من الرواة المختلف فيهم مشرح بن هاعان المعَافري
د. أحمَد حسَين أحمَد حَاجي [1]
ملخص البحث:
هذا البحث يتضمن تحقيقاً ودراسة ، لأحد رواة الحديث المختلف فيهم ، ما بين توثيق وتضعيف ، وهو مِشْرَح بن هَاعَان المعاَفِرِي ، أبو مصعب المصري ، المُتوفى سنة ثمان وعشرين ومائة للهجرة (128هـ) ، وتحقيق القول : بأنه في مرتبة الصدوق ، ويشمل البحث دراسة أحاديثه البالغة واحداً وثلاثين حديثاً، وهي على قسمين ، الصحيح منها ، وغير الصحيح.
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين ، إله الأولين والآخرين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد، ...
هذا البحث يتناول روايا أُختلف في تعديله وتجريحه ، أحببت الاسهام في دراسته ، وبيان أقوال العلماء فيه ، ومن ثَم الترجيح بين هذه الأقوال ، ودراسة أحاديثه ما أمكن ، والراوي : هو مشرح بن هاعان المعافري المصري ، من التابعين ، ومجموع أحاديثه واحد وثلاثون حديثاً ، مما وقفت عليه ، وقد جاء البحث في مقدمة ، وتمهيد ، وموضوع ، وخاتمة ، وما توصلت إليه من نتيجة ، ثم بيان للمصادر ، والمراجع ، وفهرس الموضوعات.
أما التمهيد فقد خصصته للتعريف بالراوي ، وأقوال العلماء فيه ، مع ذكر الراجح منها ، وأما الموضوع، فهو يتناول القسمين من أحاديثه ، القسم الأول : ما ثبت منها وصح ، والقسم الثاني : ما لم يثبت منها ، وأما الخاتمة : فبينت ما توصلت إليه من النتيجة في هذا البحث . واللهَ أسأل التوفيق والسداد ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
التمهيد : مِشْرَح بن هَاعَان المعاَفِرِي أبو مُصْعب المِصري : مِشْرَح: بكسر الميم ، وسكون الشين المعجمة، وتخفيف الراء وفتحها ، المَعافِرِي : بفتح الميم ، والعين المهملة ، وكسر الفاء والراء ، والمعافري نسبة إلى المعافر ، ابن يعفر بن مالك ، من قحطان ، عامتهم بمصر ([2]).
روى عن عقبة بن عامر الجهني ، وسُلَيْم بن عِتْر ، والمُحَرر بن أبي هريرة.
روى عنه الليث بن سعد ، وعبد الله بن لَهيعة ، وعبد الله بن هُبَيْرة ، وبكر بن عمرو المعافري ، وعبد الكريم بن الحارث الحضرميّ ، والوليد بن المغيرة المعافري ([3]).
المعدلون : قال ابن مَعين ([4]) : ثقة . وقال أحمد ([5]) : معروف ، روى عنه جماعة من المصريين . وقال العِجلي ([6]) : تابعي ثقة . وقال الدارمي ([7]) : ليس بذاك وهو صدوق. وذكره الفَسَوي في ثقات التابعين من أهل مصر ([8]) . وذكره ابن حِبان في الثقات وقال ([9]) : يخطئ ويخالف.
وقال ابن عَدِي ([10]) : أرجو أنه لا بأس به. وقال الذهبي ([11]) : ثقة ، وقال أيضاً ([12]): صدوق.
المجرِّحون : وممن جرحه وغمزه : فقد ذكره العُقيلي في الضعفاء وقال ([13]) : جاء مع الحجاج ، ونصب المنجنيق على الكعبة . وذكره ابن حبان في المجروحين ، وقال ([14]) : يروي عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير ، لا يتابع عليها ، والصواب في أمره : ترك ما ينفرد من الروايات ، والاعتبار بما وافق الثقات منها. وقال ابن حجر ([15]) : مقبول.
مات سنة ثمان وعشرين ومائة ([16]) .
قلت : فيتبين مما سبق ، أن الجمع بين أقول الأئمة في الراوي مشرح بن هاعان أمر لابد منه ؛ حتى يتبين حاله ، وعليه يكون الحكم على مروياته ، فالجرح فيه مُفَسر من ابن حِبان ، ولكن ابن حبان تناقض ، حيث ذكره في كتابه الثقات ([17]) ، والمجروحين ([18]) معاً.
ومشرح بن هاعان ، وثقة جماعة من أهل العلم ، وآخرون ذكروه في كتبهم المعنية بالثقات ، وبعض أهل العلم نص على أن مشرحاً صدوق ،أو أنه لا بأس به، ولم يرض بإطلاق التوثيق له ، وجاء في بعض الأسانيد ، أن الرواة عنه من بلده ، بل ومن نسبه وعشيرته ، وأنهم ثقات أثبات فيم يروون عنه ، مما يدل دلالة واضحة على أنه في دائرة المقبول عندهم.
وممن أطلق عليه لفظ الثقة مطلقاً: يحيى بن معين ([19]) ، والعجلي ([20]) ، والذهبي ([21]) - رواية - ، ومما يُستأنس به ، أن أبا سلمة الخزاعي منصور بن سلمة الثقة الثبت الحافظ ([22]) ، لا يكتب إلا عمن يرضاه، ولا يكتب إلا عن الثقات ([23])، حيث قال ([24]) : حدثنا الوليد بن المغيرة أبو العباس المصري ، ولم أر بمصر من كان أثبت منه ، قال : حدثنا مشرح بن هاعان.
والملاحظ من هذه الرواية : أن أبا العباس المصري ، وهو معافري ثقة ، وبلديّ مشرح ، قد روى عن مشرح بن هاعان بأعلى صيغ السماع ، بقوله : حدثنا مشرح.
وممن ذكره في كتب الثقات : الفسوي ([25]) ، وابن حبان ([26])، وهو معروف عند الإمام أحمد ([27]) ، ولا بأس به عند ابن عَدِي ([28]) – بعد أن ذكر طرفاً من بعض مروياته – وقد رأى الدارمي أن شيخه ابن معين رفعه فوق مرتبته ، وهي الثقة المطلقة ، فقال : ليس بذاك ، وهو صدوق ([29]) ، وكذا قال الذهبي ([30]) – رواية -.
ونظراً للجمع بين أقوال الأئمة في الجرح والتعديل ، وتوفيقاً بينها ، رأيت أنه صدوق يخطئ ، وعند دراسة مروياته بشكل مفصل بشكل مفصل ، تغير الأمر لدي ، فاخترت أنه صدوق ، حيث أني لم أقف على خطأ ، يُنزله عن مرتبة الثقة ، أو مخالفة فيما حكاه ابن حبان ، إلا ما جاء من الحديث الثامن فقط ، من القسم الصحيح ، في هذا البحث ، حيث زاد لفظة : ((أنجح طاعة)) مما يعني أن نسبة الخطأ قليلة جداً ، ومثله لا يقال عنه أنه يخالف الثقات.
وختاماً : ما ذكره العقيلي ([31]) بأن مشرح بن هاعان جاء مع الحجاج الثقفي ، ونصب المنجنيق على الكعبة ، وشاركه في هذا الجُرم ، فقد ذكره بلاغاً ، ولا شك في ضعف إسناده.
الموضوع: القسم الأول: الأحاديث الثابتة عنه:
الحديث الأول : ((أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها)).
أخرجه أحمد في المسند (28 / 628 رقم 17410) ، وابن قتيبة في غريب الحديث (1/453) عن عبد الله بن يزيد المقرئ ، والفريابي في صفة النفاق (ص 76 رقم 32 ، 31) عن عبد الله بن المبارك ، وقتيبة بن سعيد ، جميعهم عن ابن لهيعة ، حدثني أبو المصعب مشرح قال : سمعت عقبة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها.
وهي من رواية العبادلة ، وقتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة ، وهي مقبولة ، وله متابعة إسناد رجالها ثقات أخرجها الفريابي في صفة النفاق ( ص77 رقم 34) من طريق أبي سلمة الخزاعي منصور بن سلمة ، حدثنا الوليد بن المغيرة أبو العباس المصري ، حدثنا مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر ، مرفوعاً. ومتابعة أخرى عند أحمد في المسند ( 28 / 628 رقم 17411) من طريق الوليد بن المغيرة بن سليمان عن مشرح به.
وابن لهيعة لم يوثقه مطلقاً غير يحيى بن حسان ([32]) وابن عدي ([33]) ، وحسّن حديثه الهيثمي ([34]) ، وقال أيضاً : فيه ضعف.
وضعفه الجمهور ، منهم : يحيى بن سعيد القطان ([35]) ، وابن مهدي ، وابن سعد وابن معين ([36]) ، وأحمد ([37]) ، وعمرو الفلاس ([38]) ، والنسائي ([39]) ، وأبو حاتم الرازي ([40]) ، وأبو زرعة الرازي ([41]) ، وابن حبان ([42]) ، وقال ابن حجر ([43]) : صدوق خلط بعد احتراق كتبه ، ورواية ابن المبارك ، وابن وهب عنه أعدل من غيرهما ، وله في مسلم بعض شيء مقرون.
قلت : هو ضعيف ، وروايته يعتبر بها ([44]) .، بل حتى من روى عنه من الثقات الذين تحروا أصوله كالعبادلة ، وهم : عبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن وهب ، وعبد الله بن يزيد المُقرئ ، وعبد الله بن مَسْلَمة القَعْنَبي ، وذهب إلى هذا ابن سعد ([45]) ، وأحمد بن حنبل ([46]) ، وعمرو بن علي الفَلاس ([47]) ، وابن حبان ([48]) ، ونقله أيضاً عن أصحابه ، وابن عدي ([49]) ، وروى له ابن خزيمة مقروناً ([50]) ، ويضاف إليهم قتيبة بن سعيد ، قال أحمد بن حنبل لقتيبة ([51]) : أحاديثك عن ابن لهيعة صحاح ، فقلت : لأنا كنا نكتب من كتاب ابن وهب ثم نسمعه من ابن لهيعة، وله شاهد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (13 / 228 رقم 35476) ، وأحمد في المسند ( 11/ 209 رقم 6633) (11/212 رقم 6637) من طريق محمد بن هدية الصّدَفي عن ابن عمرو مرفوعاً ولفظه : أكثر منافقي أمتي قراؤها . ورجاله ثقات ، غير محمد بن هدية فهو مقبول ([52]).
الحديث الثاني : ((عن عقبة بن عامر قال : قلت : يا رسول الله ، أَفُضّلت سورة الحج على القرآن ، بأن جعل فيها سجدتان ؟ فقال : نعم ، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما)).
الحديث رُوي موصولاً ومرسلاً ، والرواية الموصولة أخرجها أحمد في المسند ، (28/ 629 رقم 17412) عن عبد الله بن يزيد ، وأبو داود في السنن (2/81 رقم 1402) من طريق عبد الله بن وهب ، والترمذي في السنن (2/ 470 رقم 578) عن قتيبة بن سعيد ، جميعهم عن ابن لهيعة عن مشرح عن عقبة بن عامر مرفوعاً . واللفظ لأحمد.
والرواية المرسلة أخرجها أبو داود في مراسيله (ص 183 رقم 76) ، والبيهقي في السنن الكبرى (2/317 رقم 3886) عن عبد الله بن وهب عن معاوية بن صالح عن عامر بن جَشيب عن خالد بن معدان مرسلاً. وابن لهيعة تقبل رواية العبادلة ، وقتيبة بن سعيد عنه ، فتُقدم روايتهم على من أرسلها ، والتي فيها معاوية بن صالح ، وهو صدوق له أوهام ([53]) .
الحديث الثالث : ((لو كان من بعدي نبي لكان عمر)).
أخرجه أحمد في المسند (28/624 رقم 17405) والترمذي في السنن (5/578 رقم 3686) ، وقال : حسن غريب . والفسوي في المعرفة (1/246) ، والطبراني في المعجم الكبير (17/298 رقم 822) ، والحاكم في المستدرك (3/92 رقم 4495) وقال : صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي . والخطيب في الموضح (2/478 رقم 473) من طرق عن عبد الله بن يزيد حدثنا حيوة حدثنا بكر بن عمرو أن مشرح أخبره أنه سمع عقبة بن عامر ، مرفوعاً.
وأخرجه أحمد في فضائل الصحابة (1/346 رقم 498) من طريق يحيى بن كثير الناجي حدثنا ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان به ، ولفظه : لو كان بعدي نبي كان عمر بن الخطاب . ومن المعلوم أن ابن لهيعة سيء الحفظ ، وفي روايته هذه وافق الثقات ، وفي رواية أخرى قال : عن أبي عُشانة ، بدلا من مشرح بن هاعان ، وهي عند الطبراني في المعجم الكبير (17 / 310 رقم 857) ، والملاحظ : أن الخطأ من ابن لهيعة في هذا الحديث.
الحديث الرابع : ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له ، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)).
أخرجه ابن أعين في فتوح مصر (ص316) ، وأحمد في المسند (28/623 رقم 17404) والروياني في المسند (1/253 رقم 216) ، والطحاوي في معاني الآثار (4/ 325 رقم 6660) ، وابن حبان في الصحيح (13/ 450 رقم 6086) ، والطبراني في المعجم الكبير (17/297 رقم 820) ، والحاكم في المستدرك (4/240 رقم 7501) وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي. جميعهم من طرق عن حيوة بن شريح عن خالد بن عبيد قال : سمعت مشرح عن عقبة ، مرفوعاً. وخالد بن عبيد أورده ابن أبي حاتم ([54]) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، ووثقه ابن حبان ([55]) . وعلة الحديث جهالة خالد بن عبيد.
وله متابعة أخرجها أحمد في المسند ( 28 / 636 رقم 17422) ، والطبراني في معجمه الكبير (17/320 رقم 885) من طريق دُخَيْن الحَجْري عن عقبة ، مرفوعاً ، ولفظه : من علق تميمة فقد أشرك ، وإسناد الحديث حسن.
شواهد الحديث:
عن عبد الله بن عُكَيْم : أخرجه أحمد في المسند (31/77 رقم 18781) ، والترمذي في السنن (4/352 رقم 2072) ، وابن أبي عاصم في الآحاد (4/401 رقم 2576) ، والطبراني في المعجم الكبير (22/385 رقم 960) ، والحاكم في المستدرك (4/ 241 رقم 7503) ، والبيهقي في السنن الكبرى (9/351 رقم 20095) من طرق عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عيسى بن عبد الرحمن قال : دخلنا على عبد الله بن عُكَيْم ، وهو مريض نعوده ، فقيل له : لو تعلقت شيئاً . فقال : أتعلق شيئاً ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تعلق شيئاً وكل إليه. وأُعل بعدم سماع ابن عكيم ([56]) من النبي صلى الله عليه وسلم ، ومحمد بن عبد الرحمن صدوق سيء الحفظ جداً ([57]) .
عن أبي هريرة : أخرجه النسائي في السنن الكبرى (3/449 رقم 3528) ، والطبراني في المعجم الأوسط (2/127 رقم 1469) من طريق عباد بن ميسرة المِنْقَري عن الحسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ، ومن سحر فقد أشرك ، ومن تعلق شيئاً وكل إليه). وأُعل بعباد بن ميسرة ، وهو لين الحديث ([58]) ، والحسن لم يسمع من أبي هريرة ([59]) .
عن عمران بن حصين : أخرجه أحمد في المسند (33/204 رقم 20000) ، وابن ماجه في السنن (2/1167 رقم 3531) ، وابن حبان في الصحيح (13/449 رقم 6085) ، والطبراني في المعجم الكبير (18/172 رقم 391) من طرق عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن عمران به ، ولفظه : أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل حلقة ، أراه قال: من صُفْر . فقال : (ويحك ما هذه)؟ قال : من الواهنة . قال: (أما إنها لا تزيدك إلا وهنا ، انبذها عنك ؛ فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً) ، وأُعل بتدليس ابن فضالة ([60]) ، وعدم سماع الحسن من عمران ([61])، وروي موقوفاً عليه أخرجه عبد الرزاق في المصنف (11/209 رقم 20344) ، وابن أبي شيبة في المصنف (7/372 رقم 23926) ، والطبراني في الكبير (18/162 رقم 355) ، (18/ 179 رقم 414).
الحديث الخامس : ((كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله ، فإنه يجري عليه أجر عمله حتى يبعثه الله)).
أخرجه أحمد في المسند (28/589 رقم 17359) عن عبد الله بن يزيد ، وقتيبة عن ابن لهيعة عن مشرع عن عقبة مرفوعاً . وإسناده حسن ، لروايه قتيبة وعبد الله بن يزيد عنه.
وللحديث شواهد:
أخرجه مسلم في صحيحه (3/1520 رقم 1913) عن سلمان مرفوعاً : (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجرى عليه رزقه).
عن فضالة بن عبيد ، أخرجه أحمد في المسند (39/374 رقم 23951) ، وأبو داود في السنن (3/16 رقم 2500) ، والترمذي في السنن (3/142 رقم 1621) وقال الترمذي: حسن صحيح ، والطبراني في المعجم الكبير (18/311 رقم 803) ولفظه : (كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله ؛ فإنه ينمو عمله إلى يوم القيامة ، ويأمن فتنة القبر).
عن العرباض بن سارية ، أخرجه الطبراني في الكبير (18/256 رقم 641) من طريق معاوية بن يحيى عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير وكثير بن مرة وعمرو بن الأسود عنه مرفوعاً : (كل عمل منقطع عن صاحبه إذا مات ، إلا المرابط في سبيل الله ، فإنه ينمي له عمله ، ويجري عليه رزقه إلى يوم القيامة) ، وإسناده حسن.
الحديث السادس: ((أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص)).
أخرجه أحمد في المسند (28/629 رقم 17413)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/511 رقم 566) ، والترمذي في السنن (5/645 رقم 3844) وقال : ليس إسناده بالقوي. والروياني في المسند (1/255 رقم 218)، وأبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (4/1989 رقم 4996) من طرق عن ابن لهيعة حدثني مشرح عن عقبة ، مرفوعاً : أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص ، وإسناده حسن. وابن لهيعة روى عنه العبادلة ، كما جاء عند أحمد والروياني ، وروى عنه قتيبة كما عند الترمذي، وخالف ابن لهيعة ، فرواه عن أبي عُشّانة عن عقبة مرفوعاً ، وليس من رواية العبادلة عنه ، وإنما من رواية يحيى بن كثير الناجي ، وسعيد ابن أبي مريم ، أخرجها الطبراني في المعجم الكبير (17/306 رقم 845).
وبكر بن عمرو تابع ابن لهيعة في روايته عن مشرح به ، أخرج المتابعة الروياني في المسند (1/249 رقم 212) ولفظها : أسلم الناس ، وآمن عمرو بن العاص . وإسنادها حسن.
وأخرجه أحمد في المسند (28/590 رقم 17360) حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا ابن لهيعة – قال أبو عبد الرحمن (وهو عبد الله بن أحمد بن حنبل) :قال عبد الله بن يزيد : أظنه عن مشرح – عن عقبة مرفوعاً : نِعم أهل البيت أبو عبد الله ، وأم عبد الله ، وعبد الله. وابن لهيعة روى عنه أحد العبادلة ، وهو عبد الله بن يزيد ، ولكنه شك في وصله ، وتابعه عبد الله بن وهب حدثني ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر مرفوعاً.
وللحديث شواهد:
عن أبي هريرة : أخرجه أحمد في المسند (13/409 رقم 8042)، والنسائي في السنن الكبرى (7/368 رقم 8242) من طرق عن حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً : (ابنا العاص مؤمنان عمرو وهشام)، وإسناده حسن.
عن طلحة بن عبيد الله : أخرجه أحمد في المسند (3/6 رقم 1382) ، والترمذي في السنن (5/ 646 رقم 3845) وقال: نعرفه من حديث نافع بن عمر ، ونافع ثقة ، وليس إسناده بمتصل ، وابن أبي مليكة لم يدرك طلحة. وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/30 رقم 798) والشاشي في المسند (1/79 رقم 18) ، من طرق عن نافع وعبد الجبار بن ورد عن أبي مليكة عن طلحة مرفوعاً: عمرو بن العاص من صالحي قريش – وزاد عبد الجبار وابن أبي عاصم والشاشي – نِعم أهل البيت عبد الله ، وأبو عبد الله ، وأم عبد الله.
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1/115 رقم 208) بلفظ : عمرو بن العاص من صالحي قريش . وفيه متابعة موسى بن طلحة لابن أبي مليكة.
وأخرجه أحمد في المسند (3/6 رقم 1381) من طريق عبد الجبار ونافع بن عمر عن ابن أبي مليكة عن طلحة مرفوعا: نعم أهل البيت عبد الله ، وأبو عبد الله ، أم عبد الله.
وأخرجه أحمد في فضائل الصحابة (2/912 رقم 1746) عن يحيى بن إسحاق والحسن ابن موسى عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن أبي هلال عن المطلب بن عبد الله بن حنطب مرسلاً ، ولفظه :(نعم أهل البيت عبد الله ، وأبو عبد الله ، وأم عبد الله) ، وفيه ابن لهيعة ، سيء الحفظ ، والرواية الموصولة أولى من المرسلة ، للمتابعة والشاهد.
الحديث السابع : ((ألا أُخبركم بالتيس المستعار))؟ قالوا: بلى يا رسول الله ، قال :(( هو المُحَلّلُ ، لعن الله المُحلِّلَ ، والمحلَّلَ له)).
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17 / 299 رقم 825) والحاكم في المستدرك (2/562 رقم 2859) وقال الحاكم : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه. والبيهقي في السنن الكبرى (7/208 رقم 14573) من طرق عن أبي صالح عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن مشرح عن عقبة بن عامر مرفوعاً. ورجالهم ثقات ، غير أبي صالح كاتب الليث : صدوق ، كثير الغلط ، ثَبْت في كتابه ، وكانت فيه غفلة ([62]) .
وتابعه عثمان بن صالح المصري : أخرجه ابن ماجه في السنن (1/623 رقم 1936) والروياني في المسند (1/262 رقم 225) ، والحاكم في المستدرك (2/561 رقم 2858) وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي . والبيهقي في الكبرى (7/208 رقم 14572) من طرق عن عثمان بن صالح عن الليث عن مشرح به ، ولفظه : ((ألا أخبركم بالتيس المستعار))؟ قالوا بلى يا رسول الله ، قال : ((هو المحلل ، لعن الله المحلل والمحلل له)).
وعثمان بن صالح صدوق ([63]) . وحسنه ابن تيمية ([64]) ، وعبد الحق الإشبيلي ([65])، وأُعل بعدم سماع الليث من مشرح ، ذكره البخاري ، وأبو زرعة ([66]) . وأثبت السماع الزيلعي ([67]) ، وصرح بالسماع عند ابن ماجة([68]) ، والحاكم ([69]) ، وقال : وقد ذكر أبو صالح عن ليث سماعه من مشرح.
شواهد الحديث:
عن عبد الله بن مسعود : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (4/295 رقم 17371) وأحمد في المسند (7/313 رقم 4283) ، والدارمي في السنن (2/158) والترمذي في السنن (3/428 رقم 1120) وقال : حسن صحيح ، والنسائي في المجتبى (ص529 رقم 3416) ، وأبو يعلي في المسند (9/237 رقم 5350) والطبراني في المعجم الكبير (10/46 رقم 9878) ، والبيهقي في الكبرى (7/208) من طرق عن سفيان الثوري عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثَرْوَان عن هُزَيْل بن شرحبيل عنه مرفوعاً . ولفظه : ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلَّل والمحلل له)). ورجالهم ثقات غير عبد الرحمن بن ثروان : صدوق ربما خالف ([70]).
وقال الحافظ ابن حجر ([71]) : رواه الترمذي والنسائي من حديث ابن مسعود ، وصححه ابن القطان، وابن دقيق العيد على شرط البخاري.
وأخرجه أحمد المسند (7/334 رقم 4308) ، وأبو يعلي في المسند (8/468 رقم 5054) ، والشاشي في المسند (2/286 رقم 862) ، والبغوي في شرح السنة (9/100 رقم 2293) من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرَّقي عن عبد الكريم الجَزَري عن أبي واصل عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً ، ولفظه : ((لُعن المحل والمحلل له)). ورجالهم ثقات غير أبي واصل فهو مجهول ، ذكره الحسيني ([72]) وقال : أبو الواصل عن ابن مسعود ، وعنه عبد الكريم مجهول.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف كتاب النكاح باب التحليل (6/269 رقم 10793) عن الحارث ابن عبد الله الأعور عن ابن مسعود ، بنحوه ، والحارث ضعيف ([73]).
عن عبد الله بن عباس : أخرجه ابن ماجه في السنن (1/622 رقم 1934) من طريق زَمْعة ابن صالح عن سلمة بن وَهْرام عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً ، ولفظه : ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحل والمحلل له)). ورجاله ثقات ، غير زَمْعة بن صالح الجَنَدي ، قال ابن حجر ([74]) : ضعيف ، وحديثه عند مسلم مقرون.
عن أبي هريرة : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (4/296 رقم 17375) ، وأحمد في المسند (14/42 رقم 8287) ، وابن الجارود في المنتقي (3/24 رقم 684) ، والبيهقي في السنن الكبرى (7/208 رقم 14571) من طرق عن عبد الله بن جعفر المخرمي عن عثمان بن محمد الأخنْسَي عن سعيد بن كَيْسان عن أبي هريرة ، مرفوعاً : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحل والمحلل له.
قال البخاري ([75]) : حديث حسن . وقال الزيلعي ([76]) : الحديث صحيح . وقال ابن حجر ([77]) : رواه الترمذي في العلل ، وحسنه البخاري .
عن جابر بن عبد الله : أخرجه الترمذي في الجامع (3/427 رقم 1119) ، والبزار في المسند (3/62 رقم 821) من طرق عن مُجالِد بن سعيد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله مرفوعاً ، ولفظه : ((لعن المحل والمحلل له)) . ومُجالِد بن سعيد ليس بالقوي ([78]) .
الحديث الثامن : (( أهل اليمن أرق قلوبا ، وألين أفئدة ، وأنجع طاعة)).أخرجه أحمد المسند (28 / 625 رقم 17406) ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/106 رقم 2261) ، والروياني في المسند (1/260 رقم 233) ، والطبراني في المعجم الكبير (17/298 رقم 823 وفيه : وأسمع طاعة) ، والعسكري في تصحيفات المحدثين (ص 45 وفيه : وأبخع طاعة) من طرق عن أبي عبد الرحمن المقرئ عن حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو عن مشرح عن عقبة ، مرفوعاً. وإسناده حسن، من غير لفظة : وأنجع طاعة ، ويحتمل الخطأ من مشرح، والحديث في الصحيحين ، ولم يذكرا هذه اللفظة ، أخرجه البخاري في الصحيح (3/171 رقم 4388) ، ومسلم في الصحيح (1/71 رقم 52) ولفظه عند البخاري : أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة، وألين قلوبا، ... .
الحديث التاسع : ((سيخرج قوم من أمتي يشربون القرآن كشربهم اللبن)).
أخرجه الفريابي في فضائل القرآن (ص 203 رقم 109)، والطبراني في المعجم الكبير (17/297 رقم 821) من طرق عن سعيد بن أبي مريم حدثنا نافع بن يزيد أخبرني بكر بن عمرو أنه سمع مشرح عن عقبة ، مرفوعاً . وعند الفريابي : كشربهم الماء . وإسناده حسن . وأخرجه الروياني في المسند (1/291 رقم 248) عن ابن أبي مريم عن نافع بن يزيد حدثني بكر بن عمرو حدثني شعيب بن زُرعة أنه سمع عقبة بن عامر ، مرفوعاً. وقال : كشربهم اللبن. وهي موافقة لرواية مشرح عند الطبراني . وشعيب بن زُرعة ، روى عنه جمع من الثقات ، وأثبت البخاري سماعه من عقبة ، وذكره ابن حبان في الثقات ([79])، ومثله يصلح للمتابعات.
الحديث العاشر : ((اقرأ بالمعوذتين فإنك لن تقرأ بمثلهما)).
أخرجه أحمد في المسند (28/560 رقم 17322) ، (28/597 رقم 117366) من طرق عن ابن لهيعة عن مشرح عن عقبة بن عامر مرفوعاً . وإسناده ضعيف ؛ لضعف ابن لهيعة ، وله متابعات صحيحة تقويه للحسن لغيره، منها في صحيح مسلم (1/558 رقم 814) من طريق قيس ابن أبي حازم عن عقبة بن عامر مرفوعاً: ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط ؟ (قل أعوذ برب الفلق) ، و(قل أعوذ برب الناس).
وأخرجه أحمد في المسند (28/583 رقم 17350) ، وأبو بكر بن خزيمة في الصحيح (1/296 رقم 535) من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن عقبة ، مرفوعاً وفيه : فعلَّمَني قل أعوذ برب الناس ، وقل أعوذ برب الفلق ، ,,, وإسناده حسن.
الحديث الحادي عشر : ((إنه يكتب في كل إشارة يشيرها الرجل بيده في الصلاة ، بكل أصبع حسنة، أو درجة)).
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17/297 رقم 819) من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ عن ابن لهيعة، حدثني ابن هُبّيْرة أن أبا المصعب مشرح حدثه أنه سمع عقبة . وقال الهيثمي في المجمع (2/103) : إسناده حسن. قلت : وهو من رواية العبادلة عن ابن لهيعة وله حكم الرفع ، ومثله لا يقال بالرأي ، وأخرجه المؤمل في جزئه (ص98 رقم 26) عن زيد بن الحباب حدثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هُبَيْرة عن أبي عُشَانة عن عقبة ، مرفوعاً : (في كل إشارة الصلاة عشر حسنات). هكذا مختصراً ، وابن لهيعة سيء الحفظ ، ولم يرو عنه أحد من العبادلة ، وخالف كذلك في إسناده ، فذكر أبا عشانة بدلا من مشرح بن هاعان.
الحديث الثاني عشر : ((لعن الله الذين يأتون النساء في محاشهن)).
أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/838 رقم 1056) عن أزهر بن زفر وأحمد بن نافع ، وابن عدي في الكامل (4/148) عن عبد الكريم بن إبراهيم المُرَداي ، والطبراني في المعجم الأوسط (2/263 رقم 1931) جميعهم عن عبد الصمد بن الفضل الربعي قال : حدثنا عبد الله ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن مشرح عن عقبة بن عامر مرفوعاً.
قال أبو جعفر العقيلي : عبد الصمد لا يتابع حديثه ، ولا يعرف إلا به، لم يأت به عن ابن وهب غيره، وقال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن ابن لهيعة إلا ابن وهب ، تفرد به عبد الصمد بن الفضل.
وأحمد بن محمد وأزهر بن زفر مجهولان ، تابعهم عبد الكريم المرادي ، وهو ثقة ([80]) .
وقال ابن يونس ([81]) : عبد الصمد بن الفضل الربعي ، كان رجلاً صالحاً. وقال الذهبي ([82]) : عبد الصمد بن الفضل عن ابن وهب له حديث يستنكر ، وهو صالح الحال.
شواهد الحديث:
عن ابن هريرة ، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (4/253 رقم 17079)، وأحمد في المسند (13/111 رقم 7684) من طريق سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة مرفوعاً : لا ينظر الله إلا رجل جامع امرأة في دبرها) ، ورجاله ثقات ، غير الحارث ابن مخلد ، ذكره ابن حبان في الثقات ([83]).
وعن ابن عباس ، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (4/251 رقم 17070) ، والترمذي في الجامع (3/469 رقم 1165) وقال : حسن غريب . جميعهم من طريق مخرمة بن سليمان عن كُرَيْب عنه به مرفوعاً: (لا ينظر الله إلى الرجل أتى رجلا، أو امرأة في دبرها) ، وإسناده حسن.
وعن خُزيمة بن ثابت ، أخرجه أحمد في المسند (36/183 رقم 21585) من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عُمارة بن خزيمة عن أبيه مرفوعاً: (إن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن). ورجاله ثقات.
الحديث الثالث عشر: ((إن ربك ليعجب للشاب لا صبوة له)).
أخرجه الروياني في المسند (1/173 رقم 219) حدثنا أحمد بن الرحمن حدثنا عمي حدثنا ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة مرفوعاً ، وإسناده حسن.
وأخرجه أحمد في المسند (28/600 رقم 17371) ، والطبراني في المعجم الكبير (17/309 رقم 853) ، والحارث في المسند (2/986 رقم 1099) ، وأبو يعلي في المسند (3/288 رقم 1749) ، وابن عدي في الكامل (4/147) ، والروياني في المسند (1/175 رقم 227) ، وابن أبي عاصم في السنة (1/250 رقم 571) من طرق عن ابن لهيعة عن أبي عُشَانة عن عقبة بن عامر مرفوعاً، بنحوه . وعند أحمد والطبراني من طريق قتيبة بن سعيد وعند الروياني من طريق ابن وهب، وثبوته من الطريقين يدل على سماع ابن لهيعة من مشرح ، وتارة من أبي عشانة.
وقال الهيثمي ([84]) : رواه أحمد ، وأبو يعلي ، والطبراني ، وإسناده حسن.
قلت وهو كما قال الهيثمي ، الإسناد حسن ، فهو عند أحمد والطبراني من طريق قتيبة ابن سعيد ، وعند الروياني من طريق ابن وهب ، جميعهم عن ابن لهيعة ، ورواية ابن لهيعة مقبولة إذا روى عنه العبادلة ([85]).
وأخرجه ابن المبارك في الزهد (1/325 رقم 333) أخبرنا رِشدين بن سعد قال : حدثني عمرو بن الحارث عن أبي عشانة المعافري أنه سمع عقبة بن عامر يقول : (يعجب ربك للشاب ليست له صبوة) رواه موقوفاً عليه ، ورشدين بن سعد ضعيف ([86]) .
وقال ابن أبي حاتم ([87]) : سألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمار . قال : كتب إلينا ابن لهيعة ، قال: حدثني أبو عشانة قال : سمعت عقبة بن عامر يحدث النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إن الله يعجب من الشاب ليست له صبوة)) ، قال أبي : إنما هو موقوف.
قلت : ورواية هشام بن عمار عند ابن أبي عاصم مرفوعة ، ليست موقوفة ، وما قاله عقبة بن عامر لا يقال بالرأي ، وللحديث متابعات تقويه ، وله شاهد من حديث أبي هريرة ، أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/30 رقم 992) من طريق أحمد بن محمد بن إبراهيم الخزاعي السراج الأصبهاني حدثنا عبد الله بن محمد بن مزيد الأصبهاني حدثنا علي بن محمد محمد الطنافسي حدثنا وكيع عن سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يعجب ربكم عز وجل من شاب ليست له صبوة)) ، ورجاله ثقات ، غير أحمد بن محمد الخزاعي الأصبهاني ، وعبد الله بن محمد الأصبهاني لم أعرفهما.
الحديث الرابع عشر : ((لو كان فيكم موسى فاتبعتموه وعصيتموني لدخلتم النار)).
أخرجه الروياني في المسند (1/175 رقم 225) حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا عثمان بن صالح حدثنا ابن لهيعة حدثني مشرح بن هاعان أنه سمع عقبة بن عامر ، مرفوعاً ، وإسناده ضعيف ؛ لسوء حفظ ابن لهيعة ، وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله ، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (5/312 رقم 26421) ، وأحمد في المسند (23/349 رقم 15156) والدارمي في السنن (1/115) ، وابن أبي عاصم في السنة (1/27 رقم 50) ، وابن عبد البر في بيان العلم (2/805) ، والهروي في ذم الكلام (4/2 رقم 853) ، والبغوي في شرح السنة (1/270 رقم 126) من طرق عن مُجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله مرفوعاً ولفظه : أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم ، فغضب ، فقال : (أَمُتهَوكون فيها يا ابن الخطاب! والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به ، أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني).
قلت : ومُجالد بن سعيد ليس بالقوي ، كما بين ذلك ابن حجر في تقريب التهذيب (ص920 رقم 6520) ، وبه ينجبر حديث ابن لهيعة ، فيكون حسناً لغيره.
وقال ابن حجر ([88]) : وهي وإن لم يكن فيها ما يحتج به ، لكن مجموعها يقتضي أن لها أصلاً.
الحديث الخامس عشر : ((كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج ، فهي خداج ،غير تمام)).
أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (6/466 رقم 2948) أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عثمان البجلي حدثنا هبة الله بن محمد الفراء حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى السوطي حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد البلخي حدثنا عبد الله بن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر عن أبي أمامة الباهلي مرفوعاً. ورجاله ثقات ، غير أبي جعفر أحمد ابن محمد بن يحيى السوطي ، مجهول الحال([89]). ورواية قتيبة عن ابن لهيعة مقبولة ، وأصله في صحيح مسلم (1/296 رقم 395/38) من حديث أبي هريرة مرفوعاً ، ولفظه : من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج – ثلاثا – غير تمام. وبه يتقوى الحديث ، ويكون إسناده حسنا لغيره.
الحديث السادس عشر : ((من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن كن له سترا من النار)).
أخرجه مشرق الحنيفي من حديثه (مخطوط دار الكتب المصرية رقم 10) حدثنا عبد الصمد حدثنا نما([90]) حدثنا الحسن حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهعية حدثنا مِشْرح بن هاعان عن عقبة بن عامر مرفوعاً ، والإسناد فيه ابن لهيعة ، ضعيف لسوء حفظه ، ورواية قتيبة بن سعيد عن مقبولة ، ولكن فيه سقط من المخطوط.
وأخرجه الطبراني أيضا في المعجم الكبير (17/309 رقم 854) من طريق قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن أبي عُشَانة عن عقبة بن عامر مرفوعا، ولفظه : (من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن كن له ستراً من النار).
وأخرجه أحمد في المسند (28/622 رقم 17403) ، والبخاري في الأدب المفرد (ص40 رقم 76) ، وابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص 289) ، وأبو يعلي في المسند (3/ 299 رقم 1764) حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا حرملة بن عمران حدثني أبو عُشّانة المعافري عن عقبة بن عامر مرفوعا: من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن ، فأطعمهن وسقاهن ، وكساهن من جِدَتِه ، كن له حجاباً من النار. إسناده صحيح ورجاله ثقات. وابن لهيعة رواه مرة عن مشرح ، وأخرى عن أبي عشانة ، هذا إن سلمت رواية ابن لهيعة عند مشرق الحنيفي ، بسبب السقط فيها ، وإلا فالحديث ليس من رواية مشرح بن هاعان.
الأثر السابع عشر : قال سُلَيم بن عِتْر : صدرنا من الحجّ مع حفصة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وعثمان محصور بالمدينة ، فكانت تسأل عنه ما فعل ، حتى رأت راكبَيْن ، فأرسلت إليهما تسألهما ، فقالا : قُتِل . فقالت حفصة : والذي نفسي بيده إنها القرية. تعني المدينة التي قال الله تعالى : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) [النحل 112] . قرأها .
أخرجه الطبري في التفسير (14/221) حدثني ابن عبد الرحيم البرقيّ حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا نافع بن يزيد حدثني عبد الرحمن بن شريح أن عبد الكريم بن الحارث الحضرميّ حدث أنه سمع مِشْرَح ([91]) يقول : سمعت سُلَيْم بن عِتْر ([92]) به. وإسناده حسن.
القسم الثاني: الأحاديث التي لم تثبت عن مشرح بن هاعان ، وسببها من روى عنه
الحديث الأول : ((لو جعل القرآن في إهاب ، ثم أُلقي في النار ؛ ما احترق)).
أخرجه أحمد في المسند (28 /627 رقم 17409) ، والدارمي في السنن (2/522 رقم 3310) والفريابي في فضائل القرآن (ص 110 رقم 2) ، والطحاوي في مشكل الآثار (2/392 رقم 758) ، والطبراني في المعجم الكبير (17/308 رقم 850) من طرق عن عبد الله بن يزيد حدثنا ابن لهيعة عن مشرح قال سمعت عقبة بن عامر مرفوعا . وعند الفريابي في فضائل القرآن (ص109 رقم 1) من طريق قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة به. والطرق الأخرى عن ابن لهيعة ليست من رواية العبادلة عنه ، منها ما أخرجه أحمد في المسند (28/595 رقم 17365)، (28/635 رقم 17420) ، ومعلوم أن رواية العبادلة عن ابن لهيعة مقبولة ، ولكن هذا الحديث نُص عليه بأن عبد الله بن لهيعة ، لم يرفعه بداية أمره، وقال عبد الله ابن وهب ([93]) : حديث ابن لهيعة عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار) ، ما رفعه لنا ابن لهيعة قط أول مرة.
الحديث الثاني : ((أتاني جبريل فقال : إن الله تبارك وتعالى أمرك أن تستشير أبا بكر)).
أخرجه أبو سعيد النقاش في مجالسه (مخطوط ص5 رقم 5 ) أخبرنا أبو يعلي الحسن بن محمد الزبيري حدثنا محمد بن المسيب حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن غزوان حدثنا عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح عن بكر بن ماعز عن مشرح عن عقبة مرفوعا ، ومحمد بن عبد الرحمن بن غزوان ، يروي عن الثقات البواطيل، ومتهم بالوضع ([94]) ، وأخرجه تمام الرازي في الفوائد (2/183 رقم 1478) ، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (30 / 129) وفيه أيضاً : محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، وجعل الحديث من مسند عبد الله بن عمرو بن العاص.
الحديث الثالث: (( إذا تم فجور العبد ، ملك عينيه، فبكى بهما متى شاء)).
أخرجه ابن عدي في الكامل (4/150) حدثنا الحسين بن عبد الغفار المصري حدثنا عباس سعيد الخواص حدثنا حجاج بن سليمان عن ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة ابن عامر مرفوعا. وقال ابن عدي : ولا أعلم يرويه بهذا الإسناد غير ابن لهيعة ، وعن ابن لهيعة حجاج بن سليمان.
وقال الدارقطني ([95]) (96) عن شيخ ابن عدي : الحسين بن عبد الغفار المصري متروك الحديث.
الحديث الرابع: (( من تأنى أصاب أو كاد ، ومن عجل أخطأ ، أو كاد)).
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17 / 310 رقم 858) والأوسط (3/ 259 رقم 3082) والقضاعي في مسند الشهاب (1/231 رقم 362) من طريق إبراهيم بن أبي الفياض البرقي حدثنا أشهب بن عبد العزيز عن ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر مرفوعاً.
وقال ابن يونس ([96]) : إبراهيم بن أبي فياض روى عن أشهب مناكير.
وأخرجه ابن عدي في الكامل (4 / 151) ، ومسند الشهاب القضاعي (1/232 رقم 363) من طريق أشهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد أو سعد بن سنان عن أنس مرفوعا ولفظه : من تأنى أصاب أو كاد ومن عجل أخطأ أو كاد.
وقال ابن عدي : لا أعلم يرويه عن ابن لهيعة غير أشهب ، والغريب فيه المتن ، والحديث المشهور عن أنس مرفوعاً : ((العجلة من الشيطان والتأني من الله)).
الحديث الخامس : ((سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر : متى توتر؟ قال : أصلي مثنى مثنى ، ثم أوتر قبل أن أنام ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مؤمن حازم )) . وقال لعمر بن الخطاب : كيف توتر؟ قال : أصلي مثنى مثنى ، ثم أنام حتى أوتر من آخر الليل ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا مؤمن قوي)).
أخرجه الروياني في المسند (1/144 رقم 154) من طريق ابن أبي مريم حدثنا ابن لهيعة حدثنا مشرح بن هاعان المعافري أنه سمع عقبة بن عامر مرفوعاً.
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17 / 303 رقم 838) من طريق سعيد بن أبي مريم أخبرنا ابن لهيعة عن الحارث عن زيد عن أبي المصعب عن عقبة بن عامر ، مرفوعاً. وقال محقق المعجم : والسند في المخطوطة هكذا : عن زيد عن أبي المصعب عن عقبة.
قلت ولعله ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن أبي المصعب ، وروى ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي المصري ، ولم أقف على راو يروي عن أبي المصعب اسمه زيد ، والحديث ضعيف ؛ لضعف ابن لهيعة ، وهو سيء الحفظ ، وهذه الرواية ليست من رواية العبادلة عنه ، فرواه مرة عن مشرح بلا واسطة ، وأخرى عن الحارث عن زيد عن مشرح به.
الحديث السادس : (( إنه سيخرج رجل من الحرم فتخرج الحبشة على جزيرة العرب فيمكثون بأرض حمير سنة ، يقتلون الرجال ، وينكحون النساء ، حتى يأتوا البيت ، فيأخذوا ماله ، ويقتسموا كنزه ، ثم يبعث الله عز وجل عليهم جيشاً من الشام فيقتلوهم ويطردوهم ، فيأخذوا نحو تهامة ، حتى يأتوا عدن فيباع الحبشي يومئذ بعباءة ، فلا يكاد يخرجها حتى يتخذ الرجل ولد الحبشي من وليدته فيذر لها)).
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3 / 392 رقم 2533) حدثنا عمرو بن إسحاق حدثنا أبو علقمة أن أباه حدثه عن نصر عن أخيه محفوظ عن ابن عائذ حدثني مشرح أن ثوبان مولى النبي صلى الله عليه وسلم ، مرفوعاً.
والحديث ضعيف ؛ رواته مجهولون ، وهم : شيخ الطبراني عمرو بن إسحاق بن إبراهيم الحمصي ([97])، وأبو علقمة نصر بن خزيمة ([98]) ، وأبو خزيمة بن جنادة بن علقمة ([99]) .
الحديث السابع : ((إن أمامكم فتناً ثلاثاً دون الدجال ، إحداهن موتي ، والأخرى فتنة السراء ، والأخرى العمياء الصماء المظلمة ، تلج كل بيت من بيوت العرب، يبعثها رجل من بين الحجرين : مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم والحجر الأسود)).
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3/ 392 رقم 2534) عن عمرو بن إسحاق عن أبي علقمة أن أباه حدثه عن نصر عن أخيه محفوظ عن ابن عائذ قال : حدثني مشرح أخبره ثوبان ، مرفوعاً.
والحديث ضعيف ؛ فيه رواه مجهولون ، وهو بإسناد الحديث السابق ، رقم (6) ، وهم : شيخ الطبراني : عمرو بن إسحاق بن إبراهيم الحمصي ([100])، وأبو علقمة نصر بن خزيمة ([101]) ، وأبوه خزيمة بن جنادة بن علقمة ([102]).
يتبع