! نعم إنّ الذي يفعلونه اليوم هو مكرٌ شديد ، مستغلين جهل بعض أبناء أمّة الإسلام وغفلتهم .
    ثمّ لماذا تتعجب والسيناريو الذي اعتمد عليه الفيلم قريب جدًا من محتوى مقال (فكّ الشفرة)؟!
    أمّا قناة العربيّة فليس لها من ذلك الفيلم اللّعين أي دور سوى الترويج له . لأنّ الفيلم قد أعدته قناة أوربية (فرنسية ألمانية) وبثّته في الغرب موجهاً للجالية المسلمة هناك من أجل أغراض فاسدة سأبينها لاحقاً .
    فمنذ سنوات اتصلت بي مندوبة تلك القناة وأخبرتني أنّ فريقاً من العاملين في القناة جاء إلى دمشق ويريدون أن يجتمعوا بي ليجروا معي لقاءً تلفزياً ، فقلت لها وما الموضوع؟ قالت فيلم وثائقي عن الأمير عبد القادر . قلت لها الأمير مات في القرن التاسع عشر (1883م) ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين فكيف تصورون فيلمًا وثائقيًا عنه؟! ولم يبق أحدٌ ممن عاصره على قيد الحياة! ولا توجد لديكم أي أفلام مصورة في حياته! فما معنى فيلم وثائقي؟ قالت نحن نجتمع مع أفراد من أسرته في عدّة بلدان ونسألهم عنه ثم يكون الفيلم!
    قلت وبمن التقيتم؟ قالت لا عليك نحن نريد أن نتحدث معك الآن . قلت حسنًا فأين (سيناريو) الفيلم حتى أطلع عليه . قالت نأتيك به لاحقًا . قلت هل من الممكن أن أرى ما صورتموه إلى الآن؟
    قالت سأسأل المدير وأردّ لك الجواب . وبعد أيام اتصلت بي وقالت هل أنت جاهز للتصوير؟ قلت لا حتى أرى ما عملتم سابقًا . قالت أعدك أن ترى كل شيء . قلت هذا لا ينفع . ثم ما جنسية من سيجري معي اللقاء عربي أم فرنسي؟ قالت فرنسي . قلت ومن سيترجم كلامي؟ قالت لدينا مختصون في هذا المجال سيعتنون بذلك . قلت هذا لا يروق لي لأنني أخشى من سوء الترجمة والموضوع حساس فأنتم تريدون الحديث عن تصوّف الأمير وعن سيرته في دمشق . قالت كن مطمئنًا . قلت ومع من سأجتمع؟ قالت مع (المدموزيل) الآنسة فلانة! وفريق التصوير . قلت لها والله أنا لا يمكن أن أجلس مع امرأة فرنسية أو غيرها للحديث أصلاً ، فكيف مع التصوير هذا لا يمكن . ثم عاودت الاتصال بي فرفضتُ الأمر جملةً .
    ثمّ إنهم ذهبوا والتقوا ببعض أفراد الأسرة (الفاتح بن سعيد بن علي بن الأمير عبد القادر) والسيدة (بديعة بنت مصطفى بن محيي الدين بن مصطفى الأخ الأصغر للأمير عبد القادر)
    وقد لامني بعض الأصحاب على امتناعي من اللقاء التلفزي في حينها .
    وبعد مدّة ظهر الفيلم إلى الوجود وأذيع في أوربة ، ثمّ اشترته قناة العربيّة فيما يبدو.
    وعندما شاهدتُ الفيلم حمدتُ الله أنني لم أقع في شَرَك هؤلاء الخبثاء .
    فالفيلم لم يعرّج أبدًا على جهاد الأمير للفرنسيين في الجزائر سبعة عشر عامًا وتفاصيلِ ذلك ، وإنما بدأ الفيلم بالحديث عن الأمير ومساعدته للمسيحيين وحبّه ومساندته لهم ، وعن "ماسونيّته" ، ثم صاروا يصورون بعض الشبّان من السياح الفرنسيين في الجزائر فيقول له أحدهم : نعم أذكر أنّ الأمير كان يقول كن مع اليهودي يهوديًا ومع المسيحي مسيحيًا بل ومع المشرك مشركًا!!!
    ثم زعموا أن الأمير دفن بجانب قبر الرئيس هواري بومدين!! وكأنّ هواري بومدين مات قبل الأمير! لقد حمل هواري بومدين رُفات الأمير عندما نقلوه من الشام إلى الجزائر ، وأوصى أن يُدفن هو بجانب الأمير .
    وأما عن لقاءات الأسرة فلم يظهروا أيًا منها واكتفوا بمقطع مجتزأ مع السيد الفاتح يصرح فيه بأن الأمير ليس ماسونيًا ويطالب بالعناية بآثاره وأملاكه .
    إذن الفيلم يريد أن يصور للعرب والمسلمين أنّ الأمير عبد القادر إنما هو رجل ماسوني يحب اليهود والمشركين ، فإذا كان له منزلة في قلوبكم فما عليكم إلاّ أن تتبعوه! أو تنبذوه وتعادوه!
    ـ وللفائدة فإن الفرنسيين لمّا خسروا حربهم في الجزائر واضطروا إلى الخروج منها خائبين ، صاروا يدّعون أنّ خروجهم كان لأغراض سياسية أو لأسباب تكتيكية أو أو.... ثمّ صاح بهم أحد عقلائهم وقال مخاطبًا الشعب الفرنسي المصعوق بخروجه من الجزائر بعد 132سنة : (( باختصار القرآن أقوى من فرنسة)) فهذا اعتراف منه أنّ الثورة في الجزائر كانت ثورة دينيّة . لذلك عمدت السلطات الفرنسيّة بكل ما لديها من أدوات الإعلام لزرع فكرة معاكسة ، فما كان من الرئيس هواري بو مدين (واسمه الحقيقي محمد بو خروبة) إلاّ أن قرر نقل رُفات الأمير من دمشق إلى الجزائر ليُحْيي عند الناس ذكرى جهاد الأمير للفرنسيين ذلك الجهاد الإسلامي!! وليوصل رسالة للفرنسيين أن حربنا معكم كانت منذ البداية حرب جهاد وأن الشعب الجزائري شعب مسلم يعتز بدينه!
    والحقيقة أن الغرب يحسب ألف حساب لشخصيّة الأمير بسبب أنه يرسم للمسلمين المثال الذي يمكن أن يحتذوا به في خلق الإمارة الإسلاميّة وإعلان الجهاد المسلح على الصليبيين والمعتدين ؛ لأنهم يعلمون أن الأمير استطاع مع ثلّة من الرجال المؤمنين أن يؤسس دولة دستورها الإسلام وينشئ جيشاً ضمن أرض الجزائر ، المحتلة أصلاً من قبل أكبر قوة عسكرية في ذلك الوقت (فرنسة) ، وأن يجاهدها ويكبدها الخسائر الفادحة ويحطم كبرياءها .
    الغرب يخشى من شخصيّة الأمير عبد القادر لأنه أحد رواد ثورة الإصلاح الديني ، لقد حارب الأمير الصوفي بعض شيوخ الطرق الصوفية المنحرفين في الجزائر وقاومهم وحارب الشعوذة والتدجيل وعبادة الشيوخ ، وكل هذا مدوّن في كتب تاريخ الجزائر ومسجل بالوثائق ، ولكن من المؤسف أنّ أمّة {اقرأ} لا تقرأ!!
    حتى إن بعض الكتّاب والمؤرخين عدّوا الأمير عبد القادر وعبد الكريم الخطابي من المتأثّرين بالحركة الوهّابيّة (انظر حاضر العالم الإسلامي ، والحركة الوطنية الجزائرية)، وهذا طبعًا بتعريفها العام كحركة إصلاح ديني لها جيش يدعمها ، لا من حيث الاتفاق على كل مبادئ الحركة ومعتقداتها.
    فالأمير مشربه صوفي ويختلف مع الفكر الوهابي ، ولكنه متفق معه على وجوب إزالة الفساد الديني والجهل الشرعي.
    ((وكذلك الأمر كان مع الشيخ محمد بن علي السنوسي شيخ الطريقة السنوسية الذي رحل إلى مكّة وتأثّر بالإصلاح الوهابي دون تقليده ، والسنوسية تشبّعت بأفكار الشرق ، ولا سيما الفكر الوهّابي)) والكلام للدكتور أبي القاسم سعد الله .[انظر الحركة الوطنية الجزائرية لسعد الله ص373 و403]
    وكذلك من المتأثرين بالفكر الوهابي من صوفية الجزائر (شريف ورقلة : إبراهيم بن أبي فارس)[المصدر السابق ص372]
    على أيّة حال ، الدروس التي يمكن أن تستفاد من سيرة الأمير عبد القادر تمثل خطرًا كبيرًا على الغرب وأتباعه ، لذلك هم حريصون على تشويه هذه الشخصيّة ، فلا مسوغ لتعجّب كاتب المقال لأن كل تلك الأفلام التي تحدَّثَ عنها إنما هي للتشويه والتضليل.
    قال بعض المؤرخين الفرنسيين ((...إنّ عبد القادر قد تحدّى أكبر الجيوش في وقته ، واخترع حرب العصابات ، ووضع أسس الوطنية الجزائرية ، وأعطى لغيره دروسًا في المهارة والالتزام للدبلوماسيين ...)) انتهى[لاتياد ص43] . وكما قيل : والفضل ما شهدت به الأعداء .
    وقد علّق على هذا الكلام كبير المؤرخين في الجزائر الأستاذ الدكتور أبو القاسم سعد الله فقال : ((ولكن هذا الكاتب نسيَ أن ينبّه إلى أنّ عبد القادر هزَمَ أكبر جنرالات وماريشالات فرنسا عندئذ ، وأنها (أي فرنسا) نَكَبَته في وطنه وقومه وتآمرت عليه مع جيرانه وعزلته حتى عن علماء الدين ، ونصَبَت ضده شبكة من الجواسيس والخونة ، وتقوّلت عليه الأقاويل الكاذبة ، وخانت وعدها معه بتركه يذهب حيث اختار. ولكن هناك كتّاب آخرون يذكرون أن الأمير كان باعث الوطنية الجزائرية . فقد وصَلَ خطابه أعماق الشعب ، وحرّك نداؤه ضمير الأرض ، وهزّ صوته أركان الوطن فإذا بريح الوطنية تطوي المسافات وتجتاز الحدود القَبَلِيّة والطرق الصوفية والإقليمية لتصبح شعلة واحدة تحرق وجه العدو الدخيل ، لم يكن الجهاد وحده هو الذي جعل الناس يضحّون ويتبعون راية الأمير ، بل كانت هناك مشاعر متأججة حباً في الأرض وحباً للوطن الجديد الذي رسم حدوده الأمير، وجعل عليه قُضَاتَه وخلفاءه وممثليه ، واعترف له العدو بحدوده .
    وكان الأمل أكبر من الواقع وكان الزمن أقصر من الأجل ، ولو طال العهد لازدهرت الدولة الجديدة وأثمرت الآمال العريضة ولأخصب الدِّين والفكر والعلم والفن في عصرٍ كان العالم الإسلامي كله فيه ينتظر مثلَ هذا الوليد .
    لقد ظهرت قبل ذلك الحركة الوهّابية فإذا بها تُضرب قبل أن تكشف عن وجهها الحقيقي ، وكشَفت "نهضة" محمد علي عن وجهها فإذا هو وجهٌ علماني سلطاني يبتسم في وجه الأجنبي ويُكشّر في وجه المواطنين . وأخذ سلاطين آل عثمان " يُنظّمون" دولتهم المتداعية فإذا الإصلاحاتُ مفاسدٌ ، وإذا الأعداءُ هم المصلحون جالسين يملون على (السلطان) محمود وعبد المجيد وعبد العزيز وأنور(باشا) ومصطفى أتاتورك ما عليهم أن يفعلوا وما عليهم أن يتركوا .
    إنّ دولة الأمير الوليدة لم تحاربها فقط جيوش فرنسا حبًا في التسلط والبطولة وطمعًا في إنشاء إمبراطوريّة ، ولم يقف ضدّها فقط "الكولون" (يعني المستوطنين الأوربيين) بمحاريثهم وأموالهم لكي يستغلوا الأرض المغتصبة ويَسْتَثْروا على حساب الجزائريين ، بل حاربتها أيضًا ظاهرًا وباطنًا ، الكنيسة والماسونية (الصهيونية) ، كما حاربها سلاطين المسلمين وحتى بعض علمائهم النائمين!
    حاربتها الكنيسة لأنها اعتبرتها حركة جهاد إسلامي متوثب فيه انتعاش ونهضة للإسلام الراكد إذا انتصرت ، واعتبرت الكنيسةُ نفسُها عمَلَها ذلك استمراراً للصليبية التي خاضت في الشرق والغرب حروباً ضارية ضد الإسلام والمسلمين ، بما فيها الأندلس ووهران ، وتآمرت عليها الماسونية خصوصًا في الدوائر المحيطة بالحكومة الفرنسية وحاشية الملك وقطعان التراجمة والمستشرقين الذين توافدوا على الجزائر ، لأنّ دولة الأمير كانت دولة عربيّة سلفيّة ، شريفة ، لو انتصرت لكانت خطراً عظيماً على مخططات الماسونية ـ الصهيونية في الشرق!!، ولكانت أول دولة توحّد العرب على كلمة الجهاد كما وحّدتهم عليها زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وزمن الخلفاء الراشدين)).انتهى [(الحركة الوطنية الجزائرية) لأبي القاسم سعد الله ص274ـ275].[وأظنّ أن الدكتور سعد الله يقصد بالسلفية هنا المعنى العام لها ، لا المفهوم الذي استقرّت عليه اليوم].
    ويتابع الأستاذ أبو القاسم فيقول : ((وقال فريق من الكتّاب الفرنسيين : إنّ الأمير رجل دين وجهاد وتصوّف ، وقالوا : إنّ الدِّين تغلّب على دولته في جميع مجالاتها ومظاهرها : الجيش ، المالية ، القضاء، حتى العملة والسكّة)) [بيسه شينار "عبد القادر وعبد الكريم" في مجلة الدراسات الآسيوية والإفريقية) ص143ـ 160] .
    ((ويرى فريقٌ آخر أنّ الأمير هو مؤسس الوطنية والسيادة في الجزائر ، وأنه جَدَّدَ في الاقتصاد بإبطال الخَرَاج على الرعيّة والامتيازات "للمخزن" ، والإبقاء فقط على الزكاة والعشور ، وجدد في القضاء فسوى بين الناس وطبّق نصوص القرآن على الجميع ، وخصص راتباً قارًّا للقاضي ، وجدد في العسكرية فجعل خدمة الوطن واجبة على الجميع ، وجدد في مفهوم الدين والتصوف فلم تعد القادريّة هي المثل وإنما جعل وحدة الشعب كله هي الهدف)).[رينيه كاليسو في (هيسبريس ـ ثمودا) ص120ـ 124] .
    ثمّ يقول الدكتور سعد الله : (( إنّ الأمير في نظري هو موقظ الضمير الوطني الجزائري بأفعاله وأقواله طيلة عهد جهاده الذي بلغ سبعة عشر عامًا . لقد كان هدفه الأساسي إيقاظ وإذكاء ذلك الضمير بجعله الجهادَ في سبيل الله وسيلة ، والوحدة الشعبية هدفاً . ولعلّ الأمير قرأ جيداً واستفاد كثيراً من مقولة ابن خلدون :"إنّ العربَ لا تجتمع إلاّ على عصبيّة أو دين" فجعل الأمير العصبية نصب عينيه واستحضر عهد البعثة النبوية وعهد الصحابة ، ولم يكن يفرّق في ذلك بين أبناء الجزائر في الأصل فقد كانوا عنده جميعاً عرباً ومسلمين ، سواء كانوا سكان مدن أو جبال أو صحار ، وسواء كانوا يتكلّمون العربية أو لهجات محليّة . وإنما ظهر عليه أنه لم يرتح لبعض زعماء الكراغلة (وهم أبناء الأتراك من أمهات جزائريات) لأنهم بدؤوه بالإساءة إليه وتعاونوا مع عدوّه . وبينما لم يتدخل في العادات القبلية ولا في سلوكات الطرق الصوفية فإنه كان يُخاطب الجميع بلغة الدِّين والوطن والوحدة ويُذكرهم بماضيهم المجيد ويرغّبهم في التحرر والنهضة والاعتماد على النفس . ولذلك أحبّه الجميع وندم الذين خالفوه أحياناً على فعلهم وجاؤوه تائبين متوسلين . وقد عرفوا قدره أكثر بعد أن غاب عنهم وترك فراغاً لم تملأه أيّة شخصيّة من بعده ، لأنّ كل من ظهر بعده كان يفتقر إلى العناصر التي تمتع بها الأمير ، وهي تحديد الهدف وخدمته بكل الوسائل : الحرب والدبلوماسية والشجاعة والرأي والإخلاص .
    ولعلّ هذه القِيَم هي التي جعلت الأمير هو البطل المغوار الذي تتحدث عنه قصص الفروسية العربية والفارس الغازي الذي ذكَّرَ الناس بعلي بن أبي طالب وخالد بن الوليد وعقبة بن نافع ، في وقت لم تبق من هؤلاء إلا ذكريات الكتب وأحاديث الأسمار . وقد لاحظ أعداؤه المعاصرون له أن الأمير لا يمكن خيانته مِمَّن تبعه ، رغم أن كثيرًا من عظماء الرجال انتهوا بخيانة بعض المخلصين لهم ، وقد حاول الفرنسيون أن يجدوا خائناً يغتال الأمير أو يضع له السم فباؤوا بالفشل . فهو محاربٌ مِقْدَام لا تجده إلاّ متقدّماً أمام الجميع ، وهو في نظر البعض مجاهدٌ يطلب الموت لتوهب له الحياة . ولذلك لم يكن بحاجة إلى حراسة ولا بوابين . وقد وصفه الواصفون عندئذ بأنه كان بسيط اللباس والأكل والمظهر ، وأن التواضع والزهد والذكاء والحزم من سماته ، وأن في إمكانه أن يأكل (الكسكسي) تحت أية خيمة (وهي أكلة جزائريّة مشهورة) ، وأن يشرب من أي نهر ومن أي كوب يشاء دون أن يخاف سماً ، وأن يضع رجله حيث يشاء دون أن يخشى كميناً من أحد [بوجولا (دراسات) 2/103] . فهو فارس الفوارس وحامي الذِّمار وربُّ السيف والشعر .
    إنّ كبار العسكريين الفرنسيين الذين حاربوا الأمير (وكذلك وزيرهم للحربية ـ الماريشال سولت) قد فهموا جيداً خطّة الأمير ، وعملوا ما في وسعهم على عرقلة تنفيذها لأنها تُخرجهم من الجزائر ، وتُعيد مجدَ الإسلام ، وتبعثُ تيارًا جديدًا اسمه القوميّة العربية . وقد تعاونوا في ذلك ، كما قلنا ، مع الكنيسة والماسونية وأغبياء المسلمين (سلاطين وعلماء) لكسر شوكة الأمير ، الممثل لهذا الفجر الجديد . ولنرجع إلى كتابات بوجو ، وسولت ، وفاليه ، ودوفيفييه ، ولاموريسيير الخ . فإن فيها الجواب اليقين عمّا كانوا يحسونه منه ويلاحظونه عليه في هذا المجال ، وكيف خططوا وعملوا على إطفاء شعلته قبل أن تحرقهم)).انتهى كلام د. سعد الله.
    ويقول هنري تشرشل (البريطاني المسيحي) : ((إن سياسة عبد القادر السامية لا تستطيع صبرًا على هذا الخرق الفاضح لمبادئ القرآن الواضحة الصريحة . إن ذلك الكتاب المقدس لم يُؤيّد ولم يُقرّ مبدأ الخضوع . فشعاره الذي لا يقبل المساومة ولا الرحمة هو الانتصار أو الموت والسيف في اليد في سبيل الله . ولمّا كان عبد القادر مفسِّراً غيوراً ، ومدافعاً جسوراً عن ذلك الكتاب المؤثر بكل عظمته البطولية ، فإنّه قد جعل واجبه الأساسي حمايةَ القرآن بيقظةٍ لا تعرف الكلل ولا التواني ، ومقابَلَةَ أبسط خروج عن مبادئه بشدة لا تعرف التراجع)).انتهى [(حياة الأمير لتشرشل) ترجمة سعد الله ص69]
    ويروي تشرشل ردّ الأمير على الجنرال تريزل وفيه : ((.. وبالإضافة إلى ذلك فإنّ ديني يمنعني من السماح لمسلم أن يكون تحت سلطة المسيحي)).انتهى [المصدر السابق ص96]
    وفي جواب آخر ((إن العرب لا يمكن أن يقبلوا حتى أن يسمعوا بالعيش تحت سلطة المسيحيين ، ولو كانت سلطة اسمية ، وإذا كانت فرنسا ساعية لوضع العربي تحتها بالقوة فمعنى ذلك أنها ستدخل حرباً لا نهاية لها)).انتهى [المصدر السابق ص110 ؛ الكاتب البريطاني يصوغ كلام الأمير بطريقته الإنكليزية فهم يستعملون كلمة عربي مقابل مسلم فتنبّه]
    ويقول تشرشل : ((لم يتردد الأمير في أن يطلب أن يكون كل مسلم مقيم في منطقة فرنسية يجب أن يكون تحت سلطته الشرعية هو فقط! وهو في هذا الطلب كان يسعى أن يُطبق ويُنفّذ مبدأً كان، في نظره، أولى من كل اعتبارات دنيوية ، لأنه مبدأ قائم على ماهية القرآن الأساسية وهو أنه لا يجوز لأي مسلم مهما كانت الظروف ، إذا أمكن ، أن يعترف عن طواعية أو يستسلم إلى حكم مسيحي)).انتهى [المصدر السابق ص113]
    وجاء في جواب الأمير لأحد الفرنسيين قوله : ((سوف أنزل من هذه الصخرة الشماء ،كما ينزل النسر من عشه ، لكي أطهّر مدن الجزائر وعنّابة ووهران من المسيحيين)).انته [المصدر السابق ص139]
    لقد ضرب الأمير نقودًا خاصّة بإمارته الإسلاميّة ، فهل تعلمون ما نُقِشَ عليها؟ أما القطعة الأولى فنُقش عليها الآية الكريمة {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه} ، وأما القطعة الأصغر منها فنُقش عليها الآية الكريمة {إنّ الدين عند الله الإسلام}.
    والحديث في هذا الشأن طويل جدًا لا يمكن اختزاله في أسطر ضمن رد على مقال .
    ومَن يريد التوسع في الموضوع فما عليه إلاّ الرجوع إلى كتاب "الحركة الوطنية الجزائرية" وكتاب "تاريخ الجزائر الثقافي" و"أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر" و"محاضرات في تاريخ الجزائر"(بداية الاحتلال) كلّها لمؤرّخ الجزائر الكبير الدكتور أبي القاسم سعد الله ، وكتاب "كفاح الجزائر من خلال الوثائق" للدكتور يحيى بو عزيز ، وكتاب "حاضر العالم الإسلامي" للأمير شكيب أرسلان ، وكتاب "تحفة الزائر" لمحمد باشا ، وكتاب "المقاومة الجزائرية تحت لواء الأمير عبد القادر" لإسماعيل العربي ، وكتاب (حلية البشر) للعلاّمة عبد الرزاق البيطار. وهناك الكثير غيرها أيضًا . وكذلك يمكن للباحثين الرجوع للكثير من المخطوطات والوثائق التي حققها بعض العلماء ، مثل (منشور الهداية في كشف حال من ادَّعى العلم والولاية) للشيخ عبد الكريم الفكون الجزائري ؛ تحقيق د. أبو القاسم سعد الله .
    وأنتقل الآن إلى الفقرة الثانية من المقال :
    ذكر الكاتب في بداية مقاله في ترجمة الأمير فقال : هو الشيخ عبد القادر بن محيي الدين الحسني!!
    ثمّ قال حيث يصل نسبه بالإمام الحسين بن علي!! (وأظن هذا خطأً كتابيًا) والصواب : الحسن بن عليّ.
    ثم نقل عمود النسب الخاص بالأمير فقال :".....عبد القادر ابن محي الدين ابن مصطفى ابن محمد ابن المختار ابن عبد القادر ابن أحمد ابن محمد ابن عبد القوي ابن يوسف ابن أحمد ابن شعبان ابن محمد ابن أدريس ابن أدريس ابن عبدالله ( المحض ) أبن الحسن ( المثنى ) أبن الحسن ( السبط )...... انظر :"الأمير عبد القادر" – سلسلة الفن والثقافة – وزارة الإعلام والثقافة الجزائرية – الجزائر / ص 1974" انتهى
    العجيب حقًا أن ينقل سلسلة نسب الأمير من مجلة (سلسلة الفن والثقافة) من مقال كتبه أحدهم (لم يذكره لنا الكاتب) وساق فيه نسب الأمير على نحو لا وجود له في كتب التاريخ والأنساب التي كَتَبَت عن أسرة الأمير عبد القادر أو حياته ، وكل من ينظر في سلسلة النسب هذه يجدها مبتورة وقد سقط منها اثنا عشر جدًّا فقط!! وفيها أسماء محرّفة.
    ثم عقد الكاتب المقارنة بين هذه السلسلة العجيبة وبين السلسلة الصحيحة التي ساقها محمد باشا مؤلّف كتاب (تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر) ، والعجيب أن الكاتب لا يعرف أنّ محمد باشا هو ابن الأمير عبد القادر ، فقال عنه إنه قريب الأمير!!
    وبعد ذلك خرج الكاتب بنتيجة وهي أنّ نسب الأمير غير موثوق به!!
    فقال : ((.إلاَّ أن قريبه الأمير محمد أورد سلسلة أخرى تختلف كلياً في كتابه :" تحفة الزائر في مآثر الأمير عبدالقادر وأخبار الجزائر " ، ممَّا يُضعف الثقة في هذه النسبة الشريفة ، لا سيما إذا عرفنا أ ن النسبة الشريفة من شروط الوصول الى مرتبة القطبية عند المتصوفة ، كما أننا إذا علمنا أيضاً أن الصوفية يجوِّزون الاكتساب الروحاني للنسبة الشريفة تقلُّ الثقة عندنا بتلك السلاسل النسبية المسبوكة)).انتهى
    ثم زاد في التشكيك في نسب الأمير فقال (إن النسبة الشريفة هي من شروط الوصول للقطبية عند الصوفية) ، فهذا يعني أنه ربما ادعى الأمير هذه النسبة كي يدّعي القطبية فيما بعد! وكذلك زعم أن الصوفيّة يقولون بالاكتساب الروحاني للنسب!!
    وأقول : ما هذا الكلام أيها الكاتب؟ وكيف رضيته لنفسك وأنت الذي صدّرت مقالك بعنوان فك الشفرة الجزائريّة؟!!
    إنّ من يعتمد على مقالة في مجلة ثقافة وفنون ويقرأ فيها كلامًا فيه سقط طباعي وتصحيف شنيع ، عليه ألاّ يخوض في الأنساب!!
    كيف يتكلم في الأنساب وهو لا يعرف أنّ مؤلف كتاب (تحفة الزائر) هو الابن الأكبر للأمير عبد القادر ، أمير الجزائر الذي يريد أن يفكّ شيفرته!!
    وبعد كل هذا ذهب الكاتب يتدخّل بباطن الأمير ، ويزعم أنّه كان يسعى للوصول إلى القطبية الصوفية!! ولا أدري من أين أتى بتلك المعلومة؟!
    إنّ قبيلة الأمير في الجزائر اسمها قبيلة بني هاشم ، وأسرة الأمير عبد القادر من أشهر الأسر الإدريسيّة في المغرب ورجال هذه الأسرة جلّهم من العلماء والشيوخ وأصحاب السيادة والوجاهة في تلك الأقطار ، وتراجمهم زاخرة في كتب ومؤلفات علماء المغرب والجزائر والشام ، وذِكْرُ نسبهم وفروعهم أشهر من أن يدلّ عليه ، لا في عهد الأمير عبد القادر بل قبله بقرون!!
    فإذا كان الكاتب لا يريد أن يقرّ بنسب الأمير ، فماذا سيفعل في كتب العلماء التي ألّفت قبل أن يولد الأمير بل وقبل أن يولد جدّه وجدّ جدّه وجدّهم!!
    كل ما على الكاتب أن يفعله هو أن يرجع إلى الكتب التالية ليعلم فداحة خطئه .
    1. كتاب "عِقْدُ الجُمان النَّفيس في ذكر الأعيان من أشراف غَريس" للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله التوجيني .
    2. كتاب "جوهرة العقول في ذكر آل الرّسول" للشيخ عبد الرحمن بن محمد الفاسي .
    3. كتاب "فتح الرحمن شرح عقود الجمان" للشيخ محمد بن محمد بن أحمد بن أبي القاسم الجوزي الراشدي المزيلي .
    4. كتاب "البستان في ذكر العلماء الأعيان" للفقيه عبد الله الونشريسي .
    5. كتاب "رياض الأزهار في عدد آل النبي المختار" للمَقَّرِيِّ التلمساني .
    6. كتاب "حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر" للشيخ عبد الرزاق البيطار .
    7. كتاب "تعطير المَشام في مآثر دمشق الشام" للعلاّمة جمال الدين القاسمي .
    وغيرها ....
    هذه الكتب ذكرتْ عمود النسب الخاص بأسرة الأمير باتفاق ، وأمّا الكتب التي ترجمت للأمير أو لإخوته أو لآبائه واكتفت بالتنبيه على نسبه الإدريسي الحسني فهي بالعشرات .
    وإليكم عمود النسب الخاص بالأمير عبد القادر والمتفق عليه عند أهل العلم ، والذي لا يجوز اعتماد غيره : [هو عبد القادر بن محي الدّين بن مصطفى بن محمد بن المختار بن عبد القادر بن أحمد المختار ابن عبد القادر بن أحمد بن محمد بن عبد القوي بن علي بن أحمد بن عبد القوي بن خالد بن يوسف بن أحمد بن بشّار بن محمد بن مسعود بن طاوس بن يعقوب بن عبد القوي بن أحمد بن محمد بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله المحض ابن الحسن المثنّى ابن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه].
    فلو أنّ باحثًا متخصصًا بالتاريخ والأنساب قرأ هذه الكتب وغيرها ثم قرّر صحة نسب الأمير من عدمها بطريقة علمية لكان كلامه مقبولاً ومحترمًا .
    أما أن يأتي شخص لا خبرة له بالأنساب فيقرأ سلسلة نسب مغلوطة في جريدة أو مجلة ثم يقرر من تلقاء نفسه صحة ذلك النسب أو عدمها ، فهذا لا يمكن القَبول به أو السكوت عنه.
    ثمّ من أين أتى الكاتب بمسألة ادعاء القطبية عند الأمير؟ نريد مرجعًا!
    وكما أسلفت فلا حاجة بالأمير إلى أن يدعي النَّسب ونَسَبُه ثابت قبل أن يولد هو وأبوه وجدّه!!
    ولقد غفل الكاتب عن حقيقة دامغة وهي أنّ الشعب الجزائري التفّ حول السيد محيي الدين والد الأمير ، لأنه مِنْ أشهر الأدارسة في تلك الأقطار ، وهذا مدوّن في كل الكتب التي وثّقت تلك المرحلة!!
    وليس للأخ الكاتب أي سلف من العلماء والمؤرّخين! فيما ذهب إليه من التشكيك بنسب الأمير .
    وللفائدة فإن درجة القطبية عند المتصوفة لا يشترط فيها النسب أبدًا ، وهذا معروف في كتبهم الكبرى ، وهناك بعض جهلة الصوفية المتأخرين اشترطوا ذلك فردّ عليهم علماء الصوفية أنفسهم (انظر رسالة الشيخ عبد الله الغماري الصوفي ((كرامات وأولياء)) التي بيّن فيها بطلان قول من قال بشرط النسب الشريف للقطبيّة)
    ثم إن ادعاء الكاتب بجواز اكتساب النسب روحانيًا عند الصوفية ، ادعاءٌ بدون بيّنة ، فليته ذكر لنا مرجعًا من مراجع الصوفيّة ينص على ذلك .
    أيها الإخوة إنّ الله تعالى يقول في كتابه العزيز : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ } [النساء : 135]
    والحمد لله ربّ العالمين
    خلدون بن مَكِّي الحسني
    للبحث صِلَة

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    846

    افتراضي رد: الرد على الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري

    استاذنا العزيز ودكتورنا الفاضل ابا ادريس خلدون الحسني حفظه الله
    نحن في انتظار جديدكم
    بارك الله فيكم و نفع بكم
    صفحة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك
    www.saaid.net/Doat/almubarak/k.htm - 24k -

  7. #27

    افتراضي رد: الرد على الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري

    الأخ الكريم محمد المبارك ، وبارك الله فيكم أيضًا،
    وأنا لم أبلغ مرتبة الأستاذية بعد ، وحسبي أن أكون طالب علم وباحث عن الحقائق،,أسأل الله السداد

    لقد عرضت الحلقتين الثانية والثالثة ، والرابعة ستكون الخميس إن شاء الله، خلتك قرأتها!
    فأنا أعرضها في موضوع جديد ، وليس ضمن هذه الحلقة ، هكذا ارتأى بعض الإخوة
    وكنتُ أتمنى أن يكون هناك خانة ثابتة أدرجُ فيها الحلقات بتتابع حتى لا يتشتت القراء!
    على كل حال الحلقات كلها موجودة الآن في المنتدى ، وضمن مجلس قضايا فكرية معاصرة ، نزولاً عند رغبة الإخوة في الإشراف
    وأتمنى لك قراءة ممتعة ومفيدة
    أخوكم
    خلدون بن مكّي الحسني

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    342

    افتراضي رد: الحلقة الثالثة من رد الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر

    جزاكم الله خيراا

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    964

    افتراضي رد: الحلقة الثالثة من رد الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر

    بارك الله فيك ..
    حبذا لو كانت الحلقات في مقال واحد ، بدل هذا التشتيت .
    وأن يُقتصر - مؤقتًا - على موقع واحد لنشرها ؛ لأني أراك تنشرها هنا وفي الجلفة وفي الملتقى .
    وقد كلمني الأستاذ محمد المبارك يقترح هذا ؛ لأنه ينتظر فراغك من الحلقات ؛ لينشر ماعنده .
    وفقكم الله ..

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: الرد على الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري

    جزى الله الدكتور خلدون الحسني خيرًا على إفادته ومعلوماته القيِّمة، وقد قمت بتعديلات ودمج لمواضيعه الثلاثة تحت الموضوع الأول، حتى تحصل الفائدة ويتَّقى التشتُّت بالدخول ههنا وهناك، فأعتذر له إن ساءه ذلك، وأتمنَّى أن لا يكون كذلك.
    وقمت أيضًا بتثبيت الموضوع؛ لتعمَّ به الفائدة، وتسهل المتابعة.
    ونرجو من الدكتور مواصلة بقية الحلقات تحت هذا الموضوع؛ سلامة من التشتت، وتلبية لطلب من يحب متابعة موضوعه الماتع.
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    342

    افتراضي رد: الرد على الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري

    جزاكــم الله خيراا أخي البخاري على الجمع و التثبيت
    فالموضوع هام و يحتاج في رأيي لنقاش مباشر
    لن يبلغ العلم جميعا أحدلا ولو حاوله ألف سنه
    إنما العلم عميق بحره فخذوا من كل شيء أحسنه

  12. #32

    افتراضي رد: الرد على الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري

    بارك الله فيكم و شكر الله للاخوة المشرفين
    نحن نتابع بتمعن و ما أسعدنا بكلام الدكتور الحسيني .
    و الله لنفرح اشد الفرح أن نربح شخصية مثل الامير و أن لا يكون كما يروج عنه و الاسعد من ذلك أن يكون من أصحاب النعيم و مغفرة الرب الرحيم
    واصلوا بارك الله فيكم

  13. #33

    افتراضي رد: الرد على الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري

    أيها الإخوة السلام عليكم ورحمة الله
    أشكر الشيخ سليمان الخراشي والأخ عدنان البخاري على اهتمامهما بالموضوع . بارك الله فيكم.
    وأشكر الأخ أبا عبد الله الشاوي، على مشاركته الكريمة.

    وبارك الله فيكم أخي أبا عبد الرحمن عبد القادر

  14. #34

    Exclamation الحلقة الرابعة من رد الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحلقة الرابعة
    نلاحظ أن الأخ محمد المبارك في مقاله (فك الشفرة) إذا ذَكَرَ الشيخ محيي الدين الحسني وسبب التفاف الشعب الجزائري حوله قال : هو شيخ الطريقة القادرية ، وإذا تكلّم عن ثقافة الأمير عبد القادر قال عنه إنه كان يُعد لاستلام الطريقة القادرية بعد أبيه ، ولمّا تكلم على جهاد الأمير ونهايته وضع له عنواناً (نهاية الحركة القادريّة!!)
    أقول : أيها الإخوة إن والد الأمير عبد القادر وكذلك جدّه كانا من الصوفيّة ولهم طريقة هي القادريّة ، هذا أمر لا ينكره أحد . ولكن أن يُقال إنّ الشعب الجزائري التفّ حول الشيخ محيي الدين لأنه قادري فهذا بعيد .
    أولاً هناك عدّة طرق كانت منتشرة في الجزائر والقادريّة ليست أوسعها بل التجانية هي أوسع الطرق انتشاراً وكذلك الشاذلية والدرقاوية والرحمانية وغيرها كثير ..
    فلماذا يلتف الشعب حول القادرية فحسب ويترك باقي الطرق؟ مع العلم أنّ الذين بايعوا السيد محيي الدين كانوا من مختلف الطرق!
    والحقيقة كما أسلفت أن سبب التفاف الشعب حول السيد محيي الدين هو كونه من أعلى وأثبت الأشراف الأدارسة نسباً في تلك الأقطار ، ولأنّه من أهل العلم ومن أهل الصلاح والرأي ، كما ترجم له علماء المسلمين .
    ثمّ إن اقتصار الكاتب على وصف السيد محيي الدين بأنه شيخ الطريقة القادريّة ، لا يُعطي الصورة الحقيقية للرجل .
    فكل من ترجم للسيد محيي الدين وصفه بالعالم العامل ، المشتغل بتدريس الفقه والحديث والتفسير واللغة وغيرها من علوم الشريعة ، إضافة إلى تصوّفه .
    إذن فهناك فرق بين السيد محيي الدين ، وبين من يسمون بشيوخ الطرق الصوفية ، الذين ليس لهم أي نصيب من العلم والمعرفة ، وإنما حسبهم أنهم يجمعون الناس في زواياهم لأورادهم وأناشيدهم والرقص الصوفي والأكل والشرب .
    إنّ زاوية السيد محيي الدين وصفها العلماء بأنها كانت معهداً للعلوم الشرعيّة يدرّس فيها جميع أصناف العلوم . (وللفائدة فإنّ مذهب السيد محيي الدين هو محاربة الرقص الصوفي "الحضرات")
    فإذا أردنا أن نصف السيد محيي الدين بإنصاف فإننا نقول عنه : إنه من أهل الدين ، صاحب علم وعمل ، وجمع إلى ذلك النسب الشريف والخلق الأصيل وكان له معهد للعلوم الشرعيّة ، وكان صوفيًا تلقى الطريقة القادريّة ونشرها ، وأجاز الناس بأورادها ، ولكنه متفقه بالمذهب المالكي ومنضبط به .. وهو من الذين يصنّفون ضمن ما يُسمِّيه الأستاذ سعد الله (بالتصوف السلفي) ؛ لا أن نقتصر على وصفه بالقادري وانتهى الأمر ، لأننا بذلك نكون قد وجّهنا أذهان القراء إلى صورة واحدة (وهي الطرقيّة أو التصوف الجاهل).
    [من الذين وصفهم الأستاذ سعد الله بأنهم من دعاة التصوف السلفي ، الشيخ عبد الرحمن الأخضري، والشيخ محمد بن علي الخروبي ، والشيخ أحمد زروق ، والشيخ عبد الكريم الفكون . انظر تاريخ الجزائر الثقافي 1/507؛ 527؛530]
    والعجيب من الكاتب أنه لمّا تكلّم عن ثقافة الأمير قال : إن والد الأمير كان يُعدّه لمشيخة القادرية من بعده!!!! وأنا أسأله ما مصدر معلوماتك عن هذا الأمر؟
    يقول الدكتور أبو القاسم سعد الله : ((إن الأمير عبد القادر فوق الطرق الصوفية كلها ، أي إنه كان يعمل من أجل فكرة أشمل وهي الدين والوطنية)).انتهى[الحركة الوطنية الجزائرية ص400]
    قال الكاتب : ((لقد كان الأمير عبدالقادر ذا ثقافة علمية واسعة ، فقد كان أبوه الشيخ محيي الدين يُعِدُّه لمشيخة الطريقة القادرية من بعده ، وحتى تكتمل صورة الأمير عبد القادر، فقد تلقى الشاب مجموعة من العلوم فقد درس الفلسفة (رسائل إخوان الصفا - أرسطوطاليس - فيثاغورس) ودرس الفقه والحديث فدرس صحيح البخاري ومسلم، وقام بتدريسهما، كما تلقى الألفية في النحو، والسنوسية، والعقائد النسفية في التوحيد، وايساغوجي في المنطق، والإتقان في علوم القرآن))انتهى
    والسؤال : هل هذه العلوم يتلقاها من يُعدّ ليصبح شيخ طريقة؟!
    وأقول للكاتب من أين علمت أنه درس رسائل إخوان الصفا؟ ففيما قرأتُه عن الأمير من تراجم لم أجد أحدًا ذكرها ، مع أنهم ذكروا الكثير مما لم يورده الكاتب أصلاً! وسؤالي ليس استنكارياً وإنما يهمني أن أعرف المصدر.
    يقول شارل هنري تشرشل : ((إن الأمير قرأ أعمال أفلاطون ، وفيثاغورث ، وأرسطو ، ودرس كتابات مشاهير المؤلفين من عهود الخلافة العربية عن التاريخ القديم والحديث ، وعن الفلسفة ، واللغة، الفلك ، والجغرافية ، بل حتى عن الطب ، وقد تجمّعت لديه مكتبة ضخمة)).انتهى [حياة الأمير عبد القادر ص47 . تفرّد تشرشل بذكر كتب أفلاطون وفيثاغورث وأرسطو!!]
    لقد قرأتُ في كتاب الدكتور أبي القاسم سعد الله (تاريخ الجزائر الثقافي) 1/520 ، كثيراً من التعليقات على زوايا الطرق الصوفية التي كانت منتشرة في تلك الأيام ، وكان ينقلُ كلام العلماء المعاصرين لتلك الزوايا والطرق والمنتقدين لبعض شيوخها وانحرافهم وتعاونهم مع الاستعمار ، ولما وصل إلى الحديث عن جدّ الأمير وهو الحاج مصطفى والطريقة القادريّة ، وصفه بأنه من علماء الوقت وصلحائه وأنه أنشأ زاوية بغرض أن تكون مركزًا للتعليم ومبعثًا للطريقة القادريّة ، وبعد وفاته تولى أمر الزاوية ولده السيد محيي الدين الذي كان من شيوخ العلم المشهود لهم ، وأصبح الشيخ محيي الدين يلقن أوراد الطريقة القادرية وينشر العلم من الزاوية التي كانت عبارة عن معهد ...إلى أن قال : كما أن القادرية قد اندمجت غداة الاحتلال في تيار الحركة الوطنية مستعملة نفوذها الروحي للدعوة إلى الجهاد ضد الفرنسيين)).انته كلام سعد الله .
    ولم يذكر أي طعن فيه أو في زاويته كما فعل بباقي الزوايا والطرق . وما ذلك إلاّ للفرق الكبير بينها .
    ملاحظة :[ينبغي أن نفرّق بين العلماء أو الفقهاء المتصوّفين الذين تلقوا أورادًا لبعض الطرق الصوفية ، وبين رجال الطرق (الطرقيين) الذين ـ في أغلبهم وعامتهم ـ جهّال وأصحاب أغراض شخصية ، ويعتمدون على الدجل والشعوذة!!]
    وقال الدكتور سعد الله في معرض كلامه عن الأمير: ((.. إن المقاومة قد أخذت عليه كل الوقت وأصبح رمزاً لجمع الكلمة وتوحيد الشعب تحت راية الوطنيّة وليس مرابطًا يلقن أوراد الطريقة القادرية)).انتهى [المرجع السابق1/522]
    والآن سأعرض لكم بعض النقول العلمية المتصلة بالموضوع :
    أولاً ؛ ترجمة السيد مصطفى بن محمد بن المختار الراشدي الحسني ؛
    ترجَمَهُ حفيدُه السيد أحمد الحسني فقال : ((كان رحمه الله عالماً عابداً زاهداً يُلقّب بسيبويه الإقليم ، وكان يحفظ كتاب التصريح على التوضيح للشيخ خالد الأزهري عن ظهر قلب كحفظه الفاتحة ، وأَقْرَأَ ألفيّة ابن مالك قراءة تحقيق وبحثٍ وتدقيق في محلٍّ واحد ثماني عشْرة مرّة ، وأجازه إجازة عامّة الشيخ مرتضى الزَبيدي صاحب "تاج العروس" وكتَبَها له في نحو كرَّاسة ، وقد كانت له المشيخة التّامة على جميع علماء الإقليم وكانت له الكلمة المسموعة عند الباي محمد حاكم وهران ، وقد كان المذكور يُجلّه ويُوقّره وجعلَ له رئاسة المسجد الكبير "بمُعسْكَر" .
    ثمَّ انتقَلَ إلى وادي الحمام واختطَّ به قريةً سمّاها الراشديّة ثمّ غلَبَ عليها اسم "القيطنة" وذلك سنة 1198هـ وبنى بها مسجدًا ومحلاًّ لقراءة القرآن العظيم ومحلاًّ لطلبة العلم ، وعيّنَ لهم مصروفًا من عنده في كل يوم ، وتوفّي سنة اثنتي عشرة ومئتين وألف (1212هـ) عن ثلاثٍ وستين سنة عند ماءٍ يُعرف بعين غزالة)).انتهى [ترجمته في (نخبة ما تُسر به النواظر) لأحمد الحسني ص120]
    ـ وقال عنه الشيخ عبد الرزاق البيطار في (حلية البشر) : ((الفاضل الإمام والكامل الهمام ، كعبة الأفاضل ومعدن الفضائل ...)).انتهى
    ثانيًا ؛ ترجمة السيد محيي الدين بن مصطفى (والد الأمير) ، قال عنه العلاّمة جمال الدين القاسمي : ((كان عالماً زاهدًا عابدًا مربيًا صوفيًا تشدّ إليه الرِّحال ، ذا أُبّهة وصولة وعظمة ، وقد كساه الله تعالى من الهيبة والعظمة عند أهل إقليم الجزائر ما لم يتفق لغيره ، وكان مقصوداً لقضاء الحوائج الدينية والدنيوية ..)). انتهى من كتاب (تعطير المشام) .
    وقال عنه الشيخ عبد الرزاق البيطار : (( هو الشيخ العالم العامل ، والفرد الأوحد الفاضل ، بقيّة السلف .... العفيف الحسيب والشريف النسيب ..)) .انتهى انظر (حلية البشر).
    ومما قاله فيه الأستاذ المهدي البوعبدلّي في بحثه بعنوان " وثائق أصيلة تُلقي الضوء على حياة الأمير عبد القادر" نُشِرَ في مجلّة الثقافة التي تصدرها وزارة الثقافة الجزائريّة وفي عددها الخاص بالذكرى المئويّة لوفاة الأمير عبد القادر العدد 75 رجب وشعبان 1403 أيار ماي 1983
    ((" ... وهناك وثائق من بينها مرثيّة لأحد تلامذة الشيخ محيي الدين ، ضمّنها الفنون التي كان يدرّسها الشيخ محيي الدين بمعهد القيطنة ، التي أسسها والده السيد مصطفى بن المختار الذي كان بدوره أمثلَ فقهاء عهده وأدبائه ، وقد تركَ عدّة رسائل بخطّه . وهي تعطينا صورة حقيقيّة عن ثقافة السيد محيي الدين ، وتُبيِّن أنّ معهد القيطنة لم يقتصر على تعليم القرآن ومختصر خليل ، بل كانت تدرس فيه فنون كالتفسير والحديث وعلوم اللغة ، وصاحب هذه المرثيّة هو العالم المحدّث الشيخ محمد بن معروف الونشريسي المتوفى في تونس سنة 1265هـ كما ذكرَ ذلك تلميذه علي بن الحاج موسى إمام ضريح الثعالبي بالجزائر في عهده ، وقد هاجر من الجزائر بعد الاحتلال وكان الأمير كلّفه بترشيح القضاة بناحية "شْلف" و " ونشريس " وقد عثرنا على وثائق تُثبت ذلك ، وهذه بعض الأبيات من المرثيّة المذكورة :
    يـحقّ لجفني أن تسيلَ دموعُه ****** علـى سيدٍ ذي حكمة وبراعـة
    سما وارتقى وسادَ أهل زمـانِه ****** بذا يشـهدُ العدول كالمستفيضة
    إلى أن قال :
    ترى كتُبَ ابن حاجب وخليلنا ***** وألفيّة ابـن مـالك مـع غنية
    وسـعد وسـلّم وجمع جوامع ***** وتفسير ما يتلـى كتاب وسنُّة
    يقولون: من لنا بكشف رموزها ***** وحلّ غريب اللفظ عند القراءة
    ومعرفةِ الصحيح من ضده إذا ***** تعارضت الآثار مـن غير ميزة
    إلى أن قال :
    فيا أسفي علـى ربيع قلوبنا ***** مزيل الصدا عنها بعلم وحكمة
    ويا أسفي على خليفةِ مالكٍ ***** إمامنا محيي الدين شيخي وقدوتي
    وُلِدَ رحمه الله سنة تسعين ومئة وألف وتوفّي يوم الأحد سنة تسع وأربعين ومئتين .
    هذه ترجمة مختصرة لوالد وجدّ الأمير ، وأمّا تراجم باقي آبائه وأجداده المذكورين في سلسلة نسبه الإدريسي الحسني ، فهي مثبتة في كتب التواريخ والتراجم وغيرها ، وقد جمعتُها في كتاب أُعِدُّه للتعريف برجال وأعلام أسرة الأمير عبد القادر ، وكذلك أبحث فيه السيرة الذاتية للأمير بحثًا تاريخيًا ، وأتعرّض فيه للشبهات التي أثيرت حوله ، وما هذه الحلقات إلاّ اختصار لبعض مباحث هذا الكتاب ، وأسأل الله أن ييسر لي إتمامه قريبًا.
    وما ذكرته في هذه الحلقة من تراجم ونقول إنما هو بيانٌ يوضِّح بعض الحقائق ؛ حتى تكون الصورة كاملة عند القارئ ، وفيه فوائد تاريخية.
    ولكن الأمر العجيب حقًا هو قول الكاتب واصفاً نهاية جهاد الأمير عبد القادر (الأمير الشرعي للجزائر) المبايع من قبل الشعب الجزائري ، والذي دام 17 عاماً ، بقوله ((نهاية الحركة القادرية))!!!
    سبحان الله! ماذا سيُفهم من هذا العنوان؟
    ومن أين أتى بهذا الوصف؟ ومن سلفه فيه؟ وما هي مراجعه ومصادره؟
    الذي يُفهم منه أنّ الكاتب سمّى قيادة الأمة والبيعة للأمير وحمل راية الجهاد بالحركة القادرية!! وعدَّ نهاية الحرب بأنها نهاية للحركة القادرية!!
    والذي يُفهم من كلامه أنّ جهادَ الصليبيين المعتدين ، وجمع كلمة المسلمين والقيام بشؤون الدولة الإسلامية إنما هي تعاليم الطريقة القادريّة فحسب! ولذلك فإنّ الأمير لمّا أُسقط في يديه وحوصر واضطر إلى التسليم ، انتهت بذلك الحركة القادرية وانتهت أطول وأعنف مرحلة كفاح عسكري تعرّض لها الفرنسيون في الجزائر . وهذا حقًا؛ كلام عجيب!!!
    وكان يكفي الكاتب أن يعنون لتلك الفقرة كما عنون لها كل المؤرخين والعلماء من جميع المشارب بـ (انتهاء مرحلة المقاومة الجزائرية بقيادة الأمير عبد القادر) .
    ـ ومن أغرب ما وصف به كاتب المقال الأمير قوله : ((و ممَّا يُؤخذ على الأمير حبه للمال و السلطة الذين يخلطهما بحب العفو و المسامحة في أحيان كثيرة ((.انتهى
    لماذا لا يذكر لنا الكاتب مصادره التي يستقي منها معلوماته؟! فهذا الوصف لا يصدر إلاّ عن شخص معاصر للأمير يعرفه عن قرب ، فمن أين حصل الكاتب على معلوماته هذه؟
    المعروف عن الأمير والمشهور عنه أنه كان متقشفاً لا يلبس إلاّ البسيط من الثياب ، ويُرى عليه ثوب واحد سنواتٍ طويلةً لا يغيّره! والمشهور والثابت عنه كثرة إنفاقه للمال في وجوه الخير ، وقد مات وعليه ديون من كثرة ما كان يمنح الناسَ ، علماءَهم وعامَّتَهم .
    وانظروا كيف كان أعداء الأمير عبد القادر يصفونه!
    يقول أحد المؤرّخين الفرنسيين : ((..كان احتقاره للثروة وعزوفه عن مظاهر البذخ من المظاهر المميزة لشخصيّته)).انتهى [(المقاومة الجزائرية تحت لواء الأمير عبد القادر) لإسماعيل العربي ص218]
    ويقول الجنرال بيجو (وهو من ألدّ أعداء الأمير) واصفاً الأمير : (( .. وقبل أن أدخل في الحديث معه، أخذتُ أتأمّل وجهه وكسوته لحظة . إنه شاحب اللون ، وصورته قويّة الشبه بالصورة التقليدية المعروفة للمسيح . وعيناه مثل لحيته ، كستنائيّة اللون . ومظهره العام يدل على التقوى والخشوع . وهو بعد النظرة الأولى يخفض عينيه ثم لا يحدّق في الأشياء أبداً . وأما كسوته فهي عادية ومستعملة في حدود ثلاثة أرباعها . إنه لمن الواضح أنّ الرجل يلتزم التقشّف والبساطة)).انتهى [المصدر السابق ص160ـ 161] .
    ومليحة شهدت لها ضرَّاتها ***** والفضل ما شهدت به الأعداء
    ويقول الكولونيل تشرشل : ((لقد كان عبد القادر معارضًا لكل المصاريف التي تصرف فيما لا فائدة فيه ، حتى إنَّ المبلغ الذي اعتاد المسلمون أن يخصصوه للاحتفالات والمهرجانات في أهم الأعياد الدينية ، وجَّهه هو إلى أغراض خيرية . ففي مناسبة ختان أحد أبنائه استغرب أهل (بروسة) أنه بدلاً من المسيرة الغالية العادية ، مع كل ما تستلزمه من أُبَّهة وبهرجة الفرسان والأعلام والموسيقا ، كان هناك جمعٌ من الفقراء مجتمعين أمام منزله يتلقون من يديه هدايا الخبز والملابس والنقود . إنّ هذا كان في عين عبد القادر أفضلَ احتفال بهذه الشعيرة المقدسة)).انتهى [حياة الأمير عبد القادر ص275].
    وقد ذكر هذه الحادثة محمد باشا فقال : ((التمس (الأمير) من أعيان البلد (بروسة) أن يقيّدوا له أولاد الفقراء المحتاجين للختان فقيّدوا (يعني كتبوا) نحو الخمسمئة ، فأمر بختانهم (مع أبنائه) على نفقته ... وتعجب أهل بروسة لأن من عادة أعيانهم أنهم يحتفلون للختان وسائر الأفراح بضرب الموسيقا والطبول والزمور ، والأمير احتفل بكثرة الصدقات والمبرات فترى جماهير الفقراء والمحتاجين حول داره يتناولون أنواع الأطعمة والألبسة والدراهم ، وكانوا على كثرتهم يرفعون أصواتهم بالدعاء له ، وهو يقول اربعوا على أنفسكم واشكروا الله تعالى)).انتهى [تحفة الزائر 2/62]
    وأمّا علماء المسلمين الذين ترجموا للأمير ، فقد وصفوا شدة كرمه وسخائه وزهده . وسيأتي مزيد من التوضيح لهذه المسألة لاحقاً .إن شاء الله
    ******************************
    قال صاحب (فك الشفرة) : ((ورحل الأمير عبد القادر إلى الشرق براتب من الحكومة الفرنسية ، وبوعدٍ غير واضحٍ من الإمبراطور الفرنسي بتنصيبه إمبراطوراً على البلاد العربية)).انتهى
    أقول : لماذا لا يذكر لنا الكاتب مصادر معلوماته؟
    والمعلومة الجديدة هي وعد نابليون بتنصيب الأمير إمبراطوراً على البلاد العربيّة!!
    لقد طالعت كثيرًا من الكتب (العربية والأجنبيّة) التي تحدّثت عن قصة تسريح الأمير ، وليس في واحد منها هذه المعلومة!
    ومما يُذكر في هذا المقام ، أنّ الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث عندما قرر إطلاق سراح الأمير من سجنه ، أمر الماريشال "بيجو" أن يكتب للأمير يخبره بأنّ الحكومة الفرنسية كانت تريد أن تطلق سراحه وترسله إلى مكّة حيث يريد ، ولكن الأصوات في مجلس العموم أجبرتها على ترك ذلك، وأنه ربما تمضي سنوات عديدة ولا يتيسّر له التوجه إلى المواضع التي طلبها ، ثمّ أشار بيجو على الأمير فقال : ((أشير عليك .. أن توطّن نفسك على جعل فرنسا وطنًا لك ، فتطلب من الحكومة أن تعطيك أملاكًا جيدة في أرضها ينتج لك منها ما تعيش به كواحد من كبرائها مع مداومتك على أداء وظائفك الدينية كما تريد وبلوغ مرادك في تربية أولادك .... فهذا ما أشير به بحسب حقوق الإنسانية وبالخصوص عليك لِمَا ألمَّ بك من المصائب مع اتصافك بالصفات الحسنة التي وهبها الله لك، راجيًا قبول تحياتي المقدمة مع الإكرام والاحترام .في 28/1/1849م))
    فأجابه الأمير بقوله : ((لو جمَعَت فرنسا سائرَ أموالها ثمّ خيّرتني بين أخذها وأكون عبدًا ، وبين أن أكون حرًّا فقيرًا مُعْدمًا ، لاخترت أن أكون حرًّا فقيرًا ، فلا تراجعوني بمثل ذلك الخطاب فإنه ليس عندي بعد هذا الخطاب جواب ، وإلى الله تُرجعُ الأمور ، وبيده كشْفُ هذا الديْجور)).انتهى [تحفة الزائر 2/26ـ27] ، (وكان عمر الأمير في حينها 41 عامًا!)
    وما ترويه كتب السياسة المعاصرة هو أنّ الدولة العثمانية لمّا توالت هزائمها أمام روسيا وغيرها ، وبدأ الوهن والضعف في حكمها وسقط كثير من الأقطار التي كانت تحت سلطتها (ومنها الجزائر) ، قامت في بلاد الشام طليعة من دعاة الاستقلال وبحثوا مصير سورية ، وعقدوا المؤتمرات السريّة في دمشق سنة 1877م (وكان عُمر الأمير في حينها 72 عاماً!) واقترحوا فصل البلاد عن الدولة العثمانية ، وتنصيب الأمير عبد القادر مليكاً عليها ، لأنهم وجدوا فيه الحلّ الأمثل للوضع البائس الذي كانت عليه البلاد ، لما يتمتّع به الأمير من هيبة واحترام عند العثمانيين والعرب على حدٍّ سواء! وعندما عرضوا على الأمير هذا الموضوع لم يتحمّس له ، ولم يرفضه ، ولكنّه نصح أن يظلّ الارتباط الروحي بين البلاد الشاميّة والخلافة العثمانية قائماً ، وأن يبقى السلطان العثماني سلطاناً على الشام أيضاً.
    وأمّا المشروع الفرنسي الجديد الذي ظهر سنة 1870م !!!والذي كان يرمي إلى إنشاء إمبراطوريّة عربيّة تمتد من شمالي بلاد الشام حتى قطاع عكّا يرأسها الأمير عبد القادر ، فقد رفضه الأمير بشدّة!
    وهذا معروف عند المتابعين لتلك الشؤون في ذلك الوقت .
    لقد رفض الأمير عبد القادر هذا المشروع لأنّه مطلب فرنسي استعماري . وبعد سبع سنوات ، عندما ظهر المشروع العربي القومي تردّد في قبوله ، كان عدم تحمّس الأمير لهذا الأمر ناشئاً عن احترامه لمبدأ الخلافة الإسلاميّة . ثم جاء مؤتمر برلين وتولّى عبد الحميد الخلافة وأصبح سلطاناً فتأخّر الحلّ العربي .
    أما علماء المسلمين المتابعون لشؤون الأمير ، أمثال الشيخ عبد الرزاق البيطار ، وجمال الدين القاسمي، وأديب الحصني ، وجميل الشطي ، وأمثالهم فلم يذكروا شيئاً عن ذلك أبداً . حتى إنّ السياسي الكبير والمؤرخ المخضرم الأمير شكيب أرسلان صاحب الاطلاع الكبير وشبكة المعارف الواسعة ،لم يشر إلى شيء من ذلك عند ترجمته للأمير في حاضر العالم الإسلامي!!
    ولكي أزيل اللبس أقول مختصرًا ما قاله المؤرّخون لتلك الحقبة :
    عندما خُلِّي سبيل الأمير عبد القادر كانت الدولة العثمانية مقطّعة الأوصال ، وبدأت تخسر ممالكها الواحدة تلو الأخرى ، وأصبح السلطان العثماني مضطراً إلى التساهل مع الدول الأوربيّة والخضوع للكثير من رغباتها ، وفي الوقت نفسه كثُر المفتونون بأوربا وأنظمتها ضمن رجالات السلطان المتنفّذين وكانوا من المعادين للحكم الإسلامي ، كما قويت الدعوات القوميّة والعصبيّة التركية ، وزاد النفوذ اليهودي في الدولة ، وزاد اتفاق الدول الأوربيّة على ضرورة الإجهاز على الدولة العثمانية ، هذا إضافةً إلى تردي الأحوال المعيشية في بلاد الشام وشدّة جَور الولاة على الناس ، وظهور الحروب الطائفيّة ، ثمّ انتصار الروس على الدولة العثمانية. في هذه الأجواء عقد زعماء بلاد الشام مؤتمر دمشق السري للنظر في استقلالها عن العثمانيين ، واجتمع رأيهم على تنصيب الأمير عبد القادر أميراً عليها : ((ورأوا فيه أملهم الوحيد ، لأنه الشخصية التي تستطيع إقناع الأتراك بحق العرب في الاستقلال ، وهو الذي يمكن أن تتفق عليه كلمة الدول الأوربيّة ذات المصالح المتصارعة في المنطقة بعد ما قام به أثناء الفتنة ، وفوق كل ذلك فهو المجاهد ذو النسب الشريف والعالم ذو المقام الرفيع والمحايد الذي يمكن أن تهابه وتنضوي تحت لوائه مختلف الطوائف والملل والعشائر في المنطقة)).انتهى[مقدمة "حياة الأمير عبد القادر" لسعد الله ص26]
    ومع ذلك لم يتحمّس الأمير لذلك ، وما هي إلاّ أيام ويتسلّم السلطان عبد الحميد الثاني الخلافة وبدأ يبطش بكل من يدعو إلى اعتماد الفكر الغربي ، واهتمّ بالجيش وقَوَّى مركز الخلافة ، وأخذ يدعو للجامعة الإسلامية ، فعندها ارتاح الأمير واطمأن وصار يرفض أي عرض له بتسلُّم الحكم إلى أن مات . [وقد عاصر الأمير خلال وجوده في الشرق أربعة من الخلفاء العثمانيين هم : عبد المجيد وعبد العزيز ومراد الخامس وعبد الحميد الثاني]
    هذا الذي أقول هو كلام شديد الاختصار لأنّ الحديث عن تلك الحقبة يقتضي وقتاً طويلاً وليس محل بحثنا الآن ،
    ولكن إليكم بعض النقول التاريخيّة للاستئناس ؛ جاء في كتاب"التاريخ الإسلامي" للأستاذ محمود شاكر 8/185 : ((ومن الذين فُتنوا بأوربا وأفكارها رجال كان لهم دور خطير في الدولة أمثال أحمد مدحت باشا رئيس مجلس الدولة ، وصاحب اليد الأولى في خلع الخليفة عبد العزيز وقتله، وفي خلع الخليفة مراد الخامس . وهؤلاء المفتونون كانوا بعيدين عن معرفة الإسلام ، لذا كانوا يتّهمون الخلفاء بالحكم المطلق ، ويُطالبون بوضع دستور للدولة إذ يريدون أن تكون على نمط الدول الأوربيّة النصرانية ، وأن يكون دستورها من وضع البشر بالشكل الذي عليه الدساتير الأوربيّة ، ولا يقبلون أن يكون القرآن الكريم (كتاب الله) دستور الأمّة ، وهو الذي يحدّ من تصرفات الخليفة وصلاحياته ، وما ذلك إلاّ عِداءً للإسلام ، وانبهاراً بالحياة الأوربيّة ، وانهزاماً نفسياً ، وتحقيقاً للشهوات والأهواء الذاتية .
    وزاد النفوذ اليهودي في الدولة مع أطماع اليهود ، ومع تَسَلُّم يهود الدونمة عدداً من المراكز الرئيسيّة، وقد نسيَ الناسُ أصلَهم وحقيقتهم ، وطبيعة اليهود ، إذ أظهروا الإسلام وعاشوا مع أبنائه واختلطوا بهم ، يؤدّون الصلاة أمامهم بل يُؤدّون الحج ..
    وزاد اتفاق الدول الأوربيّة على الإجهاز على حياة الرجل المريض ، إذ كانوا يطلقون هذا اللقب على الدولة العثمانية ، وإن ظهرت الاختلافات بين تلك الدول ، فظهرت روسيا من جهة ، والدول الأخرى من جهة ثانية .
    في وسط هذه التيارات والأمواج المتلاطمة تسلّم عبد الحميد الثاني الخلافة ..)).انتهى
    ويقول الدكتور أبو القاسم سعد الله : ((وإذا صدقنا ما جاء في كتاب "سطور من رسالة" فإنّ الأمير كان لا يرفض الدعوة التي تجعل منه رأسًا للحركة ولكنه كان يرى أنّ الوقت لم يحن بعد وأن الفكرة في حاجة إلى نضج ،... ولا ندري إن كان الأمير جسّ نبض الموضوع مع السلطات العثمانية وممثلي الدول الأجنبية في المنطقة قبل اتخاذ موقف نهائي . ومهما يكن الأمر فإن الدولة العثمانية قد دخلت من جديد في حرب مع اليونان ، وجاء مؤتمر برلين (1878) وتولى السلطنة عبد الحميد الثاني (1876) ، وتقدمت السن بالأمير ، فتجمّد المشروع مؤقتاً)). انتهى [مقدمة(حياة الأمير عبد القادر) ص27]
    ومرّ معنا سابقاً ما قاله الأستاذ سعد الله : ((..وأخذ سلاطين آل عثمان " يُنظّمون" دولتهم المتداعية فإذا الإصلاحاتُ مفاسدٌ ، وإذا الأعداءُ هم المصلحون جالسين يملون على (السلطان) محمود وعبد المجيد وعبد العزيز وأنور(باشا) ومصطفى أتاتورك ما عليهم أن يفعلوا وما عليهم أن يتركوا)).انتهى
    إذن المؤرخون المتخصصون لا يستطيعون الجزم في تصورهم لحقيقة الأحداث ، وإنما تعاملوا مع المعلومات الواردة بإنصاف وحذر! فليتنا نقتدي بهم .
    ـ وأما قول الكاتب أنّ الأمير توقف في اسطنبول ثم استقر في الشام ، فيحتاج إلى توضيح .
    لأنّ الاتفاقيّة التي تمت بين نابليون الثالث والسلطان العثماني تقضي بإقامة الأمير في مدينة (بروسة)! إذن الأمير سيسافر من فرنسا إلى الحاضرة العثمانية ليستقر في بروسة ، وكان السلطان قد خصص للأمير داراً كبيرة هناك (على جهة التمليك) مع مخصصات مالية ، إلاّ أنّ السلطان رأى أنّه من الأفضل أن ينتقل الأمير عبد القادر إلى الشام كي يساعده في تحسين الأوضاع هناك! ، فتشاور السلطان مع نابليون ، وتعلل بأن الأمير لم يطب له المقام في بروسة بسبب كثرة الزلازل ، فوافق نابليون على انتقال الأمير إلى دمشق.
    وقد نظم الأمير قصيدة جميلة يبيّن فيها حزنه على مفارقة مدينة بروسة التي عاش فيها ثلاث سنوات وله فيها أطيب الذكريات فقال :
    أبى القلبُ أن ينسى المعاهد من بُرْسا ***** وحبّي لها ؛ بين الجوانح ، قد أرسى
    أكلّفه سـلوانها ، وهـو مـغرمٌ ***** فهيهات! أن يسلو وهيهات! أن ينسى
    تباعدتُ عنها ؛ ويحَ قلبي! بعدها ***** وخلّفتها ، والقلبُ ،خلفي ، بها أمسى
    بلادٌ لها فضلٌ علـى كل بلدة ***** سوى ، مَن يشدّ الزائرون ، لها الحِلسا
    عليَّ محالٌ بلدةً غـيرها ، أرى ***** بها الدين ، والدنيا ، طهورًا ولا نجسا
    وجامعها المشهور ؛ لـم يك مثله ***** به العلم مغروسٌ . به كم ترى درسا
    سـقى الله غيثًا ، رحمةً وكرامةً ***** أراضٍ ، بها حلَّ الأحبّة ، من بُرْسا
    [نزهة الخاطر في قريض الأمير عبد القادر ص33]
    وقد منح السلطانُ الأميرَ ألف كيس ذهبي عوضاً عن داره التي تركها في بروسة .
    أمّا الراتب السنوي الذي خصصه نابليون للأمير فهو تعويض عن الإساءة التي تعرّض لها الأمير بخيانة الحكومة الفرنسية لعهودها معه ، وتعويض عن أملاك أسرته التي صادرتها الحكومة الفرنسية في الجزائر، ومنعتهم من حق العودة إلى الجزائر ، والأمير كان مضطراً إلى الإنفاق على أسرته كلها وعلى الجالية التي كانت معه ، وكان هذا الراتب قد اتفق عليه السلطان العثماني مع نابليون ورضي نابليون بدفع هذه الأموال في مقابل أن يتكفّل السلطان ببقاء الأمير في المشرق وعدم عودته إلى الجزائر . والأموال التي تفرضها الدول الغربية تعويضاً عن إساءة صدرت منها تجاه أي شخص أمرٌ معروف .
    ثمّ إنّ السلطان العثماني عندما عرض على الأمير عبد القادر أن يخصص له من بيت مال المسلمين مرتبًا شهريًا يفي بحاجته وحاجات من معه ، رأى الأمير باجتهاده أنه من الأفضل أن يقبل المرتب الذي خصصته الحكومة الفرنسية ليوفّر مالَ خزينة المسلمين . وهذا أحد الأسباب التي دفعت الأمير للقبول بالتعويض المالي من فرنسة .
    يقول محمد باشا :"ولأول وصول الأمير إلى بروسة عرضَ عليه واليها بإذن السلطنة العظمى تعيين مرتب شهري يقوم بشؤونه ، فسُرَّ الأمير بذلك ودعا للدولة العليّة وشكرها على اهتمامها بأمره الشكرَ الجزيل ، ثم قال له إن الإمبراطور نابليون عيّن لي من النقود ما يكفي من النّفقة ، وأمّا مولانا السلطان المعظّم فقد تفضّل علينا بما هو أعظم من الدنيا بما فيها وهو تنازل عظمته وإنعامه عليَّ بالكفالة عند الدولة الفرنساوية وهذه الكفالة هي السبب الأقوى في حياتنا الجديدة ولولاها ما خرجنا من قبضة الأسر ، وهذا الإنعام لا يوازيه شيءٌ ولا يقابله شكرٌ" .انتهى [تحفة الزائر 2/54]
    فلو كان الأمير يحب المال وجمع الثروة كما يتهمه البعض لما وقف هذا الموقف الذي لم نسمع بمثله إلاّ في النادر من الرجال على مرّ العصور.
    على كل حال الحديث عن الحالة المادية للأمير سيأتي في حلقة قادمة إن شاء الله .
    والحمد لله ربِّ العالمين
    خلدون بن مكِّي الحسني
    للبحث صِلَة إن شاء الله

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: سلسلة حلقات ردّ الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر

    حيا الله الدكتور الكريم خلدون الحسني.. وقد قمت بتغيير عنوان موضوعكم بناء على طلبكم الذي وصلني على البريد، وأستسمحكم في شيءٍ آخر فعلته وهو تكبير خط مقالك الأخير، فقد كان صغيرًا.
    وأمتع الله بكتاباتكم، ووفقكم وسددَّكم فيها.
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الدولة
    إحدى دويلات الطوائف-الجزائر
    المشاركات
    2,054

    افتراضي رد: سلسلة حلقات ردّ الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر

    استاذنا العزيز ودكتورنا الفاضل ابا ادريس خلدون الحسني حفظه الله

    حياكم الله وبياكم بين إخوانكم في موقع الألوكة
    ((إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّه ..))
    http://www.rasoulallah.net
    الشعب السوري وما أدراك ما الشعب السوري !

  17. #37

    Lightbulb شكر

    أخي الكريم السيد عدنان البخاري بارك الله فيكم وفي جهودكم ، وأشكرك على اهتمامك ، ولطفك ، جزاكم الله خيرًا .

    وأشكر الأخ العزيز السيد جمال الجزائري ، على ترحيبه الطيب ، حياكم الله وبيّاكم .

  18. #38

    افتراضي رد: سلسلة حلقات ردّ الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر

    الأستاذ خلدون حياك الله
    و شكرا لفتحكم النقاش في هذا الموضوع الذي يهمني ـ شخصيا ـ كثيرا ، و أبحث في أغواره من سنين و إلى وقتنا الحالي
    أرجو أن تكون إطلالتك موفقة إن شاء الله و معها المفيد و النافع الجديد

    أخوك

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    752

    افتراضي رد: سلسلة حلقات ردّ الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر

    بارك الله فيكم أستاذ خلدون متستمتع و متابع لتطور مجرى هذا النقاش العلمي الشيق والثري

  20. #40

    Lightbulb رد: سلسلة حلقات ردّ الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري

    أيها الإخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله

    الأخ أبوالوليد الأثري ، بارك الله فيكم ، وأرجو أن أكون قدمت ما فيه فائدة ، مع العلم أنني أختصر جدًا ، وأنا أتعرّض فقط للمسائل التي تثار من جديد، وتلتبس على البعض . وأمّا التفاصيل فيطول عرضها الآن ، مع أنها توضح كثيرًا السيرة الذاتية والمسيرة العملية للأمير ، وبدون شك فإن الذي يقرأ الكتب الموسّعة التي تعرضت لتاريخ الأمير أو لتاريخ تلك الحقبة ، سيتبيّن له الفرق الكبير بين حقيقة ما كان عليه الأمير ، وبين ما يُقال عنه وعن أقرانه اليوم .
    سأسعى ؛إن شاء الله ؛ إلى تجلية بعض الجوانب في هذه الحلقات ، وإن كان في العمر بقية ، أتابع الجوانب الأخرى . شكرًا لمشاركتك .

    الأخ الكريم ابن الروميّة ، سَميُّ شيخنا ابن الروميّة الإشبيلي المالكي ثم الظاهري، أحببتك من اسمك ، وأنا سعيد لأنّك مستمتع بالموضوع ، ومشاركاتكم الكريمة هي التي تشجعني على المتابعة . شكرًا لكم .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •