شيخوخة بلا مشاكل



فاطمة عبد الرءوف



اعتنى الإسلام بالإنسان وجعله خليفة في الأرض وكرمه منذ اللحظة الأولى في حياته وحتى اللحظة الأخيرة وقدم له مفاتيح ومبادئ تصلح شأنه كله دينا ودنيا في حال من الترابط العضوي، فإذا سار الإنسان في ضوء هذه المبادئ كان النجاح حليفه في هذه الحياة وفي الدار الآخرة، وإن اتبع هواه فلا يلومن إلا نفسه، وسيكون الشعور بالعجز والضياع إحساسه في هذه الدنيا، وسيكون الخسران مصيره في الآخرة .

ولقد اقتضت إرادة المولى عز وجل أن يتآلف الإنسان من مكونين اثنين متمازجين هما الجسد والروح؛ فالجسد هو مطية الروح أو هكذا يجب أن يكون، فإذا كان الجسد عليلا منهكا لم تستطع الروح أن تحقق كامل مرادها، ومن هنا كانت عناية الإسلام بالجسد الذي يمثل الشق المادي في الإسلام، يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم) رواه الترمذي.

فالإنسان مسئول عن كل ما وهبه الله تعالى في هذه الحياة، وكيف تعامل مع هذه الهبات؟ كيف استثمرها للوصول بذاته الإنسانية العابدة لأقصى ما يمكن لها أن تحقق؟ .. هذه المسئولية المستمرة ليس لها وقت تتوقف عنده، فكل لحظة يعيشها الإنسان هي مشروع فرصة جديدة يتحمل مسئوليتها.

وهناك منحنيات في العمر تزداد فيها ثقل هذه المسئولية فالشاب في مقتبل عمره يختلف تماما عن الرجل عندما يبلغ الأربعين } حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي{ ( الأحقاف )، وهو مختلف لاشك عما إذا بلغ الستين ( أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة ) رواه البخاري.

هذه المسئولية تطول الروح كما تطول الجسد ( مطية الروح ) والمتأمل في أسرار الشريعة الإسلامية سيجد توجيهات للروح والجسد معا فإذا كان الارتقاء بالروح مفهومها من طبيعة العبادة ذاتها، فإن الارتقاء بالجسد هو من المعجزات التي يكتشف العلم الحديث يوما بعد يوم أسرارها .





الصلاة والشيخوخة


كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، لم لا وهي خير الأعمال على الإطلاق وكل مؤمن يعلم يقينا كيف يكون حاله عندما يصلي وعندما يفرغ من الصلاة، ولاشك أن كلا منا مر بتجربته الذاتية التي شعر فيها بالطمأنينة والسكينة وراحة البال بعد أن قام بأداء الصلاة، ولكن المعجزة الجديدة هي اكتشاف العلماء أن الحفاظ على الصلاة في وقتها هو صمام أمان للوقاية من عديد من الأمراض بما فيها أمراض الشيخوخة .

فالصلاة تحافظ على القلب وضغط الدم ومرونة المفاصل وتقي من الروماتويد وهي تقوي عضلات جسم الإنسان عموماً، وتحمي من الإصابة بأمراض الجهاز العظمي والتهاب المفاصل، والصلاة تتضمن حركات رياضية منتظمة لجميع الأجزاء المفصلية، ومن ثم تعتبر تمرينات لتقوية عضلات العمود الفقري، وتمنع تيبسه أو انحناءه، وهو ما يقي من بعض أمراض الشيخوخة. كما أن حركات الصلاة تقي من ضعف الأطراف، وذلك بتحريكها بصورة منتظمة، وتقي من آلام الأطراف.

كما تساعد على المحافظة على حيويّة الكليتين ووظيفتهما، والارتقاء بوظائف الكبد والرئتين، فضلاً عن دورها في تثبيت مستويات السكر في الدم.

وقد ثبت تأثير الصلاة في الوقاية من مرض دوالي الساقين. حيث وجد أن الصلاة تعتبر عاملا مؤثرا في الوقاية من دوالي الساقين عن طريق أسباب ثلاثة هي:


- أوضاع الصلاة من قيام وركوع وسجود، والتي تؤدي إلى أقل ضغط على الجدران الضعيفة لأوردة الساقين السطحية.


ــ قيام الصلاة بعملية تنشيط لعمل المضخة الوريدية الجانبية، ومن ثم زيادة خفض الضغط على أوردة الساقين السطحية.

- تقوية الجدران الضعيفة عن طريق رفع كفاءة البناء الغذائي بها ضمن دفعها لكفاءة التمثيل الغذائي بالجسم بوجه عام.

وقد أثبتت بحوث طبية مصرية أن أداء الصلاة والتأمل هى من أهم المنشطات الطبيعية التي تساعد على إفراز هرمون الشباب، الميلاتونين، وبالتالي تأخير أعراض الشيخوخة. (1)



الصيام والتجديد


من الوسائل الفعالة التي عرفها الإنسان بتجاربه وأثبتها العلم الحديث للحفاظ على حيوية الجسم ونشاطه والحد من زحف الشيخوخة وأمراضها، ذلك هو الصيام الذي هو أحد أركان الإسلام الخمسة.. شهرا كل عام.. يجدد فيه الإنسان نفسه ويستعيد حيويته .

لاشك أن الانقطاع عن الطعام والشراب لعدد طويل من الساعات يساعد الإنسان على الصفاء الذهني والروحي وأيضا استعادة اللياقة والحيوية

فلقد أثبت فريق علمي أمريكي أن الصوم لمدة أسبوعين تكفي لتجديد خلايا الجسم في عمر الأربعين بحيث تبدو مماثلة لأنسجة شاب في السابعة عشر من عمره، وهذا يتطلب معاودة الصوم على فترات، كما أظهرت دراسات في جامعة شيكاغو أن صوم (30-40) يوما يؤدي إلى استعادة الشباب وتأجيل الهرم والشيخوخة.

هذا وقد أثبتت الدراسات والأبحاث أن 30% من مرضى السكري يمكن السيطرة على مرضهم، بواسطة اتباع نظام في التغذية ومكافحة السمنة وممارسة أي نشاط رياضي ولو بسيط، بمعدل نصف ساعة يوميا دون استعمال أي شيء آخر سواء عن طريق الفم أو الحقن .

كما أن الصوم يعمل على خفض المواد الدهنية والمواد الغنية بالكوليسترول، وبالتالي يعمل على خفض هذه المواد في الدم ويعمل على وقاية شرايين القلب، بل إن الشرايين المصابة لا يمكن أن ينصلح حالها إذا انخفضت نسبة الكوليسترول والدهنيات في الدم .

كذلك يحسن الصوم من قوة نبضات ودقات القلب، كما أن القلب يرتاح كثيرا عند الصوم؛ إذ تنخفض دقاته إلى 60 دقة في الدقيقة .(2)

هكذا هي العبادة إن أحسن الإنسان أداءها، تدفعه للوصول للكمال على مستوى الجسد كما الروح، وليست القضية صلاة وصيام فحسب، بل تشمل أيضا كل ما دق وصغر من ذكر وصفة للنوم والاستيقاظ وتحية وسلام وعلاقات، ولم لا وهو الدين الخاتم الذي جاء لسعادة البشر ونجاتهم.

ــــــــــــ


لمزيد من التفاصيل العلمية يراجع مقال الصلاة وصحة الإنسان، أسرار الشفاء بالصلاة وغيرها من المقالات المنشورة على شبكة المعلومات.

للمزيد راجع الصوم عبادة ووقاية وعلاج .. مقال منشور على شبكة المعلومات.